ليست هنالك خطيئة أعظم من اضطهاد الناس في حقوقهم وحرمانهم من العيش بأمان . إن العنف هو عالم الشر حيث تحكم الفوضى فقط.
يكفي المرء جولة صغيرة في قلب العاصمة، ليكتشف درجة السقوط القيمي والأخلاقي الذي بلغه مجتمعنا. مشهدية تذكرنا بحكايات كتاب هربرت أسبيري عن عصابات نيويورك، الذي أخرجه ذلك المبدع الكبير سكورسيزي الى السينما. لا تستطيع ان تعبر أمتارا دون ان تُصدم بمن يستدرجك لشراء قطعة او يستفزّك او يثير داخلك رعبا بنظرة الحقد والكراهية. من المستحيلات السبع ان تركن سيارتك دون ان يواجهك احد هؤلاء قطّاع الطرق الجدد بالمطالبة بمبلغ لا يقلّ عن دينارين او ثلاثة. الشوارع محجوزة بالاسطل والصناديق الفارغة والكراطين والكراسي المكسرة وقطع الحجارة وحتى اعمدة حديدية من قبل عصابات قسًمت فيما بينها احياء وشوارع العاصمة بحدود مضبوطة، لا يمكن لأي واحد ان ينتهك او يتجاوز حدود الآخر. انّها وقائع غريبة تحدث فى شوارعنا لم نتعود عليها أبدا من قبل. فالبلطجة "صناعة" دخيلة في مجتمعنا، للعلم فانّ الكلمة مركّبة من "بلطه" أداة حادة معروفة لها ذراع خشبية تستخدم أساسًا في الغابات لقطع الأشجار و"جي" كلمة تركية الأصل نسبة إلى الحرفة فيكون البلطجي هو حامل البلطة اي ذلك الشخص الذي ينتهج القوة غير المشروعة في سبيل الوصول إلى غاية شخصية ما. يتخطى العنف الزمن والثقافات والطبقات الاجتماعية، بمجرد أن نحاول احتواءه أو توجيهه، فإنه يعاود الظهور في مكان آخر، بشكل آخر، اليوم، يبدو أنه موجود ومنتشر في كل مكان. لا شك أن ما يبثّ من مسلسلات وبرامج على شاشات بعض القنوات الخاصة لعبت دورا خطيرا في تشكيل وعي جديد للمجتمع، فمثلا ليصبح البطل والمثل الأعلى لدى بعض شبابنا ذلك المجرم و زعيم العصابة والمخالف لكلّ القوانين والمرجع والقدوة في السّلوك والشكل والمظهر والأفعال. لقد تمّ تأسيس حالة من اللامبالاة تجاه اي فعل ضبط اجتماعي، وذلك بسبب عدم وجود ايّ أشكال من الاستجابة القانونية التي هي حكر للسلطات إضافة الى استقالة الأسرة والمجتمع أمام تفاقم ظواهر غدت. تهدّد السّلم الاجتماعي. نحن نؤسّس لوضع مجتمعي سمته تتمثّل في تفشّي الوقاحة وأشكال البلطجة بأنواعها المختلفة المنظمة المؤلفة من عدد من الأفراد الذين يتقاسمون الأدوار والبلطجة الاجتماعية الموصولة بسلوكات منفردة او حتى إدارية بمظاهر الفوضى والتجاوز التي تحصل في المرفق العمومي. عندما تقوم كراهية الآخر على أساس التمييز الطبقي والاختلافات، يمكن للشخص الذي ينوي الإساءة أو ترهيب من يختلف معه أن يستخدم جميع نقاط الضعف الملحوظة في الشخص المستهدف لإيذائه. قد يشمل ذلك، في بعض الحالات، الاختلافات القائمة على عدم المساواة الاجتماعية. تُعرَّف البلطجة التي هي أبشع جريمة ترتكب في حياتنا اليومية، بأنها فعل مخالِف يأتيه من يسكنه شعور بالنقصان والرّفض لرغبته في أن يتم الاعتراف به والاستسلام لعنفه على ما يدعي أنه السّلوك الطبيعي والعادي حتى لو كان بالتنمر والاستقواء، من خلال تكريس سلطة حول مجال حيوي يستبيحه كشارع او حي او فضاء عام. العنف عبارة عن وحش مجنون اذا لم نضع حدّا له فانه لن يمكننا أبداً أن نسيطر عليه، هذه حالنا اليوم، كأن من بيدهم الأمر استسلموا لهذا الواقع المرير !.
يرويها: أبوبكر الصغير
ليست هنالك خطيئة أعظم من اضطهاد الناس في حقوقهم وحرمانهم من العيش بأمان . إن العنف هو عالم الشر حيث تحكم الفوضى فقط.
يكفي المرء جولة صغيرة في قلب العاصمة، ليكتشف درجة السقوط القيمي والأخلاقي الذي بلغه مجتمعنا. مشهدية تذكرنا بحكايات كتاب هربرت أسبيري عن عصابات نيويورك، الذي أخرجه ذلك المبدع الكبير سكورسيزي الى السينما. لا تستطيع ان تعبر أمتارا دون ان تُصدم بمن يستدرجك لشراء قطعة او يستفزّك او يثير داخلك رعبا بنظرة الحقد والكراهية. من المستحيلات السبع ان تركن سيارتك دون ان يواجهك احد هؤلاء قطّاع الطرق الجدد بالمطالبة بمبلغ لا يقلّ عن دينارين او ثلاثة. الشوارع محجوزة بالاسطل والصناديق الفارغة والكراطين والكراسي المكسرة وقطع الحجارة وحتى اعمدة حديدية من قبل عصابات قسًمت فيما بينها احياء وشوارع العاصمة بحدود مضبوطة، لا يمكن لأي واحد ان ينتهك او يتجاوز حدود الآخر. انّها وقائع غريبة تحدث فى شوارعنا لم نتعود عليها أبدا من قبل. فالبلطجة "صناعة" دخيلة في مجتمعنا، للعلم فانّ الكلمة مركّبة من "بلطه" أداة حادة معروفة لها ذراع خشبية تستخدم أساسًا في الغابات لقطع الأشجار و"جي" كلمة تركية الأصل نسبة إلى الحرفة فيكون البلطجي هو حامل البلطة اي ذلك الشخص الذي ينتهج القوة غير المشروعة في سبيل الوصول إلى غاية شخصية ما. يتخطى العنف الزمن والثقافات والطبقات الاجتماعية، بمجرد أن نحاول احتواءه أو توجيهه، فإنه يعاود الظهور في مكان آخر، بشكل آخر، اليوم، يبدو أنه موجود ومنتشر في كل مكان. لا شك أن ما يبثّ من مسلسلات وبرامج على شاشات بعض القنوات الخاصة لعبت دورا خطيرا في تشكيل وعي جديد للمجتمع، فمثلا ليصبح البطل والمثل الأعلى لدى بعض شبابنا ذلك المجرم و زعيم العصابة والمخالف لكلّ القوانين والمرجع والقدوة في السّلوك والشكل والمظهر والأفعال. لقد تمّ تأسيس حالة من اللامبالاة تجاه اي فعل ضبط اجتماعي، وذلك بسبب عدم وجود ايّ أشكال من الاستجابة القانونية التي هي حكر للسلطات إضافة الى استقالة الأسرة والمجتمع أمام تفاقم ظواهر غدت. تهدّد السّلم الاجتماعي. نحن نؤسّس لوضع مجتمعي سمته تتمثّل في تفشّي الوقاحة وأشكال البلطجة بأنواعها المختلفة المنظمة المؤلفة من عدد من الأفراد الذين يتقاسمون الأدوار والبلطجة الاجتماعية الموصولة بسلوكات منفردة او حتى إدارية بمظاهر الفوضى والتجاوز التي تحصل في المرفق العمومي. عندما تقوم كراهية الآخر على أساس التمييز الطبقي والاختلافات، يمكن للشخص الذي ينوي الإساءة أو ترهيب من يختلف معه أن يستخدم جميع نقاط الضعف الملحوظة في الشخص المستهدف لإيذائه. قد يشمل ذلك، في بعض الحالات، الاختلافات القائمة على عدم المساواة الاجتماعية. تُعرَّف البلطجة التي هي أبشع جريمة ترتكب في حياتنا اليومية، بأنها فعل مخالِف يأتيه من يسكنه شعور بالنقصان والرّفض لرغبته في أن يتم الاعتراف به والاستسلام لعنفه على ما يدعي أنه السّلوك الطبيعي والعادي حتى لو كان بالتنمر والاستقواء، من خلال تكريس سلطة حول مجال حيوي يستبيحه كشارع او حي او فضاء عام. العنف عبارة عن وحش مجنون اذا لم نضع حدّا له فانه لن يمكننا أبداً أن نسيطر عليه، هذه حالنا اليوم، كأن من بيدهم الأمر استسلموا لهذا الواقع المرير !.