برامج الفتاوى في رمضان في القنوات التلفزيونية الفضائية هي أكثر البرامج منافسة للمسلسلات ولحصص الطبخ وحتى تلك التي تهتم بصحة الصائم.
شهر رمضان هو بامتياز موسم خير ومال وفير للقنوات التلفزيونية.
كلما زادت الأسئلة في برامج الفتاوى وأمعنت في اللاّمعقول والغرابة والطرافة أو ما يسميه البعض بالسذاجة كلما حققت نسب مشاهدة أعلى، وحظيت بمشاهدات أكبر بعد تحميلها على صفحات السوشيال ميديا .
اهتممنا بتوظيف الدين في السياسة أو لخدمة أجندات سياسية ولم نول النظر الى ما هو أخطر ما يسمّى بالتجارة الإيمانية التي نراها تزدهر هذه الفترة تحديدا .
إن الأطروحة القوية التي وضعها "دوركهايم" في استنتاجات كتابه الخطير حول الصلة بين الدين والاقتصاد، كانت قادرة على الظهور على مدى قرن من الزمان. أخيرًا، يجب فحص المعارضة التي أسسها دوركهايم بين التماسك الاجتماعي، الذي يعتبر الدين مثاله المركزي، والتنافر المرتبط بالنشاط الاقتصادي، وما إذا كانت هذه المعارضة لا تزال مقبولة في زمننا الراهن.
إن العديد من الأديان مهتمة بكسب المال أكثر من إعطاء الناس التوجيه الإيماني والروحي؟ يقوم من ينتسبون إليها بتسويق السلع والخدمات التي يعلنون عنها.
في الصين مثلا، اثنان من الجبال البوذية المقدسة الأربعة مسجلان كشركتين مدرجتين في البورصة، وفي معبد شاولين الشهير، تمارس العديد من الأنشطة التجارية وتعقد الصفقات علاوة على ذلك، يُطلق على الأب الأعلى (رجل الدين) اسم "الراهب الرئيس المدير العام".
أعتقد أنه تاريخيا أهم وأبرز مثال عن تورّط المعبد الديني في ممارسة تجارية هو ما بادرت به الكنيسة الكاثوليكية عندما أصدرت صكوك الغفران في القرن العاشر لضمان الحياة الأبدية (الجنة)، والطريف كما ينقل المؤرخون أن رجال الكنيسة كانوا يستعملون أساليب متنوعة في بيع تلك الصكوك وصل الأمر إلى وجود سوق سوداء لها .
لكن، هل حسمنا أمر هذه الصكوك وقطعنا معها؟ لا اعتقد ذلك فما تغيّر هو شكل الصك الذي كان وثيقة مادية (مخطوط، ورقة) ليأخذ في عصرنا الحاضر شكل دعاء صادر عن شيخ أو إمام !.
تساءلت المؤرخة الأمريكية آن موريلي عن نصوص، العهدين القديم والجديد والقرآن والتوراة، لفهم علاقة الأديان التوحيدية الكبرى بالتجارة والمال والأعمال. أصدرت كتابا طريفا: "ديانات الكتب والمال".
خلصت الى نتيجة، أنّه في حالة الديانات الثلاث في الكتاب، هنالك قواعد وسلوكات في علاقة بالمال وصلته بعمل الخير .
أشارت إلى أنّ الأمريكيين يعتقدون في هذه العلاقة بين الله والمال بشكل واضح لهم مقولة "مع ذكر بالله نثق بالدولار" كما إنهم غالبا ما يربطون الرأسمالية بالدين، بما يتّجه للاعتقاد أنّ الدين ليس في حقيقة الأمر إلا شركة أو مؤسسة تجارية، ولا أدلّ على ذلك كما تشير الكاتبة ما يحصل في مركز المسيحية "الفاتيكان" الذي هزّت سمعته في السنوات الأخيرة عديد الفضائح المالية .
إن حقيقة الدين والتدين في النهاية ليس بما تظهره المعابد وتبينه الطقوس والتقاليد.. بل بما يختبئ بالنفوس ويتجوهر بنيات الناس .
في هذه الحياة كلّ شيء يمكننا جعله كما نريد إلّا القدر والنّصيب من الرزق .
بقلم: أبوبكر الصغير
برامج الفتاوى في رمضان في القنوات التلفزيونية الفضائية هي أكثر البرامج منافسة للمسلسلات ولحصص الطبخ وحتى تلك التي تهتم بصحة الصائم.
شهر رمضان هو بامتياز موسم خير ومال وفير للقنوات التلفزيونية.
كلما زادت الأسئلة في برامج الفتاوى وأمعنت في اللاّمعقول والغرابة والطرافة أو ما يسميه البعض بالسذاجة كلما حققت نسب مشاهدة أعلى، وحظيت بمشاهدات أكبر بعد تحميلها على صفحات السوشيال ميديا .
اهتممنا بتوظيف الدين في السياسة أو لخدمة أجندات سياسية ولم نول النظر الى ما هو أخطر ما يسمّى بالتجارة الإيمانية التي نراها تزدهر هذه الفترة تحديدا .
إن الأطروحة القوية التي وضعها "دوركهايم" في استنتاجات كتابه الخطير حول الصلة بين الدين والاقتصاد، كانت قادرة على الظهور على مدى قرن من الزمان. أخيرًا، يجب فحص المعارضة التي أسسها دوركهايم بين التماسك الاجتماعي، الذي يعتبر الدين مثاله المركزي، والتنافر المرتبط بالنشاط الاقتصادي، وما إذا كانت هذه المعارضة لا تزال مقبولة في زمننا الراهن.
إن العديد من الأديان مهتمة بكسب المال أكثر من إعطاء الناس التوجيه الإيماني والروحي؟ يقوم من ينتسبون إليها بتسويق السلع والخدمات التي يعلنون عنها.
في الصين مثلا، اثنان من الجبال البوذية المقدسة الأربعة مسجلان كشركتين مدرجتين في البورصة، وفي معبد شاولين الشهير، تمارس العديد من الأنشطة التجارية وتعقد الصفقات علاوة على ذلك، يُطلق على الأب الأعلى (رجل الدين) اسم "الراهب الرئيس المدير العام".
أعتقد أنه تاريخيا أهم وأبرز مثال عن تورّط المعبد الديني في ممارسة تجارية هو ما بادرت به الكنيسة الكاثوليكية عندما أصدرت صكوك الغفران في القرن العاشر لضمان الحياة الأبدية (الجنة)، والطريف كما ينقل المؤرخون أن رجال الكنيسة كانوا يستعملون أساليب متنوعة في بيع تلك الصكوك وصل الأمر إلى وجود سوق سوداء لها .
لكن، هل حسمنا أمر هذه الصكوك وقطعنا معها؟ لا اعتقد ذلك فما تغيّر هو شكل الصك الذي كان وثيقة مادية (مخطوط، ورقة) ليأخذ في عصرنا الحاضر شكل دعاء صادر عن شيخ أو إمام !.
تساءلت المؤرخة الأمريكية آن موريلي عن نصوص، العهدين القديم والجديد والقرآن والتوراة، لفهم علاقة الأديان التوحيدية الكبرى بالتجارة والمال والأعمال. أصدرت كتابا طريفا: "ديانات الكتب والمال".
خلصت الى نتيجة، أنّه في حالة الديانات الثلاث في الكتاب، هنالك قواعد وسلوكات في علاقة بالمال وصلته بعمل الخير .
أشارت إلى أنّ الأمريكيين يعتقدون في هذه العلاقة بين الله والمال بشكل واضح لهم مقولة "مع ذكر بالله نثق بالدولار" كما إنهم غالبا ما يربطون الرأسمالية بالدين، بما يتّجه للاعتقاد أنّ الدين ليس في حقيقة الأمر إلا شركة أو مؤسسة تجارية، ولا أدلّ على ذلك كما تشير الكاتبة ما يحصل في مركز المسيحية "الفاتيكان" الذي هزّت سمعته في السنوات الأخيرة عديد الفضائح المالية .
إن حقيقة الدين والتدين في النهاية ليس بما تظهره المعابد وتبينه الطقوس والتقاليد.. بل بما يختبئ بالنفوس ويتجوهر بنيات الناس .
في هذه الحياة كلّ شيء يمكننا جعله كما نريد إلّا القدر والنّصيب من الرزق .