ماذا نريد عادة من الانتخابات، غير أن نفتح صفحة جديدة مع حكم جديد ومع ممثلين جدد للمواطنين ومع اختيارات جديدة تبني على الجيد وتقطع مع السيئ؟ هل هذا ما يحصل في تونس اليوم؟
إن الإجابة سلبية حتما. فالانتخابات التي تعتبر منطقيا هي الحل وهي إحدى أهم آليات الديمقراطية والتداول السلمي على الحكم، صارت تمثل مشكلا. وما الجدل القائم حول الدور الثاني للانتخابات التشريعية (الدور الأول كان في 17 ديسمبر) إلا دليلا على ذلك.
فنحن في حيرة فعلا خاصة بعد تسجيل نسب تصويت ضعيفة جدا منذ دخول بلادنا في ما يعرف بالمسار الديمقراطي الذي تلا أحداث 14 جانفي 2011.
فقد بلغت نسبة المقترعين حسب أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات11 فاصل 22 بالمائة وكانت نفس الهيئة قد تحدثت في البداية عن نسبة أقل من 9 بالمائة، الأمر الذي يدفع للتساؤل بقوة عن مستقبل الديمقراطية في البلاد في ظل استقالة المواطن وعزوفه عن المشاركة السياسية، فما الذي أوصلنا إلى ذلك؟؟
إن الانتخابات في الدول الديمقراطية، تلك التي لديها تقاليد راسخة في التداول السلمي على السلطة، هي مسألة طبيعية. الناس يختارون بمحض إرادتهم ممارسة حقهم الانتخابي وهم واعون بأن أصواتهم ستؤثر بطريقة أو بأخرى، فهل نحن اليوم في نفس الوضعية؟
إن معضلتنا مع الديمقراطية هي أنها تبقى مجرد آلية ومطية للوصول إلى السلطة فقط، وهذا ما استوعبه المواطن بعد تكرر التجربة عدة مرات. فقد تأكد أن صوته لا يؤثر مطلقا. كل الوعود الانتخابية تظل حبرا على ورق والتعهدات يلقى بها في سلة المهملات وكل المنظومات التي تداولت على الحكم، تجاهلت صوت المواطن وانخرطت في صراعات ومعارك إيديولوجية واستعراضية لا تهم التونسيين في شيء وحتى الهدنة التي لوحظت مع إطلاق مسار 25 جويلية تبين أنها قصيرة.
لقد اعتقد التونسيون في ذلك التاريخ أن التغيير ممكن وأن الخروج من حالة العطالة التي وقعت فيها البلاد بسبب المنظومة السياسية التي أفرزتها توافقات ما بعد 14 جانفي 2011، ممكنة. غير أنهم وجدوا أنفسهم، بعد أكثر من عام على بداية المسار، مجددا في عنق الزجاجة.
فالبلاد تواجه منذ تجميد البرلمان بتاريخ 25 جويلية 2021، ثم حله في مرحلة ثانية، ودخولها في حالة استثنائية وإعلان الرئيس قيس سعيد عن خارطة طريق سياسية جديدة، صعوبات ومشاكل تكاد لا تنتهي. بل ازدادت الأمور تعقيدا في مختلف المجالات. سياسيا، نعيش تجربة لا ندري إلى أين ستقود البلاد وأبرز سماتها انفراد رئيس الجمهورية بسلطة القرار وإقصاء الأحزاب السياسية تماما من المشهد السياسي. واجتماعيا تستمر الأوضاع الصعبة ويعاني المواطن من ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل رهيب وقد عجزت الحكومة عن محاصرتها، تماما مثلما عجزت عن إيجاد حلول لاستفحال الفقر والبطالة وتردي الخدمات. أما اقتصاديا، فالبلاد تكابد للخروج من وضعها المتردي وتعجز عن تحقيق مستويات للتنمية قادرة على خلق الثروة ومواطن الشغل أضف إلى ذلك عسر التعامل مع المنظمات المالية المانحة الذي زاد في تأزيم الأمور.
ووسط هذه الظروف، يجد المواطن نفسه مدعوا إلى المشاركة في ماراطون انتخابي. انتخابات تشريعية بدورين، تليها انتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي نص عليه الدستور الجديد للبلاد وبقية الاستحقاقات الانتخابية. لقد وجب الاعتراف بأن الأمر يتطلب قوة خارقة قد لا تكون دائما متاحة.
حياة السايب
ماذا نريد عادة من الانتخابات، غير أن نفتح صفحة جديدة مع حكم جديد ومع ممثلين جدد للمواطنين ومع اختيارات جديدة تبني على الجيد وتقطع مع السيئ؟ هل هذا ما يحصل في تونس اليوم؟
إن الإجابة سلبية حتما. فالانتخابات التي تعتبر منطقيا هي الحل وهي إحدى أهم آليات الديمقراطية والتداول السلمي على الحكم، صارت تمثل مشكلا. وما الجدل القائم حول الدور الثاني للانتخابات التشريعية (الدور الأول كان في 17 ديسمبر) إلا دليلا على ذلك.
فنحن في حيرة فعلا خاصة بعد تسجيل نسب تصويت ضعيفة جدا منذ دخول بلادنا في ما يعرف بالمسار الديمقراطي الذي تلا أحداث 14 جانفي 2011.
فقد بلغت نسبة المقترعين حسب أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات11 فاصل 22 بالمائة وكانت نفس الهيئة قد تحدثت في البداية عن نسبة أقل من 9 بالمائة، الأمر الذي يدفع للتساؤل بقوة عن مستقبل الديمقراطية في البلاد في ظل استقالة المواطن وعزوفه عن المشاركة السياسية، فما الذي أوصلنا إلى ذلك؟؟
إن الانتخابات في الدول الديمقراطية، تلك التي لديها تقاليد راسخة في التداول السلمي على السلطة، هي مسألة طبيعية. الناس يختارون بمحض إرادتهم ممارسة حقهم الانتخابي وهم واعون بأن أصواتهم ستؤثر بطريقة أو بأخرى، فهل نحن اليوم في نفس الوضعية؟
إن معضلتنا مع الديمقراطية هي أنها تبقى مجرد آلية ومطية للوصول إلى السلطة فقط، وهذا ما استوعبه المواطن بعد تكرر التجربة عدة مرات. فقد تأكد أن صوته لا يؤثر مطلقا. كل الوعود الانتخابية تظل حبرا على ورق والتعهدات يلقى بها في سلة المهملات وكل المنظومات التي تداولت على الحكم، تجاهلت صوت المواطن وانخرطت في صراعات ومعارك إيديولوجية واستعراضية لا تهم التونسيين في شيء وحتى الهدنة التي لوحظت مع إطلاق مسار 25 جويلية تبين أنها قصيرة.
لقد اعتقد التونسيون في ذلك التاريخ أن التغيير ممكن وأن الخروج من حالة العطالة التي وقعت فيها البلاد بسبب المنظومة السياسية التي أفرزتها توافقات ما بعد 14 جانفي 2011، ممكنة. غير أنهم وجدوا أنفسهم، بعد أكثر من عام على بداية المسار، مجددا في عنق الزجاجة.
فالبلاد تواجه منذ تجميد البرلمان بتاريخ 25 جويلية 2021، ثم حله في مرحلة ثانية، ودخولها في حالة استثنائية وإعلان الرئيس قيس سعيد عن خارطة طريق سياسية جديدة، صعوبات ومشاكل تكاد لا تنتهي. بل ازدادت الأمور تعقيدا في مختلف المجالات. سياسيا، نعيش تجربة لا ندري إلى أين ستقود البلاد وأبرز سماتها انفراد رئيس الجمهورية بسلطة القرار وإقصاء الأحزاب السياسية تماما من المشهد السياسي. واجتماعيا تستمر الأوضاع الصعبة ويعاني المواطن من ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل رهيب وقد عجزت الحكومة عن محاصرتها، تماما مثلما عجزت عن إيجاد حلول لاستفحال الفقر والبطالة وتردي الخدمات. أما اقتصاديا، فالبلاد تكابد للخروج من وضعها المتردي وتعجز عن تحقيق مستويات للتنمية قادرة على خلق الثروة ومواطن الشغل أضف إلى ذلك عسر التعامل مع المنظمات المالية المانحة الذي زاد في تأزيم الأمور.
ووسط هذه الظروف، يجد المواطن نفسه مدعوا إلى المشاركة في ماراطون انتخابي. انتخابات تشريعية بدورين، تليها انتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي نص عليه الدستور الجديد للبلاد وبقية الاستحقاقات الانتخابية. لقد وجب الاعتراف بأن الأمر يتطلب قوة خارقة قد لا تكون دائما متاحة.