• ديون تونس تفوق 110 مليار دينار.. وتقرير للبنك الدولي يؤكد أنها تناهز 91.4 بالمائة من الدخل الوطني الصافي
تونس- الصباح
طالب رئيس الجمهورية قيس سعيّد بإسقاط الديون على الدول الإفريقية ومنها تونس والتي تراكمت منذ عقود، وبالعمل على استرداد الأموال المنهوبة لأنها حق مسلوب من عديد الشعوب الإفريقية ومن بينها الشعب التونسي.
وقال سعيد من واشنطن، خلال إلقائه كلمة أول أمس في أشغال حلقة النقاش المخصصة لموضوع "إفريقيا المزدهرة القائمة على النمو الشامل والتنمية المستدامة"، وذلك في إطار المشاركة في الدورة الثانية لقمة قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا، بأن التونسيين ينشدون العدل والحرية داخل الوطن، وينشدون هذين القيمتين في العالم كلّه.
وأضاف "لا دواء ناجع لمشاكلنا إلا بعد تشخيص صحيح للمرض"، مشيرا إلى أن "المواثيق التي أُعلنت والاتفاقيات التي أُبرمت والنصوص القانونية التي وُضعت لم تؤدّ إلى الآثار والنتائج التي تنشدها الشعوب. فملايين الأرواح أُزهقت، وملايين ماتوا جوعا، وملايين يعيشون وكأنهم ليسوا من جنس البشر".. وتابع :"هل نحن بالفعل أمم متحدة". وذلك وفق بلاغ أصدرته رئاسة الجمهورية أمس بصفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فاسبوك".
وأكّد سعيد أن الشعب التونسي، كشعوب العالم كلّه، لا يريد أن يعود إلى الوراء ولا يريد العودة إلى الماضي الذي يتمنى أن يكون قد ولّى وانقضى.
وقال في هذا الإطار:"لقد عانى شعبنا، كسائر الشعوب الإفريقية، الكثير، وإذا كان العالم اليوم بصدد التشكّل من جديد، بعد أن بلغت العولمة مداها، فالواجب يقتضي رسم معالم لتاريخ جديد، ولطريق جديدة نُعبّدها معا، وهذه الطريق لا يمكن أن ترسم من جانب واحد بل يجب أن نرسمها مجتمعين. كما يجب أن نكون فاعلين بناء على مبدأ المساواة بين الدول، والمساواة لا معنى لها إن لم تكن قائمة على العدل، فهو المقدمة الطبيعية والأولى للحرية والأمن".
وتساءل في نفس السياق قائلا:"هل نحن في كرة أرضية واحدة، أم في كرة تنقسم دائما إلى شطرين، شطر أول للأثرياء وشطر ثان يعجّ بالخيرات ولكن يتفاقم فيه الفقر ويقضي من الجوع والحروب آلاف الآلاف من البشر".
وتوجّه إلى الحاضرين ودعاهم للبحث عن حلول جديدة بمقاربة إنسانية مختلفة حتى يعمّ الأمن الجميع وحتى لا نعود إلى القرون الخالية وإلى الحلول البالية مشبها إياها بالأدوية التي انتهت مدة صلوحيتها.
وقال:"إننا قادرون على تشخيص أسباب معاناة شعوبنا، فلنعمل على تحديد الحلول الناجعة ويعمّ أثرها الجميع أما الأدوية التي تقترحها دوائر النقد والمال العالمية فهي ليست بالأدوية، بل هي بمثابة الكيّ بالنار أو عود ثقاب بجانب مواد شديدة الانفجار، والتصنيفات التي تظهر بين الحين والآخر تقوم على معايير قوامها الأرقام في حين أن الذوات البشرية ليست مجرّد أرقام".
وختم قيس سعيّد كلمته بالقول بأن أحلام الإنسانية واحدة، ودعا إلى إن أن نعدل معا ساعاتنا لا بناء على خط تنطلق منه حسابات فوارق التوقيت بل بناء على العدل والحرية في الداخل والخارج على السواء.
وتقدر وزارة المالية التونسية حجم الدين العام التونسي وفق تقرير أصدرته مؤخرا بأكثر من 110 مليار دينار، ما يمثل 80.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 79٫9 بالمائة مسجلة في العام الماضي 2021. وبيّن التقرير صعود الدين الخارجي إلى مستوى 66.2 مليار دينار، ما يشكل 60 بالمائة من مجموع الدين العام، مقابل قروض داخلية بقيمة 43.9 مليار دينار.
غير أن تقرير البنك الدولي الصادر مؤخرا حول الديون الدولية أن الدين الخارجي التونسي بلغ بـ 91.4 بالمائة من الدخل الوطني الصافي نهاية العام الفارط مقابل 51.4 بالمائة في 2010 وان هذا الدين شكل ضعف قيمة الصادرات نهاية 2021 وان نسبة خدمة الدين من عائدات التصدير ناهزت 21.1 بالمائة.
وكان الرئيس سعيد قد شكل في شهر فيفري 2022 لجنة بوزارة المالية للتدقيق في القروض والهبات التي تحصلت عليها تونس خلال العشر سنوات الماضية. ورغم أن اللجنة تمكنت من إعداد تقرير للغرض، إلا أنه لم يتم إلى اليوم نشره للعموم، واكتفى رئيس الدولة في شهر أوت 2022 خلال تلقيه التقرير من وزيرة المالية، بأن أعلن أن النتائج التي توصل إليها التقرير "مهمة".
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مطلب التدقيق في الديون الخارجية وخاصة ما يطلق عليها بـ"الديون الكريهة" سبق أن دعت إليه بعض الأحزاب قبل سنوات على غرار حزب الجبهة الشعبية السابق (تحالف بين أحزاب العمال والوطد) غير أن مطلبها جوبه بالرفض..
وكان بإمكان تونس أن تطلب إجراء عمليّة تدقيق شاملة لتحديد حجم المديونيّة التي لم توظف في مشاريع مجدية لخدمة الصالح العام وذلك من خلال البحث في أوجه صرفها والأطراف المستفيدة منها والأقساط غير المسددة منها، ثم تطلب من صندوق النقد الدولي التفاوض في سبل إلغاء هذا الجانب من القروض، لكن حكومات ما بعد الثورة ارتأت مواصلة تسديد ديون النظام السابق بحجة الحفاظ على الترقيم السيادي لتونس الذي يخوّل لها حريّة النفاذ إلى الأسواق الماليّة العالميّة بشروط ميسّرة..
ومن بين الدول التي لجأت إلى آلية التدقيق في مديونيتها، دولة الإكوادور، التي توصلت بعد إجرائها لعمليّة تدقيق في ديونها، اثر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي سنة 2008 إلى إلغاء %70 من ديونها المصنفة بالكريهة وهو ما سمح بإعفائها من تسديد 7 مليار دولار مع الإشارة إلى أن هذا التطور حصل في أعقاب نجاح هذا البلد في تحقيق انتقال ديمقراطي على غرار تونس .
كما نجحت الأرجنتين سنة 2003 في شطب %75 من ديونها المقدرة آنذاك بـ 94 مليار دولار .
رفيق بن عبدالله
• ديون تونس تفوق 110 مليار دينار.. وتقرير للبنك الدولي يؤكد أنها تناهز 91.4 بالمائة من الدخل الوطني الصافي
تونس- الصباح
طالب رئيس الجمهورية قيس سعيّد بإسقاط الديون على الدول الإفريقية ومنها تونس والتي تراكمت منذ عقود، وبالعمل على استرداد الأموال المنهوبة لأنها حق مسلوب من عديد الشعوب الإفريقية ومن بينها الشعب التونسي.
وقال سعيد من واشنطن، خلال إلقائه كلمة أول أمس في أشغال حلقة النقاش المخصصة لموضوع "إفريقيا المزدهرة القائمة على النمو الشامل والتنمية المستدامة"، وذلك في إطار المشاركة في الدورة الثانية لقمة قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا، بأن التونسيين ينشدون العدل والحرية داخل الوطن، وينشدون هذين القيمتين في العالم كلّه.
وأضاف "لا دواء ناجع لمشاكلنا إلا بعد تشخيص صحيح للمرض"، مشيرا إلى أن "المواثيق التي أُعلنت والاتفاقيات التي أُبرمت والنصوص القانونية التي وُضعت لم تؤدّ إلى الآثار والنتائج التي تنشدها الشعوب. فملايين الأرواح أُزهقت، وملايين ماتوا جوعا، وملايين يعيشون وكأنهم ليسوا من جنس البشر".. وتابع :"هل نحن بالفعل أمم متحدة". وذلك وفق بلاغ أصدرته رئاسة الجمهورية أمس بصفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فاسبوك".
وأكّد سعيد أن الشعب التونسي، كشعوب العالم كلّه، لا يريد أن يعود إلى الوراء ولا يريد العودة إلى الماضي الذي يتمنى أن يكون قد ولّى وانقضى.
وقال في هذا الإطار:"لقد عانى شعبنا، كسائر الشعوب الإفريقية، الكثير، وإذا كان العالم اليوم بصدد التشكّل من جديد، بعد أن بلغت العولمة مداها، فالواجب يقتضي رسم معالم لتاريخ جديد، ولطريق جديدة نُعبّدها معا، وهذه الطريق لا يمكن أن ترسم من جانب واحد بل يجب أن نرسمها مجتمعين. كما يجب أن نكون فاعلين بناء على مبدأ المساواة بين الدول، والمساواة لا معنى لها إن لم تكن قائمة على العدل، فهو المقدمة الطبيعية والأولى للحرية والأمن".
وتساءل في نفس السياق قائلا:"هل نحن في كرة أرضية واحدة، أم في كرة تنقسم دائما إلى شطرين، شطر أول للأثرياء وشطر ثان يعجّ بالخيرات ولكن يتفاقم فيه الفقر ويقضي من الجوع والحروب آلاف الآلاف من البشر".
وتوجّه إلى الحاضرين ودعاهم للبحث عن حلول جديدة بمقاربة إنسانية مختلفة حتى يعمّ الأمن الجميع وحتى لا نعود إلى القرون الخالية وإلى الحلول البالية مشبها إياها بالأدوية التي انتهت مدة صلوحيتها.
وقال:"إننا قادرون على تشخيص أسباب معاناة شعوبنا، فلنعمل على تحديد الحلول الناجعة ويعمّ أثرها الجميع أما الأدوية التي تقترحها دوائر النقد والمال العالمية فهي ليست بالأدوية، بل هي بمثابة الكيّ بالنار أو عود ثقاب بجانب مواد شديدة الانفجار، والتصنيفات التي تظهر بين الحين والآخر تقوم على معايير قوامها الأرقام في حين أن الذوات البشرية ليست مجرّد أرقام".
وختم قيس سعيّد كلمته بالقول بأن أحلام الإنسانية واحدة، ودعا إلى إن أن نعدل معا ساعاتنا لا بناء على خط تنطلق منه حسابات فوارق التوقيت بل بناء على العدل والحرية في الداخل والخارج على السواء.
وتقدر وزارة المالية التونسية حجم الدين العام التونسي وفق تقرير أصدرته مؤخرا بأكثر من 110 مليار دينار، ما يمثل 80.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 79٫9 بالمائة مسجلة في العام الماضي 2021. وبيّن التقرير صعود الدين الخارجي إلى مستوى 66.2 مليار دينار، ما يشكل 60 بالمائة من مجموع الدين العام، مقابل قروض داخلية بقيمة 43.9 مليار دينار.
غير أن تقرير البنك الدولي الصادر مؤخرا حول الديون الدولية أن الدين الخارجي التونسي بلغ بـ 91.4 بالمائة من الدخل الوطني الصافي نهاية العام الفارط مقابل 51.4 بالمائة في 2010 وان هذا الدين شكل ضعف قيمة الصادرات نهاية 2021 وان نسبة خدمة الدين من عائدات التصدير ناهزت 21.1 بالمائة.
وكان الرئيس سعيد قد شكل في شهر فيفري 2022 لجنة بوزارة المالية للتدقيق في القروض والهبات التي تحصلت عليها تونس خلال العشر سنوات الماضية. ورغم أن اللجنة تمكنت من إعداد تقرير للغرض، إلا أنه لم يتم إلى اليوم نشره للعموم، واكتفى رئيس الدولة في شهر أوت 2022 خلال تلقيه التقرير من وزيرة المالية، بأن أعلن أن النتائج التي توصل إليها التقرير "مهمة".
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مطلب التدقيق في الديون الخارجية وخاصة ما يطلق عليها بـ"الديون الكريهة" سبق أن دعت إليه بعض الأحزاب قبل سنوات على غرار حزب الجبهة الشعبية السابق (تحالف بين أحزاب العمال والوطد) غير أن مطلبها جوبه بالرفض..
وكان بإمكان تونس أن تطلب إجراء عمليّة تدقيق شاملة لتحديد حجم المديونيّة التي لم توظف في مشاريع مجدية لخدمة الصالح العام وذلك من خلال البحث في أوجه صرفها والأطراف المستفيدة منها والأقساط غير المسددة منها، ثم تطلب من صندوق النقد الدولي التفاوض في سبل إلغاء هذا الجانب من القروض، لكن حكومات ما بعد الثورة ارتأت مواصلة تسديد ديون النظام السابق بحجة الحفاظ على الترقيم السيادي لتونس الذي يخوّل لها حريّة النفاذ إلى الأسواق الماليّة العالميّة بشروط ميسّرة..
ومن بين الدول التي لجأت إلى آلية التدقيق في مديونيتها، دولة الإكوادور، التي توصلت بعد إجرائها لعمليّة تدقيق في ديونها، اثر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي سنة 2008 إلى إلغاء %70 من ديونها المصنفة بالكريهة وهو ما سمح بإعفائها من تسديد 7 مليار دولار مع الإشارة إلى أن هذا التطور حصل في أعقاب نجاح هذا البلد في تحقيق انتقال ديمقراطي على غرار تونس .
كما نجحت الأرجنتين سنة 2003 في شطب %75 من ديونها المقدرة آنذاك بـ 94 مليار دولار .