إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تجاوزها الـ 1.2 مليار دينار.. خدمة الدين الخارجي تثقل الميزانية العمومية فهل يكون الحل في الاقتراض الداخلي؟

 

 

تونس-الصباح

اعتادت الجهات الرسمية التركيز على حجم الديون العمومية للدولة دون الوقوف عند القيمة الثقيلة المرتبطة بالتداين عموما، وهي خدمة الدين التي عرفت في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، لتزيد القيمة في خدمات الدين الخارجي بنسبة 25.8 بالمائة، لتتجاوز بذلك 1.2 مليار دينار، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022، حسب  المعطيات النقدية والمالية الصادرة عن البنك المركزي التونسي.

وتمكنت الدولة من تغطية هذه الأعباء المالية بالعائدات التي حققتها السياحة للسنة الثانية على التوالي ، التي زادت بنسبة 74 بالمائة أي بقيمة تعادل الـ441 مليون دينار، وكذلك بفضل عائدات العمل التي ارتفعت هي الأخرى بنسبة 10 بالمائة أي بقيمة تعادل الـ 819 مليون دينار..

اما في ما يتعلق بمعدل خدمة الدين العمومي للدولة فقد تجاوزت 12 مليار دينار خلال الأشهر 11 الأولى من سنة 2022، من بينها حوالي5 مليار دينار تخص قيمة الدين الخارجي لوحده، حسب آخر المعطيات الرسمية التي كشفت عنها وزارة المالية.

وتبقى مشكلة التداين متواصلة في ظل الأزمة الصعبة التي تمر بها المالية العمومية مع تفاقم توسع عجزها الذي يلامس اليوم الـ10 مليار دينار، لتلجا الدولة تبعا لهذا الوضع الى خيار التداين وتواصل فيه مثل بقية السنوات السابقة ويدخل من جديد في الحلقة المغلقة التي تتوجه فيها الى تعبئة قروض وتمويلات جديدة فقط من اجل تسديد ديونها القديمة مع خدمة الدين والتي بلغت للاسف معدلات خطيرة.

وما سيزيد الوضع اكثر تازما هو تعثر حصول الدولة منذ سنة ونصف على تمويلات خارجية جديدة، لتكتفي في هذه الفترة بالاقتراض من البنوك التونسية وهو ما خلق ازمة مضاعفة على مستوى المالية العمومية، باعتبار ان هذا التوجه له تداعيات وخيمة على محركات الاقتصاد والمتضرر الاكبر من هذا التوجه هو المواطن بدرجة اولى..

فاليوم تحتاج تونس الى تعبئة تمويلات بقيمة 23.49 مليار دينار ،لتغطية عجز الميزانية البالغ 7.49 مليار دينار ، وتسديد الدين الذي تحل آجاله خلال العام الجاري وقيمته 15.7 مليار دينار ، موزعا بين 6.67 مليار دينار دينا خارجيا، و9.12 مليار دينار دينا داخليا، بالاضافة الى5.3 مليار دينار فوائد الدين، الامر الذي دفع إلى تعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار اي حوالي4.75 مليار دولار ، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار اي أكثر من 3 مليار دولار إضافة إلى ان ديون تونس تضاعفت 4 مرات.

وفي الحقيقة، اتخذ التداين نسقا متصاعدا في السنوات الأخيرة، حيث  تضاعفت ديون تونس 4 مرات، مقارنة بسنة 2010، والأخطر من ذلك توجه الدولة إلى الاقتراض الداخلي لما له من تداعيات خطيرة على واقع البلاد، حيث يواجه اقتراض الدولة من البنوك التونسية انتقادات من قبل العديد من الخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا ان الدولة أصبحت تزاحم القطاعات المنتجة في حين انه يفترض ان تعطي البنوك الأولوية لتمويل الاستثمار وتوجيه القروض نحو المشاريع الاستثمارية.

كما حذر عدد هام من المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي من خطورة استمرار لجوء الحكومة إلى البنوك المحلية والضغط عليها من أجل تمويل الميزانية العمومية، وعلى ما يبدو هذا التوجه لن تتنازل عنه الدولة في الوقت الذي تعاني منه الدولة من صعوبة في تحصيلها على تمويلات مالية جديدة مع تعثر اتفاقها مع صندوق النقد الذي وضع مؤخرا شروطا جديدة لتقلب كل المعطيات المتعارف عليها من قبل.

وتصبح تعبئة الحكومة لتمويلات جديدة لتمويل ميزانيتها ينطلق أولا من التعاون المالي الثنائي ليصل في مرحلة ثانية إلى اتفاق الصندوق والقرض المبرمج تعبئته بما يناهز الـ1.9 مليار دولار.

وبالرغم من استكمال الحكومة لأهم مكونات الجانب التقني التشريعي المتمثل في القوانين على غرار قانون حوكمة المؤسسات العمومية، إلا ان رسالة الصندوق وصلت إلى الحكومة كما يجب، وجسدت تفاعلها الايجابي مؤخرا،  ليس فقط بتفعيل الإصلاحات المبرمجة في الاتفاق البيني ولا باستكمال القوانين، بل بالسعي إلى تفعيل برنامج التعاون الثنائي المالي من خلال الحضور المتواصل لأكبر التظاهرات الاقتصادية الكبرى على غرار المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" بعقد سلسلة من اللقاءات مع مسؤولي المؤسسات والصناديق المالية العالمية، وآخرها كان منتدى المالية العامة للدول العربية الذي انعقد في دبي وحضره أكثر من 150 فاعل اقتصادي ومالي من محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية بالدول العربية من بينهم محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.

وفاء بن محمد

بعد تجاوزها الـ 1.2 مليار دينار.. خدمة الدين الخارجي تثقل الميزانية العمومية فهل يكون الحل في الاقتراض الداخلي؟

 

 

تونس-الصباح

اعتادت الجهات الرسمية التركيز على حجم الديون العمومية للدولة دون الوقوف عند القيمة الثقيلة المرتبطة بالتداين عموما، وهي خدمة الدين التي عرفت في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، لتزيد القيمة في خدمات الدين الخارجي بنسبة 25.8 بالمائة، لتتجاوز بذلك 1.2 مليار دينار، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022، حسب  المعطيات النقدية والمالية الصادرة عن البنك المركزي التونسي.

وتمكنت الدولة من تغطية هذه الأعباء المالية بالعائدات التي حققتها السياحة للسنة الثانية على التوالي ، التي زادت بنسبة 74 بالمائة أي بقيمة تعادل الـ441 مليون دينار، وكذلك بفضل عائدات العمل التي ارتفعت هي الأخرى بنسبة 10 بالمائة أي بقيمة تعادل الـ 819 مليون دينار..

اما في ما يتعلق بمعدل خدمة الدين العمومي للدولة فقد تجاوزت 12 مليار دينار خلال الأشهر 11 الأولى من سنة 2022، من بينها حوالي5 مليار دينار تخص قيمة الدين الخارجي لوحده، حسب آخر المعطيات الرسمية التي كشفت عنها وزارة المالية.

وتبقى مشكلة التداين متواصلة في ظل الأزمة الصعبة التي تمر بها المالية العمومية مع تفاقم توسع عجزها الذي يلامس اليوم الـ10 مليار دينار، لتلجا الدولة تبعا لهذا الوضع الى خيار التداين وتواصل فيه مثل بقية السنوات السابقة ويدخل من جديد في الحلقة المغلقة التي تتوجه فيها الى تعبئة قروض وتمويلات جديدة فقط من اجل تسديد ديونها القديمة مع خدمة الدين والتي بلغت للاسف معدلات خطيرة.

وما سيزيد الوضع اكثر تازما هو تعثر حصول الدولة منذ سنة ونصف على تمويلات خارجية جديدة، لتكتفي في هذه الفترة بالاقتراض من البنوك التونسية وهو ما خلق ازمة مضاعفة على مستوى المالية العمومية، باعتبار ان هذا التوجه له تداعيات وخيمة على محركات الاقتصاد والمتضرر الاكبر من هذا التوجه هو المواطن بدرجة اولى..

فاليوم تحتاج تونس الى تعبئة تمويلات بقيمة 23.49 مليار دينار ،لتغطية عجز الميزانية البالغ 7.49 مليار دينار ، وتسديد الدين الذي تحل آجاله خلال العام الجاري وقيمته 15.7 مليار دينار ، موزعا بين 6.67 مليار دينار دينا خارجيا، و9.12 مليار دينار دينا داخليا، بالاضافة الى5.3 مليار دينار فوائد الدين، الامر الذي دفع إلى تعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار اي حوالي4.75 مليار دولار ، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار اي أكثر من 3 مليار دولار إضافة إلى ان ديون تونس تضاعفت 4 مرات.

وفي الحقيقة، اتخذ التداين نسقا متصاعدا في السنوات الأخيرة، حيث  تضاعفت ديون تونس 4 مرات، مقارنة بسنة 2010، والأخطر من ذلك توجه الدولة إلى الاقتراض الداخلي لما له من تداعيات خطيرة على واقع البلاد، حيث يواجه اقتراض الدولة من البنوك التونسية انتقادات من قبل العديد من الخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا ان الدولة أصبحت تزاحم القطاعات المنتجة في حين انه يفترض ان تعطي البنوك الأولوية لتمويل الاستثمار وتوجيه القروض نحو المشاريع الاستثمارية.

كما حذر عدد هام من المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي من خطورة استمرار لجوء الحكومة إلى البنوك المحلية والضغط عليها من أجل تمويل الميزانية العمومية، وعلى ما يبدو هذا التوجه لن تتنازل عنه الدولة في الوقت الذي تعاني منه الدولة من صعوبة في تحصيلها على تمويلات مالية جديدة مع تعثر اتفاقها مع صندوق النقد الذي وضع مؤخرا شروطا جديدة لتقلب كل المعطيات المتعارف عليها من قبل.

وتصبح تعبئة الحكومة لتمويلات جديدة لتمويل ميزانيتها ينطلق أولا من التعاون المالي الثنائي ليصل في مرحلة ثانية إلى اتفاق الصندوق والقرض المبرمج تعبئته بما يناهز الـ1.9 مليار دولار.

وبالرغم من استكمال الحكومة لأهم مكونات الجانب التقني التشريعي المتمثل في القوانين على غرار قانون حوكمة المؤسسات العمومية، إلا ان رسالة الصندوق وصلت إلى الحكومة كما يجب، وجسدت تفاعلها الايجابي مؤخرا،  ليس فقط بتفعيل الإصلاحات المبرمجة في الاتفاق البيني ولا باستكمال القوانين، بل بالسعي إلى تفعيل برنامج التعاون الثنائي المالي من خلال الحضور المتواصل لأكبر التظاهرات الاقتصادية الكبرى على غرار المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" بعقد سلسلة من اللقاءات مع مسؤولي المؤسسات والصناديق المالية العالمية، وآخرها كان منتدى المالية العامة للدول العربية الذي انعقد في دبي وحضره أكثر من 150 فاعل اقتصادي ومالي من محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية بالدول العربية من بينهم محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.

وفاء بن محمد