رغم سحب إدارة صندوق النقد الدولي ملف تونس الذي تم عرضه في ديسمبر الماضي، والمتعلق بالموافقة النهائية على اتفاقية قرض ممد جديد بقيمة 1.9 مليار دولار سبق أن نال موافقة تقنية مبدئية، إلا أنه ما يزال أمام تونس فرصة قد تكون الأخيرة للحسم في هذا الموضوع، وذلك خلال شهر أفريل المقبل مع التئام اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، والمبرمجة تحديدا بين 10 و16 من نفس الشهر.
ومن المقرر أن تشارك تونس في اجتماعات الربيع بوفد رسمي لم تتحدد ملامحه بعد، لكن من غير المستبعد أن تقود هذه المرة الوفد التونسي رئيس الحكومة السيدة نجلاء بودن بالنظر إلى الرهانات المطروحة وعلى رأسها على الإطلاق السعي لانتزاع موافقة نهائية من الإدارة التنفيذية لصندوق النقد بخصوص الاتفاق المالي المعلق.
ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، يمكن تفسير الأنشطة المكثفة لرئيسة الحكومة في الفترة الأخيرة سواء من خلال حرصها على المشاركة والتواجد في كبرى المؤتمرات الدولية التي تناقش مستقبل وآفاق التعاون الاقتصادي والمالي الدولي، أو من خلال تكثيف الاتصالات السياسية والدبلوماسية سواء مع رؤساء حكومات الدول الصديقة والشقيقة أو مع سفراء تلك الدول المعتمدين بتونس، ولعل آخرها اللقاء الذي جمع بين بودن والسفير الأمريكي الجديد جوي هود بمناسبة تسلم مهامه بتونس، وأيضا اللقاء مع السفير الايطالي بتونس..
وشاركت تونس في اجتماعات الربيع السنوية للسنة الماضية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بواشنطن من 18 إلى 22 أفريل 2022 عبر وفد ضم وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد ومحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد استقبلت الخميس 23 فيفري بقصر الحكومة بالقصبة سفير الولايات المتحدة الأمريكية الجديد بتونس جوي هود، الذي جدد التأكيد على مواصلة دعم بلاده لتونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد وفي سعيها لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتعافي اقتصادها، وفق ما ورد في بلاغ أصدرته رئاسة الحكومة.
وسبق هذا اللقاء محادثة ثنائية جمعت بودن يوم 14 فيفري الجاري مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، تناولت مدى تقدم البرنامج الوطني للإصلاحات الذي أقرته تونس، وذلك على هامش أشغال القمة العالمية للحكومات المنعقدة بدبي من 13 الى 15 فيفري.
وصرحت مديرة صندوق النقد الدولي عن إمكانية التوصل الى اتفاق نهائي مع تونس، شرط استكمال بعض الشروط. وقالت في تصريح لقناة الشرق الخليجية إن "السلطات التونسية أحرزت تقدماً جيداً بخصوص الإجراءات الضرورية لطرح البرنامج على مجلس إدارة الصندوق، كما أفادنا أصدقاء تونس أن الدعم المالي للبلاد في الطريق وذلك في إجابة حول أسباب تأخر برنامج القرض الجديد لتونس"..
شروط
ومن أبرز الإجراءات التي أشارت إليها مسؤولة الصندوق، تلك التي تهم مسار الإصلاحات الهيكلية التي وعدت بها الحكومة التونسية، منها مشروع المرسوم المتعلق بتنقيح قانون المؤسسات العمومية، والذي صادقت عليه الحكومة بتاريخ 9 فيفري الجاري، في انتظار توقيع رئيس الجمهورية ونشره بالجريدة الرسمية، وإحراز تقدم في إصلاح منظومة الدعم التي نفذت جزئيا من خلال الرفع الآلي في أسعار المحروقات، في انتظار رفعه كليا قبل نهاية السنة، والرفع في فواتير الماء والكهرباء، وتركيز منظومة "إعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه" التي ما تزال قيد الإنشاء..
ومن بين شروط صندوق النقد الأخرى للموافقة على إمضاء اتفاقية قرض جديدة مع تونس، توفر ضمانات دولية من شركاء تونس وأصدقائها، لدعم ملفها عند الخروج للسوق المالية العالمية.. وفي هذا السياق، تندرج الاتصالات الرسمية التي درت قبل أسبوع بين رئاسة الجمهورية والسلطات القطرية، حيث وعدت الأخيرة بدعم تونس في مواجهة الصعوبات المالية التي تمر بها..
يذكر أن مجلس إدارة صندوق النقد أجّل النظر في ملف تونس الذي كان محددا ليوم 19 ديسمبر 2022 بشأن الموافقة على برنامج القرض المدد والذي تم تحديده قيمته سلفا على مستوى الخبراء بـ1.9 مليار دولار تسند على ثماني دفعات..
سيناريوهات
وفي سياق متصل، توقّعت وكالة الترقيم "ستاندرد آند بورز"، ضمن سيناريو الأكثر تشاؤما، إذا لم يتم التوصّل إلى إبرام اتفاق تمويل بين تونس وصندوق النقد وتوفير تمويلات خارجية، أن يؤدي ذلك بالبلاد إلى وضعيّة "العاجز عن الدفع".
وأكّدت الوكالة في تقرير أصدرته بداية الأسبوع المنقضي، أنّ غياب الاتفاق سيكلف النظام البنكي التونسي ما بين 4،1 و 7،6 مليار دولار، اي ما بين 8 و14،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الاسمي، موفى سنة 2023.
وقدمت وكالة التصنيف الأمريكية، ثلاثة سيناريوهات مفترضة تتراوح بين "ضغوط ضعيفة" نحو "ضغوط متوسطة" فـ"ضغوط حادّة" واعتمادا على الاستطلاعات، التّي تمّ إجراؤها لدى المستثمرين تناولت الوكالة الانعكاسات المالية والاقتصادية المحتملة على القطاع البنكي، الذي يواجه ظرفا "غير مؤكد".
ولفتت الوكالة ضمن سيناريو "الضغوط الحادّة"، إلى أنّ تونس ستكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية إذا لم تتوصل إلى إبرام الاتفاق مع صندوق النقد والحصول على دعم آخر في إطار التعاون الثنائي، وتحديدا، من قبل دول الخليج ممّا قد يؤدّي إلى اختلال التوازن في ميزان الدفوعات والمالية العمومية، وأقرّت أنّ هذا الوضع قد يؤدي، أيضا، إلى تراجع "كبير" في قيمة الدينار التونسي و"ارتفاع حاد" في التضخم، وبالتالي تكبد البنوك "خسائر كبيرة" وزيادة حاجتها الى إعادة الرسملة.
وفي ما يتعلّق بسيناريو "الضغوط الضعيفة"، الأكثر تفاؤلا، اعتبرت وكالة التصنيف أن إبرام اتفاق مع الصندوق، في غضون نهاية الثلاثية الأولى من سنة 2023 وتنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يمكن من استعادة الثقة "تدريجيا" في تونس وإنعاش الاستثمار الخاص..
رفيق
تونس-الصباح
رغم سحب إدارة صندوق النقد الدولي ملف تونس الذي تم عرضه في ديسمبر الماضي، والمتعلق بالموافقة النهائية على اتفاقية قرض ممد جديد بقيمة 1.9 مليار دولار سبق أن نال موافقة تقنية مبدئية، إلا أنه ما يزال أمام تونس فرصة قد تكون الأخيرة للحسم في هذا الموضوع، وذلك خلال شهر أفريل المقبل مع التئام اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، والمبرمجة تحديدا بين 10 و16 من نفس الشهر.
ومن المقرر أن تشارك تونس في اجتماعات الربيع بوفد رسمي لم تتحدد ملامحه بعد، لكن من غير المستبعد أن تقود هذه المرة الوفد التونسي رئيس الحكومة السيدة نجلاء بودن بالنظر إلى الرهانات المطروحة وعلى رأسها على الإطلاق السعي لانتزاع موافقة نهائية من الإدارة التنفيذية لصندوق النقد بخصوص الاتفاق المالي المعلق.
ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، يمكن تفسير الأنشطة المكثفة لرئيسة الحكومة في الفترة الأخيرة سواء من خلال حرصها على المشاركة والتواجد في كبرى المؤتمرات الدولية التي تناقش مستقبل وآفاق التعاون الاقتصادي والمالي الدولي، أو من خلال تكثيف الاتصالات السياسية والدبلوماسية سواء مع رؤساء حكومات الدول الصديقة والشقيقة أو مع سفراء تلك الدول المعتمدين بتونس، ولعل آخرها اللقاء الذي جمع بين بودن والسفير الأمريكي الجديد جوي هود بمناسبة تسلم مهامه بتونس، وأيضا اللقاء مع السفير الايطالي بتونس..
وشاركت تونس في اجتماعات الربيع السنوية للسنة الماضية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بواشنطن من 18 إلى 22 أفريل 2022 عبر وفد ضم وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد ومحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد استقبلت الخميس 23 فيفري بقصر الحكومة بالقصبة سفير الولايات المتحدة الأمريكية الجديد بتونس جوي هود، الذي جدد التأكيد على مواصلة دعم بلاده لتونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد وفي سعيها لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتعافي اقتصادها، وفق ما ورد في بلاغ أصدرته رئاسة الحكومة.
وسبق هذا اللقاء محادثة ثنائية جمعت بودن يوم 14 فيفري الجاري مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، تناولت مدى تقدم البرنامج الوطني للإصلاحات الذي أقرته تونس، وذلك على هامش أشغال القمة العالمية للحكومات المنعقدة بدبي من 13 الى 15 فيفري.
وصرحت مديرة صندوق النقد الدولي عن إمكانية التوصل الى اتفاق نهائي مع تونس، شرط استكمال بعض الشروط. وقالت في تصريح لقناة الشرق الخليجية إن "السلطات التونسية أحرزت تقدماً جيداً بخصوص الإجراءات الضرورية لطرح البرنامج على مجلس إدارة الصندوق، كما أفادنا أصدقاء تونس أن الدعم المالي للبلاد في الطريق وذلك في إجابة حول أسباب تأخر برنامج القرض الجديد لتونس"..
شروط
ومن أبرز الإجراءات التي أشارت إليها مسؤولة الصندوق، تلك التي تهم مسار الإصلاحات الهيكلية التي وعدت بها الحكومة التونسية، منها مشروع المرسوم المتعلق بتنقيح قانون المؤسسات العمومية، والذي صادقت عليه الحكومة بتاريخ 9 فيفري الجاري، في انتظار توقيع رئيس الجمهورية ونشره بالجريدة الرسمية، وإحراز تقدم في إصلاح منظومة الدعم التي نفذت جزئيا من خلال الرفع الآلي في أسعار المحروقات، في انتظار رفعه كليا قبل نهاية السنة، والرفع في فواتير الماء والكهرباء، وتركيز منظومة "إعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه" التي ما تزال قيد الإنشاء..
ومن بين شروط صندوق النقد الأخرى للموافقة على إمضاء اتفاقية قرض جديدة مع تونس، توفر ضمانات دولية من شركاء تونس وأصدقائها، لدعم ملفها عند الخروج للسوق المالية العالمية.. وفي هذا السياق، تندرج الاتصالات الرسمية التي درت قبل أسبوع بين رئاسة الجمهورية والسلطات القطرية، حيث وعدت الأخيرة بدعم تونس في مواجهة الصعوبات المالية التي تمر بها..
يذكر أن مجلس إدارة صندوق النقد أجّل النظر في ملف تونس الذي كان محددا ليوم 19 ديسمبر 2022 بشأن الموافقة على برنامج القرض المدد والذي تم تحديده قيمته سلفا على مستوى الخبراء بـ1.9 مليار دولار تسند على ثماني دفعات..
سيناريوهات
وفي سياق متصل، توقّعت وكالة الترقيم "ستاندرد آند بورز"، ضمن سيناريو الأكثر تشاؤما، إذا لم يتم التوصّل إلى إبرام اتفاق تمويل بين تونس وصندوق النقد وتوفير تمويلات خارجية، أن يؤدي ذلك بالبلاد إلى وضعيّة "العاجز عن الدفع".
وأكّدت الوكالة في تقرير أصدرته بداية الأسبوع المنقضي، أنّ غياب الاتفاق سيكلف النظام البنكي التونسي ما بين 4،1 و 7،6 مليار دولار، اي ما بين 8 و14،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الاسمي، موفى سنة 2023.
وقدمت وكالة التصنيف الأمريكية، ثلاثة سيناريوهات مفترضة تتراوح بين "ضغوط ضعيفة" نحو "ضغوط متوسطة" فـ"ضغوط حادّة" واعتمادا على الاستطلاعات، التّي تمّ إجراؤها لدى المستثمرين تناولت الوكالة الانعكاسات المالية والاقتصادية المحتملة على القطاع البنكي، الذي يواجه ظرفا "غير مؤكد".
ولفتت الوكالة ضمن سيناريو "الضغوط الحادّة"، إلى أنّ تونس ستكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية إذا لم تتوصل إلى إبرام الاتفاق مع صندوق النقد والحصول على دعم آخر في إطار التعاون الثنائي، وتحديدا، من قبل دول الخليج ممّا قد يؤدّي إلى اختلال التوازن في ميزان الدفوعات والمالية العمومية، وأقرّت أنّ هذا الوضع قد يؤدي، أيضا، إلى تراجع "كبير" في قيمة الدينار التونسي و"ارتفاع حاد" في التضخم، وبالتالي تكبد البنوك "خسائر كبيرة" وزيادة حاجتها الى إعادة الرسملة.
وفي ما يتعلّق بسيناريو "الضغوط الضعيفة"، الأكثر تفاؤلا، اعتبرت وكالة التصنيف أن إبرام اتفاق مع الصندوق، في غضون نهاية الثلاثية الأولى من سنة 2023 وتنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يمكن من استعادة الثقة "تدريجيا" في تونس وإنعاش الاستثمار الخاص..