إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الاعتقالات.. التحقيق.. المنع من السفر ..إجراءات "احترازية"أم قمع للحريات ؟؟

 

 

 

مواقع التواصل الاجتماعي وبعض  الفضاءات الإعلامية تحولت إلى محاكم تستعرض فيها وثائق التحقيقات

تونس-الصباح

مازالت قائمة المتهمين بالتآمر على امن الدولة في اتساع حيث لا أحد قادر على حصر عدد المدانين في هذا الموضوع في ظل غياب معلومات دقيقة رفعت بدورها من سقف الإشاعات وفتحت الباب أمام المقاولين السياسيين للتمعش من هكذا وضع سواء بنقد السلطة أو انتقاد معارضيها.

ونشطت  بورصة الإشاعة التي عوضت الناطق الرسمي باسم المحكمة لتحديد طبيعة القضايا المحال لأجلها الموقوفين ومدى صحة ما تنقله هيئات الدفاع عن السجناء من خلو الملفات المطروحة أمام قضاة التحقيق.

بيد أن غياب المسؤولين قد أعطى الضوء الأخضر لتحويل المشهد القضائي والأمني إلى مشهد جدلي وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض  الفضاءات الإعلامية إلى محاكم تستعرض فيها وثائق التحقيقات بعد أن تسربت إلى العموم.

ومع تسرب هذه الوثائق القضائية وتجولها طولا وعرضا في الأركان الأربع للعالم تمسكت المعارضة بأن اغلب وثائق الإدانة لم تتضمن سوى محادثات وصفت بـ "الخطيرة" على مختلف التطبيقات  بين عدد من  المحالين على القضاء وهو ما دفع  بالمحامين لوصف القضية بالفارغة والكيدية في حق المعارضة التونسية الرافضة لمسارات 25جويلية وما تلاها من قرارات.

في المقابل تصر احزاب الموالاة على ان القضاء ازاء قضية حقيقة توفرت على اركانها المكتملة وان ما تزعمه المعارضة من قرائن وحجج ما هي الا طريقة للتفصي من القضاء ومحاولة سياسية للتأثير على مسار القضية .

ولم تكن قضية التآمر وحدها عنوان الجدل السياسي والقضائي حيث عادت قرارات المنع من السفر لتنشط من جديد بعد قرار يقضي بمنع 14محاميا من السفر وتناقلت مختلف وسائل الإعلام  أن قرار تجميد السفر شمل الـ14 محاميًا المعنيون بالقضية التي رفعها ضدهم مركز الحرس الوطني بمنزل جميل من ولاية بنزرت.

وعبّر محامون ونشطاء سياسيون عن تضامنهم مع المحامين إيناس حراث وعبد الرؤوف أبّا وأنور أولاد علي قبل إحالتهم على قاضي التحقيق، ليتم الإعلان فيما بعد عن تأجيل الاستنطاق.

وقالت الاستاذة ايناس حراث، في تدوينة لها على فيسبوك، إن "حاكم التحقيق حجر علي السفر علمًا وأنني سبق أن أعلنت أني لا أفكر إطلاقًا في مغادرة تراب الجمهورية.."، وفق تعبيرها.

كما ذكرت أن حاكم التحقيق "عيّن موعدًا جديدًا للاستنطاق في أفريل علمًا وأن دائرة الاتهام لم تبتّ بعد في الطعن المتعلق بتعهده، إذ ربما يتقرر أن لا ينظر أصلًا في الملف في نهاية الأمر"، على حد قولها.

ولم يكن قرار المنع من السفر بالخبر الطارئ على ساحة الاحداث السياسية حيث سبق ان فرضت الإقامات الجبرية على عدد من السياسيين والموظفين السامين بالدولة ورجال أعمال بعيد اعلان الرئيس قيس سعيد عن انطلاق إجراءاته الاستثنائية في صيف2021، وبعد فتح عديد الملفات واغلبها متعلقة باتهامات بالفساد.

وامام هذا الوضع وفيما يصف انصار الرئيس والاحزاب المحيطة بقصر قرطاج ان هكذا اجراءات ما هي الا مداخل لاعادة الدولة الى سكتها الصحيحة وفرض علوية القانون وفرصة حتى تستعيد تونس عافيتها ومحاسبة كل من أخطا في حق الدولة...، فان آخرين لا يرون في هذه الإجراءات الا اجراء سياسيا لا علاقة له بالقضاء وان ما يحصل ما هو الا فرصة للسلطة لتقوية نفوذها وتركيز حكمها اكثر من خلال ضرب المخالفين لها وتكميم الافواه السياسية والنقابية بما حول حسب تعبيرهم ووصفهم تونس إلى "سجن كبير".

وزادت المخاوف اكثر مع النشاط المطرد للوشاة حيث كانت آخر ضحايهم الناشطة النسوية الأستاذة بشرى بلحاج حميدة حيث  كشفت عضوة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات  فاطمة المعتمري أول أمس الثلاثاء على هامش وقفة تضامنية لبن حميدة أمام مقر نقابة الصحفيين "انه تم الزج بالناشطة الحقوقية والسياسية بشرى بلحاج حميدة في ما يعرف بقضية التآمر على امن الدولة بموجب وشاية وصفتها بالكيدية مؤكدة أن الواشي كان ناشطا بحزب نداء تونس وانه أصبح نائبا بالبرلمان الجديد."

وأضافت "الواشي اتهم بشرى بأنها تنسق مع فرنسا وحركة النهضة وتتآمر على امن الدولة وان كل ذلك كان يحصل بسفارة تونس في بلجيكا وتعلمون أن وزير الخارجية الحالي كان سفيرا بنفس السفارة وأظن انه لا وجود لمثل هذا العبث."

ويحصل كل هذا مع إقرار السلطة للمرسوم 54 الذي جاء ليعوض المرسوم 115 وهو ما دفع بمنظمات المجتمع المدني للتحرك رفضا لهذا القانون الخطير ودعوة رئاسة الجمهورية لسحبه سيما وانه لا يخدم حرية التعبير والرأي ويحد منها وهو ما رفّع  في عدد المحالين على الـ 54 والذي شمل مدونين وناشطين سياسيين ونقابيين وصحفيين آخرهم الزميلة من جريدة "الصباح" منية العرفاوي بعد إحالتها بسبب تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي وشكوى ضدها من قبل وزير الشؤون الدينية.

ويتواصل كل هذا الجدل مع ارتفاع كبير لمؤشر الخطر الاقتصادي وفق الأرقام والإحصائيات الصادرة من هنا وهناك..، خطر دفع بتونس إلى مربع الارتباك لا بسبب مؤشرات الفقر والبطالة وغياب الاستثمار بل أيضا بسبب صافرات الإنذار التي أطلقتها الجهات المانحة وحكومتي ايطاليا وفرنسا.

خليل الحناشي 

الاعتقالات.. التحقيق.. المنع من السفر ..إجراءات "احترازية"أم قمع للحريات ؟؟

 

 

 

مواقع التواصل الاجتماعي وبعض  الفضاءات الإعلامية تحولت إلى محاكم تستعرض فيها وثائق التحقيقات

تونس-الصباح

مازالت قائمة المتهمين بالتآمر على امن الدولة في اتساع حيث لا أحد قادر على حصر عدد المدانين في هذا الموضوع في ظل غياب معلومات دقيقة رفعت بدورها من سقف الإشاعات وفتحت الباب أمام المقاولين السياسيين للتمعش من هكذا وضع سواء بنقد السلطة أو انتقاد معارضيها.

ونشطت  بورصة الإشاعة التي عوضت الناطق الرسمي باسم المحكمة لتحديد طبيعة القضايا المحال لأجلها الموقوفين ومدى صحة ما تنقله هيئات الدفاع عن السجناء من خلو الملفات المطروحة أمام قضاة التحقيق.

بيد أن غياب المسؤولين قد أعطى الضوء الأخضر لتحويل المشهد القضائي والأمني إلى مشهد جدلي وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض  الفضاءات الإعلامية إلى محاكم تستعرض فيها وثائق التحقيقات بعد أن تسربت إلى العموم.

ومع تسرب هذه الوثائق القضائية وتجولها طولا وعرضا في الأركان الأربع للعالم تمسكت المعارضة بأن اغلب وثائق الإدانة لم تتضمن سوى محادثات وصفت بـ "الخطيرة" على مختلف التطبيقات  بين عدد من  المحالين على القضاء وهو ما دفع  بالمحامين لوصف القضية بالفارغة والكيدية في حق المعارضة التونسية الرافضة لمسارات 25جويلية وما تلاها من قرارات.

في المقابل تصر احزاب الموالاة على ان القضاء ازاء قضية حقيقة توفرت على اركانها المكتملة وان ما تزعمه المعارضة من قرائن وحجج ما هي الا طريقة للتفصي من القضاء ومحاولة سياسية للتأثير على مسار القضية .

ولم تكن قضية التآمر وحدها عنوان الجدل السياسي والقضائي حيث عادت قرارات المنع من السفر لتنشط من جديد بعد قرار يقضي بمنع 14محاميا من السفر وتناقلت مختلف وسائل الإعلام  أن قرار تجميد السفر شمل الـ14 محاميًا المعنيون بالقضية التي رفعها ضدهم مركز الحرس الوطني بمنزل جميل من ولاية بنزرت.

وعبّر محامون ونشطاء سياسيون عن تضامنهم مع المحامين إيناس حراث وعبد الرؤوف أبّا وأنور أولاد علي قبل إحالتهم على قاضي التحقيق، ليتم الإعلان فيما بعد عن تأجيل الاستنطاق.

وقالت الاستاذة ايناس حراث، في تدوينة لها على فيسبوك، إن "حاكم التحقيق حجر علي السفر علمًا وأنني سبق أن أعلنت أني لا أفكر إطلاقًا في مغادرة تراب الجمهورية.."، وفق تعبيرها.

كما ذكرت أن حاكم التحقيق "عيّن موعدًا جديدًا للاستنطاق في أفريل علمًا وأن دائرة الاتهام لم تبتّ بعد في الطعن المتعلق بتعهده، إذ ربما يتقرر أن لا ينظر أصلًا في الملف في نهاية الأمر"، على حد قولها.

ولم يكن قرار المنع من السفر بالخبر الطارئ على ساحة الاحداث السياسية حيث سبق ان فرضت الإقامات الجبرية على عدد من السياسيين والموظفين السامين بالدولة ورجال أعمال بعيد اعلان الرئيس قيس سعيد عن انطلاق إجراءاته الاستثنائية في صيف2021، وبعد فتح عديد الملفات واغلبها متعلقة باتهامات بالفساد.

وامام هذا الوضع وفيما يصف انصار الرئيس والاحزاب المحيطة بقصر قرطاج ان هكذا اجراءات ما هي الا مداخل لاعادة الدولة الى سكتها الصحيحة وفرض علوية القانون وفرصة حتى تستعيد تونس عافيتها ومحاسبة كل من أخطا في حق الدولة...، فان آخرين لا يرون في هذه الإجراءات الا اجراء سياسيا لا علاقة له بالقضاء وان ما يحصل ما هو الا فرصة للسلطة لتقوية نفوذها وتركيز حكمها اكثر من خلال ضرب المخالفين لها وتكميم الافواه السياسية والنقابية بما حول حسب تعبيرهم ووصفهم تونس إلى "سجن كبير".

وزادت المخاوف اكثر مع النشاط المطرد للوشاة حيث كانت آخر ضحايهم الناشطة النسوية الأستاذة بشرى بلحاج حميدة حيث  كشفت عضوة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات  فاطمة المعتمري أول أمس الثلاثاء على هامش وقفة تضامنية لبن حميدة أمام مقر نقابة الصحفيين "انه تم الزج بالناشطة الحقوقية والسياسية بشرى بلحاج حميدة في ما يعرف بقضية التآمر على امن الدولة بموجب وشاية وصفتها بالكيدية مؤكدة أن الواشي كان ناشطا بحزب نداء تونس وانه أصبح نائبا بالبرلمان الجديد."

وأضافت "الواشي اتهم بشرى بأنها تنسق مع فرنسا وحركة النهضة وتتآمر على امن الدولة وان كل ذلك كان يحصل بسفارة تونس في بلجيكا وتعلمون أن وزير الخارجية الحالي كان سفيرا بنفس السفارة وأظن انه لا وجود لمثل هذا العبث."

ويحصل كل هذا مع إقرار السلطة للمرسوم 54 الذي جاء ليعوض المرسوم 115 وهو ما دفع بمنظمات المجتمع المدني للتحرك رفضا لهذا القانون الخطير ودعوة رئاسة الجمهورية لسحبه سيما وانه لا يخدم حرية التعبير والرأي ويحد منها وهو ما رفّع  في عدد المحالين على الـ 54 والذي شمل مدونين وناشطين سياسيين ونقابيين وصحفيين آخرهم الزميلة من جريدة "الصباح" منية العرفاوي بعد إحالتها بسبب تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي وشكوى ضدها من قبل وزير الشؤون الدينية.

ويتواصل كل هذا الجدل مع ارتفاع كبير لمؤشر الخطر الاقتصادي وفق الأرقام والإحصائيات الصادرة من هنا وهناك..، خطر دفع بتونس إلى مربع الارتباك لا بسبب مؤشرات الفقر والبطالة وغياب الاستثمار بل أيضا بسبب صافرات الإنذار التي أطلقتها الجهات المانحة وحكومتي ايطاليا وفرنسا.

خليل الحناشي 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews