إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التخوفات الأوروبية من تدفق الهجرة.. هل تكون ورقة ضغط لدعم تونس ماليا.. والكف عن إحراج سعيد سياسيا؟

 

 

التصريحات الايطالية شكلت دافعا قويا للسلطات التونسية في علاقتها باحتمالية فتح آفاق جديدة مع الجهات المالية المانحة

تونس-الصباح

لم يعد الشعور بـ"القلق" تجاه الملف التونسي مرتبطا بما هو حقوقي وسياسي فقط بل أضحى قلقا اقتصاديا في ظل أزمة اجتماعية ومالية ستلقي بظلالها ضرورة على واقع الهجرة في اتجاه السواحل الايطالية ومنها الى بقية دول أوروبا.

ونشطت خلال الأيام الأخيرة الديبلوماسية الإيطالية كدعامة لبلادنا أمام صندوق النقد الدولي حتى يكون لينا في معاملته مع تونس في علاقته بالمسالة المالية، وتحركت الخارجية ورئيسة الحكومة الايطاليين وتدخلا على خط الأزمة عبر البحث عن خطة لتجنب الانهيار الشامل وفتح خط ائتمان صندوق النقد الدولي الخاص بتونس.

ونقلت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني صرّحت أول أمس الأربعاء في إحاطة أمام مجلس النواب الإيطالي قبيل انعقاد المجلس الأوروبي" أن بلادها تعمل على فتح خط ائتمان صندوق النقد الدولي الخاص بتونس التي تعيش وضعا ماليا معقدا للغاية وإذا لم يتوقف، فإننا نخاطر بتدفق هجرة لا يمكن لأحد أن يوقفه".

وفي واقع الأمر لم يتوقف المسعى الايطالي عند هذا الحد حيث تطور حشدها لاقتصاد التونسي ليشمل مطالبة دعم عدة دول أخرى وهو ما كشفت عنه الصحفية القريبة من اليمين الايطالي الصادرة بمدينة ميلانو "آل فوڤوليو".

ونشرت الصحيفة مقالا لها أول أمس الأربعاء أكدت فيه أن رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني طلبت من دول أخرى إعانة تونس لمجابهة أزمتها الاقتصادية.

كما طالبت السفارة الإيطالية في واشنطن والمسؤولين الإيطاليين في صندوق النقد الدولي بإقناع إدارة الصندوق بمنح قرض بقيمة ملياري دولار لتونس بهدف المساهمة في إنقاذ الاقتصاد التونسي ووقف الهجرة السرية المتزايدة من السواحل التونسية نحو إيطاليا."

ولم تكن رئيسة الحكومة بمعزل عن موقف خارجية بلادها التي  تتحرك في كل الاتجاهات لضمان استقرارها الذي يمر باستقرار تونس إذ تواترت منذ بداية هذا الأسبوع التصريحات المتتالية لأعضاء الحكومة الايطالية وأساسا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الاثنين الماضي اذ اكد على اهتمام سلطات بلاده بالوضع الاقتصادي المتردي في تونس، وقال: "نحن على اتصال دائم بالحكومة التونسية، كما أنني على اتصال يومي بوزير الخارجية نبيل عمار".

وشدّد على أن مساعدة تونس تعني "مزيداً من الاستقرار"، مشيراً إلى أن "إيطاليا تقوم بدورها وعلى أوروبا أن تقوم بدورها أيضاً"، واعتبر أنه "من الضروري توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق تمويل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد"، واصفاً ذلك بـ"العنصر الأساسي".

وأكد تاياني أن "الأمر ليس سهلاً دائماً، ولكن من المصلحة العامة أن يكون هناك استقرار في بلد أساسي في شمال أفريقيا، الدولة الأفريقية الأقرب (جغرافياً) إلى إيطاليا."

وشكلت التصريحات الايطالية دافعا قويا للسلطات التونسية في علاقتها باحتمالية فتح آفاق جديدة مع الجهات المالية المانحة بعد المنحى التصاعدي للبنك الدولي واتخاذه لقرار تعليق تعاونه مع تونس بداية شهر مارس الجاري بسبب ملف المهاجرين والأقليات بتونس اثر التصريحات التي وصفت بالعنصرية تجاه أفارقة جنوب الصحراء المقيمين في بلادنا.

وباركت وزارة الخارجية التونسية التصريحات الايطالية وعبّرت عن ترحيبها بالدعم المالي الذي قدمته إيطاليا، وأكدت انفتاحها على شراكة "مسؤولة ومحترمة ومتساوية، نداً للند، مع جميع شركائها" وفق بلاغ لها.

بيد ان الترحيب التونسي بالموقف الايطالي تجاه الأزمة الاقتصادية الداخلية رافقه رفض للتدخل الأجنبي بشان تصريحات جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الذي تحدث عن مخاوف من "انهيار" الوضع في تونس.

ولم تكن التحذيرات الايطالية والأوروبية وحدها المعبرة عن مخاوف الانهيار، إذ في تحديث للمواقف الخارجية تجاه البلاد أعرب وزير الخارجية الأمريكي بلينكن عن قلقه إزاء الأوضاع الاقتصادية بتونس.

وحذّر وزير الخارجية الأمريكي في رده على سؤال حول تونس خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي" من أن تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي ونحن نشجّعهم بشدّة على القيام بذلك لأن الاقتصاد قد يتجه إلى المجهول".

ويظهر من خلال ما تقدم أن واقع التخوفات مرتبط أساسا بتدفقات الهجرة السرية وان تونس بالنسبة للحكومة الايطالية وأوربا ماهي إلا بوابة لمنع المهاجرين بعد ان بدا يتضح دور بلادنا التي تلعب دور امني المتوسط لحماية سواحل القارة العجوز.

فهل يكون ملف الهجرة السرية ورقة ضغط لدعم تونس ماليا والكف عن إحراج السلطات سياسيا؟

خليل الحناشي

التخوفات الأوروبية من تدفق الهجرة..  هل تكون ورقة ضغط لدعم تونس ماليا.. والكف عن إحراج سعيد سياسيا؟

 

 

التصريحات الايطالية شكلت دافعا قويا للسلطات التونسية في علاقتها باحتمالية فتح آفاق جديدة مع الجهات المالية المانحة

تونس-الصباح

لم يعد الشعور بـ"القلق" تجاه الملف التونسي مرتبطا بما هو حقوقي وسياسي فقط بل أضحى قلقا اقتصاديا في ظل أزمة اجتماعية ومالية ستلقي بظلالها ضرورة على واقع الهجرة في اتجاه السواحل الايطالية ومنها الى بقية دول أوروبا.

ونشطت خلال الأيام الأخيرة الديبلوماسية الإيطالية كدعامة لبلادنا أمام صندوق النقد الدولي حتى يكون لينا في معاملته مع تونس في علاقته بالمسالة المالية، وتحركت الخارجية ورئيسة الحكومة الايطاليين وتدخلا على خط الأزمة عبر البحث عن خطة لتجنب الانهيار الشامل وفتح خط ائتمان صندوق النقد الدولي الخاص بتونس.

ونقلت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني صرّحت أول أمس الأربعاء في إحاطة أمام مجلس النواب الإيطالي قبيل انعقاد المجلس الأوروبي" أن بلادها تعمل على فتح خط ائتمان صندوق النقد الدولي الخاص بتونس التي تعيش وضعا ماليا معقدا للغاية وإذا لم يتوقف، فإننا نخاطر بتدفق هجرة لا يمكن لأحد أن يوقفه".

وفي واقع الأمر لم يتوقف المسعى الايطالي عند هذا الحد حيث تطور حشدها لاقتصاد التونسي ليشمل مطالبة دعم عدة دول أخرى وهو ما كشفت عنه الصحفية القريبة من اليمين الايطالي الصادرة بمدينة ميلانو "آل فوڤوليو".

ونشرت الصحيفة مقالا لها أول أمس الأربعاء أكدت فيه أن رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني طلبت من دول أخرى إعانة تونس لمجابهة أزمتها الاقتصادية.

كما طالبت السفارة الإيطالية في واشنطن والمسؤولين الإيطاليين في صندوق النقد الدولي بإقناع إدارة الصندوق بمنح قرض بقيمة ملياري دولار لتونس بهدف المساهمة في إنقاذ الاقتصاد التونسي ووقف الهجرة السرية المتزايدة من السواحل التونسية نحو إيطاليا."

ولم تكن رئيسة الحكومة بمعزل عن موقف خارجية بلادها التي  تتحرك في كل الاتجاهات لضمان استقرارها الذي يمر باستقرار تونس إذ تواترت منذ بداية هذا الأسبوع التصريحات المتتالية لأعضاء الحكومة الايطالية وأساسا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الاثنين الماضي اذ اكد على اهتمام سلطات بلاده بالوضع الاقتصادي المتردي في تونس، وقال: "نحن على اتصال دائم بالحكومة التونسية، كما أنني على اتصال يومي بوزير الخارجية نبيل عمار".

وشدّد على أن مساعدة تونس تعني "مزيداً من الاستقرار"، مشيراً إلى أن "إيطاليا تقوم بدورها وعلى أوروبا أن تقوم بدورها أيضاً"، واعتبر أنه "من الضروري توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق تمويل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد"، واصفاً ذلك بـ"العنصر الأساسي".

وأكد تاياني أن "الأمر ليس سهلاً دائماً، ولكن من المصلحة العامة أن يكون هناك استقرار في بلد أساسي في شمال أفريقيا، الدولة الأفريقية الأقرب (جغرافياً) إلى إيطاليا."

وشكلت التصريحات الايطالية دافعا قويا للسلطات التونسية في علاقتها باحتمالية فتح آفاق جديدة مع الجهات المالية المانحة بعد المنحى التصاعدي للبنك الدولي واتخاذه لقرار تعليق تعاونه مع تونس بداية شهر مارس الجاري بسبب ملف المهاجرين والأقليات بتونس اثر التصريحات التي وصفت بالعنصرية تجاه أفارقة جنوب الصحراء المقيمين في بلادنا.

وباركت وزارة الخارجية التونسية التصريحات الايطالية وعبّرت عن ترحيبها بالدعم المالي الذي قدمته إيطاليا، وأكدت انفتاحها على شراكة "مسؤولة ومحترمة ومتساوية، نداً للند، مع جميع شركائها" وفق بلاغ لها.

بيد ان الترحيب التونسي بالموقف الايطالي تجاه الأزمة الاقتصادية الداخلية رافقه رفض للتدخل الأجنبي بشان تصريحات جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الذي تحدث عن مخاوف من "انهيار" الوضع في تونس.

ولم تكن التحذيرات الايطالية والأوروبية وحدها المعبرة عن مخاوف الانهيار، إذ في تحديث للمواقف الخارجية تجاه البلاد أعرب وزير الخارجية الأمريكي بلينكن عن قلقه إزاء الأوضاع الاقتصادية بتونس.

وحذّر وزير الخارجية الأمريكي في رده على سؤال حول تونس خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي" من أن تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي ونحن نشجّعهم بشدّة على القيام بذلك لأن الاقتصاد قد يتجه إلى المجهول".

ويظهر من خلال ما تقدم أن واقع التخوفات مرتبط أساسا بتدفقات الهجرة السرية وان تونس بالنسبة للحكومة الايطالية وأوربا ماهي إلا بوابة لمنع المهاجرين بعد ان بدا يتضح دور بلادنا التي تلعب دور امني المتوسط لحماية سواحل القارة العجوز.

فهل يكون ملف الهجرة السرية ورقة ضغط لدعم تونس ماليا والكف عن إحراج السلطات سياسيا؟

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews