تنظر اليوم الدائرة المختصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ما عرف بملف الانتهاكات التي طالت اليساريين سنة 1987 أي قبل 36 سنة وقد فاق عدد الضحايا العشرين ضحية من بينهم نور الدين خذر، جلبار نقاش، محمد الهاشمي الطرودي، محمد بن جنات، الحبيب حواص، احمد بن عثمان، الأستاذ عبد الرؤوف العيادي ومحمد الكيلاني وحمه الهمامي ومحمد صالح فليس وآخرين.
وشملت الأبحاث في القضية 24 متهما من بينهم وزير سابق للداخلية ومدير سابق لسجن برج الرومي وكبير للحراس بنفس السجن إبان الحادثة، والمنسوب لهم الانتهاك هم كل من عبد القادر قبقة وعبد السلام درغوث شهر "سكابا" وعبد العزيز قبقة والهادي قاسم ومحمد البوهلي وعبد المجيد الخميري وحسين عبيد ومحسن صغيرة وعمار سنكوحي ونور الدين بن عياد ورمضان بن ناصر ومحمد الصفاقسي ومحمد الناصر ومنجي عبيد ومنجي عمارة واحمد عبد اللطيف وعز الدين بن رابح مدير سجن برج الرومي سنة 1975 وعبد السلام الشامي كبير الحراس بنفس السجن حينها والطاهر بلخوجة وعبد المجيد بوسلامة والهادي الفاسي والدكتور الدغري ومحسن عبد السلام ومحمد الرزقي.
شهادة العيادي..
وكان الأستاذ عبد الرؤوف العيادي حضر في جلسة سابقة
وطلب مكافحته مع احد المنسوب إليهم الانتهاك وهو وزير سابق للداخلية باعتبار وان هذا الاخير على علم بالتعذيب الذي يسلط على مساجين الرأي حسب ما جاء على لسانه في برنامج تلفزي.
وكان الأستاذ عبد الرؤوف العيادي أدلى في جلسة سابقة بشهادته كمتضرر في القضية والتي من أبرز ما جاء فيها بانه بتاريخ 10 مارس 1972 تم إيقافه بمنزل والديه بصفاقس بواسطة أعوان أمن من الجهة ونقل اثرها بمعية الطالب الطاهر بن عمر إلى منطقة الأمن بصفاقس وتم الاحتفاظ بهما مدة ساعتين ثم نقلا إلى منطقة الأمن بسوسة أين حلت سيارة كانت تقل أعوان أمن من مصلحة سلامة أمن التراب التي كان أحدثها المستعمر الفرنسي لمواجهة المناضلين الوطنيين.
رحلة التعذيب..
وأضاف بانه تم إدخالهما إلى وزارة الداخلية من الباب الخلفي أين تم نقله إلى الطابق الأول وأودع بإحدى الغرف ثم نقل بعد ذلك إلى الطابق الثاني أين استقبله مأمور الشرطة حسن عبيد المنسوب إليه الانتهاك والمشرف حينها على خلية البحث وأكد بان بحثه كان مركزا حول سؤاله عن مكان وجود أرشيف المجموعة من محاضر ومناشير وغيرها فكان جوابه بأنه قام بحرقها فهدده الباحث بالحرق، وأضاف بان احد المنسوب إليهم الانتهاك تولى حرقه على مستوى ذقنه بواسطة ولاعة بالإضافة إلى الإهانات التي تعرض إليها والشتم والسب ثم قرر الجلادون إخضاعه إلى حصة تعذيب أخرى كان ساهم فيها فريق من الأعوان من المنسوب إليهم الانتهاك.
وأضاف العيادي أنه تم تجريده من ملابسه وطرحه أرضا وعمد أحد المنسوب إليهم الانتهاك إلى الدوس على رقبته فضلا عن ضربه بواسطة سوط ثم وضع قميصا داخل فمه لمنعه من الاستغاثة او الصراخ وقد اصبح من شدة التعذيب عاجزا عن المشي وكل ذلك كان لإجباره على الاعتراف بمكان أرشيف المجموعة.
بعد ذلك نقل الى الطابق الرابع بإدارة أمن الدولة ومورست عليه أشكال من التعذيب من وضع "الدجاجة المصلية" إلى ضربه ضربا مبرحا على رجليه كما عمد احد المنسوب إليهم الانتهاك إلى إشعال عود ثقاب وحرقه بواسطته على مستوى جهازه التناسلي وبعد أن اغمي عليه تولى الجلادون سكب الماء البارد عليه ثم تم نقله داخل "زاورة" إلى الطابق الأول
وأوضح العيادي بانه نقل بعد ذلك إلى سجن 9 أفريل وأودع بالجناح "e" وهو جناح مخصص للمحكوم عليهم بالإعدام والشواذ جنسيا والسياسيين ثم أودع بالغرفة رقم 17 التي كان فيها موقوفي أحداث فيفري 1972 وقد استمر إيقافه حوالي ستة أشهر ثم أحيل على الدائرة الجنائية بمحكمة تونس من أجل تهم الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها والثلب وترويج أخبار زائفة والاعتداء على موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته وقد أفرج عنه ومجموعة من المتهمين الآخرين.
محاولة الاغتيال
معاناة عبد الرؤوف العيادي كناشط سياسي وحقوقي لم تتوقف عند ما تعرض إليه خلال الحقبتين المذكورتين بل استمرت في عهد الرئيس الراحل بن علي من خلال المضايقات التي كان يتعرض اليها في كسب قوته حتى وهو محام بالاضافة الى تعرضه الى العنف من قبل البوليس السياسي ووضع التراب ومواد متفجرة في محرك سيارته لاغتياله ووضع ايضا مادة لاصقة بمكان تشغيل السيارة وقد تقدم بشكايات في الغرض مؤكدا كذلك بانه تعرض إلى عملية اختطاف.
واضاف أن أحد المنسوب إليهم الانتهاك والذي كان وزير داخلية زمن الحادثة على علم بعمليات التعذيب التي تعرضت اليها مجموعة الدراسات والعمل الاشتراكي.
شهادة زوجة جلبار النقاش..
كانت أرملة جلبار النقاش أدلت أيضا في جلسة سابقة بشهادتها وأوضحت أنه بقرار شفاهي من بورقيبة الذي كان متواجدا للعلاج بالخارج تم تسريح مجموعة ٱفاق ولم يعثر على أي وثيقة مكتوبة في الغرض وكعقوبة تكميلية تم اخضاع جلبار النقاش إلى الإقامة الجبرية بقفصة وإلزامه بالتوقيع لدى مركز الشرطة بالمنطقة ولم توفر له الدولة لا مكان إقامة ولا شغل وكانت العائلة تتكفل بمصاريفه ثم بعد سنة تم نقله الى مدينة بوسالم بنفس الظروف لمدة سنة أيضا ثم وقع إيقافه بمناسبة الأحداث الطلابية ( الاتحاد العام لطلبة تونس حركة فيفري 1972) بعد تعذيبه من قبل المدعو عبد السلام درغوث المكنى scapa في فيفري بضيعة بنعسان إلى أفريل 1972 حيث تم ترحيلة للإقامة الجبرية بالوردانين من ولاية المنستير.
تعكير صفو النظام..
وأضافت أرملته أنه إثر ذلك تم سجنه لمدة سنة بتهمة تعكير صفو النظام والانتماء لجمعية غير مرخص فيها قضاها بسجن 9 أفريل وكانت تلفق له التهم جزافا ويتردد على المحاكم والسجون من أجل الإنتماء وتعكير الصفو العام والحقيقة لا تعدو أن تكون إبداء الرأي، مضيفة أنه من الطرافة وفي أكتوبر 1973 عندما كان في السجن وقع جلبه إلى حاكم التحقيق وتم إصدار بطاقة إيداع جديدة في شأنه بسبب إحداث الهرج والتشويش في الطريق العام والانتماء وغيرها من التهم المعهودة واعتبرها احتجاز تعسفي خاصة وأنه كان بالسجن ولم يتمكن من توفير محام للدفاع عنه.
وفي شهر أفريل سنة 1974 وهو في سجنه تم إعلامه بالرجوع عن الإعفاء الذي تمتع به سنة 1970 في القضية الأولى والتي كانت مدتها 16 سنة من قبل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة وبقي بسجن برج الرومي إلى حدود أوت 1979 حيث تم سراحه مع جملة من الموقوفين من رفاقه وكذلك بعض الموقوفين الٱخرين كالحبيب عاشور وغيره بمناسبة 3 أوت وبدون أثر مكتوب للعفو.
شكايات ضد بورقيبة..
ولاحظت أرملة جلبار النقاش أنه ورفاقه قدموا شكايات ضد بورقيبة ومن ثبت تورطه في الإحتجاز وبعد خروجهم من السجن تم اخضاعه للإقامة الجبرية بتونس مع المراقبة الإدارية مرتين في اليوم والتحجير عليه بمغادرة العاصمة إلى حدود سنة 1980 ومنح جواز سفر بثلاثة أشهر لحضور جنازة شقيقته بفرنسا عاد على إثرها إلى تونس
في سنة 1990 قدم شكاية ضد من احتجزوه كبورقيبة وغيره وبعد 4 سنوات تم إعلامه برفضها للخلل في الإجراءات.
وأضافت ان لجلبار النقاش مؤلفين واحد بعنوان كريستال مترجم من الفرنسية إلى العربية وٱخر بعنوان ماذا فعلت بشبابك بالفرنسية وبصدد الترجمة إلى العربية يلخصان مسيرته والفترة التي قضاها في السجون ورفاقه ومدت هيئة المحكمة بنسختين منها.
وللإشارة فإن الكاتب والمناضل اليساري جلبار نقاش عايش تجربة التعاضد أواخر ستينات القرن الماضي وعرض خلال جلسات للاستماع العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة لمحات عما لحقه زمن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، حينما تم التفطن إلى انتمائه لمجموعة الدراسات والعمل الاشتراكي (برسبكتيف) سنة 1968 حيث تم إيقافه ونقله إلى مكاتب وزارة الداخلية التي تعرض فيها لشتى أصناف التعذيب ما خلف له سقوطا بدنيا واضطرابات حادة في المزاج، حسب توصيفه.
في نفس السنة تمت محاكمته والزج به في السجن حيث تنقل بين سجني 9 أفريل وبرج الرومي، وتعرض لأشكال متنوعة من التنكيل وسوء المعاملة، ما دفعه إلى الدخول أكثر من مرة في إضرابات جوع.
وبعد خروجه من السجن تم إخضاعه للإقامة الجبرية كما انتهكت حريتة في التنقل وحرم من جواز سفره ومنع من الارتزاق.
مسيرة جلبار النقاش مع التعذيب لم تتوقف بإطلاق سراحه، إذ تم ايقافه مرة أخرى في 1972، ليواجه فصلا جديدا من التعذيب.
مفيدة القيزاني
تونس-الصباح
تنظر اليوم الدائرة المختصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ما عرف بملف الانتهاكات التي طالت اليساريين سنة 1987 أي قبل 36 سنة وقد فاق عدد الضحايا العشرين ضحية من بينهم نور الدين خذر، جلبار نقاش، محمد الهاشمي الطرودي، محمد بن جنات، الحبيب حواص، احمد بن عثمان، الأستاذ عبد الرؤوف العيادي ومحمد الكيلاني وحمه الهمامي ومحمد صالح فليس وآخرين.
وشملت الأبحاث في القضية 24 متهما من بينهم وزير سابق للداخلية ومدير سابق لسجن برج الرومي وكبير للحراس بنفس السجن إبان الحادثة، والمنسوب لهم الانتهاك هم كل من عبد القادر قبقة وعبد السلام درغوث شهر "سكابا" وعبد العزيز قبقة والهادي قاسم ومحمد البوهلي وعبد المجيد الخميري وحسين عبيد ومحسن صغيرة وعمار سنكوحي ونور الدين بن عياد ورمضان بن ناصر ومحمد الصفاقسي ومحمد الناصر ومنجي عبيد ومنجي عمارة واحمد عبد اللطيف وعز الدين بن رابح مدير سجن برج الرومي سنة 1975 وعبد السلام الشامي كبير الحراس بنفس السجن حينها والطاهر بلخوجة وعبد المجيد بوسلامة والهادي الفاسي والدكتور الدغري ومحسن عبد السلام ومحمد الرزقي.
شهادة العيادي..
وكان الأستاذ عبد الرؤوف العيادي حضر في جلسة سابقة
وطلب مكافحته مع احد المنسوب إليهم الانتهاك وهو وزير سابق للداخلية باعتبار وان هذا الاخير على علم بالتعذيب الذي يسلط على مساجين الرأي حسب ما جاء على لسانه في برنامج تلفزي.
وكان الأستاذ عبد الرؤوف العيادي أدلى في جلسة سابقة بشهادته كمتضرر في القضية والتي من أبرز ما جاء فيها بانه بتاريخ 10 مارس 1972 تم إيقافه بمنزل والديه بصفاقس بواسطة أعوان أمن من الجهة ونقل اثرها بمعية الطالب الطاهر بن عمر إلى منطقة الأمن بصفاقس وتم الاحتفاظ بهما مدة ساعتين ثم نقلا إلى منطقة الأمن بسوسة أين حلت سيارة كانت تقل أعوان أمن من مصلحة سلامة أمن التراب التي كان أحدثها المستعمر الفرنسي لمواجهة المناضلين الوطنيين.
رحلة التعذيب..
وأضاف بانه تم إدخالهما إلى وزارة الداخلية من الباب الخلفي أين تم نقله إلى الطابق الأول وأودع بإحدى الغرف ثم نقل بعد ذلك إلى الطابق الثاني أين استقبله مأمور الشرطة حسن عبيد المنسوب إليه الانتهاك والمشرف حينها على خلية البحث وأكد بان بحثه كان مركزا حول سؤاله عن مكان وجود أرشيف المجموعة من محاضر ومناشير وغيرها فكان جوابه بأنه قام بحرقها فهدده الباحث بالحرق، وأضاف بان احد المنسوب إليهم الانتهاك تولى حرقه على مستوى ذقنه بواسطة ولاعة بالإضافة إلى الإهانات التي تعرض إليها والشتم والسب ثم قرر الجلادون إخضاعه إلى حصة تعذيب أخرى كان ساهم فيها فريق من الأعوان من المنسوب إليهم الانتهاك.
وأضاف العيادي أنه تم تجريده من ملابسه وطرحه أرضا وعمد أحد المنسوب إليهم الانتهاك إلى الدوس على رقبته فضلا عن ضربه بواسطة سوط ثم وضع قميصا داخل فمه لمنعه من الاستغاثة او الصراخ وقد اصبح من شدة التعذيب عاجزا عن المشي وكل ذلك كان لإجباره على الاعتراف بمكان أرشيف المجموعة.
بعد ذلك نقل الى الطابق الرابع بإدارة أمن الدولة ومورست عليه أشكال من التعذيب من وضع "الدجاجة المصلية" إلى ضربه ضربا مبرحا على رجليه كما عمد احد المنسوب إليهم الانتهاك إلى إشعال عود ثقاب وحرقه بواسطته على مستوى جهازه التناسلي وبعد أن اغمي عليه تولى الجلادون سكب الماء البارد عليه ثم تم نقله داخل "زاورة" إلى الطابق الأول
وأوضح العيادي بانه نقل بعد ذلك إلى سجن 9 أفريل وأودع بالجناح "e" وهو جناح مخصص للمحكوم عليهم بالإعدام والشواذ جنسيا والسياسيين ثم أودع بالغرفة رقم 17 التي كان فيها موقوفي أحداث فيفري 1972 وقد استمر إيقافه حوالي ستة أشهر ثم أحيل على الدائرة الجنائية بمحكمة تونس من أجل تهم الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها والثلب وترويج أخبار زائفة والاعتداء على موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته وقد أفرج عنه ومجموعة من المتهمين الآخرين.
محاولة الاغتيال
معاناة عبد الرؤوف العيادي كناشط سياسي وحقوقي لم تتوقف عند ما تعرض إليه خلال الحقبتين المذكورتين بل استمرت في عهد الرئيس الراحل بن علي من خلال المضايقات التي كان يتعرض اليها في كسب قوته حتى وهو محام بالاضافة الى تعرضه الى العنف من قبل البوليس السياسي ووضع التراب ومواد متفجرة في محرك سيارته لاغتياله ووضع ايضا مادة لاصقة بمكان تشغيل السيارة وقد تقدم بشكايات في الغرض مؤكدا كذلك بانه تعرض إلى عملية اختطاف.
واضاف أن أحد المنسوب إليهم الانتهاك والذي كان وزير داخلية زمن الحادثة على علم بعمليات التعذيب التي تعرضت اليها مجموعة الدراسات والعمل الاشتراكي.
شهادة زوجة جلبار النقاش..
كانت أرملة جلبار النقاش أدلت أيضا في جلسة سابقة بشهادتها وأوضحت أنه بقرار شفاهي من بورقيبة الذي كان متواجدا للعلاج بالخارج تم تسريح مجموعة ٱفاق ولم يعثر على أي وثيقة مكتوبة في الغرض وكعقوبة تكميلية تم اخضاع جلبار النقاش إلى الإقامة الجبرية بقفصة وإلزامه بالتوقيع لدى مركز الشرطة بالمنطقة ولم توفر له الدولة لا مكان إقامة ولا شغل وكانت العائلة تتكفل بمصاريفه ثم بعد سنة تم نقله الى مدينة بوسالم بنفس الظروف لمدة سنة أيضا ثم وقع إيقافه بمناسبة الأحداث الطلابية ( الاتحاد العام لطلبة تونس حركة فيفري 1972) بعد تعذيبه من قبل المدعو عبد السلام درغوث المكنى scapa في فيفري بضيعة بنعسان إلى أفريل 1972 حيث تم ترحيلة للإقامة الجبرية بالوردانين من ولاية المنستير.
تعكير صفو النظام..
وأضافت أرملته أنه إثر ذلك تم سجنه لمدة سنة بتهمة تعكير صفو النظام والانتماء لجمعية غير مرخص فيها قضاها بسجن 9 أفريل وكانت تلفق له التهم جزافا ويتردد على المحاكم والسجون من أجل الإنتماء وتعكير الصفو العام والحقيقة لا تعدو أن تكون إبداء الرأي، مضيفة أنه من الطرافة وفي أكتوبر 1973 عندما كان في السجن وقع جلبه إلى حاكم التحقيق وتم إصدار بطاقة إيداع جديدة في شأنه بسبب إحداث الهرج والتشويش في الطريق العام والانتماء وغيرها من التهم المعهودة واعتبرها احتجاز تعسفي خاصة وأنه كان بالسجن ولم يتمكن من توفير محام للدفاع عنه.
وفي شهر أفريل سنة 1974 وهو في سجنه تم إعلامه بالرجوع عن الإعفاء الذي تمتع به سنة 1970 في القضية الأولى والتي كانت مدتها 16 سنة من قبل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة وبقي بسجن برج الرومي إلى حدود أوت 1979 حيث تم سراحه مع جملة من الموقوفين من رفاقه وكذلك بعض الموقوفين الٱخرين كالحبيب عاشور وغيره بمناسبة 3 أوت وبدون أثر مكتوب للعفو.
شكايات ضد بورقيبة..
ولاحظت أرملة جلبار النقاش أنه ورفاقه قدموا شكايات ضد بورقيبة ومن ثبت تورطه في الإحتجاز وبعد خروجهم من السجن تم اخضاعه للإقامة الجبرية بتونس مع المراقبة الإدارية مرتين في اليوم والتحجير عليه بمغادرة العاصمة إلى حدود سنة 1980 ومنح جواز سفر بثلاثة أشهر لحضور جنازة شقيقته بفرنسا عاد على إثرها إلى تونس
في سنة 1990 قدم شكاية ضد من احتجزوه كبورقيبة وغيره وبعد 4 سنوات تم إعلامه برفضها للخلل في الإجراءات.
وأضافت ان لجلبار النقاش مؤلفين واحد بعنوان كريستال مترجم من الفرنسية إلى العربية وٱخر بعنوان ماذا فعلت بشبابك بالفرنسية وبصدد الترجمة إلى العربية يلخصان مسيرته والفترة التي قضاها في السجون ورفاقه ومدت هيئة المحكمة بنسختين منها.
وللإشارة فإن الكاتب والمناضل اليساري جلبار نقاش عايش تجربة التعاضد أواخر ستينات القرن الماضي وعرض خلال جلسات للاستماع العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة لمحات عما لحقه زمن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، حينما تم التفطن إلى انتمائه لمجموعة الدراسات والعمل الاشتراكي (برسبكتيف) سنة 1968 حيث تم إيقافه ونقله إلى مكاتب وزارة الداخلية التي تعرض فيها لشتى أصناف التعذيب ما خلف له سقوطا بدنيا واضطرابات حادة في المزاج، حسب توصيفه.
في نفس السنة تمت محاكمته والزج به في السجن حيث تنقل بين سجني 9 أفريل وبرج الرومي، وتعرض لأشكال متنوعة من التنكيل وسوء المعاملة، ما دفعه إلى الدخول أكثر من مرة في إضرابات جوع.
وبعد خروجه من السجن تم إخضاعه للإقامة الجبرية كما انتهكت حريتة في التنقل وحرم من جواز سفره ومنع من الارتزاق.
مسيرة جلبار النقاش مع التعذيب لم تتوقف بإطلاق سراحه، إذ تم ايقافه مرة أخرى في 1972، ليواجه فصلا جديدا من التعذيب.