إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع بداية العام الجديد.. تأرجح احتياطي تونس من العملة الصعبة.. والعجز التجاري يعمق الأزمة

 
 
تونس- الصباح 
 
ارتفع احتياطي تونس من العملة الصعبة إلى 100 يوم توريد، ليبلغ قرابة 22.9   مليار دينار بتاريخ يوم أمس، علما وأن جزءا من الاحتياطي النقدي سجل ارتفاعا بعد بلوغ تحويلات التونسيين بالخارج إلى أكثر من 8.1 مليار دينار مع نهاية العام الماضي، في حين سجلت إيرادات السياحة ارتفاعا إلى أكثر من 4 مليار دينار خلال نفس الفترة. واتخذ مؤشر قدرة البلاد على تغطية الواردات اتجاها تصاعديا، بداية من موفى الأسبوع الماضي، بعد سلسلة تراجع، بلغ خلالها الاحتياطي النقدي إلى مستويات دون 100 يوم توريد، علما وأن تونس لا تزال تنتظر توقيع اتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي.
وارتفعت قدرة البلاد على تغطية الواردات 4 أيام مقارنة بالمستوى السابق البالغ 97 يوما، وذلك بعد تسجيل تراجع على مستوى القدرة على تغطية الواردات بنحو 30 يوما خلال نفس الفترة 2021.
وسجل احتياطي تونس من العملة الصعبة، مع نهاية العام الماضي، تراجعا مقلقا إلى أقل من 100 يوم توريد، تزامن مع ارتفاع ملموس في أسعار السلع الأساسية المستوردة، وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وخاصة عملة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدولار الأمريكي، والذي يعد العملة الأساسية لخلاص تونس لاحتياجاتها الخارجية، وسط توقعات باستمرار انحدار الاحتياطي النقدي، إلى مستويات مقلقة للغاية. 
 
العجز التجاري يعمق الأزمة 
 
وترتفع المخاوف أكثر أمام استمرار تعمق العجز التجاري، الذي تجاوز  حاجز 60 % مع موفى أكتوبر المنقضي، مع ارتفاع كلفة التوريد إلى مستويات تستنزف الاحتياطي النقدي بشكل رهيب، حيث مع تواصل ارتفاع كلفة التوريد بأكثر من 30%، وأدى ذلك إلى تراجع كبير في أيام التوريد للدولة التونسية، وسرع من تآكل الاحتياطي النقدي، الأمر الذي وضع البلاد أمام خيار واحد، وهو إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع الآجال.
وحسب الأرقام الرسمية للبنك المركزي بتاريخ 11 نوفمبر الجاري، تراجعت أيام التوريد إلى 100 يوم بعد أن كان معدلها في حدود  125 يوما خلال الفترة ذاتها من العام من الماضي، وبلغ الاحتياطي النقدي خلال تلك الفترة 22.3 مليار دينار، وهناك مخاوف كبيرة من تواصل الضغط على ميزان المدفوعات خلال الفترة القليلة القادمة، ما يرفع من حدة المخاطر وعدم قدرة البلاد على سداد احتياجاتها في المستقبل القريب.
وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 25 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، ويعزى ذلك إلى نمو الواردات بنسبة 35.3٪ مقابل زيادة نسبتها 16.8٪ خلال الخمسة أشهر من العام 2021، كما ارتفعت الواردات بنسبة 35 % مقابل (+21%) خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2021.
وزادت واردات تونس من الطاقة بنسبة 100.8 بالمائة مع موفي سبتمبر 2022، وارتفعت واردات المواد الأولية ونصف المصنعة بنسبة 37 بالمائة والمواد الاستهلاكية بنسبة 13.4 بالمائة ومواد التجهيز بنسبة 41.1 بالمائة، وتبعا لذلك تراجعت نسبة تغطية الواردات بالصادرات صلب الميزان التجاري لتونس مع موفي سبتمبر 2022، خمس نقاط مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021، وقد بلغت 68.7 بالمائة.
وتضاعفت حاجيات تونس بشكل سريع خلال الأشهر الأخيرة، تزامنا مع ارتفاع أسعار المحروقات والحبوب، ما كلف خزينة الدولة خسائر تجاوزت أكثر من 5 مليار دينار، علما وأن موارد الدولة من العملة الصعبة، جزء منها متأت من الإيرادات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج، وهي موارد بالكاد تغطي حاجيات البلاد مستقبلا. 
وتعول تونس بشكل أساسي، خلال الفترة القادمة، على اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، والذي يناهز 6 مليار دينار، أي حوالي 1.9 مليار دولار، لتوفير احتياجاتها من العملة الصعبة، علما وأن هذا المبلغ سيدفع في شكل أقساط، ومازالت المفاوضات مستمرة، تباعا مع حزمة من الإصلاحات مطلوب من تونس تنفيذها في أسرع الآجال. 
وسجل الدينار التونسي انخفاضاً في سعره أمام الدولار الأمريكي بداية من منتصف أوت الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقود من الزمن، كما شهد خلال الشهرين الأخيرين تراجعا أمام اليورو، وبلغ سعر صرف الاورو أمام الدينار التونسي 3.3 دينار، بتاريخ 11 نوفمبر الجاري، وهذا الارتفاع في سعر صرف الدولار والاورو أمام العملة الوطنية، رفع من سعر المواد الموردة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا هو الأعنف منذ عقود، وما تزال تونس في حاجة ماسة لتعبئة مواردها من العملة الصعبة حتى تتمكن مستقبلا من توفير احتياجاتها من المحروقات والحبوب، والمواد الأولية .
 
تراجع مردود بعض القطاعات 
 
وبلغت قيمة التراجع المسجلة خلال الفترة الأخيرة بنحو مليار و76 مليون دينار، فيما أرجع البنك المركزي التراجع المسجل في احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى انخفاض العائدات السياحية، وأيضا عائدات الفسفاط، وغيرها من صادرات القطاعات الإستراتيجية، وسجل مخزون تونس من العملة الصعبة تراجعا لافتا، بعد تواصل استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، بسبب دفعات من القروض السيادية. 
وعرف احتياطي تونس من العملة الصعبة، نسقا تصاعديا ليبلغ بتاريخ 8 جانفي الماضي، 162 يوم توريد أي ما يعادل 23216 مليون دينار. ويعد تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة أيضا، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، والذي يتزامن مع ارتفاع حاد في نسب التضخم، وأقر البنك المركزي التونسي في تقريره الأخير، بأن مخزون البلاد من العملة الصعبة، يأتي أساسا من القروض التي تحصل عليها تونس، وهو ما يعني أن الاقتصاد التونسي، ما يزال عاجزا عن إنتاج الثروة. وتمر تونس بانهيار اقتصادي غير مسبوق، منذ سنة 2020، بلغت فيه نسبة العجز المالي، ما يناهز 10 بالمائة من الثروة المنتجة في البلاد، وبلغت نسبة الانكماش الاقتصادي في نهاية العام 2020، قرابة 8.8 بالمائة وهي نسبة لم تسجلها تونس منذ استقلالها عام 1956.
 
سفيان المهداوي 
 
مع بداية العام الجديد..  تأرجح احتياطي تونس من العملة الصعبة.. والعجز التجاري يعمق الأزمة
 
 
تونس- الصباح 
 
ارتفع احتياطي تونس من العملة الصعبة إلى 100 يوم توريد، ليبلغ قرابة 22.9   مليار دينار بتاريخ يوم أمس، علما وأن جزءا من الاحتياطي النقدي سجل ارتفاعا بعد بلوغ تحويلات التونسيين بالخارج إلى أكثر من 8.1 مليار دينار مع نهاية العام الماضي، في حين سجلت إيرادات السياحة ارتفاعا إلى أكثر من 4 مليار دينار خلال نفس الفترة. واتخذ مؤشر قدرة البلاد على تغطية الواردات اتجاها تصاعديا، بداية من موفى الأسبوع الماضي، بعد سلسلة تراجع، بلغ خلالها الاحتياطي النقدي إلى مستويات دون 100 يوم توريد، علما وأن تونس لا تزال تنتظر توقيع اتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي.
وارتفعت قدرة البلاد على تغطية الواردات 4 أيام مقارنة بالمستوى السابق البالغ 97 يوما، وذلك بعد تسجيل تراجع على مستوى القدرة على تغطية الواردات بنحو 30 يوما خلال نفس الفترة 2021.
وسجل احتياطي تونس من العملة الصعبة، مع نهاية العام الماضي، تراجعا مقلقا إلى أقل من 100 يوم توريد، تزامن مع ارتفاع ملموس في أسعار السلع الأساسية المستوردة، وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وخاصة عملة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدولار الأمريكي، والذي يعد العملة الأساسية لخلاص تونس لاحتياجاتها الخارجية، وسط توقعات باستمرار انحدار الاحتياطي النقدي، إلى مستويات مقلقة للغاية. 
 
العجز التجاري يعمق الأزمة 
 
وترتفع المخاوف أكثر أمام استمرار تعمق العجز التجاري، الذي تجاوز  حاجز 60 % مع موفى أكتوبر المنقضي، مع ارتفاع كلفة التوريد إلى مستويات تستنزف الاحتياطي النقدي بشكل رهيب، حيث مع تواصل ارتفاع كلفة التوريد بأكثر من 30%، وأدى ذلك إلى تراجع كبير في أيام التوريد للدولة التونسية، وسرع من تآكل الاحتياطي النقدي، الأمر الذي وضع البلاد أمام خيار واحد، وهو إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع الآجال.
وحسب الأرقام الرسمية للبنك المركزي بتاريخ 11 نوفمبر الجاري، تراجعت أيام التوريد إلى 100 يوم بعد أن كان معدلها في حدود  125 يوما خلال الفترة ذاتها من العام من الماضي، وبلغ الاحتياطي النقدي خلال تلك الفترة 22.3 مليار دينار، وهناك مخاوف كبيرة من تواصل الضغط على ميزان المدفوعات خلال الفترة القليلة القادمة، ما يرفع من حدة المخاطر وعدم قدرة البلاد على سداد احتياجاتها في المستقبل القريب.
وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 25 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، ويعزى ذلك إلى نمو الواردات بنسبة 35.3٪ مقابل زيادة نسبتها 16.8٪ خلال الخمسة أشهر من العام 2021، كما ارتفعت الواردات بنسبة 35 % مقابل (+21%) خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2021.
وزادت واردات تونس من الطاقة بنسبة 100.8 بالمائة مع موفي سبتمبر 2022، وارتفعت واردات المواد الأولية ونصف المصنعة بنسبة 37 بالمائة والمواد الاستهلاكية بنسبة 13.4 بالمائة ومواد التجهيز بنسبة 41.1 بالمائة، وتبعا لذلك تراجعت نسبة تغطية الواردات بالصادرات صلب الميزان التجاري لتونس مع موفي سبتمبر 2022، خمس نقاط مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021، وقد بلغت 68.7 بالمائة.
وتضاعفت حاجيات تونس بشكل سريع خلال الأشهر الأخيرة، تزامنا مع ارتفاع أسعار المحروقات والحبوب، ما كلف خزينة الدولة خسائر تجاوزت أكثر من 5 مليار دينار، علما وأن موارد الدولة من العملة الصعبة، جزء منها متأت من الإيرادات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج، وهي موارد بالكاد تغطي حاجيات البلاد مستقبلا. 
وتعول تونس بشكل أساسي، خلال الفترة القادمة، على اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، والذي يناهز 6 مليار دينار، أي حوالي 1.9 مليار دولار، لتوفير احتياجاتها من العملة الصعبة، علما وأن هذا المبلغ سيدفع في شكل أقساط، ومازالت المفاوضات مستمرة، تباعا مع حزمة من الإصلاحات مطلوب من تونس تنفيذها في أسرع الآجال. 
وسجل الدينار التونسي انخفاضاً في سعره أمام الدولار الأمريكي بداية من منتصف أوت الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقود من الزمن، كما شهد خلال الشهرين الأخيرين تراجعا أمام اليورو، وبلغ سعر صرف الاورو أمام الدينار التونسي 3.3 دينار، بتاريخ 11 نوفمبر الجاري، وهذا الارتفاع في سعر صرف الدولار والاورو أمام العملة الوطنية، رفع من سعر المواد الموردة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا هو الأعنف منذ عقود، وما تزال تونس في حاجة ماسة لتعبئة مواردها من العملة الصعبة حتى تتمكن مستقبلا من توفير احتياجاتها من المحروقات والحبوب، والمواد الأولية .
 
تراجع مردود بعض القطاعات 
 
وبلغت قيمة التراجع المسجلة خلال الفترة الأخيرة بنحو مليار و76 مليون دينار، فيما أرجع البنك المركزي التراجع المسجل في احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى انخفاض العائدات السياحية، وأيضا عائدات الفسفاط، وغيرها من صادرات القطاعات الإستراتيجية، وسجل مخزون تونس من العملة الصعبة تراجعا لافتا، بعد تواصل استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، بسبب دفعات من القروض السيادية. 
وعرف احتياطي تونس من العملة الصعبة، نسقا تصاعديا ليبلغ بتاريخ 8 جانفي الماضي، 162 يوم توريد أي ما يعادل 23216 مليون دينار. ويعد تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة أيضا، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، والذي يتزامن مع ارتفاع حاد في نسب التضخم، وأقر البنك المركزي التونسي في تقريره الأخير، بأن مخزون البلاد من العملة الصعبة، يأتي أساسا من القروض التي تحصل عليها تونس، وهو ما يعني أن الاقتصاد التونسي، ما يزال عاجزا عن إنتاج الثروة. وتمر تونس بانهيار اقتصادي غير مسبوق، منذ سنة 2020، بلغت فيه نسبة العجز المالي، ما يناهز 10 بالمائة من الثروة المنتجة في البلاد، وبلغت نسبة الانكماش الاقتصادي في نهاية العام 2020، قرابة 8.8 بالمائة وهي نسبة لم تسجلها تونس منذ استقلالها عام 1956.
 
سفيان المهداوي