إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ملف يخشاه الإيطاليون ويتوجس منه الأوربيون | الهجرة غير النظامية.. هل تكون ورقة تونس التفاوضية مع أوروبا؟

 

تونس- الصباح

يلوح ملف الهجرة غير النظامية من بين الملفات البارزة التي ستكون محور العلاقات بين تونس ودول الاتحاد الأوربي ومحركها الأساسي في الفترة المقبلة، وذلك على ضوء ترابط موضوع الهجرة مع الوضع الاقتصادي والمالي المتأزم في تونس، وأيضا لارتباطه بتداعيات ذات أبعاد أمنية تخشاها ايطاليا في مقام أول وتنزعج منها أوروبا في مستوى ثانٍ.

وفي الفترة الأخيرة، تصاعدت صيحات الحذر الصادرة أساسا من مسؤولين ايطاليين من خطورة الموقف في حال تواصل عدم السيطرة على تدفقات المهاجرين، مستمدة استنتاجاتها على تقارير أمنية ومخابراتية وقراءات لمؤشرات وأرقام موجات الهجرة المتصاعدة، وربطها بإمكانية أن يتسبب ذلك في بروز أنشطة لحركات تطرف دينية متشددة..

وبات ملف الهجرة غير النظامية، يشغل هاجس دول الاتحاد الأوربي ومصدر خوفهم وقلقهم، وعلى رأسها الجانب الايطالي الذي يعتبر نفسه البلد الأوربي الأكثر تضررا من تدفقات المهاجرين القادمة من سواحل جنوب المتوسط.. ما يفسّر التحركات السياسية المكثفة للدبلوماسية الايطالية في هذا الاتجاه.. وتوصيتها المفوضية الأوروبية بضرورة اعتماد خطة جديدة للتعامل مع ملف الهجرة، والإسراع بمساعدة السلطات التونسية في مكافحتها للظاهرة عبر بوابة الدعم الاقتصادي والمالي في علاقة بملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وبعد يوم فقط من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي ناقش الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في تونس خاصة في ما يتعلق بموضوع الهجرة غير النظامية، استجابة لضغوطات دبلوماسية ايطالية سابقة طالبت بإدراج موضوع الملف التونسي ضمن جدول أعمال القمة، حلّ أمس بتونس وفد من الاتحاد الأوروبي برئاسة غيرت جان كوبمان المدير العام لمفاوضات الجوار والتوسع، ويوهانس لوشنر نائب المدير العام للهجرة والسيد لويجي سوريكا، المبعوث الخاص للهجرة.

وحسب بلاغ للاتحاد الأوروبي تهدف الزيارة لإجراء "نقاش معمق" حول حالة التقدم في الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس. وللغرض برمج الوفد لقاءات مع أعضاء في حكومة السيدة بودن، من بينهم وزراء الاقتصاد، والشؤون الاجتماعية، والداخلية، والصناعة والطاقة، وكاتب الدولة للشؤون الخارجية، وكذلك مع الشركاء الأوروبيين والدوليين للاتحاد الأوروبي الموجودين في تونس والجهات الفاعلة غير الحكومية..

قلق إيطالي..

تنظر ايطاليا بتوجس وقلق إلى تونس مع تنامي أرقام عدد المهاجرين المغادرين عبر سواحلها. وفي هذا الصدد، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ان بلادها تواجه ظاهرة تكتسب أبعاداً لم تصل إليها سابقاً، في إشارة للهجرة غير النظامية.

وأضافت أمس، في كلمة ألقتها أمام مجلس الشيوخ الايطالي: "أمامنا اليوم مشكلة هائلة ترتبط باستقرار تونس واحتمال انهيارها اقتصادياً.. وهو أمر تتعذر معالجته، لأن صندوق النقد الدولي قد علّق المفاوضات مع سلطات هذا البلد".

وأكدت ميلوني أنه على ضوء انعقاد المجلس الأوروبي يومي 23 و24 مارس الجاري، أنها تعمل على هذا الملف كل يوم، مؤكدة أنها تطرقت إليه في حديثها مع المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، باولو جينتيلوني، مبينةً أن "المفوضية الأوروبية نفسها، فكرت مطلع الشهر الجاري بالذهاب إلى تونس لكنها أرجأت المبادرة".

وتابعت قولها: "إيطاليا مستعدة وهي تبذل قصارى جهدها من أجل محاولة تجاوز هذا المأزق الذي لا يساعدها مطلقاً، والذي قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بشكل كبير".

وفي سياق متصل، كان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قد شدّد على اهتمام سلطات بلاده "بالوضع الاقتصادي المتردي في تونس".

وقال على هامش مجلس الشؤون الخارجية في بروكسل، إن مساعدة تونس تعني "المزيد من الاستقرار"، مؤكدا ان "إيطاليا تقوم بدورها وعلى أوروبا أن تقوم بدورها أيضا"، مشددا على ضرورة توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق تمويل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، واصفا ذلك بـ"العنصر الأساسي".

وأضاف "سنبذل قصارى جهدنا لضمان تمويل هذا البلد بشكل كافٍ، بحيث يمكن إجراء الإصلاحات، لأن التمويل مرتبط بها، ولضمان الوصول إلى مرحلة استقرار، وبالتالي منع التطرف الإسلامي من الظهور مرة أخرى في شمال إفريقيا".

وقال أيضا: "لقد تم تسليط الأضواء على واقع هذا البلد هناك ليس فقط مسألة الاستقرار، ولكن أيضًا قضية الهجرة التي تقلقنا بشدة، لأن الحدود بين ليبيا وتونس تزداد هشاشة ونخاطر برؤية تدفقات جديدة من المهاجرين من تونس".

وأضاف: "نعول على شجاعة وتصميم أوروبا وندعم المهمات التي ستتم في الأيام المقبلة ولنرى ما ستكون عليه النتائج"، في إشارة إلى زيارة مرتقبة للمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية الإيطالي باولو جينتيلوني، إلى تونس.

اهتمام أوروبي متزايد نحو تونس..

وتأتي زيارة الوفد الأوربي إلى تونس، والتي ستتلوها زيارات مرتقبة لوفود أوربية أخرى في قادم الأيام، بعد وقت قصيرة من تصريحات منسوبة لجوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وصف فيها الوضع في تونس "بالخطير للغاية". وحذّر في ختام اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوربي، من أنه "إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي.. نريد تجنب هذا الوضع".

وقال رئيس الدبلوماسية الأوروبية "يجب التوصل إلى اتفاق، لكن المشكلة الأساسية هي مشكلة الاستقرار وليس تحديد من هو على خطأ أو من هو على حق".

وتابع انه من الواضح وجوب إجراء إصلاحات، مقترحا التفكير في تمويل على دفعات"بناء على التقدم في مسار الإصلاحات".

وشدد بوريل على ضرورة أن يوقع الرئيس قيس سعيد بنفسه مع صندوق النقد الدولي وينفذ الاتفاق "وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة لتونس".

وأشار الى أن وزراء الاتحاد الأوروبي طلبوا من بلجيكا والبرتغال إرسال ممثلين في مهمة إلى تونس لإجراء “تقييم للوضع لتمكين الاتحاد الأوروبي من توجيه إجراءاته” مشددا على أنه “لا يمكن للاتحاد الأوروبي مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي”.

الخارجية التونسية ترد..

غير أن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة، ردت أمس في بلاغ لها على تصريح جوزيب بوريل واصفة كلماته بـالـ”متباينة والمنتقاة” وبأنها "تتجاهل كل مسؤولية عن الوضع بتونس وبمناطق أخرى منذ 2011".

وقال الخارجية التونسية: "اطّلع التونسيون وسجلوا بلا شك التصريح الذي أدلى به جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي يوم 20 مارس الموافق لعيد استقلال تونس والمتزامن مع عيد منظمة الفرنكوفونية والتي تعد تونس احد مؤسسيها وتتولى حاليا رئاستها”.

وأضاف: "كلمات بوريل متباينة سواء بالنظر الى صمود الشعب التونسي أمام الضغوط على امتداد تاريخه أو بالنسبة لخطر أمواج هجرة وافدة من الجنوب في اتجاه أوروبا".

وتابعت “تُمعن مثل هذه الكلمات المنتقاة في تجاهل كل مسؤولية عن الوضع الذي ساد بتونس وبمناطق أخرى خصوصا منذ عام 2011 وحتى 25 جويلية 2021. وان تونس إذ تحيّي الدعم البناء الذي يقدمه لها العديد من شركائها ومنهم الجارة ايطاليا تبقى منفتحة على شراكة مسؤولة في كنف احترام متبادل وتعامل متكافئ مع كل شركائها مثلما أشار الى ذلك البيان الصادر عن مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في نفس اليوم."

وحسب وزارة الداخلية الإيطالية وصل عدد الوافدين إلى التراب الإيطالي 17592 مهاجرا منذ غرة جانفي 2023 مقابل 5976 في نفس المدة من عام 2022 و5995 لنفس الفترة من سنة 2021 أي بمعدل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه الأمور من قبل، جلهم انطلقوا من السواحل التونسية الذي أصبحت البوابة الرئيسية للهجرة غير النظامية، منذ أن أغلقت منظمة "فرونتاكس" الأوروبية جل المعابر الليبية.

وكانت إيطاليا قد طالبت السلطات التونسية منذ مدة بالعمل على إيقاف موجات الهجرة غير النظامية. وقدمت للغرض مساعدات في شكل تجهيزات مراقبة ومنح مالية للسلطات التونسية. كما ناقشت مع تونس سبل دعم الاستثمار والتعاون الاقتصادي..

وكانت الزيارة الدبلوماسية إلى تونس التي قام بها فريق حكومي إيطالي في 18 جانفي الماضي والتي ترأسها وزير الخارجية أنطونيو تاجاني قد ركزت على فكرة أن "إيطاليا وتونس تعانيان معا" من ظاهرة الهجرة غير النظامية وأنه لا بد من حل المشكلة "من جذورها". وأكد الوفد خلال لقائه بالرئيس قيس سعيد، أن إيطاليا مستعدة لرفع عدد المهاجرين النظاميين إلى إيطاليا" وإدماجهم في مجالي الفلاحة والصناعة، ودعم تواجد مؤسسات إيطالية في تونس"..

وأعلنت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون الخميس الماضي عن زيارة قريبة لتونس واصفة الوضع بها بـ"المقلق" في إشارة إلى تدفقات المهاجرين.

ونقلت وكالة "اكي" الايطالية عن يوهانسون قولها في خطابها أمام الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ "نبني مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شراكات لمحاربة مهربي البشر وندعم تحقيقات مشتركة مع دول شمال إفريقيا في هذا الصدد".

ومهما يكن من أمر، يظل السؤال قائما: كيف ستوظف الحكومة التونسية لورقة الهجرة غير النظامية في إطار سياسة دبلوماسية براغماتية واستغلالها سياسيا واقتصاديا، تأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت مصالح الدولة العليا وأمنها القومي وسيادتها الوطنية، وحقوق المهاجرين التونسيين خاصة منهم غير النظاميين..؟

رفيق بن عبد الله

   ملف يخشاه الإيطاليون ويتوجس منه الأوربيون |  الهجرة غير النظامية.. هل تكون ورقة تونس التفاوضية مع أوروبا؟

 

تونس- الصباح

يلوح ملف الهجرة غير النظامية من بين الملفات البارزة التي ستكون محور العلاقات بين تونس ودول الاتحاد الأوربي ومحركها الأساسي في الفترة المقبلة، وذلك على ضوء ترابط موضوع الهجرة مع الوضع الاقتصادي والمالي المتأزم في تونس، وأيضا لارتباطه بتداعيات ذات أبعاد أمنية تخشاها ايطاليا في مقام أول وتنزعج منها أوروبا في مستوى ثانٍ.

وفي الفترة الأخيرة، تصاعدت صيحات الحذر الصادرة أساسا من مسؤولين ايطاليين من خطورة الموقف في حال تواصل عدم السيطرة على تدفقات المهاجرين، مستمدة استنتاجاتها على تقارير أمنية ومخابراتية وقراءات لمؤشرات وأرقام موجات الهجرة المتصاعدة، وربطها بإمكانية أن يتسبب ذلك في بروز أنشطة لحركات تطرف دينية متشددة..

وبات ملف الهجرة غير النظامية، يشغل هاجس دول الاتحاد الأوربي ومصدر خوفهم وقلقهم، وعلى رأسها الجانب الايطالي الذي يعتبر نفسه البلد الأوربي الأكثر تضررا من تدفقات المهاجرين القادمة من سواحل جنوب المتوسط.. ما يفسّر التحركات السياسية المكثفة للدبلوماسية الايطالية في هذا الاتجاه.. وتوصيتها المفوضية الأوروبية بضرورة اعتماد خطة جديدة للتعامل مع ملف الهجرة، والإسراع بمساعدة السلطات التونسية في مكافحتها للظاهرة عبر بوابة الدعم الاقتصادي والمالي في علاقة بملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وبعد يوم فقط من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي ناقش الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في تونس خاصة في ما يتعلق بموضوع الهجرة غير النظامية، استجابة لضغوطات دبلوماسية ايطالية سابقة طالبت بإدراج موضوع الملف التونسي ضمن جدول أعمال القمة، حلّ أمس بتونس وفد من الاتحاد الأوروبي برئاسة غيرت جان كوبمان المدير العام لمفاوضات الجوار والتوسع، ويوهانس لوشنر نائب المدير العام للهجرة والسيد لويجي سوريكا، المبعوث الخاص للهجرة.

وحسب بلاغ للاتحاد الأوروبي تهدف الزيارة لإجراء "نقاش معمق" حول حالة التقدم في الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس. وللغرض برمج الوفد لقاءات مع أعضاء في حكومة السيدة بودن، من بينهم وزراء الاقتصاد، والشؤون الاجتماعية، والداخلية، والصناعة والطاقة، وكاتب الدولة للشؤون الخارجية، وكذلك مع الشركاء الأوروبيين والدوليين للاتحاد الأوروبي الموجودين في تونس والجهات الفاعلة غير الحكومية..

قلق إيطالي..

تنظر ايطاليا بتوجس وقلق إلى تونس مع تنامي أرقام عدد المهاجرين المغادرين عبر سواحلها. وفي هذا الصدد، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ان بلادها تواجه ظاهرة تكتسب أبعاداً لم تصل إليها سابقاً، في إشارة للهجرة غير النظامية.

وأضافت أمس، في كلمة ألقتها أمام مجلس الشيوخ الايطالي: "أمامنا اليوم مشكلة هائلة ترتبط باستقرار تونس واحتمال انهيارها اقتصادياً.. وهو أمر تتعذر معالجته، لأن صندوق النقد الدولي قد علّق المفاوضات مع سلطات هذا البلد".

وأكدت ميلوني أنه على ضوء انعقاد المجلس الأوروبي يومي 23 و24 مارس الجاري، أنها تعمل على هذا الملف كل يوم، مؤكدة أنها تطرقت إليه في حديثها مع المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، باولو جينتيلوني، مبينةً أن "المفوضية الأوروبية نفسها، فكرت مطلع الشهر الجاري بالذهاب إلى تونس لكنها أرجأت المبادرة".

وتابعت قولها: "إيطاليا مستعدة وهي تبذل قصارى جهدها من أجل محاولة تجاوز هذا المأزق الذي لا يساعدها مطلقاً، والذي قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بشكل كبير".

وفي سياق متصل، كان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قد شدّد على اهتمام سلطات بلاده "بالوضع الاقتصادي المتردي في تونس".

وقال على هامش مجلس الشؤون الخارجية في بروكسل، إن مساعدة تونس تعني "المزيد من الاستقرار"، مؤكدا ان "إيطاليا تقوم بدورها وعلى أوروبا أن تقوم بدورها أيضا"، مشددا على ضرورة توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق تمويل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، واصفا ذلك بـ"العنصر الأساسي".

وأضاف "سنبذل قصارى جهدنا لضمان تمويل هذا البلد بشكل كافٍ، بحيث يمكن إجراء الإصلاحات، لأن التمويل مرتبط بها، ولضمان الوصول إلى مرحلة استقرار، وبالتالي منع التطرف الإسلامي من الظهور مرة أخرى في شمال إفريقيا".

وقال أيضا: "لقد تم تسليط الأضواء على واقع هذا البلد هناك ليس فقط مسألة الاستقرار، ولكن أيضًا قضية الهجرة التي تقلقنا بشدة، لأن الحدود بين ليبيا وتونس تزداد هشاشة ونخاطر برؤية تدفقات جديدة من المهاجرين من تونس".

وأضاف: "نعول على شجاعة وتصميم أوروبا وندعم المهمات التي ستتم في الأيام المقبلة ولنرى ما ستكون عليه النتائج"، في إشارة إلى زيارة مرتقبة للمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية الإيطالي باولو جينتيلوني، إلى تونس.

اهتمام أوروبي متزايد نحو تونس..

وتأتي زيارة الوفد الأوربي إلى تونس، والتي ستتلوها زيارات مرتقبة لوفود أوربية أخرى في قادم الأيام، بعد وقت قصيرة من تصريحات منسوبة لجوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وصف فيها الوضع في تونس "بالخطير للغاية". وحذّر في ختام اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوربي، من أنه "إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي.. نريد تجنب هذا الوضع".

وقال رئيس الدبلوماسية الأوروبية "يجب التوصل إلى اتفاق، لكن المشكلة الأساسية هي مشكلة الاستقرار وليس تحديد من هو على خطأ أو من هو على حق".

وتابع انه من الواضح وجوب إجراء إصلاحات، مقترحا التفكير في تمويل على دفعات"بناء على التقدم في مسار الإصلاحات".

وشدد بوريل على ضرورة أن يوقع الرئيس قيس سعيد بنفسه مع صندوق النقد الدولي وينفذ الاتفاق "وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة لتونس".

وأشار الى أن وزراء الاتحاد الأوروبي طلبوا من بلجيكا والبرتغال إرسال ممثلين في مهمة إلى تونس لإجراء “تقييم للوضع لتمكين الاتحاد الأوروبي من توجيه إجراءاته” مشددا على أنه “لا يمكن للاتحاد الأوروبي مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي”.

الخارجية التونسية ترد..

غير أن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة، ردت أمس في بلاغ لها على تصريح جوزيب بوريل واصفة كلماته بـالـ”متباينة والمنتقاة” وبأنها "تتجاهل كل مسؤولية عن الوضع بتونس وبمناطق أخرى منذ 2011".

وقال الخارجية التونسية: "اطّلع التونسيون وسجلوا بلا شك التصريح الذي أدلى به جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي يوم 20 مارس الموافق لعيد استقلال تونس والمتزامن مع عيد منظمة الفرنكوفونية والتي تعد تونس احد مؤسسيها وتتولى حاليا رئاستها”.

وأضاف: "كلمات بوريل متباينة سواء بالنظر الى صمود الشعب التونسي أمام الضغوط على امتداد تاريخه أو بالنسبة لخطر أمواج هجرة وافدة من الجنوب في اتجاه أوروبا".

وتابعت “تُمعن مثل هذه الكلمات المنتقاة في تجاهل كل مسؤولية عن الوضع الذي ساد بتونس وبمناطق أخرى خصوصا منذ عام 2011 وحتى 25 جويلية 2021. وان تونس إذ تحيّي الدعم البناء الذي يقدمه لها العديد من شركائها ومنهم الجارة ايطاليا تبقى منفتحة على شراكة مسؤولة في كنف احترام متبادل وتعامل متكافئ مع كل شركائها مثلما أشار الى ذلك البيان الصادر عن مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في نفس اليوم."

وحسب وزارة الداخلية الإيطالية وصل عدد الوافدين إلى التراب الإيطالي 17592 مهاجرا منذ غرة جانفي 2023 مقابل 5976 في نفس المدة من عام 2022 و5995 لنفس الفترة من سنة 2021 أي بمعدل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه الأمور من قبل، جلهم انطلقوا من السواحل التونسية الذي أصبحت البوابة الرئيسية للهجرة غير النظامية، منذ أن أغلقت منظمة "فرونتاكس" الأوروبية جل المعابر الليبية.

وكانت إيطاليا قد طالبت السلطات التونسية منذ مدة بالعمل على إيقاف موجات الهجرة غير النظامية. وقدمت للغرض مساعدات في شكل تجهيزات مراقبة ومنح مالية للسلطات التونسية. كما ناقشت مع تونس سبل دعم الاستثمار والتعاون الاقتصادي..

وكانت الزيارة الدبلوماسية إلى تونس التي قام بها فريق حكومي إيطالي في 18 جانفي الماضي والتي ترأسها وزير الخارجية أنطونيو تاجاني قد ركزت على فكرة أن "إيطاليا وتونس تعانيان معا" من ظاهرة الهجرة غير النظامية وأنه لا بد من حل المشكلة "من جذورها". وأكد الوفد خلال لقائه بالرئيس قيس سعيد، أن إيطاليا مستعدة لرفع عدد المهاجرين النظاميين إلى إيطاليا" وإدماجهم في مجالي الفلاحة والصناعة، ودعم تواجد مؤسسات إيطالية في تونس"..

وأعلنت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون الخميس الماضي عن زيارة قريبة لتونس واصفة الوضع بها بـ"المقلق" في إشارة إلى تدفقات المهاجرين.

ونقلت وكالة "اكي" الايطالية عن يوهانسون قولها في خطابها أمام الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ "نبني مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شراكات لمحاربة مهربي البشر وندعم تحقيقات مشتركة مع دول شمال إفريقيا في هذا الصدد".

ومهما يكن من أمر، يظل السؤال قائما: كيف ستوظف الحكومة التونسية لورقة الهجرة غير النظامية في إطار سياسة دبلوماسية براغماتية واستغلالها سياسيا واقتصاديا، تأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت مصالح الدولة العليا وأمنها القومي وسيادتها الوطنية، وحقوق المهاجرين التونسيين خاصة منهم غير النظاميين..؟

رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews