تحصلت مؤخرا مسرحية "مملكة العشق" للطفي العكرمي ضمن مشاركتها في فعاليات الأيام العربية للمسرح بسطيف في دورتها الأولى على جائزة أفضل إخراج وأفضل سينوغرافيا للطفي العكرمي وجائزة أفضل ممثل آلت الى المسرحي إلياس العبيدي. و"مملكة العشق" الناطقة بالعربية الفصحى والمتوجة في المهرجان الذي يحمل اسم الشهيد حسن بلكراد هي فانتازيا مسرحية عالجت مرحلة مهمة في تاريخ غرناطة والكثير من القضايا المبنية على المكائد والجاه والسلطان..ونظرا لغياب مثل هذه التجارب المسرحية وخروج "مملكة العشق" عن رتابة المشهد -باعتبار ان جل الأعمال أصبحت متشابهة سواء على مستوى أداء الممثلين على الخشبة او توظيف الرموز والإيحاءات المبالغ فيها أحيانا- يعتبر مغامرة، خاصة في ظل غياب الدعم المرجو والعمل على توزيع مثل هذه الأعمال المكلفة ماديا.. "الصباح" التقت المخرج المسرحي لطفي العكرمي للحديث عن "مملكة العشق" وأهم الصعوبات التي واجهها فريق العمل فضلا عن وضع الفن الرابع في تونس عامة.. فكان الحوار التالي:
حاوره : وليد عبد اللاوي
*ماذا عن أجواء التحضيرات لـ"مملكة العشق" الفائزة بثلاث جوائز في مهرجان سطيف؟
- فكرت جديا في أكثر من مناسبة الاعتزال نهائيا وترك عالم الخشبة باعتبار العراقيل التي واجهتها تباعا على مستوى الترويج لأعمالي المسرحية.. واجهت عراقيل لأني ببساطة "نحلم بالكبير" وهو ما اكتسبته وخبرته من كبار الممثلين على غرار المنصف السويسي والمنصف الازعر ومحمد إدريس والهادي داود ... في "مملكة العشق" وجدت العديد من الصعوبات على مستوى التوزيع لأسباب يعرفها القاصي والداني في المجال الثقافي وخاصة فيما يتعلق بالفن الرابع ناهيك ان فريق العمل يتكون من 22 عنصرا من ممثلين محترفين -رصيد كل واحد منهم ثلاثون عملا مسرحيا على الأقل- فضلا عن الراقصين والتقنيين..مع إقحام –أعتبره طريفا- للمطرب محمد الجبالي الممثل المغني وليس المغني الممثل.. للأسف ورغم طرافة فكرة العمل وحرفية كامل الفريق فإنّ ما نتقاضاه في المهرجانات أو غيرها من المناسبات الثقافية لا يفي بتوفير حتى مصاريف النقل...ثم إنّ اللجان المكلفة باختيار العروض المسرحية أمرها عجيب وغريب إذ من غير المعقول أن تنتقي أعمالا تدرج ضمن برامج الهرجانات فيما بعد والحال أنها لا تزال في طور الإنجاز ولم يقدم العرض ما قبل الأول على اللجنة..الأمر الذي أرهقني شخصيا..ولا أخفيكم أني قدمت شكاية ضد إدارة مهرجان الحمامات والقضية جارية.. أما عن مدير مهرجان قرطاج فقال لي بالحرف الواحد "حجر قرطاج يلزمو مطربين" متناسيا أن مسرحية "ملوك الطوائف" هي كذلك فانتازيا تاريخية وناطقة باللغة العربية الفصحى وعرضت في مسرح قرطاج.. الغريب أنّ "الأعمال الكلاسيكية" الضخمة غابت عن الساحة قرابة ستة عشر عاما وحين برزت "مملكة العشق" وجدنا أنفسنا أمام مصاريف مجحفة في ظل غياب توزيع العمل على المستوى الجهوي والحال ان الكثيرين من أهل القطاع رجحوا تكفل المسرح الوطني به لما يتطلب من إمكانيات مادية ولوجستية.
*هل تعتبر أن دعم وزارة الثقافة غير كاف؟
- هنا أريد أن أسأل أهل القرار في وزارة الثقافة: صحيح ان فريق "مملكة العشق" تحصل على دعم محتشم من الوزارة باعتبار تكلفة مصاريف العمل، لكن لماذا لم تسع الوزارة إلى توفير التذاكر والعمل على توزيع العمل في مختلف الجهات في دقة والجم والمسرح البلدي وقرطاج.. نحن لا نريد دعما بقدر ما نريد مشاركة الجماهير الواسعة "حلمتنا الكبيرة"..انا ابن الإذاعة الوطنية وأنشط في المجال الثقافي لمدة عشرات السنين ومختص في المداواة بالمسرح وتعديل السلوك بالمسرح، ماديا "مستورة والحمدلله" كل ما أتوق اليه الآن هو توسيع "مملكة العشق" على أكبر نطاق ممكن ليس إلا.
"مملكة العشق " عرضت 7مرات ولم تشارك في مسابقات، نفس الشيء بالنسبة لمسرحية "راشومون" التي تلقت دعوة من مهرجان آفاق مسرحية بمركز هناجر بدار الأوبرا في اختتام المسابقة الرسمية بمصر نظرا لتعرض العمل محليا لنفس الضغوطات والعراقيل.. علما وانه تم إقصاؤنا كذلك من ايام قرطاج المسرحية لسنة 2019 رغم اني شاركت في افتتاح مهرجان الاردن في دورته السادسة والعشرين.
* هل تعتقد ان هناك محاولة لاقصاء نوعية معينة من الأعمال المسرحية؟
* للاسف هناك لوبيات تسيطر على الميدان مما أفرز وضعا ومشهدا يرثى له.. مشاكل كذلك على مستوى مراكز الفنون الدرامية لم تلق حلولا جذرية الى الآن.. كما أن مهرجان أيام قرطاج المسرحية الأخير يؤكد الكثير من المفارقات بل يجعل الكثير من المسرحيين والجماهير الواسعة في حيرة أمام عدم إدراج الكثير من الأعمال القيمة في المسابقة الرسمية التي تشكو بدورها العديد من النقائص.. واعتقد ان المسرح التونسي يتعرض أيضا لمحاولات تقزيم في التظاهرات العربية وانتقاء أسماء معينة في لجان تحكيم المسابقات بهذه التظاهرات، ومنها ما هو معروف بعدم اعترافه أو كرهه للمسرح التونسي، دليل على ذلك. لا ننسى أيضا الدور السلبي للجان المكلفة بانتقاء الأعمال المسرحية التي تكون أهدافها أحيانا بعيدة عن الموضوعية وهي تتصرف من منطلق الإخوانيات والمحسوبية وتكون محكومة أحيانا بأجندا معينة وتسعى مثلا إلى إبراز مسارح البلدان المنظمة على حساب المسرح التونسي.
عموما أنا اقول ان الفنانين عامة في تونس، عوض أن نكون متفائلين أصبحنا متشائمين لما أصبح عليه حال الثقافة في تونس.. وشخصيا لا ألوم من يتعمد المشاركة في أعمال جريئة من أجل انتشار العمل وكسب المال.. أحمل المسؤولية للقائمين على الوضع الثقافي الراهن وبقطع النظر عن إشكاليات الإنتاج يجب ألا ننسى المحتوى وما أدراك ما المحتوى الذي يجب أن يواكب الوضع في كل مراحله.. من الواجب ايضا الا ننسى أن المسرح مسارح.. جميل أن نتمتع بالمسرح التجريبي مع الفاضل الجعايبي كما تمتعنا سابقا مع رجاء بن عمار وعزالدين قنون لكن حان الوقت بأن نفتح المجال لأنماط أخرى من المسرح..والقطع مع النمطية السائدة.
*فكرت جديا في الاعتزال نهائيا وترك عالم الخشبة
*المسرح مسارح وحان الوقت أن نخوض تجارب جديدة
تونس-الصباح
تحصلت مؤخرا مسرحية "مملكة العشق" للطفي العكرمي ضمن مشاركتها في فعاليات الأيام العربية للمسرح بسطيف في دورتها الأولى على جائزة أفضل إخراج وأفضل سينوغرافيا للطفي العكرمي وجائزة أفضل ممثل آلت الى المسرحي إلياس العبيدي. و"مملكة العشق" الناطقة بالعربية الفصحى والمتوجة في المهرجان الذي يحمل اسم الشهيد حسن بلكراد هي فانتازيا مسرحية عالجت مرحلة مهمة في تاريخ غرناطة والكثير من القضايا المبنية على المكائد والجاه والسلطان..ونظرا لغياب مثل هذه التجارب المسرحية وخروج "مملكة العشق" عن رتابة المشهد -باعتبار ان جل الأعمال أصبحت متشابهة سواء على مستوى أداء الممثلين على الخشبة او توظيف الرموز والإيحاءات المبالغ فيها أحيانا- يعتبر مغامرة، خاصة في ظل غياب الدعم المرجو والعمل على توزيع مثل هذه الأعمال المكلفة ماديا.. "الصباح" التقت المخرج المسرحي لطفي العكرمي للحديث عن "مملكة العشق" وأهم الصعوبات التي واجهها فريق العمل فضلا عن وضع الفن الرابع في تونس عامة.. فكان الحوار التالي:
حاوره : وليد عبد اللاوي
*ماذا عن أجواء التحضيرات لـ"مملكة العشق" الفائزة بثلاث جوائز في مهرجان سطيف؟
- فكرت جديا في أكثر من مناسبة الاعتزال نهائيا وترك عالم الخشبة باعتبار العراقيل التي واجهتها تباعا على مستوى الترويج لأعمالي المسرحية.. واجهت عراقيل لأني ببساطة "نحلم بالكبير" وهو ما اكتسبته وخبرته من كبار الممثلين على غرار المنصف السويسي والمنصف الازعر ومحمد إدريس والهادي داود ... في "مملكة العشق" وجدت العديد من الصعوبات على مستوى التوزيع لأسباب يعرفها القاصي والداني في المجال الثقافي وخاصة فيما يتعلق بالفن الرابع ناهيك ان فريق العمل يتكون من 22 عنصرا من ممثلين محترفين -رصيد كل واحد منهم ثلاثون عملا مسرحيا على الأقل- فضلا عن الراقصين والتقنيين..مع إقحام –أعتبره طريفا- للمطرب محمد الجبالي الممثل المغني وليس المغني الممثل.. للأسف ورغم طرافة فكرة العمل وحرفية كامل الفريق فإنّ ما نتقاضاه في المهرجانات أو غيرها من المناسبات الثقافية لا يفي بتوفير حتى مصاريف النقل...ثم إنّ اللجان المكلفة باختيار العروض المسرحية أمرها عجيب وغريب إذ من غير المعقول أن تنتقي أعمالا تدرج ضمن برامج الهرجانات فيما بعد والحال أنها لا تزال في طور الإنجاز ولم يقدم العرض ما قبل الأول على اللجنة..الأمر الذي أرهقني شخصيا..ولا أخفيكم أني قدمت شكاية ضد إدارة مهرجان الحمامات والقضية جارية.. أما عن مدير مهرجان قرطاج فقال لي بالحرف الواحد "حجر قرطاج يلزمو مطربين" متناسيا أن مسرحية "ملوك الطوائف" هي كذلك فانتازيا تاريخية وناطقة باللغة العربية الفصحى وعرضت في مسرح قرطاج.. الغريب أنّ "الأعمال الكلاسيكية" الضخمة غابت عن الساحة قرابة ستة عشر عاما وحين برزت "مملكة العشق" وجدنا أنفسنا أمام مصاريف مجحفة في ظل غياب توزيع العمل على المستوى الجهوي والحال ان الكثيرين من أهل القطاع رجحوا تكفل المسرح الوطني به لما يتطلب من إمكانيات مادية ولوجستية.
*هل تعتبر أن دعم وزارة الثقافة غير كاف؟
- هنا أريد أن أسأل أهل القرار في وزارة الثقافة: صحيح ان فريق "مملكة العشق" تحصل على دعم محتشم من الوزارة باعتبار تكلفة مصاريف العمل، لكن لماذا لم تسع الوزارة إلى توفير التذاكر والعمل على توزيع العمل في مختلف الجهات في دقة والجم والمسرح البلدي وقرطاج.. نحن لا نريد دعما بقدر ما نريد مشاركة الجماهير الواسعة "حلمتنا الكبيرة"..انا ابن الإذاعة الوطنية وأنشط في المجال الثقافي لمدة عشرات السنين ومختص في المداواة بالمسرح وتعديل السلوك بالمسرح، ماديا "مستورة والحمدلله" كل ما أتوق اليه الآن هو توسيع "مملكة العشق" على أكبر نطاق ممكن ليس إلا.
"مملكة العشق " عرضت 7مرات ولم تشارك في مسابقات، نفس الشيء بالنسبة لمسرحية "راشومون" التي تلقت دعوة من مهرجان آفاق مسرحية بمركز هناجر بدار الأوبرا في اختتام المسابقة الرسمية بمصر نظرا لتعرض العمل محليا لنفس الضغوطات والعراقيل.. علما وانه تم إقصاؤنا كذلك من ايام قرطاج المسرحية لسنة 2019 رغم اني شاركت في افتتاح مهرجان الاردن في دورته السادسة والعشرين.
* هل تعتقد ان هناك محاولة لاقصاء نوعية معينة من الأعمال المسرحية؟
* للاسف هناك لوبيات تسيطر على الميدان مما أفرز وضعا ومشهدا يرثى له.. مشاكل كذلك على مستوى مراكز الفنون الدرامية لم تلق حلولا جذرية الى الآن.. كما أن مهرجان أيام قرطاج المسرحية الأخير يؤكد الكثير من المفارقات بل يجعل الكثير من المسرحيين والجماهير الواسعة في حيرة أمام عدم إدراج الكثير من الأعمال القيمة في المسابقة الرسمية التي تشكو بدورها العديد من النقائص.. واعتقد ان المسرح التونسي يتعرض أيضا لمحاولات تقزيم في التظاهرات العربية وانتقاء أسماء معينة في لجان تحكيم المسابقات بهذه التظاهرات، ومنها ما هو معروف بعدم اعترافه أو كرهه للمسرح التونسي، دليل على ذلك. لا ننسى أيضا الدور السلبي للجان المكلفة بانتقاء الأعمال المسرحية التي تكون أهدافها أحيانا بعيدة عن الموضوعية وهي تتصرف من منطلق الإخوانيات والمحسوبية وتكون محكومة أحيانا بأجندا معينة وتسعى مثلا إلى إبراز مسارح البلدان المنظمة على حساب المسرح التونسي.
عموما أنا اقول ان الفنانين عامة في تونس، عوض أن نكون متفائلين أصبحنا متشائمين لما أصبح عليه حال الثقافة في تونس.. وشخصيا لا ألوم من يتعمد المشاركة في أعمال جريئة من أجل انتشار العمل وكسب المال.. أحمل المسؤولية للقائمين على الوضع الثقافي الراهن وبقطع النظر عن إشكاليات الإنتاج يجب ألا ننسى المحتوى وما أدراك ما المحتوى الذي يجب أن يواكب الوضع في كل مراحله.. من الواجب ايضا الا ننسى أن المسرح مسارح.. جميل أن نتمتع بالمسرح التجريبي مع الفاضل الجعايبي كما تمتعنا سابقا مع رجاء بن عمار وعزالدين قنون لكن حان الوقت بأن نفتح المجال لأنماط أخرى من المسرح..والقطع مع النمطية السائدة.