عادة الرجال الذين يعرفون القليل يتحدثون كثيرا، أمّا الذين يعرفون الكثير، فلا يتحدثون إلّا قليلا.
هو من هذه الفئة من الرجال، بحكم ثقافته وشبكة علاقاته، كذلك ارتباطاته التي جعلت كلّ من يقاربه حتى وإن اختلف معه عقائديا أو إيديولوجيا أو فكريا، يحترمه، يجلّه لرفعة خلقة وحسن معشره وسعة معارفه ..
إنّه غسان بن جدو، هذا الصديق الرائع.. أعرفه منذ فترة رئاسة تحرير جريدة "الرأي".. التقية من حين لآخر في بعض العواصم العربية أو الإسلامية.. أذكر أنه لما زرت طهران قبل سنوات بدعوة من مركز الدراسات الإستراتيجية الذي يتبع رئاسة الجمهورية الإيرانية كان وقتها يعمل مديرا لمكتب إحدى أهم القنوات التلفزيونية العالمية، استضافني في بيته احد قصور الشاه القديمة، كان في غاية الكرم و اللطف، ساعدني على تحديد مواعيد للقاء شخصيات بارزة في الدولة الإيرانية بما في ذلك مؤسسة ولاية الفقيه التي بيدها الحكم الفعلي لإيران منذ ثورة آية الله الخميني .
زوجة غسان، ندى الحسيني طبيبة أسنان ابنة الشهيد محمد صالح الحسيني المناضل الإيراني المناصر للقضية الفلسطينية الذي استشهد في بيروت أثناء الغزو الإسرائيلي في عام 1980 .
كان حضور غسان في إيران بارزا بحكم شبكة العلاقات والروابط التي تجمعه بكبار قادة البلاد والمسؤولين، كان يحظى بمكانة خاصة لدى النخب الإيرانية، البعض يناديه بـ"التونسي" .
كشف غسان بن جدو سنة 2009 في تصريحات صحفية عن سبب هجرته وغيابه القسري عن بلاده تونس وابتعاده عنها لمدة تفوق الـ21 عاماً، قال إنه كانت له اهتمامات وأنشطة سياسية ومواقف معارضة للنظام، كما قال إن الرئيس السابق زين العابدين بن علي اقترح عليه في مرات عدة مناصب ومسؤوليات إلا انه رفض لأنه لم يكن مقتنعا بحكم بن علي ولأن الكثير من أصدقائه كانوا ما يزالون يقبعون في السجون، يقصد أساسا جماعة الاتجاه الإسلامي .
قبل انضمامه إلى قناة "الجزيرة" في العام 1997 عمل غسان بن جدو في شبكة البي بي سي البريطانية في القسم العربي، كان مراسلا لها، كما تعاقد للكتابة في عدة صحف عالمية كجريدة "الحياة" اللندنية و"هيرالد تريبون" التي تنشر فيها أهم مقالات أبرز صحيفتين أمريكيتين "الواشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" بالإضافة لنشاطه مع "المعهد العربي للدراسات الدولية" في واشنطن .
تمكّن غسان بن جدو في سياق مهامه الصحفية من تحقيق سبق صحفي عالمي تمثل في محاورته لزعيم حزب الله حسن نصر الله أثناء المعركة مع إسرائيل سنة 2006، كما حاور شخصيات عالمية مهمة أخرى منها الزعيم الكوبي "فيدال كاسترو" .
بعد سنوات من العمل والتعاون مع مؤسسات إعلامية ارتأى غسان أن يمتلك قناة تلفزيونية خاصة، اتجه الى لبنان الذي ارتبط به وحمل جنسيته بحكم أن والدته المسيحية من بلاد الأرز، ليؤسس قناة "الميادين" ذات التوجه القومي العروبي المناصر بقوَة للمقاومة اللبنانية، كذلك لحركات التحرّر في جميع أنحاء العالم .
في حياة غسان محطات كثيرة مهمة لعلّ أهمها خلافه مع إدارة قناة "الجزيرة" التي اشتغل كمدير لمكتبها ببيروت بسبب الموقف من الثورة السورية سنة 2011 ليضطرّ الى الاستقالة والانسحاب من العمل معها بسبب مواقف الخط التحريري للقناة من الربيع العربي بشكل عام، من المفارقة انه رغم هذا القرار اتخذ نظام دمشق موقفا من غسان بمنعه من دخول سوريا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري .
لمّا سئل غسان من قبل أحد الصحفيين عن خلفيات هذه المواقف أجاب: "أنه يناصر التحركات القائمة (الثورة) في شوارع سوريا من أجل الحرية والإصلاح، ويعتبر أن للسوريين الحق في ذلك، لكنه يناصر في المقابل المشروع القومي والوطني الكبير لسوريا".
غسان بن جدو مسكون بروح قومية عروبية وهو يدرك انّه مهما أراد رضا الناس لا بدّ من أن يذم ويشتم ويتهم بشتى النعوت كتأثير زوجته الشيعية وعائلتها عليه بانخراطه في الصف الشيعي الإيراني وعلاقاته بحزب الله اللبناني .
سمة شخصية غسان الهدوء والرصانة وقلّة الكلام، قناعة منه انّه لو كان العقل على قدر كلام المرء، لكان الثرثار أكبر الناس عقلا !
يرويها: أبوبكر الصغير
عادة الرجال الذين يعرفون القليل يتحدثون كثيرا، أمّا الذين يعرفون الكثير، فلا يتحدثون إلّا قليلا.
هو من هذه الفئة من الرجال، بحكم ثقافته وشبكة علاقاته، كذلك ارتباطاته التي جعلت كلّ من يقاربه حتى وإن اختلف معه عقائديا أو إيديولوجيا أو فكريا، يحترمه، يجلّه لرفعة خلقة وحسن معشره وسعة معارفه ..
إنّه غسان بن جدو، هذا الصديق الرائع.. أعرفه منذ فترة رئاسة تحرير جريدة "الرأي".. التقية من حين لآخر في بعض العواصم العربية أو الإسلامية.. أذكر أنه لما زرت طهران قبل سنوات بدعوة من مركز الدراسات الإستراتيجية الذي يتبع رئاسة الجمهورية الإيرانية كان وقتها يعمل مديرا لمكتب إحدى أهم القنوات التلفزيونية العالمية، استضافني في بيته احد قصور الشاه القديمة، كان في غاية الكرم و اللطف، ساعدني على تحديد مواعيد للقاء شخصيات بارزة في الدولة الإيرانية بما في ذلك مؤسسة ولاية الفقيه التي بيدها الحكم الفعلي لإيران منذ ثورة آية الله الخميني .
زوجة غسان، ندى الحسيني طبيبة أسنان ابنة الشهيد محمد صالح الحسيني المناضل الإيراني المناصر للقضية الفلسطينية الذي استشهد في بيروت أثناء الغزو الإسرائيلي في عام 1980 .
كان حضور غسان في إيران بارزا بحكم شبكة العلاقات والروابط التي تجمعه بكبار قادة البلاد والمسؤولين، كان يحظى بمكانة خاصة لدى النخب الإيرانية، البعض يناديه بـ"التونسي" .
كشف غسان بن جدو سنة 2009 في تصريحات صحفية عن سبب هجرته وغيابه القسري عن بلاده تونس وابتعاده عنها لمدة تفوق الـ21 عاماً، قال إنه كانت له اهتمامات وأنشطة سياسية ومواقف معارضة للنظام، كما قال إن الرئيس السابق زين العابدين بن علي اقترح عليه في مرات عدة مناصب ومسؤوليات إلا انه رفض لأنه لم يكن مقتنعا بحكم بن علي ولأن الكثير من أصدقائه كانوا ما يزالون يقبعون في السجون، يقصد أساسا جماعة الاتجاه الإسلامي .
قبل انضمامه إلى قناة "الجزيرة" في العام 1997 عمل غسان بن جدو في شبكة البي بي سي البريطانية في القسم العربي، كان مراسلا لها، كما تعاقد للكتابة في عدة صحف عالمية كجريدة "الحياة" اللندنية و"هيرالد تريبون" التي تنشر فيها أهم مقالات أبرز صحيفتين أمريكيتين "الواشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" بالإضافة لنشاطه مع "المعهد العربي للدراسات الدولية" في واشنطن .
تمكّن غسان بن جدو في سياق مهامه الصحفية من تحقيق سبق صحفي عالمي تمثل في محاورته لزعيم حزب الله حسن نصر الله أثناء المعركة مع إسرائيل سنة 2006، كما حاور شخصيات عالمية مهمة أخرى منها الزعيم الكوبي "فيدال كاسترو" .
بعد سنوات من العمل والتعاون مع مؤسسات إعلامية ارتأى غسان أن يمتلك قناة تلفزيونية خاصة، اتجه الى لبنان الذي ارتبط به وحمل جنسيته بحكم أن والدته المسيحية من بلاد الأرز، ليؤسس قناة "الميادين" ذات التوجه القومي العروبي المناصر بقوَة للمقاومة اللبنانية، كذلك لحركات التحرّر في جميع أنحاء العالم .
في حياة غسان محطات كثيرة مهمة لعلّ أهمها خلافه مع إدارة قناة "الجزيرة" التي اشتغل كمدير لمكتبها ببيروت بسبب الموقف من الثورة السورية سنة 2011 ليضطرّ الى الاستقالة والانسحاب من العمل معها بسبب مواقف الخط التحريري للقناة من الربيع العربي بشكل عام، من المفارقة انه رغم هذا القرار اتخذ نظام دمشق موقفا من غسان بمنعه من دخول سوريا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري .
لمّا سئل غسان من قبل أحد الصحفيين عن خلفيات هذه المواقف أجاب: "أنه يناصر التحركات القائمة (الثورة) في شوارع سوريا من أجل الحرية والإصلاح، ويعتبر أن للسوريين الحق في ذلك، لكنه يناصر في المقابل المشروع القومي والوطني الكبير لسوريا".
غسان بن جدو مسكون بروح قومية عروبية وهو يدرك انّه مهما أراد رضا الناس لا بدّ من أن يذم ويشتم ويتهم بشتى النعوت كتأثير زوجته الشيعية وعائلتها عليه بانخراطه في الصف الشيعي الإيراني وعلاقاته بحزب الله اللبناني .
سمة شخصية غسان الهدوء والرصانة وقلّة الكلام، قناعة منه انّه لو كان العقل على قدر كلام المرء، لكان الثرثار أكبر الناس عقلا !