إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم: في الصورة بناء السّلطة!..

 
 
بقلم: أبوبكر الصغير 
 
" أيها السيد العزيز ليس الفقر رذيلة، ولا الإدمان على السكر فضيلة.. ولكن البؤس هو الرذيلة !."  هكذا تكلّم ذلك العظيم  دوستويفسكي .
ربّ صورة خير من ألف كلمة.. أنا شخصيا لا أثق بالكلمات، أثق فقط بالصور .
اهتم صاحب كتاب "الأمير" مكيافيلي والذي يوصف بكونه رائد التواصل في السياسة، بقوة الصورة في بناء السلطة السياسية، لهذا تعمل كلّ الأنظمة على ما يسمّى بصورة الذات، والشكل الذي تظهره الموضوعات عن الأمير أو الحاكم، وهي العناصر التي تبني وتحدّد مجالات هيمنته .
فالسلطة مراحل وهي تقوم على بناء متقن وماهر وعلمي لصورة الذات (الحاكم) .
ففي أي وضع  سياسي هنالك دائما صورة تشير إلى تمثلات المواقف والأفكار وكذلك طبيعة المسؤولين وخلفياتهم .
إن الصورة في السياسة هي عند مفترق طرق الفن والتواصل، هذا التهجين يجعلها ناقلة دقيقة للمعاني والرسائل القوية التي قد تخفى عن جمهور المهتمين بالفعل السياسي .
تتمثل مهمة هذه الصورة في ممارسة أصول السلطة وطبيعتها، وهي تثبت سلطة الحاكم أو الدولة.
الصورة هي محتوى وقبل ذلك موقف، هي ذلك الشعور بالإيقاع الذي تصنعه فيك، والعلاقة بين الأشكال والقيم والمبادئ .
إنها توقظ الذكريات وتثير الارتباطات التي تجعلك تبتسم أو تغضب أو حتى تثور، تستفزّ فيك كل ردود الفعل التي يكون فيها للاوعي الجماعي أو الفردي دوره.   هكذا هي في صميم العلاقة بيننا وبين المجتمع  السياسي وبين من يحكمنا وبيده مصيرنا .
كانت الصورة الحدث التقطت من بيت السفير الإيراني بمناسبة العيد الوطني.. وزيران من حكومة الرئيس قيس سعيد هما محمد علي بوغديري وإبراهيم الشائبي والسفير الإيراني وراشد الغنوشي ..
ذكّرتنا هذه الصورة بأخرى، تلك التي ظهرت فيها قبل فترة رئيسة الحكومة نجلاء بودن وهي تردّ بابتسامة على الرئيس الإسرائيلي في لقطة جماعية على هامش قمّة شرم الشيخ حول المناخ وردود الفعل القوية التي أثارتها .
لكن صورة أول أمس تختلف تماما، التقطت على ارض إيرانية باعتبار المكان مقرّ إقامة سفير دولة، كما أنها جمعت بين رمزين من حكم وطرف يتّهم بانّ الماسكين به قاموا بعمل انقلابي !.
كان الرّئيس الحبيب بورقيبة وبعده الرئيس زين العابدين بن علي يعطيان كلّ الأهمية للصورة، حصل مرّة أن تمّ إعدام كتاب كامل بعد طباعته لأنّ الصورة التي تمّ نشرها حول رئيس الدولة أظهرته في حالة هرم وشيخوخة..
كما حصل أيام موجة ثورة النقابات في بولونيا جماعة "سوليدارنوسك" وفي ظلّ حالة توتّر في علاقة الاتحاد بالسلطة أيام حكم بن علي أين اتجه أمين عام المنظمة الشغيلة الى جينيف في سعي لالتقاط صورة له فقط مع زعيم النقابات البولونية ليش فاليسا الذي امسك بحكم بلاده ونشرها وتوزيعها كرسالة عن قدرة وقوّة النقابة في إسقاط الأنظمة .
إذا كان المرء عجز عن الاستيعاب والفهم ولا يستطيع أن يشعر بما شاهده فهو في عزلة كاملة عن واقع وطنه السياسي .
إن الصورة أو كل ما هو مرئي أصبح يهيمن على حياتنا السياسية، هذا هو سبب تركيز العديد من الحكام والشخصيات السياسية على بناء تواصلهم غير اللفظي من خلال الاهتمام بصورتهم، بمظهرهم وإيماءاتهم ونبرة صوتهم.
الهدف من وراء ذلك ترك انطباع جيد لجذب أكبر عدد ممكن من الأنصار .
هذه هي الطريقة التي يرتبط بها السلوك الأول في السياسة والذي يضمن مسار الصعود السياسي.
إن الصورة في حدّ ذاتها ليست مجرّد وسيلة اتصال. إنها تميل إلى تجاوز معناها هذه الألوان والخطوط والأسطر القليلة على ورقة والتي نسمّيها لقطة فوتوغرافية لتغذي فكرا وتمس ذاكرة وتستفزّ خيالا وتولّد حقيقة جديدة .
لقد وضعوا نقطة استفهام أو إن شئتم تعجّب أمام حلم  سكننا بأنّ الأمور قد تتغيّر  !!..
 
  حكاياتهم: في الصورة بناء السّلطة!..
 
 
بقلم: أبوبكر الصغير 
 
" أيها السيد العزيز ليس الفقر رذيلة، ولا الإدمان على السكر فضيلة.. ولكن البؤس هو الرذيلة !."  هكذا تكلّم ذلك العظيم  دوستويفسكي .
ربّ صورة خير من ألف كلمة.. أنا شخصيا لا أثق بالكلمات، أثق فقط بالصور .
اهتم صاحب كتاب "الأمير" مكيافيلي والذي يوصف بكونه رائد التواصل في السياسة، بقوة الصورة في بناء السلطة السياسية، لهذا تعمل كلّ الأنظمة على ما يسمّى بصورة الذات، والشكل الذي تظهره الموضوعات عن الأمير أو الحاكم، وهي العناصر التي تبني وتحدّد مجالات هيمنته .
فالسلطة مراحل وهي تقوم على بناء متقن وماهر وعلمي لصورة الذات (الحاكم) .
ففي أي وضع  سياسي هنالك دائما صورة تشير إلى تمثلات المواقف والأفكار وكذلك طبيعة المسؤولين وخلفياتهم .
إن الصورة في السياسة هي عند مفترق طرق الفن والتواصل، هذا التهجين يجعلها ناقلة دقيقة للمعاني والرسائل القوية التي قد تخفى عن جمهور المهتمين بالفعل السياسي .
تتمثل مهمة هذه الصورة في ممارسة أصول السلطة وطبيعتها، وهي تثبت سلطة الحاكم أو الدولة.
الصورة هي محتوى وقبل ذلك موقف، هي ذلك الشعور بالإيقاع الذي تصنعه فيك، والعلاقة بين الأشكال والقيم والمبادئ .
إنها توقظ الذكريات وتثير الارتباطات التي تجعلك تبتسم أو تغضب أو حتى تثور، تستفزّ فيك كل ردود الفعل التي يكون فيها للاوعي الجماعي أو الفردي دوره.   هكذا هي في صميم العلاقة بيننا وبين المجتمع  السياسي وبين من يحكمنا وبيده مصيرنا .
كانت الصورة الحدث التقطت من بيت السفير الإيراني بمناسبة العيد الوطني.. وزيران من حكومة الرئيس قيس سعيد هما محمد علي بوغديري وإبراهيم الشائبي والسفير الإيراني وراشد الغنوشي ..
ذكّرتنا هذه الصورة بأخرى، تلك التي ظهرت فيها قبل فترة رئيسة الحكومة نجلاء بودن وهي تردّ بابتسامة على الرئيس الإسرائيلي في لقطة جماعية على هامش قمّة شرم الشيخ حول المناخ وردود الفعل القوية التي أثارتها .
لكن صورة أول أمس تختلف تماما، التقطت على ارض إيرانية باعتبار المكان مقرّ إقامة سفير دولة، كما أنها جمعت بين رمزين من حكم وطرف يتّهم بانّ الماسكين به قاموا بعمل انقلابي !.
كان الرّئيس الحبيب بورقيبة وبعده الرئيس زين العابدين بن علي يعطيان كلّ الأهمية للصورة، حصل مرّة أن تمّ إعدام كتاب كامل بعد طباعته لأنّ الصورة التي تمّ نشرها حول رئيس الدولة أظهرته في حالة هرم وشيخوخة..
كما حصل أيام موجة ثورة النقابات في بولونيا جماعة "سوليدارنوسك" وفي ظلّ حالة توتّر في علاقة الاتحاد بالسلطة أيام حكم بن علي أين اتجه أمين عام المنظمة الشغيلة الى جينيف في سعي لالتقاط صورة له فقط مع زعيم النقابات البولونية ليش فاليسا الذي امسك بحكم بلاده ونشرها وتوزيعها كرسالة عن قدرة وقوّة النقابة في إسقاط الأنظمة .
إذا كان المرء عجز عن الاستيعاب والفهم ولا يستطيع أن يشعر بما شاهده فهو في عزلة كاملة عن واقع وطنه السياسي .
إن الصورة أو كل ما هو مرئي أصبح يهيمن على حياتنا السياسية، هذا هو سبب تركيز العديد من الحكام والشخصيات السياسية على بناء تواصلهم غير اللفظي من خلال الاهتمام بصورتهم، بمظهرهم وإيماءاتهم ونبرة صوتهم.
الهدف من وراء ذلك ترك انطباع جيد لجذب أكبر عدد ممكن من الأنصار .
هذه هي الطريقة التي يرتبط بها السلوك الأول في السياسة والذي يضمن مسار الصعود السياسي.
إن الصورة في حدّ ذاتها ليست مجرّد وسيلة اتصال. إنها تميل إلى تجاوز معناها هذه الألوان والخطوط والأسطر القليلة على ورقة والتي نسمّيها لقطة فوتوغرافية لتغذي فكرا وتمس ذاكرة وتستفزّ خيالا وتولّد حقيقة جديدة .
لقد وضعوا نقطة استفهام أو إن شئتم تعجّب أمام حلم  سكننا بأنّ الأمور قد تتغيّر  !!..