تونس-الصباح
حالة من الارتباك والهلع تسود قطاع تربية الدواجن والابقار والماشية جراء أزمة متعددة ومتشعبة الأبعاد، قطاع تخلت عنه الدولة ليكون مصدرا للاثراء غير المشروع من قبل عدد شركات توريد وتصنيع الأعلاف، لما لا وقد تخلت الهياكل المعنية عن دورها الرقابي فأصبح قطاع الأعلاف مرتعا للمحتكرين والمضاربين والمتمعشين، وايضا الفاسدين.
وهنا نتحدث عن الفساد بالنظر للزيادات غير مشروعة في الاسعار وخاصة في ظل التلاعب بتركيبة الاعلاف، تلاعب افقدها قيمتها الغذائية، حيث اقدمت بعض الوحدات المنتجة للاعلاف وقلة من الشركات على خلط تركيبة الأعلاف مواد ما انزل الله بها من سلطان، ولا نبالغ اذا ما قلنا ان هذا التلاعب بلغ الى حد إضافة التراب للأعلاف!! وهو ما أكده عدد من مراسلي "الصباح" من خلال البحث في هذا الملف، ملف تفاقم أزمة الأعلاف خاصة مع تواصل الانحباس الحراري وندرة الأمطار ما يعني قلة المراعي التي كانت تمثل جزءا من النظام الغذائي للماشية والأبقار.
ولا نبالغ اذا ما قلنا ان قطاع تربية الماشية والدواجن يمر بأحلك فتراته، منظومات متآكلة، أعلاف مغشوشة بأسعار مرتفعة، قطاع مستباح في ظل رقابة غير مفعلة وفي سبات وشركات تحتكر وتتحكم في مفاصل السوق عبر فرض أسعار مشطة.
وتكمن ملامح الأزمة أيضا في التلاعب بتوزيع حصص الأعلاف على الجهات بدرجة اولى وايضا على الفلاحين بدرجة ثانية بسبب عدم شفافية منظومة توزيع الاعلاف المدعمة التي ستستأثر بها انطلاقا من جانفي القادم 2023 مصالح المعتمديات اين يتم استلام وثيقة يوظف عليها معلوم جبائي بـ5 دينار قبل التوجه الى البلدية لإمضاء تصريح بعدد المواشي ومن ثمة الحصول على حصة الأعلاف.
ملف الجهات لليوم القى الضوء على نقائص منظومة الأعلاف في كل من سوسة والقيروان ومنوبة وسيدي بوزيد وصفاقس وبنزرت ومدنين، وما ترتب عنها من تداعيات خطيرة على الإنتاج الحيواني من بيض ولحوم بيضاء وحمراء والتي تقلصت بشكل كبير نتيجة فقدان القطيع عبر التفريط فيه بالبيع بسبب عدم قدرة الفلاح على تحمل مصاريف إضافية ناتجة عن الارتفاع المهول في أسعار الأعلاف المركبة والخشنة .
وضع متشعب يهدد الإنتاج الحيواني في بلادنا وهذا جلي من خلال الزيادة المضطرة في أسعار البيض واللحوم والحليب الذي يطالب منتجوه من الفلاحين اليوم بترفيع سعر قبولها حفاظا على منظومة الإنتاج.
إشراف: حنان قيراط
رئيس الإتحاد الجهوي للفلاحة بسوسة لـ"الصباح": تلاعب بمكوّنات الأعلاف المركبة..ونطالب بتكثيف التّحاليل
تذمّر عدد كبير من الفلاحين ومن مربي الدّواجن والأبقار ممّا اعتبروه تلاعبا صارخا وضربا مباشرا لمصالح الفلاحين والمربّين نتيجة استفحال ظاهرة التلاعب بمكونات ونسب تركيبة الأعلاف المركبة ما خلّف خسائر مهمّة لمربي الدواجن وأخّر عملية نموّ الفرخ وجاهزيته من ثلاثة إلى خمسة أشهر.
تشكيات بالجملة
ذات التشكيّات والتذمّرات جاءت على ألسنة عدد من مربي الأبقار وعجول التّسمين الذين أكّدوا لـ"الصباح " تسجيل تراجع ملحوظ في مردودية إنتاج الحليب وفي نموّ العجول المُعدَّة للتّسمين بتكبّد شهريْن إضافييْن في معدّل الفترة المعتادة لبلوغ جاهزية العجول وما يترتّب عنه من مصاريف إضافية للتّسمين والرعاية الصحيّة ومخاطر الأمراض والتّعاقد مع الطبيب البيطريّ في فترة حرجة تميّزت بمتاعب ماديّة حقيقيّة يُواجهها الفلاحون نتيجة الإرتفاع المشطّ ونُدرة الأعلاف المركّبة.
تلاعب بمكونات الاعلاف
من جهته أكّد حسان اللطيّف رئيس الإتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بسوسة في تصريح لـ"الصباح" ما يروج عن وجود تلاعب في مكوّنات الأعلاف المركّبة وممارسات ترتقي إلى منزلة جريمة في حق مهنيي قطاع تربية الدواجن والأبقار حيث شدّد اللطيّف على وُرود عديد التشكيّات الكتابية من قبل أغلب الاتحادات المحلية للفلاحة بالجهة فضلا عن تشكيّات أخرى شفوية نقلها عدد من مربي الدواجن والماشية خلال زيارات ميدانية تُجمع كلها على ثبوت التلاعب بمعايير ومواصفات الأعلاف المركبة.
وأكّد رئيس الإتحاد الجهوي للفلاحة أنه قام خلال زيارة وزير الفلاحة الأخيرة لولاية سوسة بنقل هموم الفلاحين وتذمّراتهم من عمليات الغش والتحيّل التي يعتمدها عدد من مُصنّعي الأعلاف المركبة الذين يواجهون ارتفاع تكلفة الإنتاج بحيل تستهدف الحطّ من بعض المكوّنات باهظة الثمن وتعويضها بنسب أرفع لمكوّنات أقلّ كُلفة وتعهّد الوزير بالتحقيق في الموضوع غير أنّ الوضع مازال على حاله.
خلط الأعلاف بالتراب!!
وابرز محدثنا إن ضُعف التّعاطي مع الموضوع وغياب الدور الرقابي والمحاسبة جعل بعض المصنّعين يتطاولون ويستبيحون مصالح الفلاحين فيعمدون إلى خلط الأعلاف المركبة بالتراب وفقا لشهادات بعض الفلاحين ما ألحق أضرارا صحيّة ومسّا من سلامة القطيع وطالب حسان اللطيّف الأجهزة الرقابية ووزارتي الفلاحة والتّجارة بوجوب حماية الفلّاحين من مثل هذه الممارسات مشيرا إلى أن الإتحاد الجهوي للفلاحة بسوسة راسل الوزارتيْن المعنيّتيْن وطالب بالقيام بعمليات مراقبة وتحاليل دوريّة للأعلاف التي تُروّج في الأسواق غير أنّ وزارة التجارة اعتذرت وتعلّلت بعدم توفّر ميزانية خاصة للقيام بمثل هذه التحاليل التي رأى اللطيّف بضرورة القيام بها بشكل دوريّ لحماية الثروة الحيوانية وردع المخالفين .
أنور قلالة
القيروان .. توجهات فاشلة.. واستفحال ظاهرة الاحتكار
تحت وطأة أزمة الجفاف التي تعيشها بلادنا منذ أشهر بفعل التغيّرات المناخيّة، يعيش قطاع تربية الماشية أزمة كبرى في ولاية القيروان أثرت سلبا على مربي الماشية حيث إتسعت الفجوة بين العرض والطلب في الأعلاف لتنتشر مظاهر الاحتكار وانتعاشة السوق السوداء وفي هذا الإطار قدم رئيس النقابة الجهوية للفلاحين بالقيروان عمر السلامي لـ"الصباح" قراءة لواقع مربي الماشية في الجهة .
ضعف حصة الولاية من الأعلاف
وانتقد السلامي ضعف الحصة المخصصة للجهة من العلف المدعم من طرف وزارة الفلاحة لولاية القيروان والمتمثلة في 46 ألف قنطار من الشعير و21 ألف قنطار من السداري نظرا لعدد المجترات الصغرى المتوفرة بالجهة التي تناهز 800 ألف رأس من أغنام وماعز ما يجعل ولاية القيروان تحتل المرتبة الأولى في الجمهورية.
وأشار السلامي الى أن الكميات الواردة من هذه الحصة لا تتجاوز سوى 19000 ق من مادّة السداري و38000 ق من الشعير مما يقصي أعدادا كبيرة من المربين من الحصول على حصة إضافة.
قسط كبير من حصة الولاية في السوق السوداء
وكشف السلامي عن تعمّد برمجة وصول الاعلاف في الليل للتستر على كمية هامة منها في جنح الظلام، واعتماد الثغرات في تطبيق القانون وتحويل الأجزاء الوفيرة من العلف إلى السوق السوداء وتكديس الثروات بعباءة الدعم الفلاحي على حساب دافعي الضرائب والمجموعة الوطنية، هذا إضافة إلى التواطؤ في عدم الدفاع عن حقوق الولاية ودعمها فمن المعلوم أنّ ولايات أخرى تعد كميات أقل من المواشي وتحصل على أضعاف الحصص المبرمحة لولاية القيروان، وفق تأكيده.
توجهات فاشلة يتمعش منها الوسطاء والسماسرة
وأضاف رئيس النقابة الجهوية للفلاحين بأن هذا الحيف غير مفهوم سيما وأن هناك جهات أخرى تتمتع بحصة أكبر من الشعير والسداري بالرغم من قلة عدد القطيع. وأشار المتحدث بأن الأزمة التي يمرّ بها قطاع الأعلاف ليست أزمة ظرفية عابرة ولا يمكن انتظار حلّ سحري لها بل إنها نابعة من التوجهات الفاشلة والتي مازالت سائدة ليوم الناس هذا منذ عقود، واعتبر أن انتشار الوسطاء والسماسرة والدخلاء في هذا القطاع هو خير دليل على فشل هذه المنظومة المتآكلة حيث تنتعش الحسابات الفئوية الرخيصة والمحسوبية المقيتة .
وقال المتحدث بأن هذه الممارسات تتمّ على مرأى ومسمع المسؤولين الجهويين الذين يتعمّدون إقصاء كلّ من يكشف عن هذه الممارسات حفاظا على مصالح الأخطبوط المتمعش من قوت الفلاحين ومن المال العام.
وفي سياق متصل أكد رئيس النقابة الجهوية للفلاحين بالقيروان في ختام حديثه لـ"الصباح" أن أغلب الفلاحين في مختلف معتمديات ولاية القيروان يشكون من غلاء أسعار الأعلاف المركبة وتدهور نوعيّتها منذ شهر جوان الماضي، في ظل غياب شبه تام للرقابة التي فقدت دورها الرادع وتحولت إلى مجرد رديف في ركاب أصحاب مصانع العلف المركب؟!؟.
مروان الدعلول
جراء تقلص المراعي: مربو الماشية في مدنين يطلقون صيحة فزع
تعتبر ولاية مدنين من اهم مناطق انتاج المواشي بالبلاد التونسية حيث تمتد المراعي الطبيعية على اكثر من 600 ألف هك وتعد الجهة حوالي 500 الف رأس من المجترات الصغرى بين ماعز وأغنام وحوالي 12 الف راس من الابل، حسب ما افاد به مصدر مسؤول بالاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بولاية مدنين لمراسل "الصباح" بالجهة .
انحباس الأمطار.. وتأثيرات سلبية
وأضاف ذات المصدر انه نظرا لتواصل انحباس الامطار خلال 3 سنوات الاخيرة، والتي اثرت بشكل لافة على حالة المراعي الطبيعية خاصة وانها كانت توفر أكثر من ثلث حاجيات القطيع، قد اصبحت مناطق جرداء ما دفع بالمربين للاقبال على الاعلاف التكميلية المقتصرة على مادتي الشعير والسداري والأعلاف الخشنة من قرط وتبن.
مساع حثيثة للاتحاد الجهوي للفلاحة لتخفيف النقص
ويقوم الاتحاد الجهوي مع مختلف الهياكل الادارية بالسهر على التوزيع الشهري لحصة الولاية المقدرة بـ 6800 طن من الشعير و2900 طن من السداري التي لم يقع الترفيع فيها بالرغم من تطور القطيع بالجهة ومراسلة الإدارات المركزية في الغرض، وما زاد في تأزم الوضع اعتصام اهالي جرجيس وغلقهم للميناء التجاري مما تسبب في اضطراب التزود بالشعير خلال شهري نوفمبر وديسمبر الجاري حيث لم تتجاوز نسبة التزود 64%.
ومن حسن الحظ ان منحة نقل الأعلاف الخشنة من مناطق الإنتاج بالشمال والوسط إلى الولاية قد ساهمت في توفير بعض مصادر الأعلاف الا ان ارتفاع الأسعار وتزايد الطلب عليها جعل من التجار والمحتكرين يتلاعبون بنوعية الأعلاف والاحتكار .
ومن جهتهم عبر عدد من مربي الماشية لمراسل "الصباح" بولاية مدنين عن تخوفاتهم التي ما انفكت تزداد حدة في ظل انحباس الأمطار خلال هذه الفترة من السنة وهو ما سيؤثر على القطيع بشكل عام، كما عبروا عن املهم للسلط المعنية ان ترفع من حصة الولاية من الأعلاف .
ميمون التونسي
بنزرت.. عدم انتظام التزويد.. ومطالب بمراقبة مسالك التوزيع
عبر عدد من مربي الماشية في جومين عن استيائهم من عدم انتظام توزيع الشعير المدعم محذرين من انتشار عمليات الاحتكار وطالبوا الادارات المتدخلة بمراقبة اصحاب الرخص وتوفير الكميات اللازمة لإنقاذ الدواب.
اما في الجهة الشرقية من ولاية بنزرت فقد استغرب رشاد شعبان نائب رئيس النقابة المحلية للفلاحين من تغيير الاجراءات الخاصة بالحصول على السداري والشعير المدعم إذ بين لمراسل "الصباح" انه بعد ان كانت العملية حصريا من اختصاص الهياكل الممثلة للفلاحين وتتطلب الاستظهار بشهادة التلقيح ستستأثر بها انطلاقا من جانفي القادم مصالح المعتمديات اين يتم استلام وثيقة يوظف عليها معلوم جبائي بـ5 دينار قبل التوجه الى البلدية لإمضاء تصريح بعدد المواشي على ان يتولى بعد ذلك احد موظفي المعتمدية التثبت من الارقام المعلنة والافراج عن الكميات المطلوبة من العلف المدعم!!!.
قطيع الابقار مهدد بالاندثار
وسيعمق تشعب الاجرءات الازمة التي يمر بها القطاع في جهة بنزرت اين يملك 80 بالمائة من المربين اقل من 10 ابقار او 20 راس غنم عانوا خلال الاشهر الماضية من تغير تركيبة الاعلاف المركبة حيث تقلصت نسبة الذرة والفول المصري والصوجا في الغذاء الحيواني الذي ارتفعت اسعاره وقلت كمياته في الاسواق العالمية بالتوازي مع تعثر توزيعه في السوق المحلية بسبب التحركات المطلبية التي شهدتها اكبر شركة موردة.. وقد لاحظ عدد من المربين ارتفاع كمية "النخالة" في الاعلاف المدعمة وهو حل اعتمدته الشركات للتقليص من كلفة الانتاج والحصول على هامش من الربح يضمن ديمومتها لكنه في المقابل حرم الحيوانات من التوازن الغذائي المنشود كما وكيفا وقلص من خصوبتها وكميات الحليب المنتجة.
تغيير القوانين كفيل بانقاذ القطاع
وحسب المعطيات الرسمية يفوق عدد الابقار في ولاية بنزرت 40000 راس في حين تتجاوز الاغنام 145 الف راس ويوفر القطيع الجهوي 15 بالمائة من الانتاج الوطني من اللحوم الحمراء و12 بالمائة من كميات الالبان رغم ان 63 بالمائة من المربين تتراوح مساحة ملكياتهم من الاراضي بين 0 و5 هك وهم مكرهين حرفاء أوفياء للوبيات التي ترفع الاسعار وتغير تركيبة الاعلاف كيفما اتفق في غياب شبه تام للدولة التي تمارس دورها باحتشام عبر تعديل اسعار قبول الحليب فقط لا غير.
وحسب خبراء اتصلت بهم "الصباح" فان الحل الوحيد والناجع لإنقاذ القطاع هو فرض شرط توفر المرعى على مساحة تتناسب مع عدد القطيع ولا تقل عن 10 هك من الاراضي للحصول على التراخيص اللازمة لممارسة مهنة تربية الماشية مع تطبيق الاجراء الجديد تدريجيا واستحداث طرق سريعة لفض اشكاليات تشتت الملكية الفلاحية والعمل على مقاومة التوسع العمراني والصناعي سواء عبر التشجيع على احداث تعاونيات او شركات صغيرة مساهمة تجمع مربين من نفس المنطقة تمكنهم من رعي مواشيهم بطريقة طبيعة في مساحات شاسعة على غرار ما يحدث في كل الدول الأوروبية واللاتينية مثل الاوروغواي والأرجنتين، ما ستمكن الشركات الجديدة حال احداثها من تقليص سيطرة لوبيات الاعلاف وتضمن انتاجا حيوانيا ممتازا كما وكيفا لان المراعي المفتوحة توفر الاعلاف الخضراء التي تمثل عادة 70 بالمائة من علف الدواب.
ساسي الطرابلسي
سيدي بوزيد.. 3 مجامع تتحكم في السوق
سجل خلال الفترة القليلة الماضية قطاع بيع الأعلاف الحيوانية ارتفاعا مهولا في الاسعار وصلت لثلاث أضعاف خلال شهر واحد بحسب شهادات فلاحين ومربي ابقار اصيلي ولاية سيدي بوزيد.
ارتفاع يمكن ربطه بالعديد من العوامل من بينها تراجع قيمة الدينار التونسي وارتفاع أسعار الأعلاف في الأسواق العالمية، ولعلّ أهم عامل حصل حوله إجماع هو احتكار ثلاثة مجامع تجارية كبرى لتوريد وإنتاج الأعلاف مما أدّى لاحقا للتلاعب بأسعارها والمضاربة فيها.
من يحتكر إنتاج الأعلاف وتوزيعها ؟!!
" تعتبر مسالة احتكار انتاج الاعلاف وتوزيعها مسألة لها علاقة بالسيادة الغذائية التي تضررت بسبب استيراد الأعلاف من الخارج بالعملة الصعبة، فمن غير المعقول، في ظل ما تعيشه ،البلاد من أزمات اقتصادية ومالية وغذائية السماح بإخراج العملة الصعبة لشراء الأعلاف للأبقار" هذا ما صرح به محمد حامدي أحد مربي الابقار بالجهة لمراسل "الصباح".
الحامدي اضاف ان تبديد المجامع المهنية الخاصة للعملة الصعبة من أجل جلب العلف للحيوانات يشكل مدخلا مهما لفهم آلية انتاج الأعلاف المركبة وتوزيعها وطريقة تحديد أسعارها اذ تهيمن شركات إنتاج الأعلاف الخاصة على مختلف مسالك استيراد وإنتاج وبيع الأعلاف منذ دخولها الى تونس حتى رحيها وخلطها ووضعها في الأكياس.
وكشف وجود اتهامات موجهة لهذه الشركات تتعلق أساسا بالتلاعب بالأسعار وكميات الإنتاج وحتى تركيبة الاعلاف، إذ بعض الشركات تتلاعب بتركيبة هذه الأعلاف وخلطها بمواد غذائية أخرى غير علفية مثل المعجنات، بل وصل بهم الأمر لخلطها بالرمل والحصى وفق تاكيده.
عبد الله اولاد احمد أحد فلاحي الجهة مختص في تربية الماشية، يؤكد في تصريحه لـ"الصباح" انه رفقة عدد من ابناء القطاع قد نبهوا منذ مدة من أن ارتفاع تكلفة الإنتاج سيدفعهم قسرًا إلى التخلي عن تربية الأغنام وسيحتم عليهم ترك هذه المهنة والبحث عن مصدر قوت آخر.
ويضيف أولاد احمد في ذات السياق ان هذا الاشكال ليس وليد الساعة، الا انه تفاقم بشكل غير مسبوق في الأشهر القليلة الفارطة، وفق تعبيره.
فلاحون عن مواشيهم يتخلون
من جهته أكد أحد منتجي الحليب واللحوم بولاية سيدي بوزيد، عبد الحفيظ صياحي لـ"الصباح" استغناء أغلب منتجي الأبقار عن قطعانهم نتيجة ارتفاع تكلفة العلف المركب بالإضافة إلى عدم توزيعه بصفة عادلة على الفلاحين خاصة صغار مربي الأبقار والمواشي.
وأضاف أنّ أغلب الفلاحين كانوا يعتمدون على العلف المنتج في تونس أو المراعي الخضراء في أراضيهم، مبينًا أن بعض المربين لا يملكون اليوم مراعي وهو ما يستوجب سعي الديوان الوطني لتربية الماشية لتوفير المرعى والعودة إلى سالف نشاطه وتشجيع مربي الأبقار وكافة الفلاحين كما جرت العادة سابقًا، إلى جانب العمل على توسيع المساحات المخصصة لزراعة الذرة العلفية وبقية الأنواع المحلية من الزراعات للتقليص من استيراد العلف.
وضعية حرجة لقطاع الألبان بالجهة
من جهة اخرى تمرّ حلقة إنتاج الحليب منذ سنة 2020، بوضعية خطيرة تهدّد بانهيار جميع حلقات المنظومة، إنتاجا وتجميعا وتصنيعا بولاية سيدي بوزيد، وترجع أسباب هذه الوضعية الحرجة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج الناجمة عن ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة، والأعلاف الخشنة، حيث تواصل أسعار الأعلاف المركبة الصعود، متأثرة بأسعار مادتي "فيتورة الصوجا" و"حبوب الذرة" في السوق العالمية، بالإضافة إلى تراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية.
كما أن نقص تزود البلاد بمادة الشعير العلفي من قبل ديوان الحبوب، انعكس سلبا على سعر العلف المركب، حيث دفع هذا النقص مصانع الأعلاف إلى تعويض مادة الشعير العلفي بمادة حبوب الذرة في تركيبة الأعلاف المركبة، وهو ما يفسر الزيادات المتتالية خلال شهري جانفي وفيفري 2022 (55 د للطن الواحد).
اتحاد الفلاحين يحذر ويقترح
العديد من الاقتراحات والمقاربات طرحت لحل قضية الأعلاف بهدف إنصاف الفلاح الصغير ووقف نزيف إهدار العملة الصعبة بسبب تزايد استيراد مواد يمكن إنتاجها محليا وبأقل تكلفة وبنتيجة مرضية لجميع الأطراف التي لها علاقة بقطاع الأعلاف.
حيث افادنا أنور الحراثي ممثل الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بولاية سيدي بوزيد أن الحل يكمن أساسا في رفع دعم الدولة عن قطاع الأعلاف وتقوم الدولة في هذه المرحلة بتقديم الدعم المادي نقدا وبصفة مباشرة لصغار الفلاحين المعنيين بالدعم حفاظا على مقدرتهم الشرائية وذلك دعما لإنتاج الحليب واللحوم على حد سواء.
وأضاف الحراثي، أن دعم الدولة الموجه للفلاح الصغير في حال ارتفعت تكلفة الإنتاج موجه فقط لنوعين من الأعلاف وهما السداري والشعير ولا يشمل أغلبية الأعلاف الخشنة الضرورية لإنتاج الحليب واللحوم مثل الصوجا والفصة والذُرة التي يتم استيرادها بالعملة الصعبة عن طريق الخواص وتخضع لتقلبات الأسعار في السوق العالمية ونسبة التضخم الاقتصادي والمضاربات الداخلية بين كبار التجار والمجامع المهنية.
وذكر رئيس دائرة الإنتاج الحيواني بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد محمد حمدوني أن فقدان الأعلاف وارتفاع أسعارها إضافة إلى الجفاف وندرة وغلاء الخرفان المعدة للتسمين من أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار الأضاحي مشيرا إلى تراجع عددها بولاية سيدي بوزيد من 313 ألف أضحية الموسم الفارط إلى 269 ألفا هذه السنة منها حوالي 40 ألفا للاستهلاك المحلي و229 مخصصة لبقية الولايات.
ولفت في هذا الصدد الى أن تربية العلوش بالجهة تتركز بالخصوص بمعتمدية جلمة (100 ألف رأس) تليها سيدي بوزيد الشرقية (30 ألف رأس) ثم سيدي بوزيد الغربية (20 ألف رأس) ثم الرقاب (19 ألف رأس) ثم سوق الجديد (15 ألف رأس) مؤكدا أن الحالة الصحية للقطيع عادية وعمليات المراقبة متواصلة ولم تسجل أية حالات مرضية.
إبراهيم سليمي
صفاقس: تغول شركات التوريد والتصنيع.. ومطالب بتفعيل دور ديوان الحبوب
يُشكل قطاع الأعلاف في تونس هاجسا يؤرق الفلاحين من مربي الماشية والدواجن والأبقار نظرا لتكلفتها الباهظة ولضعف الجودة ولعدم تلبيتها لحاجيات الحيوانات التي تؤثر بدورها على مردودية الإنتاج الحيواني .
تغول شركات التوريد والإنتاج
وفي هذا السياق قال رئيس جمعية منتجي بيض الاستهلاك "حسيب الفخفاخ" في تصريح لـ"الصباح" أن تغول الشركات الكبرى في توريد وبيع الأعلاف من بين أهم المشاكل التي يعاني منها قطاع الاعلاف في تونس، من بينها احتكار ثلاث شركات كبرى في قطاع الدواجن التي تحتكر توريد مادة "القطانيا" التي تمثل 60% من نسبة الاعلاف المركبة وتبيعها للفلاح بسعر مرتفع مقارنة بالأسعار العالمية حيث يصل سعر مادة "القطانيا" إلى 1245 دينارا للطن الواحد وهو يعتبر سعرا مرتفعا بالنسبة للفلاح ما ينعكس سلبا على القدرة الشرائية المواطن، مؤكدا ان الحل يكمن في عودة ديوان الحبوب لتوريد هذه المادة الأساسية من العلف المركب والحد من احتكار الشركات الكبرى الموردة للأعلاف.
وأكد في ذات السياق أن الفلاح يتعرض أحيانا لعمليات الغش في شراء الاعلاف المركبة التي عادة ما تكون أقل جودة وتحتوي على كمية بروتينات أقل من المقاييس العالمية المعتمدة ، وإعتبر ان ضعف الجودة في الاعلاف يقابله استهلاك أكبر لكميات العلف للابقار والماشية والدواجن التي تُضعف نسب الإنتاج الحيواني من جهة وعلى اعتماد الفلاح على أعلاف بديلة على غرار مواد (الخبز، الشعير، السداري..) التي تعطي مردودية إنتاج ضعيفة من اللحوم والحليب، الذي يهدد بدوره الأمن الغذائي الوطني، وفق تعبيره.
وبالنسبة لأسعار البيض اعتبر "حسيب الفخفاخ" أن السعر الحالي للبيض بـ 1400 مليم "الحارة" يعتبر مناسبا للفلاح ويحقق هامش ربح عند الإنتاج في حدود 15%.
أهمية الدور الرقابي
من جهته أكد رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بصفاقس "محمد شلاڨو" في تصريح سابق لـ"الصباح" على أهمية الدور الرقابي في قطاع الأعلاف المركبة حتى لا يقع إحتكار كميات من الأعلاف المركبة وبالتالي تذبذب أسعارها. كما اعتبر ان منتجي الحليب من بين اكثر الفلاحين المتضررين في قطاع الإنتاج الحيواني ككل حيث تقدر خسارة الفلاح ب 715 مليما في اللتر الواحد من الحليب ولا يمكن ان يصمد أو يقاوم هذه الخسارة وقد يضطر لبيع ماشيته ونضطر إلى توريد مادة الحليب باسعار مشطة. مضيفا بالقول انه "لابد من تعديل اسعار الأعلاف المركبة فارتفاع كلفة شراء العلف المركب من الضروري ان يقابلها زيادة في اسعار الإنتاج الحيواني"(ذكر مادة الحليب بالخصوص)
عتيقة العامري
منوبة: الفلاحون يفرطون في القطيع ويصارعون من أجل البقاء !
تعيش جهة منوبة على غرار بقية ولايات الجمهورية صعوبات متزايدة ومتنامية من يوم لآخر في علاقة بتوفر الأعلاف واسعارها سيما مع انحباس الامطار وتراجع منسوب المياه بالاودية بشكل خطير، حيث أصبح من العسير على فلاحي الولاية الايفاء بحاجيات القطيع من الاعلاف في ظل استمرار ضعف حصة ولاية منوبة من هذه المواد المغذية و التي لا تتجاوز 800 قنطار من الشعير و2800 قنطار من السداري سنويا موجهة لقطيع يتكون من 17 ألف رأس بقر واكثر من 132 ألف رأس غنم وحوالي 10 آلاف رأس ماعز.
التخلص من القطيع.. شهادات عدد من المربين
نقص في الكميات وارتفاع مشط للأسعار خاصة في الاعلاف المركبة وانحباس للامطار اجبر عدد من فلاحي الجهة على التخلص من جزء كبير من قطعانهم لعدم التمكن من مجابهة مصاريف تربيتها وعلى رأسها قطيع الأبقار .
الهادي العويني فلاح بمنطقة الجديدة أفاد لمراسل "الصباح" انه كان يربي 9 بقرات حلوب وما يزيد عن 40 رأس غنم غير انه تصرف ببيع ثلث قطيعه خلال الشهرين الأخيرين بسبب النقص الكبير في الكلأ وارتفاع سعر التبن وعدم قدرته على توفير العلف اللازم لضعف الكمية التي يتحصل عليها من مادتي الشعير والسداري على وجه الخصوص من الاتحاد المحلي للفلاحة والارتفاع المشط وغير المسبوق لاسعار هاتين المادتين والعلف المركب لدى التجار الخواص ..
وحل هذا الموضوع كان اتصال "الصباح" بفوزي الجندوبي رئيس الاتحاد المحلي للفلاحين بطبربة الذي أكد على تواصل توزيع الاعلاف التي توفرها الدولة والمتمثلة في مادتي الشعير والنخالة بشكل عادي وحسب التسعيرة القانونية التي تم وضعها وان الاشكال يبقى قائما في الكميات الموزعة حيث يبقى الفلاح في حاجة إلى الترفيع في حصته الشهرية من هذه المواد خاصة في هذه الظروف التي طغى عليها الجفاف .
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الاعلاف المركبة هو أمر متعلق بالمؤسسات المنتجة ولابد أن تشملها عمليات رقابية ومتابعة لتكلفة التصنيع او التوريد حتى يهدأ جنون الأسعار التي ما ان ترتفع حتى ترتفع من جديد وفي فترات وجيزة وهو أمر ارهق الفلاحين وأصبح اكبر تهديد لتواصل نشاطهم ومحافظتهم على قطعانهم.
البحث عن حلول بديلة
ودعا الجندوبي فلاحي الجهة الى العمل على إيجاد حلول خاصة سيما مع قلة الامطار ونقص مياه الاودية والتعويل على الرعي اكثر ما يمكن حتى تتوزع تغذية القطعان بين الأخضر واليابس وهو أمر يفرضه الواقع رغم ما يحفه من صعوبات.. من جهته اكد محمد السباعي تاجر أعلاف لـ"الصباح" ان لا دخل لتجار التفصيل في ارتفاع أسعار الاعلاف وعمليات الغش التي تحصل على مستوى التصنيع، واعتبر الغلاء الحاصل مرتبطا بتراجع رهيب في لإنتاج المحلي للمواد الأولية المتمثلة أساسا في مواد الشعير والصوجا والقطانيا التي يقع توريد نسب كبيرة منها اليوم من الخارج بأسعار مرتفعة وهو ما يؤدي منطقيا لارتفاع اسعارها عند البيع ذاكرا ان 50 كلغ من القطانيا كان في حدود 22د سنة 2010 ليتجاوز اليوم عتبة 80د. وطالب الدولة بتفعيل دور المهندسين الفلاحيين والتمكين من البحث في مجال إنتاج الاعلاف وفتح الأبواب امام الباحثين عن الاستثمار في المجال الفلاحي وتحويزهم الأراضي الدولية، اما عن عمليات الغش في تركيبة الاعلاف فأعتبرها حقيقة لا يمكن نكرانها وتتمثل أساسا في التنقيص من نسبة الفيتامينات cmv عند تركيب الاعلاف للضغط على التكلفة وهي ممارسات لا يمكن الفلاح المربي الانتباه إليها..
عادل عونلي