*هناك طلب متزايد على الطاقة والغذاء في العالم أدى إلى ارتفاع الأثمان في كل أنحاء المعمورة وليست تونس الاستثناء
ليس قانون المالية مجرد رسم لسبل انفاق المالية العمومية بقدر ما هو أداة سياسية بامتياز. هذا أمر متعارف عليه في كل الأنظمة السياسية. ويزداد الأمر تأكدا في التجربة التونسية منذ عقود وتكفي الإشارة هنا إلى أن الزعيم الحبيب بورقيبة قد أعتمد نقد الميزانية التي وضعتها الحماية الفرنسية للشعب التونسي مدخلا لإبراز ما في سياسات الاستعمار الفرنسي من حيث وظلم لعموم التونسيين. ولا شك أنه لم تمر سنة دوت توجيه انتقادات لقانون المالية لأن كل قانون مالية يعكس توازنات سياسية معينة وغالبا ما يمنح امتيازات لفئات على حساب أخرى. ومن أكبر الانتقادات التي ترافق كل قانون للمالية غياب التوقع حسب الأهداف وأيضا تغليب المقاربة الجبائية والمحاسبية على الاعتبارات الأخرى.
ولكن قانون المالية الجديد يمثل تكريسا لكل السلبيات ويضاف إليها سلبيات أخرى. قد يعتبر البعض أن القانون الحالي هو قانون الضرورة لأنه انبنى على معطيات مالية واقتصادية هي وليدة سياسات مورست على امتداد العشرية الأخيرة وأدت إلى ضرب كل التوازنات المالية والاقتصادية للدولة . هذا عنصر مهم ومن الضروري أخذه بعين الاعتبار ولكنه لا يمثل "عامل تخفيف" في ما يتعلق بما حفل به قانون المالية الجديد من سلبيات. هناك طغيان مبالغ فيه للجباية بطريقة من شأنها أن تربك الحياة الاقتصادية وأن تزيد في متاعب المواطنين. الإفراط في ممارسة الضغط الجبائي لا يمكن إلا أن يضرب في العمق مفهوم الجباية بمعناها الحديث وأن يضخم من جانب الإكراه خاصة وأن التضخم المالي قد زاد الطين بلة. ومن أكبر سلبيات قانون المالية الجديد أنه يزيد في الحد من القدرة التنافسية للنسيج الاقتصادي التونسي بل ويهدد قطاعات بأكملها كقطاع التصدير. وفي اعتقادي فإن قانون المالية الجديد قد صيغ في عزلة عن المستجدات الوطنية والعالمية. هناك طلب متزايد على الطاقة والغذاء في العالم أدى إلى ارتفاع الأثمان في كل أنحاء المعمورة وليست تونس الاستثناء. قانون المالية الجديد أهمل هذا العنصر وغابت عنه الحوافز والتشجيعات التي كان من المفترض أن تقدم لمن يريد الإستثمار في الفلاحة والطاقة البديلة على سبيل الذكر لا الحصر. ولا شك أنه ليس من المؤكد ان تتحقق توقعات الحكومة في ما يتعلق بتعبئة الموارد المالية وهو ما يعني أننا قد نخسر الاستقرار الاجتماعي ولن نربح أيضا التوازنات المالية .
*خبير اقتصادي
بقلم:محمد صالح الجنادي(*)
*هناك طلب متزايد على الطاقة والغذاء في العالم أدى إلى ارتفاع الأثمان في كل أنحاء المعمورة وليست تونس الاستثناء
ليس قانون المالية مجرد رسم لسبل انفاق المالية العمومية بقدر ما هو أداة سياسية بامتياز. هذا أمر متعارف عليه في كل الأنظمة السياسية. ويزداد الأمر تأكدا في التجربة التونسية منذ عقود وتكفي الإشارة هنا إلى أن الزعيم الحبيب بورقيبة قد أعتمد نقد الميزانية التي وضعتها الحماية الفرنسية للشعب التونسي مدخلا لإبراز ما في سياسات الاستعمار الفرنسي من حيث وظلم لعموم التونسيين. ولا شك أنه لم تمر سنة دوت توجيه انتقادات لقانون المالية لأن كل قانون مالية يعكس توازنات سياسية معينة وغالبا ما يمنح امتيازات لفئات على حساب أخرى. ومن أكبر الانتقادات التي ترافق كل قانون للمالية غياب التوقع حسب الأهداف وأيضا تغليب المقاربة الجبائية والمحاسبية على الاعتبارات الأخرى.
ولكن قانون المالية الجديد يمثل تكريسا لكل السلبيات ويضاف إليها سلبيات أخرى. قد يعتبر البعض أن القانون الحالي هو قانون الضرورة لأنه انبنى على معطيات مالية واقتصادية هي وليدة سياسات مورست على امتداد العشرية الأخيرة وأدت إلى ضرب كل التوازنات المالية والاقتصادية للدولة . هذا عنصر مهم ومن الضروري أخذه بعين الاعتبار ولكنه لا يمثل "عامل تخفيف" في ما يتعلق بما حفل به قانون المالية الجديد من سلبيات. هناك طغيان مبالغ فيه للجباية بطريقة من شأنها أن تربك الحياة الاقتصادية وأن تزيد في متاعب المواطنين. الإفراط في ممارسة الضغط الجبائي لا يمكن إلا أن يضرب في العمق مفهوم الجباية بمعناها الحديث وأن يضخم من جانب الإكراه خاصة وأن التضخم المالي قد زاد الطين بلة. ومن أكبر سلبيات قانون المالية الجديد أنه يزيد في الحد من القدرة التنافسية للنسيج الاقتصادي التونسي بل ويهدد قطاعات بأكملها كقطاع التصدير. وفي اعتقادي فإن قانون المالية الجديد قد صيغ في عزلة عن المستجدات الوطنية والعالمية. هناك طلب متزايد على الطاقة والغذاء في العالم أدى إلى ارتفاع الأثمان في كل أنحاء المعمورة وليست تونس الاستثناء. قانون المالية الجديد أهمل هذا العنصر وغابت عنه الحوافز والتشجيعات التي كان من المفترض أن تقدم لمن يريد الإستثمار في الفلاحة والطاقة البديلة على سبيل الذكر لا الحصر. ولا شك أنه ليس من المؤكد ان تتحقق توقعات الحكومة في ما يتعلق بتعبئة الموارد المالية وهو ما يعني أننا قد نخسر الاستقرار الاجتماعي ولن نربح أيضا التوازنات المالية .