إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلفيات التدافع العلني على القارة السمراء بين محوري "أمريكا/أوروبا" و"روسيا/الصين"

 
بقلم:علي اللافي(*)   
 
*الاندفاع نحو أفريقيا حقيقي وليس مجرد استقراءات وهو يتراكم كل يوم ويطال كل موضوع وكل ملف دولي
 
 
ربط وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"بوضوح بين رَحَلاته والحرب في أوكرانيا خلال حديثه الأيام الماضية بعد جولته المصغرة الثانية في القارة بل وأعلن أن بلاده تعمل على تعزيز العلاقات مع أغلب دول العالم على الرغم من محاولات واشنطن خلق جو مشحون بالعداء ضد روسيا، ويؤكد ذلك التصريح حقيقة اخراج التدافع على القارة السمراء للعلن (أي التدافع بين محورين دوليين بغض النظر عن نسبية تشكل فعلي للمحور الثاني أي روسيا-الصين مقابل تماسك ومتانة المحور الأول منذ عقود – أي المحور الأمريكي الأوروبي)، ورغم أن منطق المصالح الاستراتيجية -وحتى بعض من المصالح التكتيكية- يؤكد وجود تقاطعات بين كل طرف من المحورين مع بقية أطراف/دول من المحور الثاني، فما هي خلفيات علنية التدافع وصراع النفوذ المحتدم فعليا منذ نهاية التسعينات؟          
1- أولا،وزير الخارجية الروسي قام برحلتين إلى دول القارة في أواخر جانفي وأوائل فيفري الجاري وقد شملت الرحلتان سبع دول أفريقية، وفي المقابل زارت وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" ثلاث دول فقط، ولكن تلك الرحلات ليست سوى علامات التعاون الأكثر وضوحا لتدافع نحو القارة السمراء والحقيقة أن ما اعتبر في السابق عرضا جانبيا سياسيا أصبح اليوم تدافعا حقيقيا على الأصوات واكتساب الدعم من القارة وبشكل واضح وصريح وخاصة في ظل بداية تنزيل الأمريكيين لمخرجات قمة واشنطن الثانية - عُقدت كما هو معلوم بين 13 و15 ديسمبر 2022 والتي طغى على أشغالها التحذير من التغلغل والحضور الصيني والروسي في غرب ووسط افريقيا- ولكن كل ذلك لا يجب أن يُغيّبَ مُعطى أن افريقيا قد أصبحت ساحة معركة سياسية لروسيا والغرب منذ غزو موسكو لأوكرانيا في نهاية فيفري 2022 رغم أن صراع النفوذ يعود لنهاية تسعينات القرن الماضي وخاصة بين عواصم الغرب وبكين، وفعليا يتمحور تركيز المعركة/التدافع على شقين:
• شق أول: ويدور في القصور الرئاسية والمقرات الرسمية للحكومات في جميع أنحاء القارة حيث يتم التوصل إلى صفقات ثنائية.
• شق ثان: ويتجسد في مربعات/أجواء الأمم المتحدة حيث أصبح فيها التنافس على أصوات الأفارقة شديدا ومحور تكتيكات دبلوماسيات الغرب وموسكو وبكين...
ومعلوم أيضا أن الأمم المتحدة قد أجرت تصويتا يُدين الغزو الروسي في مارس 2022 بعد فترة قصيرة من الغزو وهو تصويت نُظر إليه يومها على أنه اختبار للرأي السياسي العالمي(وكانت أكبر مجموعة امتنعت عن التصويت من القارة الأفريقية وحيث امتنعت نصف الدول الأفريقية يومها عن التصويت)، وذلكالأمر وَاسَى "موسكو" واعتبر شبه انتصار لها، ولاحقا وكما هو معلوم أجرت روسيا في سبتمبر استفتاءات في أربع مناطق محتلة في شرق أوكرانيا مما مهد الطريق لضمها بالكامل، وعقب ذلك امتنعت 19 دولة أفريقية عن التصويت لاحقا في الأمم المتحدة لإدانة الضم فيما شكّل زيادة بدولتين عن التصويت في مارس، وطبعا لم يمر ذلك النجاح الواضح دون أن يلاحظه أحد في الغرب الذي لا تزال بحوزته بعض الأوراق القوية ليلعبها رغم كل الحديث عن تراجع نفوذه في القارة الأفريقية ولعبت واشنطن ورقتين في الخريف للرد على ما سبق حين أعادت قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا بعد توقف دام ثماني سنوات ويومها أيد "جو بايدن" علنا تغييرين مؤسسين طالبت بهما الدول الأفريقية منذ فترة طويلة، أولهما مقعد للقارة في مجموعة العشرين لأغنى الاقتصادات، وثانيهما مقعدان دائمان لأفريقيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
2- ثانيا، في حين كان التغيير الأول قيد الإعداد لبعض الوقت –وبعض العارفين والمطلعين يروا أنه سيتحقق هذا العام-نظرا إلى الدفع نحو علاقات أفضل مع أفريقيا إثر الحرب وطبعا سيكون التغيير الثاني لو حص مهما وغير مسبوق ويضم مجلس الأمن اليوم خمسة أعضاء دائمين يتمتعون بحق النقض – وهم فعليا أصحاب الترسانات النووية - ومن شأن إضافة اثنين آخرين من حاملي حق النقض أن يغير توازن المجلس بشكل جذري كما سيؤدي إلى فتح المجلس لمزيد من التغيير حيث سيصعب الجدل بأنه لا ينبغي أن يكون للهند أو أي دول اعام الإسلامي الكبرى (تركيا/باكستان/أندونيسيا/ماليزيا)مقعد أيضا، وطبعا يبقى مجرد دعم الرئيس الأميركي لمطلب القارة أمرا مهما بغض النظر عن كيفية إدارة مثل تلك التغييرات ومعلومأن وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا قد ايدا ذلك الموقف منذ أسابيع مضت، ويُمكن الجزم أن ما ذهبت اليه واشنطن سياسة براغماتية وذكية لأنها سياسة تكتيكية ستجبر روسيا على اتخاذ موقف تحتاج فيه إلى توضيح ما إذا كانت توافق على التغيير أيضا، ومعلوم أن موسكو رفضت دعم التغيير حتى الآن وهو موقف قد يحرجهابل ويصبح نقطة شائكة أكبر لها في علاقاتهامع دول القارة السمراء.
 
3- ثالثا، كل ذلك التدافع العلني لحشد الدعم وضع البلدان الأفريقية الفردية في مواقف صعبة، حيث تسعى لتعظيم الفرص السياسية المتاحة بينما تستعد لليوم الذي يلي انتهاء الحرب ويبدّد الاهتمام، ومما لا شك أنه لا توجد بلاد يبرز فيها ذلك أفضل من جنوب أفريقيا حيث امتنعت هذه الأخيرة عن الإدلاء بصوتها في تصويتي الأمم المتحدة العام الماضي، ومعلوم أنها الوجهة الوحيدة التي زارها كل من "لافروف" و"يلين" في الجولة الأخيرة ولم يفصل تحديدا بين الزيارتين سوى يوم واحد، وطبعا تظهر معضلة "بريتوريا" بشكل أقل حدة من جميع أنحاء القارة، حيث أن السؤال الرئيسي بالنسبة للساسة هناك هو: هل يجب عليهم دعم التغييرات المؤسسية العامة التي يعرضها الغرب مقابل النأي بأنفسهم عن روسيا، أم الاستفادة من العلاقات الثنائية الملموسة التي تقدمها موسكو الآن؟، وأولى محددات الإجابة على ذلك الاستفهام هو أن "بريتوريا" اتخذت ذلك الخيار ووافقت على استضافة مناورات بحرية مشتركة مع روسيا والصين، لتنطلق الأيام القادمة وهي مناورات تمتد إلى الذكرى السنوية لبدء الغزو الروسي لأوكرانياولكن سيكون من الخطأ اعتبار أي شيء من ذلك أمرا نهائياحيث يمكن قراءة ما تم على أن  جنوب أفريقيا (مثل البلدان الأخرى) قد تكون تحوط رهاناتها بينما تبقى غير مستعدة للالتزام مع طرف في حرب بعيدة.
 
4- رابعا، الخلاصة إن الاندفاع نحو أفريقيا حقيقي وليس مجرد استقراءات وهو يتراكم كل يوم ويطال كل موضوع وكل ملف دولي وهو ربما ما دفع بـ"بايدن" في ديسمبر الماضي المجاملة رؤساء وممثلي القارة بالقول إن "كل شيء على أفريقيا" ولكن الثابت أيضا أن هناك عروض ومكاسب ممكنة للأفارقة-وهي عروض غير مسبوقة ولم تطرح من قبل وهي تتلخص في مكاسب سياسية حقيقية وملموسة مقابل الدعم السياسي وأساسا في حرب أوكرانيا- وان كانت واشنطن تَعي جيدا ما خسرته سابقا في عدم الاهتمام بإفريقيا مباشرة (تأخر القمة مع دول القارة لـ8 سنوات) مثلما تَعي الأهمية الاستراتيجية للقارة باعتبارها قارة المستقبل على كل المستويات وفي كل الاتجاهات فان موسكو تُريد استمالة دول القارة  لتثبت للرأي العام العالمي أنها ليست وحدها في مواجهة الغرب-وهي لعبة ذكية لان العديد من الدول الأفريقية دعمت وقد تدعم روسيا بدافع العداء تجاه الغرب-وخاصة اذا ما استحضرنا ما تم في دول الساحل مع الفرنسيين في صائفة 2022 أمر دال ومعبر ذلك ان الشعارات يومها حضر فيها العداء باريس والترحيب بالروس، ولكن الحقيقة ليست محددة بذلك العامل بل هي أقرب أن تكون من أن الدول الأفريقية قد أصبح لها القابلية للاستجابة والتعاطي بشكل إيجابي بعد تجاهلها للقوى الخارجية التي بدأت أخيرا تقدر قيمتها وتقدم ما يخدم افريقيا دولا وشعوبا بغض النظر عن المطية والأسباب على غرار الاستدارة الاوربية نحو افريقيا والتي كانت أولى مبرراتها تنامي الحضور الصيني والروسي ولكنها أيضا تمت بسبب الامن الطاقي والغاز أيضا...
* كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية
 
 خلفيات التدافع العلني على القارة السمراء بين محوري "أمريكا/أوروبا" و"روسيا/الصين"
 
بقلم:علي اللافي(*)   
 
*الاندفاع نحو أفريقيا حقيقي وليس مجرد استقراءات وهو يتراكم كل يوم ويطال كل موضوع وكل ملف دولي
 
 
ربط وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"بوضوح بين رَحَلاته والحرب في أوكرانيا خلال حديثه الأيام الماضية بعد جولته المصغرة الثانية في القارة بل وأعلن أن بلاده تعمل على تعزيز العلاقات مع أغلب دول العالم على الرغم من محاولات واشنطن خلق جو مشحون بالعداء ضد روسيا، ويؤكد ذلك التصريح حقيقة اخراج التدافع على القارة السمراء للعلن (أي التدافع بين محورين دوليين بغض النظر عن نسبية تشكل فعلي للمحور الثاني أي روسيا-الصين مقابل تماسك ومتانة المحور الأول منذ عقود – أي المحور الأمريكي الأوروبي)، ورغم أن منطق المصالح الاستراتيجية -وحتى بعض من المصالح التكتيكية- يؤكد وجود تقاطعات بين كل طرف من المحورين مع بقية أطراف/دول من المحور الثاني، فما هي خلفيات علنية التدافع وصراع النفوذ المحتدم فعليا منذ نهاية التسعينات؟          
1- أولا،وزير الخارجية الروسي قام برحلتين إلى دول القارة في أواخر جانفي وأوائل فيفري الجاري وقد شملت الرحلتان سبع دول أفريقية، وفي المقابل زارت وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" ثلاث دول فقط، ولكن تلك الرحلات ليست سوى علامات التعاون الأكثر وضوحا لتدافع نحو القارة السمراء والحقيقة أن ما اعتبر في السابق عرضا جانبيا سياسيا أصبح اليوم تدافعا حقيقيا على الأصوات واكتساب الدعم من القارة وبشكل واضح وصريح وخاصة في ظل بداية تنزيل الأمريكيين لمخرجات قمة واشنطن الثانية - عُقدت كما هو معلوم بين 13 و15 ديسمبر 2022 والتي طغى على أشغالها التحذير من التغلغل والحضور الصيني والروسي في غرب ووسط افريقيا- ولكن كل ذلك لا يجب أن يُغيّبَ مُعطى أن افريقيا قد أصبحت ساحة معركة سياسية لروسيا والغرب منذ غزو موسكو لأوكرانيا في نهاية فيفري 2022 رغم أن صراع النفوذ يعود لنهاية تسعينات القرن الماضي وخاصة بين عواصم الغرب وبكين، وفعليا يتمحور تركيز المعركة/التدافع على شقين:
• شق أول: ويدور في القصور الرئاسية والمقرات الرسمية للحكومات في جميع أنحاء القارة حيث يتم التوصل إلى صفقات ثنائية.
• شق ثان: ويتجسد في مربعات/أجواء الأمم المتحدة حيث أصبح فيها التنافس على أصوات الأفارقة شديدا ومحور تكتيكات دبلوماسيات الغرب وموسكو وبكين...
ومعلوم أيضا أن الأمم المتحدة قد أجرت تصويتا يُدين الغزو الروسي في مارس 2022 بعد فترة قصيرة من الغزو وهو تصويت نُظر إليه يومها على أنه اختبار للرأي السياسي العالمي(وكانت أكبر مجموعة امتنعت عن التصويت من القارة الأفريقية وحيث امتنعت نصف الدول الأفريقية يومها عن التصويت)، وذلكالأمر وَاسَى "موسكو" واعتبر شبه انتصار لها، ولاحقا وكما هو معلوم أجرت روسيا في سبتمبر استفتاءات في أربع مناطق محتلة في شرق أوكرانيا مما مهد الطريق لضمها بالكامل، وعقب ذلك امتنعت 19 دولة أفريقية عن التصويت لاحقا في الأمم المتحدة لإدانة الضم فيما شكّل زيادة بدولتين عن التصويت في مارس، وطبعا لم يمر ذلك النجاح الواضح دون أن يلاحظه أحد في الغرب الذي لا تزال بحوزته بعض الأوراق القوية ليلعبها رغم كل الحديث عن تراجع نفوذه في القارة الأفريقية ولعبت واشنطن ورقتين في الخريف للرد على ما سبق حين أعادت قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا بعد توقف دام ثماني سنوات ويومها أيد "جو بايدن" علنا تغييرين مؤسسين طالبت بهما الدول الأفريقية منذ فترة طويلة، أولهما مقعد للقارة في مجموعة العشرين لأغنى الاقتصادات، وثانيهما مقعدان دائمان لأفريقيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
2- ثانيا، في حين كان التغيير الأول قيد الإعداد لبعض الوقت –وبعض العارفين والمطلعين يروا أنه سيتحقق هذا العام-نظرا إلى الدفع نحو علاقات أفضل مع أفريقيا إثر الحرب وطبعا سيكون التغيير الثاني لو حص مهما وغير مسبوق ويضم مجلس الأمن اليوم خمسة أعضاء دائمين يتمتعون بحق النقض – وهم فعليا أصحاب الترسانات النووية - ومن شأن إضافة اثنين آخرين من حاملي حق النقض أن يغير توازن المجلس بشكل جذري كما سيؤدي إلى فتح المجلس لمزيد من التغيير حيث سيصعب الجدل بأنه لا ينبغي أن يكون للهند أو أي دول اعام الإسلامي الكبرى (تركيا/باكستان/أندونيسيا/ماليزيا)مقعد أيضا، وطبعا يبقى مجرد دعم الرئيس الأميركي لمطلب القارة أمرا مهما بغض النظر عن كيفية إدارة مثل تلك التغييرات ومعلومأن وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا قد ايدا ذلك الموقف منذ أسابيع مضت، ويُمكن الجزم أن ما ذهبت اليه واشنطن سياسة براغماتية وذكية لأنها سياسة تكتيكية ستجبر روسيا على اتخاذ موقف تحتاج فيه إلى توضيح ما إذا كانت توافق على التغيير أيضا، ومعلوم أن موسكو رفضت دعم التغيير حتى الآن وهو موقف قد يحرجهابل ويصبح نقطة شائكة أكبر لها في علاقاتهامع دول القارة السمراء.
 
3- ثالثا، كل ذلك التدافع العلني لحشد الدعم وضع البلدان الأفريقية الفردية في مواقف صعبة، حيث تسعى لتعظيم الفرص السياسية المتاحة بينما تستعد لليوم الذي يلي انتهاء الحرب ويبدّد الاهتمام، ومما لا شك أنه لا توجد بلاد يبرز فيها ذلك أفضل من جنوب أفريقيا حيث امتنعت هذه الأخيرة عن الإدلاء بصوتها في تصويتي الأمم المتحدة العام الماضي، ومعلوم أنها الوجهة الوحيدة التي زارها كل من "لافروف" و"يلين" في الجولة الأخيرة ولم يفصل تحديدا بين الزيارتين سوى يوم واحد، وطبعا تظهر معضلة "بريتوريا" بشكل أقل حدة من جميع أنحاء القارة، حيث أن السؤال الرئيسي بالنسبة للساسة هناك هو: هل يجب عليهم دعم التغييرات المؤسسية العامة التي يعرضها الغرب مقابل النأي بأنفسهم عن روسيا، أم الاستفادة من العلاقات الثنائية الملموسة التي تقدمها موسكو الآن؟، وأولى محددات الإجابة على ذلك الاستفهام هو أن "بريتوريا" اتخذت ذلك الخيار ووافقت على استضافة مناورات بحرية مشتركة مع روسيا والصين، لتنطلق الأيام القادمة وهي مناورات تمتد إلى الذكرى السنوية لبدء الغزو الروسي لأوكرانياولكن سيكون من الخطأ اعتبار أي شيء من ذلك أمرا نهائياحيث يمكن قراءة ما تم على أن  جنوب أفريقيا (مثل البلدان الأخرى) قد تكون تحوط رهاناتها بينما تبقى غير مستعدة للالتزام مع طرف في حرب بعيدة.
 
4- رابعا، الخلاصة إن الاندفاع نحو أفريقيا حقيقي وليس مجرد استقراءات وهو يتراكم كل يوم ويطال كل موضوع وكل ملف دولي وهو ربما ما دفع بـ"بايدن" في ديسمبر الماضي المجاملة رؤساء وممثلي القارة بالقول إن "كل شيء على أفريقيا" ولكن الثابت أيضا أن هناك عروض ومكاسب ممكنة للأفارقة-وهي عروض غير مسبوقة ولم تطرح من قبل وهي تتلخص في مكاسب سياسية حقيقية وملموسة مقابل الدعم السياسي وأساسا في حرب أوكرانيا- وان كانت واشنطن تَعي جيدا ما خسرته سابقا في عدم الاهتمام بإفريقيا مباشرة (تأخر القمة مع دول القارة لـ8 سنوات) مثلما تَعي الأهمية الاستراتيجية للقارة باعتبارها قارة المستقبل على كل المستويات وفي كل الاتجاهات فان موسكو تُريد استمالة دول القارة  لتثبت للرأي العام العالمي أنها ليست وحدها في مواجهة الغرب-وهي لعبة ذكية لان العديد من الدول الأفريقية دعمت وقد تدعم روسيا بدافع العداء تجاه الغرب-وخاصة اذا ما استحضرنا ما تم في دول الساحل مع الفرنسيين في صائفة 2022 أمر دال ومعبر ذلك ان الشعارات يومها حضر فيها العداء باريس والترحيب بالروس، ولكن الحقيقة ليست محددة بذلك العامل بل هي أقرب أن تكون من أن الدول الأفريقية قد أصبح لها القابلية للاستجابة والتعاطي بشكل إيجابي بعد تجاهلها للقوى الخارجية التي بدأت أخيرا تقدر قيمتها وتقدم ما يخدم افريقيا دولا وشعوبا بغض النظر عن المطية والأسباب على غرار الاستدارة الاوربية نحو افريقيا والتي كانت أولى مبرراتها تنامي الحضور الصيني والروسي ولكنها أيضا تمت بسبب الامن الطاقي والغاز أيضا...
* كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية