إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ليست تنبؤات.. هذا ما ينتظر تونس والعالم في 2023

بقلم:د.ريم بالخذيري

* من المنتظر أن يتواصل نزيف الخسائر خاصة مع اصرار روسيا على اطالة أمد الحرب
 
رئيسة المنتدى التونسي للاستشعار ومقاومة الجريمة الاقتصادية
استقبل العالم الأسبوع الفارط العام 2023 وهو منهك بسبب تراكمات السنوات الثلاث الماضية وهما سنتي الكورونا (2020/2021) وسنة الحرب الروسية الاوكرانية والتي لا تزال مستمرة الى اليوم. وهو ما يؤكد أن السنة الجديدة لن تكون أفضل من سابقاتها بل ستكون الأصعب وستفجّر أزمة عالمية غير مسبوقة.
واستقبل التونسيون العام 2023 بنسبة تشاؤم هي الأعلى منذ تسع سنوات حيث بلغت وفق سبر آراء حديث بنسبة 31 بالمائة وهي تعدّ مرتفعة وفق مراكز سبر الآراء الوطنية والدولية  حيث يعد الشعب البلجيكي الأكثر تشاؤما بالسنة الجديدة بنسبة بنسبة 27٪.
وهذا التشاؤم له ما يبرّره عند أغلب الشعوب حيث كانت السنة 2022 مخيبة للآمال بعد تفاؤل كبير بتحسّن حياة الناس وانتعاش الاقتصاد العالمي بعد سنتين من الانغلاق والشلل بداعي جائحة كورونا. لكن تفجّر الحرب الروسية الأوكرانية في شهر فيفري وتواصلها أصاب الناس بالرعب وجعلهم يخافون لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى على معيشتهم اليومية خاصة على مستوى الغذاء والغاز .
ويبدو أنّ الأزمة ستكون مضاعفة خاصة مع التغيرات المناخية المنتظرة والكورونا التي بدأت تطلّ برأسها من جديد.
بين العالم وتونس وبعيدا عن التنبؤات هذا ما ينتظر العالم والتونسيين في 2023. 
كابوس الكورونا يعود
أواخر السنة 2022 شهدت عودة قوية للكورونا في عدد من الدول و خاصة في الصين ما أعاد للأذهان الكابوس الذي عاشته البشرية لسنتين متتاليتين حيث تمّ تسجيل نحو 250 مليون شخص في الصين أو ما يعادل 18% من السكان خلال الأيام العشرين الأولى من ديسمبر.
ويأتي  هذا الانفجار المفاجئ  بسبب  قرار بكين  التخلّي  عن سياستها السابقة "صفر كوفيد"، التي أبقت الفيروس محاصرا من خلال الاختبارات الجماعية والحجر الصحي الإلزامي وعمليات الإغلاق الصارمة.وهذا القرار جعل العالم يعيش رعبا حقيقيا و سارعت عديد الدول الى محاولة الاحتواء الفيروس  من خلال فرض قيود(اختبار سلبي للفيروس أو الخضوع لاختبار عند الوصول.) على الرحلات القادمة اليها من الصين على غرار كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وكذلك فعلت المغرب. ومن المنتظر أن يعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعا في الغرض لاتخاذ قرر موحد بشأن التصدي لهذه الجائحة المتجددة.وقد استبقت الصين ذلك  بتصريح  لوزارة الخارجية الصينية  قالت فيه  إن على الاتحاد الأوروبي تقييم وضع جائحة كوفيد في الصين "بموضوعية وإنصاف".
وبالتأكيد ستتضاعف خسائر العالم في السنة الحالية حيث أعلن صندوق النقد الدولي أن المتحور أو ميكرون يخلق عراقيل في طريق الاقتصاد العالمي، الذي سيتباطأ نموه العام الجاري، خصوصا في أكبر قوتين اقتصاديتين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. حيث قالت النائبة الأولى للمدير العام للصندوق غيتا غوبيناث في تصريح أن مجموع الخسائر الاقتصادية المتراكمة المتوقعة التي سيتسبب بها الوباء على مدى خمس سنوات سيبلغ حوالى 14 تريليون دولار حتى نهاية العام 2024، مقارنة بتوقعات ما قبل الوباء.
حرب عالميةغير تقليدية
بات من شبه المؤكّد أن الحرب الروسية الأوكرانية لن تنهي في 2023 بل أنها ستكون بمثابة الاعلان الرسمي عن اندلاع حرب عالمية ثالثة بآليات غير تقليدية  سيكون الاقتصاد سلاحها الفتّاك فضلا عن دفع أوربا وأمركا بمزيد الأسلحة الى أوكرانيا ومواصلة ايران دعم روسيا وكذلك الصين .
وقد بلغت خسائر العالم من هذه الحرب في عامها الأول 12ترليون دولار. وهـو مـا يمثل 5 أضعاف الناتج المحلي لقارة إفريقيا بأسرها للعام الماضي.
وكانت أوروبا أكبر المتضررين اذ تشير التقارير إلى أن هذه الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لأكبر أربع دول  أوروبية وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، فضلا عن أن هذه الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لـ6 دول مـن النمور الآسيوية والمتقدمة في قارة آسيا.
والنتيجة بلوغ  معدلات التضخم العالمـي الى حدود شهر جويلية 2022 إلى 7.7% على أساس سنوي.
ومن المنتظر أن يتواصل نزيف الخسائر خاصة مع اصرار روسيا على اطالة أمد الحرب أملا في أن تؤدي عوامل -مثل نقص الطاقة والتحوّلات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة- إلى تقويض الدعم لأوكرانيا وهذا ما يفسر تسارع وتيرة الدعم العسكري الغربي لكييف وعزمه علىإنهاء الحرب في أسرع وقت مع الحرص على عدم تمددها جغرافيا لدول أخرى.
الخبراء الغربيون  شبه متأكدين من صعوبة العام 2023 حيث ستعاني الاقتصادات الكبرى ركودا اقتصاديا على خلفية رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة، ضمن محاولتها احتواء معدلات التضخم التي ارتفعت عقب جائحة كورونا لتبلغ مستويات قياسية مع ارتفاع أسعار الطاقة. لكن الولايات المتحدة ربما لا تتأثر بشكل كبير بهذا الركود، على عكس أوروبا.
وبالتأكيد ستتضرر كل الدول المرتبطة تجاريا وماليا بأوروبا على غرار تونس.
تونس ..ضياع البوصلة
في ظل ما حدث في 2022 والمؤشرات المصاحبة من المؤكّد أن سنة 2023 ستكون صعبة جدّا على التونسيين حيث يتواصل الارتفاع الصاروخي للتضخم وسيتجاوز11بالمائة مع ما سيصاحب ذلك من تواصل الارتفاع في المواد الغذائية وندرتها اذ تشير معطيات مؤكدة الى قرب نفاذ المخزون الاستراتيجي من الحليب وتراجع مذهل في الثروة الحيوانية اذ من المنتظرعلى شبيل المثال أن يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء الأربعين دينارا .
وقد أكد محافظ البنك المركزي التونسي أن هذا العام سيكون صعبا جدا خاصة اذا لم يتم التوصل الى اتفاق مع صندوق  النقد الدولي بخصوص قرض لا يعتبر هاما في حد ذاته وانما يعتبر بمثابة ضمان وحافز لتونس للخروج الى الأسواق الدولية والاقتراض الثنائي بنسب فائدة معقولة. لكن خبراء تونسيون يؤكدون على صعوبة التوصل لهذا الاتفاق في حين يرى البعض الاخر أن الاتفاق المبدئي بين تونس والصندوق أصبح من الماضي. 
وما زاد الطين بلة هو قانون المالية الذي جاء مثقلا بالجباية ويلاقي معارضة واسعة له رغم اقرار الحكومة بالإكراهات التي أملته .الا أن ذلك سينعكس على المواطن في قوته اليومي وعلى الشركات منذ الأشهر الأولى لهذه السنة ما ينبأ بانفجار اجتماعي على الحكومة أن تعمل منذ الان على احتوائه. وذلك لا يتم سوى بالتحاور مع مختلف الأطراف الاجتماعية والمنظمات وتوسيع دائرة الأسواق الخارجية خاصة وأن الجفاف أصبح يهدد البلاد ونتيجته ستكون كارثية على الفلاحة والمواشي .
غير أن المؤشرات لا تدل على اقتراب الجلوس على طاولة الحوار وذلك بسبب تشضّي المشهد السياسي وتوتره والذي كان له انعكاس على الاقتصاد في السنة الفارطة لكن تأثيره سيكون كارثيا هذه السنة مالم يتم فصل المسار السياسي عن الاقتصادي.
 
 
ليست تنبؤات.. هذا ما ينتظر تونس والعالم في 2023

بقلم:د.ريم بالخذيري

* من المنتظر أن يتواصل نزيف الخسائر خاصة مع اصرار روسيا على اطالة أمد الحرب
 
رئيسة المنتدى التونسي للاستشعار ومقاومة الجريمة الاقتصادية
استقبل العالم الأسبوع الفارط العام 2023 وهو منهك بسبب تراكمات السنوات الثلاث الماضية وهما سنتي الكورونا (2020/2021) وسنة الحرب الروسية الاوكرانية والتي لا تزال مستمرة الى اليوم. وهو ما يؤكد أن السنة الجديدة لن تكون أفضل من سابقاتها بل ستكون الأصعب وستفجّر أزمة عالمية غير مسبوقة.
واستقبل التونسيون العام 2023 بنسبة تشاؤم هي الأعلى منذ تسع سنوات حيث بلغت وفق سبر آراء حديث بنسبة 31 بالمائة وهي تعدّ مرتفعة وفق مراكز سبر الآراء الوطنية والدولية  حيث يعد الشعب البلجيكي الأكثر تشاؤما بالسنة الجديدة بنسبة بنسبة 27٪.
وهذا التشاؤم له ما يبرّره عند أغلب الشعوب حيث كانت السنة 2022 مخيبة للآمال بعد تفاؤل كبير بتحسّن حياة الناس وانتعاش الاقتصاد العالمي بعد سنتين من الانغلاق والشلل بداعي جائحة كورونا. لكن تفجّر الحرب الروسية الأوكرانية في شهر فيفري وتواصلها أصاب الناس بالرعب وجعلهم يخافون لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى على معيشتهم اليومية خاصة على مستوى الغذاء والغاز .
ويبدو أنّ الأزمة ستكون مضاعفة خاصة مع التغيرات المناخية المنتظرة والكورونا التي بدأت تطلّ برأسها من جديد.
بين العالم وتونس وبعيدا عن التنبؤات هذا ما ينتظر العالم والتونسيين في 2023. 
كابوس الكورونا يعود
أواخر السنة 2022 شهدت عودة قوية للكورونا في عدد من الدول و خاصة في الصين ما أعاد للأذهان الكابوس الذي عاشته البشرية لسنتين متتاليتين حيث تمّ تسجيل نحو 250 مليون شخص في الصين أو ما يعادل 18% من السكان خلال الأيام العشرين الأولى من ديسمبر.
ويأتي  هذا الانفجار المفاجئ  بسبب  قرار بكين  التخلّي  عن سياستها السابقة "صفر كوفيد"، التي أبقت الفيروس محاصرا من خلال الاختبارات الجماعية والحجر الصحي الإلزامي وعمليات الإغلاق الصارمة.وهذا القرار جعل العالم يعيش رعبا حقيقيا و سارعت عديد الدول الى محاولة الاحتواء الفيروس  من خلال فرض قيود(اختبار سلبي للفيروس أو الخضوع لاختبار عند الوصول.) على الرحلات القادمة اليها من الصين على غرار كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وكذلك فعلت المغرب. ومن المنتظر أن يعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعا في الغرض لاتخاذ قرر موحد بشأن التصدي لهذه الجائحة المتجددة.وقد استبقت الصين ذلك  بتصريح  لوزارة الخارجية الصينية  قالت فيه  إن على الاتحاد الأوروبي تقييم وضع جائحة كوفيد في الصين "بموضوعية وإنصاف".
وبالتأكيد ستتضاعف خسائر العالم في السنة الحالية حيث أعلن صندوق النقد الدولي أن المتحور أو ميكرون يخلق عراقيل في طريق الاقتصاد العالمي، الذي سيتباطأ نموه العام الجاري، خصوصا في أكبر قوتين اقتصاديتين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. حيث قالت النائبة الأولى للمدير العام للصندوق غيتا غوبيناث في تصريح أن مجموع الخسائر الاقتصادية المتراكمة المتوقعة التي سيتسبب بها الوباء على مدى خمس سنوات سيبلغ حوالى 14 تريليون دولار حتى نهاية العام 2024، مقارنة بتوقعات ما قبل الوباء.
حرب عالميةغير تقليدية
بات من شبه المؤكّد أن الحرب الروسية الأوكرانية لن تنهي في 2023 بل أنها ستكون بمثابة الاعلان الرسمي عن اندلاع حرب عالمية ثالثة بآليات غير تقليدية  سيكون الاقتصاد سلاحها الفتّاك فضلا عن دفع أوربا وأمركا بمزيد الأسلحة الى أوكرانيا ومواصلة ايران دعم روسيا وكذلك الصين .
وقد بلغت خسائر العالم من هذه الحرب في عامها الأول 12ترليون دولار. وهـو مـا يمثل 5 أضعاف الناتج المحلي لقارة إفريقيا بأسرها للعام الماضي.
وكانت أوروبا أكبر المتضررين اذ تشير التقارير إلى أن هذه الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لأكبر أربع دول  أوروبية وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، فضلا عن أن هذه الخسائر تعادل الناتج المحلي الإجمالي لـ6 دول مـن النمور الآسيوية والمتقدمة في قارة آسيا.
والنتيجة بلوغ  معدلات التضخم العالمـي الى حدود شهر جويلية 2022 إلى 7.7% على أساس سنوي.
ومن المنتظر أن يتواصل نزيف الخسائر خاصة مع اصرار روسيا على اطالة أمد الحرب أملا في أن تؤدي عوامل -مثل نقص الطاقة والتحوّلات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة- إلى تقويض الدعم لأوكرانيا وهذا ما يفسر تسارع وتيرة الدعم العسكري الغربي لكييف وعزمه علىإنهاء الحرب في أسرع وقت مع الحرص على عدم تمددها جغرافيا لدول أخرى.
الخبراء الغربيون  شبه متأكدين من صعوبة العام 2023 حيث ستعاني الاقتصادات الكبرى ركودا اقتصاديا على خلفية رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة، ضمن محاولتها احتواء معدلات التضخم التي ارتفعت عقب جائحة كورونا لتبلغ مستويات قياسية مع ارتفاع أسعار الطاقة. لكن الولايات المتحدة ربما لا تتأثر بشكل كبير بهذا الركود، على عكس أوروبا.
وبالتأكيد ستتضرر كل الدول المرتبطة تجاريا وماليا بأوروبا على غرار تونس.
تونس ..ضياع البوصلة
في ظل ما حدث في 2022 والمؤشرات المصاحبة من المؤكّد أن سنة 2023 ستكون صعبة جدّا على التونسيين حيث يتواصل الارتفاع الصاروخي للتضخم وسيتجاوز11بالمائة مع ما سيصاحب ذلك من تواصل الارتفاع في المواد الغذائية وندرتها اذ تشير معطيات مؤكدة الى قرب نفاذ المخزون الاستراتيجي من الحليب وتراجع مذهل في الثروة الحيوانية اذ من المنتظرعلى شبيل المثال أن يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء الأربعين دينارا .
وقد أكد محافظ البنك المركزي التونسي أن هذا العام سيكون صعبا جدا خاصة اذا لم يتم التوصل الى اتفاق مع صندوق  النقد الدولي بخصوص قرض لا يعتبر هاما في حد ذاته وانما يعتبر بمثابة ضمان وحافز لتونس للخروج الى الأسواق الدولية والاقتراض الثنائي بنسب فائدة معقولة. لكن خبراء تونسيون يؤكدون على صعوبة التوصل لهذا الاتفاق في حين يرى البعض الاخر أن الاتفاق المبدئي بين تونس والصندوق أصبح من الماضي. 
وما زاد الطين بلة هو قانون المالية الذي جاء مثقلا بالجباية ويلاقي معارضة واسعة له رغم اقرار الحكومة بالإكراهات التي أملته .الا أن ذلك سينعكس على المواطن في قوته اليومي وعلى الشركات منذ الأشهر الأولى لهذه السنة ما ينبأ بانفجار اجتماعي على الحكومة أن تعمل منذ الان على احتوائه. وذلك لا يتم سوى بالتحاور مع مختلف الأطراف الاجتماعية والمنظمات وتوسيع دائرة الأسواق الخارجية خاصة وأن الجفاف أصبح يهدد البلاد ونتيجته ستكون كارثية على الفلاحة والمواشي .
غير أن المؤشرات لا تدل على اقتراب الجلوس على طاولة الحوار وذلك بسبب تشضّي المشهد السياسي وتوتره والذي كان له انعكاس على الاقتصاد في السنة الفارطة لكن تأثيره سيكون كارثيا هذه السنة مالم يتم فصل المسار السياسي عن الاقتصادي.