إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ر.م.ع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لـ"الصباح": التزويد في نظام الحصص سيمتد على 17 ساعة.. والترفيع في أسعار المياه غير مطروح

تونس-الصباح

رسميا أعلنت منذ الأسبوع الفارط وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، قرار اعتماد منظومة الحصص في توزيع مياه الشرب عبر شبكات الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه، في نفس الوقت اكتفت الشركة ببلاغ يتيم أعلنت خلاله عن الفترة المرجعية التي سيتم خلالها قطع المياه، والتي ستمتد من الساعة الـ9 ليلا وحتى الساعة الـ4 صباحا. تفاصيل هذا التقسيط وتباينه بين منظومات التزويد المعتمدة في كل جهة.. والحلول التي توجهت فيها البلاد من اجل التخفيف من وطأة ندرة المياه.. وإمكانيات الترفيع في التعريفة ومستوى تقدم أشغال تركيز محطات التحلية بنوعية خاصة بالمياه الجوفية ومياه البحر.. كانت موضوع لقاء "الصباح" بالرئيس المدير العام للشركة الوطنية للاستغلال وتوزيع المياه مصباح الهلالي وفيما يلي الحوار.

أجرت الحوار: ريم سوودي

*كيف نعرف نظام التقسيط أو الحصص في التزود بمياه الشرب؟

تم إدراج نظام الحصص في القانون عدد 116 لسنة 2001، وهو يخول لوزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، إصدار قرار يحدد فيه اعتماد نظام الحصص إما الظرفي أو المتواصل.

ونحن اليوم في حالة نظام الحصص الظرفي، بما معناه ان توزيع المياه اليوم مرتبط بقاعدة العرض (الموارد) والطلب (الاستهلاك). ونظرا الى أننا أمام وضع لا يغطي  فيه العرض الطلب، نعيش فترة جفاف ونقصا في الأمطار ومستوى السدود متدن ومياهنا الجوفية ليست بصدد التجدد.. فبتالي نظام الحصص يكون فيه العرض غير قادر على تغطية طلب الـ24 ساعة كاملة، وبأكثر بساطة هو عملية التزود بالماء لمدة أقل من 24 ساعة.

حدد البلاغ الصادر عن الشركة بالنسبة لكل ولايات الجمهورية نفس زمن الانقطاع أو فترة عدم التزود، وهي من الساعة 9 ليلا والى غاية الساعة 4 صباحا فهل هذا يعني أننا أمام نظام حصص موحد؟

يجب أن ندرك نظام الحصص، لا يخضع الى مفهوم الانقطاع العادي المرتبط بإصلاح عطب أو بإجراءات الصيانة التي تخضع لها الشبكة كل فترة، ويتم خلالها الإعلام عن الفترة مدة الانقطاع وتوقيت عودة التزويد، نحن نتحدث اليوم عن كمية من المياه داخل الخزانات غير قارة على تغطية حاجياتنا من المياه لـ24 ساعة متواصلة وهو ما يجعلنا مجبرين على تزويد حرفائنا الى حدود نفاد الكمية.

الفترة المرجعية للتزويد ستمتد على 16 أو 17 ساعة وما تبقى من الساعات ينتفي فيها التزويد. إذن فنحن لسنا أمام الانقطاع بمفهومه العادي نحن أمام دورة تزويد بنظام تعديلي نظرا الى ان الموارد، كميات المياه المتوفرة، لا تغطي كامل اليوم ولذلك سميت بنظام الحصص.

مع العلم ان الامر لن يكون نفسه في كل المناطق، الفترة المرجعية تمتد من الساعة 9 الى الساعة 3 ليلا، لكن ستسجل مناطق فترة تزويد أطول من 17 ساعة وأخرى فترة اقل منها، كما يمكن أن تسجل أحياء أخرى نسق نزود متواصل لأكثر من يوم لتعود الى نظام الحصص والانقطاع مرة أخرى.

نحن كشركة لا نتدخل وليس لنا أي سلطة على نسق التزود او الاستهلاك، أنظمتنا تخضع لتزويد انسيابي، وهي ستعتمد نظام الحصص كنظام للتحكم والتعديل في التزود بما يتلاءم وكميات المياه المتوفرة لديها داخل الخزانات. وتم اختيار فترة ما بين الـ9 و3 ليلا، كفترة مرجعية كونها زمن يتراجع خلاله نسق الاستهلاك المواطني والصناعي على حد السواء.

أنظمة التزويد الخاصة بالشركة، تختلف من جهة الى أخرى وفقا لنوعية الموارد المائية، كما أن القرب من الخزان ومستوى الارتفاع وغيرها من شانها ان تؤثر على نسق وفرة الماء، فهل ستكون أنظمة او جهات معنية أكثر من غيرها بنظام الحصص والانقطاعات؟

هناك مصدران أساسيان تعتمد عليهما الشركة في تزويد حرفائها، المياه السطحية المتمثلة في السدود والأودية ومتأتية أساسا من مياه الأمطار  والمياه الجوفية وهي الآبار العميقة، وكل منظومة لها موازناتها الخاصة بها.

وهذا الاختلاف يجعل مستوى تأثر منظومات التزود يتباين، فسنجد في الأيام القادمة منظومات تتوفر فيها معادلة العرض والطلب ولن تستوجب نظام حصص لكنها بارتفاع الطلب ومرورنا الى أشهر ذروة الاستهلاك سنضطر فيها الى اعتماد توزيع حسب الحصص.

ونظام الحصص، يتطور ويتغير طبقا للظروف المناخية، ارتفاع درجات الحرارة والذي يتزامن مع ارتفاع في نسق الاستهلاك يمكن ان يحيلنا الى اختلال في التوازن بين العرض والطلب والموارد مضبوطة.. الشركة لديها منظومات مختلفة ومتباينة تعد نحو 4 آلاف منظومة، وبالتالي فالتصرف في نظام الحصص يقع حسب الجهة او المنطقة وفي نفس الجهة هناك عوامل أخرى تتحكم في زمن الحصص، على غرار بعد الحريف على الخزانات ومستوى ارتفاع منزل الحريف على الخزان ومستوى البحر وكذلك طريقة الاستهلاك ونسقه، مكثف او مرشد، كلها عوامل تؤثر على منظومة الحصص وزمن الانقطاع.

هل ستكون هناك بلاغات دورية من الشركة وتمثيلياتها الجهوية والمحلية من اجل الإعلام بالمتغيرات التي قد تطرأ على كل منظومة تزويد على حدة؟

كشركة تم اعتماد على فترة مرجعية، تم التنصيص عليها في البلاغ الصادر الأسبوع المنقضي، ونحن نعلم انها فترة ستختلف من مكان الى اخر.

ما يجب توضيحه انه لن يكون هناك بلاغات تفصيلية عن كل تغيير في 4 آلاف منظومة، على الحريف أن يعلم أن الفترة المرجعية هي ما التي تمتد من الساعة 9 ليلا والى غاية 3 صباحا، وستعرف منظومة تزويده انقطاعا في أول هذه الفترة خلالها أو في آخرها، وهو أمر كما سبق وذكرت مرتبط بنسق استهلاك المواطن، المنزلي أو الصناعي، وبدرجات الحرارة وموقعه الخ.. إذن لن يكون للشركة بلاغات عن كل منظومة او عن كل جهة باعتبار ان العوامل المذكورة خارج نطاق تدخلها. فالحريف سيكون المتحكم الأول في المياه الموضوعة على ذمته كيف يستهلكه ومتى يستهلكه وبكثافة أو بطريقة مرشدة.

في السنوات الأخيرة عرفت عديد المناطق والجهات انقطاعات مكثفة طبّع معها المواطن التونسي وصنفت من قبل مختصين انها نظام تقسيط غير معلن على غرار قفصة ومدنين والقصرين.. فما هو التغيير الذي سيطرأ على هذه المنظومات بعد الإعلان الرسمي عن منظومة الحصص؟

نحن اليوم في إطار اعتماد منظومة حصص، اما فيما يهم الجهات التي ذكرت، فهي انقطاعات مربوطة بالموارد المائية المحلية، عطب ببئر أو إشكال في قناة وإشكاليات واعتراض عدد من المواطنين على منشآت.. ربما تكون الوتيرة مرتفعة خلال الصائفة وموسم ارتفاع الاستهلاك. لكن ذلك لا يمكن اعتباره نظام حصص غير معلن، والدليل ان الاضطرابات تمتد على فترة ثم يعود نسق التزويد عاديا.

وما أؤكده أن نظام الحصص لم يتم إقراره على الإطلاق منذ صدوره سنة 2001، ويعود إقراره الى أن ذاك على خلفية فترة الجفاف التي مرت بها البلاد سنوات 2000 و2001 و2002، وعرفت بعدها البلاد فيضانات 2003. فلم يتم اعتماد القانون أن ذاك وفي الفترات اللاحقة له نظرا أن البلاد عاشت تقريبا على وقع فترات جفاف دورية تمتد على أقصى تقدير لثلاث سنوات في كل مرة والجديد اليوم أن الجفاف امتد لأول مرة على أربع سنوات.

لم نعتمد على الإطلاق نظام الحصص منذ إقراره بقانون، وما سجل من انقطاعات سابقا يعود الى إشكاليات متعلقة بالموارد وبفترة الذروة في الاستهلاك، خاصة ان بعض الجهات والمناطق تسجل ذروة استهلاك نظرا لاستعمالات مكثفة للمياه في الري.

*هل يمكن القول إن الدولة اليوم بمختلف هياكلها ومنها الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، أصبحت تعتبر ملف المياه ملف امن قومي؟

في الأصل ملف المياه يجب أن يكون ضمن الأمن القومي للبلاد، أولا باعتباره عنصرا حيويا للحياة، وثانيا لأنه يعتبر محركا أساسي للتنمية فقدانه يمثل معطل لها، فليس هناك أي نشاط تجاري أو صناعي أو فلاحي أو سياحي غير مربوط مباشرة بالموارد المائية.

وهذا الارتباط هو ما يفسر توجه استثمارات الدولة، ليس من اليوم فقط، بل منذ ما بعد الاستقلال، نحو المنشآت المائية فتم بناء السدود، 37 سد، تحويل المياه بين المناطق، وضع بنية تحتية ضخمة، شبكة ممتدة.. وضعت الماء ضمن الأمن القومي للبلاد.

ويتأكد ذلك أكثر مع ما تشهده البلاد من تغيرات مناخية وندرة وتملح للمياه، وانخفاض مستويات السدود، حيث أصبح أكثر من أي وقت مضى الماء أولوية قصوى وفي إطار الأمن القومي للبلاد، وليس مياه الشرب فحسب بل أيضا مياه الري باعتبار ارتباطه بالأمن الغذائي.

كيف تمت ترجمة اعتبار الماء كأمن قومي في شكل أفعال وبرامج ومشاريع خاصة بالمنشآت المائية، على غرار مثلا صيانة الشبكة التي تشهد حسب الإحصائيات نسبة تسربات تصل الى 33%؟

للتوضيح هنا لا نتحدث على تسربات وإنما على نجاعة للشبكة، وفي الخصوص أريد التوضيح، أن النجاعة تنضبط الى جملة من المؤشرات، يبدو ان تناوله من قبل وسائل الإعلام أو المهتمين أو الخبراء قد حمل نوع من الخلط.

وفيما يخص نجاعة شبكات التوزيع بالنسبة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه فتبلغ نسبة 77% تقريبا، وهو ما يعني أن معدل "فاقد المياه" أو كميات المياه غير المفوترة يساوي تقريبا 23%، وتنقسم كمية المياه الضائعة وغير المفوترة الى 3 أقسام، الجزء الأول يخص المياه الضرورية لإنتاج المياه وهي تلك التي يتم استعمال لتنظيف وغسل المرشحات وفي محطات المعالجة والشبكات الجديدة.. ويتم استهلاكه في عمليات الربط العشوائي وهي كميات لا تخضع للحساب من قبل عدادات الشركة، اما الجزء الثاني فيهم كميات الماء غير المحسوبة من قبل العدادات نفسها، ونقصد هنا العدادات القديمة التي كلما زادت سنوات استعمالها كلما تخلفت في احتساب وعدّ كميات المياه المستهلكة. والجزء الثالث والأخير يهم التسربات. وفي العموم تقسم تقريبا نسبة 23% على ثلاثة أجزاء متساوية فيما بين الثلاث أصناف من ضياع الماء المذكورة سلفا. فتكون نسبة التسربات تقريبا في حدود 8% وليس كما يتم تداوله في حدود 33% وترتفع الى حدود 50% في بعض المناطق.

اما بخصوص وضعية الشبكات فيمكن القول ان هناك، الجديد والمتوسط والقديم، الوضعية ليست كارثية او دراماتيكية، كما يقال، يمكن ان تكون افضل وهدفنا تحسينها، نحن بالمقارنة مع وضعيات الشبكات على المستوى الدولي نعتبر بمستوى نجاعة مقبول، فالمغرب مثلا مستوى النجاعة تبلغ في شبكاتها 75% وفي فرنسا تبلغ نسبة 79%، والهدف الأقصى بالنسبة للجميع هو الوصول الى نسبة نجاعة في حدود 80%. نحن بصدد السعي الى تحصيل 3% أخرى على مستوى نجاعة

الشبكة.

والشركة فيما يتعلق بالصيانة هي بصدد تجديد بين 100 و150 كلم سنويا، كما انطلقت رسميا في العمل هذا العام على برنامج ضخم يهم 7 ولايات في الجنوب التونسي، وهو برنامج تحسين نجاعة الشبكة في الجنوب، ومن أولياتنا تجديد الشبكة خاصة منها تلك التي اهترأت، مع العلم ان سن الشبكة لا يعني اهتراءها، فهناك شبكات جديدة وتعاني من التسربات، كما لدينا شبكات يعود مدها الى سنوات الاستقلال ومازالت في حالة جيدة للغاية (شبكات المدينة العتيقة مثالا) ، إذن فوضعية الشبكة ليست بالسوداوية التي يتم نقلها او تناولها.

ماذا عن الاعتمادات التي خصصتها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لتجديد الشبكة وتحسين مستوى مردوديتها؟

بالنسبة للموارد المرصودة من قبل الشركة لتجديد الشبكة هي موارد متناسقة مع إمكانياتها ومداخيلها المادية، فعلى قدر كسائي أمد رجلي، فهي مرتبطة بالمصاريف العامة للشركة ومداخيلها والصيانة وإراداتها والتعريفة التي مازالت منخفضة مقارنة بالكلفة.. مازالت التعريف لا تغطي سوى 85% من الكلفة ولم نصل بعد الى معدل تغطية يسمح لنا بالقيام بمختلف تدخلاتنا بكل أريحية. واذكر في نفس الوقت ان تحسين المردودية لا يمثل حل لمشكلة التزود بالمياه هو جزء منها لكن يبقى الشح في الموارد ونقص التساقطات هو المشكل. وهو وضع عام في كل دول العالم..

*في إطار الحفاظ على الموارد المائية للبلاد وترشيد استهلاكها، هل سيقع الترفيع في أسعار الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه؟

الترفيع في أسعار مياه الشرب أمر غير مطروح اليوم، واهتمامنا منكب بالأساس على حسن التصرف في كميات المياه المتوفرة والتحكم فيها مع فترة الذروة التي بدأت هذا العام مبكرا نظرا لما تعرفه البلاد من ارتفاع في درجات الحرارة بلغ زيادة بـ10 درجات عن المعدلات العادية، لكن يمكن أن يتم الحديث فيه مستقبلا، فليس هناك سعر ثابت لأي من مدخلات الماء وخاصة منها الطاقة والمعدات المستوردة والى غير ذلك، وهناك تضخم كبير في أسعارها.

*هل ستكون هناك موارد مائية جديدة للشركة خلافا للتقليدية السطحية والجوفية منها؟

نحن في بلد بمناخ شبه قاري في الشمال الى قاري جاف في أقصى الجنوب تتراوح فيه التساقطات في السنوات الممطرة بين 1200 مليمتر و50 مليمترا في السنة وهي كميات قليلة للغاية، وأمام ما تمر به البلاد من فترات جفاف استنزفت الموارد المائية الجوفية وتملحت كما تقلصت الموارد السطحية، وضع جعل الشركة تتجه الى برمجة موارد جديدة وهي تحلية المياه.

انطلقت الشركة منذ عقود فيما يهم تحلية المياه الجوفية أين تم تركيز أولى المحطات في قرقنة سنة 1983 ثم محطة تحلية المياه الجوفية بقابس سنة 1995، ثم في جربة سنة 1996 وجرجيس سنة 2000، ثم تركيز 10 محطات صغرى لتحلية المياه الجوفية في الجنوب التونسي سنة 2018،

وفي نفس السنة دخلت أول محطة لتحلية مياه البحر في جزيرة جربة حيز الاستغلال، واليوم لدينا 3 محطات كبرى بصدد الإنجاز لتحلية المياه، محطة تحلية مياه في منطقة الزارات من ولاية قابس ومحطة ثانية في صفاقس وأخرى في ولاية سوسة. وبالتالي تم اعتماد مصادر للمياه غير التقليدية في مناطق لا يمكن فيها اعتماد حلول أخرى، مع العلم ان التحلية هي حل عندما تنتفي بقية الحلول باعتباره حلا مكلفا من ناحية الاستثمار والطاقة والبيئة..

والشركة لها برنامج فيما يهم محطات التحلية، يبقى مرتبط بضعية المناطق وانتفاء الحلول فيها بخصوص مياه الشرب والري على حد السواء، فكما نعلم لدينا 80% من الموارد مستعملة في الفلاحة و20% المتبقية موزعة على 13% استعمال منزلي و5% صناعي و2 % للقطاع السياحي. فبتالي نحن بصدد العمل على حسن استغلال والتصرف في 80% الموجهة للفلاحة ومنها يمكن توجيه جزء للاستغلال المنزلي.

اما في المناطق التي يتعذر فيها القيام بذلك وتعاني من نقص في الموارد سيتم التوجه نحو تحلية مياه البحر، ولدينا برنامج محطة تحلية في المهدية تمس كل ولايات الوسط وحتى ولاية صفاقس، كما لنا محطة ثانية في منطقة جرجيس و7 محطات صغيرة لتحلية المياه الجوفية 6 منها في الجنوب التونسي وتتنزل في اطار برنامج تحسين جودة المياه وسيصدر في شانها طلب العروض في الاسابيع القادمة ومحطة أخرى تهم جزيرة قرقنة طلب عروضها سيصدر قبل نهاية السنة. مع العلم ان برنامج الشركة يخضع للتغيير حسب الوضع المناخي للبلاد ومدى وفرة الموارد المائية من عدمه وندرة المياه والانحباس الحراري..

*وبالنسبة لمحطات تحلية مياه البحر التي مازالت أشغالها جارية ماهي مواعيد دخولها حيز الاستغلال ؟

لدينا اليوم 3 مشاريع كبرى في طور الإنجاز، محطة تحلية مياه البحر في منطقة الزارات من ولاية قابس بطاقة إنتاج نهائية في حدود 100 ألف متر مكعب في اليوم، ستحسن الوضع فيما يتعلق بالتزويد فيما يهم ولاية قابس وتطاوين ومدنين، كل الجنوب الشرقي، وتقدم الإنجاز فيها يبلغ 88% من المنتظر ان تدخل حيز الاستغلال مع نهاية السنة الجارية 2023، المحطة الثانية هي محطة تحلية مياه البحر بصفاقس بطاقة إنتاج بـ200 الف متر مكعب في اليوم، تقدم الإنجاز فيها يبلغ 35 % ولدينا أيضا محطة في تحلية مياه بحر في سوسة بطاقة انتاج نهاية تبلغ 50 الف متر مكعب في اليوم، وتقدم إنجازها في حدود 60% ، ومن المنتظر ان تنتهي الأشغال في محطتي سوسة وصفاقس نهاية 2024.

في إطار حسن التصرف في الموارد المائية، وجب التصدي للتصرف العشوائي للمياه ومنه الحفر غير المرخص فيه للآبار، ما هو الدور الذي سيكون للشركة للتصدي لهذه المعضلة التي تؤثر بصفة مباشرة على مردوديتها؟

بداية يهمني أن أوضح أن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه هي حريف لدى المنشآت المائية العائدة بالنظر الى وزارة الفلاحة، وتطلب رخصا مثلها مثل الفلاحين عند حفر آبارها، وتتأثر في حال تم حفر آبار غير مرخص فيها، فأي استغلال مفرط للمائدة المائية او استنزاف لها يؤثر على التزويد. ويمكن ان اقدم هنا مثالا ولاية الكاف شهدت خلال السنوات الأخيرة جفاف 12 بئرا عميقة بفعل الآبار والضخ العشوائي نفس الأمر في قبلي التي عرفت بسبب الاستغلال المفرط ارتفاعا في درجات ملوحة المياه.

والشركة ليس لها أي سلطة في إسناد الرخص أو الحفر العشوائي للآبار، بل تعود مهمة الرقابة حسب القانون ومجلة المياه لهياكل وزارة الفلاحة، وهي الإدارة العامة للموارد المائية والمندوبيات الجهوية للفلاحة والسلط الجهوية كلهم مسؤولون على التصدي لهذه الممارسات غير القانونية. ولابد اليوم من إيقاف النزيف عبر القضاء على الآبار العشوائية للمحافظة على المائدة المائية التي تصل فيها نسبة الاستغلال الى 200% ومهددة اليوم بالنضوب مثل المائدة المائية في المظيلة وام العرائس وقفصة الجنوبية والمتلوي.. وهذا الاستنزاف لا يشمل المياه الجوفية فقط بل أيضا يشمل المياه السطحية التي يتم استنزافها عبر ربط عشوائي بأودية وخاصة منها وادي مجردة الذي يتم فيه وضع مضخات دون ترخيص وخاصة في المنطقة الموجودة بين سد سيدي سالم وسد العروسية الى حدود تونس الكبرى بولاية تونس ومنوبة.. ونفس الأمر يقع على مستوى سد سجنان.

من الموانع التي تم تناولها في مقرر وزارة الفلاحة استعمالات ارتبطت بشبكة شركة استغلال وتوزيع المياه، والتي منها مثلا محطات غسيل السيارات، كيف سيتم متابعتها ومراقبتها؟

هناك محطات غسيل سيارات تستعمل آبار قليلة العمق ولا تعتمد شبكة الشركة، اما بالنسبة للبقية والتي في الغالب تكون صلب محطات لتزويد بالمحروقات فلابد ان تحاول التأقلم مع الوضع الاستثنائي الحالي وتتحكم في استهلاكها وتلتزم بالقانون. ونفس الأمر بالنسبة للاستعمال المنزلي.

وبالنسبة للرقابة تم التنصيص عليها في المقرر، هناك أعوان المحافظة على الملك العمومي للمياه وهم أعوان محلفون لديهم الضابطة العدلية يعودون بالنظر الى وزارة الفلاحة، موزعون على المندوبيات وادارات الملك العمومي للمياه. هذا بالإضافة الى أعوان الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الذين هم بدورهم محلفون ومكلفون بحماية الملك العمومي للمياه ومن سيكون من دورهم إعداد المحاضر ورفعها للقضاء حتى يتم اخذ القرارات اللازمة في شانها ودائما بالاستناد الى القانون عدد 116 لسنة 2001.

ر.م.ع الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لـ"الصباح":  التزويد في نظام الحصص سيمتد على 17 ساعة.. والترفيع في أسعار المياه غير مطروح

تونس-الصباح

رسميا أعلنت منذ الأسبوع الفارط وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، قرار اعتماد منظومة الحصص في توزيع مياه الشرب عبر شبكات الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه، في نفس الوقت اكتفت الشركة ببلاغ يتيم أعلنت خلاله عن الفترة المرجعية التي سيتم خلالها قطع المياه، والتي ستمتد من الساعة الـ9 ليلا وحتى الساعة الـ4 صباحا. تفاصيل هذا التقسيط وتباينه بين منظومات التزويد المعتمدة في كل جهة.. والحلول التي توجهت فيها البلاد من اجل التخفيف من وطأة ندرة المياه.. وإمكانيات الترفيع في التعريفة ومستوى تقدم أشغال تركيز محطات التحلية بنوعية خاصة بالمياه الجوفية ومياه البحر.. كانت موضوع لقاء "الصباح" بالرئيس المدير العام للشركة الوطنية للاستغلال وتوزيع المياه مصباح الهلالي وفيما يلي الحوار.

أجرت الحوار: ريم سوودي

*كيف نعرف نظام التقسيط أو الحصص في التزود بمياه الشرب؟

تم إدراج نظام الحصص في القانون عدد 116 لسنة 2001، وهو يخول لوزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، إصدار قرار يحدد فيه اعتماد نظام الحصص إما الظرفي أو المتواصل.

ونحن اليوم في حالة نظام الحصص الظرفي، بما معناه ان توزيع المياه اليوم مرتبط بقاعدة العرض (الموارد) والطلب (الاستهلاك). ونظرا الى أننا أمام وضع لا يغطي  فيه العرض الطلب، نعيش فترة جفاف ونقصا في الأمطار ومستوى السدود متدن ومياهنا الجوفية ليست بصدد التجدد.. فبتالي نظام الحصص يكون فيه العرض غير قادر على تغطية طلب الـ24 ساعة كاملة، وبأكثر بساطة هو عملية التزود بالماء لمدة أقل من 24 ساعة.

حدد البلاغ الصادر عن الشركة بالنسبة لكل ولايات الجمهورية نفس زمن الانقطاع أو فترة عدم التزود، وهي من الساعة 9 ليلا والى غاية الساعة 4 صباحا فهل هذا يعني أننا أمام نظام حصص موحد؟

يجب أن ندرك نظام الحصص، لا يخضع الى مفهوم الانقطاع العادي المرتبط بإصلاح عطب أو بإجراءات الصيانة التي تخضع لها الشبكة كل فترة، ويتم خلالها الإعلام عن الفترة مدة الانقطاع وتوقيت عودة التزويد، نحن نتحدث اليوم عن كمية من المياه داخل الخزانات غير قارة على تغطية حاجياتنا من المياه لـ24 ساعة متواصلة وهو ما يجعلنا مجبرين على تزويد حرفائنا الى حدود نفاد الكمية.

الفترة المرجعية للتزويد ستمتد على 16 أو 17 ساعة وما تبقى من الساعات ينتفي فيها التزويد. إذن فنحن لسنا أمام الانقطاع بمفهومه العادي نحن أمام دورة تزويد بنظام تعديلي نظرا الى ان الموارد، كميات المياه المتوفرة، لا تغطي كامل اليوم ولذلك سميت بنظام الحصص.

مع العلم ان الامر لن يكون نفسه في كل المناطق، الفترة المرجعية تمتد من الساعة 9 الى الساعة 3 ليلا، لكن ستسجل مناطق فترة تزويد أطول من 17 ساعة وأخرى فترة اقل منها، كما يمكن أن تسجل أحياء أخرى نسق نزود متواصل لأكثر من يوم لتعود الى نظام الحصص والانقطاع مرة أخرى.

نحن كشركة لا نتدخل وليس لنا أي سلطة على نسق التزود او الاستهلاك، أنظمتنا تخضع لتزويد انسيابي، وهي ستعتمد نظام الحصص كنظام للتحكم والتعديل في التزود بما يتلاءم وكميات المياه المتوفرة لديها داخل الخزانات. وتم اختيار فترة ما بين الـ9 و3 ليلا، كفترة مرجعية كونها زمن يتراجع خلاله نسق الاستهلاك المواطني والصناعي على حد السواء.

أنظمة التزويد الخاصة بالشركة، تختلف من جهة الى أخرى وفقا لنوعية الموارد المائية، كما أن القرب من الخزان ومستوى الارتفاع وغيرها من شانها ان تؤثر على نسق وفرة الماء، فهل ستكون أنظمة او جهات معنية أكثر من غيرها بنظام الحصص والانقطاعات؟

هناك مصدران أساسيان تعتمد عليهما الشركة في تزويد حرفائها، المياه السطحية المتمثلة في السدود والأودية ومتأتية أساسا من مياه الأمطار  والمياه الجوفية وهي الآبار العميقة، وكل منظومة لها موازناتها الخاصة بها.

وهذا الاختلاف يجعل مستوى تأثر منظومات التزود يتباين، فسنجد في الأيام القادمة منظومات تتوفر فيها معادلة العرض والطلب ولن تستوجب نظام حصص لكنها بارتفاع الطلب ومرورنا الى أشهر ذروة الاستهلاك سنضطر فيها الى اعتماد توزيع حسب الحصص.

ونظام الحصص، يتطور ويتغير طبقا للظروف المناخية، ارتفاع درجات الحرارة والذي يتزامن مع ارتفاع في نسق الاستهلاك يمكن ان يحيلنا الى اختلال في التوازن بين العرض والطلب والموارد مضبوطة.. الشركة لديها منظومات مختلفة ومتباينة تعد نحو 4 آلاف منظومة، وبالتالي فالتصرف في نظام الحصص يقع حسب الجهة او المنطقة وفي نفس الجهة هناك عوامل أخرى تتحكم في زمن الحصص، على غرار بعد الحريف على الخزانات ومستوى ارتفاع منزل الحريف على الخزان ومستوى البحر وكذلك طريقة الاستهلاك ونسقه، مكثف او مرشد، كلها عوامل تؤثر على منظومة الحصص وزمن الانقطاع.

هل ستكون هناك بلاغات دورية من الشركة وتمثيلياتها الجهوية والمحلية من اجل الإعلام بالمتغيرات التي قد تطرأ على كل منظومة تزويد على حدة؟

كشركة تم اعتماد على فترة مرجعية، تم التنصيص عليها في البلاغ الصادر الأسبوع المنقضي، ونحن نعلم انها فترة ستختلف من مكان الى اخر.

ما يجب توضيحه انه لن يكون هناك بلاغات تفصيلية عن كل تغيير في 4 آلاف منظومة، على الحريف أن يعلم أن الفترة المرجعية هي ما التي تمتد من الساعة 9 ليلا والى غاية 3 صباحا، وستعرف منظومة تزويده انقطاعا في أول هذه الفترة خلالها أو في آخرها، وهو أمر كما سبق وذكرت مرتبط بنسق استهلاك المواطن، المنزلي أو الصناعي، وبدرجات الحرارة وموقعه الخ.. إذن لن يكون للشركة بلاغات عن كل منظومة او عن كل جهة باعتبار ان العوامل المذكورة خارج نطاق تدخلها. فالحريف سيكون المتحكم الأول في المياه الموضوعة على ذمته كيف يستهلكه ومتى يستهلكه وبكثافة أو بطريقة مرشدة.

في السنوات الأخيرة عرفت عديد المناطق والجهات انقطاعات مكثفة طبّع معها المواطن التونسي وصنفت من قبل مختصين انها نظام تقسيط غير معلن على غرار قفصة ومدنين والقصرين.. فما هو التغيير الذي سيطرأ على هذه المنظومات بعد الإعلان الرسمي عن منظومة الحصص؟

نحن اليوم في إطار اعتماد منظومة حصص، اما فيما يهم الجهات التي ذكرت، فهي انقطاعات مربوطة بالموارد المائية المحلية، عطب ببئر أو إشكال في قناة وإشكاليات واعتراض عدد من المواطنين على منشآت.. ربما تكون الوتيرة مرتفعة خلال الصائفة وموسم ارتفاع الاستهلاك. لكن ذلك لا يمكن اعتباره نظام حصص غير معلن، والدليل ان الاضطرابات تمتد على فترة ثم يعود نسق التزويد عاديا.

وما أؤكده أن نظام الحصص لم يتم إقراره على الإطلاق منذ صدوره سنة 2001، ويعود إقراره الى أن ذاك على خلفية فترة الجفاف التي مرت بها البلاد سنوات 2000 و2001 و2002، وعرفت بعدها البلاد فيضانات 2003. فلم يتم اعتماد القانون أن ذاك وفي الفترات اللاحقة له نظرا أن البلاد عاشت تقريبا على وقع فترات جفاف دورية تمتد على أقصى تقدير لثلاث سنوات في كل مرة والجديد اليوم أن الجفاف امتد لأول مرة على أربع سنوات.

لم نعتمد على الإطلاق نظام الحصص منذ إقراره بقانون، وما سجل من انقطاعات سابقا يعود الى إشكاليات متعلقة بالموارد وبفترة الذروة في الاستهلاك، خاصة ان بعض الجهات والمناطق تسجل ذروة استهلاك نظرا لاستعمالات مكثفة للمياه في الري.

*هل يمكن القول إن الدولة اليوم بمختلف هياكلها ومنها الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، أصبحت تعتبر ملف المياه ملف امن قومي؟

في الأصل ملف المياه يجب أن يكون ضمن الأمن القومي للبلاد، أولا باعتباره عنصرا حيويا للحياة، وثانيا لأنه يعتبر محركا أساسي للتنمية فقدانه يمثل معطل لها، فليس هناك أي نشاط تجاري أو صناعي أو فلاحي أو سياحي غير مربوط مباشرة بالموارد المائية.

وهذا الارتباط هو ما يفسر توجه استثمارات الدولة، ليس من اليوم فقط، بل منذ ما بعد الاستقلال، نحو المنشآت المائية فتم بناء السدود، 37 سد، تحويل المياه بين المناطق، وضع بنية تحتية ضخمة، شبكة ممتدة.. وضعت الماء ضمن الأمن القومي للبلاد.

ويتأكد ذلك أكثر مع ما تشهده البلاد من تغيرات مناخية وندرة وتملح للمياه، وانخفاض مستويات السدود، حيث أصبح أكثر من أي وقت مضى الماء أولوية قصوى وفي إطار الأمن القومي للبلاد، وليس مياه الشرب فحسب بل أيضا مياه الري باعتبار ارتباطه بالأمن الغذائي.

كيف تمت ترجمة اعتبار الماء كأمن قومي في شكل أفعال وبرامج ومشاريع خاصة بالمنشآت المائية، على غرار مثلا صيانة الشبكة التي تشهد حسب الإحصائيات نسبة تسربات تصل الى 33%؟

للتوضيح هنا لا نتحدث على تسربات وإنما على نجاعة للشبكة، وفي الخصوص أريد التوضيح، أن النجاعة تنضبط الى جملة من المؤشرات، يبدو ان تناوله من قبل وسائل الإعلام أو المهتمين أو الخبراء قد حمل نوع من الخلط.

وفيما يخص نجاعة شبكات التوزيع بالنسبة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه فتبلغ نسبة 77% تقريبا، وهو ما يعني أن معدل "فاقد المياه" أو كميات المياه غير المفوترة يساوي تقريبا 23%، وتنقسم كمية المياه الضائعة وغير المفوترة الى 3 أقسام، الجزء الأول يخص المياه الضرورية لإنتاج المياه وهي تلك التي يتم استعمال لتنظيف وغسل المرشحات وفي محطات المعالجة والشبكات الجديدة.. ويتم استهلاكه في عمليات الربط العشوائي وهي كميات لا تخضع للحساب من قبل عدادات الشركة، اما الجزء الثاني فيهم كميات الماء غير المحسوبة من قبل العدادات نفسها، ونقصد هنا العدادات القديمة التي كلما زادت سنوات استعمالها كلما تخلفت في احتساب وعدّ كميات المياه المستهلكة. والجزء الثالث والأخير يهم التسربات. وفي العموم تقسم تقريبا نسبة 23% على ثلاثة أجزاء متساوية فيما بين الثلاث أصناف من ضياع الماء المذكورة سلفا. فتكون نسبة التسربات تقريبا في حدود 8% وليس كما يتم تداوله في حدود 33% وترتفع الى حدود 50% في بعض المناطق.

اما بخصوص وضعية الشبكات فيمكن القول ان هناك، الجديد والمتوسط والقديم، الوضعية ليست كارثية او دراماتيكية، كما يقال، يمكن ان تكون افضل وهدفنا تحسينها، نحن بالمقارنة مع وضعيات الشبكات على المستوى الدولي نعتبر بمستوى نجاعة مقبول، فالمغرب مثلا مستوى النجاعة تبلغ في شبكاتها 75% وفي فرنسا تبلغ نسبة 79%، والهدف الأقصى بالنسبة للجميع هو الوصول الى نسبة نجاعة في حدود 80%. نحن بصدد السعي الى تحصيل 3% أخرى على مستوى نجاعة

الشبكة.

والشركة فيما يتعلق بالصيانة هي بصدد تجديد بين 100 و150 كلم سنويا، كما انطلقت رسميا في العمل هذا العام على برنامج ضخم يهم 7 ولايات في الجنوب التونسي، وهو برنامج تحسين نجاعة الشبكة في الجنوب، ومن أولياتنا تجديد الشبكة خاصة منها تلك التي اهترأت، مع العلم ان سن الشبكة لا يعني اهتراءها، فهناك شبكات جديدة وتعاني من التسربات، كما لدينا شبكات يعود مدها الى سنوات الاستقلال ومازالت في حالة جيدة للغاية (شبكات المدينة العتيقة مثالا) ، إذن فوضعية الشبكة ليست بالسوداوية التي يتم نقلها او تناولها.

ماذا عن الاعتمادات التي خصصتها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لتجديد الشبكة وتحسين مستوى مردوديتها؟

بالنسبة للموارد المرصودة من قبل الشركة لتجديد الشبكة هي موارد متناسقة مع إمكانياتها ومداخيلها المادية، فعلى قدر كسائي أمد رجلي، فهي مرتبطة بالمصاريف العامة للشركة ومداخيلها والصيانة وإراداتها والتعريفة التي مازالت منخفضة مقارنة بالكلفة.. مازالت التعريف لا تغطي سوى 85% من الكلفة ولم نصل بعد الى معدل تغطية يسمح لنا بالقيام بمختلف تدخلاتنا بكل أريحية. واذكر في نفس الوقت ان تحسين المردودية لا يمثل حل لمشكلة التزود بالمياه هو جزء منها لكن يبقى الشح في الموارد ونقص التساقطات هو المشكل. وهو وضع عام في كل دول العالم..

*في إطار الحفاظ على الموارد المائية للبلاد وترشيد استهلاكها، هل سيقع الترفيع في أسعار الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه؟

الترفيع في أسعار مياه الشرب أمر غير مطروح اليوم، واهتمامنا منكب بالأساس على حسن التصرف في كميات المياه المتوفرة والتحكم فيها مع فترة الذروة التي بدأت هذا العام مبكرا نظرا لما تعرفه البلاد من ارتفاع في درجات الحرارة بلغ زيادة بـ10 درجات عن المعدلات العادية، لكن يمكن أن يتم الحديث فيه مستقبلا، فليس هناك سعر ثابت لأي من مدخلات الماء وخاصة منها الطاقة والمعدات المستوردة والى غير ذلك، وهناك تضخم كبير في أسعارها.

*هل ستكون هناك موارد مائية جديدة للشركة خلافا للتقليدية السطحية والجوفية منها؟

نحن في بلد بمناخ شبه قاري في الشمال الى قاري جاف في أقصى الجنوب تتراوح فيه التساقطات في السنوات الممطرة بين 1200 مليمتر و50 مليمترا في السنة وهي كميات قليلة للغاية، وأمام ما تمر به البلاد من فترات جفاف استنزفت الموارد المائية الجوفية وتملحت كما تقلصت الموارد السطحية، وضع جعل الشركة تتجه الى برمجة موارد جديدة وهي تحلية المياه.

انطلقت الشركة منذ عقود فيما يهم تحلية المياه الجوفية أين تم تركيز أولى المحطات في قرقنة سنة 1983 ثم محطة تحلية المياه الجوفية بقابس سنة 1995، ثم في جربة سنة 1996 وجرجيس سنة 2000، ثم تركيز 10 محطات صغرى لتحلية المياه الجوفية في الجنوب التونسي سنة 2018،

وفي نفس السنة دخلت أول محطة لتحلية مياه البحر في جزيرة جربة حيز الاستغلال، واليوم لدينا 3 محطات كبرى بصدد الإنجاز لتحلية المياه، محطة تحلية مياه في منطقة الزارات من ولاية قابس ومحطة ثانية في صفاقس وأخرى في ولاية سوسة. وبالتالي تم اعتماد مصادر للمياه غير التقليدية في مناطق لا يمكن فيها اعتماد حلول أخرى، مع العلم ان التحلية هي حل عندما تنتفي بقية الحلول باعتباره حلا مكلفا من ناحية الاستثمار والطاقة والبيئة..

والشركة لها برنامج فيما يهم محطات التحلية، يبقى مرتبط بضعية المناطق وانتفاء الحلول فيها بخصوص مياه الشرب والري على حد السواء، فكما نعلم لدينا 80% من الموارد مستعملة في الفلاحة و20% المتبقية موزعة على 13% استعمال منزلي و5% صناعي و2 % للقطاع السياحي. فبتالي نحن بصدد العمل على حسن استغلال والتصرف في 80% الموجهة للفلاحة ومنها يمكن توجيه جزء للاستغلال المنزلي.

اما في المناطق التي يتعذر فيها القيام بذلك وتعاني من نقص في الموارد سيتم التوجه نحو تحلية مياه البحر، ولدينا برنامج محطة تحلية في المهدية تمس كل ولايات الوسط وحتى ولاية صفاقس، كما لنا محطة ثانية في منطقة جرجيس و7 محطات صغيرة لتحلية المياه الجوفية 6 منها في الجنوب التونسي وتتنزل في اطار برنامج تحسين جودة المياه وسيصدر في شانها طلب العروض في الاسابيع القادمة ومحطة أخرى تهم جزيرة قرقنة طلب عروضها سيصدر قبل نهاية السنة. مع العلم ان برنامج الشركة يخضع للتغيير حسب الوضع المناخي للبلاد ومدى وفرة الموارد المائية من عدمه وندرة المياه والانحباس الحراري..

*وبالنسبة لمحطات تحلية مياه البحر التي مازالت أشغالها جارية ماهي مواعيد دخولها حيز الاستغلال ؟

لدينا اليوم 3 مشاريع كبرى في طور الإنجاز، محطة تحلية مياه البحر في منطقة الزارات من ولاية قابس بطاقة إنتاج نهائية في حدود 100 ألف متر مكعب في اليوم، ستحسن الوضع فيما يتعلق بالتزويد فيما يهم ولاية قابس وتطاوين ومدنين، كل الجنوب الشرقي، وتقدم الإنجاز فيها يبلغ 88% من المنتظر ان تدخل حيز الاستغلال مع نهاية السنة الجارية 2023، المحطة الثانية هي محطة تحلية مياه البحر بصفاقس بطاقة إنتاج بـ200 الف متر مكعب في اليوم، تقدم الإنجاز فيها يبلغ 35 % ولدينا أيضا محطة في تحلية مياه بحر في سوسة بطاقة انتاج نهاية تبلغ 50 الف متر مكعب في اليوم، وتقدم إنجازها في حدود 60% ، ومن المنتظر ان تنتهي الأشغال في محطتي سوسة وصفاقس نهاية 2024.

في إطار حسن التصرف في الموارد المائية، وجب التصدي للتصرف العشوائي للمياه ومنه الحفر غير المرخص فيه للآبار، ما هو الدور الذي سيكون للشركة للتصدي لهذه المعضلة التي تؤثر بصفة مباشرة على مردوديتها؟

بداية يهمني أن أوضح أن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه هي حريف لدى المنشآت المائية العائدة بالنظر الى وزارة الفلاحة، وتطلب رخصا مثلها مثل الفلاحين عند حفر آبارها، وتتأثر في حال تم حفر آبار غير مرخص فيها، فأي استغلال مفرط للمائدة المائية او استنزاف لها يؤثر على التزويد. ويمكن ان اقدم هنا مثالا ولاية الكاف شهدت خلال السنوات الأخيرة جفاف 12 بئرا عميقة بفعل الآبار والضخ العشوائي نفس الأمر في قبلي التي عرفت بسبب الاستغلال المفرط ارتفاعا في درجات ملوحة المياه.

والشركة ليس لها أي سلطة في إسناد الرخص أو الحفر العشوائي للآبار، بل تعود مهمة الرقابة حسب القانون ومجلة المياه لهياكل وزارة الفلاحة، وهي الإدارة العامة للموارد المائية والمندوبيات الجهوية للفلاحة والسلط الجهوية كلهم مسؤولون على التصدي لهذه الممارسات غير القانونية. ولابد اليوم من إيقاف النزيف عبر القضاء على الآبار العشوائية للمحافظة على المائدة المائية التي تصل فيها نسبة الاستغلال الى 200% ومهددة اليوم بالنضوب مثل المائدة المائية في المظيلة وام العرائس وقفصة الجنوبية والمتلوي.. وهذا الاستنزاف لا يشمل المياه الجوفية فقط بل أيضا يشمل المياه السطحية التي يتم استنزافها عبر ربط عشوائي بأودية وخاصة منها وادي مجردة الذي يتم فيه وضع مضخات دون ترخيص وخاصة في المنطقة الموجودة بين سد سيدي سالم وسد العروسية الى حدود تونس الكبرى بولاية تونس ومنوبة.. ونفس الأمر يقع على مستوى سد سجنان.

من الموانع التي تم تناولها في مقرر وزارة الفلاحة استعمالات ارتبطت بشبكة شركة استغلال وتوزيع المياه، والتي منها مثلا محطات غسيل السيارات، كيف سيتم متابعتها ومراقبتها؟

هناك محطات غسيل سيارات تستعمل آبار قليلة العمق ولا تعتمد شبكة الشركة، اما بالنسبة للبقية والتي في الغالب تكون صلب محطات لتزويد بالمحروقات فلابد ان تحاول التأقلم مع الوضع الاستثنائي الحالي وتتحكم في استهلاكها وتلتزم بالقانون. ونفس الأمر بالنسبة للاستعمال المنزلي.

وبالنسبة للرقابة تم التنصيص عليها في المقرر، هناك أعوان المحافظة على الملك العمومي للمياه وهم أعوان محلفون لديهم الضابطة العدلية يعودون بالنظر الى وزارة الفلاحة، موزعون على المندوبيات وادارات الملك العمومي للمياه. هذا بالإضافة الى أعوان الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الذين هم بدورهم محلفون ومكلفون بحماية الملك العمومي للمياه ومن سيكون من دورهم إعداد المحاضر ورفعها للقضاء حتى يتم اخذ القرارات اللازمة في شانها ودائما بالاستناد الى القانون عدد 116 لسنة 2001.