إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العجز التجاري لتونس يتجاوز 25 مليار دينار

 


 

* دراسة تشدد على ضرورة التعاطي بحذر مع بلدان تفاقم العجز معها

تونس- الصباح

واصل العجز التجاري لتونس تفاقمه ليتجاوز حاجز 25 مليار دينار، وفق آخر المعطيات الصادرة عن معهد الإحصاء الوطني، الأمر الذي دفع بعديد الخبراء الى التحذير من انعكاسات ذلك على اختلال الميزان الاقتصادي للبلاد التونسية، خصوصا وان هذا العجز، ناجم عن سببين أساسيين الأول متعلق بالطاقة والغذاء من جهة والثاني مرده ارتفاع الأسعار العالمية.

ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين اليوم أنه بالإمكان الحد من هذا العجز عبر تطوير الصادرات التونسية ، والبلوغ بها الى أضعاف نسبة العجز المسجلة، من خلال الحرص على تشجيع التصدير وتحفيز المؤسسات على مضاعفة جهودها الصناعية. ويبقى الاتحاد الاوروبي الشريك الأول لتونس والوجهة الأولى للصادرات التونسية المتمثلة أساسا في الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والمواد الفلاحية.

ومن بين الحلول التي وجدت توافقا في الاوساط الاقتصادية، تشجيع المؤسسات الناشئة على التوجه نحو العالمية من خلال التصدير،والعمل على تمويل هذه الشركات،لما لها من فائدة في مضاعفة ايرادات البلاد من العملة الصعبة، خاصة وانها سوق واعدة للقيمة المضافة العالية.

تعمق العجز التجاري

وتعمّق العجز التجاري لتونس ليصل الى حدود 25216- مليون دينار(م د)، موفى ديسمبر 2022 مقابل 16210,7 م د، خلال نفس الفترة من سنة 2021، وفق معطيات نشرها المعهد الوطني للإحصاء.

وفسّر المعهد الوطني للإحصاء توسع العجز بمحافظة المبادلات التجارية خلال سنة 2022 على نفس المنحى متسمة بنسق أكثر حركية على مستوى الواردات التي زادت بنسبة 31,7 بالمائة مقابل تطور للصادرات بما يعادل 23,4 بالمائة، ما أدى الى تراجع نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـ 4,7 نقاط مقارنة بسنة 2021 وتبلغ 69,5 بالمائة، موفى دسيمبر 2022، مقابل 74,2 بالمائة في 2021.

ويعزى عجز الميزان التجاري المسجل، أساسا، الى العجز المسجل مع بعض البلدان كالصين(8532,5 م) وتركيا(-3958,8 م د) والجزائر(-3908,4 م د) وروسيا(-2758,9 م د) وكذلك إيطاليا (-2302 م د) وإسبانيا(-772,3 م د).

وفي المقابل، بين المعهد ان المبادلات التجارية للسلع حققت فائضا مع العديد من البلدان الأخرى وأهمها فرنسا بقيمة4432,7 م د وألمانيا 2944 م د وليبيا 1899م د

كما تبرز النتائج انخفاض عجز الميزان التجاري دون احتساب قطاع الطاقة إلى حدود 14649,2- م د.علما أن العجز التجاري لقطاع الطاقة بلغ 10566,8- م د  (اي ما يعادل 41,9 بالمائة من العجزي الجملي)، مقابل 5219,2- م د تم تسجيله خلال سنة 2021.

وبلغت قيمة الصادرات 57573,2 مليون دينارا (م د) مقابل 46654,2 م د خلال سنة 2021، بزيادة قدرها 23,4 بالمائة مقابل تطوربـ20,5 بالمائة، خلال سنة 2021، في حين ارتفعت قيمة الواردات الى 82789,2 م د مقابل 62864,9 م د، اي بزيادة تعادل 31,7 بالمائة مقابل 22 بالمائة في نفس الفترة .

وارجع معهد الإحصاء تحسن الصادرات خلال سنة 2022 إلى الارتفاع المسجل في العديد من القطاعات، مثل الطاقة الطاقة بنسبة 49,9 بالمائة والفسفاط ومشتقاته، 56,1 بالمائة، والمنتوجات الفلاحية والغذائية 34,1 بالمائة والنسيج والملابس والجلد، 21 بالمائة، والصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 14,5 بالمائة.

بلدان في تبعية اقتصادية معها

وفي دراسة قام بها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات مؤخرا ، كشف عن تفاصيلها ل"الصباح" الخبير الاقتصادي عبد القادر بودريقة ،أشارت الى ان قرابة 25% من واردات اوروبا من تونس، هي لمنتجات حساسة، وذات أهمية بالنسبة لهذه البلدان في دورتها الاقتصادية، في حين ان قرابة 5% من المنتجات الأوروبية نحو تونس ،هي ذات حساسية ومهمة للغاية لبلادنا في دورتها الاقتصادية، لافتا الى ان الإشكال الحقيقي يتعلق بمركزية المنتجات ،ويرتبط اساسا بالمنتجات التي تستوردها العديد من دول العالم، ولا يمكن التخلي عنها ، ويتعلق الامر هنا بالصين التي تعد مركز صناعات العالم ، واغلب المنتوجات المستوردة منها هي ذات حساسية عالية، ولا بديل عنها وتصنف في خانة "منتج حرج"، اي اننا لا يمكن الاستغناء عنها، ولا يمكن توريدها من اي دولة اخرى، وهو ما يفرض علينا التعامل مع البلد المنتج لهذه المواد بحرص شديد ، حيث انه من غير المستبعد في حال أقدمت دولة مثل الصين، على تعليق توريد بعض المنتجات الى بلادنا ، ان يتسبب ذلك في شلل اقتصادي وتوقف الصناعات التونسية، وهو نفس الأمر الذي تمت ملاحظته مؤخرا ، لما اقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استغلال قدرة بلاده على تصدير قرابة 80% من المنتوج العالمي لمادة القمح ،واستغلال هذا المنتج في فرض سياساته الاقتصادية على عديد الدول التي تحتاج الى هذه المادة الحيوية في صناعاتها الغذائية، الأمر الذي خلق إرباكا كبيرا في منظومات الإنتاج لعديد الدول.

وكشف المشرف على الدراسة الاقتصادية، ان قرابة 26 عائلة منتج في تونس ، ذات حساسية كبيرة ترتقي الى درجة المخاطر، مثل القهوة من"الفيتنام"، والمواد الخام التي تستعمل في الصناعات الالكترونية والبلاستيكية، والجلود، لافتا الى ان اكثر البلدان التي ترتبط بها تونس اقتصاديا، نجد الصين حيث نستورد منها 10% من وارداتنا، وهناك 9 منتجات لا يمكن الاستغناء عنها، معتبرا ان 10% من المنتجات المستوردة من فرنسا لها بديل، عكس المنتوجات الصينية، والتي يدخل جزء كبير من وارداتنا في الصناعات المعملية ولا يمكن الاستغناء عنها.

مضاعفة التصدير

وأكد عبد القادر بودريقة انه على غرار الصين، هناك بلد أخر دخل الدورة الاقتصادية منذ 2017، ويتعلق الأمر بتركيا، وأصبح يحتل المرتبة الخامسة لوارداتنا ، تقريبا في حدود 5%، وهناك منتجين أساسين منها ، يرتبط الأول بالصناعات المعملية، والثاني مرتبط بوسائل التنقل، وهو منتج ذو أهمية ويتعلق الأمر بالمركزية ، حيث لا يوجد بديل له غير تركيا.

وتابع الخبير الاقتصادي بالقول ان هذه الدراسة ، الهدف منها وضع الخطوط العريضة لسياساتنا المستقبلية مع هذه الدول، والتي تستدعي الحذر في معالجة كافة الملفات "الساخنة" معها، وعدم التهور في اتخاذ القرارات سواء من الحكومة او من المسؤولين.

ودعا بودريقة ، إلى ضرورة تنويع مصادر التزوّد والاستيراد وعدم التركيز على عدد قليل من البلدان من أجل ضمان الجدوى الاقتصادية ،لافتا إلى أهمية تنويع مصادر وارداتنا سواء لاستعمالات الصناعية او التكنولوجية ،والتعويل على الطاقات البديلة ، مشيرا الى أهمية الإبقاء على العلاقات الجيدة مع عديد الدول وخاصة الصين وتركيا والجزائر، والتي تعتبر نسبة التبعية لهذه الدول مرتفعة ،باعتبار ان المواد المستوردة ذات طبيعة مركزية حساسة وتهم الصناعات الثقيلة، وانتاج الطاقة .

ويتوحد اغلب الخبراء اليوم، حول العمل على تطوير الصادرات التونسية خلال العام الجاري، واستغلال كل الفرص الإقليمية المتاحة للدفع بالصادرات التونسية ، ومضاعفتها، وذلك في خطوة للتقليص من تفاقم العجز التجاري، وأيضا مضاعفة الإيرادات من العملة الصعبة للبلاد التونسية، والتي تشكو منذ مدة تذبذبا في احتياطها النقدي المتراجع من حين إلى آخر.

* سفيان المهداوي

 العجز التجاري لتونس يتجاوز 25 مليار دينار

 


 

* دراسة تشدد على ضرورة التعاطي بحذر مع بلدان تفاقم العجز معها

تونس- الصباح

واصل العجز التجاري لتونس تفاقمه ليتجاوز حاجز 25 مليار دينار، وفق آخر المعطيات الصادرة عن معهد الإحصاء الوطني، الأمر الذي دفع بعديد الخبراء الى التحذير من انعكاسات ذلك على اختلال الميزان الاقتصادي للبلاد التونسية، خصوصا وان هذا العجز، ناجم عن سببين أساسيين الأول متعلق بالطاقة والغذاء من جهة والثاني مرده ارتفاع الأسعار العالمية.

ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين اليوم أنه بالإمكان الحد من هذا العجز عبر تطوير الصادرات التونسية ، والبلوغ بها الى أضعاف نسبة العجز المسجلة، من خلال الحرص على تشجيع التصدير وتحفيز المؤسسات على مضاعفة جهودها الصناعية. ويبقى الاتحاد الاوروبي الشريك الأول لتونس والوجهة الأولى للصادرات التونسية المتمثلة أساسا في الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس والمواد الفلاحية.

ومن بين الحلول التي وجدت توافقا في الاوساط الاقتصادية، تشجيع المؤسسات الناشئة على التوجه نحو العالمية من خلال التصدير،والعمل على تمويل هذه الشركات،لما لها من فائدة في مضاعفة ايرادات البلاد من العملة الصعبة، خاصة وانها سوق واعدة للقيمة المضافة العالية.

تعمق العجز التجاري

وتعمّق العجز التجاري لتونس ليصل الى حدود 25216- مليون دينار(م د)، موفى ديسمبر 2022 مقابل 16210,7 م د، خلال نفس الفترة من سنة 2021، وفق معطيات نشرها المعهد الوطني للإحصاء.

وفسّر المعهد الوطني للإحصاء توسع العجز بمحافظة المبادلات التجارية خلال سنة 2022 على نفس المنحى متسمة بنسق أكثر حركية على مستوى الواردات التي زادت بنسبة 31,7 بالمائة مقابل تطور للصادرات بما يعادل 23,4 بالمائة، ما أدى الى تراجع نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـ 4,7 نقاط مقارنة بسنة 2021 وتبلغ 69,5 بالمائة، موفى دسيمبر 2022، مقابل 74,2 بالمائة في 2021.

ويعزى عجز الميزان التجاري المسجل، أساسا، الى العجز المسجل مع بعض البلدان كالصين(8532,5 م) وتركيا(-3958,8 م د) والجزائر(-3908,4 م د) وروسيا(-2758,9 م د) وكذلك إيطاليا (-2302 م د) وإسبانيا(-772,3 م د).

وفي المقابل، بين المعهد ان المبادلات التجارية للسلع حققت فائضا مع العديد من البلدان الأخرى وأهمها فرنسا بقيمة4432,7 م د وألمانيا 2944 م د وليبيا 1899م د

كما تبرز النتائج انخفاض عجز الميزان التجاري دون احتساب قطاع الطاقة إلى حدود 14649,2- م د.علما أن العجز التجاري لقطاع الطاقة بلغ 10566,8- م د  (اي ما يعادل 41,9 بالمائة من العجزي الجملي)، مقابل 5219,2- م د تم تسجيله خلال سنة 2021.

وبلغت قيمة الصادرات 57573,2 مليون دينارا (م د) مقابل 46654,2 م د خلال سنة 2021، بزيادة قدرها 23,4 بالمائة مقابل تطوربـ20,5 بالمائة، خلال سنة 2021، في حين ارتفعت قيمة الواردات الى 82789,2 م د مقابل 62864,9 م د، اي بزيادة تعادل 31,7 بالمائة مقابل 22 بالمائة في نفس الفترة .

وارجع معهد الإحصاء تحسن الصادرات خلال سنة 2022 إلى الارتفاع المسجل في العديد من القطاعات، مثل الطاقة الطاقة بنسبة 49,9 بالمائة والفسفاط ومشتقاته، 56,1 بالمائة، والمنتوجات الفلاحية والغذائية 34,1 بالمائة والنسيج والملابس والجلد، 21 بالمائة، والصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 14,5 بالمائة.

بلدان في تبعية اقتصادية معها

وفي دراسة قام بها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات مؤخرا ، كشف عن تفاصيلها ل"الصباح" الخبير الاقتصادي عبد القادر بودريقة ،أشارت الى ان قرابة 25% من واردات اوروبا من تونس، هي لمنتجات حساسة، وذات أهمية بالنسبة لهذه البلدان في دورتها الاقتصادية، في حين ان قرابة 5% من المنتجات الأوروبية نحو تونس ،هي ذات حساسية ومهمة للغاية لبلادنا في دورتها الاقتصادية، لافتا الى ان الإشكال الحقيقي يتعلق بمركزية المنتجات ،ويرتبط اساسا بالمنتجات التي تستوردها العديد من دول العالم، ولا يمكن التخلي عنها ، ويتعلق الامر هنا بالصين التي تعد مركز صناعات العالم ، واغلب المنتوجات المستوردة منها هي ذات حساسية عالية، ولا بديل عنها وتصنف في خانة "منتج حرج"، اي اننا لا يمكن الاستغناء عنها، ولا يمكن توريدها من اي دولة اخرى، وهو ما يفرض علينا التعامل مع البلد المنتج لهذه المواد بحرص شديد ، حيث انه من غير المستبعد في حال أقدمت دولة مثل الصين، على تعليق توريد بعض المنتجات الى بلادنا ، ان يتسبب ذلك في شلل اقتصادي وتوقف الصناعات التونسية، وهو نفس الأمر الذي تمت ملاحظته مؤخرا ، لما اقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استغلال قدرة بلاده على تصدير قرابة 80% من المنتوج العالمي لمادة القمح ،واستغلال هذا المنتج في فرض سياساته الاقتصادية على عديد الدول التي تحتاج الى هذه المادة الحيوية في صناعاتها الغذائية، الأمر الذي خلق إرباكا كبيرا في منظومات الإنتاج لعديد الدول.

وكشف المشرف على الدراسة الاقتصادية، ان قرابة 26 عائلة منتج في تونس ، ذات حساسية كبيرة ترتقي الى درجة المخاطر، مثل القهوة من"الفيتنام"، والمواد الخام التي تستعمل في الصناعات الالكترونية والبلاستيكية، والجلود، لافتا الى ان اكثر البلدان التي ترتبط بها تونس اقتصاديا، نجد الصين حيث نستورد منها 10% من وارداتنا، وهناك 9 منتجات لا يمكن الاستغناء عنها، معتبرا ان 10% من المنتجات المستوردة من فرنسا لها بديل، عكس المنتوجات الصينية، والتي يدخل جزء كبير من وارداتنا في الصناعات المعملية ولا يمكن الاستغناء عنها.

مضاعفة التصدير

وأكد عبد القادر بودريقة انه على غرار الصين، هناك بلد أخر دخل الدورة الاقتصادية منذ 2017، ويتعلق الأمر بتركيا، وأصبح يحتل المرتبة الخامسة لوارداتنا ، تقريبا في حدود 5%، وهناك منتجين أساسين منها ، يرتبط الأول بالصناعات المعملية، والثاني مرتبط بوسائل التنقل، وهو منتج ذو أهمية ويتعلق الأمر بالمركزية ، حيث لا يوجد بديل له غير تركيا.

وتابع الخبير الاقتصادي بالقول ان هذه الدراسة ، الهدف منها وضع الخطوط العريضة لسياساتنا المستقبلية مع هذه الدول، والتي تستدعي الحذر في معالجة كافة الملفات "الساخنة" معها، وعدم التهور في اتخاذ القرارات سواء من الحكومة او من المسؤولين.

ودعا بودريقة ، إلى ضرورة تنويع مصادر التزوّد والاستيراد وعدم التركيز على عدد قليل من البلدان من أجل ضمان الجدوى الاقتصادية ،لافتا إلى أهمية تنويع مصادر وارداتنا سواء لاستعمالات الصناعية او التكنولوجية ،والتعويل على الطاقات البديلة ، مشيرا الى أهمية الإبقاء على العلاقات الجيدة مع عديد الدول وخاصة الصين وتركيا والجزائر، والتي تعتبر نسبة التبعية لهذه الدول مرتفعة ،باعتبار ان المواد المستوردة ذات طبيعة مركزية حساسة وتهم الصناعات الثقيلة، وانتاج الطاقة .

ويتوحد اغلب الخبراء اليوم، حول العمل على تطوير الصادرات التونسية خلال العام الجاري، واستغلال كل الفرص الإقليمية المتاحة للدفع بالصادرات التونسية ، ومضاعفتها، وذلك في خطوة للتقليص من تفاقم العجز التجاري، وأيضا مضاعفة الإيرادات من العملة الصعبة للبلاد التونسية، والتي تشكو منذ مدة تذبذبا في احتياطها النقدي المتراجع من حين إلى آخر.

* سفيان المهداوي