وضعية الشح المائي الذي تعيشه تونس منذ أكثر من عشرية، ومخلفات التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد ومنها النقص الحاد المسجل في معدلات التساقطات التي زادته عمقا. رأى رئيس الجمهورية خلال لقائه بوزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية أن الذهاب في مقاربة تحلية مياه البحر يمكن أن يكون حلا للمشكل ومنطلق للتخفيف من حدة حالة الجفاف التي تواجهها أغلب ولايات الجمهورية وتشمل الاستهلاك الصناعي والفلاحي ومياه الشرب على حد السواء.
ورسميا تعد تجربة تحلية مياه البحر في تونس حديثة العهد فيعود دخول أول تجربة حيز الاستغلال إلى خمس سنوات فقط، وهي محطة تحلية مياه البحر بجربة والتي بلغت كلفتها الجملية 153 مليون دينار. وهو مشروع يعود إقراره إلى أكثر من ثلاثين عاما يرى النور في 2015 وامتد تجهيزه على 32 شهرا ليكون نهاية ماي 2018 موعد دخوله حيز الاستغلال وخصّصت محطة التحلية لتلبية حاجيات المياه الصالحة للشراب لجزيرة جربة التي تقدّر بـ40 ألف متر مكعب في اليوم خلال فصل الشتاء و75 الف متر مكعّب خلال فصل الصيف حسب مؤشرات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.
تأخر في الإنجاز
وتواصل تونس العمل في إيجاد حلول بديلة لمشكلة توفير المياه الصالحة للاستغلال وخاصة منها مياه الشرب، واتجهت في تركيز وحدتان لتحلية المياه في كل من منطقة الزارات بولاية قابس وفي منطقة قرقور جنوب ولاية صفاقس.
وفي العموم تشهد المحطتان تأخرا في الإنجاز مقارنة بالمواعيد المعلنة لدخولهما حيز الاستغلال خلال الزيارات الرسمية، فحسب آخر زيارة للوزير السابق للفلاحة والصيد البحري والموارد المائية محمود الياس حمزة بلغ تقدم أشغال محطة تحلية مياه البحر بالزارات التي تناهز كلفتها 330 مليون دينار نسبة الـ80% خلال شهر أكتوبر الماضي، وينتظر أن تبلغ طاقة إنتاج محطة تحلية المياه بالزارات الـ 50 ألف م3 في اليوم قابلة للارتفاع إلى 100 ألف م3 في اليوم، وهي مبرمجة لتعزيز الموارد المائية في الجنوب وينتظر أن ينتفع منها 1.1 مليون ساكن في ولايات قابس ومدنين وتطاوين.
أما بالنسبة لمحطة تحلية مياه البحر بصفاقس والذي كان من المبرمج أن يدخل حيز الاستغلال موفى السنة القادمة 2024، فلم تتجاوز بعد فيه نسبة تقدم الأشغال الـ33% حسب آخر تحيين منشور على صفحة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه. وتمت برمجة مشروع محطة تحلية مياه البحر بصفاقس في إطار تدعيم الموارد المائية لمناطق صفاقس الكبرى وتبلغ طاقة الإنتاج النهائية للمحطة 200 ألف متر مكعب في اليوم وينتظر أن تؤمن بذلك الطلب على المياه بالجهة إلى أفق 2035.
ويعتبر مشروع محطة تحلية مياه البحر في صفاقس الأضخم في البلاد بكلفة تتجاوز 210 مليون دولار أي نحو 630 مليون دينار تونسي. وتمتد فترة إنجازه على عامين ونصف، حيث ستحدد حصة مساهمة الدولة بمبلغ 45 مليون دولار أي بنحو الـ 135 مليون دينار، في حين يجري تمويل المبلغ الباقي من قرض مقدم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، مع تحديد مهلة استرجاعه خلال 25 عاماً.
وبخصوص محطتا التحلية بكل من صفاقس وقابس، ذكر كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة المكلف بالمياه رضا قبوج، خلال تصريح إعلامي على هامش الملتقى العلمي حول "الرخص الإدارية في العمليات العقارية بين القانون والآفاق"، أنهما من المشاريع التي بصدد الإنجاز وينتظر أن تدخل محطة الزارات بقابس حيز الاستغلال هذه السنة أو بداية السنة المقبلة، كذلك محطة تحلية المياه بصفاقس كما توجد مقترحات من مستثمرين خواص في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص لبرمجة مشاريع محطات منتظر لتحلية مياه البحر.
خيار صعب..
ويعتبر علاء مرزوقي منسق برامج بجمعية "نوماد 08"، أن تحلية مياه البحر كخيار لتعويض النقص المسجل في المياه وتجاوز حالة العطش العام الذي يعيشها التونسي منذ سنوات، يمكن أن يكون حلا. لكن تونس ليس لها لا القدرة الطاقية ولا التقنية ولا المالية للمضي فيه. ويمكن أن يكون حلا يزيد في إغراق البلاد في المديونية.
وبين أن بالوضعية الحالية لتونس يمكن القول انه حل من ليس لديه حلا. فالأولوية حسب تقييم مرصد المياه صلب جمعية "نوماد 08"، هو المضي في صيانة الشبكة التي تسجل معدل تسرب وطني بأكثر من 30% وتفوق النسبة الـ50% في ولايات مثل تطاوين وقفصة وقابس.
ويكون الانطلاق في أشغال الصيانة الشاملة للشبكة مع حسن تصرف في الموارد المائية عبر ترشيد الاستهلاك الصناعي وإيجاد موارد جديدة، ووضع حد للاستنزاف المسجل للمائدة المائية ومياه السدود في زراعات يمكن التخلي عنها عبر تغيير التوجهات العامة الزراعية والتي من بينها القوارص والخس التي يتم الترويج لها كزراعات ناجحة موجهة إلى التصدير.
وبين مرزوقي أن تونس مطالبة بالبحث والتمحيص في علاقة بتراخيص معامل تعليب المياه المعدنية وبإعلانها رسميا عن دخولها في مرحلة الشح المائي وباعتماد التقسيط المائي وإلغاء كل الرخص الفلاحية التي فيها استهلاك مفرط للمياه..، من أجل الحفاظ قدر الإمكان على مواردنا المائية وضمان على الأقل مياه الشرب لكل التونسيين.
وللإشارة تتقاطع مقارنة علاء مرزوقي بطرح كاتب الدولة المكلف بالمياه، الذي كشف خلال نفس التصريح، إمكانية تسجيل اضطرابات في توزيع المياه خلال فصل الصيف والتي ستكون محدودة. وأضاف انه تمت التوصية بعدم زراعة المنتوجات الفلاحية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه خاصة زراعة القرعيات كالدلاع وكذلك الطماطم.. للتحكم في مياه الري وتوجيهها للزراعات الإستراتيجية كالحبوب والأعلاف والأشجار المثمرة.
ريم سوودي
تونس- الصباح
وضعية الشح المائي الذي تعيشه تونس منذ أكثر من عشرية، ومخلفات التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد ومنها النقص الحاد المسجل في معدلات التساقطات التي زادته عمقا. رأى رئيس الجمهورية خلال لقائه بوزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية أن الذهاب في مقاربة تحلية مياه البحر يمكن أن يكون حلا للمشكل ومنطلق للتخفيف من حدة حالة الجفاف التي تواجهها أغلب ولايات الجمهورية وتشمل الاستهلاك الصناعي والفلاحي ومياه الشرب على حد السواء.
ورسميا تعد تجربة تحلية مياه البحر في تونس حديثة العهد فيعود دخول أول تجربة حيز الاستغلال إلى خمس سنوات فقط، وهي محطة تحلية مياه البحر بجربة والتي بلغت كلفتها الجملية 153 مليون دينار. وهو مشروع يعود إقراره إلى أكثر من ثلاثين عاما يرى النور في 2015 وامتد تجهيزه على 32 شهرا ليكون نهاية ماي 2018 موعد دخوله حيز الاستغلال وخصّصت محطة التحلية لتلبية حاجيات المياه الصالحة للشراب لجزيرة جربة التي تقدّر بـ40 ألف متر مكعب في اليوم خلال فصل الشتاء و75 الف متر مكعّب خلال فصل الصيف حسب مؤشرات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.
تأخر في الإنجاز
وتواصل تونس العمل في إيجاد حلول بديلة لمشكلة توفير المياه الصالحة للاستغلال وخاصة منها مياه الشرب، واتجهت في تركيز وحدتان لتحلية المياه في كل من منطقة الزارات بولاية قابس وفي منطقة قرقور جنوب ولاية صفاقس.
وفي العموم تشهد المحطتان تأخرا في الإنجاز مقارنة بالمواعيد المعلنة لدخولهما حيز الاستغلال خلال الزيارات الرسمية، فحسب آخر زيارة للوزير السابق للفلاحة والصيد البحري والموارد المائية محمود الياس حمزة بلغ تقدم أشغال محطة تحلية مياه البحر بالزارات التي تناهز كلفتها 330 مليون دينار نسبة الـ80% خلال شهر أكتوبر الماضي، وينتظر أن تبلغ طاقة إنتاج محطة تحلية المياه بالزارات الـ 50 ألف م3 في اليوم قابلة للارتفاع إلى 100 ألف م3 في اليوم، وهي مبرمجة لتعزيز الموارد المائية في الجنوب وينتظر أن ينتفع منها 1.1 مليون ساكن في ولايات قابس ومدنين وتطاوين.
أما بالنسبة لمحطة تحلية مياه البحر بصفاقس والذي كان من المبرمج أن يدخل حيز الاستغلال موفى السنة القادمة 2024، فلم تتجاوز بعد فيه نسبة تقدم الأشغال الـ33% حسب آخر تحيين منشور على صفحة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه. وتمت برمجة مشروع محطة تحلية مياه البحر بصفاقس في إطار تدعيم الموارد المائية لمناطق صفاقس الكبرى وتبلغ طاقة الإنتاج النهائية للمحطة 200 ألف متر مكعب في اليوم وينتظر أن تؤمن بذلك الطلب على المياه بالجهة إلى أفق 2035.
ويعتبر مشروع محطة تحلية مياه البحر في صفاقس الأضخم في البلاد بكلفة تتجاوز 210 مليون دولار أي نحو 630 مليون دينار تونسي. وتمتد فترة إنجازه على عامين ونصف، حيث ستحدد حصة مساهمة الدولة بمبلغ 45 مليون دولار أي بنحو الـ 135 مليون دينار، في حين يجري تمويل المبلغ الباقي من قرض مقدم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، مع تحديد مهلة استرجاعه خلال 25 عاماً.
وبخصوص محطتا التحلية بكل من صفاقس وقابس، ذكر كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة المكلف بالمياه رضا قبوج، خلال تصريح إعلامي على هامش الملتقى العلمي حول "الرخص الإدارية في العمليات العقارية بين القانون والآفاق"، أنهما من المشاريع التي بصدد الإنجاز وينتظر أن تدخل محطة الزارات بقابس حيز الاستغلال هذه السنة أو بداية السنة المقبلة، كذلك محطة تحلية المياه بصفاقس كما توجد مقترحات من مستثمرين خواص في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص لبرمجة مشاريع محطات منتظر لتحلية مياه البحر.
خيار صعب..
ويعتبر علاء مرزوقي منسق برامج بجمعية "نوماد 08"، أن تحلية مياه البحر كخيار لتعويض النقص المسجل في المياه وتجاوز حالة العطش العام الذي يعيشها التونسي منذ سنوات، يمكن أن يكون حلا. لكن تونس ليس لها لا القدرة الطاقية ولا التقنية ولا المالية للمضي فيه. ويمكن أن يكون حلا يزيد في إغراق البلاد في المديونية.
وبين أن بالوضعية الحالية لتونس يمكن القول انه حل من ليس لديه حلا. فالأولوية حسب تقييم مرصد المياه صلب جمعية "نوماد 08"، هو المضي في صيانة الشبكة التي تسجل معدل تسرب وطني بأكثر من 30% وتفوق النسبة الـ50% في ولايات مثل تطاوين وقفصة وقابس.
ويكون الانطلاق في أشغال الصيانة الشاملة للشبكة مع حسن تصرف في الموارد المائية عبر ترشيد الاستهلاك الصناعي وإيجاد موارد جديدة، ووضع حد للاستنزاف المسجل للمائدة المائية ومياه السدود في زراعات يمكن التخلي عنها عبر تغيير التوجهات العامة الزراعية والتي من بينها القوارص والخس التي يتم الترويج لها كزراعات ناجحة موجهة إلى التصدير.
وبين مرزوقي أن تونس مطالبة بالبحث والتمحيص في علاقة بتراخيص معامل تعليب المياه المعدنية وبإعلانها رسميا عن دخولها في مرحلة الشح المائي وباعتماد التقسيط المائي وإلغاء كل الرخص الفلاحية التي فيها استهلاك مفرط للمياه..، من أجل الحفاظ قدر الإمكان على مواردنا المائية وضمان على الأقل مياه الشرب لكل التونسيين.
وللإشارة تتقاطع مقارنة علاء مرزوقي بطرح كاتب الدولة المكلف بالمياه، الذي كشف خلال نفس التصريح، إمكانية تسجيل اضطرابات في توزيع المياه خلال فصل الصيف والتي ستكون محدودة. وأضاف انه تمت التوصية بعدم زراعة المنتوجات الفلاحية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه خاصة زراعة القرعيات كالدلاع وكذلك الطماطم.. للتحكم في مياه الري وتوجيهها للزراعات الإستراتيجية كالحبوب والأعلاف والأشجار المثمرة.