إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في صراعها مع السلطة التنفيذية: جمعية القضاة ترفض "التركيع".. باستعمال سياسة "التخويف والتجويع"

 

تونس-الصباح

اختبار مهني وإنساني ذلك الذي يتعرض له عدد من القضاة التونسيين وأساسا العاملين على ملفات التحقيق الخاصة فيما بات يعرف بملفات "التآمر على أمن الدولة" والتي انطلقت الأبحاث فيها مؤخرا.

هذا الملف جعل المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين يصدر بيانا مساء الأحد أشار فيه الى ما وصفه "بالضغوطات الكبيرة وغير المسبوقة التي يتعرض لها القضاء على إثر الإيقافات والتتبعات التي شهدتها البلاد في المدة الأخيرة.. وما صاحبها من تهديد ووعيد موجه للقضاة المتعهدين بتلك الملفات من رئيس الجمهورية".

ويأتي بيان جمعية القضاة كردة فعل إزاء ما اعتبر محاولات السلطة التنفيذية وضع يدها على السلطة القضائية وضرب الدور الطلائعي للقضاة في ضمانات المحاكمة العدالة حيث الإيمان أن الأصل في الأشياء هي الحرية وان القضاء العادل والناجز هو من يبحث عن قرينة البراءة قبل الإدانة.

ضغوطات غير مسبوقة

وفي هذا السياق كشفت جمعية القضاة أنّ "القضاء يتعرّض إلى ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة"، وذلك إثر الإيقافات والتتبعات التي شهدتها البلاد في المدّة الأخيرة والتي شملت نشطاء سياسيين وقضاة ومحامين ونقابيين  وإعلاميين وما صاحبها من "تهديد ووعيد موجّه للقضاة المتعهدين بتلك الملفات من رئيس الجمهورية أعلى هرم الدولة ومن بعض الصفحات والناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي المساندين والداعمين له"، وفق نصّ البيان.

تصريحات الرئيس.. تدخل في عمل القضاة

ونبّهت جمعية القضاة من "الخطورة الكبيرة التي تكتسيها تصريحات وخطابات رئيس الجمهورية تُجاه القضاة بخصوص القضايا المعروضة عليهم لما تمثله من تدخّل مباشر وصريح في سير الأبحاث وفي الإجراءات المتبعة فيها ومن انتهاك واضح وصارخ لمبدأ التفريق بين السلط ومعايير المحاكمة العادلة واستقلال السلطة القضائية عماد دولة القانون".

ودعت الجمعية "رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية بكامل مكوّناتها إلى احترام استقلال السلطة القضائية والكفّ عن التدخّل في أعمال القضاة وفيما تعهدوا به من ملفات بأيّ وجه من الوجوه والامتناع عن كلّ خطابات التهديد والوعيد تجاههم لما يمثله ذلك من ضغط سياسي عليهم يتنافى كليا وطبيعة عملهم الذي يستند بالأساس على التطبيق السليم للقانون والإجراءات وحماية الحقوق والحريات ومبادئ وضمانات المحاكمة العادلة في كنف الحياد التام لا على تعليمات السلطة التنفيذية ورغباتها"، وفق نصّ البيان.

رفض التعليمات

ولم تكن وزارة الإشراف بمعزل عن انتقادات الجمعية حيث أتى البيان على العقوبات المسلطة على القضاة الرافضين للتعليمات وطالب البيان وزارة العدل والسلطة التنفيذية بـ "الكفّ عن جميع الإجراءات الانتقامية ضدّ القضاة وعن استعمال جهاز التفقدية العامة بغاية هرسلتهم والتنكيل بهم على خلفية قراراتهم واجتهاداتهم القضائية المتخذة بكامل الاستقلالية".

وجدّدت أيضا الدعوة إلى كلّ القضاة وخاصة منهم قضاة السلسلة الجزائية "رغم هذه الظروف غير المسبوقة" إلى التمسّك باستقلالهم وحيادهم في أدائهم لرسالة القضاء بكامل النزاهة والتحلي بالشجاعة والجرأة وبالتطبيق السليم للقانون على الجميع وعدم الالتفات لما قد يبلغهم من تهديدات أو ضغوطات أو تعليمات مباشرة أو غير مباشرة مهما كان مصدرها تفعيلا لمبادئ المحاكمة العادلة وإعلاء لقيم دولة القانون وحماية لحقوق المواطنين والمتقاضين وحرياتهم، حسب نصّ البيان.

سيف الإعفاءات.. المنعرج الخطير

وتعرض بيان جمعية القضاة الى ما اعتبرته "المنعرج الخطير" وذلك على خلفية ما اتخذه رئيس الجمهورية من " قرار إيقاف أحد قضاة التحقيق الأوّل بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب عن العمل وغلق مكتبه بعد تغيير أقفاله وإحالته على المجلس المؤقّت للقضاء العدلي تمهيدا لإعفائه على خلفية أحد الملفات القضائية التي تعهد بها في الأسابيع الأخيرة في خضم حملة الإيقافات وباشرها دون إصدار بطاقة إيداع في حق المظنون فيه، بغاية معاقبة القاضي المعني وإشاعة الخوف والرعب في أوساط غيره من القضاة وحملهم جميعا على الانصياع الكامل إلى أوامر وتعليمات السلطة التنفيذية المباشرة فيما يعرض عليهم من قضايا"، وفق نصّ البيان.

وفي ختام بيانها، دعت جمعية القضاة جميع المنظّمات الوطنية والدولية وكلّ مكونات المجتمع إلى الوقوف إلى جانب القضاء المستقل وحماية القضاة المستقلين، الذين يعملون تحت وطأة "سيف الإعفاء"، من كلّ ما يتعرضون له من "ضغوطات وترهيب وما يلحقهم من إجراءات تعسفية تستهدفهم بغاية إشاعة الخوف في صفوفهم والتأثير على قراراتهم وتطويعهم بقصد دفعهم إلى تطبيق التعليمات بما يؤول إلى تقويض سلطة قرارهم المستقل في التطبيق السليم للقانون وحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك أيا كان مصدره"، على حدّ تعبيرها.

مواضيع الإعفاء.. والحركة القضائية

ولم يكن الخلاف بين السلطة التنفيذية والقضائية بالأمر الطارئ على الساحة الوطنية حيث لا تزال المواجهة بين السلطتين مفتوحة خاصة فيما يتعلق بملف الإعفاءات.

إذ وبالرغم من تحقيق القضاة لانتصار معنوي وقانوني انتهى بصدور قرار يقضي بتوقيف تنفيذ المحكمة الإدارية للمرسوم الرئاسي عدد 35 المتعلق بإعفاء 57 قاضية وقاضيا وإعادة 47 منهم الى العمل إلا أن ذلك لم يحصل مما أجج الصراع أكثر.

وتعود المواجهة بين الطرفين مع إعلان منسّق هيئة الدفاع عن استقلاليّة القضاء والقضاة المعفيين العياشي الهمامي خلال نقطة إعلاميّة سابقة أمام قصر العدالة عن إيداع شكايات جزائيّة نيابة عن 37 من بين القضاة المعفيين ضدّ وزيرة العدل ليلى جفّال وذلك بعد تخلفها عن تنفيذ قرار المحكمة الإدارية الصادر منذ 10 أوت 2022.

ولم تتوقف حيثيات الصراع عند هذا الحد بل تطورت أكثر مع رفض السلطات إصدار الحركة القضائية السنوية للقضاة العدليين في سابقة وصفها القضاة "بالتاريخية ".

وحددت جمعية القضاة التداعيات السلبية لمثل هذا التأخير وما ترتب عنه من "تداعيات على حقوق المتقاضين وحسن سير القضاء ومرفق العدالة بغاية التحكم في إدارة المحاكم وجهاز النيابة العمومية من قبل وزارة العدل، وتواصل ذلك الصمت رغم حملات استهداف القضاة وتهديدهم وتخويفهم والتشهير بهم ومحاولات توظيفهم من قبل السلطة السياسية".

خليل الحناشي

في صراعها مع السلطة التنفيذية: جمعية القضاة ترفض "التركيع".. باستعمال سياسة "التخويف والتجويع"

 

تونس-الصباح

اختبار مهني وإنساني ذلك الذي يتعرض له عدد من القضاة التونسيين وأساسا العاملين على ملفات التحقيق الخاصة فيما بات يعرف بملفات "التآمر على أمن الدولة" والتي انطلقت الأبحاث فيها مؤخرا.

هذا الملف جعل المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين يصدر بيانا مساء الأحد أشار فيه الى ما وصفه "بالضغوطات الكبيرة وغير المسبوقة التي يتعرض لها القضاء على إثر الإيقافات والتتبعات التي شهدتها البلاد في المدة الأخيرة.. وما صاحبها من تهديد ووعيد موجه للقضاة المتعهدين بتلك الملفات من رئيس الجمهورية".

ويأتي بيان جمعية القضاة كردة فعل إزاء ما اعتبر محاولات السلطة التنفيذية وضع يدها على السلطة القضائية وضرب الدور الطلائعي للقضاة في ضمانات المحاكمة العدالة حيث الإيمان أن الأصل في الأشياء هي الحرية وان القضاء العادل والناجز هو من يبحث عن قرينة البراءة قبل الإدانة.

ضغوطات غير مسبوقة

وفي هذا السياق كشفت جمعية القضاة أنّ "القضاء يتعرّض إلى ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة"، وذلك إثر الإيقافات والتتبعات التي شهدتها البلاد في المدّة الأخيرة والتي شملت نشطاء سياسيين وقضاة ومحامين ونقابيين  وإعلاميين وما صاحبها من "تهديد ووعيد موجّه للقضاة المتعهدين بتلك الملفات من رئيس الجمهورية أعلى هرم الدولة ومن بعض الصفحات والناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي المساندين والداعمين له"، وفق نصّ البيان.

تصريحات الرئيس.. تدخل في عمل القضاة

ونبّهت جمعية القضاة من "الخطورة الكبيرة التي تكتسيها تصريحات وخطابات رئيس الجمهورية تُجاه القضاة بخصوص القضايا المعروضة عليهم لما تمثله من تدخّل مباشر وصريح في سير الأبحاث وفي الإجراءات المتبعة فيها ومن انتهاك واضح وصارخ لمبدأ التفريق بين السلط ومعايير المحاكمة العادلة واستقلال السلطة القضائية عماد دولة القانون".

ودعت الجمعية "رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية بكامل مكوّناتها إلى احترام استقلال السلطة القضائية والكفّ عن التدخّل في أعمال القضاة وفيما تعهدوا به من ملفات بأيّ وجه من الوجوه والامتناع عن كلّ خطابات التهديد والوعيد تجاههم لما يمثله ذلك من ضغط سياسي عليهم يتنافى كليا وطبيعة عملهم الذي يستند بالأساس على التطبيق السليم للقانون والإجراءات وحماية الحقوق والحريات ومبادئ وضمانات المحاكمة العادلة في كنف الحياد التام لا على تعليمات السلطة التنفيذية ورغباتها"، وفق نصّ البيان.

رفض التعليمات

ولم تكن وزارة الإشراف بمعزل عن انتقادات الجمعية حيث أتى البيان على العقوبات المسلطة على القضاة الرافضين للتعليمات وطالب البيان وزارة العدل والسلطة التنفيذية بـ "الكفّ عن جميع الإجراءات الانتقامية ضدّ القضاة وعن استعمال جهاز التفقدية العامة بغاية هرسلتهم والتنكيل بهم على خلفية قراراتهم واجتهاداتهم القضائية المتخذة بكامل الاستقلالية".

وجدّدت أيضا الدعوة إلى كلّ القضاة وخاصة منهم قضاة السلسلة الجزائية "رغم هذه الظروف غير المسبوقة" إلى التمسّك باستقلالهم وحيادهم في أدائهم لرسالة القضاء بكامل النزاهة والتحلي بالشجاعة والجرأة وبالتطبيق السليم للقانون على الجميع وعدم الالتفات لما قد يبلغهم من تهديدات أو ضغوطات أو تعليمات مباشرة أو غير مباشرة مهما كان مصدرها تفعيلا لمبادئ المحاكمة العادلة وإعلاء لقيم دولة القانون وحماية لحقوق المواطنين والمتقاضين وحرياتهم، حسب نصّ البيان.

سيف الإعفاءات.. المنعرج الخطير

وتعرض بيان جمعية القضاة الى ما اعتبرته "المنعرج الخطير" وذلك على خلفية ما اتخذه رئيس الجمهورية من " قرار إيقاف أحد قضاة التحقيق الأوّل بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب عن العمل وغلق مكتبه بعد تغيير أقفاله وإحالته على المجلس المؤقّت للقضاء العدلي تمهيدا لإعفائه على خلفية أحد الملفات القضائية التي تعهد بها في الأسابيع الأخيرة في خضم حملة الإيقافات وباشرها دون إصدار بطاقة إيداع في حق المظنون فيه، بغاية معاقبة القاضي المعني وإشاعة الخوف والرعب في أوساط غيره من القضاة وحملهم جميعا على الانصياع الكامل إلى أوامر وتعليمات السلطة التنفيذية المباشرة فيما يعرض عليهم من قضايا"، وفق نصّ البيان.

وفي ختام بيانها، دعت جمعية القضاة جميع المنظّمات الوطنية والدولية وكلّ مكونات المجتمع إلى الوقوف إلى جانب القضاء المستقل وحماية القضاة المستقلين، الذين يعملون تحت وطأة "سيف الإعفاء"، من كلّ ما يتعرضون له من "ضغوطات وترهيب وما يلحقهم من إجراءات تعسفية تستهدفهم بغاية إشاعة الخوف في صفوفهم والتأثير على قراراتهم وتطويعهم بقصد دفعهم إلى تطبيق التعليمات بما يؤول إلى تقويض سلطة قرارهم المستقل في التطبيق السليم للقانون وحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك أيا كان مصدره"، على حدّ تعبيرها.

مواضيع الإعفاء.. والحركة القضائية

ولم يكن الخلاف بين السلطة التنفيذية والقضائية بالأمر الطارئ على الساحة الوطنية حيث لا تزال المواجهة بين السلطتين مفتوحة خاصة فيما يتعلق بملف الإعفاءات.

إذ وبالرغم من تحقيق القضاة لانتصار معنوي وقانوني انتهى بصدور قرار يقضي بتوقيف تنفيذ المحكمة الإدارية للمرسوم الرئاسي عدد 35 المتعلق بإعفاء 57 قاضية وقاضيا وإعادة 47 منهم الى العمل إلا أن ذلك لم يحصل مما أجج الصراع أكثر.

وتعود المواجهة بين الطرفين مع إعلان منسّق هيئة الدفاع عن استقلاليّة القضاء والقضاة المعفيين العياشي الهمامي خلال نقطة إعلاميّة سابقة أمام قصر العدالة عن إيداع شكايات جزائيّة نيابة عن 37 من بين القضاة المعفيين ضدّ وزيرة العدل ليلى جفّال وذلك بعد تخلفها عن تنفيذ قرار المحكمة الإدارية الصادر منذ 10 أوت 2022.

ولم تتوقف حيثيات الصراع عند هذا الحد بل تطورت أكثر مع رفض السلطات إصدار الحركة القضائية السنوية للقضاة العدليين في سابقة وصفها القضاة "بالتاريخية ".

وحددت جمعية القضاة التداعيات السلبية لمثل هذا التأخير وما ترتب عنه من "تداعيات على حقوق المتقاضين وحسن سير القضاء ومرفق العدالة بغاية التحكم في إدارة المحاكم وجهاز النيابة العمومية من قبل وزارة العدل، وتواصل ذلك الصمت رغم حملات استهداف القضاة وتهديدهم وتخويفهم والتشهير بهم ومحاولات توظيفهم من قبل السلطة السياسية".

خليل الحناشي