إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل تنجح القمة الأمريكية/الأفريقية المرتقبة في تضييق الفجوة القائمة بين واشنطن والعواصم الافريقية؟

 

 

بقلم: علي اللافي(*)

* إدارة بايدن ستواجه في هذه القمة الثانية لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا نقص ثقة من طرف القادة الأفارقة

            يستضيف الرئيس الأمريكي "جو بايدن" قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في واشنطن العاصمة، بعد غد الثلاثاء 13 ديسمبر وهي القمة التي ستتواصل إلى 15 ديسمبر الجاري في قمة هي الثانية منذ القمة التي عقدها الرئيس الأسبق "باراك أوباما" في أوت/أغسطس 2014، والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل ما يجري اليوم في القارة السمراء وحولها وبناء على تداعيات الحرب الروسية الأمريكية وخاصة في ملفي "الطاقة" و"الغذاء" وفي ظل صراع النفوذ بين واشنطن وبكين وموسكو على سواحل وموانئ وثروات ومربعات الاستثمار في نفس القارة وفي ظل استدارة أوروبية كبرى نحوها، هو: هل ستنجح القمة المرتقبة في تجسير الفجوة بين واشنطن والعواصم الأفريقية وفي حد أدنى تضييقها؟

1- أولا، السياسيات الأمريكية تجاه القارة السمراء في عهدي الجمهوري "ترامب" والرئيس الحالي والديمقراطي "جو بايدن" قد تراجعت وتقلصت من حيث إعطائها الأولوية مقارنة ببكين وروسيا، ذلك أنه قبل انعقاد القمة الأولى كان "أوباما" قد زار بالفعل أفريقيا مرتين كما أنه وفي سنة 2009 كان قد ألقى خطابين تاريخيين أحدهما للعالم الإسلامي في العاصمة المصرية "القاهرة"، والثاني للأفارقة في "أكرا" عاصمة غانا، ومن برلمان غانا دعا أوباما يومها إلى إنهاء حكم الرجل القوي والدكتاتوريات الناشئة، ويومها وباعتبار أن تلك القمة كانت الأولى من نوعها، اعتبرها المحللون بداية عصر جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا، ولكن لاحقا تخلفت الولايات المتحدة بالفعل عن منافسيها وحلفائها على حد السواء وفعليا تكن هناك قمة متابعة قبل انتهاء فترة ولاية "أوباما"، واحتاج الأمر إلى ثمانية أعوام (ما يعادل فترتي رئاسة أميركية) لتستضيف الولايات المتحدة قمة ثانية، وهي فترة تخللتها سنوات شهدت قبولا شعبيا لاستراتيجية "أمريكا أولا"، التي فاقمت تراجعا في تواصل واشنطن الخارجي مازال هناك شعور به، وفعليا وعلى سبيل المثال تعقد الصين والمملكة المتحدة وفرنسا ودول أخرى اجتماعات رفيعة المستوى مع القادة الأفارقة منذ سنوات كثيرة، كما هو الحال في منتدى التعاون بين الصين وأفريقيا، وقمة أفريقيا – فرنسا (يتم عقدهما سنويا وتستضيفهما الصين أو فرنسا أو دولة أفريقي، بينما تعقد اليابان قمة يابانية افريقية كل سنتين تقريبا...

2- ثانيا، بالنسبة إلى القادة الأفارقة البارعين في التفاوض مع الدول الأجنبية يشير ذلك التراجع موضوعيا إلى عدم جدية النهج الأمريكي ورسم صورة لواشنطن باعتبارها شريكا لا يعتمد عليه بصفة عامة، وستواجه إدارة الرئيس "جو بايدن" في هذه القمة الثانية لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا نقص ثقة من طرف القادة الأفارقة ويتعين عليها التغلب عليه إذا كانت تأمل في انجاحها أولا وثانيا في إحياء عهد شراكة جديد، ومعلوم أن مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى ومن بينهم وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس غرينفيلد" ورئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "سامنثا باور" قد قاموا بدورهم في ضخ طاقة جديدة في العلاقات والقيام بزيارات متعددة إلى دول مختلفة في أفريقيا لتأكيد القيم الأمريكية التقليدية وتعزيز المصالح بالنسبة إلى كل المسائل ابتداء من الأمن الغذائي ومكافحة الفساد وصولا إلى تمكين المرأة، ولكن ذلك لن يُغطي على عدم اهتمام ساكن البيت الأبيض الحالي بأفريقيا وهو الذي اجتمع حتى الآن بعدد من رؤساء الدول الأفريقية أقل من عدد الرؤساء الذين اجتمع بهم "أوباما" و"دونالد ترامب" في هذه الفترة من فترات رئاستهم، وعمليا لم يكشف البيت الأبيض عما إذا كان الرئيس "بايدن" سيزور أفريقيا في وقت ما أثناء فترة رئاسته، حيث تعتبر الزيارات ركيزة تقليدية للعلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا.

3- ثالثا، يحظى القادة الأفارقة بحفاوة كبيرة من قبل نظرائهم من الصين وتركيا وفرنسا وروسيا والإمارات العربية المتحدة وطهران ودول أخرى، والذين لا ينظر إلى زياراتهم لأفريقيا على أنها تاريخية وإنما على أساس أنها أمر طبيعي، فإنه مهما كان نجاح القمة المقبلة لن يؤدي الافتقار للزيارات سوى إلى تقويض الجهود الرامية إلى إظهار جدية واشنطن المتجددة، وعندما يحضر القادة الأفارقة للقمة المرتقبة سوف تكون هذه أول فرصة لبايدن ليوضح شخصيا نهج واشنطن المتجدد، ولكن لدى الأفارقة ذاكرة ممتدة؛ فعلى الرغم من أن واشنطن لم تكن دولة استعمارية من الحرب الباردة إلى الميز العنصري فهي تظل محسوبة على الجانب الخطأ من التاريخ بالنسبة إلى الكثير من القادة الأفارقة حاليا، ولتجسير الفجوة هناك عدة أمور يتعين على الرئيس القيام بها قبل مغادرة ضيوفه؛ من بينها الإعلان عن عقد القمة المقبلة لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا عام 2024 في دولة ما في أفريقيا قبل انتهاء فترة ولايته، كدلالة على حفاظ واشنطن على التزامها، مع توضيح استعداد الإدارة الأميركية للسفر بهدف لقاء الأفارقة حيثما يكونون، كما يتعين على "بايدن" تشكيل مجموعة عمل مع مجموعة مختارة من القادة الأفارقة لدراسة الإصلاحات واقتراح التغييرات الحقيقية للنظام الدولي والمؤسسات الدولية التي يطالبون بها، والتي قال "بايدن" إنها تحظى بقبوله، ويجب عليه إبلاغ القادة الأفارقة بأولوياته في العلاقات معهم...

4- رابعا، من حيث التقييم فانه على الرئيس الأمريكي عدم تقديم وعود لا يُمكن الوفاء بها. فهناك انطباع بأن فريق "بايدن" الخاص بأفريقيا بارع في الإنصات لمخاوف الأفارقة والرد عليهم بما يريدون سماعه، ولكن إذا كان هدف هذه القمة هو إعادة بناء الثقة المفقودة، فمن الأفضل الحديث أكثر عن التوقعات المتواضعة، والحديث بصورة أقل عن التوقعات المبالغ فيها، والثابت أن القمة المرتقبة تعتبر فرصة هائلة لتنفيذ الالتزامات ذات النوايا الطيبة التي قطعتها إدارة "بايدن" على نفسها حتى الآن، ولكن يصاحب هذه الفرصة خطر الفشل في تحقيق المرجو منها، ومن أجل تحقيق ذلك يتوجب على الولايات المتحدة أن تحصد الفوائد السياسية والاقتصادية من خلال العمل بشكل رمزي واستراتيجي وعملياتي، وبإمكان إدارة بايدن تمهيد الطريق لشراكة جديدة من خلال العديد من المبادرات غير المكلفة، وتمثل البيانات الرسمية التي تقر بمساهمة أفريقيا الضخمة في الحضارة الإنسانية والحاجة الماسة إلى استعادة دورها في شؤون العالم رسالة احترام وتساعد في تغيير التصورات، كما أن التزام الولايات المتحدة بدعم العضوية الدائمة للاتحاد الأفريقي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمشاركة في تمويل بعثات حفظ السلام في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد سيعزز ذلك.

5- خامسا، الخلاصة أنه وعلى المستوى الاستراتيجي يتوجب على الولايات المتحدة أن تقدم رؤية جديدة للقارة وذلك بأن تحول تركيزها من الرهانات الجيوسياسية والتصدي للصين -وهو ما ترتبت عليه نتائج كارثية خلال الحرب الباردة-إلى الشراكة الحقيقية القائمة على العلاقات التجارية ذات المنفعة المتبادلة وتحقيق نتائج ملموسة، وهذا يعني الذهاب إلى ما هو أبعد من المشاريع الثنائية والتي تقيم بأنها ضعيفة وهو ما قد يبعث برسائل مفادها أن حقبة الإهمال قد انتهت، ولا يمكن تغييب أن العلاقة الأميركية -الأفريقية في العقود الأخيرة كانت مخيبة لآمال الطرفين فساكني البيت الأبيض منذ أكثر من أكثر من ثلاث عقود تعاملوا مع القارة باستخفاف وهو ما نتج عنه تخلف الولايات المتحدة عن الصين وبقية اطراف إقليمية ودولية أخرى ورغم أن واشنطن وعلى عكس موسكو وباريس وعواصم غربية أخرى تقدم المصالح على أي مس مباشر بثقافات الشعوب وخصوصياتها الحضارية الا أنه مطلوب منها الكثير لإيجاد مربعات ثقة مع الشعوب قبل الزعماء الأفارقة...

*كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

 

 

 

 

 

 

 

 

هل تنجح القمة الأمريكية/الأفريقية المرتقبة في تضييق الفجوة القائمة بين واشنطن والعواصم الافريقية؟

 

 

بقلم: علي اللافي(*)

* إدارة بايدن ستواجه في هذه القمة الثانية لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا نقص ثقة من طرف القادة الأفارقة

            يستضيف الرئيس الأمريكي "جو بايدن" قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في واشنطن العاصمة، بعد غد الثلاثاء 13 ديسمبر وهي القمة التي ستتواصل إلى 15 ديسمبر الجاري في قمة هي الثانية منذ القمة التي عقدها الرئيس الأسبق "باراك أوباما" في أوت/أغسطس 2014، والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل ما يجري اليوم في القارة السمراء وحولها وبناء على تداعيات الحرب الروسية الأمريكية وخاصة في ملفي "الطاقة" و"الغذاء" وفي ظل صراع النفوذ بين واشنطن وبكين وموسكو على سواحل وموانئ وثروات ومربعات الاستثمار في نفس القارة وفي ظل استدارة أوروبية كبرى نحوها، هو: هل ستنجح القمة المرتقبة في تجسير الفجوة بين واشنطن والعواصم الأفريقية وفي حد أدنى تضييقها؟

1- أولا، السياسيات الأمريكية تجاه القارة السمراء في عهدي الجمهوري "ترامب" والرئيس الحالي والديمقراطي "جو بايدن" قد تراجعت وتقلصت من حيث إعطائها الأولوية مقارنة ببكين وروسيا، ذلك أنه قبل انعقاد القمة الأولى كان "أوباما" قد زار بالفعل أفريقيا مرتين كما أنه وفي سنة 2009 كان قد ألقى خطابين تاريخيين أحدهما للعالم الإسلامي في العاصمة المصرية "القاهرة"، والثاني للأفارقة في "أكرا" عاصمة غانا، ومن برلمان غانا دعا أوباما يومها إلى إنهاء حكم الرجل القوي والدكتاتوريات الناشئة، ويومها وباعتبار أن تلك القمة كانت الأولى من نوعها، اعتبرها المحللون بداية عصر جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا، ولكن لاحقا تخلفت الولايات المتحدة بالفعل عن منافسيها وحلفائها على حد السواء وفعليا تكن هناك قمة متابعة قبل انتهاء فترة ولاية "أوباما"، واحتاج الأمر إلى ثمانية أعوام (ما يعادل فترتي رئاسة أميركية) لتستضيف الولايات المتحدة قمة ثانية، وهي فترة تخللتها سنوات شهدت قبولا شعبيا لاستراتيجية "أمريكا أولا"، التي فاقمت تراجعا في تواصل واشنطن الخارجي مازال هناك شعور به، وفعليا وعلى سبيل المثال تعقد الصين والمملكة المتحدة وفرنسا ودول أخرى اجتماعات رفيعة المستوى مع القادة الأفارقة منذ سنوات كثيرة، كما هو الحال في منتدى التعاون بين الصين وأفريقيا، وقمة أفريقيا – فرنسا (يتم عقدهما سنويا وتستضيفهما الصين أو فرنسا أو دولة أفريقي، بينما تعقد اليابان قمة يابانية افريقية كل سنتين تقريبا...

2- ثانيا، بالنسبة إلى القادة الأفارقة البارعين في التفاوض مع الدول الأجنبية يشير ذلك التراجع موضوعيا إلى عدم جدية النهج الأمريكي ورسم صورة لواشنطن باعتبارها شريكا لا يعتمد عليه بصفة عامة، وستواجه إدارة الرئيس "جو بايدن" في هذه القمة الثانية لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا نقص ثقة من طرف القادة الأفارقة ويتعين عليها التغلب عليه إذا كانت تأمل في انجاحها أولا وثانيا في إحياء عهد شراكة جديد، ومعلوم أن مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى ومن بينهم وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس غرينفيلد" ورئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "سامنثا باور" قد قاموا بدورهم في ضخ طاقة جديدة في العلاقات والقيام بزيارات متعددة إلى دول مختلفة في أفريقيا لتأكيد القيم الأمريكية التقليدية وتعزيز المصالح بالنسبة إلى كل المسائل ابتداء من الأمن الغذائي ومكافحة الفساد وصولا إلى تمكين المرأة، ولكن ذلك لن يُغطي على عدم اهتمام ساكن البيت الأبيض الحالي بأفريقيا وهو الذي اجتمع حتى الآن بعدد من رؤساء الدول الأفريقية أقل من عدد الرؤساء الذين اجتمع بهم "أوباما" و"دونالد ترامب" في هذه الفترة من فترات رئاستهم، وعمليا لم يكشف البيت الأبيض عما إذا كان الرئيس "بايدن" سيزور أفريقيا في وقت ما أثناء فترة رئاسته، حيث تعتبر الزيارات ركيزة تقليدية للعلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا.

3- ثالثا، يحظى القادة الأفارقة بحفاوة كبيرة من قبل نظرائهم من الصين وتركيا وفرنسا وروسيا والإمارات العربية المتحدة وطهران ودول أخرى، والذين لا ينظر إلى زياراتهم لأفريقيا على أنها تاريخية وإنما على أساس أنها أمر طبيعي، فإنه مهما كان نجاح القمة المقبلة لن يؤدي الافتقار للزيارات سوى إلى تقويض الجهود الرامية إلى إظهار جدية واشنطن المتجددة، وعندما يحضر القادة الأفارقة للقمة المرتقبة سوف تكون هذه أول فرصة لبايدن ليوضح شخصيا نهج واشنطن المتجدد، ولكن لدى الأفارقة ذاكرة ممتدة؛ فعلى الرغم من أن واشنطن لم تكن دولة استعمارية من الحرب الباردة إلى الميز العنصري فهي تظل محسوبة على الجانب الخطأ من التاريخ بالنسبة إلى الكثير من القادة الأفارقة حاليا، ولتجسير الفجوة هناك عدة أمور يتعين على الرئيس القيام بها قبل مغادرة ضيوفه؛ من بينها الإعلان عن عقد القمة المقبلة لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا عام 2024 في دولة ما في أفريقيا قبل انتهاء فترة ولايته، كدلالة على حفاظ واشنطن على التزامها، مع توضيح استعداد الإدارة الأميركية للسفر بهدف لقاء الأفارقة حيثما يكونون، كما يتعين على "بايدن" تشكيل مجموعة عمل مع مجموعة مختارة من القادة الأفارقة لدراسة الإصلاحات واقتراح التغييرات الحقيقية للنظام الدولي والمؤسسات الدولية التي يطالبون بها، والتي قال "بايدن" إنها تحظى بقبوله، ويجب عليه إبلاغ القادة الأفارقة بأولوياته في العلاقات معهم...

4- رابعا، من حيث التقييم فانه على الرئيس الأمريكي عدم تقديم وعود لا يُمكن الوفاء بها. فهناك انطباع بأن فريق "بايدن" الخاص بأفريقيا بارع في الإنصات لمخاوف الأفارقة والرد عليهم بما يريدون سماعه، ولكن إذا كان هدف هذه القمة هو إعادة بناء الثقة المفقودة، فمن الأفضل الحديث أكثر عن التوقعات المتواضعة، والحديث بصورة أقل عن التوقعات المبالغ فيها، والثابت أن القمة المرتقبة تعتبر فرصة هائلة لتنفيذ الالتزامات ذات النوايا الطيبة التي قطعتها إدارة "بايدن" على نفسها حتى الآن، ولكن يصاحب هذه الفرصة خطر الفشل في تحقيق المرجو منها، ومن أجل تحقيق ذلك يتوجب على الولايات المتحدة أن تحصد الفوائد السياسية والاقتصادية من خلال العمل بشكل رمزي واستراتيجي وعملياتي، وبإمكان إدارة بايدن تمهيد الطريق لشراكة جديدة من خلال العديد من المبادرات غير المكلفة، وتمثل البيانات الرسمية التي تقر بمساهمة أفريقيا الضخمة في الحضارة الإنسانية والحاجة الماسة إلى استعادة دورها في شؤون العالم رسالة احترام وتساعد في تغيير التصورات، كما أن التزام الولايات المتحدة بدعم العضوية الدائمة للاتحاد الأفريقي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمشاركة في تمويل بعثات حفظ السلام في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد سيعزز ذلك.

5- خامسا، الخلاصة أنه وعلى المستوى الاستراتيجي يتوجب على الولايات المتحدة أن تقدم رؤية جديدة للقارة وذلك بأن تحول تركيزها من الرهانات الجيوسياسية والتصدي للصين -وهو ما ترتبت عليه نتائج كارثية خلال الحرب الباردة-إلى الشراكة الحقيقية القائمة على العلاقات التجارية ذات المنفعة المتبادلة وتحقيق نتائج ملموسة، وهذا يعني الذهاب إلى ما هو أبعد من المشاريع الثنائية والتي تقيم بأنها ضعيفة وهو ما قد يبعث برسائل مفادها أن حقبة الإهمال قد انتهت، ولا يمكن تغييب أن العلاقة الأميركية -الأفريقية في العقود الأخيرة كانت مخيبة لآمال الطرفين فساكني البيت الأبيض منذ أكثر من أكثر من ثلاث عقود تعاملوا مع القارة باستخفاف وهو ما نتج عنه تخلف الولايات المتحدة عن الصين وبقية اطراف إقليمية ودولية أخرى ورغم أن واشنطن وعلى عكس موسكو وباريس وعواصم غربية أخرى تقدم المصالح على أي مس مباشر بثقافات الشعوب وخصوصياتها الحضارية الا أنه مطلوب منها الكثير لإيجاد مربعات ثقة مع الشعوب قبل الزعماء الأفارقة...

*كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية