بالرغم من التكتم الكبير والغموض الذي يحيط بأكبر المشاريع الوطنية في الساحة المالية وهو مشروع مجلة الصرف الجديدة التي تضع حاليا الحكومة اللمسات الأخيرة لإطلاقها في اقرب الآجال، إلا أن ذلك لم يمنع ثلة من المتدخلين في الشأن المالي من الكشف عن ابرز الإجراءات المعدلة فيها خاصة أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد أعلن عن البعض من هذه الإجراءات في ندوة صحفية انعقدت مطلع السنة الجارية.
ويهدف المشروع المنتظر إطلاقه قريبا إلى الاستعادة التدريجية لتوازنات المالية العمومية وتحسين نجاعة منظومة الصرف مع العمل على تبسيط الإجراءات التي تتضمنها وأهميتها في تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، فضلا عن رفع مستوى التبادل التجاري عموما عن طريق الرفع من الصادرات ودعم الادخار الوطني ورفع مستوى الاحتياطي بالعملات الأجنبية ...
وعن أبرز ملامح القانون الجديد للصرف التي يمكن الكشف عنها هي تلك المتمثلة بالأساس في تعديلات ستسمح وبصفة تدريجية بالتحرير الكلي للدينار التونسي، فضلا عن مساهمة القانون في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرة واقتحام الأسواق الخارجية، وهذا ما أفاد به محافظ البنك المركزي في الندوة الصحفية المذكورة سلفا، مضيفا أن القانون سيعمل على تجاوز العوائق التي تجابهها المؤسسات وقطاع الأعمال في ما يخص المعاملات بالعملة الأجنبية.
كما قدم العباسي بعض التوجهات العامة للمجلة الجديدة تتعلق بجملة من الإصلاحات الهيكلية التي شملت مراجعة الآجال وتبسيط الإجراءات المتعلقة بفتح حسابات بالعملة الأجنبية بالنسبة للمستثمرين، فضلا عن السماح وفق شروط للوسطاء المرخص لهم المقيمين باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات.
وأوضح المحافظ في ذات السياق أن إجراءات قانون الصرف الجديد ستسمح بتحرير التحويلات المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير، فضلا عن إلغاء رصيد التحويلات المالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الالكتروني...
كما سيتم العمل على إقرار حوافز لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخرات ومداخيلهم لدى البنوك التونسية وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية. وسيتضمن الإطار التشريعي الجديد للصرف تشجيعات لفائدة البنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة. وهذه التوجهات العامة التي أعلن العباسي عن بعضها وبصورة مقتضبة، جاءت في الميزان الاقتصادي لسنة 2023 وينتظر أن ينطلق العمل بها خلال هذه السنة، وأكد العباسي في هذا السياق ان قانون الصرف الجديد يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال عموما، مشيرا إلى هذا القانون بالمقابل لن يفضي إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
واستعرض المحافظ ابرز ملامح الوضع الاقتصادي الذي تردت إليه البلاد في الآونة الأخيرة، معتبرا انه وضع صعب إذ تجمع فيه العديد من الوضعيات بدءا بالعجز المزدوج أو ما يعرف بعجز الميزان التجاري والعجز الجاري في ذات الوقت مقابل نسب نمو ضعيفة.
وخلافا لما أعلن عنه سابقا، أكد العباسي في ورشة عمل حول مشروع قانون يتعلق بالمعاملات المالية مع الخارج ومجلة الصرف التي انتظمت بحر الأسبوع المنقضي، على أهمية المشروع الذي تعمل عليه الدولة مع مختلف هياكلها وخاصة منها البنك المركزي في دعم المعاملات المالية في تونس ومع الخارج في تطوير المالية العمومية وفي تحسين مناخات التنمية الاستثمار والأعمال، دون الدخول في تفاصي الاجراءات المعدلة.
وأشار العباسي في ذات السياق، إلى عمل البنك مع شركائه على تطوير هذه المجالات وخدمة المؤسسات المالية والشركات الناشئة من أجل تحقيق القيمة المضافة وخلق القدرة التنافسية وطنيا ودوليا ومواكبة التشريعات والتكنولوجيات المعتمدة في هذه الميادين.
وتعتبر ورشة العمل التي انتظمت مؤخرا في دار الضيافة، الاجتماع الثاني من نوعه اثر اجتماع أول انتظم في يوم 8 فيفري 2023 في تأكيد على تسريع نسق المشاورات والانتهاء من المشروع الذي ينتظر أن يدخل حيز التطبيق في غضون السنة الحالية بحسب ما جاء في وثيقة الميزان الاقتصادي لتونس لهذا العام.
وبحسب ما نشرته رئاسة الحكومة منذ يومين، فان المشروع الجديد يهدف إلى مراجعة منظومة الصرف في إطار تجسيم برنامج الإنعاش الاقتصادي والإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة والرامية إلى الاستعادة التدريجية لتوازنات المالية العمومية وتحسين نجاعة منظومة الصرف وتبسيط إجراءاتها ودعم دورها في تحسين مناخ الأعمال والاستثمار ورفع مستوى الصادرات والادخار الوطني ورفع مستوى الاحتياطي بالعملات من خلال زيادة ثقة المدخرين والمتعاملين وإعادة الثقة لتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية..
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية من جهتها، على أهمية هذا المشروع لتلبية الأهداف والبرامج الوطنية للإصلاح، مبينة أن الهدف من مراجعة مجلة الصرف هو رفع العوائق التي لا زالت قائمة قصد تمكين المتدخلين الاقتصاديين من العمل بكل أريحية سواء كان ذلك في تونس أو بالخارج.
كما سيمكن الإصلاح من مواكبة التطور التكنولوجي في المعاملات المالية في ظل اقتصاد رقمي معولم وإدماج النشاط الاقتصادي في محيطه العالمي ورقمنة المعاملات المالية الخارجية وبما يعطي إشارة إيجابية للمستثمرين بالبلاد التونسية وبالخارج وفق الوزيرة.
وبينت الوزيرة أهمية مراجعة منظومة الصرف في تطوير نشاط المعاملات المالية مع الخارج استئناسا بالتجارب الدولية الرائدة في هذا المجال و مراجعة الإطار التشريعي المنظم لنشاط الصرف اليدوي لتوجيه قطاع الصرف غير المنتظم نحو المسالك الرسمية وتعزيز المنظومات الوطنية للدفع والتحويل الإلكتروني وإقرار مبدأ التحرير بتأكيد تحرير العمليات الجارية وتحرير عمليات الاستثمار الأجنبي في تونس وتحرير استثمارات التونسيين بالخارج على أن يتم ذلك بصفة تدريجية وذلك في إطار تحقيق التوازنات المالية ودفع الاستثمار واستعادة نسقه.
وفي نفس الاتجاه، أبرز عدد من المتدخلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني المشاركين في الورشة المذكورة، ضرورة دعم هذه المبادرات الرامية إلى مساندة الاقتصاد الوطني والقطاع المالي في تونس و ذلك في إطار مقاربة تشاركية مشيرين إلى أهمية الإسراع في إرساء أهداف وبرامج إستراتيجية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والدولية وتداعياتها على عدد من القطاعات الحيوية.
وأكدوا كذلك على أهمية أن تقوم مراجعة منظومة الصرف على تحقيق القيمة المضافة ومساندة الاستثمار وتحسين الأداء البنكي والمالي والخدماتي لمختلف المتعاملين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات اعتمادا على تصورات مختلف الأطراف المشاركة.
وتبقى مجلة الصرف الجديدة المزمع إطلاقها قريبا، من ابرز المشاريع المالية الثورية التي طال انتظارها في الساحة الوطنية بسبب تعطلها لسنوات، وهي التي تتضمن إجراءات تجاوزها الزمن ولم تعد مواكبة للتغيرات التي شهدتها السياسات النقدية والمالية في العالم.
وفاء بن محمد
تونس- الصباح
بالرغم من التكتم الكبير والغموض الذي يحيط بأكبر المشاريع الوطنية في الساحة المالية وهو مشروع مجلة الصرف الجديدة التي تضع حاليا الحكومة اللمسات الأخيرة لإطلاقها في اقرب الآجال، إلا أن ذلك لم يمنع ثلة من المتدخلين في الشأن المالي من الكشف عن ابرز الإجراءات المعدلة فيها خاصة أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد أعلن عن البعض من هذه الإجراءات في ندوة صحفية انعقدت مطلع السنة الجارية.
ويهدف المشروع المنتظر إطلاقه قريبا إلى الاستعادة التدريجية لتوازنات المالية العمومية وتحسين نجاعة منظومة الصرف مع العمل على تبسيط الإجراءات التي تتضمنها وأهميتها في تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، فضلا عن رفع مستوى التبادل التجاري عموما عن طريق الرفع من الصادرات ودعم الادخار الوطني ورفع مستوى الاحتياطي بالعملات الأجنبية ...
وعن أبرز ملامح القانون الجديد للصرف التي يمكن الكشف عنها هي تلك المتمثلة بالأساس في تعديلات ستسمح وبصفة تدريجية بالتحرير الكلي للدينار التونسي، فضلا عن مساهمة القانون في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرة واقتحام الأسواق الخارجية، وهذا ما أفاد به محافظ البنك المركزي في الندوة الصحفية المذكورة سلفا، مضيفا أن القانون سيعمل على تجاوز العوائق التي تجابهها المؤسسات وقطاع الأعمال في ما يخص المعاملات بالعملة الأجنبية.
كما قدم العباسي بعض التوجهات العامة للمجلة الجديدة تتعلق بجملة من الإصلاحات الهيكلية التي شملت مراجعة الآجال وتبسيط الإجراءات المتعلقة بفتح حسابات بالعملة الأجنبية بالنسبة للمستثمرين، فضلا عن السماح وفق شروط للوسطاء المرخص لهم المقيمين باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات.
وأوضح المحافظ في ذات السياق أن إجراءات قانون الصرف الجديد ستسمح بتحرير التحويلات المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير، فضلا عن إلغاء رصيد التحويلات المالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الالكتروني...
كما سيتم العمل على إقرار حوافز لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخرات ومداخيلهم لدى البنوك التونسية وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية. وسيتضمن الإطار التشريعي الجديد للصرف تشجيعات لفائدة البنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة. وهذه التوجهات العامة التي أعلن العباسي عن بعضها وبصورة مقتضبة، جاءت في الميزان الاقتصادي لسنة 2023 وينتظر أن ينطلق العمل بها خلال هذه السنة، وأكد العباسي في هذا السياق ان قانون الصرف الجديد يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال عموما، مشيرا إلى هذا القانون بالمقابل لن يفضي إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
واستعرض المحافظ ابرز ملامح الوضع الاقتصادي الذي تردت إليه البلاد في الآونة الأخيرة، معتبرا انه وضع صعب إذ تجمع فيه العديد من الوضعيات بدءا بالعجز المزدوج أو ما يعرف بعجز الميزان التجاري والعجز الجاري في ذات الوقت مقابل نسب نمو ضعيفة.
وخلافا لما أعلن عنه سابقا، أكد العباسي في ورشة عمل حول مشروع قانون يتعلق بالمعاملات المالية مع الخارج ومجلة الصرف التي انتظمت بحر الأسبوع المنقضي، على أهمية المشروع الذي تعمل عليه الدولة مع مختلف هياكلها وخاصة منها البنك المركزي في دعم المعاملات المالية في تونس ومع الخارج في تطوير المالية العمومية وفي تحسين مناخات التنمية الاستثمار والأعمال، دون الدخول في تفاصي الاجراءات المعدلة.
وأشار العباسي في ذات السياق، إلى عمل البنك مع شركائه على تطوير هذه المجالات وخدمة المؤسسات المالية والشركات الناشئة من أجل تحقيق القيمة المضافة وخلق القدرة التنافسية وطنيا ودوليا ومواكبة التشريعات والتكنولوجيات المعتمدة في هذه الميادين.
وتعتبر ورشة العمل التي انتظمت مؤخرا في دار الضيافة، الاجتماع الثاني من نوعه اثر اجتماع أول انتظم في يوم 8 فيفري 2023 في تأكيد على تسريع نسق المشاورات والانتهاء من المشروع الذي ينتظر أن يدخل حيز التطبيق في غضون السنة الحالية بحسب ما جاء في وثيقة الميزان الاقتصادي لتونس لهذا العام.
وبحسب ما نشرته رئاسة الحكومة منذ يومين، فان المشروع الجديد يهدف إلى مراجعة منظومة الصرف في إطار تجسيم برنامج الإنعاش الاقتصادي والإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة والرامية إلى الاستعادة التدريجية لتوازنات المالية العمومية وتحسين نجاعة منظومة الصرف وتبسيط إجراءاتها ودعم دورها في تحسين مناخ الأعمال والاستثمار ورفع مستوى الصادرات والادخار الوطني ورفع مستوى الاحتياطي بالعملات من خلال زيادة ثقة المدخرين والمتعاملين وإعادة الثقة لتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية..
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية من جهتها، على أهمية هذا المشروع لتلبية الأهداف والبرامج الوطنية للإصلاح، مبينة أن الهدف من مراجعة مجلة الصرف هو رفع العوائق التي لا زالت قائمة قصد تمكين المتدخلين الاقتصاديين من العمل بكل أريحية سواء كان ذلك في تونس أو بالخارج.
كما سيمكن الإصلاح من مواكبة التطور التكنولوجي في المعاملات المالية في ظل اقتصاد رقمي معولم وإدماج النشاط الاقتصادي في محيطه العالمي ورقمنة المعاملات المالية الخارجية وبما يعطي إشارة إيجابية للمستثمرين بالبلاد التونسية وبالخارج وفق الوزيرة.
وبينت الوزيرة أهمية مراجعة منظومة الصرف في تطوير نشاط المعاملات المالية مع الخارج استئناسا بالتجارب الدولية الرائدة في هذا المجال و مراجعة الإطار التشريعي المنظم لنشاط الصرف اليدوي لتوجيه قطاع الصرف غير المنتظم نحو المسالك الرسمية وتعزيز المنظومات الوطنية للدفع والتحويل الإلكتروني وإقرار مبدأ التحرير بتأكيد تحرير العمليات الجارية وتحرير عمليات الاستثمار الأجنبي في تونس وتحرير استثمارات التونسيين بالخارج على أن يتم ذلك بصفة تدريجية وذلك في إطار تحقيق التوازنات المالية ودفع الاستثمار واستعادة نسقه.
وفي نفس الاتجاه، أبرز عدد من المتدخلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني المشاركين في الورشة المذكورة، ضرورة دعم هذه المبادرات الرامية إلى مساندة الاقتصاد الوطني والقطاع المالي في تونس و ذلك في إطار مقاربة تشاركية مشيرين إلى أهمية الإسراع في إرساء أهداف وبرامج إستراتيجية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والدولية وتداعياتها على عدد من القطاعات الحيوية.
وأكدوا كذلك على أهمية أن تقوم مراجعة منظومة الصرف على تحقيق القيمة المضافة ومساندة الاستثمار وتحسين الأداء البنكي والمالي والخدماتي لمختلف المتعاملين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات اعتمادا على تصورات مختلف الأطراف المشاركة.
وتبقى مجلة الصرف الجديدة المزمع إطلاقها قريبا، من ابرز المشاريع المالية الثورية التي طال انتظارها في الساحة الوطنية بسبب تعطلها لسنوات، وهي التي تتضمن إجراءات تجاوزها الزمن ولم تعد مواكبة للتغيرات التي شهدتها السياسات النقدية والمالية في العالم.