إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في حين يقود اليمين الإيطالي معركة فرض الشروط الأوروبية .. تونس لم تجد بعد "طريق الخلاص " في ملف الهجرة غير النظامية !

 

تونس – الصباح

اهتمام إيطالي بتونس وبالشأن الوطني غير مسبوق ولافت، تصريحات من أعلى مستوى وانشغال بكل ما يحدث على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فاق أحيانا اهتمام التونسيين بشؤونهم..، فمنذ أسابيع لم تتوقف رئيس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن الخوض في الشأن التونسي ومن منابر مختلفة، سواء إعلامية أو رسمية أو أوروبية، وهذا الاهتمام والانشغال الإيطالي الذي بدا غريبا وغير معتاد ولئن بدا انطلاقا من تصريحات ميلوني يتنزّل في اطار التصدّي لظاهرة الهجرة غير النظامية فان ذلك ليس الا السبب المعلن وأن هناك أسبابا أخرى لا يمكن تجاهلها أو عدم الاكتراث لها.

ومن التصريحات المثيرة لجورجيا ميلوني هو حديثها أمام مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل على ضرورة دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطيرة، كما عبّرت عن خشيتها من أن تؤدي صعوباتها إلى»إثارة موجة هجرة غير مسبوقة « نحو أوروبا، وفق تعبيرها..، وقبلها كانت ميلوني قد صرّحت أمام مجلس النواب الإيطالي بأن بلادها تعمل على فتح خط ائتمان صندوق النقد الدولي الخاص بتونس..، وهذا الحرص على الوضع الاقتصادي والمالي التونسي لم يسبق أن أبداه أي رئيس وزراء إيطالي قبل جورجيا ميلوني الذي شكّل وصولها الى منصبها صدمة في إيطاليا باعتبارها تنتمي إلى تيار اليمين المتطرّف الذي بدأ اجتياح كل أوروبا ولن يقتصر على إيطاليا فقط.

ويبدو أن ميلوني تضع ملف الهجرة غير النظامية ضمن أولوياتها وهي التي لها مواقف متشددة ومعروفة منها، كما وأن هذا الملف بات ضمن أولوية علاقة دول شمال المتوسط بدول الجنوب وأصبح ملفا يتطلب حلاّ جذريا ونهائيا وتضغط الدول الأوروبية مستغلة الهشاشة الاقتصادية لدول الجنوب ومنها تونس لفرض رؤيتها وشروطها رغم أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت، الخميس الماضي، حكما يدين الحكومة الإيطالية في قضية رفعها ضدها 4 مهاجرين تونسيين وصلوا إلى جزيرة لامبادوزا على متن مركب للهجرة السرية، وقامت السلطات الإيطالية باحتجازهم وترحيلهم بطريقة غير قانونية إلى تونس، ولكن مع ذلك تصرّ إيطاليا على فرض رؤيتها في علاقة بملف الهجرة.

السيطرة على السواحل..

نقلت صحيفة "القدس العربي" وذلك نقلا عن صحيفة »لاستامبا « الإيطالية أن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، أن هناك اليوم خطة للسيطرة على السواحل التونسية من خلال دوريات مشتركة بين البلدين لمنع تدفق المهاجرين إلى السواحل الإيطالية، فضلا عن تكثيف النشاط الاستخباراتي في ميناء مدينة صفاقس لمنع من سماهم»المنظمات الإجرامية« من بناء القوارب التي تنقل المهاجرين السريين والتعاون مع البلدان الأصلية للمهاجرين لإعادتهم إليها فبما بعد، وإعلان حالة الطوارئ في جزيرتي لامبادوز أو بانتيليريا لإنشاء مراكز إيواء جديدة وتسريع عمليات ترحيل المهاجرين.. بيانتيدوزي أكد أيضا أن الحكومة الإيطالية ملتزمة بإعادة إطلاق الحوار الاستراتيجي -على المستوى السياسي والعملي- مع السلطات التونسية وبمشاركة المفوضية الأوروبية لتعزيز الدوريات المشتركة على السواحل التونسية وعرقلة بناء السفن والقوارب التي يتم استخدامها في عمليات الهجرة. وأنه من الضروري أيضاً الاتفاق مع قوات حفتر لتعزيز الإجراءات الكفيلة بمنع تدفق المهاجرين..

ويوم الأربعاء الماضي جمعت مكالمة هاتفية بين وزير الداخلية كمال الفقي ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، وقد ذكر بلاغ لوزارة الداخلية أن الوزيرين عبّرا عن انشغالهما بتنامي أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية. وانهما اتفقا على دعم وتعزيز علاقات الشراكة والتعاون في مجال التصدي للهجرة غير النظامية والحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على كاهل البلدين، وذلك في إطار مقاربة شاملة لحل هذا الإشكال.

وقبلها كان وزير الداخلية الإيطالي قد أعلن أنه سيقوم بزيارة الى تونس خلال شهر أفريل الجاري وذلك في إطار جهود حكومة بلاده للحد من تدفقات المهاجرين. ومن المتوقع أن يكون الوزير الإيطالي مرفوقا في هذه الزيارة بوفد من المفوضية الأوروبية وقد يكون مرفوقا أيضا بوزيري الداخلية الفرنسي والألماني، كما أعلن عن ذلك في تصريحات للصحافة الإيطالية، مشيرا إلى أن الهدف من الزيارة هو التعاون مع تونس من أجل الحد من المغادرات والتأكد من تسهيل الإعادة مقابل تقديم مساعدات وفق ما استشف من تصريحاته.

نظرة أوروبية سلبية جدا..

تضغط دول الاتحاد الأوروبي اليوم أولها إيطاليا على تونس، مستغلة وضعها الاقتصادي السيء لتمرير وفرض قرارات وإجراءات على علاقة بالمهاجرين، فهي لم تعد تكتف بجعل تونس شرطي سواحل بل تتجاوز ذلك الى محاولة فرض توطين مهاجري جنوب الصحراء مقابل بعض المساعدات في مأزق اقتصادي كبير تعيشه بلادنا..، وبدا واضحا اليوم أن هذه المعركة تقودها اليوم مدفوعة بأفكارها اليمينية رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بالتلويح ببعض المساعدات مقابل القبول بشروط دول شمال المتوسط على تونس .

ميلوني الذي فاز حزبها »إخوان إيطاليا «(Fratelli d’Italia) فاز بالانتخابات الأخيرة بفضل مواقفها المتشدّدة من عدة قضايا وأولها قضية الهجرة غير النظامية وحتى النظامية وهي المعروفة بعدائها للمهاجرين ككل الحركات اليمينية في أوروبا تحاول اليوم تنفيذ سياسات اليمين المتطرف في إيطاليا في علاقة بهذا الملف وذلك برفع شعار التخويف من موجة هجرة غير مسبوقة بسبب الوضع في تونس والذي تصوّره كوضع كارثي وفي قمة الانهيار.

وأمام وضعها الاقتصادي الصعب، تضيق فرص المناورة بالنسبة لتونس والتي حاولت تفادي الأسوأ ورفض التوطين بترحيل أفارقة جنوب الصحراء ولكن هذا القرار ولأنه لم يدرس سياسيا بشكل كاف ولم تدرس تبعاته، حقق نتائج عكسية وأبرز تونس في موقع الدولة العنصرية، وأمام الضغط المتزايد من دول أوروبا ووضع الأفارقة على التراب التونسي ورغبة الشباب التونسي المتواصلة في الحرقة، تجد تونس نفسها محاصرة بضغوطات رهيبة تتطلّب الكثير من الرصانة في التعاطي معها وكل قرار متسرّع ستكون له نتائج كارثية في المستقبل.

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

في حين يقود اليمين الإيطالي معركة فرض الشروط الأوروبية .. تونس لم تجد بعد "طريق الخلاص " في ملف الهجرة غير النظامية !

 

تونس – الصباح

اهتمام إيطالي بتونس وبالشأن الوطني غير مسبوق ولافت، تصريحات من أعلى مستوى وانشغال بكل ما يحدث على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فاق أحيانا اهتمام التونسيين بشؤونهم..، فمنذ أسابيع لم تتوقف رئيس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن الخوض في الشأن التونسي ومن منابر مختلفة، سواء إعلامية أو رسمية أو أوروبية، وهذا الاهتمام والانشغال الإيطالي الذي بدا غريبا وغير معتاد ولئن بدا انطلاقا من تصريحات ميلوني يتنزّل في اطار التصدّي لظاهرة الهجرة غير النظامية فان ذلك ليس الا السبب المعلن وأن هناك أسبابا أخرى لا يمكن تجاهلها أو عدم الاكتراث لها.

ومن التصريحات المثيرة لجورجيا ميلوني هو حديثها أمام مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل على ضرورة دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطيرة، كما عبّرت عن خشيتها من أن تؤدي صعوباتها إلى»إثارة موجة هجرة غير مسبوقة « نحو أوروبا، وفق تعبيرها..، وقبلها كانت ميلوني قد صرّحت أمام مجلس النواب الإيطالي بأن بلادها تعمل على فتح خط ائتمان صندوق النقد الدولي الخاص بتونس..، وهذا الحرص على الوضع الاقتصادي والمالي التونسي لم يسبق أن أبداه أي رئيس وزراء إيطالي قبل جورجيا ميلوني الذي شكّل وصولها الى منصبها صدمة في إيطاليا باعتبارها تنتمي إلى تيار اليمين المتطرّف الذي بدأ اجتياح كل أوروبا ولن يقتصر على إيطاليا فقط.

ويبدو أن ميلوني تضع ملف الهجرة غير النظامية ضمن أولوياتها وهي التي لها مواقف متشددة ومعروفة منها، كما وأن هذا الملف بات ضمن أولوية علاقة دول شمال المتوسط بدول الجنوب وأصبح ملفا يتطلب حلاّ جذريا ونهائيا وتضغط الدول الأوروبية مستغلة الهشاشة الاقتصادية لدول الجنوب ومنها تونس لفرض رؤيتها وشروطها رغم أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت، الخميس الماضي، حكما يدين الحكومة الإيطالية في قضية رفعها ضدها 4 مهاجرين تونسيين وصلوا إلى جزيرة لامبادوزا على متن مركب للهجرة السرية، وقامت السلطات الإيطالية باحتجازهم وترحيلهم بطريقة غير قانونية إلى تونس، ولكن مع ذلك تصرّ إيطاليا على فرض رؤيتها في علاقة بملف الهجرة.

السيطرة على السواحل..

نقلت صحيفة "القدس العربي" وذلك نقلا عن صحيفة »لاستامبا « الإيطالية أن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، أن هناك اليوم خطة للسيطرة على السواحل التونسية من خلال دوريات مشتركة بين البلدين لمنع تدفق المهاجرين إلى السواحل الإيطالية، فضلا عن تكثيف النشاط الاستخباراتي في ميناء مدينة صفاقس لمنع من سماهم»المنظمات الإجرامية« من بناء القوارب التي تنقل المهاجرين السريين والتعاون مع البلدان الأصلية للمهاجرين لإعادتهم إليها فبما بعد، وإعلان حالة الطوارئ في جزيرتي لامبادوز أو بانتيليريا لإنشاء مراكز إيواء جديدة وتسريع عمليات ترحيل المهاجرين.. بيانتيدوزي أكد أيضا أن الحكومة الإيطالية ملتزمة بإعادة إطلاق الحوار الاستراتيجي -على المستوى السياسي والعملي- مع السلطات التونسية وبمشاركة المفوضية الأوروبية لتعزيز الدوريات المشتركة على السواحل التونسية وعرقلة بناء السفن والقوارب التي يتم استخدامها في عمليات الهجرة. وأنه من الضروري أيضاً الاتفاق مع قوات حفتر لتعزيز الإجراءات الكفيلة بمنع تدفق المهاجرين..

ويوم الأربعاء الماضي جمعت مكالمة هاتفية بين وزير الداخلية كمال الفقي ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، وقد ذكر بلاغ لوزارة الداخلية أن الوزيرين عبّرا عن انشغالهما بتنامي أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية. وانهما اتفقا على دعم وتعزيز علاقات الشراكة والتعاون في مجال التصدي للهجرة غير النظامية والحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على كاهل البلدين، وذلك في إطار مقاربة شاملة لحل هذا الإشكال.

وقبلها كان وزير الداخلية الإيطالي قد أعلن أنه سيقوم بزيارة الى تونس خلال شهر أفريل الجاري وذلك في إطار جهود حكومة بلاده للحد من تدفقات المهاجرين. ومن المتوقع أن يكون الوزير الإيطالي مرفوقا في هذه الزيارة بوفد من المفوضية الأوروبية وقد يكون مرفوقا أيضا بوزيري الداخلية الفرنسي والألماني، كما أعلن عن ذلك في تصريحات للصحافة الإيطالية، مشيرا إلى أن الهدف من الزيارة هو التعاون مع تونس من أجل الحد من المغادرات والتأكد من تسهيل الإعادة مقابل تقديم مساعدات وفق ما استشف من تصريحاته.

نظرة أوروبية سلبية جدا..

تضغط دول الاتحاد الأوروبي اليوم أولها إيطاليا على تونس، مستغلة وضعها الاقتصادي السيء لتمرير وفرض قرارات وإجراءات على علاقة بالمهاجرين، فهي لم تعد تكتف بجعل تونس شرطي سواحل بل تتجاوز ذلك الى محاولة فرض توطين مهاجري جنوب الصحراء مقابل بعض المساعدات في مأزق اقتصادي كبير تعيشه بلادنا..، وبدا واضحا اليوم أن هذه المعركة تقودها اليوم مدفوعة بأفكارها اليمينية رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بالتلويح ببعض المساعدات مقابل القبول بشروط دول شمال المتوسط على تونس .

ميلوني الذي فاز حزبها »إخوان إيطاليا «(Fratelli d’Italia) فاز بالانتخابات الأخيرة بفضل مواقفها المتشدّدة من عدة قضايا وأولها قضية الهجرة غير النظامية وحتى النظامية وهي المعروفة بعدائها للمهاجرين ككل الحركات اليمينية في أوروبا تحاول اليوم تنفيذ سياسات اليمين المتطرف في إيطاليا في علاقة بهذا الملف وذلك برفع شعار التخويف من موجة هجرة غير مسبوقة بسبب الوضع في تونس والذي تصوّره كوضع كارثي وفي قمة الانهيار.

وأمام وضعها الاقتصادي الصعب، تضيق فرص المناورة بالنسبة لتونس والتي حاولت تفادي الأسوأ ورفض التوطين بترحيل أفارقة جنوب الصحراء ولكن هذا القرار ولأنه لم يدرس سياسيا بشكل كاف ولم تدرس تبعاته، حقق نتائج عكسية وأبرز تونس في موقع الدولة العنصرية، وأمام الضغط المتزايد من دول أوروبا ووضع الأفارقة على التراب التونسي ورغبة الشباب التونسي المتواصلة في الحرقة، تجد تونس نفسها محاصرة بضغوطات رهيبة تتطلّب الكثير من الرصانة في التعاطي معها وكل قرار متسرّع ستكون له نتائج كارثية في المستقبل.

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews