إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ذكرى ملحمة الانتصار بن قردان.. الجدران التي تحطمت عليها "داعش"!

 

تونس – الصباح

في فجر ذلك من يوم 7 مارس 2016 استفاقت مدينة بن قردان الهادئة على أصوات غريبة.. أزيز رصاص وضجيج يملأ المكان.. في البداية لم يستوعب الأهالي ما يجري في الجوار ولكن مع مرور الوقت.. اتضح الأمر.. ثكنة جلاّل التابعة للجيش الوطني ومنطقة الحرس الوطني تتعرّض الى هجوم إرهابي متزامن، تقوده عناصر مسلّحة استطاعت اختراق المدينة ووجدت من يسندها من داخل المدينة .

حقيقة صادمة وهجوم لم يتوقّع أحد أن يكون بتلك الجرأة وذلك التجاسر والاستخفاف بالدولة، وما زاد في تأزيم الوضع هو قتل ضابطين من الأمن عن مكافحة الإرهاب في منازلهم، لتبدأ بعد ذلك المرحلة الأكثر صدمة عندما بدأت بعض العناصر المسلحة تتجوّل وسط المدينة معلنين بمكبرات الصوت أنهم "تنظيم الدولة" ويطلبون من السكان مساندتهم.. مشهد مروّع لم يتوقع أحد حدوثه على أرض الواقع بعد أن اعتقد الجميع أنه لا يحدث إلا في الرمادي بالعراق أو بمدينة الرقة في العراق، وزاد الأمر سوءا لأن البعض من العناصر المسلحة التي هاجمت المدينة هم من أبنائها وكانت خشية الأجهزة الأمنية والعسكرية كبيرة من تدخّل معطى الروابط الدموية في منح هذا الهجوم حاضنة شعبية .

لكن ومرّة أخرى، تثبت المدينة الحدودية التي عانت الإقصاء والتهميش لعقود والتي طالما شعر أبناؤها بالحنق والغضب من دولة لم تكترث لوضعهم الاجتماعي يوميا وتركتهم يلاحقون رغيف عيشهم في مسالك التهريب والتجارة الموازية ودون مشاريع تنموية، أن الوطن أكبر من حيف الدولة وظلمها وأن شعور الانتماء الى تونس أعمق حتى من رابطة الدم.. حيث لم تمض سوى ساعات إلا وقد تم تدارك البهتة والصدمة ودحر المجموعات المهاجمة بعد اشتباكات ومواجهات التحم فيها المواطنون بالقوات الأمنية والعسكرية وقدّموا درسا للعالم بأن دحر الإرهاب فكرة مشتركة بين الجميع وانه ليس وظيفة الأمن أو القوات العسكرية وأن المجتمع التونسي حتى تلك المناطق المحافظة والمنغلقة لا تقبل بالأفكار المتطرفة وترفضها وأن التنظيمات الإرهابية لا يمكن أن تجد لها مستقرا في تونس حتى ولو كانت الدولة تمرّ بلحظات وهن .

وكلنا يذكر سياقات 2015 و2016 عندما تلقت البلاد ضربات إرهابية موجعة سواء من خلال أحداث متحف باردو الدموية ونزل الامبريال بسوسة ومحاولة تفجير روضة آل بورقيبة وشراسة الجماعات المقاتلة بجبل الشعانبي.. حيث كانت الأجهزة الأمنية والعسكرية تخوض معارك ضارية على جميع الواجهات .

في هذا الملف سنعود الى ملحمة بن قدران في ذكرى انتصارها العظيم ودحرها للدواعش.. وسنعود الى حيثيات وتفاصيل الملف في بعده الأمني والسياسي والجهادي .

 إعداد: منية العرفاوي

الحدث المباغت ...

ذلك الهجوم المباغت واللافت والخطير، لم يثر اهتمام التونسيين فقط بل شد اهتمام كل العالم حيث تصدرت أخباره نشرات الأخبار الدولية، مما دفع برئيس الحكومة آنذاك الحبيب الصيد ووزير الداخلية الهادي المجدوب ووزير الدفاع الوطني فرحات الحرشاني الى تنظيم ندوة صحفية يوم 8 مارس لتقديم اخر المعطيات حول هذا الملف وقد قال رئيس الحكومة أن الهدف من هذا الهجوم هو إقامة إمارة إسلامية من قبل تنظيم الدولة  (داعش) في مدينة بن قردان، موضّحا أن المسلحين هاجموا ثكنة عسكرية للجيش الوطني ومقر الحرس الوطني ومقر الأمن الوطني والشرطة وذلك في نفس الوقت بطريقة منسقة.

كما قدمت وقتها رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع الوطني يوم 7 مارس حصيلة أولية لضحايا الاشتباكات حيث بلغ عدد القتلى 55 قتيلا منهم 36 مسلحا و12 فردا من القوات الأمنية والعسكرية و7 مدنيين، في حين بلغ عدد الجرحى 27 فردا، وتم اعتقال يومها 7 مسلحين. وفي ذلك اليوم ورغم تمكن القوات العسكرية والأمنية من استعادة السيطرة على المدينة مع منتصف النهار وعودة الهدوء تدريجيا مساء ذلك اليوم.. إلا أن ذلك لم يمنع من تجدد الاشتباكات في ليلة 8 مارس واستطاعت ليلتها قوات الجيش والأمن القضاء على 6 مسلحين متحصنين في منزل بضواحي المدينة. كما تواصلت عمليات المطاردة والاشتباكات المتقطعة لأيام متعددة حيث أمكن لقوات الأمن في 9 مارس تصفية 4 مسلحين في حين قتل جندي وجرح مواطن آخر. وفي 10 مارس، قتل 4 مسلحين واعتقل آخر. وقد مثّلت هذه العملية ضربة قاصمة للمجموعات المسلحة بعد مقتل جميع المخططين للهجوم واعتقال آخرين.. في حين مثّلت انتصارا لافتا للقوات الأمنية والعسكرية.

الأداء الأمني..

رغم الفطنة والتدارك السريع من القوات الأمنية والعسكرية المتمركزة بمدينة بن قردان وسرعة وصول الإمدادات إلا أن ذلك لم ينف وجود ثغرة أمنية كبيرة ونقصا فادحا في المعلومة الاستخباراتية والعمل الاستعلامي، جعلت تلك المجموعات تخترق المدنية وتصل الى مقرات سيادة عسكرية وأمنية ولولا شجاعة ويقظة القوات المتمركزة لكانت الخسائر أفدح بكثير خاصة وأن غزوة بن قردان أتت ضمن سياق سياسي وعسكري تميز بتطورات وضع تنظيم الدولة في ليبيا حيث عرفت ليبيا عملية عسكرية كبيرة لصد هجوم تنظيم الدولة في مدينة صبراتة، بعد الهجوم الذي نفّذه جيش الطيران الأمريكي على مدينة صبراطة التي كانت تشهد تجمّع لافت لمئات الدواعش وتدريبهم في العجيلات استعدادا لتنفيذ هجومات داخل وخارج ليبيا.. ولكن الأزمة الداخلية التي كانت تعيشها تونس وقتها وخاصة في علاقة بصراع الأجنحة داخل الحزب الحاكم وقتها نداء تونس.. أثر كل ذلك على الأداء الوزاري والحكومي وفرضا حالة من الهشاشة السياسية .

ردود الفعل الرسمية ..

قال رئيس الجمهورية آنذاك الباجي قائد السبسي في كلمة للشعب أنه يشيد بالمجهود الكبير الذي قامت به قوات الأمن والجيش لمواجهة هذه المجموعات الإرهابية وقدم تعازيه لأسر الضحايا، ووضح القرارات التي تم اتخاذها ومنها إغلاق الحدود الليبية وفرض حظر التجول في مدينة بن قردان، وشكر من جهة أخرى أهالي المدينة الذين تعاونوا مع قوات الأمن والجيش ودعاهم لتوخي الحذر.. في حين ندّد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الاتحاد بالهجوم الإرهابي وترحم على الشهداء وحيا من جهة أخرى شجاعة قوات الجيش والأمن الوطنيين وتصديهم الناجح للهجوم..

وبالنسبة لردود الفعل الخارجية فقد أكد الاتحاد الأوروبي، تضامنه مع شعب وحكومة تونس وقدم خالص تعازيه لأسر ضحايا السكان المدنيين وقوات الأمن. وذكّر الاتحاد الأوروبي في بيان عن عمق العلاقات التونسية الأوروبية خاصة بعد الثورة ودعم الاتحاد الأوروبي لمسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. كما أكد البيان وقوف الاتحاد بحزم إلى جانب الديمقراطية التونسية في المحنة التي تمر بها.. في حين أكد بيان عن رئيس الجمهورية الفرنسية قال فيه أن الرئيس فرانسوا هولاند يؤكد على دعم فرنسا وتضامنها الكامل مع تونس، وقال ان تونس استهدفت مجددا لأنها تمثل رمزا وأضاف أنه أكثر من أي وقت مضى فرنسا عازمة على مواصلة وتكثيف تعاونها مع تونس في مجال مكافحة الإرهاب.

هذا بالإضافة الى عدة بيانات مساندة داخلية ودولية من منظمات غير حكومية وتعاطف رسمي من عديد الحكومات .

شهداء الملحمة ..

نجم عن الاشتباكات المسلحة مع العناصر الإرهابية وعمليات المطاردة التي تواصلت على مدى 3 أيام، وفق الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب آنذاك سفيان السليطي استشهاد 10 أمنيين وهم رمزي الزرلي ومحمد ياسين السلطان وعبد العاطي عبد الكبير وبولعراس رداوي وعماد مصاورة والمهدي الشملالي وعبد السلام سعفي وسفيان حمد ومحمد عفيف وعبد الكريم جريء وعسكريين اثنين هما عبد الباسط المري وغيث قطيف و9 مدنيين هم حسن الشهباني وعبد الجواد الشافعي ومحمد مليان وسارة الموفق وعلي القديري ومحمود التايب وسمير الرقاد وعمار الجراي وعبد الرحمان فرحات وعون ديوانة الحسين المنصوري إضافة إلى إصابة آخرين بجروح .

 

داعش يتبنى

أعلن تنظيم "داعش" تبنيه ما أسماها بـ"غزوة بن قردان"  وهي الهجوم الإرهابي الفاشل الذي شنه على مدينة بن قردان والتي تكبّد فيها التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة تمثلت في القضاء على 55 فردا من أتباعه، إضافة إلى خسارة عتاد كبير ومتطور وانكشفت خططه وعناصره. وقد صدر البيان عن مؤسسة "البتار" الذراع الإعلامية لـ"داعش" كشف عن إحباط واعتراف صريح بالفشل والهزيمة في واقعة بن قردان حيث قالت "البتار" إن هذه الأحداث هي "معركة العقيدة" التي أكدت أنها بداية الحرب التي لا هوادة فيها وأنها تمثل جزءا يسيرا من فاتورة تنتظر تونس..

إلا أنه وعمليا كانت هذه العملية الفاشلة التي قادها التنظيم الإرهابي هي بداية انهياره في كل المناطق التي كان يسيطر عليها، حيث أنه وبعد الهجمة التي نفذها سلاح الطيران الأمريكي على معاقل التنظيم في صبراطة الليبية انحسر تواجد التنظيم كثيرا في ليبيا وبعد ذلك تمت محاصرته في ثغوره الرئيسية بكل من العراق وسوريا ودحره تماما الى درجة أنه اليوم وبعد خمس سنوات من واقعة بن قردان لم يعد له مكان .

أحكام بالإعدام

بعد عملية بن قردان أذنت النيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي في جرائم إرهابية تعلقت بارتكاب جرائم قتل وإحداث جروح وضرب وغير ذلك من أنواع العنف  والإضرار بالممتلكات العامة وبالموارد الحيوية وبالبنية الأساسية وبوسائل النقل والاتصالات وبالمرافق العمومية، إضافة إلى القبض على شخص وحجزه وسجنه دون إذن قانوني والتهديد بقتله وإيذائه واستمرار احتجازه من أجل إكراه طرف ثالث. وقد وضّحت النيابة العمومية وقتها حول المسار القضائي لأحداث بن قردان، أنّ القضيّة الأصليّة يمثل فيها 77 متهما. وأن عدد متهمي القضيّة يبلغ 96 متّهما يتوزّعون بين 62 موقوفا و25 بحالة سراح و9 بحالة فرار، والتهم الموجّهة إليهم تتراوح بين الانضمام إلى تنظيم إرهابي داخل وخارج التراب التونسي وتوفير أسلحة ومتفجرات وذخيرة لتنظيم إرهابي والقتل ومحاولة القتل المصنّف بالجريمة الإرهابية إضافة إلى الإضرار بالممتلكات العامّة والموارد الحيويّة للدولة.

وفي 5 مارس الماضي صدرت أحكام قضائية أولية ضد 96 مدانا، تضمّنت 16 حكما بالإعدام في الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة بن قردان وذكر بيان وقتها صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس أن "الأحكام الصادرة تمثلت في عقوبة الإعدام لـ16 متهما، والسجن مدى الحياة لـ15 متهما، والسجن مدة 30 سنة لمتهمين اثنين "كما تضمنت الأحكام وفق ذات البيان "السجن مدة 27 سنة لمتهمين اثنين والسجن مدة 24 سنة لسبعة متهمين والسجن مدة 20 سنة لثلاثة متهمين كما تمثلت الأحكام في أحكام بالسجن تتراوح بين 15 سنة و4 سنوات في حق باقي المتهمين المحكوم في حقهم بالإدانة (عددهم 51)". وأكد البيان أن "النيابة العامة تولّت الطعن في الأحكام الصادرة في هذه القضية وفي حق جميع المتهمين" .

ومن بين أبرز الإرهابيين المتهمين في أحداث بن قردان الإرهابية، مختار العرف الذي نسب له إخفاء كمية الأسلحة التي تم ضبطها مدفونة في أكثر من موقع في المدينة وتم استعمال بعضها في عملية غزو المدينة ورغم ان محاميته قالت وقتها ان الكمية المحجوزة من السلاح هي مخفية في أماكنها منذ سنة 2003 .

والى جانب مختار العرف الذي تولى الجانب اللوجستي في تنفيذ العملية كان الإرهابي عادل الغندري هو مهندس العملية بكاملها وهو من أحد قادة داعش البارزين في المنطقة ونشط بين تونس وليبيا بكثافة والغندري هو من مواليد 1986 وكان له قبل القبض عليه نشاط إرهابي مكثف ومن بين العمليات التي اشرف على تنفيذها عملية متحف باردو الإرهابية في 2015 وعملية المنيهلة وتهريب الأسلحة بين تونس وليبيا. وبعد أحداث بن قردان اختفى الغندري وتم بعد ذلك القبض عليه وهو في عيادة تجميل يريد تغيير شكله، كما أنه في المحاكمة العسكرية التي انعقدت في فيفري 2019 على خلفية مهاجمة العناصر المسلحة للثكنة العسكرية جلاّل، حاول أن يعتدي على القاضي العسكري في قاعة المحكمة وأثناء الجلسة .

والى جانب الغندري فان من أبرز الإرهابيين الآخرين من الذين شاركوا في العملية نجد مفتاح مانيطة وهو قائد المجموعة التي هاجمت المدينة وعندما حاول اقتحام مركز شرطة المدينة تم قتله من طرف عناصر الأمن .

وبعد انتهاء عملية الاشتباكات المسلحة، كشفت الوحدات الأمنية والعسكرية بولاية مدنين عن مخزن سلاح في منطقة "شارب الراجل" ببن قردان مطمورا في ارض تعود ملكيتها لأحد الإرهابيين الذي يرجح انه لقي حتفه في ليبيا، وذلك وفق ما أفاد به مصدر امني.. كما تم الكشف عن 5 مخازن أسلحة أخرى في بن قردان تضم أسلحة حربية متطورة وذلك من جملة 20 مخزنا أعلنت وزارة الدفاع أنها كشفتها في الهاتف الجوال لإرهابي تم القضاء عليه مؤخرا بالقصرين. أفادت وزارة الداخلية بأن الوحدة الوطنيّة للبحث في جرائم الإرهاب للأمن الوطني رفقة الوحدات الأمنيّة المختصّة ببن قردان تمكنت من إيقاف ثلاثة عناصر يشتبه في تورّطهم في قضيّة مخزن السّلاح الثّالث الذي تمّ كشفه أمس بالوراسنيّة ببن قردان.

كما بينت وزارة الداخلية أن صاحب المسكن الذي تمّ العثور فيه على مخزن الأسلحة من بين الموقوفين في عملية بن قردان كما قدمت قائمة الأسلحة التي تمّ العثور عليها بهذا المخزن والمتمثلة أساسا في 24 صاروخ سام 7 و2 قاذفات صاروخ سام 7 و3 قاذفات آر بي جي و52 قذيفة آر بي جي و27 سلاح كلاشنيكوف و12 بندقيّة فالو و10رشّاشات فالو و6 مخازن سلاح كلاشنيكوف و6 أشرطة مخازن فال و2 رمّانات يدويّة وسلسلة ذخيرة "بي كا" وسلسلة ذخيرة فالو و1234 صاعقا كهربائيا وصاروخ صغير الحجم.

كما تم العثور وفق الداخلية على صندوق ذخيرة عيار 7.62 و2 رشاشات بي كا ثقيلة و89 أنبوب تفجّر و4 صواعق ميكانيكيّة و2 صناديق تي آن تاي "و12 كلغ موّاد متفجّرة وكميّة كبيرة من الخراطيش.

ولم يكن وجود هذه الأسلحة صدفة بل كان ضمن التخطيط العام الذي اعتزمه تنظيم داعش للسيطرة على المدينة وانتزاعها بالغصب ووضع الراية السوداء وهو ما كان سيمثل هزيمة نفسية وواقعية قاسية للدولة وللأجهزة الأمنية والعسكرية ولكن التدارك السريع من طرف القوات المتمركزة على عين المكان أنقذ المدينة والدولة .

وكانت ملحمة بن قردان أول هزيمة قاسية تلحق بالتنظيم ليستمر بعد ذلك تراجعه وانحسار دوره وحضوره على كامل تراب الجمهورية ولكن رغم ان التنظيم الإرهابي ككل تمت محاصرته وتقليم أظافره في كل المناطق التي يتواجد فيها إلا أن ذلك لا ينفي ان داعش كفكرة اختفى وهو ما يجب ان تنتبه له الدولة جيدا وان تعمل على محاصرة التنظيم فكريا الى جانب الحلول الأمنية المعتمدة .

في ذكرى ملحمة الانتصار  بن قردان.. الجدران التي تحطمت عليها "داعش"!

 

تونس – الصباح

في فجر ذلك من يوم 7 مارس 2016 استفاقت مدينة بن قردان الهادئة على أصوات غريبة.. أزيز رصاص وضجيج يملأ المكان.. في البداية لم يستوعب الأهالي ما يجري في الجوار ولكن مع مرور الوقت.. اتضح الأمر.. ثكنة جلاّل التابعة للجيش الوطني ومنطقة الحرس الوطني تتعرّض الى هجوم إرهابي متزامن، تقوده عناصر مسلّحة استطاعت اختراق المدينة ووجدت من يسندها من داخل المدينة .

حقيقة صادمة وهجوم لم يتوقّع أحد أن يكون بتلك الجرأة وذلك التجاسر والاستخفاف بالدولة، وما زاد في تأزيم الوضع هو قتل ضابطين من الأمن عن مكافحة الإرهاب في منازلهم، لتبدأ بعد ذلك المرحلة الأكثر صدمة عندما بدأت بعض العناصر المسلحة تتجوّل وسط المدينة معلنين بمكبرات الصوت أنهم "تنظيم الدولة" ويطلبون من السكان مساندتهم.. مشهد مروّع لم يتوقع أحد حدوثه على أرض الواقع بعد أن اعتقد الجميع أنه لا يحدث إلا في الرمادي بالعراق أو بمدينة الرقة في العراق، وزاد الأمر سوءا لأن البعض من العناصر المسلحة التي هاجمت المدينة هم من أبنائها وكانت خشية الأجهزة الأمنية والعسكرية كبيرة من تدخّل معطى الروابط الدموية في منح هذا الهجوم حاضنة شعبية .

لكن ومرّة أخرى، تثبت المدينة الحدودية التي عانت الإقصاء والتهميش لعقود والتي طالما شعر أبناؤها بالحنق والغضب من دولة لم تكترث لوضعهم الاجتماعي يوميا وتركتهم يلاحقون رغيف عيشهم في مسالك التهريب والتجارة الموازية ودون مشاريع تنموية، أن الوطن أكبر من حيف الدولة وظلمها وأن شعور الانتماء الى تونس أعمق حتى من رابطة الدم.. حيث لم تمض سوى ساعات إلا وقد تم تدارك البهتة والصدمة ودحر المجموعات المهاجمة بعد اشتباكات ومواجهات التحم فيها المواطنون بالقوات الأمنية والعسكرية وقدّموا درسا للعالم بأن دحر الإرهاب فكرة مشتركة بين الجميع وانه ليس وظيفة الأمن أو القوات العسكرية وأن المجتمع التونسي حتى تلك المناطق المحافظة والمنغلقة لا تقبل بالأفكار المتطرفة وترفضها وأن التنظيمات الإرهابية لا يمكن أن تجد لها مستقرا في تونس حتى ولو كانت الدولة تمرّ بلحظات وهن .

وكلنا يذكر سياقات 2015 و2016 عندما تلقت البلاد ضربات إرهابية موجعة سواء من خلال أحداث متحف باردو الدموية ونزل الامبريال بسوسة ومحاولة تفجير روضة آل بورقيبة وشراسة الجماعات المقاتلة بجبل الشعانبي.. حيث كانت الأجهزة الأمنية والعسكرية تخوض معارك ضارية على جميع الواجهات .

في هذا الملف سنعود الى ملحمة بن قدران في ذكرى انتصارها العظيم ودحرها للدواعش.. وسنعود الى حيثيات وتفاصيل الملف في بعده الأمني والسياسي والجهادي .

 إعداد: منية العرفاوي

الحدث المباغت ...

ذلك الهجوم المباغت واللافت والخطير، لم يثر اهتمام التونسيين فقط بل شد اهتمام كل العالم حيث تصدرت أخباره نشرات الأخبار الدولية، مما دفع برئيس الحكومة آنذاك الحبيب الصيد ووزير الداخلية الهادي المجدوب ووزير الدفاع الوطني فرحات الحرشاني الى تنظيم ندوة صحفية يوم 8 مارس لتقديم اخر المعطيات حول هذا الملف وقد قال رئيس الحكومة أن الهدف من هذا الهجوم هو إقامة إمارة إسلامية من قبل تنظيم الدولة  (داعش) في مدينة بن قردان، موضّحا أن المسلحين هاجموا ثكنة عسكرية للجيش الوطني ومقر الحرس الوطني ومقر الأمن الوطني والشرطة وذلك في نفس الوقت بطريقة منسقة.

كما قدمت وقتها رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع الوطني يوم 7 مارس حصيلة أولية لضحايا الاشتباكات حيث بلغ عدد القتلى 55 قتيلا منهم 36 مسلحا و12 فردا من القوات الأمنية والعسكرية و7 مدنيين، في حين بلغ عدد الجرحى 27 فردا، وتم اعتقال يومها 7 مسلحين. وفي ذلك اليوم ورغم تمكن القوات العسكرية والأمنية من استعادة السيطرة على المدينة مع منتصف النهار وعودة الهدوء تدريجيا مساء ذلك اليوم.. إلا أن ذلك لم يمنع من تجدد الاشتباكات في ليلة 8 مارس واستطاعت ليلتها قوات الجيش والأمن القضاء على 6 مسلحين متحصنين في منزل بضواحي المدينة. كما تواصلت عمليات المطاردة والاشتباكات المتقطعة لأيام متعددة حيث أمكن لقوات الأمن في 9 مارس تصفية 4 مسلحين في حين قتل جندي وجرح مواطن آخر. وفي 10 مارس، قتل 4 مسلحين واعتقل آخر. وقد مثّلت هذه العملية ضربة قاصمة للمجموعات المسلحة بعد مقتل جميع المخططين للهجوم واعتقال آخرين.. في حين مثّلت انتصارا لافتا للقوات الأمنية والعسكرية.

الأداء الأمني..

رغم الفطنة والتدارك السريع من القوات الأمنية والعسكرية المتمركزة بمدينة بن قردان وسرعة وصول الإمدادات إلا أن ذلك لم ينف وجود ثغرة أمنية كبيرة ونقصا فادحا في المعلومة الاستخباراتية والعمل الاستعلامي، جعلت تلك المجموعات تخترق المدنية وتصل الى مقرات سيادة عسكرية وأمنية ولولا شجاعة ويقظة القوات المتمركزة لكانت الخسائر أفدح بكثير خاصة وأن غزوة بن قردان أتت ضمن سياق سياسي وعسكري تميز بتطورات وضع تنظيم الدولة في ليبيا حيث عرفت ليبيا عملية عسكرية كبيرة لصد هجوم تنظيم الدولة في مدينة صبراتة، بعد الهجوم الذي نفّذه جيش الطيران الأمريكي على مدينة صبراطة التي كانت تشهد تجمّع لافت لمئات الدواعش وتدريبهم في العجيلات استعدادا لتنفيذ هجومات داخل وخارج ليبيا.. ولكن الأزمة الداخلية التي كانت تعيشها تونس وقتها وخاصة في علاقة بصراع الأجنحة داخل الحزب الحاكم وقتها نداء تونس.. أثر كل ذلك على الأداء الوزاري والحكومي وفرضا حالة من الهشاشة السياسية .

ردود الفعل الرسمية ..

قال رئيس الجمهورية آنذاك الباجي قائد السبسي في كلمة للشعب أنه يشيد بالمجهود الكبير الذي قامت به قوات الأمن والجيش لمواجهة هذه المجموعات الإرهابية وقدم تعازيه لأسر الضحايا، ووضح القرارات التي تم اتخاذها ومنها إغلاق الحدود الليبية وفرض حظر التجول في مدينة بن قردان، وشكر من جهة أخرى أهالي المدينة الذين تعاونوا مع قوات الأمن والجيش ودعاهم لتوخي الحذر.. في حين ندّد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الاتحاد بالهجوم الإرهابي وترحم على الشهداء وحيا من جهة أخرى شجاعة قوات الجيش والأمن الوطنيين وتصديهم الناجح للهجوم..

وبالنسبة لردود الفعل الخارجية فقد أكد الاتحاد الأوروبي، تضامنه مع شعب وحكومة تونس وقدم خالص تعازيه لأسر ضحايا السكان المدنيين وقوات الأمن. وذكّر الاتحاد الأوروبي في بيان عن عمق العلاقات التونسية الأوروبية خاصة بعد الثورة ودعم الاتحاد الأوروبي لمسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. كما أكد البيان وقوف الاتحاد بحزم إلى جانب الديمقراطية التونسية في المحنة التي تمر بها.. في حين أكد بيان عن رئيس الجمهورية الفرنسية قال فيه أن الرئيس فرانسوا هولاند يؤكد على دعم فرنسا وتضامنها الكامل مع تونس، وقال ان تونس استهدفت مجددا لأنها تمثل رمزا وأضاف أنه أكثر من أي وقت مضى فرنسا عازمة على مواصلة وتكثيف تعاونها مع تونس في مجال مكافحة الإرهاب.

هذا بالإضافة الى عدة بيانات مساندة داخلية ودولية من منظمات غير حكومية وتعاطف رسمي من عديد الحكومات .

شهداء الملحمة ..

نجم عن الاشتباكات المسلحة مع العناصر الإرهابية وعمليات المطاردة التي تواصلت على مدى 3 أيام، وفق الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب آنذاك سفيان السليطي استشهاد 10 أمنيين وهم رمزي الزرلي ومحمد ياسين السلطان وعبد العاطي عبد الكبير وبولعراس رداوي وعماد مصاورة والمهدي الشملالي وعبد السلام سعفي وسفيان حمد ومحمد عفيف وعبد الكريم جريء وعسكريين اثنين هما عبد الباسط المري وغيث قطيف و9 مدنيين هم حسن الشهباني وعبد الجواد الشافعي ومحمد مليان وسارة الموفق وعلي القديري ومحمود التايب وسمير الرقاد وعمار الجراي وعبد الرحمان فرحات وعون ديوانة الحسين المنصوري إضافة إلى إصابة آخرين بجروح .

 

داعش يتبنى

أعلن تنظيم "داعش" تبنيه ما أسماها بـ"غزوة بن قردان"  وهي الهجوم الإرهابي الفاشل الذي شنه على مدينة بن قردان والتي تكبّد فيها التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة تمثلت في القضاء على 55 فردا من أتباعه، إضافة إلى خسارة عتاد كبير ومتطور وانكشفت خططه وعناصره. وقد صدر البيان عن مؤسسة "البتار" الذراع الإعلامية لـ"داعش" كشف عن إحباط واعتراف صريح بالفشل والهزيمة في واقعة بن قردان حيث قالت "البتار" إن هذه الأحداث هي "معركة العقيدة" التي أكدت أنها بداية الحرب التي لا هوادة فيها وأنها تمثل جزءا يسيرا من فاتورة تنتظر تونس..

إلا أنه وعمليا كانت هذه العملية الفاشلة التي قادها التنظيم الإرهابي هي بداية انهياره في كل المناطق التي كان يسيطر عليها، حيث أنه وبعد الهجمة التي نفذها سلاح الطيران الأمريكي على معاقل التنظيم في صبراطة الليبية انحسر تواجد التنظيم كثيرا في ليبيا وبعد ذلك تمت محاصرته في ثغوره الرئيسية بكل من العراق وسوريا ودحره تماما الى درجة أنه اليوم وبعد خمس سنوات من واقعة بن قردان لم يعد له مكان .

أحكام بالإعدام

بعد عملية بن قردان أذنت النيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي في جرائم إرهابية تعلقت بارتكاب جرائم قتل وإحداث جروح وضرب وغير ذلك من أنواع العنف  والإضرار بالممتلكات العامة وبالموارد الحيوية وبالبنية الأساسية وبوسائل النقل والاتصالات وبالمرافق العمومية، إضافة إلى القبض على شخص وحجزه وسجنه دون إذن قانوني والتهديد بقتله وإيذائه واستمرار احتجازه من أجل إكراه طرف ثالث. وقد وضّحت النيابة العمومية وقتها حول المسار القضائي لأحداث بن قردان، أنّ القضيّة الأصليّة يمثل فيها 77 متهما. وأن عدد متهمي القضيّة يبلغ 96 متّهما يتوزّعون بين 62 موقوفا و25 بحالة سراح و9 بحالة فرار، والتهم الموجّهة إليهم تتراوح بين الانضمام إلى تنظيم إرهابي داخل وخارج التراب التونسي وتوفير أسلحة ومتفجرات وذخيرة لتنظيم إرهابي والقتل ومحاولة القتل المصنّف بالجريمة الإرهابية إضافة إلى الإضرار بالممتلكات العامّة والموارد الحيويّة للدولة.

وفي 5 مارس الماضي صدرت أحكام قضائية أولية ضد 96 مدانا، تضمّنت 16 حكما بالإعدام في الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة بن قردان وذكر بيان وقتها صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس أن "الأحكام الصادرة تمثلت في عقوبة الإعدام لـ16 متهما، والسجن مدى الحياة لـ15 متهما، والسجن مدة 30 سنة لمتهمين اثنين "كما تضمنت الأحكام وفق ذات البيان "السجن مدة 27 سنة لمتهمين اثنين والسجن مدة 24 سنة لسبعة متهمين والسجن مدة 20 سنة لثلاثة متهمين كما تمثلت الأحكام في أحكام بالسجن تتراوح بين 15 سنة و4 سنوات في حق باقي المتهمين المحكوم في حقهم بالإدانة (عددهم 51)". وأكد البيان أن "النيابة العامة تولّت الطعن في الأحكام الصادرة في هذه القضية وفي حق جميع المتهمين" .

ومن بين أبرز الإرهابيين المتهمين في أحداث بن قردان الإرهابية، مختار العرف الذي نسب له إخفاء كمية الأسلحة التي تم ضبطها مدفونة في أكثر من موقع في المدينة وتم استعمال بعضها في عملية غزو المدينة ورغم ان محاميته قالت وقتها ان الكمية المحجوزة من السلاح هي مخفية في أماكنها منذ سنة 2003 .

والى جانب مختار العرف الذي تولى الجانب اللوجستي في تنفيذ العملية كان الإرهابي عادل الغندري هو مهندس العملية بكاملها وهو من أحد قادة داعش البارزين في المنطقة ونشط بين تونس وليبيا بكثافة والغندري هو من مواليد 1986 وكان له قبل القبض عليه نشاط إرهابي مكثف ومن بين العمليات التي اشرف على تنفيذها عملية متحف باردو الإرهابية في 2015 وعملية المنيهلة وتهريب الأسلحة بين تونس وليبيا. وبعد أحداث بن قردان اختفى الغندري وتم بعد ذلك القبض عليه وهو في عيادة تجميل يريد تغيير شكله، كما أنه في المحاكمة العسكرية التي انعقدت في فيفري 2019 على خلفية مهاجمة العناصر المسلحة للثكنة العسكرية جلاّل، حاول أن يعتدي على القاضي العسكري في قاعة المحكمة وأثناء الجلسة .

والى جانب الغندري فان من أبرز الإرهابيين الآخرين من الذين شاركوا في العملية نجد مفتاح مانيطة وهو قائد المجموعة التي هاجمت المدينة وعندما حاول اقتحام مركز شرطة المدينة تم قتله من طرف عناصر الأمن .

وبعد انتهاء عملية الاشتباكات المسلحة، كشفت الوحدات الأمنية والعسكرية بولاية مدنين عن مخزن سلاح في منطقة "شارب الراجل" ببن قردان مطمورا في ارض تعود ملكيتها لأحد الإرهابيين الذي يرجح انه لقي حتفه في ليبيا، وذلك وفق ما أفاد به مصدر امني.. كما تم الكشف عن 5 مخازن أسلحة أخرى في بن قردان تضم أسلحة حربية متطورة وذلك من جملة 20 مخزنا أعلنت وزارة الدفاع أنها كشفتها في الهاتف الجوال لإرهابي تم القضاء عليه مؤخرا بالقصرين. أفادت وزارة الداخلية بأن الوحدة الوطنيّة للبحث في جرائم الإرهاب للأمن الوطني رفقة الوحدات الأمنيّة المختصّة ببن قردان تمكنت من إيقاف ثلاثة عناصر يشتبه في تورّطهم في قضيّة مخزن السّلاح الثّالث الذي تمّ كشفه أمس بالوراسنيّة ببن قردان.

كما بينت وزارة الداخلية أن صاحب المسكن الذي تمّ العثور فيه على مخزن الأسلحة من بين الموقوفين في عملية بن قردان كما قدمت قائمة الأسلحة التي تمّ العثور عليها بهذا المخزن والمتمثلة أساسا في 24 صاروخ سام 7 و2 قاذفات صاروخ سام 7 و3 قاذفات آر بي جي و52 قذيفة آر بي جي و27 سلاح كلاشنيكوف و12 بندقيّة فالو و10رشّاشات فالو و6 مخازن سلاح كلاشنيكوف و6 أشرطة مخازن فال و2 رمّانات يدويّة وسلسلة ذخيرة "بي كا" وسلسلة ذخيرة فالو و1234 صاعقا كهربائيا وصاروخ صغير الحجم.

كما تم العثور وفق الداخلية على صندوق ذخيرة عيار 7.62 و2 رشاشات بي كا ثقيلة و89 أنبوب تفجّر و4 صواعق ميكانيكيّة و2 صناديق تي آن تاي "و12 كلغ موّاد متفجّرة وكميّة كبيرة من الخراطيش.

ولم يكن وجود هذه الأسلحة صدفة بل كان ضمن التخطيط العام الذي اعتزمه تنظيم داعش للسيطرة على المدينة وانتزاعها بالغصب ووضع الراية السوداء وهو ما كان سيمثل هزيمة نفسية وواقعية قاسية للدولة وللأجهزة الأمنية والعسكرية ولكن التدارك السريع من طرف القوات المتمركزة على عين المكان أنقذ المدينة والدولة .

وكانت ملحمة بن قردان أول هزيمة قاسية تلحق بالتنظيم ليستمر بعد ذلك تراجعه وانحسار دوره وحضوره على كامل تراب الجمهورية ولكن رغم ان التنظيم الإرهابي ككل تمت محاصرته وتقليم أظافره في كل المناطق التي يتواجد فيها إلا أن ذلك لا ينفي ان داعش كفكرة اختفى وهو ما يجب ان تنتبه له الدولة جيدا وان تعمل على محاصرة التنظيم فكريا الى جانب الحلول الأمنية المعتمدة .