إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بدر الدين القمودي لـ"الصباح": البرلمان الجديد سيقطع مع الصورة القاتمة التي رذلت المشهد السياسي والبرلماني

تونس – الصباح

أكد بدر الدين القمودي، عضو المكتب السياسي لحركة الشعب ونائب في البرلمان الجديد، على أن حركة الشعب معنية برئاسة البرلمان وأفاد أن مجلس نواب الشعب في تركيبته الجديدة سيمحي الصورة القاتمة التي يحملها التونسيون عن البرلمان وأن المشاهد والصور التي ساهمت في ترذيل العمل البرلماني والسياسي لن تتكرر إطلاقا، في المقابل عدد مزايا وأدوار المؤسسة التشريعية في نسختها الجديدة واستعداداتها العملية للانخراط في المشروع الإصلاحي للدولة. كما تطرق في حديثه لـ"الصباح"، إلى صلاحيات البرلمان والمعارضة والمحاسبة وموقف حركة الشعب من القضايا الراهنة في تونس اليوم، وغيرها من المسائل الأخرى التي تمت إثارتها في الحوار التالي:

 حاورته نزيهة الغضباني

* تجدد العهد مرة أخرى مع قبة باردو لكن في سياقات برلمانية وسياسية مختلفة عما كان عليه الأمر في البرلمانات السابقة، فكيف سيكون مجلس نواب الشعب الجديد إذن؟

 -في تقديري البرلمان الجديد سيعطي صورة مغايرة تماما لمجلس نواب الشعب وسيقطع تماما مع الصورة القاتمة التي ظلت راسخة في ذاكرة وأذهان التونسيين عن برلمانات ما بعد 2011، والتي كانت سببا لترذيل العمل البرلماني والمشهد السياسي في تونس بشكل عام. فالمشاهد والصور القاتمة والسلبية لن تتكرر مطلقا لا بل سيتجاوز هذا البرلمان في أدواره ومهامه العديدة ويتعداها إلى محي وإزالة تلك الصورة القاتمة والسوداوية التي شوهت العمل والمناخ العام لمجلس نواب الشعب، كأحد التحديات المطروحة أمامه. لذلك سنعمل على أن يكون هذا المجلس أحد أسس الدولة الديمقراطية الاجتماعية الراعية لمصالح شعبها مما يستوجب إقامة دولة القانون والحوكمة الرشيدة في سياق مشروع وطني سيادي يعيد لمؤسسات الدولة هيبتها وقيمتها الاعتبارية ويعيد ترتيب أولوياتنا لتكون استحقاقات التونسيين الاقتصادية والاجتماعية في طليعة أهدافنا ومحورا جوهريا لمشروعنا الوطني.

* ما هي الأسباب التي تدفعك للجزم بمثل هذا الرأي؟

هناك عدة عوامل ومعطيات تجعلني على يقين وثقة في جل أعضاء البرلمان الجديد بأن ينأوا بأنفسهم وبالمؤسسة التشريعية عن السقوط في مثل تلك المهازل الصادمة والتي ألفها التونسيون عن قبة باردو في العشرية الماضية، لعل أبرزها أن النواب المنتخبين يتقاطعون تقريبا عند الإيمان بمطالب 25 جويلية وهم منخرطون بشكل أو بآخر في المسار الإصلاحي الذي تتطلبه الدولة والمرحلة. إضافة إلى يقين الجميع بأنهم مقبلون على تحديات ترتقي لتكون مصيرية.

* أشرت في حديثك أكثر من مرة إلى مهام البرلمان في حين يرى البعض أن صلاحيات المؤسسة التشريعية في نسختها الجديدة محدودة والنائب في مجلس نواب الشعب سيكون دوره شكليا لا غير، كيف ترى الأمر؟

-في الحقيقة البرلمان الجديد سيكون أمام مهمة وطنية لاستعادة الدولة وهيبة الدولة. ولا أبالغ إذا قلت إنه سيضطلع بمهام ويتمتع بصلاحيات لم تستطع البرلمانات السابقة تحقيقها، وذلك من خلال المبادرات التشريعية والمراجعة لقوانين وتشريعات أخرى بما يتناغم وتوجهات الجمهورية الجديدة. لذلك أقول إننا كنواب تنتظرنا الكثير من التحديات التشريعية والتنموية والرقابية. فدستور 2022 يكفل للبرلمان هذه الأدوار والمهام الثلاثة الكفيلة بمنحه صلاحيات هامة. ولكن المعارضة التي اختارت مقاطعة الانتخابات ووجدت نفسها خارج دائرة الفعل والقرار لها أن تدعي عكس ذلك وتروج لما تشاء من أجل المحافظة على مصالحها ويكفي الرجوع إلى القوانين والدستور المنظم للعملية للتأكد من دور المؤسسة التشريعية الواسع والريادي في تحقيق والمحافظ على سيادة الدولة وهيبتها.

* بدأ الحديث عن تشكيل الكتل والتحالفات والتحضير والاشتغال على مشاريع القوانين في البرلمان قبل مباشرته لمهامه، فما هي استعدادات حركة الشعب في هذا المستوى؟

-أعتقد أن الحديث عن مشاريع قوانين والبرلمان لم ينعقد بعد، من السابق لأوانه ولا معنى له. ولكنني أؤكد أننا سنعمل على إخراج بلادنا من المأزق والأزمات التي تتخبط فيها من خلال دورنا داخل هذه المؤسسة التشريعية في هذه المرحل المصيرية رغم أن هذه المؤسسة ستعمل بغرفتين، خاصة أنه سبق لحركة الشعب أن قدمت عديد المبادرات ومشاريع القوانين التي تهدف في أبعادها لخدمة الشأن العام والوطني ومصلحة المواطنين، في البرلمان السابق ولكن الحزام السياسي المسيطر آنذاك حال دون أن ترى تلك المبادرات والمشاريع النور.

ونحن في حركة الشعب نطمح لتشكيل كتلة وطنية غير متحزبة تكون وازنة تحظى بثقة الشعب وزملائنا في المؤسسة التشريعية من خلال أدوارها الوطنية والإصلاحية البناءة. لأنه حاليا كتلتنا تتركب من31 نائبا في انتظار ارتفاع العدد، باعتبار أن النقاشات مع النواب المستقلين في الغرض ما تزال متواصلة. ثم أن حركة الشعب معنية برئاسة البرلمان وذلك عبر تقديم مترشح لهذا المنصب سيكون من بين أعضاء الكتلة.

* ولكن ألا تخشى أن يتكرر "سيناريو" التحالفات والتوافقات، باعتبار أن ذلك يعد شكلا من العوامل السلبية التي أضرت بالعمل السياسي والبرلماني في العشرية الماضية؟

-في تقديري لا يمكن إطلاقا المقارنة بين البرلمان الحالي ومن سبقه لعدة أسباب أهمها أن نواب الشعب يتوفر لديهم الحد الأدنى من التجانس حيث يؤمن الجميع بمسار 25جويلية الأمر الذي سيقلل من حدة الخلافات وإن وجدت تباينات في المواقف فستتركز حول سبل إنقاذ الدولة من مأزقها الاقتصادي والاختلاف في هذا المستوى لا يشكل خطرا على العمل البرلماني. وهنا اعتبر أن الاختلاف في وجهات النظر أمر مطلوب وعنصر من عناصر النجاح.

ثم أن الأهم في تقديري أن نضمن سبل إدارة الخلافات والتباينات من خلال نظام داخلي يكفل للجميع إبداء الرأي ومقارعة الحجة بالحجة والأطروحة بالأطروحة بآليات تواصل تحترم الرأي والرأي المخالف وتضمن حسم المواقف بطرق ديمقراطية وحضارية. فالبرلمان الحالي سيحقق ضمانة للجدل والتفاعل من اجل إيجاد الحلول الكفيلة بإقامة دولة العدل والمساواة.

فتونس أخرى ممكنة بفضل ما يتوفر لأبنائها ممثلي الشعب من إرادة في استكمال أهداف ثورة 17 ديسمبر عبر إنجاح مسار 25جويلية وحمايته من أية انتكاسة أو انحراف.

*هل تعني أن هناك أولويات أو خيارات مطروحة في المهام التشريعية في النسخة الجديدة تحت قبة باردو؟

من أولوياتنا التشريعية تقديم مبادرات من شانها إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية بما ينعكس إيجابا على ظروف عيش المواطنين وبما يضمن سيطرة الشعب على موارده وثرواته على النحو المطلوب، على غرار وضع حد لاقتصاد الريعي والاحتكار مع مراجعة العديد من القوانين،هذا إضافة إلى النظر في القوانين المنظمة للحياة السياسية كقانون الأحزاب والجمعيات والنظام الانتخابي وسننتصر للمعطلين عن العمل والمهمشين وغيرها من المسائل الأخرى التي نعتبرها من أولويات المؤسسة التشريعية في مسار التأسيس للجمهورية الجديدة. لقد حان الوقت لتفكيك أركان الدولة العميقة التي جوعت التونسيين ومسكتهم من أمعائهم على مر السنين وهذا لن يتم إلا بتجسيد سيطرة التونسيين على ثرواتهم عبر منوال تنموي يقطع مع منظومة الفساد والإفساد ويحقق كرامة التونسيين والتونسيات.

* ما هو موقفكم مما يحدث في تونس اليوم، بعد حملة الإيقافات التي شملت بعض السياسيين والنقابيين ورجال الأعمال وغيرهم، إضافة إلى ما أثير حول الأعداد الكبيرة من المهاجرين غير النظاميين من الأفارقة جنوب الصحراء ببلادنا وردود الأفعال الأجنبية حيال كل ذلك؟

-في الحقيقة نحن نؤمن باستقلال القرار الوطني ثم أن تونس دولة ذات سيادة ومن حقنا التعاطي مع قضايانا ومشاكلنا الداخلية باستقلالية، وتطبيق القانون في مثل هذه المسائل لا يسمح لأي جهة خارجية أن تعترض أو تتدخل. ولكن في علاقة بما أثير حول المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، وبعيدا عن العنصرية أو أي محاولة للزج بتونس في قضية التمييز العنصري يجب أن يطبق القانون على الجميع من أفارقة وغيرهم من الأجانب. وهذا في تقديري ما تستوجبه السيادة الوطنية وكل ذلك في كنف احترام حقوق الأفراد مهما كان جنسهم أو جنسياتهم. وفيما يتعلق بمحاربة الفساد وجب تطبيق القانون على كل من أجرم في حق الدولة والمواطنين دون استثناءات شرط أن يكون ذلك في كنف الشفافية والعدالة. ونحن في هذا السياق ننتظر توضيحا من النيابة العمومية حول حقيقة القضايا المنشورة وسبب الإيقافات. رغم أني لا أنكر وجود فساد مستشر في الدولة، ثم أن مطلب المحاسبة كان على قائمة مطالب 25 جويلية 2021 والذي لطالما طالبت عديد الجهات بتنفيذه وقد جاء تنفيذه متأخرا لكنه مهم في كل الحالات لإيقاف عجلة الفاسدين ولصوص المال العام ممن تسببوا في الأزمات التي تعيشها تونس اليوم.

* أصوات عديدة تستنكر وتعتبر أن مسار الجمهورية الجديدة يشكل خطرا على الحريات، فهل تشاطرها هذا الرأي؟

-لا خوف على الحريات في تونس مهما كانت مبررات وتعلات من ينادي بذلك. لأن القوانين الموجودة والدستور الجديد يكفل للجميع حرية الرأي والتعبير والإبداع. ولكن لا ننفي أن هناك تجاوزات لحدود "اللياقة". ثم أن الحديث عن تهديد الحريات "فزاعة" ابتدعها البعض لتبرير موقفه من الحياة السياسية في تونس اليوم. فنحن لا نتوجس أية مخاوف في هذا الأمر وسندافع عن الحريات والحياة السياسية والتعددية الحزبية شريطة احترام القانون على نحو تكون الحياة السياسية في خدمة الدولة. فـ25 جويلية وضع حد لمسارات الفساد وبمجرد الخروج من حالة الاستثناء سيتأكد الانتصار للمبادئ والثوابت التي نص عليها دستور 2022.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بدر الدين القمودي لـ"الصباح": البرلمان الجديد سيقطع مع الصورة القاتمة التي رذلت المشهد السياسي والبرلماني

تونس – الصباح

أكد بدر الدين القمودي، عضو المكتب السياسي لحركة الشعب ونائب في البرلمان الجديد، على أن حركة الشعب معنية برئاسة البرلمان وأفاد أن مجلس نواب الشعب في تركيبته الجديدة سيمحي الصورة القاتمة التي يحملها التونسيون عن البرلمان وأن المشاهد والصور التي ساهمت في ترذيل العمل البرلماني والسياسي لن تتكرر إطلاقا، في المقابل عدد مزايا وأدوار المؤسسة التشريعية في نسختها الجديدة واستعداداتها العملية للانخراط في المشروع الإصلاحي للدولة. كما تطرق في حديثه لـ"الصباح"، إلى صلاحيات البرلمان والمعارضة والمحاسبة وموقف حركة الشعب من القضايا الراهنة في تونس اليوم، وغيرها من المسائل الأخرى التي تمت إثارتها في الحوار التالي:

 حاورته نزيهة الغضباني

* تجدد العهد مرة أخرى مع قبة باردو لكن في سياقات برلمانية وسياسية مختلفة عما كان عليه الأمر في البرلمانات السابقة، فكيف سيكون مجلس نواب الشعب الجديد إذن؟

 -في تقديري البرلمان الجديد سيعطي صورة مغايرة تماما لمجلس نواب الشعب وسيقطع تماما مع الصورة القاتمة التي ظلت راسخة في ذاكرة وأذهان التونسيين عن برلمانات ما بعد 2011، والتي كانت سببا لترذيل العمل البرلماني والمشهد السياسي في تونس بشكل عام. فالمشاهد والصور القاتمة والسلبية لن تتكرر مطلقا لا بل سيتجاوز هذا البرلمان في أدواره ومهامه العديدة ويتعداها إلى محي وإزالة تلك الصورة القاتمة والسوداوية التي شوهت العمل والمناخ العام لمجلس نواب الشعب، كأحد التحديات المطروحة أمامه. لذلك سنعمل على أن يكون هذا المجلس أحد أسس الدولة الديمقراطية الاجتماعية الراعية لمصالح شعبها مما يستوجب إقامة دولة القانون والحوكمة الرشيدة في سياق مشروع وطني سيادي يعيد لمؤسسات الدولة هيبتها وقيمتها الاعتبارية ويعيد ترتيب أولوياتنا لتكون استحقاقات التونسيين الاقتصادية والاجتماعية في طليعة أهدافنا ومحورا جوهريا لمشروعنا الوطني.

* ما هي الأسباب التي تدفعك للجزم بمثل هذا الرأي؟

هناك عدة عوامل ومعطيات تجعلني على يقين وثقة في جل أعضاء البرلمان الجديد بأن ينأوا بأنفسهم وبالمؤسسة التشريعية عن السقوط في مثل تلك المهازل الصادمة والتي ألفها التونسيون عن قبة باردو في العشرية الماضية، لعل أبرزها أن النواب المنتخبين يتقاطعون تقريبا عند الإيمان بمطالب 25 جويلية وهم منخرطون بشكل أو بآخر في المسار الإصلاحي الذي تتطلبه الدولة والمرحلة. إضافة إلى يقين الجميع بأنهم مقبلون على تحديات ترتقي لتكون مصيرية.

* أشرت في حديثك أكثر من مرة إلى مهام البرلمان في حين يرى البعض أن صلاحيات المؤسسة التشريعية في نسختها الجديدة محدودة والنائب في مجلس نواب الشعب سيكون دوره شكليا لا غير، كيف ترى الأمر؟

-في الحقيقة البرلمان الجديد سيكون أمام مهمة وطنية لاستعادة الدولة وهيبة الدولة. ولا أبالغ إذا قلت إنه سيضطلع بمهام ويتمتع بصلاحيات لم تستطع البرلمانات السابقة تحقيقها، وذلك من خلال المبادرات التشريعية والمراجعة لقوانين وتشريعات أخرى بما يتناغم وتوجهات الجمهورية الجديدة. لذلك أقول إننا كنواب تنتظرنا الكثير من التحديات التشريعية والتنموية والرقابية. فدستور 2022 يكفل للبرلمان هذه الأدوار والمهام الثلاثة الكفيلة بمنحه صلاحيات هامة. ولكن المعارضة التي اختارت مقاطعة الانتخابات ووجدت نفسها خارج دائرة الفعل والقرار لها أن تدعي عكس ذلك وتروج لما تشاء من أجل المحافظة على مصالحها ويكفي الرجوع إلى القوانين والدستور المنظم للعملية للتأكد من دور المؤسسة التشريعية الواسع والريادي في تحقيق والمحافظ على سيادة الدولة وهيبتها.

* بدأ الحديث عن تشكيل الكتل والتحالفات والتحضير والاشتغال على مشاريع القوانين في البرلمان قبل مباشرته لمهامه، فما هي استعدادات حركة الشعب في هذا المستوى؟

-أعتقد أن الحديث عن مشاريع قوانين والبرلمان لم ينعقد بعد، من السابق لأوانه ولا معنى له. ولكنني أؤكد أننا سنعمل على إخراج بلادنا من المأزق والأزمات التي تتخبط فيها من خلال دورنا داخل هذه المؤسسة التشريعية في هذه المرحل المصيرية رغم أن هذه المؤسسة ستعمل بغرفتين، خاصة أنه سبق لحركة الشعب أن قدمت عديد المبادرات ومشاريع القوانين التي تهدف في أبعادها لخدمة الشأن العام والوطني ومصلحة المواطنين، في البرلمان السابق ولكن الحزام السياسي المسيطر آنذاك حال دون أن ترى تلك المبادرات والمشاريع النور.

ونحن في حركة الشعب نطمح لتشكيل كتلة وطنية غير متحزبة تكون وازنة تحظى بثقة الشعب وزملائنا في المؤسسة التشريعية من خلال أدوارها الوطنية والإصلاحية البناءة. لأنه حاليا كتلتنا تتركب من31 نائبا في انتظار ارتفاع العدد، باعتبار أن النقاشات مع النواب المستقلين في الغرض ما تزال متواصلة. ثم أن حركة الشعب معنية برئاسة البرلمان وذلك عبر تقديم مترشح لهذا المنصب سيكون من بين أعضاء الكتلة.

* ولكن ألا تخشى أن يتكرر "سيناريو" التحالفات والتوافقات، باعتبار أن ذلك يعد شكلا من العوامل السلبية التي أضرت بالعمل السياسي والبرلماني في العشرية الماضية؟

-في تقديري لا يمكن إطلاقا المقارنة بين البرلمان الحالي ومن سبقه لعدة أسباب أهمها أن نواب الشعب يتوفر لديهم الحد الأدنى من التجانس حيث يؤمن الجميع بمسار 25جويلية الأمر الذي سيقلل من حدة الخلافات وإن وجدت تباينات في المواقف فستتركز حول سبل إنقاذ الدولة من مأزقها الاقتصادي والاختلاف في هذا المستوى لا يشكل خطرا على العمل البرلماني. وهنا اعتبر أن الاختلاف في وجهات النظر أمر مطلوب وعنصر من عناصر النجاح.

ثم أن الأهم في تقديري أن نضمن سبل إدارة الخلافات والتباينات من خلال نظام داخلي يكفل للجميع إبداء الرأي ومقارعة الحجة بالحجة والأطروحة بالأطروحة بآليات تواصل تحترم الرأي والرأي المخالف وتضمن حسم المواقف بطرق ديمقراطية وحضارية. فالبرلمان الحالي سيحقق ضمانة للجدل والتفاعل من اجل إيجاد الحلول الكفيلة بإقامة دولة العدل والمساواة.

فتونس أخرى ممكنة بفضل ما يتوفر لأبنائها ممثلي الشعب من إرادة في استكمال أهداف ثورة 17 ديسمبر عبر إنجاح مسار 25جويلية وحمايته من أية انتكاسة أو انحراف.

*هل تعني أن هناك أولويات أو خيارات مطروحة في المهام التشريعية في النسخة الجديدة تحت قبة باردو؟

من أولوياتنا التشريعية تقديم مبادرات من شانها إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية بما ينعكس إيجابا على ظروف عيش المواطنين وبما يضمن سيطرة الشعب على موارده وثرواته على النحو المطلوب، على غرار وضع حد لاقتصاد الريعي والاحتكار مع مراجعة العديد من القوانين،هذا إضافة إلى النظر في القوانين المنظمة للحياة السياسية كقانون الأحزاب والجمعيات والنظام الانتخابي وسننتصر للمعطلين عن العمل والمهمشين وغيرها من المسائل الأخرى التي نعتبرها من أولويات المؤسسة التشريعية في مسار التأسيس للجمهورية الجديدة. لقد حان الوقت لتفكيك أركان الدولة العميقة التي جوعت التونسيين ومسكتهم من أمعائهم على مر السنين وهذا لن يتم إلا بتجسيد سيطرة التونسيين على ثرواتهم عبر منوال تنموي يقطع مع منظومة الفساد والإفساد ويحقق كرامة التونسيين والتونسيات.

* ما هو موقفكم مما يحدث في تونس اليوم، بعد حملة الإيقافات التي شملت بعض السياسيين والنقابيين ورجال الأعمال وغيرهم، إضافة إلى ما أثير حول الأعداد الكبيرة من المهاجرين غير النظاميين من الأفارقة جنوب الصحراء ببلادنا وردود الأفعال الأجنبية حيال كل ذلك؟

-في الحقيقة نحن نؤمن باستقلال القرار الوطني ثم أن تونس دولة ذات سيادة ومن حقنا التعاطي مع قضايانا ومشاكلنا الداخلية باستقلالية، وتطبيق القانون في مثل هذه المسائل لا يسمح لأي جهة خارجية أن تعترض أو تتدخل. ولكن في علاقة بما أثير حول المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، وبعيدا عن العنصرية أو أي محاولة للزج بتونس في قضية التمييز العنصري يجب أن يطبق القانون على الجميع من أفارقة وغيرهم من الأجانب. وهذا في تقديري ما تستوجبه السيادة الوطنية وكل ذلك في كنف احترام حقوق الأفراد مهما كان جنسهم أو جنسياتهم. وفيما يتعلق بمحاربة الفساد وجب تطبيق القانون على كل من أجرم في حق الدولة والمواطنين دون استثناءات شرط أن يكون ذلك في كنف الشفافية والعدالة. ونحن في هذا السياق ننتظر توضيحا من النيابة العمومية حول حقيقة القضايا المنشورة وسبب الإيقافات. رغم أني لا أنكر وجود فساد مستشر في الدولة، ثم أن مطلب المحاسبة كان على قائمة مطالب 25 جويلية 2021 والذي لطالما طالبت عديد الجهات بتنفيذه وقد جاء تنفيذه متأخرا لكنه مهم في كل الحالات لإيقاف عجلة الفاسدين ولصوص المال العام ممن تسببوا في الأزمات التي تعيشها تونس اليوم.

* أصوات عديدة تستنكر وتعتبر أن مسار الجمهورية الجديدة يشكل خطرا على الحريات، فهل تشاطرها هذا الرأي؟

-لا خوف على الحريات في تونس مهما كانت مبررات وتعلات من ينادي بذلك. لأن القوانين الموجودة والدستور الجديد يكفل للجميع حرية الرأي والتعبير والإبداع. ولكن لا ننفي أن هناك تجاوزات لحدود "اللياقة". ثم أن الحديث عن تهديد الحريات "فزاعة" ابتدعها البعض لتبرير موقفه من الحياة السياسية في تونس اليوم. فنحن لا نتوجس أية مخاوف في هذا الأمر وسندافع عن الحريات والحياة السياسية والتعددية الحزبية شريطة احترام القانون على نحو تكون الحياة السياسية في خدمة الدولة. فـ25 جويلية وضع حد لمسارات الفساد وبمجرد الخروج من حالة الاستثناء سيتأكد الانتصار للمبادئ والثوابت التي نص عليها دستور 2022.