لن يمرّ قرار البنك المركزي بعد الرفع مجدّدا في نسبة الفائدة المديرية بـ0.75 لترتفع إلى 8 بالمائة، دون أن تكون له تداعيات سلبية وخيمة على جميع المستويات خاصة على مستوى الاقتصادي من خلال تراجع النمو والاستثمار، واجتماعيا بسبب انعكاسات القرار على جل العائلات التونسية المثقلة بالديون البنكية وتواصل انهيار المقدرة الشرائية للتونسيين المتأثرة بطبعها من ارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة..
ورغم أن قرار الرفع في نسبة الفائدة المديرية له ما يبرره موضوعيا باعتباره أولى الحلول الممكنة للحد من نسبة التضخم المرتفعة التي وصلت إلى مستويات قياسية في تونس وناهزت خلال شهر نوفمبر 9.8 بالمائة ويتوقع أن تفوق خلال شهر ديسمبر المنقضي أكثر من 10 بالمائة، إلا أن خبراء الاقتصاد حذروا من تداعيات القرار اقتصاديا واجتماعيا خاصة إذا لم تصاحبه قرارات أخرى مصاحبة من قبل الحكومة تهدف إلى التحكم في الأسعار.
وأوضح في هذا الصدد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن رفع نسبة الفائدة المديرية لم تسهم ولا مرة واحدة في الحد من ارتفاع معدلات التضخم المالي، بل أن العكس هو الذي حدث، إذ تزامن القرار مع التهاب الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين. وقال في تدوينة له بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، إن رفع نسبة الفائدة ستؤدي إلى ارتفاع مبالغ الأقساط التي يدفعها المواطن التونسي على قروضه البنكية وهو ما يؤدي إلى تراجع مقدرته الشرائية.
ورجّح الشكندالي ارتفاع كلفة الاستثمار بسبب هذا الإجراء، والذي ستؤدي إما إلى ارتفاع الأسعار أو إلى عزوف المستثمرين، الأمر الذي ينعكس مباشرة على النمو الاقتصادي والذي سيشهد تراجعا في معدلاته وهو أمر أكده الميزان الاقتصادي. كما حذر من أن الإجراء ستتحمل تبعاته الدولة نفسها لأنه سيؤدي إلى ارتفاع كلفة تسديد القروض الداخلية وبالتالي إلى تفاقم عجز ميزانية الدولة..
بدوره، قال الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، معز حديدان، إن إجراء رفع نسبة الفائدة الرئيسية "كان متوقعا بفعل ارتفاع نسبة التضخم لكنه لن يكون ناجعا بما فيه الكفاية" كما ستكون له "تداعيات على الاقتراض والاستثمار".
وأضاف حديدان في تصريح لـ"وات"، أن قرار مجلس إدارة البنك المركزي التونسي رفع نسبة الفائدة الرئيسية إلى 8 بالمائة يعد أمرا بديهيا خاصة أن نسبة التضخم لشهر نوفمبر 2022 زادت إلى 8ر9 بالمائة.
ووفق حديدان كان بإمكان مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الترفيع أكثر في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك، علما أن هذه العملية تعد من بين أهم أدوار البنك المركزي التونسي لكبح التضخم إلى جانب السعي إلى تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي.
وشدّد على أن الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية لن يكون ناجعا بما فيه الكفاية خاصة وان التضخم في تونس لا يعود إلى الطلب بل تقف وراءه عدة عوامل أخرى من بينها ارتفاع كلفة الإنتاج وارتفاع أسعار بعض المواد الموردة وانخفاض قيمة الدينار.
ولاحظ أن القرار سيكون له انعكاس سلبي على المؤسسات الاقتصادية والأشخاص الطبيعيين على المدى القريب أكثر من مقاومة التضخم.
وستكون لنسبة الفائدة في السوق النقدية انعكاسات على المؤسسات التي لديها قروض بنكية والتي تشكو من صعوبات في السيولة خاصة في ظل سعى الدولة إلى الحصول على التمويلات والجباية المستمرة في الارتفاع .كما ستكون له أثار سلبية على الأشخاص الطبيعيين الذين اقترضوا من البنوك إلى جانب زيادة بطء وتيرة الاستثمار الخاص الممول من القروض البنكية.
وستتحمل الدولة بدورها عبئا إضافيا بزيادة نسبة الفائدة بصفة مهمة عند إصدارها لرقاع الخزينة سواء متوسطة المدى المتراوحة بين 3 و7 سنوات أو طويلة الأمد التي تغطي فترة 7 سنوات وأكثر.
وخلص حديدان إلى القول بان رفع نسبة الفائدة المديرية سيحدّ من الطلب على القروض التي تطلبها المؤسسات لتمويل عمليات التوريد والذي يعتبره البنك المركزي من بين الإجراءات التي تساهم في الحد من العجز التجاري وتقليص الواردات وتصب في مصلحة الدينار التونسي.
وفي سياق متصل، حذر الخبير الاقتصادي محسن حسن، من التداعيات الخطيرة لقرار البنك المركزي بالترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية، على المؤسسات والأفراد، خاصة أنها تتزامن مع الإجراءات الجديدة لقانون المالية 2023، والتوقعات بإعلان ارتفاع نسبة التضخّم، خلال الأسبوع المقبل.
وقال حسن، في تصريح لراديو "شمس اف ام"، إن الإجراء سيعمّق من تراجع المقدرة الشرائية وارتفاع نسب الفقر وتدهور الطبقة الوسطى، مع ارتفاع كلفة الاستثمار وبالتالي تراجع الاستثمارات. وأكد أن الإجراء استباقي من البنك المركزي لاحتواء نسبة التضخم التي من المرجّح أن ترتفع أكثر خلال الأسبوع المقبل.
ودعا لحكومة إلى اتخاذ إجراءات للحد من تداعيات هذه القرارات والإجراءات، خاصة من خلال التحاور مع المنظمات الوطنية والخروج ببرنامج إصلاح اقتصادي موحّد يمكّن تونس من التوصل إلى اتفاق مع النقد الدولي والحصول على تمويلات خارجية، مشددا انه لم يبق أمام تونس اليوم سوى الاتفاق مع النقد الدولي أو الإفلاس.
كما دعا حسن الحكومة أيضا إلى اتخاذ إجراءات من اجل المحافظة على المقدرة الشرائية واحتواء الأسر محدودة الدخل.
أما الخبير الاقتصادي آرام بلحاج فقد اعتبر أن الرفع في نسبة الفائدة المديرية “سيقضي على ما تبقى من أمل لإعادة دفع عجلة النمو الاقتصادي”.
وقال في تدوينة نشرها بصفحته على موقع “فايسبوك” إن "المعنيين برسم السياسات الاقتصادية في تونس (خاصة الحكومة) سيتحملون مسؤولياتهم التاريخية جراء مخاطر الانهيار الاقتصادي المنتظر”.
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
لن يمرّ قرار البنك المركزي بعد الرفع مجدّدا في نسبة الفائدة المديرية بـ0.75 لترتفع إلى 8 بالمائة، دون أن تكون له تداعيات سلبية وخيمة على جميع المستويات خاصة على مستوى الاقتصادي من خلال تراجع النمو والاستثمار، واجتماعيا بسبب انعكاسات القرار على جل العائلات التونسية المثقلة بالديون البنكية وتواصل انهيار المقدرة الشرائية للتونسيين المتأثرة بطبعها من ارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة..
ورغم أن قرار الرفع في نسبة الفائدة المديرية له ما يبرره موضوعيا باعتباره أولى الحلول الممكنة للحد من نسبة التضخم المرتفعة التي وصلت إلى مستويات قياسية في تونس وناهزت خلال شهر نوفمبر 9.8 بالمائة ويتوقع أن تفوق خلال شهر ديسمبر المنقضي أكثر من 10 بالمائة، إلا أن خبراء الاقتصاد حذروا من تداعيات القرار اقتصاديا واجتماعيا خاصة إذا لم تصاحبه قرارات أخرى مصاحبة من قبل الحكومة تهدف إلى التحكم في الأسعار.
وأوضح في هذا الصدد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن رفع نسبة الفائدة المديرية لم تسهم ولا مرة واحدة في الحد من ارتفاع معدلات التضخم المالي، بل أن العكس هو الذي حدث، إذ تزامن القرار مع التهاب الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين. وقال في تدوينة له بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، إن رفع نسبة الفائدة ستؤدي إلى ارتفاع مبالغ الأقساط التي يدفعها المواطن التونسي على قروضه البنكية وهو ما يؤدي إلى تراجع مقدرته الشرائية.
ورجّح الشكندالي ارتفاع كلفة الاستثمار بسبب هذا الإجراء، والذي ستؤدي إما إلى ارتفاع الأسعار أو إلى عزوف المستثمرين، الأمر الذي ينعكس مباشرة على النمو الاقتصادي والذي سيشهد تراجعا في معدلاته وهو أمر أكده الميزان الاقتصادي. كما حذر من أن الإجراء ستتحمل تبعاته الدولة نفسها لأنه سيؤدي إلى ارتفاع كلفة تسديد القروض الداخلية وبالتالي إلى تفاقم عجز ميزانية الدولة..
بدوره، قال الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، معز حديدان، إن إجراء رفع نسبة الفائدة الرئيسية "كان متوقعا بفعل ارتفاع نسبة التضخم لكنه لن يكون ناجعا بما فيه الكفاية" كما ستكون له "تداعيات على الاقتراض والاستثمار".
وأضاف حديدان في تصريح لـ"وات"، أن قرار مجلس إدارة البنك المركزي التونسي رفع نسبة الفائدة الرئيسية إلى 8 بالمائة يعد أمرا بديهيا خاصة أن نسبة التضخم لشهر نوفمبر 2022 زادت إلى 8ر9 بالمائة.
ووفق حديدان كان بإمكان مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الترفيع أكثر في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك، علما أن هذه العملية تعد من بين أهم أدوار البنك المركزي التونسي لكبح التضخم إلى جانب السعي إلى تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي.
وشدّد على أن الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية لن يكون ناجعا بما فيه الكفاية خاصة وان التضخم في تونس لا يعود إلى الطلب بل تقف وراءه عدة عوامل أخرى من بينها ارتفاع كلفة الإنتاج وارتفاع أسعار بعض المواد الموردة وانخفاض قيمة الدينار.
ولاحظ أن القرار سيكون له انعكاس سلبي على المؤسسات الاقتصادية والأشخاص الطبيعيين على المدى القريب أكثر من مقاومة التضخم.
وستكون لنسبة الفائدة في السوق النقدية انعكاسات على المؤسسات التي لديها قروض بنكية والتي تشكو من صعوبات في السيولة خاصة في ظل سعى الدولة إلى الحصول على التمويلات والجباية المستمرة في الارتفاع .كما ستكون له أثار سلبية على الأشخاص الطبيعيين الذين اقترضوا من البنوك إلى جانب زيادة بطء وتيرة الاستثمار الخاص الممول من القروض البنكية.
وستتحمل الدولة بدورها عبئا إضافيا بزيادة نسبة الفائدة بصفة مهمة عند إصدارها لرقاع الخزينة سواء متوسطة المدى المتراوحة بين 3 و7 سنوات أو طويلة الأمد التي تغطي فترة 7 سنوات وأكثر.
وخلص حديدان إلى القول بان رفع نسبة الفائدة المديرية سيحدّ من الطلب على القروض التي تطلبها المؤسسات لتمويل عمليات التوريد والذي يعتبره البنك المركزي من بين الإجراءات التي تساهم في الحد من العجز التجاري وتقليص الواردات وتصب في مصلحة الدينار التونسي.
وفي سياق متصل، حذر الخبير الاقتصادي محسن حسن، من التداعيات الخطيرة لقرار البنك المركزي بالترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية، على المؤسسات والأفراد، خاصة أنها تتزامن مع الإجراءات الجديدة لقانون المالية 2023، والتوقعات بإعلان ارتفاع نسبة التضخّم، خلال الأسبوع المقبل.
وقال حسن، في تصريح لراديو "شمس اف ام"، إن الإجراء سيعمّق من تراجع المقدرة الشرائية وارتفاع نسب الفقر وتدهور الطبقة الوسطى، مع ارتفاع كلفة الاستثمار وبالتالي تراجع الاستثمارات. وأكد أن الإجراء استباقي من البنك المركزي لاحتواء نسبة التضخم التي من المرجّح أن ترتفع أكثر خلال الأسبوع المقبل.
ودعا لحكومة إلى اتخاذ إجراءات للحد من تداعيات هذه القرارات والإجراءات، خاصة من خلال التحاور مع المنظمات الوطنية والخروج ببرنامج إصلاح اقتصادي موحّد يمكّن تونس من التوصل إلى اتفاق مع النقد الدولي والحصول على تمويلات خارجية، مشددا انه لم يبق أمام تونس اليوم سوى الاتفاق مع النقد الدولي أو الإفلاس.
كما دعا حسن الحكومة أيضا إلى اتخاذ إجراءات من اجل المحافظة على المقدرة الشرائية واحتواء الأسر محدودة الدخل.
أما الخبير الاقتصادي آرام بلحاج فقد اعتبر أن الرفع في نسبة الفائدة المديرية “سيقضي على ما تبقى من أمل لإعادة دفع عجلة النمو الاقتصادي”.
وقال في تدوينة نشرها بصفحته على موقع “فايسبوك” إن "المعنيين برسم السياسات الاقتصادية في تونس (خاصة الحكومة) سيتحملون مسؤولياتهم التاريخية جراء مخاطر الانهيار الاقتصادي المنتظر”.