أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري يوم الخميس 2 مارس 2023، أنّه تمّ التّرفيع في سعر الحليب الطازج على مستوى الإنتاج بـ 200 مليم/لتر ليصبح 1340 مليما/لتر كسعر أدنى مضمون للفلاّح، وذلك بداية من يوم 16 نوفمبر 2022، ليُطرح تساؤلا جوهريا هل أن هذه الزيادة ستساهم في حل إشكالية الإنتاج في تونس.
لا يبدو الأمر كذلك، فقد أوضحت النقابة التونسية للفلاحين في بيان أصدرته أول أمس، رغم تثمينها لهذه الخطوة، أنّ الزيادة المقررة من طرف الحكومة لمادة الحليب على مستوى الإنتاج لا تفي بالحاجة، نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج المتواصلة والمتمثلة في غلاء أسعار المواد العلفية علاوة على ندرتها في الأسواق.
ورغم المساعي لحلحلة هذه الأزمة، فقد أكّد رئيس النقابة ضاوي ميداني في تصريح لـ"الصباح"، "على ضرورة أن تكون الحلول حلولا جذرية، فهذا القرار ليس إلا قرارا لتصحيح المسار باعتبار أن هذه الزيادة منذ أكثر من شهرين وتكفلت بها المصانع في إطار اتفاق جانبي مع الحكومة حتى يتم حلحلة الإشكال وعليه فإن هذه الزيادة بـ200 مليم تم إقراراها رسميا من طرف الدولة".
وأضاف رئيس النقابة "موقفنا كان واضحا، منذ البداية بأن هذه الزيادة لا تفي بالحاجة لارتفاع كلفة الإنتاج بطريقة مشطة جدا وتصاعد وتيرة الزيادة في أسعار الأعلاف منذ سنة 2021 مقابل استقرار سعر الحليب عند 1140 مليما، وبهذه الطريقة لا يمكن تأمين حلقة الإنتاج".
وأوضح ضاوي ميداني "لهذه الأسباب أكدنا في العديد من المناسبات على أنه يجب أن يكون الحل جذريا لا ظرفيا، ولا يمكن الحديث اليوم، مثلما يتم ترويجه، على أن هناك فائضا في الإنتاج باعتبار أننا نعيش فترة الذروة في الإنتاج التي تتواصل فترة الربيع، والتي مكنت من زيادة في الإنتاج اليومي بين 150 و200 ألف لتر يوميا ساهمت في حلحلة الإشكال، ولكن تبقى مسألة ظرفية".
وقال رئيس النقابة الوطنية للفلاحين "إشكالنا الآن ما بعد فترة الذروة، حيث من الممكن أن نعود إلى نفس النقطة، علما وأن الإنتاج في فترة الذروة أصبح أيضا يمثل إشكالا بما أننا في السنوات العادية كنا نواجه مشاكل في تخزين الحليب. فالزيادة اليومية كانت تبلغ 400 ألف لتر والتي كانت توجه للمخزون الاستراتيجي الذي انتهى اليوم. فأصبحنا نعاضد الاستهلاك اليومي وبالتالي اليوم لا يجب بيع الأوهام للناس وإخفاء الحقائق".
وفي هذا الاتجاه طالبت النقابة في مناسبات عديدة بأن يكون السعر الأدنى عند الإنتاج لا يقل عن 1700 مليم وذلك لضمان ديمومة حلقات الإنتاج والمحافظة على القطيع، داعية لدراسة شاملة تمكّن الفلاح من هامش ربح يكفل له حق العيش الكريم، وفق ما جاء في بيانها.
من جهته، أفاد أنيس خرباش نائب رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بأن الحكومة وافقت على مقترح للزيادة في سعر الحليب بـ 200 مليم لفائدة المنتج و30 مليما لفائدة المصنع وسيتحملها صندوق التعويض، وأشار إلى أن الفلاحين تمتعوا منذ نوفمبر الفارط بزيادة بـ 200 مليم تحملها المصنعون.
وأوضح أنيس خرباش، في تصريح لـ"اكسبراس أف أم" يوم الخميس المنقضي، أن هذه الزيادة لا تفي بالحاجة، حيث تبلغ كلفة إنتاج اللتر الواحد من الحليب 1800 مليم، في حين يتم التفريط فيها بالبيع بـ 1340 مليما، ليتكبّد الفلاح خسارة بـ 450 مليما تقريبا بالنسبة لكل لتر من الحليب.
وأضاف أن "الفلاح مازال ينتظر اتخاذ قرارات جريئة لإنقاذ المنظومة"، وأكد تسجيل بوادر انفراج مع تحقيق زيادة في الإنتاج بحوالي 300 ألف لتر مقارنة بمعدلات الإنتاج في شهر جانفي الفارط، مشيرا في المقابل إلى تسجيل نقص بحوالي 400 ألف لتر من الإنتاج يوميا خلال شهر فيفري 2023، مقارنة بشهر فيفري 2022.
وبيّن خرباش أن حوالي 30 بالمائة من القطيع تم التفريط فيه، موضحا أن هذه الزيادة يمكن أن تساهم في تقليص نزيف التفريط في القطيع، قائلا:"ولكن من الضروري اتخاذ إجراءات جريئة، خاصة في ظل العمل مؤخرا على ملف الأعلاف لإنقاذ المنظومة برمتها".
وكانت وزارة الفلاحة التونسية، قد أعلنت أنّه تمّ التّرفيع في سعر الحليب الطازج على مستوى الإنتاج مقابل عدم التّرفيع في أسعار البيع للعموم لمادّة الحليب المعقّم نصف الدّسم، داعية المربين إلى "تحسين جودة الحليب الطّازج والمحافظة عليها بتطبيق الممارسات الجيّدة للتربية واحترام شروط النّظافة وحفظ الصّحة خلال عمليّة الحلب".
ويأتي هذا الترفيع، وفق وزارة الفلاحة، "في إطار المحافظة على توازنات منظومة الألبان وديمومتها وعملًا على تحسين مستوى دخل الفلاّحين والمحافظة على القطيع وتنميته وطبقًا للقرار الحكومي المتّخذ في المجلس الوزاري المنعقد يوم 10 فيفري 2023".
ويشار أيضا إلى أنّ هذه الزيادة بـ 200 مليم/لتر، لا تلبّي أيضا دعوة الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، الذي طالب في بيان بتاريخ 24 جانفي 2023، "بإقرار زيادة عاجلة في سعر قبول الحليب عند الفلاح لا تقل عن 800 مليم في اللتر الواحد مع تدخّل الدولة لدعم المواد العلفية الموردة (فيتورة الصوجا وحبوب الذرة) التي شهدت أسعارها ارتفاعا قياسيا".
ونبّه إلى "الوضعية الخطيرة التي بلغتها منظومة تربية الماشية والألبان نتيجة تواصل وتصاعد نزيف الخسائر في صفوف المربين بصفة يومية"، وفق ذات البيان، مشيرًا إلى "اضطرار العديد منهم إلى التوقّف عن النشاط والتفريط في قطيعهم الذي يمثل ثروة وطنية لا بدّ من حمايتها والمحافظة عليها".
إيمان عبد اللطيف
تونس – الصباح
أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري يوم الخميس 2 مارس 2023، أنّه تمّ التّرفيع في سعر الحليب الطازج على مستوى الإنتاج بـ 200 مليم/لتر ليصبح 1340 مليما/لتر كسعر أدنى مضمون للفلاّح، وذلك بداية من يوم 16 نوفمبر 2022، ليُطرح تساؤلا جوهريا هل أن هذه الزيادة ستساهم في حل إشكالية الإنتاج في تونس.
لا يبدو الأمر كذلك، فقد أوضحت النقابة التونسية للفلاحين في بيان أصدرته أول أمس، رغم تثمينها لهذه الخطوة، أنّ الزيادة المقررة من طرف الحكومة لمادة الحليب على مستوى الإنتاج لا تفي بالحاجة، نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج المتواصلة والمتمثلة في غلاء أسعار المواد العلفية علاوة على ندرتها في الأسواق.
ورغم المساعي لحلحلة هذه الأزمة، فقد أكّد رئيس النقابة ضاوي ميداني في تصريح لـ"الصباح"، "على ضرورة أن تكون الحلول حلولا جذرية، فهذا القرار ليس إلا قرارا لتصحيح المسار باعتبار أن هذه الزيادة منذ أكثر من شهرين وتكفلت بها المصانع في إطار اتفاق جانبي مع الحكومة حتى يتم حلحلة الإشكال وعليه فإن هذه الزيادة بـ200 مليم تم إقراراها رسميا من طرف الدولة".
وأضاف رئيس النقابة "موقفنا كان واضحا، منذ البداية بأن هذه الزيادة لا تفي بالحاجة لارتفاع كلفة الإنتاج بطريقة مشطة جدا وتصاعد وتيرة الزيادة في أسعار الأعلاف منذ سنة 2021 مقابل استقرار سعر الحليب عند 1140 مليما، وبهذه الطريقة لا يمكن تأمين حلقة الإنتاج".
وأوضح ضاوي ميداني "لهذه الأسباب أكدنا في العديد من المناسبات على أنه يجب أن يكون الحل جذريا لا ظرفيا، ولا يمكن الحديث اليوم، مثلما يتم ترويجه، على أن هناك فائضا في الإنتاج باعتبار أننا نعيش فترة الذروة في الإنتاج التي تتواصل فترة الربيع، والتي مكنت من زيادة في الإنتاج اليومي بين 150 و200 ألف لتر يوميا ساهمت في حلحلة الإشكال، ولكن تبقى مسألة ظرفية".
وقال رئيس النقابة الوطنية للفلاحين "إشكالنا الآن ما بعد فترة الذروة، حيث من الممكن أن نعود إلى نفس النقطة، علما وأن الإنتاج في فترة الذروة أصبح أيضا يمثل إشكالا بما أننا في السنوات العادية كنا نواجه مشاكل في تخزين الحليب. فالزيادة اليومية كانت تبلغ 400 ألف لتر والتي كانت توجه للمخزون الاستراتيجي الذي انتهى اليوم. فأصبحنا نعاضد الاستهلاك اليومي وبالتالي اليوم لا يجب بيع الأوهام للناس وإخفاء الحقائق".
وفي هذا الاتجاه طالبت النقابة في مناسبات عديدة بأن يكون السعر الأدنى عند الإنتاج لا يقل عن 1700 مليم وذلك لضمان ديمومة حلقات الإنتاج والمحافظة على القطيع، داعية لدراسة شاملة تمكّن الفلاح من هامش ربح يكفل له حق العيش الكريم، وفق ما جاء في بيانها.
من جهته، أفاد أنيس خرباش نائب رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بأن الحكومة وافقت على مقترح للزيادة في سعر الحليب بـ 200 مليم لفائدة المنتج و30 مليما لفائدة المصنع وسيتحملها صندوق التعويض، وأشار إلى أن الفلاحين تمتعوا منذ نوفمبر الفارط بزيادة بـ 200 مليم تحملها المصنعون.
وأوضح أنيس خرباش، في تصريح لـ"اكسبراس أف أم" يوم الخميس المنقضي، أن هذه الزيادة لا تفي بالحاجة، حيث تبلغ كلفة إنتاج اللتر الواحد من الحليب 1800 مليم، في حين يتم التفريط فيها بالبيع بـ 1340 مليما، ليتكبّد الفلاح خسارة بـ 450 مليما تقريبا بالنسبة لكل لتر من الحليب.
وأضاف أن "الفلاح مازال ينتظر اتخاذ قرارات جريئة لإنقاذ المنظومة"، وأكد تسجيل بوادر انفراج مع تحقيق زيادة في الإنتاج بحوالي 300 ألف لتر مقارنة بمعدلات الإنتاج في شهر جانفي الفارط، مشيرا في المقابل إلى تسجيل نقص بحوالي 400 ألف لتر من الإنتاج يوميا خلال شهر فيفري 2023، مقارنة بشهر فيفري 2022.
وبيّن خرباش أن حوالي 30 بالمائة من القطيع تم التفريط فيه، موضحا أن هذه الزيادة يمكن أن تساهم في تقليص نزيف التفريط في القطيع، قائلا:"ولكن من الضروري اتخاذ إجراءات جريئة، خاصة في ظل العمل مؤخرا على ملف الأعلاف لإنقاذ المنظومة برمتها".
وكانت وزارة الفلاحة التونسية، قد أعلنت أنّه تمّ التّرفيع في سعر الحليب الطازج على مستوى الإنتاج مقابل عدم التّرفيع في أسعار البيع للعموم لمادّة الحليب المعقّم نصف الدّسم، داعية المربين إلى "تحسين جودة الحليب الطّازج والمحافظة عليها بتطبيق الممارسات الجيّدة للتربية واحترام شروط النّظافة وحفظ الصّحة خلال عمليّة الحلب".
ويأتي هذا الترفيع، وفق وزارة الفلاحة، "في إطار المحافظة على توازنات منظومة الألبان وديمومتها وعملًا على تحسين مستوى دخل الفلاّحين والمحافظة على القطيع وتنميته وطبقًا للقرار الحكومي المتّخذ في المجلس الوزاري المنعقد يوم 10 فيفري 2023".
ويشار أيضا إلى أنّ هذه الزيادة بـ 200 مليم/لتر، لا تلبّي أيضا دعوة الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، الذي طالب في بيان بتاريخ 24 جانفي 2023، "بإقرار زيادة عاجلة في سعر قبول الحليب عند الفلاح لا تقل عن 800 مليم في اللتر الواحد مع تدخّل الدولة لدعم المواد العلفية الموردة (فيتورة الصوجا وحبوب الذرة) التي شهدت أسعارها ارتفاعا قياسيا".
ونبّه إلى "الوضعية الخطيرة التي بلغتها منظومة تربية الماشية والألبان نتيجة تواصل وتصاعد نزيف الخسائر في صفوف المربين بصفة يومية"، وفق ذات البيان، مشيرًا إلى "اضطرار العديد منهم إلى التوقّف عن النشاط والتفريط في قطيعهم الذي يمثل ثروة وطنية لا بدّ من حمايتها والمحافظة عليها".