إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المخرج السينمائي الناصر القطاري لـ"الصباح": انتظرت التكريم من تونس فجاءني من برلين

"تانيت" 1976ذكرى عزيزة ومصدر فخر لي في مسيرتي السينمائية **
عملي الجديد يكشف صفحات مجهولة من تاريخ تونس في فترة الاربعينات 
 
فيلمي "السفراء" أول من طرح موضوع الهجرة بعيدا عن "البكائية" و"المدرسة الابوية" 
تونس- الصباح 
 يتحول المخرج السينمائي الناصر القطاري اليوم السبت 11 فيفري الى برلين العاصمة الألمانية للمشاركة في تظاهرة سينمائية دولية تكريما واحتفاء به وسيتم بهذه المناسبة عرض فيلمه الطويل السفراء" وهو العمل الذي أهدى تونس اول تانيت ذهبي في مسابقة الأفلام الطويلة لأيام قرطاج السينمائية " دورة 1976" وانتظر الى دورة 2000 ليتوج بالتانيت البرنزي عن فيلم "حلو ومر" ومنذ تلك الفترة غاب عن الأيام وأصبح قليل الظهور في المحافل السينمائية، الناصر القطاري بتواضعه وبحسه الإبداعي التواق الى الأفضل والارقى والاجمل تحدث الى "الصباح" كاشفا عن هذا الاحتفاء به في برلين وعن مضمون عمله السينمائي الجديد والكثير من هواجسه السينمائية وهو العاشق للتاريخ في الحوار  التالي: 
 
حاوره : محسن بن أحمد 
 
التكريم في برلين العاصمة الألمانية ماذا يعني لك ؟ 
 
-سعدت كثيرا بهذه اللفتة من اهل السينما في المانيا من خلال المبادرة بتكريمي والاحتفاء بفيلمي " السفراء " الذي سيتم عرضه في اطار هذه التظاهرة وفي ذات الوقت احسست بالغبن والالم لان مثل هذا التكريم الذي انتظرته من بلدي تونس جاءني من برلين وتم اختيار "السفراء" للعرض ضمن فعاليات هذه التظاهرة السينمائية بألمانيا في اطار حملة تحسيسية لمناقشة إشكالية الهجرة بكل منعرجاتها ومطباتها على المستوى العالمي وبكل تواضع أقول اليوم – وبعد اكثر من أربعين سنة " ان "السفراء" هو اول فيلم تخطى المعهود في السينما من خلال طرح ومناقشة إشكالية "الهجرة " فقد تأسست السينما العالمية بخصوص موضوع الهجرة على توجهين ما يسمى بـ"المدرسة البكائية" وهذا يعني التذمر والبكاء والتألم في صمت و"المدرسة الابوية" ويعني القبول بالأمر الواقع والرضا بالموجود. 
وجاء فيلم " السفراء " ليؤسس لمدرسة الرفض والدعوة بصوت مرتفع للمعاملة على قدم المساواة.  فقد ارتفع صوت المهاجرين عاليا في " السفراء " معبرين عن رفضهم للعديد من الممارسات في حقهم واشير من جهة أخرى انني سأكون في شهر مارس القادم في مدينة برشلونة الاسبانية لعرض فيلم "السفراء" وتقديم محاضرة حول الفيلم ومضمونه ومناقشة إشكالية "الهجرة" وطريقة التعامل معها سينمائيا بدرجة أولى. 
 في  1976 اهديت أول "تانيت" ذهبي  لتونس ماذا بقي في الذاكرة؟ 
 
لقد حصل فيلم " السفراء" على عديد الجوائز العالمية وهي جوائز اسعدتني كثيرا.  لكن يبقى تانيت ايام قرطاج السينمائية سنة 1976 له وقع خاص وهو بالتالي أفضل تتويج واعتراف بأنني سينمائي قادر على تقديم أعمال ذات مضامين انسانية عميقة. 
وتراني اليوم اعتزّ أن أكون حلقة نيّرة من حلقات الابداع السينمائي في تونس، والابداع الثقافي حلقات وتراكمات لا تتوقف عند أحد ولكنها تترسّخ في الذاكرة الجماعية. 
هل هناك ذكرى خاصة تحتفظ بها أثناء تصوير «السفراء» منذ أكثر من أربعين سنة؟
-أشير الى أن الممثل الجزائري الكبير سيدي علي كوريت كان من أبطال هذا الفيلم وأذكر أن جريدة «المجاهد» الجزائرية تناولت العمل وكتبت عنوانا ضخما في صفحتها الأولى: Les" Ambassadeurs le film le plus Algérien des films Tunisiens"
لقد تناول «السفراء» الهجرة وسعيت في هذا الفيلم الى احترام الفسيفساء الاجتماعية للمهاجرين. 
 
أيام قرطاج السينمائية بعد اكثر من ثلاثين دورة كيف تبدو لك؟ 
 
-ايام قرطاج السينمائية مكسب وطني ثقافي جليل يقول المهاتما غاندي «الثقافة هي بيتي ولبيتي نافذة تفتح على ثقافات العالم».
 أيام قرطاج السينمائية احتضنت الكثير من الفنانين والمبدعين المتميزين بأعمالهم فأصبح بيتنا من خلال مدينة الثقافة هذا المعلم الثقافي الذي يشع على ثقافات العالم ولأن الثقافة ومبادئها وقيمها هي الحرية للإبداع والتميّز والتسامح سنبقى نتحدى دعاة الظلامية والتعصّب والكراهية والحقد. أيام قرطاج السينمائية أم التظاهرات المؤسسة لقيم الحب والجمال والتسامح والنضال لأجل كرامة الانسان. وبكل اسف أقول اليوم انني ومنذ2004 قاطعت هذه الايام التي تمجد الانتهازية وتحقر الكفاءات السينمائية الوطنية في تضارب وتناقض هع أهدافها التي من اجلها تأسست. 
ارتفعت عديد الأصوات هذه الأيام منادية بضرورة عودة تنظيم أيام قرطاج السينمائية الى الصيغة القديمة " دورة كل سنتين " كيف تنظر الى هذه المسالة؟ 
لاتعليق لي بخصوص هذه المسالة على اعتبار الغموض الذي يكتنفها. 
الى أي مدى يمكن اليوم الحديث عن صناعة سينمائية تونسية؟
 
تتوفر تونس اليوم على كل مقوّمات الصناعة السينمائية غير انها في المقابل تعاني من لامبالاة الخواص الذين يرفضون ضخ أموالهم لإنتاج فيلم سينمائي وأعتقد ان الحل يكمن في تغيير العقلية والنظر بأكثر ايجابية الى الفعل السينمائي من قبل هؤلاء الخواص. 
أي سر وراء هذا الغياب عن الظهور على الساحة السينمائية في تونس بدرجة أولى؟ 
 
ليس الامر كذلك.. السينما بالنسبة لي حلم لا حدود له ومن هذا المنطلق فانا انشط عضو بجمعية المخرجين السينمائيين التونسيين وقد اعددت سيناريو شريط روائي تدور أحداثه التاريخية في الفترة المعروفة بـ«وقائع الحرب العالمية الثانية في تونس" وهي مرحلة مجهولة في تاريخنا، مرحلة لم تتناولها السينما التونسية ولم تصدر في شأنها المؤلفات رغم أبعادها الكبيرة وتأثيراتها العميقة على نهاية هذه الحرب.. 
 
هل كتبت تاريخ الفترة التاريخية سينمائيا؟ -
نعم نظرا لأهمية هذه الفترة من تاريخ تونس
ما مدى حضور الذاتية في تحديد ملامح هذا العمل التاريخي؟ 
-في البداية أشير أن عنوان هذا العمل «سنوات العار» ويمكن القول إن هذا العمل في اللاوعي بداخلي، أنا من مواليد 17 ماي 1943 وهذا يعني انني عشت أطوار الحرب العالمية الثانية وأنا ما زلت في بطن أمي ولكن تابعتها من خلالها الى جانب والدي المالك لمغازة كبيرة في القصرين مسرح أكبر معركة خلال الحرب العالمية الثانية.  غادر والدي القصرين في اتجاه صيادة ( ولاية المنستير) ومع نهاية الحرب عاد حيث المغازة بالقصرين التي وجدها خاوية ، فارغة وهذا يعني اننا فقدنا كل شيء لنعيش الفقر المدفع ولمدة طويلة وحتى التعويض للمتضررين من هذه الحرب كان زهيدا بالنسبة للتونسيين.
 ومن هذا المنطلق أقول إن «معركة القصرين» من خلال فيلمي الروائي الجديد كان للاوعي دور كبير في تحديد ملامحه. 
 
 
  المخرج السينمائي الناصر القطاري لـ"الصباح":  انتظرت التكريم من تونس فجاءني من برلين
"تانيت" 1976ذكرى عزيزة ومصدر فخر لي في مسيرتي السينمائية **
عملي الجديد يكشف صفحات مجهولة من تاريخ تونس في فترة الاربعينات 
 
فيلمي "السفراء" أول من طرح موضوع الهجرة بعيدا عن "البكائية" و"المدرسة الابوية" 
تونس- الصباح 
 يتحول المخرج السينمائي الناصر القطاري اليوم السبت 11 فيفري الى برلين العاصمة الألمانية للمشاركة في تظاهرة سينمائية دولية تكريما واحتفاء به وسيتم بهذه المناسبة عرض فيلمه الطويل السفراء" وهو العمل الذي أهدى تونس اول تانيت ذهبي في مسابقة الأفلام الطويلة لأيام قرطاج السينمائية " دورة 1976" وانتظر الى دورة 2000 ليتوج بالتانيت البرنزي عن فيلم "حلو ومر" ومنذ تلك الفترة غاب عن الأيام وأصبح قليل الظهور في المحافل السينمائية، الناصر القطاري بتواضعه وبحسه الإبداعي التواق الى الأفضل والارقى والاجمل تحدث الى "الصباح" كاشفا عن هذا الاحتفاء به في برلين وعن مضمون عمله السينمائي الجديد والكثير من هواجسه السينمائية وهو العاشق للتاريخ في الحوار  التالي: 
 
حاوره : محسن بن أحمد 
 
التكريم في برلين العاصمة الألمانية ماذا يعني لك ؟ 
 
-سعدت كثيرا بهذه اللفتة من اهل السينما في المانيا من خلال المبادرة بتكريمي والاحتفاء بفيلمي " السفراء " الذي سيتم عرضه في اطار هذه التظاهرة وفي ذات الوقت احسست بالغبن والالم لان مثل هذا التكريم الذي انتظرته من بلدي تونس جاءني من برلين وتم اختيار "السفراء" للعرض ضمن فعاليات هذه التظاهرة السينمائية بألمانيا في اطار حملة تحسيسية لمناقشة إشكالية الهجرة بكل منعرجاتها ومطباتها على المستوى العالمي وبكل تواضع أقول اليوم – وبعد اكثر من أربعين سنة " ان "السفراء" هو اول فيلم تخطى المعهود في السينما من خلال طرح ومناقشة إشكالية "الهجرة " فقد تأسست السينما العالمية بخصوص موضوع الهجرة على توجهين ما يسمى بـ"المدرسة البكائية" وهذا يعني التذمر والبكاء والتألم في صمت و"المدرسة الابوية" ويعني القبول بالأمر الواقع والرضا بالموجود. 
وجاء فيلم " السفراء " ليؤسس لمدرسة الرفض والدعوة بصوت مرتفع للمعاملة على قدم المساواة.  فقد ارتفع صوت المهاجرين عاليا في " السفراء " معبرين عن رفضهم للعديد من الممارسات في حقهم واشير من جهة أخرى انني سأكون في شهر مارس القادم في مدينة برشلونة الاسبانية لعرض فيلم "السفراء" وتقديم محاضرة حول الفيلم ومضمونه ومناقشة إشكالية "الهجرة" وطريقة التعامل معها سينمائيا بدرجة أولى. 
 في  1976 اهديت أول "تانيت" ذهبي  لتونس ماذا بقي في الذاكرة؟ 
 
لقد حصل فيلم " السفراء" على عديد الجوائز العالمية وهي جوائز اسعدتني كثيرا.  لكن يبقى تانيت ايام قرطاج السينمائية سنة 1976 له وقع خاص وهو بالتالي أفضل تتويج واعتراف بأنني سينمائي قادر على تقديم أعمال ذات مضامين انسانية عميقة. 
وتراني اليوم اعتزّ أن أكون حلقة نيّرة من حلقات الابداع السينمائي في تونس، والابداع الثقافي حلقات وتراكمات لا تتوقف عند أحد ولكنها تترسّخ في الذاكرة الجماعية. 
هل هناك ذكرى خاصة تحتفظ بها أثناء تصوير «السفراء» منذ أكثر من أربعين سنة؟
-أشير الى أن الممثل الجزائري الكبير سيدي علي كوريت كان من أبطال هذا الفيلم وأذكر أن جريدة «المجاهد» الجزائرية تناولت العمل وكتبت عنوانا ضخما في صفحتها الأولى: Les" Ambassadeurs le film le plus Algérien des films Tunisiens"
لقد تناول «السفراء» الهجرة وسعيت في هذا الفيلم الى احترام الفسيفساء الاجتماعية للمهاجرين. 
 
أيام قرطاج السينمائية بعد اكثر من ثلاثين دورة كيف تبدو لك؟ 
 
-ايام قرطاج السينمائية مكسب وطني ثقافي جليل يقول المهاتما غاندي «الثقافة هي بيتي ولبيتي نافذة تفتح على ثقافات العالم».
 أيام قرطاج السينمائية احتضنت الكثير من الفنانين والمبدعين المتميزين بأعمالهم فأصبح بيتنا من خلال مدينة الثقافة هذا المعلم الثقافي الذي يشع على ثقافات العالم ولأن الثقافة ومبادئها وقيمها هي الحرية للإبداع والتميّز والتسامح سنبقى نتحدى دعاة الظلامية والتعصّب والكراهية والحقد. أيام قرطاج السينمائية أم التظاهرات المؤسسة لقيم الحب والجمال والتسامح والنضال لأجل كرامة الانسان. وبكل اسف أقول اليوم انني ومنذ2004 قاطعت هذه الايام التي تمجد الانتهازية وتحقر الكفاءات السينمائية الوطنية في تضارب وتناقض هع أهدافها التي من اجلها تأسست. 
ارتفعت عديد الأصوات هذه الأيام منادية بضرورة عودة تنظيم أيام قرطاج السينمائية الى الصيغة القديمة " دورة كل سنتين " كيف تنظر الى هذه المسالة؟ 
لاتعليق لي بخصوص هذه المسالة على اعتبار الغموض الذي يكتنفها. 
الى أي مدى يمكن اليوم الحديث عن صناعة سينمائية تونسية؟
 
تتوفر تونس اليوم على كل مقوّمات الصناعة السينمائية غير انها في المقابل تعاني من لامبالاة الخواص الذين يرفضون ضخ أموالهم لإنتاج فيلم سينمائي وأعتقد ان الحل يكمن في تغيير العقلية والنظر بأكثر ايجابية الى الفعل السينمائي من قبل هؤلاء الخواص. 
أي سر وراء هذا الغياب عن الظهور على الساحة السينمائية في تونس بدرجة أولى؟ 
 
ليس الامر كذلك.. السينما بالنسبة لي حلم لا حدود له ومن هذا المنطلق فانا انشط عضو بجمعية المخرجين السينمائيين التونسيين وقد اعددت سيناريو شريط روائي تدور أحداثه التاريخية في الفترة المعروفة بـ«وقائع الحرب العالمية الثانية في تونس" وهي مرحلة مجهولة في تاريخنا، مرحلة لم تتناولها السينما التونسية ولم تصدر في شأنها المؤلفات رغم أبعادها الكبيرة وتأثيراتها العميقة على نهاية هذه الحرب.. 
 
هل كتبت تاريخ الفترة التاريخية سينمائيا؟ -
نعم نظرا لأهمية هذه الفترة من تاريخ تونس
ما مدى حضور الذاتية في تحديد ملامح هذا العمل التاريخي؟ 
-في البداية أشير أن عنوان هذا العمل «سنوات العار» ويمكن القول إن هذا العمل في اللاوعي بداخلي، أنا من مواليد 17 ماي 1943 وهذا يعني انني عشت أطوار الحرب العالمية الثانية وأنا ما زلت في بطن أمي ولكن تابعتها من خلالها الى جانب والدي المالك لمغازة كبيرة في القصرين مسرح أكبر معركة خلال الحرب العالمية الثانية.  غادر والدي القصرين في اتجاه صيادة ( ولاية المنستير) ومع نهاية الحرب عاد حيث المغازة بالقصرين التي وجدها خاوية ، فارغة وهذا يعني اننا فقدنا كل شيء لنعيش الفقر المدفع ولمدة طويلة وحتى التعويض للمتضررين من هذه الحرب كان زهيدا بالنسبة للتونسيين.
 ومن هذا المنطلق أقول إن «معركة القصرين» من خلال فيلمي الروائي الجديد كان للاوعي دور كبير في تحديد ملامحه.