إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من بينها محاولة اغتيال والتآمر على أمن الدولة: هل كشف سعيد عن الخطوط العريضة لملفات الموقوفين؟

 

تونس – الصباح

لئن اعتاد الجميع على نوعية الخطاب والتصريحات التي يقدمها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ توليه رئاسة الجمهورية إثر الانتخابات الرئاسية في 2019، إلا أن ما قدمه من معطيات صريحة وتلميح في مرات أخرى حول مسائل وقضايا في علاقة بالإيقافات التي تم تسجيلها مؤخرا ضد عدد من رجالات السياسية والأعمال وغيرهم من الموظفين في هياكل وقطاعات مختلفة في الدولة ممن لهم صلة ببعض القضايا، حسب ما تم الكشف عنه، يختلف عما دأب علية سعيد في مجمل خطاباته التي تتسم في مجملها بالحدة والوعيد والتهديد في المطلق لمن يصفهم بأعداء الدولة والفاسدين بصريح العبارة أو باستعمال مصطلحات تهدف إلى ذلك من قبيل "الصواريخ على المنصات" و"الخونة والإرهابيين" وأعداء الوطن والشعب، إضافة إلى تشديده في كل مناسبة على الصرامة في تطبيق القانون وتمسكه بالمحاسبة وإنصاف الطبقات المسحوقة من الشعب بالأساس. إلا أن اكتفاءه بالتهديد دون تطبيق وتنفيذ ذلك على أرض الواقع منذ مسكه بزمام السلطات يوم 25 جويلية 2021 إلى اليوم من العوامل التي جعلت البعض لا يتعاطى بجدية مع ما يقوله أو يهدد بتنفيذه خلال الفترة الماضية. لكن ما أكده مساء الثلاثاء خلال الزيارة التي أداها إلى وزارة الداخلية وأثناء لقائه بعدد من القيادات الأمنية، كان مختلفا وعلى غاية من الخطورة. وخطورة ذلك ليس على شخصه فحسب وإنما على الدولة والأمن القومي والسلم الاجتماعي بشكل عام. إذ عدّد رئيس الجمهورية أثناء ذلك اللقاء عديد القضايا والمسائل في علاقة بالإيقافات الأخيرة، التي أثارت بدورها موجة من التساؤلات واستنكار البعض لها على اعتبار أنها تستهدف معارضي الرئيس ودون ملفات ومؤيدات تذكر. لكن ما أكده سعيد خلال تلك المناسبة التي اختارها للإثناء على مجهودات مختلف مصالح وزارة الداخلية في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة، مشددا على أن الواجب المقدس يقتضي اليوم حماية الدولة والوطن من الذين لا هم لهم إلا السلطة والمال ولا يتورعون في الارتماء في أحضان أي جهة أجنبية.

ومن بين ما ذكره سعيد خلال نفس اللقاء أن الإيقافات طالت بعض من لهم تهم التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي فضلا عن محاولة اغتياله باعتباره رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها فضلا عن وجود مخطط يرمي لإسقاط الدولة بكل الطرق وتأجيج الأوضاع الاجتماعية لبلوغ ما وصفه ب"مآربهم المفضوحة"، وفق تأكيده في نفس المناسبة. وعبر في المقابل عن استنكاره لعدم تحرك النيابة العمومية بالسرعة المطلوبة فيما تحركت القوات الأمنية بالسرعة القصوى. ودعا القضاة إلى تحمل مسؤوليتهم في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة. خاصة أنه شدد على أنه لا رجوع في مسار المحاسبة هذه المرة بهدف إنقاذ الدولة والشعب التونسي وأنه آن الأوان للقضاء على العبث.

ويذكر أنه سبق أن تم تداول أخبار تتعلق بمحاولة اغتيال رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة على غرار "الظرف المسموم".

فإذا ثبتت هذه المرة مثل هذه الاتهامات الخطيرة وما تشكله من خطر على الأمن القومي من ناحية وتهديد للسيادة الوطنية من ناحية أخرى في هذا الظرف الصعب الذي تمر به بلادنا في ظل عدم استقرار الوضع إقليميا وما يشهده العالم من متغيرات بما من شانه أن يضع بلادنا والتونسيين في وضع خطير يصعب التنبؤ بأطواره ومآلاته، فإن الوضع سيكون على غاية من التعقيد لاسيما أن استبسال المعارضة في صراعها ضد المسار الذي يقوده سعيد منذ أكثر من عام ونصف فضلا عن عدم قدرة السلطة الرسمية على العمل والتحرك وفرض نسقها على النحو الذي انتظره الشعب الذي خرج غاضبا يوم 25 جويلية 2021 ضد المنظومة السابقة بعد انسداد كل آفاق عيشه مقابل تغول فئات محددة محسوبة على جهات سياسية وحزبية متنفذة وعدم قدرة نفس الجهات الرسمية على تطبيق برنامجها الإصلاحي الذي وعدت به، فيما تسجل الإشكاليات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية تفاقما وتردي. لذلك فإن الجميع في انتظار تأكيد صحة هذه الاتهامات الخطيرة بما يقطع مجالات التشكيك والتأويل للأحداث والمستجدات المتعلقة بالإيقافات، سواء في علاقة بما ذره سعيد من تهم التآمر على أمن الدولة أو في علاقة بفتح الملفات "المجمدة" مثل الاغتيالات والأموال المهربة والمنهوبة وملفات الفساد المتعلقة بالاحتكار والتلاعب الأسعار والأدوية وغيرها إضافة إلى محاسبة من يحاول طمس الحقائق والتهرب من الملاحقة الجزائية.

وإذا كان رئيس الجمهورية قد شدد في هذا اللقاء على ضرورة احترام القانون وعلى دور القضاء في إنفاذه على اعتبار أن الجميع متساوون أمام القضاء ومن حق الشعب التونسي أن يطلب المحاسبة ولا عذر لأحد في ألا يستجيب لهذا المطلب الشعبي المشروع، فإنه قد شدد في جانب آخر من حديثه في لقائه بقيادات أمنية، على ضرورة احترام الإجراءات وحقوق الإنسان خاصة أنه أكد أن ما حدث لا علاقة له إطلاقا بالحقوق والحريات. لأن الشغل الشاغل بالنسبة للتونسيين هو عدم المساس بالحريات والحقوق تحت أي داعي كان، خاصة أن ما تعيشه بعض المؤسسات الإعلامية اليوم من أوضاع متردية وصعوبات يدفع الجميع للتمسك بالحق في حرية التعبير.

نزيهة الغضباني

من بينها محاولة اغتيال والتآمر على أمن الدولة:  هل كشف سعيد عن الخطوط العريضة لملفات الموقوفين؟

 

تونس – الصباح

لئن اعتاد الجميع على نوعية الخطاب والتصريحات التي يقدمها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ توليه رئاسة الجمهورية إثر الانتخابات الرئاسية في 2019، إلا أن ما قدمه من معطيات صريحة وتلميح في مرات أخرى حول مسائل وقضايا في علاقة بالإيقافات التي تم تسجيلها مؤخرا ضد عدد من رجالات السياسية والأعمال وغيرهم من الموظفين في هياكل وقطاعات مختلفة في الدولة ممن لهم صلة ببعض القضايا، حسب ما تم الكشف عنه، يختلف عما دأب علية سعيد في مجمل خطاباته التي تتسم في مجملها بالحدة والوعيد والتهديد في المطلق لمن يصفهم بأعداء الدولة والفاسدين بصريح العبارة أو باستعمال مصطلحات تهدف إلى ذلك من قبيل "الصواريخ على المنصات" و"الخونة والإرهابيين" وأعداء الوطن والشعب، إضافة إلى تشديده في كل مناسبة على الصرامة في تطبيق القانون وتمسكه بالمحاسبة وإنصاف الطبقات المسحوقة من الشعب بالأساس. إلا أن اكتفاءه بالتهديد دون تطبيق وتنفيذ ذلك على أرض الواقع منذ مسكه بزمام السلطات يوم 25 جويلية 2021 إلى اليوم من العوامل التي جعلت البعض لا يتعاطى بجدية مع ما يقوله أو يهدد بتنفيذه خلال الفترة الماضية. لكن ما أكده مساء الثلاثاء خلال الزيارة التي أداها إلى وزارة الداخلية وأثناء لقائه بعدد من القيادات الأمنية، كان مختلفا وعلى غاية من الخطورة. وخطورة ذلك ليس على شخصه فحسب وإنما على الدولة والأمن القومي والسلم الاجتماعي بشكل عام. إذ عدّد رئيس الجمهورية أثناء ذلك اللقاء عديد القضايا والمسائل في علاقة بالإيقافات الأخيرة، التي أثارت بدورها موجة من التساؤلات واستنكار البعض لها على اعتبار أنها تستهدف معارضي الرئيس ودون ملفات ومؤيدات تذكر. لكن ما أكده سعيد خلال تلك المناسبة التي اختارها للإثناء على مجهودات مختلف مصالح وزارة الداخلية في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة، مشددا على أن الواجب المقدس يقتضي اليوم حماية الدولة والوطن من الذين لا هم لهم إلا السلطة والمال ولا يتورعون في الارتماء في أحضان أي جهة أجنبية.

ومن بين ما ذكره سعيد خلال نفس اللقاء أن الإيقافات طالت بعض من لهم تهم التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي فضلا عن محاولة اغتياله باعتباره رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها فضلا عن وجود مخطط يرمي لإسقاط الدولة بكل الطرق وتأجيج الأوضاع الاجتماعية لبلوغ ما وصفه ب"مآربهم المفضوحة"، وفق تأكيده في نفس المناسبة. وعبر في المقابل عن استنكاره لعدم تحرك النيابة العمومية بالسرعة المطلوبة فيما تحركت القوات الأمنية بالسرعة القصوى. ودعا القضاة إلى تحمل مسؤوليتهم في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة. خاصة أنه شدد على أنه لا رجوع في مسار المحاسبة هذه المرة بهدف إنقاذ الدولة والشعب التونسي وأنه آن الأوان للقضاء على العبث.

ويذكر أنه سبق أن تم تداول أخبار تتعلق بمحاولة اغتيال رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة على غرار "الظرف المسموم".

فإذا ثبتت هذه المرة مثل هذه الاتهامات الخطيرة وما تشكله من خطر على الأمن القومي من ناحية وتهديد للسيادة الوطنية من ناحية أخرى في هذا الظرف الصعب الذي تمر به بلادنا في ظل عدم استقرار الوضع إقليميا وما يشهده العالم من متغيرات بما من شانه أن يضع بلادنا والتونسيين في وضع خطير يصعب التنبؤ بأطواره ومآلاته، فإن الوضع سيكون على غاية من التعقيد لاسيما أن استبسال المعارضة في صراعها ضد المسار الذي يقوده سعيد منذ أكثر من عام ونصف فضلا عن عدم قدرة السلطة الرسمية على العمل والتحرك وفرض نسقها على النحو الذي انتظره الشعب الذي خرج غاضبا يوم 25 جويلية 2021 ضد المنظومة السابقة بعد انسداد كل آفاق عيشه مقابل تغول فئات محددة محسوبة على جهات سياسية وحزبية متنفذة وعدم قدرة نفس الجهات الرسمية على تطبيق برنامجها الإصلاحي الذي وعدت به، فيما تسجل الإشكاليات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية تفاقما وتردي. لذلك فإن الجميع في انتظار تأكيد صحة هذه الاتهامات الخطيرة بما يقطع مجالات التشكيك والتأويل للأحداث والمستجدات المتعلقة بالإيقافات، سواء في علاقة بما ذره سعيد من تهم التآمر على أمن الدولة أو في علاقة بفتح الملفات "المجمدة" مثل الاغتيالات والأموال المهربة والمنهوبة وملفات الفساد المتعلقة بالاحتكار والتلاعب الأسعار والأدوية وغيرها إضافة إلى محاسبة من يحاول طمس الحقائق والتهرب من الملاحقة الجزائية.

وإذا كان رئيس الجمهورية قد شدد في هذا اللقاء على ضرورة احترام القانون وعلى دور القضاء في إنفاذه على اعتبار أن الجميع متساوون أمام القضاء ومن حق الشعب التونسي أن يطلب المحاسبة ولا عذر لأحد في ألا يستجيب لهذا المطلب الشعبي المشروع، فإنه قد شدد في جانب آخر من حديثه في لقائه بقيادات أمنية، على ضرورة احترام الإجراءات وحقوق الإنسان خاصة أنه أكد أن ما حدث لا علاقة له إطلاقا بالحقوق والحريات. لأن الشغل الشاغل بالنسبة للتونسيين هو عدم المساس بالحريات والحقوق تحت أي داعي كان، خاصة أن ما تعيشه بعض المؤسسات الإعلامية اليوم من أوضاع متردية وصعوبات يدفع الجميع للتمسك بالحق في حرية التعبير.

نزيهة الغضباني