اي مشروع للمدير الجديد ازاء الارث الذي تركه خلفه الفاضل الجعايبي؟
تونس- الصباح
استقبل خبر تعيين المسرحي معز مرابط مديرا عاما جديدا للمسرح الوطني ( بعد اعلان ترشحات) بترحاب وحرص العديد من نشطاء الساحة الثقافية على التعبير عن استبشارهم بالحدث الذي اعلن عنه رسميا مساء الثلاثاء.
والحقيقة هناك ما يبرر هذا الترحيب الذي يتجاوز مسألة أن معز مرابط الفنان والاكاديمي والذي سبق له أن أدار المركز الثقافي الدولي بالحمامات والمهرجان الدولي للحمامات هو كفاءة ومشهود له في الساحة الفنية بأنه يحمل رؤية ثقافية متكاملة، ليعبر عن ارتياح لحلحلة مشكل طال نسبيا إلى درجة تثير الحيرة.
فقد ظل منصب مدير عام للمسرح الوطني شاغرا منذ نهاية ديسمبر 2020 تاريخ انتهاء مهام المسرحي الفاضل الجعايبي الذي ظل على رأس المؤسسة لمدة ستة أعوام.
فعلى الرغم من نشر أكثر من بلاغ للترشح للمنصب، ظلت الوظيفة شاغرة وتعطل نشاط المسرح الوطني رغم اهمية المؤسسة ورغم قميتها الفنية والاعتبارية. ولا ندري إن كان اسم الفاضل الجعايبي في حد ذاته كان له دوره في جعل التفكير يطول حول خليفته وهو الذي يمثل مدرسة في حد ذاته بحضوره ومبادراته وافكاره وانتاجه؟ فلا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما اختلفت الآراء حوله أن ننكر أن الفاضل الجعايبي هو فنان كبير وله هيبته في الساحة المسرحية بالبلاد وفي الساحة الثقافية عموما مثله مثل العديد من زملائه المسرحيين من ابناء جيله او ممن سبقوه في الميدان من الفاعلين والذين يعتبرون اصحاب مشاريع فنية متكاملة ولهم بصماتهم في مجالهم وأثرهم وتأثيرهم في مجالهم.
أو ربما يدخل الارث الذي تركه الفاضل الجعايبي في المسرح الوطني في المعادلة. فأسلوبه في ادارة المسرح الوطني خلفت جدلا لم ينته إلى اليوم وقد ساعد الفاضل الجعايبي على تغذية الجدل من خلال تصريحاته التي ولئن يعتبرها صاحبها تعبر عن حقيقة الوضع، فإنها تبدو للآخرين مستفزة وفيها شيئا من الغرور.
فالجعايبي حاول من وجه نظره اعادة الأمور إلى نصابها وتصحيح بعض الاشياء وخاصة مقاومة عقلية التواكل واستسهال العمل الاداري، وربط الحق في الوجود بالمؤسسة بالعمل والابداع والاستعداد للاضافة، وهو من جهة نظر بعض المختلفين معه طريقته، اقصائية وهناك من اعتبر المدير السابق للمسرح الوطني يمارس نوعا من الديكتاتورية دون أن ننسى " شبهة" التداخل في العمل بين المسرح الوطني وشركة الانتاج الخاصة " فاميليا للانتاج".
وقد سبق لنا شخصيا أن تحاورنا مع المسرحي الفاضل الجعايبي حول موضوع ادارته للمسرح الوطني وكان دقيقا في اجابته. فهو يشدد أنه قبل المهمة على راس المسرح الوطني ( باقتراح من الوزير مراد الصقلي حينها) بشروط ومن ضمنها الاستقلالية في العمل وممارسة وظيفته وفق رؤيته وتصوره لدور مؤسسة مثل مؤسسة المسرح الوطني قال وكرر أنه لما تسلمها وجدها وكأنها بناية آيلة للسقوط.
مدرسة الممثل وجدل لم ينته
ومن العناصر الخلافية يمكن أن نذكر تأسيسه لمدرسة الممثل التي تعتبر وكأنها تقوم بعمل مزدوج مع معاهد التمثيل بتونس. وقد نفى الفاضل الجعايبي في تصريح سابق لنا أن يكون في تأسيسه لمدرسة الممثل أي تحامل على المؤسسة الأكاديمية وقال فيما قال:"أن المؤسسة الجامعية تكوّن المدارك العقلية وتوفر الآليات الفكرية والنظرية، ما يجعل صاحب الشهادة الجامعية مؤهّل للتدريس مثلا. لكن التمكّن من صنعة التمثيل لا يتم إلا بعد التربص والاستفادة من كفاءات فاعلة من الأكاديميين والميدانيين. وهو ما توفره مدرسة الممثل والمسرح الشاب بالمسرح الوطني".
المهم لم تمر فترة الفاضل الجعايبي على رأس المسرح الوطني والتي خلف حينها المسرحي المعروف محمد ادريس، في صمت. فهي فترة منتجة حيث قدم فيها الجعايبي صحبة جليلة بكار شريكته في مسيرته المسرحية الطويلة وعدد من المسرحيين المعروفين ومن بينهم بالخصوص نعمان حمدة وفاطمة بن سعيدان وغيرهما مسرحيات هامة وظف فيها كالعادة التعبير المسرحي بجمالياته واعتمد على كفاءات شابة لطرح قضايا آنية حارقة على غرار المنزلقات التي يعيشها المجتمع ونعني بطبيعة الحال مسرحيات "عنف" و" خوف"و"مارتير". كانت اذن فترة منتجة لكنها لم تحقق الاجماع وظل اسلوب الفاضل الجعايبي في العمل بمؤسسة وطنية تنفق من المال العام وتعود بالنظر لوزارة الشؤون الثقافية موضوع خلاف جدل.
هل ستكون لمعز مرابط رؤية أخرى أم سيواصل في نفس الطريق الذي عبّده الجعايبي؟ هل سيعيد الحياة لبعض التجارب التي أسسها محمد ادريس مثل مدرسة السيرك، أم ستكون له مبادرات أخرى؟ هل سينهي الجدل حول دور مؤسسة المسرح الوطني بفتح نقاش صريح حول بعض الجوانب الاساسية، ومن بينها مثلا ما يتعلق بجوانب التمويل والنشاط المسرحي بالجهات وهل سينفتح أكثر على المشهد المسرحي بجميع مكوناته؟؟؟ كل هذه الاسئلة وغيرها يمكن طرحها وهي وليدة الظروف التي تسلم فيها معز مرابط مهمته الجديدة. صحيح، يتسلح معز مرابط بتكوينه العلمي بتونس وفرنسا وبتجربته الميدانية وبما يحمله من تصورات وافكار، ويعرف عنه من تعامل معه أنه يؤمن بفكرة العمل ضمن فريق عمل متكامل ومتعاون، لكنه تسلم المسؤولية في وقت يمكن القول أنه ليس عاديا. فقد ظلت مؤسسة المسرح الوطني معطلة عن العمل لاكثر من عامين مع ما يمكن أن ينتج عنه من تأخر في الكثير من الامور التي تهم المؤسسة بشكل مباشر أو ما يهم العمل المسرحي عموما، كما أنه وكما سبق وذكرنا، سيجد نفسه ازاء ارث ليس بهين وانتظارات كثيرة أيضا. وفي انتظار معرفة أي مشروع سيعتمده المسؤول الجديد، علينا ان نقر بأن تعيين مدير عام للمسرح الوطني في حد ذاته بعد شغور طال كثيرا حتى لاحت القضية وكأنها لن تحل ابدا، انجاز في ظروف تونس اليوم.
حياة السايب
اي مشروع للمدير الجديد ازاء الارث الذي تركه خلفه الفاضل الجعايبي؟
تونس- الصباح
استقبل خبر تعيين المسرحي معز مرابط مديرا عاما جديدا للمسرح الوطني ( بعد اعلان ترشحات) بترحاب وحرص العديد من نشطاء الساحة الثقافية على التعبير عن استبشارهم بالحدث الذي اعلن عنه رسميا مساء الثلاثاء.
والحقيقة هناك ما يبرر هذا الترحيب الذي يتجاوز مسألة أن معز مرابط الفنان والاكاديمي والذي سبق له أن أدار المركز الثقافي الدولي بالحمامات والمهرجان الدولي للحمامات هو كفاءة ومشهود له في الساحة الفنية بأنه يحمل رؤية ثقافية متكاملة، ليعبر عن ارتياح لحلحلة مشكل طال نسبيا إلى درجة تثير الحيرة.
فقد ظل منصب مدير عام للمسرح الوطني شاغرا منذ نهاية ديسمبر 2020 تاريخ انتهاء مهام المسرحي الفاضل الجعايبي الذي ظل على رأس المؤسسة لمدة ستة أعوام.
فعلى الرغم من نشر أكثر من بلاغ للترشح للمنصب، ظلت الوظيفة شاغرة وتعطل نشاط المسرح الوطني رغم اهمية المؤسسة ورغم قميتها الفنية والاعتبارية. ولا ندري إن كان اسم الفاضل الجعايبي في حد ذاته كان له دوره في جعل التفكير يطول حول خليفته وهو الذي يمثل مدرسة في حد ذاته بحضوره ومبادراته وافكاره وانتاجه؟ فلا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما اختلفت الآراء حوله أن ننكر أن الفاضل الجعايبي هو فنان كبير وله هيبته في الساحة المسرحية بالبلاد وفي الساحة الثقافية عموما مثله مثل العديد من زملائه المسرحيين من ابناء جيله او ممن سبقوه في الميدان من الفاعلين والذين يعتبرون اصحاب مشاريع فنية متكاملة ولهم بصماتهم في مجالهم وأثرهم وتأثيرهم في مجالهم.
أو ربما يدخل الارث الذي تركه الفاضل الجعايبي في المسرح الوطني في المعادلة. فأسلوبه في ادارة المسرح الوطني خلفت جدلا لم ينته إلى اليوم وقد ساعد الفاضل الجعايبي على تغذية الجدل من خلال تصريحاته التي ولئن يعتبرها صاحبها تعبر عن حقيقة الوضع، فإنها تبدو للآخرين مستفزة وفيها شيئا من الغرور.
فالجعايبي حاول من وجه نظره اعادة الأمور إلى نصابها وتصحيح بعض الاشياء وخاصة مقاومة عقلية التواكل واستسهال العمل الاداري، وربط الحق في الوجود بالمؤسسة بالعمل والابداع والاستعداد للاضافة، وهو من جهة نظر بعض المختلفين معه طريقته، اقصائية وهناك من اعتبر المدير السابق للمسرح الوطني يمارس نوعا من الديكتاتورية دون أن ننسى " شبهة" التداخل في العمل بين المسرح الوطني وشركة الانتاج الخاصة " فاميليا للانتاج".
وقد سبق لنا شخصيا أن تحاورنا مع المسرحي الفاضل الجعايبي حول موضوع ادارته للمسرح الوطني وكان دقيقا في اجابته. فهو يشدد أنه قبل المهمة على راس المسرح الوطني ( باقتراح من الوزير مراد الصقلي حينها) بشروط ومن ضمنها الاستقلالية في العمل وممارسة وظيفته وفق رؤيته وتصوره لدور مؤسسة مثل مؤسسة المسرح الوطني قال وكرر أنه لما تسلمها وجدها وكأنها بناية آيلة للسقوط.
مدرسة الممثل وجدل لم ينته
ومن العناصر الخلافية يمكن أن نذكر تأسيسه لمدرسة الممثل التي تعتبر وكأنها تقوم بعمل مزدوج مع معاهد التمثيل بتونس. وقد نفى الفاضل الجعايبي في تصريح سابق لنا أن يكون في تأسيسه لمدرسة الممثل أي تحامل على المؤسسة الأكاديمية وقال فيما قال:"أن المؤسسة الجامعية تكوّن المدارك العقلية وتوفر الآليات الفكرية والنظرية، ما يجعل صاحب الشهادة الجامعية مؤهّل للتدريس مثلا. لكن التمكّن من صنعة التمثيل لا يتم إلا بعد التربص والاستفادة من كفاءات فاعلة من الأكاديميين والميدانيين. وهو ما توفره مدرسة الممثل والمسرح الشاب بالمسرح الوطني".
المهم لم تمر فترة الفاضل الجعايبي على رأس المسرح الوطني والتي خلف حينها المسرحي المعروف محمد ادريس، في صمت. فهي فترة منتجة حيث قدم فيها الجعايبي صحبة جليلة بكار شريكته في مسيرته المسرحية الطويلة وعدد من المسرحيين المعروفين ومن بينهم بالخصوص نعمان حمدة وفاطمة بن سعيدان وغيرهما مسرحيات هامة وظف فيها كالعادة التعبير المسرحي بجمالياته واعتمد على كفاءات شابة لطرح قضايا آنية حارقة على غرار المنزلقات التي يعيشها المجتمع ونعني بطبيعة الحال مسرحيات "عنف" و" خوف"و"مارتير". كانت اذن فترة منتجة لكنها لم تحقق الاجماع وظل اسلوب الفاضل الجعايبي في العمل بمؤسسة وطنية تنفق من المال العام وتعود بالنظر لوزارة الشؤون الثقافية موضوع خلاف جدل.
هل ستكون لمعز مرابط رؤية أخرى أم سيواصل في نفس الطريق الذي عبّده الجعايبي؟ هل سيعيد الحياة لبعض التجارب التي أسسها محمد ادريس مثل مدرسة السيرك، أم ستكون له مبادرات أخرى؟ هل سينهي الجدل حول دور مؤسسة المسرح الوطني بفتح نقاش صريح حول بعض الجوانب الاساسية، ومن بينها مثلا ما يتعلق بجوانب التمويل والنشاط المسرحي بالجهات وهل سينفتح أكثر على المشهد المسرحي بجميع مكوناته؟؟؟ كل هذه الاسئلة وغيرها يمكن طرحها وهي وليدة الظروف التي تسلم فيها معز مرابط مهمته الجديدة. صحيح، يتسلح معز مرابط بتكوينه العلمي بتونس وفرنسا وبتجربته الميدانية وبما يحمله من تصورات وافكار، ويعرف عنه من تعامل معه أنه يؤمن بفكرة العمل ضمن فريق عمل متكامل ومتعاون، لكنه تسلم المسؤولية في وقت يمكن القول أنه ليس عاديا. فقد ظلت مؤسسة المسرح الوطني معطلة عن العمل لاكثر من عامين مع ما يمكن أن ينتج عنه من تأخر في الكثير من الامور التي تهم المؤسسة بشكل مباشر أو ما يهم العمل المسرحي عموما، كما أنه وكما سبق وذكرنا، سيجد نفسه ازاء ارث ليس بهين وانتظارات كثيرة أيضا. وفي انتظار معرفة أي مشروع سيعتمده المسؤول الجديد، علينا ان نقر بأن تعيين مدير عام للمسرح الوطني في حد ذاته بعد شغور طال كثيرا حتى لاحت القضية وكأنها لن تحل ابدا، انجاز في ظروف تونس اليوم.