إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نائبات جديدات يُجبن "الصباح": هل حان الوقت لإلزام المرأة بالنفقة مثلها مثل الرجل؟

 

 

تونس-الصباح

لئن حظيت مسألة المساواة في الميراث خلال السنوات الماضية بنقاش مجتمعي مستفيض خاصة بعد صدور  تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة سنة 2018 وبمناسبة عرض رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي مبادرة تشريعية في الغرض على أنظار مجلس نواب الشعب، فإن الخوض في مقترح المساواة في النفقة بين المرأة والرجل الوارد في نفس التقرير لم يكن بنفس الجرأة.

وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة سألت "الصباح" نائبات جديدات عن رأيهن في هذا المقترح، وهناك من أشارت إلى أنه طالما أن المرأة تتمتع بجميع حقوقها وتعمل ولديها أجر قار كاف لتلبية طلباتها فلا مانع من جعل النفقة واجب عليها كما هو الأمر بالنسبة للرجل، لكن هناك من رفضت تغيير القانون الحالي رفضا قاطعا، في حين هناك من نبهت إلى أن المساواة في النفقة بين الرجل والمرأة لا يمكن أن تكون بمعزل عن الأحكام الأخرى المتعلقة بالطلاق وهناك من علقت على هذه المسألة بعبارة "موش وقتو"..

وكانت لجنة الحريات الفردية والمساواة التي ترأستها الحقوقية بشرى بلحاج حميدة أشارت في تقريرها إلى ضرورة مراجعة العديد من النصوص التمييزية ومن ضمنها تلك المتعلقة بالنفقة، ودعت اللجنة المذكورة إلى الارتقاء بواجب الأم في الإنفاق على الأبناء إلى مرتبة الالتزام الكامل المساوي لالتزام الأب، لكن بالنظر إلى واقع التمكين الاقتصادي للمرأة الذي لم يبلغ بعد المساواة التامة في الفرص مع الرجل، ارتأت اللجنة أنه لا بد من قرن واجب النفقة المحمول على الأم بشرط أن يكون لها دخل قار ونص مقترحها على ما يلي :"على الأم التي لها دخل قار الإنفاق على الأبناء".

وبما أن التمييز في النفقة بين المرأة والرجل لا يقتصر على الأبناء بل هناك تمييز على مستوى مستحقي النفقة من الأصول، فقد دعت لجنة الحقوق الفردية والمساواة في تقريرها إلى تحقيق المساواة في استحقاق النفقة بين أصول الأب وأصول الأم واقترحت تعديل الفصل 43 من مجلة الأحوال الشخصية الذي ينص على أن مستحق للنفقة بالقرابة صنفان: الأبوان والأصول من جهة الأب وإن علوا، ومن جهة الأم في حدود الطبقة الأولى ليصبح على النحو التالي  المستحق للنفقة بالقرابة الأبوان والأصول من جهة الأبوين وإن علوا، واقترحت التنصيص في الفصل 44 من المجلة على أنه "يجب على الأولاد الموسرين ذكورا أو إناثا، الإنفاق على من كان فقيرا من الأبوين ومن أصولهما وإن علوا".

النائبة ضحى السالمي عضو المكتب السياسي لحركة الشعب عن دائرة حمام الشط حمام الأنف ببن عروس قالت إنها مع المساواة بين المرأة والرجل في جميع مجالات الحياة ولاحظت أن المساواة في الإنفاق فيها خصوصية وحتى مسألة المساواة في حد ذاتها هي مسألة مغلوطة لأن المساواة موجودة في تونس وذكرت أن قضية المرأة عندما يقع طرحها يبدو كما لو أن هناك استنقاصا لمكانة المرأة أو كما لو أن المرأة التونسية تصارع من أجل تحقيق المساواة بينها وبين الرجل.

لا للإجحاف

وقالت السالمي إن المرأة عندما تكون عاملة مثلها مثل الرجل فهي بطبعها تنفق على أبنائها وأبويها لكن أن يقع تنقيح مجلة الأحوال الشخصية في اتجاه التنصيص على إلزام المرأة بالإنفاق فهذا الأمر يكتسي صبغة خصوصية ولا يمكن الخوض في المسألة دون النظر إلى تداعياتها وذكرت أنها تقول هذا الكلام رغم أنها مع المساواة التامة بين الجنسين وأوضحت أنه لا يمكن أن ننسى أن النفقة تهم الأبناء والآباء والأجداد وبالتالي تناول قضية المساواة فيها يتطلب النظر في كل الفروع. وخلصت النائبة إلى أن الزوج والزوجة إن كانا يتمتعان بنفس الحظوظ في التشغيل وبنفس الأجور فليس هناك مانع لكي لا تقوم المرأة بالإنفاق على أبنائها ولكن دون إجحاف ودون أن تكون ملزمة بالقانون لكي تنفق فمثلا ليس من المنطقي إلزام امرأة بالنفقة وفي المقابل زوجها المتقاعس يقضي كامل اليوم في المقهى.

أما النائبة ريم المعشاوي عن دائرة القلعة الخصبة الجريصة القصور الدهماني السرس فقالت إنها مع  الإبقاء على إجبارية النفقة على الرجل نظرا إلى أن الرجل هو رئيس العائلة وبينت أن المرأة عندما يكون لديها أجر قار ولا يكون عملها شاق فهي تساهم في نفقات الأسرة وهذا ما نصت عليه مجلة الأحوال الشخصية لكن أن يقع تغيير المجلة وجعل النفقة واجب محمول عليها كما هو الشأن بالنسبة إلى الرجل فهذا مرفوض وبينت أن المرأة حرة وهي ان أنفقت فذلك يجب أن يبقى بمحض إرادتها وذكرت أنها مع الإبقاء على نفس الفصول المنصوص عليها في مجلة الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة وهي ترى أنه لا يجب تغييرها بل يجب تقديم مقترحات في اتجاه دعم التمييز الايجابي للمرأة. وأضافت المعشاوي أن النساء في البرلمان الجديد يمثلن أقلية لكنهن ستدافعن على حقوق المرأة وعلى المساواة بين المرأة والرجل في العمل والترقيات والمناصب والمسؤوليات والساعات الإضافية ومنحة الأطفال لأن هذه المنحة يحصل عليها الأب وليس الأم وخلصت إلى أنها مع مبدأ المساواة لكن بالنسبة إلى الإنفاق فيجب الإبقاء على الوضع الحالي وهو أن المرأة تنفق بإرادتها لا أن يقع سن قانون يجبرها على النفقة.

تمكين المرأة أولا

وبالنسبة إلى النائبة سوسن مبروك عن دائرة مدنين الشمالية وهي مستقلة فأشارت إلى أن المرأة عندما تكون ميسورة الحال وقادرة على تلبية جميع احتياجاتها ويكون مورد رزقها جيد فليس هناك ما يمنع من المساواة بينها وبين الرجل في الإنفاق على الأبناء والمساواة بينهما في الإنفاق على الآباء والأصول وان علوا خاصة إذا كان الآباء والأجداد عاجزين وليس لديهم مورد رزق، وبالتالي إذا وقع الأخذ بقاعدة المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل فإن ما ينطبق على الرجل ينطبق بالضرورة على المرأة أي أن المرأة إذا كانت تعمل وتتمتع بأجر قار وتكون ميسورة الحال مثل الرجل فمن المفروض أن ينسحب واجب الانفاق مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الرجل على الأبوين والأجداد.

وفسرت مبروك أنه من الضروري قبل النظر في مدى فاعلية تطبيق القاعدة القانونية للمساواة في النفقة من تهيئة الظروف الملائمة لتمكين المرأة من الحصول على حقوقها ومن التمتع بالمكانة المرموقة التي تستحقها في المجتمع فهي عماد الأسرة وبالتالي عندما يقع تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية فإنها ستصبح بالضرورة قادرة على الانفاق على عائلتها.

وقالت النائبة ان المشكل الحقيقي مرتبط بوضعية المرأة إذ توجد للأسف الشديد فوارق كبيرة بين المرأة والرجل داخل المجتمع التونسي فوضعية المرأة في المدينة تختلف كثيرا عن وضعية المرأة في الريف.

وفضلا عن هذه الفوارق فإن المرأة بشكل عام أصبحت اليوم من الفئات الهشة والمستهدفة وكل حقوقها المكتسبة في حاجة إلى الدعم  ويجب تمكينها من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن لها العيش الكريم وحتى تكون فعلا قادرة على الانفاق على أبنائها وأبويها وأجدادها أما أن يتم إلزامها بالإنفاق وهي محرومة من حقوقها فهذا غير منطقي لأنه لا يمكن طلب شيء من فاقد الشيء.

وذكرت أنه لا بد من توفير الظروف الملائمة التي تسمح للمرأة بالنفاذ إلى سوق الشغل بأجر عادل ومنصف وأن تتمتع بكل حقوقها أولا وبعد ذلك يمكن مطالبتها بواجب الإنفاق.

"موش وقتو"

وأشارت منال بديدة النائبة المستقلة عن دائرة بير علي بن خليفة إلى أنها من أكثر التونسيين المناصرين لحقوق المرأة لكنها ترى أن الحديث عن حقوق المرأة بصفة عامة "موش وقتو" وتعتبر أن الأولوية اليوم في هذه الفترة الحرجة ليست لقضايا المرأة وإنما يجب منح الأولوية للملف الاقتصادي ولمسألة الاصلاح السياسي وقالت النائبة إنه يجب على المجلس النيابي الجديد أن يحدد الرؤية ويوجه البوصلة للملف الاقتصادي الحارق وبعد معالجة المشاكل الاقتصادية وإيجاد حلول فعلية ناجعة لها يمكن لاحقا التطرق إلى قضية المرأة وفي هذه الحالة فإنه لا بد من العمل على التمييز الايجابي للمرأة.

وتعقيبا على سؤال مفاده هل تصوت بنعم أم تصوت بلا أو تحتفظ بصوتها لو يقع عرض مقترح قانون على مجلس نواب الشعب يلغي التمييز بين المرأة والرجل في النفقة أجابت أنها ستصوت بالرفض وقالت إن أي تشريع جديد يجب أن يحظى بدراسة مطولة لمعرفة تأثيراته ولفهم هل أنه يتماشي مع طبيعة المجتمع أم لا.

وذكرت أنها ستصوت بنعم على القوانين التي من شأنها أن تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني أما القضايا التي لا تكتسي صبغة استعجالية بما فيها تلك المتعلقة بالمرأة فيتم النظر فيها لاحقا بعد الانتهاء من الملف الاقتصادي.

مراجعة أحكام الطلاق

ومن جهتها أشارت سنياء بن مبروك النائبة عن دائرة الكرم وعن حراك 25 جويلية إلى أن الحديث عن المساواة في النفقة يستدعي النظر إلى الفصل 38 من مجلة الأحوال الشخصية وينص هذا الفصل على ما يلي:" يجب  على الزوج أن ينفق على زوجته المدخول بها وعلى مفارقته مدّة عدّتها. وقالت إن المشرع عندما صاغ مجلة الأحوال الشخصية فإنه فعل ذلك من منطلق ديني وعلى أساس أن الرجال قوامون على النساء واليوم الأوضاع تطورت وأصبحت المرأة تعمل لذلك عند تنقيح المجلة تمت إضافة أن الزوجة تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال وهذا ما حصل لكن أن يتم الحديث عن مساواة فعلية في النفقة فهذا يتطلب مراجعة الكثير من الفصول الأخرى في مجلة الأحوال الشخصية. وفسرت أن المرأة المتزوجة يمكنها أن ترفع قضية ضد زوجها وتطالبه بالنفقة وفي صورة الاتجاه نحو اقرار مبدأ المساواة في النفقة فهل يمكن للرجل أن يرفع هو الآخر قضية ضد زوجته ويطالبها بالانفاق عليه وكذلك الشأن بالنسبة الى فترة العدة فهل يجب على المرأة أن تنفق على مفارقها في فترة العدة.

وذكرت النائبة سنياء بن مبروك أنها ليست موافقة مائة بالمائة على فكرة المساواة في النفقة لأن طرح هذه القضية سفتح الباب على مصراعيه لمراجعة الكثير من فصول مجلة الأحوال الشخصية لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنفقة. وبينت أنه لا يمكن أن ننكر على المرأة التونسية مساهمتها في الإنفاق على أبنائها وأبويها لكن أن يقع إلزامها بنص قانوني لكي تنفق مثلما مثل الرجل فهذا من شأنه أن يؤدي الى تنقيح عدة فصول من المجلة بما فيها  تلك المتعلقة بالطلاق والعدة وذكرت أنه قبل الخوض في مسألة المساواة في النفقة يجب دراسة مختلف جوانبها والنظر إن كانت قابلة للتطبيق في المجتمع أم لا خاصة في وضع لا تتمتع فيه المرأة بنفس الحظوظ التي يتمتع بها الرجل في سوق الشغل ويمكن للمرأة أن تجد نفسها عاطلة عن العمل فكيف سيطبق عليها قانون يلزمها بالنفقة، وأضافت النائبة أن المشرع عندما الزم الرجل بالنفقة وعندما قال ان المرأة تساهم في النفقة اذا كان لديها مال ولم يجبرها على النفقة فذلك لأن واضعه يدرك أن المرأة تشتغل خارج المنزل وداخله وهناك دول أصبحت تمنح المرأة أجرا مقابل الأعمال المنزلية، وذكرت أنه في حال تطبيق مبدا المساواة في الإنفاق هل سيتقاسم الزوج التونسي الأعمال المنزلية مع زوجته على أساس نفس المبدأ.

سعيدة بوهلال

نائبات جديدات يُجبن "الصباح":  هل حان الوقت لإلزام المرأة بالنفقة مثلها مثل الرجل؟

 

 

تونس-الصباح

لئن حظيت مسألة المساواة في الميراث خلال السنوات الماضية بنقاش مجتمعي مستفيض خاصة بعد صدور  تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة سنة 2018 وبمناسبة عرض رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي مبادرة تشريعية في الغرض على أنظار مجلس نواب الشعب، فإن الخوض في مقترح المساواة في النفقة بين المرأة والرجل الوارد في نفس التقرير لم يكن بنفس الجرأة.

وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة سألت "الصباح" نائبات جديدات عن رأيهن في هذا المقترح، وهناك من أشارت إلى أنه طالما أن المرأة تتمتع بجميع حقوقها وتعمل ولديها أجر قار كاف لتلبية طلباتها فلا مانع من جعل النفقة واجب عليها كما هو الأمر بالنسبة للرجل، لكن هناك من رفضت تغيير القانون الحالي رفضا قاطعا، في حين هناك من نبهت إلى أن المساواة في النفقة بين الرجل والمرأة لا يمكن أن تكون بمعزل عن الأحكام الأخرى المتعلقة بالطلاق وهناك من علقت على هذه المسألة بعبارة "موش وقتو"..

وكانت لجنة الحريات الفردية والمساواة التي ترأستها الحقوقية بشرى بلحاج حميدة أشارت في تقريرها إلى ضرورة مراجعة العديد من النصوص التمييزية ومن ضمنها تلك المتعلقة بالنفقة، ودعت اللجنة المذكورة إلى الارتقاء بواجب الأم في الإنفاق على الأبناء إلى مرتبة الالتزام الكامل المساوي لالتزام الأب، لكن بالنظر إلى واقع التمكين الاقتصادي للمرأة الذي لم يبلغ بعد المساواة التامة في الفرص مع الرجل، ارتأت اللجنة أنه لا بد من قرن واجب النفقة المحمول على الأم بشرط أن يكون لها دخل قار ونص مقترحها على ما يلي :"على الأم التي لها دخل قار الإنفاق على الأبناء".

وبما أن التمييز في النفقة بين المرأة والرجل لا يقتصر على الأبناء بل هناك تمييز على مستوى مستحقي النفقة من الأصول، فقد دعت لجنة الحقوق الفردية والمساواة في تقريرها إلى تحقيق المساواة في استحقاق النفقة بين أصول الأب وأصول الأم واقترحت تعديل الفصل 43 من مجلة الأحوال الشخصية الذي ينص على أن مستحق للنفقة بالقرابة صنفان: الأبوان والأصول من جهة الأب وإن علوا، ومن جهة الأم في حدود الطبقة الأولى ليصبح على النحو التالي  المستحق للنفقة بالقرابة الأبوان والأصول من جهة الأبوين وإن علوا، واقترحت التنصيص في الفصل 44 من المجلة على أنه "يجب على الأولاد الموسرين ذكورا أو إناثا، الإنفاق على من كان فقيرا من الأبوين ومن أصولهما وإن علوا".

النائبة ضحى السالمي عضو المكتب السياسي لحركة الشعب عن دائرة حمام الشط حمام الأنف ببن عروس قالت إنها مع المساواة بين المرأة والرجل في جميع مجالات الحياة ولاحظت أن المساواة في الإنفاق فيها خصوصية وحتى مسألة المساواة في حد ذاتها هي مسألة مغلوطة لأن المساواة موجودة في تونس وذكرت أن قضية المرأة عندما يقع طرحها يبدو كما لو أن هناك استنقاصا لمكانة المرأة أو كما لو أن المرأة التونسية تصارع من أجل تحقيق المساواة بينها وبين الرجل.

لا للإجحاف

وقالت السالمي إن المرأة عندما تكون عاملة مثلها مثل الرجل فهي بطبعها تنفق على أبنائها وأبويها لكن أن يقع تنقيح مجلة الأحوال الشخصية في اتجاه التنصيص على إلزام المرأة بالإنفاق فهذا الأمر يكتسي صبغة خصوصية ولا يمكن الخوض في المسألة دون النظر إلى تداعياتها وذكرت أنها تقول هذا الكلام رغم أنها مع المساواة التامة بين الجنسين وأوضحت أنه لا يمكن أن ننسى أن النفقة تهم الأبناء والآباء والأجداد وبالتالي تناول قضية المساواة فيها يتطلب النظر في كل الفروع. وخلصت النائبة إلى أن الزوج والزوجة إن كانا يتمتعان بنفس الحظوظ في التشغيل وبنفس الأجور فليس هناك مانع لكي لا تقوم المرأة بالإنفاق على أبنائها ولكن دون إجحاف ودون أن تكون ملزمة بالقانون لكي تنفق فمثلا ليس من المنطقي إلزام امرأة بالنفقة وفي المقابل زوجها المتقاعس يقضي كامل اليوم في المقهى.

أما النائبة ريم المعشاوي عن دائرة القلعة الخصبة الجريصة القصور الدهماني السرس فقالت إنها مع  الإبقاء على إجبارية النفقة على الرجل نظرا إلى أن الرجل هو رئيس العائلة وبينت أن المرأة عندما يكون لديها أجر قار ولا يكون عملها شاق فهي تساهم في نفقات الأسرة وهذا ما نصت عليه مجلة الأحوال الشخصية لكن أن يقع تغيير المجلة وجعل النفقة واجب محمول عليها كما هو الشأن بالنسبة إلى الرجل فهذا مرفوض وبينت أن المرأة حرة وهي ان أنفقت فذلك يجب أن يبقى بمحض إرادتها وذكرت أنها مع الإبقاء على نفس الفصول المنصوص عليها في مجلة الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة وهي ترى أنه لا يجب تغييرها بل يجب تقديم مقترحات في اتجاه دعم التمييز الايجابي للمرأة. وأضافت المعشاوي أن النساء في البرلمان الجديد يمثلن أقلية لكنهن ستدافعن على حقوق المرأة وعلى المساواة بين المرأة والرجل في العمل والترقيات والمناصب والمسؤوليات والساعات الإضافية ومنحة الأطفال لأن هذه المنحة يحصل عليها الأب وليس الأم وخلصت إلى أنها مع مبدأ المساواة لكن بالنسبة إلى الإنفاق فيجب الإبقاء على الوضع الحالي وهو أن المرأة تنفق بإرادتها لا أن يقع سن قانون يجبرها على النفقة.

تمكين المرأة أولا

وبالنسبة إلى النائبة سوسن مبروك عن دائرة مدنين الشمالية وهي مستقلة فأشارت إلى أن المرأة عندما تكون ميسورة الحال وقادرة على تلبية جميع احتياجاتها ويكون مورد رزقها جيد فليس هناك ما يمنع من المساواة بينها وبين الرجل في الإنفاق على الأبناء والمساواة بينهما في الإنفاق على الآباء والأصول وان علوا خاصة إذا كان الآباء والأجداد عاجزين وليس لديهم مورد رزق، وبالتالي إذا وقع الأخذ بقاعدة المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل فإن ما ينطبق على الرجل ينطبق بالضرورة على المرأة أي أن المرأة إذا كانت تعمل وتتمتع بأجر قار وتكون ميسورة الحال مثل الرجل فمن المفروض أن ينسحب واجب الانفاق مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الرجل على الأبوين والأجداد.

وفسرت مبروك أنه من الضروري قبل النظر في مدى فاعلية تطبيق القاعدة القانونية للمساواة في النفقة من تهيئة الظروف الملائمة لتمكين المرأة من الحصول على حقوقها ومن التمتع بالمكانة المرموقة التي تستحقها في المجتمع فهي عماد الأسرة وبالتالي عندما يقع تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية فإنها ستصبح بالضرورة قادرة على الانفاق على عائلتها.

وقالت النائبة ان المشكل الحقيقي مرتبط بوضعية المرأة إذ توجد للأسف الشديد فوارق كبيرة بين المرأة والرجل داخل المجتمع التونسي فوضعية المرأة في المدينة تختلف كثيرا عن وضعية المرأة في الريف.

وفضلا عن هذه الفوارق فإن المرأة بشكل عام أصبحت اليوم من الفئات الهشة والمستهدفة وكل حقوقها المكتسبة في حاجة إلى الدعم  ويجب تمكينها من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن لها العيش الكريم وحتى تكون فعلا قادرة على الانفاق على أبنائها وأبويها وأجدادها أما أن يتم إلزامها بالإنفاق وهي محرومة من حقوقها فهذا غير منطقي لأنه لا يمكن طلب شيء من فاقد الشيء.

وذكرت أنه لا بد من توفير الظروف الملائمة التي تسمح للمرأة بالنفاذ إلى سوق الشغل بأجر عادل ومنصف وأن تتمتع بكل حقوقها أولا وبعد ذلك يمكن مطالبتها بواجب الإنفاق.

"موش وقتو"

وأشارت منال بديدة النائبة المستقلة عن دائرة بير علي بن خليفة إلى أنها من أكثر التونسيين المناصرين لحقوق المرأة لكنها ترى أن الحديث عن حقوق المرأة بصفة عامة "موش وقتو" وتعتبر أن الأولوية اليوم في هذه الفترة الحرجة ليست لقضايا المرأة وإنما يجب منح الأولوية للملف الاقتصادي ولمسألة الاصلاح السياسي وقالت النائبة إنه يجب على المجلس النيابي الجديد أن يحدد الرؤية ويوجه البوصلة للملف الاقتصادي الحارق وبعد معالجة المشاكل الاقتصادية وإيجاد حلول فعلية ناجعة لها يمكن لاحقا التطرق إلى قضية المرأة وفي هذه الحالة فإنه لا بد من العمل على التمييز الايجابي للمرأة.

وتعقيبا على سؤال مفاده هل تصوت بنعم أم تصوت بلا أو تحتفظ بصوتها لو يقع عرض مقترح قانون على مجلس نواب الشعب يلغي التمييز بين المرأة والرجل في النفقة أجابت أنها ستصوت بالرفض وقالت إن أي تشريع جديد يجب أن يحظى بدراسة مطولة لمعرفة تأثيراته ولفهم هل أنه يتماشي مع طبيعة المجتمع أم لا.

وذكرت أنها ستصوت بنعم على القوانين التي من شأنها أن تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني أما القضايا التي لا تكتسي صبغة استعجالية بما فيها تلك المتعلقة بالمرأة فيتم النظر فيها لاحقا بعد الانتهاء من الملف الاقتصادي.

مراجعة أحكام الطلاق

ومن جهتها أشارت سنياء بن مبروك النائبة عن دائرة الكرم وعن حراك 25 جويلية إلى أن الحديث عن المساواة في النفقة يستدعي النظر إلى الفصل 38 من مجلة الأحوال الشخصية وينص هذا الفصل على ما يلي:" يجب  على الزوج أن ينفق على زوجته المدخول بها وعلى مفارقته مدّة عدّتها. وقالت إن المشرع عندما صاغ مجلة الأحوال الشخصية فإنه فعل ذلك من منطلق ديني وعلى أساس أن الرجال قوامون على النساء واليوم الأوضاع تطورت وأصبحت المرأة تعمل لذلك عند تنقيح المجلة تمت إضافة أن الزوجة تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال وهذا ما حصل لكن أن يتم الحديث عن مساواة فعلية في النفقة فهذا يتطلب مراجعة الكثير من الفصول الأخرى في مجلة الأحوال الشخصية. وفسرت أن المرأة المتزوجة يمكنها أن ترفع قضية ضد زوجها وتطالبه بالنفقة وفي صورة الاتجاه نحو اقرار مبدأ المساواة في النفقة فهل يمكن للرجل أن يرفع هو الآخر قضية ضد زوجته ويطالبها بالانفاق عليه وكذلك الشأن بالنسبة الى فترة العدة فهل يجب على المرأة أن تنفق على مفارقها في فترة العدة.

وذكرت النائبة سنياء بن مبروك أنها ليست موافقة مائة بالمائة على فكرة المساواة في النفقة لأن طرح هذه القضية سفتح الباب على مصراعيه لمراجعة الكثير من فصول مجلة الأحوال الشخصية لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنفقة. وبينت أنه لا يمكن أن ننكر على المرأة التونسية مساهمتها في الإنفاق على أبنائها وأبويها لكن أن يقع إلزامها بنص قانوني لكي تنفق مثلما مثل الرجل فهذا من شأنه أن يؤدي الى تنقيح عدة فصول من المجلة بما فيها  تلك المتعلقة بالطلاق والعدة وذكرت أنه قبل الخوض في مسألة المساواة في النفقة يجب دراسة مختلف جوانبها والنظر إن كانت قابلة للتطبيق في المجتمع أم لا خاصة في وضع لا تتمتع فيه المرأة بنفس الحظوظ التي يتمتع بها الرجل في سوق الشغل ويمكن للمرأة أن تجد نفسها عاطلة عن العمل فكيف سيطبق عليها قانون يلزمها بالنفقة، وأضافت النائبة أن المشرع عندما الزم الرجل بالنفقة وعندما قال ان المرأة تساهم في النفقة اذا كان لديها مال ولم يجبرها على النفقة فذلك لأن واضعه يدرك أن المرأة تشتغل خارج المنزل وداخله وهناك دول أصبحت تمنح المرأة أجرا مقابل الأعمال المنزلية، وذكرت أنه في حال تطبيق مبدا المساواة في الإنفاق هل سيتقاسم الزوج التونسي الأعمال المنزلية مع زوجته على أساس نفس المبدأ.

سعيدة بوهلال