إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عبد السلام القريتلي الناطق باسم حزب صوت الشعب الليبي لـ"الصباح": مشكلة ليبيا تنموية لا سياسية.. وإدماج المليشيات في صفوف الجيش أولى الحلول

- أحد أسباب تدهور الوضع الأمني في ليبيا هو التدخل الأجنبي المباشر

- لا يمكن إجراء انتخابات في ظل وجود السلاح المنتشر ولا نمتلك القدرة على نزعه بالطرق السلمية نتيجة تعدد مصالح الجهات التي تملكه
مشاكل الساسة لا تهم الشعبين التونسي والليبي.. ولا بد لليبيا أن تستغل ما تملكه تونس من موارد بشرية متقدمة جدا وشركات متطورة
 
 
تونس-الصباح
رغم عودة الهدوء الأمني نسبيا إلى ليبيا فإن التوتر السياسي ظل قائما في هذه البلاد التي أنهكتها التوترات الداخلية في ظل تشتت سياسي وتغلغل المليشيات وانتشار السلاح وصراع النفوذ وتأخر الاستحقاقات الانتخابية.
هذا الوضع جعل الأمم المتحدة تتدخل حيث جرت أمس مباحثات بين الجانبين أكد خلالها المبعوث الليبي لدى المنظمة الأممية بوجود التزام ليبي- أممي مشترك بدعم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا خلال العام الجاري 2023 خاصة وأن الطبقة السياسية الليبية تمرّ اليوم بأزمة شرعية كبرى.
حول الوضع الليبي الراهن السياسي والأمني كان لـ"الصباح" هذا اللقاء مع عبد السلام القريتلي رئيس مكتب العلاقات الدولية والناطق باسم حزب صوت الشعب الليبي واحد المترشحين المحتملين للرئاسية.
 
حاوره: سفيان رجب
 
•بعد سنوات من الفوضى والعنف، هل يمكن اليوم القول إن الوضع الأمني في ليبيا قد استقر بصفة نهائية؟
بالفعل الوضع الأمني استقر بصفة نهائية وليس هناك أي مشكل في التجول داخل طرابلس أو بنغازي أو جل مناطق ليبيا. ليس هناك حالات قتل أو خطف إلا بعض الحالات الشاذة كتصفية الحسابات أو شخص مستهدف أو في حالة الجرائم الجنائية العادية. لا أجزم بأن ليس هناك مشاكل في المدن الكبرى، لكن في ظل انتشار السلاح خارج الشرعية يعتبر الوضع جيدا.
•يبقى وضع المليشيات في ليبيا من أعقد الملفات في ظل عدم القضاء عليها وسيطرتها على عديد المناطق التي كان من المفروض أن تكون بين أيدي السلطة لا غير. هل تعتقد أن وجود المليشيات المسلحة عامل تهديد للسلم والأمن الوطني أم عامل تهدئة وضرورة من ضرورات التوازن؟
مشكلة ليبيا الأساسية تنموية لا سياسية. أحد أسباب الوضع المتأزم هو بالفعل وجود المليشيات وهم في الواقع ضحية لسياسات عامة والعجز عن إدماجهم في صفوف الجيش الوطني. الساسة الفاسدون الذين أتوا إلى ليبيا بعد الثورة هم من دعموا المليشيات وهم من سخّروهم لخدمة أهدافهم. طبعا لا ننسى أن هناك قوى عظمى خارجية تلعب دور حماية ودعم وتقوية المليشيات في ليبيا.
•نادت بعض مراكز الدراسات الجيوسياسية بضرورة وضع خطة لنزع سلاح المليشيات وإدماجها في الجيش الليبي. هل هناك فعلا إرادة سياسية للقيام بذلك وماهي نسب نجاح ذلك؟
شخصيا حضرت عدة اجتماعات سياسية وأمنية. اجتمعت بمدير التدريب والتوجيه المعنوي بالقوات المسلحة اللواء محمود.. يمكنني الجزم بأن أكثر من 80 بالمائة من العسكريين يريدون العودة للحياة المدنية ويبحثون عمّن يضمن لهم مستقبلهم. لذلك لو تم دمجهم في المجتمع المدني لأمكننا إرساء مصالحة وإنقاذ ليبيا. مثل ما ذكرت أن مشكلة ليبيا هي أمنية. لو تخلصنا من المليشيات والسلاح ستستقر ليبيا وتباشر ترتيباتها الداخلية الأساسية والقيام بانتخابات عامة. هناك خطط قد تمّ وضعها لكن لم تنفذ نظرا، كما ذكرت، لوجود ساسة فاسدين مستفيدين من هذا الوضع إضافة إلى مجموعة من القوى الخارجية مستفيدة بدورها من هذا الوضع الأمني المتردي في ليبيا.
•البعض من المراقبين يرى أن أحد أهم أسباب تدهور الوضع الليبي هو التدخل المباشر لقوى أجنبية في الشأن الداخلي والخارجي الليبي. هل تعتقد أن هذه القوى الخارجية هي في خدمة مصالحها أم أنها عامل استقرار وتهدئة بما قد توفره ربما من توازن ظرفي؟
أحد أسباب تدهور الوضع الأمني في ليبيا هو التدخل الأجنبي المباشر وخاصة الالتجاء التعسفي واللا مبرر للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. مجلس الأمن الدولي لم يتركنا في سلام. كل ما يقوم به ممثل الأمم المتحدة في ليبيا هو معارض لمصالح ليبيا. مجلس الأمن أو المجتمع الدولي من المساهمين في تردي الوضع السياسي، الأمني والاقتصادي. التدخل الأجنبي لم يخلق أي توازن بل خلق مشاكل جمة منذ 2012 وهو أحد الأسباب الرئيسة لتردي الأوضاع في ليبيا بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام.
•تعددت الحكومات واختلفت في ليبيا والكل يتحدث عن الإصلاح والعمل على التسوية والتنمية لكن على أرض الواقع لا شيء من ذلك قد حدث طيلة 12 سنة. فما هي المعوقات أو العراقيل التي تقف حائلا دون مبادرات الإصلاح وعودة الأمور الى طبيعتها في ليبيا؟
أهم العراقيل تتمثل في وجود المليشيات في غرب وشرق ليبيا. كل هذا يقف حائلا أمام إيجاد حلول للبلد. هناك تزاوج بين المال، السلاح والسياسة. فالسياسيون يحاولون بكل جهد استعطاف المليشيات وجلبها لصالحهم. مصرف ليبيا المركزي ينفق أموالا طائلة على الساسة وعلى السلاح والمليشيات. وهو ما أدّى إلى تأزّم الأوضاع. فالسلطة والثروة والسلاح كانت مقولة نظرية أثناء نظام القذافي. اليوم أصبحت واقعا، فهؤلاء يمتلكونها فعلا وأهم أسباب مختلف المشاكل في ليبيا.
•منذ حوالي 12 سنة عرفت ليبيا تعاقب 6 حكومات على إدارة شؤون البلاد. لكن النتائج على الأرض كانت سلبية ولم تخرج ليبيا من مختلف الأزمات. برأيك بماذا تفسر هذا الفشل؟
منذ 2012 سلكت الحكومات المتعاقبة طريقا خاطئا. قامت هذه الحكومات بدعم المليشيات بالمال وبالسلاح ممّا جعل السلاح ينتشر في مختلف أرجاء ليبيا. هناك حوالي 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة، متوسطة وثقيلة دون رقيب ولا حسيب. هذه أرقام منظمة الأمم المتحدة وليست أرقام عبد السلام القريتلي. لا يمكن بأي حال من الأحوال استقرار ليبيا إلا بتجميع السلاح وضم أفراد المليشيات للجهات ذات العلاقة. علينا الفصل بين من يريد الاندماج في الجيش أو في الشرطة أوفي الخدمة المدنية. لا يمكن إجراء انتخابات في ظل وجود السلاح المنتشر ولا نمتلك القدرة على نزعه بالطرق السلمية نتيجة تعدد مصالح الجهات التي تملكه والتي تدعمها. نحن اليوم نفتقد للأدوات السلمية الضامنة لتسيير الدولة. فالجيش والشرطة هما عماد نجاح الحكومات.
•كنت واحدا من بين مجموعة من الساسة الليبيين الذين ينادون بجلوس مختلف الفرقاء الى طاولة الحوار وأنه لا حلول للأزمة الليبية خارج إرادة الليبيين. ماهي وفق رأيك شروط نجاح ذلك وهل تعتقد فعلا في إمكانية النجاح؟
أنادي دائما بالتنسيق بين الحكومة والقبائل لجمع السلاح ودمج جميع المليشيات في الجهات ذات العلاقة بطرق سليمة، علمية وحديثة للوصول إلى توافق. فوجود السلاح وانتشاره بين القبائل يجعل الأمر منفلتا وبالتالي من الاستحالة بمكان قيام دولة. أنا أنادي بصوت عال بأن المليشيات ضحية ساسة فاسدين وفاشلين. ساسة لا يسعون إلى تهدئة الأوضاع، همّهم تحقيق مكاسب ومنافع شخصية، غير واعين بمصالح البلاد العليا.
المليشيات هم من أبناء هذا البلد وهم ضحايا وأنا اجتمعت بالعديد من أجهزة المليشيات، وجدت فيهم استعدادا وتجاوبا لترك السلاح لكن يبحثون عمّن يقوم بتبنّيهم من طرف الساسة وأصحاب القرار حتى نصل إلى الاستقرار.
•يعيش الشعب الليبي منذ عقد من الزمن تحت وطأة تدهور الظروف الحياتية والمعيشية. كيف ترى عملية الإصلاح في ليبيا وماهي الخطط العاجلة والآجلة في ذلك؟
يعيش الشعب الليبي مأساة اقتصادية وأمنية خطيرة تجاوزت آثارها حدود بلدنا. وفق رأيي هناك خطة قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل. الخطة القصيرة الأجل تتمثل في توفير الغذاء والدواء من خلال الدولة والضرب على أيدي العصابات التي احتكرت هذه الخدمات عبر مضاربتهم في السوق. هذا أحد أسباب انهيار الاقتصاد في ليبيا. يجب أن تكون هناك حكومة جديدة ورشيدة تمسك ملف الغذاء والدواء لكن هذا يتعذر القيام به الآن، لهذا ضرورة إيجاد حلول عاجلة للوضع الأمني، كذلك توفير السيولة والتخفيض من سعر صرف الدولار والقيام بخطة مستعجلة لإصلاح الكهرباء.
أما الخطة الطويلة الآجلة فهي المتعلقة بالإعمار حيث علينا البدء من الدرجة الصفر. الهدم والإزالة ثم وضع خطط إعمار لبناء ليبيا جديدة. أنا كمرشح جدّي للرئاسة جاهز بخططي لإنقاذ ليبيا.
•في ليبيا المرأة مشاركة في الحياة السياسية خاصة في الحكومة الأخيرة التي ضمت عدة نساء. رغم ذلك يبقى حضورها في الحياة العامة والسياسية محتشما. كيف ترون وضع المرأة حاليا في ليبيا وكيف ترونه في المستقبل كشريك في إدارة الشأن العام خاصة أنكم تعتزمون الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
بحكم خبرتي سواء في القطاع الخاص أو المنظماتي، المرأة أقل فسادا من الرجل خاصة في كل ما يتعلق بالأمور المالية. أغلب النساء ملتزمات بوظائفهنّ ويدرنها وفق نظام سياسي حكيم. كمواطن ليبي لو أتيحت لي فرصة حكم ليبيا رفقة مواطنين بررة وأحرار سأحيط نفسي بفريق نسائي يمتلك الخبرة اللازمة لإدارة البلاد. لدينا نساء قياديات في ميادين عدة. لا أخفي عليكم سأقوم مباشرة بتعيين امرأة رئيسة للحكومة وسأقوم بتنصيب امرأة رئيسة لمؤسسة النفط وأخرى رئيسة للمؤسسة الوطنية للاستثمار. نفس الشيء سأقوم به على رأس الخطوط الجوية.. بل أؤيد أن تكون المرأة ممثلة بأكثر من 50% في الحقائب الوزارية. كل مظاهر احتكار السلطة من طرف الرجال سأقوم بنسفه. أدعم المرأة بقوة لإيماني الشديد بأن إنجاح أي مشروع مجتمعي يجب أن تكون المرأة شريك رئيسي فيه.
•رغم بعض الهزات تبقى العلاقات بين تونس وليبيا على المستوى الشعبي أو الاقتصادي وثيقة ومتينة عكس العلاقات السياسية التي شابها التوتر عديد المرات في السنوات الأخيرة. فما سبب ذلك وكيف يمكن وضع حد لبعض الاختلافات التي أثرت بشكل واضح على مختلف العلاقات بين الجارتين؟
بين تونس وليبيا علاقات جغرافية واجتماعية وتاريخية. هذا لا أحد ينكره. في الواقع مشاكل الساسة لا تهم الشعبين. بيننا نسب ومصاهرة وعلاقات أسرية نشأت من رحم الهجرات المتواترة من ليبيا نحو تونس في محطات تاريخية مختلفة. نفس الشيء في ليبيا وتحديدا طرابلس هناك الكثير من العائلات الليبية ذات الأصول التونسية. فنحن في آخر الأمر بلد واحد.
لو كانت لي سلطة القرار ولو كان لي دور رئيسي في الحياة السياسية بليبيا سأعمل مع الطرف التونسي من أجل عودة العلاقات الى ما كانت عليه قبيل 2011. تونس تكتسب موارد بشرية متقدمة جدا ولها شركات دولية معروفة وجب الاستفادة منها ولهذا لا بد من العمل على تمتين العلاقات بمختلف جوانبها مع تونس والعمل في إطار مصلحة البلدين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
عبد السلام القريتلي الناطق باسم حزب صوت الشعب الليبي لـ"الصباح": مشكلة ليبيا تنموية لا سياسية.. وإدماج المليشيات في صفوف الجيش أولى الحلول

- أحد أسباب تدهور الوضع الأمني في ليبيا هو التدخل الأجنبي المباشر

- لا يمكن إجراء انتخابات في ظل وجود السلاح المنتشر ولا نمتلك القدرة على نزعه بالطرق السلمية نتيجة تعدد مصالح الجهات التي تملكه
مشاكل الساسة لا تهم الشعبين التونسي والليبي.. ولا بد لليبيا أن تستغل ما تملكه تونس من موارد بشرية متقدمة جدا وشركات متطورة
 
 
تونس-الصباح
رغم عودة الهدوء الأمني نسبيا إلى ليبيا فإن التوتر السياسي ظل قائما في هذه البلاد التي أنهكتها التوترات الداخلية في ظل تشتت سياسي وتغلغل المليشيات وانتشار السلاح وصراع النفوذ وتأخر الاستحقاقات الانتخابية.
هذا الوضع جعل الأمم المتحدة تتدخل حيث جرت أمس مباحثات بين الجانبين أكد خلالها المبعوث الليبي لدى المنظمة الأممية بوجود التزام ليبي- أممي مشترك بدعم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا خلال العام الجاري 2023 خاصة وأن الطبقة السياسية الليبية تمرّ اليوم بأزمة شرعية كبرى.
حول الوضع الليبي الراهن السياسي والأمني كان لـ"الصباح" هذا اللقاء مع عبد السلام القريتلي رئيس مكتب العلاقات الدولية والناطق باسم حزب صوت الشعب الليبي واحد المترشحين المحتملين للرئاسية.
 
حاوره: سفيان رجب
 
•بعد سنوات من الفوضى والعنف، هل يمكن اليوم القول إن الوضع الأمني في ليبيا قد استقر بصفة نهائية؟
بالفعل الوضع الأمني استقر بصفة نهائية وليس هناك أي مشكل في التجول داخل طرابلس أو بنغازي أو جل مناطق ليبيا. ليس هناك حالات قتل أو خطف إلا بعض الحالات الشاذة كتصفية الحسابات أو شخص مستهدف أو في حالة الجرائم الجنائية العادية. لا أجزم بأن ليس هناك مشاكل في المدن الكبرى، لكن في ظل انتشار السلاح خارج الشرعية يعتبر الوضع جيدا.
•يبقى وضع المليشيات في ليبيا من أعقد الملفات في ظل عدم القضاء عليها وسيطرتها على عديد المناطق التي كان من المفروض أن تكون بين أيدي السلطة لا غير. هل تعتقد أن وجود المليشيات المسلحة عامل تهديد للسلم والأمن الوطني أم عامل تهدئة وضرورة من ضرورات التوازن؟
مشكلة ليبيا الأساسية تنموية لا سياسية. أحد أسباب الوضع المتأزم هو بالفعل وجود المليشيات وهم في الواقع ضحية لسياسات عامة والعجز عن إدماجهم في صفوف الجيش الوطني. الساسة الفاسدون الذين أتوا إلى ليبيا بعد الثورة هم من دعموا المليشيات وهم من سخّروهم لخدمة أهدافهم. طبعا لا ننسى أن هناك قوى عظمى خارجية تلعب دور حماية ودعم وتقوية المليشيات في ليبيا.
•نادت بعض مراكز الدراسات الجيوسياسية بضرورة وضع خطة لنزع سلاح المليشيات وإدماجها في الجيش الليبي. هل هناك فعلا إرادة سياسية للقيام بذلك وماهي نسب نجاح ذلك؟
شخصيا حضرت عدة اجتماعات سياسية وأمنية. اجتمعت بمدير التدريب والتوجيه المعنوي بالقوات المسلحة اللواء محمود.. يمكنني الجزم بأن أكثر من 80 بالمائة من العسكريين يريدون العودة للحياة المدنية ويبحثون عمّن يضمن لهم مستقبلهم. لذلك لو تم دمجهم في المجتمع المدني لأمكننا إرساء مصالحة وإنقاذ ليبيا. مثل ما ذكرت أن مشكلة ليبيا هي أمنية. لو تخلصنا من المليشيات والسلاح ستستقر ليبيا وتباشر ترتيباتها الداخلية الأساسية والقيام بانتخابات عامة. هناك خطط قد تمّ وضعها لكن لم تنفذ نظرا، كما ذكرت، لوجود ساسة فاسدين مستفيدين من هذا الوضع إضافة إلى مجموعة من القوى الخارجية مستفيدة بدورها من هذا الوضع الأمني المتردي في ليبيا.
•البعض من المراقبين يرى أن أحد أهم أسباب تدهور الوضع الليبي هو التدخل المباشر لقوى أجنبية في الشأن الداخلي والخارجي الليبي. هل تعتقد أن هذه القوى الخارجية هي في خدمة مصالحها أم أنها عامل استقرار وتهدئة بما قد توفره ربما من توازن ظرفي؟
أحد أسباب تدهور الوضع الأمني في ليبيا هو التدخل الأجنبي المباشر وخاصة الالتجاء التعسفي واللا مبرر للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. مجلس الأمن الدولي لم يتركنا في سلام. كل ما يقوم به ممثل الأمم المتحدة في ليبيا هو معارض لمصالح ليبيا. مجلس الأمن أو المجتمع الدولي من المساهمين في تردي الوضع السياسي، الأمني والاقتصادي. التدخل الأجنبي لم يخلق أي توازن بل خلق مشاكل جمة منذ 2012 وهو أحد الأسباب الرئيسة لتردي الأوضاع في ليبيا بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام.
•تعددت الحكومات واختلفت في ليبيا والكل يتحدث عن الإصلاح والعمل على التسوية والتنمية لكن على أرض الواقع لا شيء من ذلك قد حدث طيلة 12 سنة. فما هي المعوقات أو العراقيل التي تقف حائلا دون مبادرات الإصلاح وعودة الأمور الى طبيعتها في ليبيا؟
أهم العراقيل تتمثل في وجود المليشيات في غرب وشرق ليبيا. كل هذا يقف حائلا أمام إيجاد حلول للبلد. هناك تزاوج بين المال، السلاح والسياسة. فالسياسيون يحاولون بكل جهد استعطاف المليشيات وجلبها لصالحهم. مصرف ليبيا المركزي ينفق أموالا طائلة على الساسة وعلى السلاح والمليشيات. وهو ما أدّى إلى تأزّم الأوضاع. فالسلطة والثروة والسلاح كانت مقولة نظرية أثناء نظام القذافي. اليوم أصبحت واقعا، فهؤلاء يمتلكونها فعلا وأهم أسباب مختلف المشاكل في ليبيا.
•منذ حوالي 12 سنة عرفت ليبيا تعاقب 6 حكومات على إدارة شؤون البلاد. لكن النتائج على الأرض كانت سلبية ولم تخرج ليبيا من مختلف الأزمات. برأيك بماذا تفسر هذا الفشل؟
منذ 2012 سلكت الحكومات المتعاقبة طريقا خاطئا. قامت هذه الحكومات بدعم المليشيات بالمال وبالسلاح ممّا جعل السلاح ينتشر في مختلف أرجاء ليبيا. هناك حوالي 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة، متوسطة وثقيلة دون رقيب ولا حسيب. هذه أرقام منظمة الأمم المتحدة وليست أرقام عبد السلام القريتلي. لا يمكن بأي حال من الأحوال استقرار ليبيا إلا بتجميع السلاح وضم أفراد المليشيات للجهات ذات العلاقة. علينا الفصل بين من يريد الاندماج في الجيش أو في الشرطة أوفي الخدمة المدنية. لا يمكن إجراء انتخابات في ظل وجود السلاح المنتشر ولا نمتلك القدرة على نزعه بالطرق السلمية نتيجة تعدد مصالح الجهات التي تملكه والتي تدعمها. نحن اليوم نفتقد للأدوات السلمية الضامنة لتسيير الدولة. فالجيش والشرطة هما عماد نجاح الحكومات.
•كنت واحدا من بين مجموعة من الساسة الليبيين الذين ينادون بجلوس مختلف الفرقاء الى طاولة الحوار وأنه لا حلول للأزمة الليبية خارج إرادة الليبيين. ماهي وفق رأيك شروط نجاح ذلك وهل تعتقد فعلا في إمكانية النجاح؟
أنادي دائما بالتنسيق بين الحكومة والقبائل لجمع السلاح ودمج جميع المليشيات في الجهات ذات العلاقة بطرق سليمة، علمية وحديثة للوصول إلى توافق. فوجود السلاح وانتشاره بين القبائل يجعل الأمر منفلتا وبالتالي من الاستحالة بمكان قيام دولة. أنا أنادي بصوت عال بأن المليشيات ضحية ساسة فاسدين وفاشلين. ساسة لا يسعون إلى تهدئة الأوضاع، همّهم تحقيق مكاسب ومنافع شخصية، غير واعين بمصالح البلاد العليا.
المليشيات هم من أبناء هذا البلد وهم ضحايا وأنا اجتمعت بالعديد من أجهزة المليشيات، وجدت فيهم استعدادا وتجاوبا لترك السلاح لكن يبحثون عمّن يقوم بتبنّيهم من طرف الساسة وأصحاب القرار حتى نصل إلى الاستقرار.
•يعيش الشعب الليبي منذ عقد من الزمن تحت وطأة تدهور الظروف الحياتية والمعيشية. كيف ترى عملية الإصلاح في ليبيا وماهي الخطط العاجلة والآجلة في ذلك؟
يعيش الشعب الليبي مأساة اقتصادية وأمنية خطيرة تجاوزت آثارها حدود بلدنا. وفق رأيي هناك خطة قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل. الخطة القصيرة الأجل تتمثل في توفير الغذاء والدواء من خلال الدولة والضرب على أيدي العصابات التي احتكرت هذه الخدمات عبر مضاربتهم في السوق. هذا أحد أسباب انهيار الاقتصاد في ليبيا. يجب أن تكون هناك حكومة جديدة ورشيدة تمسك ملف الغذاء والدواء لكن هذا يتعذر القيام به الآن، لهذا ضرورة إيجاد حلول عاجلة للوضع الأمني، كذلك توفير السيولة والتخفيض من سعر صرف الدولار والقيام بخطة مستعجلة لإصلاح الكهرباء.
أما الخطة الطويلة الآجلة فهي المتعلقة بالإعمار حيث علينا البدء من الدرجة الصفر. الهدم والإزالة ثم وضع خطط إعمار لبناء ليبيا جديدة. أنا كمرشح جدّي للرئاسة جاهز بخططي لإنقاذ ليبيا.
•في ليبيا المرأة مشاركة في الحياة السياسية خاصة في الحكومة الأخيرة التي ضمت عدة نساء. رغم ذلك يبقى حضورها في الحياة العامة والسياسية محتشما. كيف ترون وضع المرأة حاليا في ليبيا وكيف ترونه في المستقبل كشريك في إدارة الشأن العام خاصة أنكم تعتزمون الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
بحكم خبرتي سواء في القطاع الخاص أو المنظماتي، المرأة أقل فسادا من الرجل خاصة في كل ما يتعلق بالأمور المالية. أغلب النساء ملتزمات بوظائفهنّ ويدرنها وفق نظام سياسي حكيم. كمواطن ليبي لو أتيحت لي فرصة حكم ليبيا رفقة مواطنين بررة وأحرار سأحيط نفسي بفريق نسائي يمتلك الخبرة اللازمة لإدارة البلاد. لدينا نساء قياديات في ميادين عدة. لا أخفي عليكم سأقوم مباشرة بتعيين امرأة رئيسة للحكومة وسأقوم بتنصيب امرأة رئيسة لمؤسسة النفط وأخرى رئيسة للمؤسسة الوطنية للاستثمار. نفس الشيء سأقوم به على رأس الخطوط الجوية.. بل أؤيد أن تكون المرأة ممثلة بأكثر من 50% في الحقائب الوزارية. كل مظاهر احتكار السلطة من طرف الرجال سأقوم بنسفه. أدعم المرأة بقوة لإيماني الشديد بأن إنجاح أي مشروع مجتمعي يجب أن تكون المرأة شريك رئيسي فيه.
•رغم بعض الهزات تبقى العلاقات بين تونس وليبيا على المستوى الشعبي أو الاقتصادي وثيقة ومتينة عكس العلاقات السياسية التي شابها التوتر عديد المرات في السنوات الأخيرة. فما سبب ذلك وكيف يمكن وضع حد لبعض الاختلافات التي أثرت بشكل واضح على مختلف العلاقات بين الجارتين؟
بين تونس وليبيا علاقات جغرافية واجتماعية وتاريخية. هذا لا أحد ينكره. في الواقع مشاكل الساسة لا تهم الشعبين. بيننا نسب ومصاهرة وعلاقات أسرية نشأت من رحم الهجرات المتواترة من ليبيا نحو تونس في محطات تاريخية مختلفة. نفس الشيء في ليبيا وتحديدا طرابلس هناك الكثير من العائلات الليبية ذات الأصول التونسية. فنحن في آخر الأمر بلد واحد.
لو كانت لي سلطة القرار ولو كان لي دور رئيسي في الحياة السياسية بليبيا سأعمل مع الطرف التونسي من أجل عودة العلاقات الى ما كانت عليه قبيل 2011. تونس تكتسب موارد بشرية متقدمة جدا ولها شركات دولية معروفة وجب الاستفادة منها ولهذا لا بد من العمل على تمتين العلاقات بمختلف جوانبها مع تونس والعمل في إطار مصلحة البلدين.