إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اخرها ما تعرضت له أستاذة لغة وأدب وحضارة عربية من سطو على نصها .. السرقات الأدبية والفكرية داء ينخر الساحة الثقافية والجامعية

 

تونس- الصباح

السرقات الأدبية والفكرية موضوع يتكرر وذلك رغم القوانين الردعية، وهو داء ينخر الساحة الثقافية مما يدعو إلى تكاتف الجهود من أجل وضع علاج فعال يقضي عليه من الجذور. يوميا تقريبا نستمع إلى اصوات تحذر من انتحال اعمالهم وقد شجعت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع الفايسبوك على السرقات الأدبية حيث كثيرا ما نجد إشعارا ونثرا تنسب لغير اصحابها ورغم احتجاجات اصحابها الأصليين ورغم تنديد العارفين باللصوصية، فإن الداء متواصل.

وفي انتظار العلاج المناسب، قد يكون من المهم الاستمرار في التنديد بالسرقات وبفضح كل من يعمل على انتحال  عمل الآخرين ونسب ثمرة جهودهم لنفسه . ولعل من آخر الأمثلة ما تعرضت له استاذة لغة وادب وحضارة عربية من سطو على نص لها من طرف مؤرخ. فقد  عمد أحدهم إلى انتحال 99 بالمائة من فحوى نص  الفته حول الزعيم الراحل علي البلهوان وقدمه في ملتقى علمي احتفاء بالزعيم الراحل. ولم يقع اكتشاف السرقة والانتحال إلا بعد نشر المحاضرة في كتاب وذلك إلى جانب بقية المحاضرات التي القيت  بنفس المناسبة. وقد أكد محمد المي رئيس منتدى الفكر التنويري التونسي صاحب مبادرة تنظيم اللقاء المذكور الخاص بعلي البلهوان الأمر بالحجة والبرهان ووافانا بنص في الغرض ننشر  أهم ما ورد فيه وذلك في اطار السعي لكشف السرقات الأدبية والفكرية  بالعملية.

مؤرخ يسطو على أستاذة عربية؟

بقلم: محمد المي (*)

ليست هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن السرقات الأدبية والفكرية ’ وقد كنت ضحيتها من طرف بعض المنتسبين الى الثقافة زورا وبهتانا . وها اني أعود الى موضوع السرقات لأكشف عن لصّ جديد تحيّل علي وباعني بضاعة مغشوشة ضمن السلسلة التي أشرف عليها في منتدى الفكر التنويري التونسي والتي أسعى فيها الى تكريم أعلام الثقافة التونسية وقد بلغ عدد هذه الكتب 23 كتابا .

   الكتاب الذي يحتوي على البضاعة المغشوشة هو الرابع في السلسلة والذي يخص زعيم الشباب " علي البلهوان " وأرى لزاما علي أن أنبه من أهديتهم هذا الكتاب عملا بقول الرسول (ص) " المسلم أخو المسلم ’ ولا يحلّ لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بيّنه له "

في الكتاب المشار إليه شارك ثلّة من الأساتذة أغلبهم من المؤرخين على غرار عبد الجليل بوقرة ومحمد ضيف الله ومنجي الكعبي وخالد عبيد وزهير الذوادي، ومن بين هؤلاء اسم لا أعرفه وقد اقترحه على الدكتور عبد الجليل بوقرة وقال عنه انه مؤرخ جاد وأقنعني بأنه سيقدّم الإضافة  فرحّبت بمشاركته لحرصي على تنويع أسماء المشاركين في أعمال منتدى الفكر التنويري التونسي وقد زادت بهجتي عندما قدّم لي مداخلته الموسومة بـ:"الفكر التنويري التونسي في تونس الثائرة لعلي البلهوان" (وافق شنّ طبقة) فقلت أخيرا ظفرت بالمراد وتحققت الغاية مما آملت فأعماني العنوان -وهو كما يقول رولان بارت يحدّد ويوحي ويفتح شهيّة القراءة – عن التثبّت في محتوى العمل وأنا الذي لا أطمئن بسهولة الى ما بين يدي فسلّمت بالرضى والقبول لما بين يدي نظرا :

لضيق الوقت

لثقتي بالدكتور عبد الجليل بوقرة

واعتباري أن "مؤرخا" من معهد الحركة الوطنية سيكون ثبتا ومثالا للجدّية والإضافة.

     لقد عمدت إلى نشر المداخلات في كتب لأحمي نفسي ومتابعي ندواتي من استسهال المحاضرين لمواضيع يقبلون المحاضرة فيها وتراهم يوم الندوة يتلون على مسامع الناس "رؤوس أقلام"؟ أو يعرفون بما لا يعرفون أو يطنبون حتى يضيع تركيز السامع ...الخ من حيل هؤلاء كما أن النشر يحميني من السرّاق واللصوص اذ ينكشف أمرهم ولو بعد حين مثلما ما نحن بصدده الآن حين اكتشفنا سرقة المؤرخ لصاحبة كتاب "زعيم الشباب علي البلهوان حياته وآثاره" الصادر سنة 2012 عن مركز النشر الجامعي وقديما قالت العرب:

      "الإغارة على بنات الأفكار كالإغارة على البنات الأبكار"

ففي عرف أجدادنا السطو على بنات الأفكار جريمة وكذا في قانوننا التونسي كما ورد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 27 جوان 2008 في الأمر عدد 2422 المتعلّق بالانتحال العلمي بقوله :

    "الفصل 2 : الانتحال العلمي على معنى هذا الأمر هو أن ينسب الباحث المشار إليه بالفصل 3 من هذا الأمر إلى نفسه كتابات الغير و/ أو إنتاجه و/ أو ابتكاراته العلمية .

الفصل 4 : تتمثل حالات الانتحال العلمي خاصة في عدم ذكر مصدر كلّ معلومة بدقّة وأمانة عند النقل الحرفي للنصوص

* استعمال نتائج بحوث علمية نظرية أو تطبيقية

* ترجمة استشهادات عن مؤلفين آخرين

* عدم وضع الاستشهادات المنقولة عن مؤلفين آخرين وترجمتها بين معقفين

كل ذلك جرّمه القانون وحدّد عقوباته فلا أعرف كيف يسمح "جامعي" لنفسه السرقة ؟

أنّى له الادعاء بعد ذلك أنه ينتمي إلى فئة المؤرّخين ؟ الذي يفترض فيه النقل بأمانة والإحالة والتمحيص والتشقيق والتدقيق وتقليب الخبر على أوجهه المختلفة والبحث عن هوية راويه ...الخ كما علّمنا جدّنا ابن خلدون شيخ المؤرخين في "المقدّمة " بل في أولى صفحاتها؟

ولكن أين نحن من ابن خلدون أمام هذه الفئة التي لبست لبوس العلماء وتصدّرت مجالس العارفين والراسخة أقدامهم في العلم؟

ولكي لا نطيل سنبيّن كيف سطا مؤرخ آخر الزمان لا على مؤرخ زميله بل على أستاذة لغة وأدب وحضارة عربية؟ وربّما هذا الاختيار له مبرراته اذ لو غرف من معين زميل مؤرخ لسهل كشف أمره منذ البداية لكنه اتجه الى أستاذة عربية حتى لا يتبادر إلى الأذهان ذلك.

وليت هذا السارق  يحسن السرقة بل سنرى بعد البرهان على سطوه ونهبه جهد غيره كيف وقع حافره على حافر المسطو عليها فأخطأت هي فأخطأ هو وحادت عن المعرفة الدقيقة فحاد هو ولو أحرقت نفسها لتبعها إلى المحرقة دون أن يفتح الله بصيرته بعد أن أعمى بصره .

ولم يكتف منتحل النص بالنقل  الكامل بل قام أيضا في هذا المقال بالانتحال لفقرات عديدة  انتحالا كلّيا وحتى الهوامش هي نفسها وحتى -وهذا هو هام جدا-  الخطأ التاريخي الكبير الذي ارتكبته صاحبة النص الاصلي بخصوص موقف علي البلهوان من الحكم الذاتي أعاده  كلّيا على أساس هو الذي تفطّن لذلك وهذا الخطأ الذي وقعت فيه صاحبته  نتيجة خطئها في التاريخ، تاريخ آخر نشاط ذكر في الكتاب فبنت على خطئها كلّ الخطأ الكبير الذي سيتلوه وهو لا يستقيم مع الوقائع الثابتة، وهنا  قام المنتحل بنسخ كل هذا المكتوب في مقاله على أساس هو الذي كتبه فأعاد الخطأ مرة أخرى دون تمحيص وإذا كانت  للكاتبة الاصلية عذرها أنها ليست بمؤرخة فهو ليس له اي عذر

في الواقع، كلّ المقال مأخوذ بنسبة 99 في المائة من كتاب استاذة الحضارة العربية  وينحصر دوره في الربط أحيانا بين فقرة وأخرى أو في تغيير بعض الكلمات وتعويضها بمرادف لها لا غير وصفحات كاملة من مقاله مأخوذة من كتاب الاستاذة ، ويقوم أحيانا بتغيير ترتيب الفقرات،وقد أخطأت الكاتبة  في اعتبار بورقيبة في جزيرة جالطة في اكتوبر 1951 وفي جزيرة قروا في سنة 1952 وهو يعيد نفس الخطأ لأنّه نقل ذلك حرفيا منها دون أن ينتبه إلى حجم ارتكابه لخطأ تاريخي لا يمكن قبوله:

وقد اعتمد المنتحل نفس الأسلوب وهو النقل الانتقائي من مؤلفات مختلفة يكوّن بها عمله أو بحثه وأحيانا يذكر المرجع عندما ينقله كاملا في فقرة وأحيانا لا، وقد يخطئ أحيانا في عملية النقل مثلما سنرى من خلال بعض النماذج

يقول مثلا في  صفحة 53 التقديم: "ولد علي بن عبد العزيز البلهوان يوم 13 أفريل 1909 بتونس العاصمة وينتسب علي البلهوان إلى اسرة من سلائل جنود الترك انتقلت إلى مدينة تونس واستقرت بها في الربع الأول من القرن التاسع عشر(يذكر المرجع  زعيم الشباب: علي البلهوان حياته وآثاره ص 14). وقد ترقت هذه الاسرة في الخطط العسكرية والإدارية خلال القرن التاسع عشر واكتسبت وجاهة ويسارا وارتبطت بالمصاهرة بأعيان الحاضرة واصبحت من مشاهير العائلات التي ضمها نهج الباشا"(يذكر المرجع  ص14).

لكن عندما نرجع للمرجع نجده ينقله كما هو :" ينتسب علي بن عبد العزيز البلهوان.. إلى أسرة من سلائل جنود الترك انتقلت إلى مدينة تونس واستقرت بها في الربع الأول من القرن التاسع عشر..ترقت هذه الأسرة في الخطط العسكرية والإدارية خلال القرن الماضي واكتسبت وجاهة ويسارا وارتبطت بالمصاهرة بأعيان الحاضرة..ضمن مشاهير العائلات بالعاصمة التي ضمّها نهج الباشا"، صفحة 14.

المنتحل:  (صفحة 53-54):"الاهتمام  بهذا الكتاب بعد حوالي ستة عقود من الزمن تقريبا ليس من المسائل الاعتباطية المجانية ولا يخضع لاعتبارات عاطفية" (يذكر المرجع، صفحة 3).

لكن عندما نرجع للمرجع نجده ينقله كما هو :" إن الاهتمام بعلي البلهوان بعد مضي.....ليس من المسائل الاعتباطية المجانية ولا يخضع لاعتبارات عاطفية"، صفحة3.

لا يقع الاكتفاء بالنقل الحرفي بل يقع الاعتماد على النقل الانتقائي ممّا يحرّف به النصّ الأصلي والمعنى الأصلي لصاحب النص الأصلي ويعطي مضمونا لم يقصده صاحب النص الأصلي ثم ينسبه إليه:

صفحة 3: تتحدث صاحبة الكتاب عن مراجعة المقدمات العقلية التي استندت إليها نظمنا السياسية والاجتماعية وتقول عن هذه المراجعة:" أصبحت شروط هذه المراجعة ممكنة على النطاق التونسي لما توفر لدينا من تراكمات فكرية سيّرت حركة التحرّر والبناء والتجديد".

ويكتب المنتحل هذه الفقرة (في صفحة مقاله 53 -54) والتي ينسبها إلى صاحبة المرجع صفحة 3:" إن ذلك راجع بالدرجة الأولى إلى اهمية هذا الكتاب والتالي أهمية مضمونه الفكري وقيمته في حركة التحرير والبناء والتجديد" أي قام بنقل عبارات تتحدث فيها الكاتبة عن المراجعة ونسب إليها أنها تتحدث عن كتاب تونس الثائرة!!

ويتكرّر الأمر مرّة أخرى: صفحة3:"إلاّ انّ عملية المراجعة هذه التي خضع إليها فكر النهضة في تونس لم تشمل الفكر المعاصر الذي يعدّ البلهوان علما من أبرز أعلامه على مستوى التنظير السياسي والاجتماعي والفلسفي إلا بمقدار".

يتحدث صاحب المقال عن كتاب تونس الثائرة وينسب إلى صاحبة المؤلف الاصلي ما يلي:"وهو نتاج لرؤية شاملة للفكر المعاصر ويعدّ علي البلهوان علما من أبرز أعلامه على مستوى التنظير السياسي والاجتماعي والفلسفي (المرجع صفحة 3) ويستشهد في صفحة 54 من المقال في الهامش 2 بكتاب له وعندما نرجع إلى الكتاب تجد أنّ المعلومة التي ذكرها في المقال ونسبها لكتابه إنما في الاصل وفق هذا الكتاب أخذها من كتاب وعندما ترجع إلى هذه الصفحة تجد ان المعلومة مأخوذة من كتاب لكاتب آخر.  

 أخطاء تاريخية تستتبعها أخطاء في التحليل:

وذكر في مقاله صفحة 56 أنّ "آخر تاريخ اشتمل عليه الكتاب وهو 23 جويلية 1954 الذي قدم فيه صحبة الاستاذ محمد بدرة مذكرة إلى دول الكتلة العربية الاسيوية ..."

عندما نرجع إلى كتاب تونس الثائرة للتأكد من المعلومة وذلك في صفحة 496 منه نجد أنّ تاريخ المذكرة هو 23 جوان 1954 وليس 23 جويلية 1954 كما ذكر هو.

 وطفق يعتبر أن حرص البلهوان على إصدار الكتاب بسرعة بين 23 جويلية و3 اوت إنما تعبير منه عن معارضته لمشروع بيار منداس فرانس حول مفاوضات تؤدي الحكم الذاتي وان البلهوان يسعى من خلال الكتاب إلى استنفار الراي العام العربي والجامعة العربية  ضد هذا الموضوع وأنه رفض منصب وزير في حكومة الطاهر عمار  لأنه امضى على ميثاق لجنة تحرير المغرب العربي في أفريل 1954 وهو ميثاق يتمسك بالاستقلال...

بينما هذا غير صحيح ولا يستقيم تاريخيا، فالكتاب لا دخل له من قريب او من بعيد بزيارة منداس فرانس وانتهى منه في آخر جوان 1954 وليس آخر جويلية 1954 مثلما فهم هو. والبلهوان لم يكن معارضا لهذه الزيارة ولا معارضا لحكومة الطاهر عمار ولا معارضا للمفاوضات والعكس صحيح بل كان يتقدم بمطالب للرجوع إلى تونس منذ تلك الفترة.

وذكر علي البلهوان في مقدمة كتابه ما يلي:" كانت رسائله (أي بورقيبة) تأتيني من منفاه  بجزيرة جالطة ثم من جزيرة جروا بفرنسا تحمل إيمانا وآمالا، فقد كتب لي بتاريخ 1 /10/1951.....وقد اخترت من رسائله واحدة لأنها تبين قيمة الزعيم المعنوية..، فكتب لي من جزيرة جالطة ..يوم الجمعة 11 يوليو 1952"

 وقد ذكر المؤرخ  في مقاله صفحة 58 أنّ علي البلهوان ضمن في المقدمة رسالتين لبورقيبة بعثهما "من منفاه  بجزيرة جالطة وقروا الفرنسية الأولى بتاريخ 1 أكتوبر 1951 والثانية بتاريخ 11 جويلية 1952"، اي أنّ بورقيبة سنة 1951 في جالطة وسنة 1952 في جزيرة قروا

بينما بورقيبة نفي إلى جالطة بداية من ماي 1952 وفي أكتوبر 1951 يوجد خارج تونس، وقروا الفرنسية نفي إليها في مارس 1954 وعليه لا يمكن أن يكتب في جويلية 1952 من قروا

بينما الكتاب واضح وأن تاريخ 11 يوليو 1952 هي من جالطة

وعموما يمكن اعتبار هذا المقال قد اعتمد على الكتاب المذكور عن علي البلهوان، يأخذ منه تارة مع ذكره وتارة أخرى دون ذكره واحيانا يعيد بعض فقرات الكتاب المتعلقة بكتاب تونس الثائرة في مقاله والأمثلة كثيرة مثلما ذكرنا  آنفا وسنعطي مثالا آخر

الكاتبة:" التاريخ كما عرّفه البلهوان هو" سلسلة من الحوادث مرتبطة الحلقات" هذا التعريف يقطع مع النظرة التقليدية التي لا تقيم للزمان وزنا وكأنّ افنسان قادر على إطالته واختزاله حسب إرادته ويتبنى نظرة تطورية تضع الأحداث في حيزها الزمني الذي يأبى التجريد وبتر الأوصال فليس الزمن الذي يهتم به شيئا قائما بذاته منفصلا عن الحياة بل هو الحياة نفسها في تحرّكها وانتقالها من حال إلى حال.

فالحياة إذن صيرورة وكلّ ما وجد الآن أو في فترة ماضية هو في انتقال ممّا كان إلى ما سيكون وهي شيء ديناميكي متحرّك وليس الحاضر سوى التقاء الماضي والمستقبل."ص259.

منتحل النص: وعلى هذا الأساس عرف علي البلهوان التاريخ على أنّه سلسلة من الحوادث مرتبطة الحلقات هذا التعريف يقطع مع النظرة التقليدية التي لا تقيم للزمان وزنا وكأنّ الإنسان قادر على إطالته واختزاله حسب إرادته ويتبنى نظرة تطورية تضع الأحداث في حيزها الزمني الذي يأبى التجريد وبتر الأوصال فليس الزمن الذي يهتم به شيئا قائما بذاته منفصلا عن الحياة بل هو الحياة نفسها في تحرّكها وانتقالها من حال إلى حال (1): علي البلهوان..،المرجع السابق، ص258 -259.

ويبدو من خلال ذلك رفض فكرة الجمود أو التشبث بالماضي دون اجتهاد ذلك أن الحياة صيرورة وكل ما وجد (ص 62) الآن أو في فترة ماضية هو في انتقال وهو شيء ديناميكي متحرّك وليس الحاضر سوى التقاء الماضي والمستقبل ص:63 - (1) المرجع نفسه ص259.

          في صفحة 60 من كتابها استشهدت الكاتبة من كتاب تونس الثائرة لعلي البلهوان طبع المطبعة العالمية صفحة 39:" أنظر إليه مثلا حين يشيد بمجهودات خير الدين الإصلاحية التي أعادت في نظره إلى تيار الحياة في تونس اندفاعه بعد أن كاد يختفي:" حتى رأينا موجة خارجة من الأعماق تكتسح شعب تونس وكأنّ الحياة التي كان تيّارها يجري ببطء بل اختفى أحيانا كما تختفي الأنهار تحت الرمال تدفقت من جديد وظهرت مياهها أصفى وأغزر وإذا بها تيار جارف لا يقدر الاستعمار الفرنسي البالي على إيقافه وتعطيله"-

ويقوم المؤرخ في صفحة 63 بإعادة ما كتبته استاذة الحضارة العربية  حرفيا ثم يذكر أنّه أخذ الاستشهاد من كتاب علي البلهوان تونس الثائرة طبع المطبعة العالمية صفحة 39، وهذا يعني أنّه نقل عنها هذه الفقرة من كتابها صفحة 60 ونسبها هو إلى نفسه وإلى رجوعه إلى كتاب تونس الثائرة ! وممّا يؤكّد ذلك الجملة بالأخضر التي أخذها من عندها دون ذكر ذلك:"ويبرز ذلك التصوّر من خلال ما ذكره علي البلهوان حول مجهودات خير الدين الإصلاحية التي أعادت في نظره إلى تيار الحياة في تونس اندفاعه بعد أن كاد يختفي (هذه الجملة بالأخضر استعارها من الكاتبة دون أن يذكر ذلك هذه المرّة):"حتى رأينا موجة خارجة من الأعماق تكتسح شعب تونس وكأنّ الحياة التي كان تيّارها يجري ببطء بل اختفى أحيانا كما تختفي الأنهار تحت الرمال تدفقت من جديد وظهرت مياهها أصفى وأغزر وإذا بها تيار جارف لا يقدر الاستعمار الفرنسي البالي على إيقافه وتعطيله" من مقاله صفحة 63 والمرجع: علي البلهوان تونس الثائرة صفحة 39.

*كاتب ورئيس منتدى الفكر التنويري التونسي

ملاحظة

ارفق صاحب المقال محمد المي  نصه بجداول  تضم فقرات كاملة منتحلة  من النص الأصلي وقام بمقارنات بين نصوص الطرفين تثبت صحة عملية السطو وقد اكتفينا بالملاحظات التي دونها حول الموضوع لتجنب الاطالة.

اخرها ما تعرضت له أستاذة لغة وأدب وحضارة عربية من سطو على نصها .. السرقات الأدبية والفكرية داء ينخر الساحة الثقافية والجامعية

 

تونس- الصباح

السرقات الأدبية والفكرية موضوع يتكرر وذلك رغم القوانين الردعية، وهو داء ينخر الساحة الثقافية مما يدعو إلى تكاتف الجهود من أجل وضع علاج فعال يقضي عليه من الجذور. يوميا تقريبا نستمع إلى اصوات تحذر من انتحال اعمالهم وقد شجعت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع الفايسبوك على السرقات الأدبية حيث كثيرا ما نجد إشعارا ونثرا تنسب لغير اصحابها ورغم احتجاجات اصحابها الأصليين ورغم تنديد العارفين باللصوصية، فإن الداء متواصل.

وفي انتظار العلاج المناسب، قد يكون من المهم الاستمرار في التنديد بالسرقات وبفضح كل من يعمل على انتحال  عمل الآخرين ونسب ثمرة جهودهم لنفسه . ولعل من آخر الأمثلة ما تعرضت له استاذة لغة وادب وحضارة عربية من سطو على نص لها من طرف مؤرخ. فقد  عمد أحدهم إلى انتحال 99 بالمائة من فحوى نص  الفته حول الزعيم الراحل علي البلهوان وقدمه في ملتقى علمي احتفاء بالزعيم الراحل. ولم يقع اكتشاف السرقة والانتحال إلا بعد نشر المحاضرة في كتاب وذلك إلى جانب بقية المحاضرات التي القيت  بنفس المناسبة. وقد أكد محمد المي رئيس منتدى الفكر التنويري التونسي صاحب مبادرة تنظيم اللقاء المذكور الخاص بعلي البلهوان الأمر بالحجة والبرهان ووافانا بنص في الغرض ننشر  أهم ما ورد فيه وذلك في اطار السعي لكشف السرقات الأدبية والفكرية  بالعملية.

مؤرخ يسطو على أستاذة عربية؟

بقلم: محمد المي (*)

ليست هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن السرقات الأدبية والفكرية ’ وقد كنت ضحيتها من طرف بعض المنتسبين الى الثقافة زورا وبهتانا . وها اني أعود الى موضوع السرقات لأكشف عن لصّ جديد تحيّل علي وباعني بضاعة مغشوشة ضمن السلسلة التي أشرف عليها في منتدى الفكر التنويري التونسي والتي أسعى فيها الى تكريم أعلام الثقافة التونسية وقد بلغ عدد هذه الكتب 23 كتابا .

   الكتاب الذي يحتوي على البضاعة المغشوشة هو الرابع في السلسلة والذي يخص زعيم الشباب " علي البلهوان " وأرى لزاما علي أن أنبه من أهديتهم هذا الكتاب عملا بقول الرسول (ص) " المسلم أخو المسلم ’ ولا يحلّ لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بيّنه له "

في الكتاب المشار إليه شارك ثلّة من الأساتذة أغلبهم من المؤرخين على غرار عبد الجليل بوقرة ومحمد ضيف الله ومنجي الكعبي وخالد عبيد وزهير الذوادي، ومن بين هؤلاء اسم لا أعرفه وقد اقترحه على الدكتور عبد الجليل بوقرة وقال عنه انه مؤرخ جاد وأقنعني بأنه سيقدّم الإضافة  فرحّبت بمشاركته لحرصي على تنويع أسماء المشاركين في أعمال منتدى الفكر التنويري التونسي وقد زادت بهجتي عندما قدّم لي مداخلته الموسومة بـ:"الفكر التنويري التونسي في تونس الثائرة لعلي البلهوان" (وافق شنّ طبقة) فقلت أخيرا ظفرت بالمراد وتحققت الغاية مما آملت فأعماني العنوان -وهو كما يقول رولان بارت يحدّد ويوحي ويفتح شهيّة القراءة – عن التثبّت في محتوى العمل وأنا الذي لا أطمئن بسهولة الى ما بين يدي فسلّمت بالرضى والقبول لما بين يدي نظرا :

لضيق الوقت

لثقتي بالدكتور عبد الجليل بوقرة

واعتباري أن "مؤرخا" من معهد الحركة الوطنية سيكون ثبتا ومثالا للجدّية والإضافة.

     لقد عمدت إلى نشر المداخلات في كتب لأحمي نفسي ومتابعي ندواتي من استسهال المحاضرين لمواضيع يقبلون المحاضرة فيها وتراهم يوم الندوة يتلون على مسامع الناس "رؤوس أقلام"؟ أو يعرفون بما لا يعرفون أو يطنبون حتى يضيع تركيز السامع ...الخ من حيل هؤلاء كما أن النشر يحميني من السرّاق واللصوص اذ ينكشف أمرهم ولو بعد حين مثلما ما نحن بصدده الآن حين اكتشفنا سرقة المؤرخ لصاحبة كتاب "زعيم الشباب علي البلهوان حياته وآثاره" الصادر سنة 2012 عن مركز النشر الجامعي وقديما قالت العرب:

      "الإغارة على بنات الأفكار كالإغارة على البنات الأبكار"

ففي عرف أجدادنا السطو على بنات الأفكار جريمة وكذا في قانوننا التونسي كما ورد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 27 جوان 2008 في الأمر عدد 2422 المتعلّق بالانتحال العلمي بقوله :

    "الفصل 2 : الانتحال العلمي على معنى هذا الأمر هو أن ينسب الباحث المشار إليه بالفصل 3 من هذا الأمر إلى نفسه كتابات الغير و/ أو إنتاجه و/ أو ابتكاراته العلمية .

الفصل 4 : تتمثل حالات الانتحال العلمي خاصة في عدم ذكر مصدر كلّ معلومة بدقّة وأمانة عند النقل الحرفي للنصوص

* استعمال نتائج بحوث علمية نظرية أو تطبيقية

* ترجمة استشهادات عن مؤلفين آخرين

* عدم وضع الاستشهادات المنقولة عن مؤلفين آخرين وترجمتها بين معقفين

كل ذلك جرّمه القانون وحدّد عقوباته فلا أعرف كيف يسمح "جامعي" لنفسه السرقة ؟

أنّى له الادعاء بعد ذلك أنه ينتمي إلى فئة المؤرّخين ؟ الذي يفترض فيه النقل بأمانة والإحالة والتمحيص والتشقيق والتدقيق وتقليب الخبر على أوجهه المختلفة والبحث عن هوية راويه ...الخ كما علّمنا جدّنا ابن خلدون شيخ المؤرخين في "المقدّمة " بل في أولى صفحاتها؟

ولكن أين نحن من ابن خلدون أمام هذه الفئة التي لبست لبوس العلماء وتصدّرت مجالس العارفين والراسخة أقدامهم في العلم؟

ولكي لا نطيل سنبيّن كيف سطا مؤرخ آخر الزمان لا على مؤرخ زميله بل على أستاذة لغة وأدب وحضارة عربية؟ وربّما هذا الاختيار له مبرراته اذ لو غرف من معين زميل مؤرخ لسهل كشف أمره منذ البداية لكنه اتجه الى أستاذة عربية حتى لا يتبادر إلى الأذهان ذلك.

وليت هذا السارق  يحسن السرقة بل سنرى بعد البرهان على سطوه ونهبه جهد غيره كيف وقع حافره على حافر المسطو عليها فأخطأت هي فأخطأ هو وحادت عن المعرفة الدقيقة فحاد هو ولو أحرقت نفسها لتبعها إلى المحرقة دون أن يفتح الله بصيرته بعد أن أعمى بصره .

ولم يكتف منتحل النص بالنقل  الكامل بل قام أيضا في هذا المقال بالانتحال لفقرات عديدة  انتحالا كلّيا وحتى الهوامش هي نفسها وحتى -وهذا هو هام جدا-  الخطأ التاريخي الكبير الذي ارتكبته صاحبة النص الاصلي بخصوص موقف علي البلهوان من الحكم الذاتي أعاده  كلّيا على أساس هو الذي تفطّن لذلك وهذا الخطأ الذي وقعت فيه صاحبته  نتيجة خطئها في التاريخ، تاريخ آخر نشاط ذكر في الكتاب فبنت على خطئها كلّ الخطأ الكبير الذي سيتلوه وهو لا يستقيم مع الوقائع الثابتة، وهنا  قام المنتحل بنسخ كل هذا المكتوب في مقاله على أساس هو الذي كتبه فأعاد الخطأ مرة أخرى دون تمحيص وإذا كانت  للكاتبة الاصلية عذرها أنها ليست بمؤرخة فهو ليس له اي عذر

في الواقع، كلّ المقال مأخوذ بنسبة 99 في المائة من كتاب استاذة الحضارة العربية  وينحصر دوره في الربط أحيانا بين فقرة وأخرى أو في تغيير بعض الكلمات وتعويضها بمرادف لها لا غير وصفحات كاملة من مقاله مأخوذة من كتاب الاستاذة ، ويقوم أحيانا بتغيير ترتيب الفقرات،وقد أخطأت الكاتبة  في اعتبار بورقيبة في جزيرة جالطة في اكتوبر 1951 وفي جزيرة قروا في سنة 1952 وهو يعيد نفس الخطأ لأنّه نقل ذلك حرفيا منها دون أن ينتبه إلى حجم ارتكابه لخطأ تاريخي لا يمكن قبوله:

وقد اعتمد المنتحل نفس الأسلوب وهو النقل الانتقائي من مؤلفات مختلفة يكوّن بها عمله أو بحثه وأحيانا يذكر المرجع عندما ينقله كاملا في فقرة وأحيانا لا، وقد يخطئ أحيانا في عملية النقل مثلما سنرى من خلال بعض النماذج

يقول مثلا في  صفحة 53 التقديم: "ولد علي بن عبد العزيز البلهوان يوم 13 أفريل 1909 بتونس العاصمة وينتسب علي البلهوان إلى اسرة من سلائل جنود الترك انتقلت إلى مدينة تونس واستقرت بها في الربع الأول من القرن التاسع عشر(يذكر المرجع  زعيم الشباب: علي البلهوان حياته وآثاره ص 14). وقد ترقت هذه الاسرة في الخطط العسكرية والإدارية خلال القرن التاسع عشر واكتسبت وجاهة ويسارا وارتبطت بالمصاهرة بأعيان الحاضرة واصبحت من مشاهير العائلات التي ضمها نهج الباشا"(يذكر المرجع  ص14).

لكن عندما نرجع للمرجع نجده ينقله كما هو :" ينتسب علي بن عبد العزيز البلهوان.. إلى أسرة من سلائل جنود الترك انتقلت إلى مدينة تونس واستقرت بها في الربع الأول من القرن التاسع عشر..ترقت هذه الأسرة في الخطط العسكرية والإدارية خلال القرن الماضي واكتسبت وجاهة ويسارا وارتبطت بالمصاهرة بأعيان الحاضرة..ضمن مشاهير العائلات بالعاصمة التي ضمّها نهج الباشا"، صفحة 14.

المنتحل:  (صفحة 53-54):"الاهتمام  بهذا الكتاب بعد حوالي ستة عقود من الزمن تقريبا ليس من المسائل الاعتباطية المجانية ولا يخضع لاعتبارات عاطفية" (يذكر المرجع، صفحة 3).

لكن عندما نرجع للمرجع نجده ينقله كما هو :" إن الاهتمام بعلي البلهوان بعد مضي.....ليس من المسائل الاعتباطية المجانية ولا يخضع لاعتبارات عاطفية"، صفحة3.

لا يقع الاكتفاء بالنقل الحرفي بل يقع الاعتماد على النقل الانتقائي ممّا يحرّف به النصّ الأصلي والمعنى الأصلي لصاحب النص الأصلي ويعطي مضمونا لم يقصده صاحب النص الأصلي ثم ينسبه إليه:

صفحة 3: تتحدث صاحبة الكتاب عن مراجعة المقدمات العقلية التي استندت إليها نظمنا السياسية والاجتماعية وتقول عن هذه المراجعة:" أصبحت شروط هذه المراجعة ممكنة على النطاق التونسي لما توفر لدينا من تراكمات فكرية سيّرت حركة التحرّر والبناء والتجديد".

ويكتب المنتحل هذه الفقرة (في صفحة مقاله 53 -54) والتي ينسبها إلى صاحبة المرجع صفحة 3:" إن ذلك راجع بالدرجة الأولى إلى اهمية هذا الكتاب والتالي أهمية مضمونه الفكري وقيمته في حركة التحرير والبناء والتجديد" أي قام بنقل عبارات تتحدث فيها الكاتبة عن المراجعة ونسب إليها أنها تتحدث عن كتاب تونس الثائرة!!

ويتكرّر الأمر مرّة أخرى: صفحة3:"إلاّ انّ عملية المراجعة هذه التي خضع إليها فكر النهضة في تونس لم تشمل الفكر المعاصر الذي يعدّ البلهوان علما من أبرز أعلامه على مستوى التنظير السياسي والاجتماعي والفلسفي إلا بمقدار".

يتحدث صاحب المقال عن كتاب تونس الثائرة وينسب إلى صاحبة المؤلف الاصلي ما يلي:"وهو نتاج لرؤية شاملة للفكر المعاصر ويعدّ علي البلهوان علما من أبرز أعلامه على مستوى التنظير السياسي والاجتماعي والفلسفي (المرجع صفحة 3) ويستشهد في صفحة 54 من المقال في الهامش 2 بكتاب له وعندما نرجع إلى الكتاب تجد أنّ المعلومة التي ذكرها في المقال ونسبها لكتابه إنما في الاصل وفق هذا الكتاب أخذها من كتاب وعندما ترجع إلى هذه الصفحة تجد ان المعلومة مأخوذة من كتاب لكاتب آخر.  

 أخطاء تاريخية تستتبعها أخطاء في التحليل:

وذكر في مقاله صفحة 56 أنّ "آخر تاريخ اشتمل عليه الكتاب وهو 23 جويلية 1954 الذي قدم فيه صحبة الاستاذ محمد بدرة مذكرة إلى دول الكتلة العربية الاسيوية ..."

عندما نرجع إلى كتاب تونس الثائرة للتأكد من المعلومة وذلك في صفحة 496 منه نجد أنّ تاريخ المذكرة هو 23 جوان 1954 وليس 23 جويلية 1954 كما ذكر هو.

 وطفق يعتبر أن حرص البلهوان على إصدار الكتاب بسرعة بين 23 جويلية و3 اوت إنما تعبير منه عن معارضته لمشروع بيار منداس فرانس حول مفاوضات تؤدي الحكم الذاتي وان البلهوان يسعى من خلال الكتاب إلى استنفار الراي العام العربي والجامعة العربية  ضد هذا الموضوع وأنه رفض منصب وزير في حكومة الطاهر عمار  لأنه امضى على ميثاق لجنة تحرير المغرب العربي في أفريل 1954 وهو ميثاق يتمسك بالاستقلال...

بينما هذا غير صحيح ولا يستقيم تاريخيا، فالكتاب لا دخل له من قريب او من بعيد بزيارة منداس فرانس وانتهى منه في آخر جوان 1954 وليس آخر جويلية 1954 مثلما فهم هو. والبلهوان لم يكن معارضا لهذه الزيارة ولا معارضا لحكومة الطاهر عمار ولا معارضا للمفاوضات والعكس صحيح بل كان يتقدم بمطالب للرجوع إلى تونس منذ تلك الفترة.

وذكر علي البلهوان في مقدمة كتابه ما يلي:" كانت رسائله (أي بورقيبة) تأتيني من منفاه  بجزيرة جالطة ثم من جزيرة جروا بفرنسا تحمل إيمانا وآمالا، فقد كتب لي بتاريخ 1 /10/1951.....وقد اخترت من رسائله واحدة لأنها تبين قيمة الزعيم المعنوية..، فكتب لي من جزيرة جالطة ..يوم الجمعة 11 يوليو 1952"

 وقد ذكر المؤرخ  في مقاله صفحة 58 أنّ علي البلهوان ضمن في المقدمة رسالتين لبورقيبة بعثهما "من منفاه  بجزيرة جالطة وقروا الفرنسية الأولى بتاريخ 1 أكتوبر 1951 والثانية بتاريخ 11 جويلية 1952"، اي أنّ بورقيبة سنة 1951 في جالطة وسنة 1952 في جزيرة قروا

بينما بورقيبة نفي إلى جالطة بداية من ماي 1952 وفي أكتوبر 1951 يوجد خارج تونس، وقروا الفرنسية نفي إليها في مارس 1954 وعليه لا يمكن أن يكتب في جويلية 1952 من قروا

بينما الكتاب واضح وأن تاريخ 11 يوليو 1952 هي من جالطة

وعموما يمكن اعتبار هذا المقال قد اعتمد على الكتاب المذكور عن علي البلهوان، يأخذ منه تارة مع ذكره وتارة أخرى دون ذكره واحيانا يعيد بعض فقرات الكتاب المتعلقة بكتاب تونس الثائرة في مقاله والأمثلة كثيرة مثلما ذكرنا  آنفا وسنعطي مثالا آخر

الكاتبة:" التاريخ كما عرّفه البلهوان هو" سلسلة من الحوادث مرتبطة الحلقات" هذا التعريف يقطع مع النظرة التقليدية التي لا تقيم للزمان وزنا وكأنّ افنسان قادر على إطالته واختزاله حسب إرادته ويتبنى نظرة تطورية تضع الأحداث في حيزها الزمني الذي يأبى التجريد وبتر الأوصال فليس الزمن الذي يهتم به شيئا قائما بذاته منفصلا عن الحياة بل هو الحياة نفسها في تحرّكها وانتقالها من حال إلى حال.

فالحياة إذن صيرورة وكلّ ما وجد الآن أو في فترة ماضية هو في انتقال ممّا كان إلى ما سيكون وهي شيء ديناميكي متحرّك وليس الحاضر سوى التقاء الماضي والمستقبل."ص259.

منتحل النص: وعلى هذا الأساس عرف علي البلهوان التاريخ على أنّه سلسلة من الحوادث مرتبطة الحلقات هذا التعريف يقطع مع النظرة التقليدية التي لا تقيم للزمان وزنا وكأنّ الإنسان قادر على إطالته واختزاله حسب إرادته ويتبنى نظرة تطورية تضع الأحداث في حيزها الزمني الذي يأبى التجريد وبتر الأوصال فليس الزمن الذي يهتم به شيئا قائما بذاته منفصلا عن الحياة بل هو الحياة نفسها في تحرّكها وانتقالها من حال إلى حال (1): علي البلهوان..،المرجع السابق، ص258 -259.

ويبدو من خلال ذلك رفض فكرة الجمود أو التشبث بالماضي دون اجتهاد ذلك أن الحياة صيرورة وكل ما وجد (ص 62) الآن أو في فترة ماضية هو في انتقال وهو شيء ديناميكي متحرّك وليس الحاضر سوى التقاء الماضي والمستقبل ص:63 - (1) المرجع نفسه ص259.

          في صفحة 60 من كتابها استشهدت الكاتبة من كتاب تونس الثائرة لعلي البلهوان طبع المطبعة العالمية صفحة 39:" أنظر إليه مثلا حين يشيد بمجهودات خير الدين الإصلاحية التي أعادت في نظره إلى تيار الحياة في تونس اندفاعه بعد أن كاد يختفي:" حتى رأينا موجة خارجة من الأعماق تكتسح شعب تونس وكأنّ الحياة التي كان تيّارها يجري ببطء بل اختفى أحيانا كما تختفي الأنهار تحت الرمال تدفقت من جديد وظهرت مياهها أصفى وأغزر وإذا بها تيار جارف لا يقدر الاستعمار الفرنسي البالي على إيقافه وتعطيله"-

ويقوم المؤرخ في صفحة 63 بإعادة ما كتبته استاذة الحضارة العربية  حرفيا ثم يذكر أنّه أخذ الاستشهاد من كتاب علي البلهوان تونس الثائرة طبع المطبعة العالمية صفحة 39، وهذا يعني أنّه نقل عنها هذه الفقرة من كتابها صفحة 60 ونسبها هو إلى نفسه وإلى رجوعه إلى كتاب تونس الثائرة ! وممّا يؤكّد ذلك الجملة بالأخضر التي أخذها من عندها دون ذكر ذلك:"ويبرز ذلك التصوّر من خلال ما ذكره علي البلهوان حول مجهودات خير الدين الإصلاحية التي أعادت في نظره إلى تيار الحياة في تونس اندفاعه بعد أن كاد يختفي (هذه الجملة بالأخضر استعارها من الكاتبة دون أن يذكر ذلك هذه المرّة):"حتى رأينا موجة خارجة من الأعماق تكتسح شعب تونس وكأنّ الحياة التي كان تيّارها يجري ببطء بل اختفى أحيانا كما تختفي الأنهار تحت الرمال تدفقت من جديد وظهرت مياهها أصفى وأغزر وإذا بها تيار جارف لا يقدر الاستعمار الفرنسي البالي على إيقافه وتعطيله" من مقاله صفحة 63 والمرجع: علي البلهوان تونس الثائرة صفحة 39.

*كاتب ورئيس منتدى الفكر التنويري التونسي

ملاحظة

ارفق صاحب المقال محمد المي  نصه بجداول  تضم فقرات كاملة منتحلة  من النص الأصلي وقام بمقارنات بين نصوص الطرفين تثبت صحة عملية السطو وقد اكتفينا بالملاحظات التي دونها حول الموضوع لتجنب الاطالة.