إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في لقاء جمعه بسعيّد على هامش القمة الصينية-العربية: الرئيس الصيني يؤكد على احترام السيادة واستعداد الشركات الصينية للاستثمار في تونس

 

 

تونس – الصباح

القمة الصينية العربية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية وحضرها الرئيس الصيني شي جينبينغ وعدد كبير من القادة العرب، حضرها أيضا رئيس الجمهورية قيس سعيد، وبمشاركة واسعة للقادة العرب في قمة تشكّل محطة هامة في سياق عالمي يسعى بجدية الى التخلّص من هيمنة القطب الواحد والمرور الى عالم متعدد الأقطاب، ومن خلال هذه القمة الأولى ندرك مساعي الصين الحثيثة حتى تكون المنطقة العربية جزءا من هذا السياق الجديد الذي بدأ في فرض واقع جديد اليوم لا يمكن تجاهله أو تجاوزه..

وتدرك الصين أكثر من غيرها وهي العملاق الاقتصادي الآسيوي والذي بات يجتاح اليوم كل العالم ويفرض نفسه في كل القارات أن المنطقة العربية وإفريقيا التي طالما كانت تحت الهيمنة الأمريكية والأوروبية، من المناطق الإستراتيجية والحيوية في خارطة الاقتصاد العالمي والسياسات الدولية وان بقاءها بعيدة عن هذه المناطق لن يسرّع في عملية ولادة الأقطاب الجديدة ومن أجل هذا تحديدا تم عقد هذه القمة الاستثنائية والتي سنلمس آثارها وانعكاساتها على أرض الواقع في المستقبل، خاصة وأن الأطر الدولية القديمة لم تعد قادرة اليوم على استيعاب الرهانات الجديدة والمخاطر أيضا .

وكان من اللافت اللقاءات الثنائية التي عقدها الرئيس الصيني جينبينغ مع القادة العرب ومن بينهم رئيس الجمهورية قيس سعيد والذي جمعه به لقاء مطول وكان الموقف الصيني مما يجري في تونس مثيرا للاهتمام ناهيك وان الصين كانت دائما تحرص على أخذ مسافة من كل ما يجري في الدول الأخرى .

لقاء سعيد والرئيس الصيني

نشرت رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية، بلاغا، تناول اللقاء الذي جمع أمس، رئيس الجمهورية قيس سعيد بالرئيس الصيني جينبينغ في الرياض والذي كان عبارة عن جلسة عمل، نوّه، خلالها الرئيس سعيّد بعلاقات الصداقة القائمة بين تونس والصين، وأكّد على أهميّة مواصلة العمل وفق إرادة وقيم مشتركة من أجل مزيد تعزيز هذه الروابط وترسيخها في إطار ثنائي وإقليمي لا سيّما في ظلّ ما يشهده العالم اليوم من تحولات عميقة وتغيرات متسارعة. كما أشار رئيس الجمهورية، وفق البلاغ، إلى أن تجارب التعاون الثنائي الفارطة كانت مثمرة وبناءة مما يُشجّع على استشراف فرص جديدة للشراكة مع الصين لتنفيذ برامج تنموية واستثمارية في تونس على غرار مشروع مدينة الأغالبة الصحية بالقيروان، وبرامج توليد الطاقة الكهربائية والطاقات المتجددة، ومشاريع تحلية المياه في الجنوب التونسي..

وقد أكدّ في المقابل الرئيس الصيني شي جينبينغ، ما شهده التعاون الثنائي من تطور ملحوظ خاصة في مجالات الصحة والرياضة والموارد البشرية.. وعلى حرص بلاده على مزيد تعميق روابط الصداقة والتعاون التاريخية مع تونس بما يخدم مصلحة الشعبين وأكّد، في هذا الإطار على دعم الصين لتونس واحترامها لسيادتها الوطنية ولخيارات شعبها وثقتها في قدرتها على إدارة شؤونها وتجاوز الصعوبات التي قد تعترضها.

وهذا الموقف الصيني مما يجري في تونس ودعمه للسيادة الوطنية يأتي عكس الموقف الأمريكي الذي يحاول كل مرة فرض تصوّراته للشأن الداخلي التونسي واعتبار ان التحولات السياسية التي شهدتها بلادنا منذ اعلان إجراءات 25 جويلية هو انحراف بالديمقراطية وهو ما لم تتبناه الصين الى اعتبرت كل مرة أنها تحترم خيارات الشعب التونسي وقدرته على إدارة شؤونه وتجاوز الصعوبات .

الرئيس الصيني أكد كذلك حرص بلاده على بذل جهود إضافية من أجل تعزيز هذه العلاقات لتشمل مجالات جديدة وواعدة في المستقبل، فضلا عن استعداد الشركات الصينية للمساهمة في تنفيذ مشاريع تنموية واستثمارية في تونس في قطاعات متنوّعة. وقد وجّه رئيس الجمهورية، في ختام هذا اللقاء دعوة إلى شي جينبينغ لزيارة تونس، كما تلقى دعوة رسمية من نظيره الصيني لزيارة بيكين، وفق نص البلاغ الذي نشرته صفحة الرئاسة .

وكان سفير جمهورية الصين الشعبية في تونس زيانغ جيانغو قال منذ أسابيع، على هامش الندوة المنعقدة بمناسبة "المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني وإنجازات الصين في العشر سنوات الماضية "أن شركات صينية ترغب في الاستثمار في تونس نظرا لموقعها الجغرافي المتميز الذي يسهّل التصدير نحو الدول الإفريقية جنوب الصحراء والدول الأوروبية. وكشف عن مشروع يبلغ حجمه 200 مليون دينار ستنجزه الصين قريبا في تونس لإنتاج الطاقة الشمسية والطاقة الكهرضوئية.

القمة العربية الصينية.. شراكة ومستقبل مشترك

تسعى الصين من خلال هذه القمة الى ترسيخ علاقتها بالمنطقة العربية والمراهنة على الاقتصاديات القوية بالمنطقة لبناء شراكات قوية والمراهنة أيضا على أسواق الاستثمار الهامة حتى في دول تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة مثل تونس، وبالتالي الصين الطامحة لتجاوز الولايات المتحدة والتربع على عرش أكبر اقتصاد عالمي في عام 2030، بحاجة إلى شراكة إستراتيجية مع الوطن العربي ذو الموقع الجغرافي المتميز بما يجعله يتحكم في طرق ومعابر التجارة العالمية بين أسواق الشرق الأقصى وأوروبا. والأهم من كل ذلك هو توفر مخزون طاقة استراتيجي في المنطقة العربية قادر على إنعاش اقتصاد ضخم كالاقتصاد الصيني والاستحواذ على التجارة العالمية. وفي المقابل تحتاج كل الدول العربية الى التكنولوجيا الصينية المتطورة جدا التي باتت قادرة اليوم على منح الاقتصاديات الوطنية فرصة كبيرة لتجاوز الصعوبات التقليدية التي تحول دون تطورها .

وكل تلك المعطيات أسست الى شراكة اقتصادية هامة تتطور بشكل يومي حيث ارتفع التبادل التجاري بيم الصين والبلدان العربية من 36.7 مليار دولار في 2004 عند تدشين منتدى التعاون الصيني العربي إلى 330 مليار دولار في 2021 وفق المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وهذا الرقم يجعل من الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية مجتمعة متفوقة على الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. كما بلغت الاستثمارات الصينية في الدول العربية بلغت 213.9 مليار دولار ما بين 2005 و2021 وهو ما يؤكد بوضوح أهمية المنطقة العربية اقتصاديا بالنسبة للصين .

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

في لقاء جمعه بسعيّد على هامش القمة الصينية-العربية:  الرئيس الصيني يؤكد على احترام السيادة واستعداد الشركات الصينية للاستثمار في تونس

 

 

تونس – الصباح

القمة الصينية العربية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية وحضرها الرئيس الصيني شي جينبينغ وعدد كبير من القادة العرب، حضرها أيضا رئيس الجمهورية قيس سعيد، وبمشاركة واسعة للقادة العرب في قمة تشكّل محطة هامة في سياق عالمي يسعى بجدية الى التخلّص من هيمنة القطب الواحد والمرور الى عالم متعدد الأقطاب، ومن خلال هذه القمة الأولى ندرك مساعي الصين الحثيثة حتى تكون المنطقة العربية جزءا من هذا السياق الجديد الذي بدأ في فرض واقع جديد اليوم لا يمكن تجاهله أو تجاوزه..

وتدرك الصين أكثر من غيرها وهي العملاق الاقتصادي الآسيوي والذي بات يجتاح اليوم كل العالم ويفرض نفسه في كل القارات أن المنطقة العربية وإفريقيا التي طالما كانت تحت الهيمنة الأمريكية والأوروبية، من المناطق الإستراتيجية والحيوية في خارطة الاقتصاد العالمي والسياسات الدولية وان بقاءها بعيدة عن هذه المناطق لن يسرّع في عملية ولادة الأقطاب الجديدة ومن أجل هذا تحديدا تم عقد هذه القمة الاستثنائية والتي سنلمس آثارها وانعكاساتها على أرض الواقع في المستقبل، خاصة وأن الأطر الدولية القديمة لم تعد قادرة اليوم على استيعاب الرهانات الجديدة والمخاطر أيضا .

وكان من اللافت اللقاءات الثنائية التي عقدها الرئيس الصيني جينبينغ مع القادة العرب ومن بينهم رئيس الجمهورية قيس سعيد والذي جمعه به لقاء مطول وكان الموقف الصيني مما يجري في تونس مثيرا للاهتمام ناهيك وان الصين كانت دائما تحرص على أخذ مسافة من كل ما يجري في الدول الأخرى .

لقاء سعيد والرئيس الصيني

نشرت رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية، بلاغا، تناول اللقاء الذي جمع أمس، رئيس الجمهورية قيس سعيد بالرئيس الصيني جينبينغ في الرياض والذي كان عبارة عن جلسة عمل، نوّه، خلالها الرئيس سعيّد بعلاقات الصداقة القائمة بين تونس والصين، وأكّد على أهميّة مواصلة العمل وفق إرادة وقيم مشتركة من أجل مزيد تعزيز هذه الروابط وترسيخها في إطار ثنائي وإقليمي لا سيّما في ظلّ ما يشهده العالم اليوم من تحولات عميقة وتغيرات متسارعة. كما أشار رئيس الجمهورية، وفق البلاغ، إلى أن تجارب التعاون الثنائي الفارطة كانت مثمرة وبناءة مما يُشجّع على استشراف فرص جديدة للشراكة مع الصين لتنفيذ برامج تنموية واستثمارية في تونس على غرار مشروع مدينة الأغالبة الصحية بالقيروان، وبرامج توليد الطاقة الكهربائية والطاقات المتجددة، ومشاريع تحلية المياه في الجنوب التونسي..

وقد أكدّ في المقابل الرئيس الصيني شي جينبينغ، ما شهده التعاون الثنائي من تطور ملحوظ خاصة في مجالات الصحة والرياضة والموارد البشرية.. وعلى حرص بلاده على مزيد تعميق روابط الصداقة والتعاون التاريخية مع تونس بما يخدم مصلحة الشعبين وأكّد، في هذا الإطار على دعم الصين لتونس واحترامها لسيادتها الوطنية ولخيارات شعبها وثقتها في قدرتها على إدارة شؤونها وتجاوز الصعوبات التي قد تعترضها.

وهذا الموقف الصيني مما يجري في تونس ودعمه للسيادة الوطنية يأتي عكس الموقف الأمريكي الذي يحاول كل مرة فرض تصوّراته للشأن الداخلي التونسي واعتبار ان التحولات السياسية التي شهدتها بلادنا منذ اعلان إجراءات 25 جويلية هو انحراف بالديمقراطية وهو ما لم تتبناه الصين الى اعتبرت كل مرة أنها تحترم خيارات الشعب التونسي وقدرته على إدارة شؤونه وتجاوز الصعوبات .

الرئيس الصيني أكد كذلك حرص بلاده على بذل جهود إضافية من أجل تعزيز هذه العلاقات لتشمل مجالات جديدة وواعدة في المستقبل، فضلا عن استعداد الشركات الصينية للمساهمة في تنفيذ مشاريع تنموية واستثمارية في تونس في قطاعات متنوّعة. وقد وجّه رئيس الجمهورية، في ختام هذا اللقاء دعوة إلى شي جينبينغ لزيارة تونس، كما تلقى دعوة رسمية من نظيره الصيني لزيارة بيكين، وفق نص البلاغ الذي نشرته صفحة الرئاسة .

وكان سفير جمهورية الصين الشعبية في تونس زيانغ جيانغو قال منذ أسابيع، على هامش الندوة المنعقدة بمناسبة "المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني وإنجازات الصين في العشر سنوات الماضية "أن شركات صينية ترغب في الاستثمار في تونس نظرا لموقعها الجغرافي المتميز الذي يسهّل التصدير نحو الدول الإفريقية جنوب الصحراء والدول الأوروبية. وكشف عن مشروع يبلغ حجمه 200 مليون دينار ستنجزه الصين قريبا في تونس لإنتاج الطاقة الشمسية والطاقة الكهرضوئية.

القمة العربية الصينية.. شراكة ومستقبل مشترك

تسعى الصين من خلال هذه القمة الى ترسيخ علاقتها بالمنطقة العربية والمراهنة على الاقتصاديات القوية بالمنطقة لبناء شراكات قوية والمراهنة أيضا على أسواق الاستثمار الهامة حتى في دول تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة مثل تونس، وبالتالي الصين الطامحة لتجاوز الولايات المتحدة والتربع على عرش أكبر اقتصاد عالمي في عام 2030، بحاجة إلى شراكة إستراتيجية مع الوطن العربي ذو الموقع الجغرافي المتميز بما يجعله يتحكم في طرق ومعابر التجارة العالمية بين أسواق الشرق الأقصى وأوروبا. والأهم من كل ذلك هو توفر مخزون طاقة استراتيجي في المنطقة العربية قادر على إنعاش اقتصاد ضخم كالاقتصاد الصيني والاستحواذ على التجارة العالمية. وفي المقابل تحتاج كل الدول العربية الى التكنولوجيا الصينية المتطورة جدا التي باتت قادرة اليوم على منح الاقتصاديات الوطنية فرصة كبيرة لتجاوز الصعوبات التقليدية التي تحول دون تطورها .

وكل تلك المعطيات أسست الى شراكة اقتصادية هامة تتطور بشكل يومي حيث ارتفع التبادل التجاري بيم الصين والبلدان العربية من 36.7 مليار دولار في 2004 عند تدشين منتدى التعاون الصيني العربي إلى 330 مليار دولار في 2021 وفق المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وهذا الرقم يجعل من الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية مجتمعة متفوقة على الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. كما بلغت الاستثمارات الصينية في الدول العربية بلغت 213.9 مليار دولار ما بين 2005 و2021 وهو ما يؤكد بوضوح أهمية المنطقة العربية اقتصاديا بالنسبة للصين .

منية العرفاوي