لا أحد بإمكانه إنكار أن الأزمة الراهنة مع دول إفريقيا جنوب الصحراء لم تكن في توقيتها المناسب لا على المستوى الدبلوماسي والسياسي والحقوقي فحسب لكن أيضا والأهم على المستوى الاقتصادي في وقت بدأت فيه تونس تتطلع لتدارك الفرص المهدورة من مستوى التعاون والتبادل التجاري بينها وبين القارة السمراء.
وقد شرعت تونس مؤخرا في جملة من التحركات على المستوى الحكومي الرسمي وأيضا على مستوى رجال الأعمال والهياكل الممثلة لهم وعديد الأطراف المعنية بهدف النهوض بالشراكة مع أفريقيا، لما تمثله من آفاق جديدة للسلع التونسية الباحثة عن فضاءات رحب من الأسواق التقليدية .
وعلى امتداد السنوات الأخيرة تعالت عديد الأصوات الناقدة والمطالبة بضرورة التحرك السريع لتونس للاستفادة مما توفره إفريقيا من فرص للتعاون والتبادل والتصدير والاستثمار خاصة وانها تأخرت كثيرا مقارنة بدول مجاورة استطاعت أن تطور علاقاتها مع افريقيا وتحصد ثمار ذلك.
وتواجه تونس منافسة على الأسواق الإفريقية من المغرب ومصر وكذلك من نيجيريا وجنوب أفريقيا كما تواجه عوائق منها أساسا النقل والمسائل اللوجستية. وفي الوقت الذي تنكب فيه عديد الأطراف المتدخلة على تجاوز عراقيل مزيد الانفتاح على عمقنا الإفريقي تأتي هذه الأزمة الراهنة بسبب المهاجرين الأفارقة غير النظاميين إلى تونس لتثير مخاوف البعض من وضع المزيد من العراقيل والإشكاليات أمام النهوض بعلاقات التبادل بين تونس وإفريقيا.
انعكاسات سلبية
صرح بهذا الصدد رئيس المجلس الأعمال التونسي الإفريقي أنيس الجزيري، بأن أزمة ملف المهاجرين الأفارقة في تونس لها انعكاسات سلبية جدا على المبادلات التجارية التونسية الإفريقية، مؤكدا "ضرورة حل هذه الأزمة على أعلى مستوى واحتوائها بالتواصل مع رؤساء وقادة الدول الإفريقية في أقرب وقت".
وأكد الجزيري في حوار إذاعي أمس بأن "الجرح الذي ستتركه هذه الأزمة سيكون كبيرا، في ظل إيقاف صفقات وحديث عن إلغاء معاملات في المجال الصحي على خلفية ملف الأفارقة في تونس.. وحديث عن طائرة قدمت من كوناكري إلى تونس فارغة حيث تم توجيه المرضى الذين كانوا سيتلقون العلاج في بلدنا إلى بلد آخر".
قال الجزيري ايضا إن "الأزمة ألقت بظلالها على الشأن الاقتصادي، وهناك دول بصدد استغلال الأزمة استغلالا فاحشا لضرب السلع والأسواق التونسية".
فرص للشراكة
يذكر أن المبادلات التجارية بين تونس وإفريقيا جنوب الصحراء تمثل نسبة 3 بالمائة من الحجم الجملي للصادرات الوطنية وتم الإعلان سابقا أنه يتم العمل على أن ترتفع نسبة المبادلات الى 5 بالمائة خلال السنوات القادمة.
وقد احتضنت تونس في ديسمبر الفارط أشغال الدورة الثانية "للقاءات الأعمال التونسية الإفريقية" بمشاركة 17 بلدا من جنوب الصحراء الممولة من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في إطار البرنامج الألماني لترويج أنشطة التصدير إلى أسواق جديدة في إفريقيا جنوب الصحراء الذي يرنو الى تعريف المؤسسات التونسية بالفرص الحقيقية المتاحة للتصدير نحو السوق الإفريقية.
وكان الهدف من "لقاءات الأعمال التونسية الإفريقية" جمع المؤسسات التونسية المصدرة مباشرة بالموردين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بغية دفع الصادرات الوطنية نحو أكبر عدد ممكن من الأسواق الإفريقية.
يذكر أيضا أن تونس أبرمت اتفاقية الانضمام الى الكوميسا سنة 2018، التي دخلت حيز التنفيذ في جانفي 2020. وتتمثل دول "كوميسا" في" دول إفريقيا جنوب الصحراء وشرق القارة وجنوبها، وهي سوق توفر إمكانات كبيرة تخص الإطار القانوني والإطار المؤسساتي وتمكن المؤسسات التونسية من التموقع، وكذلك السوق الكبرى المشتركة الإفريقية التي تعتبر تجمعاً اقتصادياً يهم ملياراً و200 مليون نسمة، إذ إن إفريقيا ستحتضن ربع سكان العالم في أفق 2050 مع اقتصادات تحقق نمواً كبيراً".
كما وقعت تونس، في جويلية 2020، على اتفاقية الانضمام الى منطقة "زليكاف" التي ترمي الى إلغاء الأداءات الديوانية على نسبة 90 بالمائة من السلع.
وحصلت تونس على صفة عضو مراقب في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، مما سيمكنها من دعم الإطار القانوني لعلاقاتها مع دول القارة الإفريقية.
وبالنظر إلى هذه المجهودات المبذولة للانفتاح أكثر على إفريقيا وإنعاش الاقتصاد التونسي بأسواق أرحب في ظرف دقيق تمر به البلاد، يطالب كثيرون بضرورة تطويق الأزمة الراهنة ولم لا تحويلها إلى فرصة لبقاء هذا الملف المهم والمصيري على قائمة الأوليات وانخراط الجميع في إنجاحه.
م.ي
تونس-الصباح
لا أحد بإمكانه إنكار أن الأزمة الراهنة مع دول إفريقيا جنوب الصحراء لم تكن في توقيتها المناسب لا على المستوى الدبلوماسي والسياسي والحقوقي فحسب لكن أيضا والأهم على المستوى الاقتصادي في وقت بدأت فيه تونس تتطلع لتدارك الفرص المهدورة من مستوى التعاون والتبادل التجاري بينها وبين القارة السمراء.
وقد شرعت تونس مؤخرا في جملة من التحركات على المستوى الحكومي الرسمي وأيضا على مستوى رجال الأعمال والهياكل الممثلة لهم وعديد الأطراف المعنية بهدف النهوض بالشراكة مع أفريقيا، لما تمثله من آفاق جديدة للسلع التونسية الباحثة عن فضاءات رحب من الأسواق التقليدية .
وعلى امتداد السنوات الأخيرة تعالت عديد الأصوات الناقدة والمطالبة بضرورة التحرك السريع لتونس للاستفادة مما توفره إفريقيا من فرص للتعاون والتبادل والتصدير والاستثمار خاصة وانها تأخرت كثيرا مقارنة بدول مجاورة استطاعت أن تطور علاقاتها مع افريقيا وتحصد ثمار ذلك.
وتواجه تونس منافسة على الأسواق الإفريقية من المغرب ومصر وكذلك من نيجيريا وجنوب أفريقيا كما تواجه عوائق منها أساسا النقل والمسائل اللوجستية. وفي الوقت الذي تنكب فيه عديد الأطراف المتدخلة على تجاوز عراقيل مزيد الانفتاح على عمقنا الإفريقي تأتي هذه الأزمة الراهنة بسبب المهاجرين الأفارقة غير النظاميين إلى تونس لتثير مخاوف البعض من وضع المزيد من العراقيل والإشكاليات أمام النهوض بعلاقات التبادل بين تونس وإفريقيا.
انعكاسات سلبية
صرح بهذا الصدد رئيس المجلس الأعمال التونسي الإفريقي أنيس الجزيري، بأن أزمة ملف المهاجرين الأفارقة في تونس لها انعكاسات سلبية جدا على المبادلات التجارية التونسية الإفريقية، مؤكدا "ضرورة حل هذه الأزمة على أعلى مستوى واحتوائها بالتواصل مع رؤساء وقادة الدول الإفريقية في أقرب وقت".
وأكد الجزيري في حوار إذاعي أمس بأن "الجرح الذي ستتركه هذه الأزمة سيكون كبيرا، في ظل إيقاف صفقات وحديث عن إلغاء معاملات في المجال الصحي على خلفية ملف الأفارقة في تونس.. وحديث عن طائرة قدمت من كوناكري إلى تونس فارغة حيث تم توجيه المرضى الذين كانوا سيتلقون العلاج في بلدنا إلى بلد آخر".
قال الجزيري ايضا إن "الأزمة ألقت بظلالها على الشأن الاقتصادي، وهناك دول بصدد استغلال الأزمة استغلالا فاحشا لضرب السلع والأسواق التونسية".
فرص للشراكة
يذكر أن المبادلات التجارية بين تونس وإفريقيا جنوب الصحراء تمثل نسبة 3 بالمائة من الحجم الجملي للصادرات الوطنية وتم الإعلان سابقا أنه يتم العمل على أن ترتفع نسبة المبادلات الى 5 بالمائة خلال السنوات القادمة.
وقد احتضنت تونس في ديسمبر الفارط أشغال الدورة الثانية "للقاءات الأعمال التونسية الإفريقية" بمشاركة 17 بلدا من جنوب الصحراء الممولة من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في إطار البرنامج الألماني لترويج أنشطة التصدير إلى أسواق جديدة في إفريقيا جنوب الصحراء الذي يرنو الى تعريف المؤسسات التونسية بالفرص الحقيقية المتاحة للتصدير نحو السوق الإفريقية.
وكان الهدف من "لقاءات الأعمال التونسية الإفريقية" جمع المؤسسات التونسية المصدرة مباشرة بالموردين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بغية دفع الصادرات الوطنية نحو أكبر عدد ممكن من الأسواق الإفريقية.
يذكر أيضا أن تونس أبرمت اتفاقية الانضمام الى الكوميسا سنة 2018، التي دخلت حيز التنفيذ في جانفي 2020. وتتمثل دول "كوميسا" في" دول إفريقيا جنوب الصحراء وشرق القارة وجنوبها، وهي سوق توفر إمكانات كبيرة تخص الإطار القانوني والإطار المؤسساتي وتمكن المؤسسات التونسية من التموقع، وكذلك السوق الكبرى المشتركة الإفريقية التي تعتبر تجمعاً اقتصادياً يهم ملياراً و200 مليون نسمة، إذ إن إفريقيا ستحتضن ربع سكان العالم في أفق 2050 مع اقتصادات تحقق نمواً كبيراً".
كما وقعت تونس، في جويلية 2020، على اتفاقية الانضمام الى منطقة "زليكاف" التي ترمي الى إلغاء الأداءات الديوانية على نسبة 90 بالمائة من السلع.
وحصلت تونس على صفة عضو مراقب في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، مما سيمكنها من دعم الإطار القانوني لعلاقاتها مع دول القارة الإفريقية.
وبالنظر إلى هذه المجهودات المبذولة للانفتاح أكثر على إفريقيا وإنعاش الاقتصاد التونسي بأسواق أرحب في ظرف دقيق تمر به البلاد، يطالب كثيرون بضرورة تطويق الأزمة الراهنة ولم لا تحويلها إلى فرصة لبقاء هذا الملف المهم والمصيري على قائمة الأوليات وانخراط الجميع في إنجاحه.