تونس – الصباح
لم يتوقف الجدل والنقاش والأخذ والرد في مواقع التواصل الاجتماعي وبمختلف وسائل الإعلام في قضية الأستاذ والممثل مهذب الرميلي والتلميذة نور عمار منذ أن تمّ الإعلان عن طرد هذه الأخيرة يوم الاثنين 5 ديسمبر 2022، من معهد الفنون بالعمران بالعاصمة.
ففي تدوينة نشرها المعهد، والتي اعتبرها العديد من المتابعين والحقوقيين فيها مسّ واضح من المعطيات الشخصية للتلميذة وتشهير بها، تمّ الإعلان عن قرار الطرد للتلميذة التي تدرس بقسم الثالثة إعلامية اختصاص موسيقى، حيث عبّرت أيضا صفحة المعهد على الفايسبوك عن أسفها لقرار الطرد النهائي الذي تمّ اتخاذه من قبل مجلس التأديب وجاء في نصّ التدوينة ''نور عمار'' فنانة متميّزة وطموحة نتمنى لها التوفيق في دراستها ومسيرتها الفنية''.
منذ ذلك الإعلان لم تهدأ الخواطر بصفحات الفايسبوك بين مؤيد للفنان مهذب الرميلي وبين من ساندوا التلميذة وبين من اعتبروا هذا القرار والعقاب فيه الكثير من التعسف والظلم والتجني على التلميذة وهو قرار من شأنه أن يؤثر على مستقبلها الدراسي والفني.
خاضت تلك الصفحات بين السب والشتم والمسّ من الأشخاص وبين من طالبوا بإعادة النظر في القرار وعدم حرمان التلميذة "نور عمار" من الدراسة بمعهد الفنون بالعمران لخصوصية البرنامج الدراسي به وأيضا عدم التجني على الأستاذ والتهجم عليه.
هذه القضية فتحت الأبواب على الكثير من المسائل والقضايا الأخرى منها على سبيل الذكر لا الحصر خصوصية الجيل الجديد من الأطفال والتلاميذ الذين يعيشون في عالم مغاير تماما عن سابقيه لانتشار التكنولوجيا والانترنات والسوشال ميديا والديجيتال التي ساهمت في تغيير العقليات والمفاهيم.
فالجيل الحالي هو جيل مغاير يستوجب التعامل معه بفطنة وطرق ومناهج جديدة في الخطاب والنقاش وفي التدريس وفي الإحاطة والمراقبة والتأطير والإدماج في المجتمع والأسرة والمنظومة التربوية.
تطرح هذه الحادثة أيضا إشكالية آليات العقاب والردع في المنظومة التربوية التي في أغلب الأحيان لا تنصف التلميذ وإنما تعمق سلطة الأستاذ والمعلم والإطار التربوي بصفة عامة على الطفل وتجعل منه الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية ككلّ.
مراجعة آليات العقاب في المنظومة التربوية والتعجيل بإصلاح المسار التربوي برمته بات من الأولويات القصوى لإنقاذ أجيال من العنف والضياع وتأسيس لمدرسة مستقطبة لا منفرة للأطفال والتلاميذ وفق ما أكده من تحدّثت لهم "الصباح" في هذا الملف.
إعداد: إيمان عبد اللطيف
أستاذ علم الاجتماع زهير بن جنات:دور المدرسة ليس الطرد بل احتواء التلاميذ باختلافاتهم
قال أستاذ علم الاجتماع زهير بن جنات في تصريح لـ"الصباح" "في تقديري منظومة العقوبات هي منظومة تقليدية جدا وبشكل عام هي منظومة محافظة مقارنة بالأجيال والتطورات الجديدة في المجتمع، فنحن نعلم جيدا أن قانون العقوبات هو قانون قديم لا يتماشى مع التطورات والتغيرات الجديدة خاصة في علاقة بوسائل التواصل الاجتماعي وفي القدرة على التعبير وتشبث الأجيال الجديدة في هذا الحق. فالمسألة مختلفة عن الأجيال السابقة التي لم تكن لها مجالات مفتوحة كثيرة سواء تجاه الأستاذ أو المنظومة التربوية بشكل عام".
وأضاف بن جنات "نلاحظ أنّ هناك تشبثا بالمنظومة العقابية والمنظومة التربوية بشكل عام بالرؤية التقليدية للمدرسة التي لا تُراعي خصوصيات الأجيال الجديدة المتمسكة بحقها في حرية التعبير التي تعتبرها مسألة عادية جدا وهو جزء من حياتها اليومية لأن وسائل التواصل الاجتماعي كمثال تأخذ جزءا كبيرا من حياة المراهقين والشباب وحتى الأطفال".
وقال أستاذ علم الاجتماع "في المقابل المنظومة تكاد تقوم على فكرة تقديس الأستاذ التي تتعارض أحيانا مع مجلة حماية الطفولة ومع المبادئ الخاصة بحمايته خاصة مبدأ حماية مصلحة الطفل الفضلى الذي يعتبر مبدأ أساسيا في حمايته وفي التعامل معه بشكل عام".
وأوضح "مثال حادثة تلميذة معهد العمران، مثال يبين الصراع بين رؤيتين للمدرسة، رؤية تقوم على أن المدرّس هو جوهر العملية التربوية لا الطفل كما يتمّ الترويج لذلك، ورؤية ثانية تبرز أن الأطفال اليوم لهم قدرة كبيرة على التعبير عن آرائهم بطرق مختلفة في الوقت الذي لم تحاول المنظومة التربوية إدماجهم، وللأسف مدارسنا بشكل عام وخاصة المدارس العمومية هي مدارس غير دامجة بمعنى لا تقبل الاختلاف والانفلاتات التي نشاهدها عند التلاميذ ولا السلوكات التي لا تتماشى مع سلوكات الأغلبية وهذا يُضيق كثيرا الخناق عليهم ويدفعه إلى مسارات أخرى للتعبير".
وأفاد زهير بن جنات "داخل مؤسساتنا التربوية ليس هناك مجال للتعبير بالطريقة الكافية والتي ترضي الأجيال الجديدة من الأطفال والمراهقين والشباب، وطرد تلميذة من المعهد فيه الكثير من التصلب والإجحاف في استعمال العقوبة وأنا لا أرى أن دور المدرسة الطرد بل دورها هو احتواء التلاميذ باختلافاتهم وإعطائهم فرص للتعبير والعيش كما يريدون في إطار الاحترام".
وأضاف "هذا يجعل المدرسة مرة أخرى تفشل في محطة من محطات المراجعة التي يجب أن تكون في مستوى الإصلاح المدرسي والتربوي الذي تأخر كثيرا ولا تزال تحكمه قوانين وعقلية تقليدية لا تتماشى مع الوقت الراهن".
وقال :"المدرسة دورها إدماج التلاميذ باختلافاتهم لا إخراجهم على شكل قالب واحد وعلى نفس الطينة. فالمدارس الناجحة في العالم هي مدارس تقوم على حق الاختلاف وعلى أقل ما يمكن من ساعات التعليم وأكثر ما يمكن من ساعات التعبير والفنون والرياضة والمسرح والتنشيط والنوادي. فمدرستنا لا تزال محافظة جدّا مقارنة بتطلعات الأجيال الجديدة".
وأوضح أستاذ علم الاجتماع "حالات العنف والتوتر بين مختلف الأطراف التربوية تبين بوضوح بأننا في حاجة للتجديد للذهنية العامة المسيطرة داخل المؤسسات التربوية والنظر في المناخ العام داخلها ونطرح تساؤلا هل هي جالبة وجاذبة للتلميذ في علاقة بالمناهج البيداغوجية أم منفرة لهم؟ فيجب أن نفهم أن التلاميذ لا تكون تربيتهم في المدرسة والعائلة فقط وإنما هناك إلى جانب المؤسسات الرسمية مؤسسات ومجالات أخرى موازية يجد فيها التلميذ راحته منها مواقع التواصل الاجتماعي".
عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان:نحتاج إلى منظومة تأديبية تقوم على بناء العلاقات داخل الفضاء التعليمي
أوضح رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبد الباسط بن حسن في تصريح لـ"الصباح" "حادثة طرد التلميذة هو دليل آخر على ضعف الآليات التي يمكن أن تلجأ إليها المؤسسة التربوية لضمان احترام الأستاذ ولكن في نفس الوقت عدم اتخاذ قرارات مأساوية مثل الطرد النهائي.
هذه الحادثة هي مظهر آخر من مظاهر أزمة المؤسسة التربوية وسببه الحقيقي والعميق عدم مواصلة اصلاح المنظومة التربوية ككل، الذي سيجعل من المدرسة فضاء لانتاج الأزمة تلو الأزمة وفضاء يبعث مشاريع غضب ويأس لدى كل الأطراف المعنية بالمسألة التربوية.
نحتاج إلى إصلاح تربوي للمنظومة يُعيد الاعتبار للمؤسسة التعليمية كفضاء اجتماعي فيه الاهتمام بالمواضيع الاجتماعية، النفسية والحياتية، وفضاء يقوم على الحوار والاحترام المتبادل بين كل الأطراف في المؤسسة وعلى حل المشاكل بآليات لا تصل إلى مظاهر يمكن أن تضر بكل إنسان يحتمي بهذه المؤسسة".
وأضاف بن حسن "نحن كذلك نحتاج إلى منظومة تأديبية تقوم على بناء العلاقات داخل الفضاء التعليمي وكل الأطراف داخله يمكن أن تعمل على تلافي هذه الأشكال من الزجر التي لا تبني شخصية الإنسان ولا تجد حلولا للتجاوزات بل تُعقدها وتؤدي إلى نتائج كارثية.
نحتاج مثلما قمنا بذلك أخيرا إلى عقد اجتماعي جديد بين كل الأطراف المتدخلة في العملية التربوية يجعل منها مسؤولية جماعية تقوم على الحقوق والواجبات بدل العنف والاقصاء المتبادل".
وأفاد رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان "لذلك هي فرصة اليوم لأعيد إطلاق صرخة حقيقية بالعودة إلى إصلاح المسار التربوي الذي قام على حوار مجتمعي كبير وأنتج مجموعة من التوصيات والحلول في عدد كبير من القضايا من بينها مشروع قانون أساسي جديد للتعليم يوضح مثل هذه القضايا ولم ير النور منذ سنة 2016. فنحن كل مرة في مشكلة ومصيبة دون أن نضع الحلول."
الفضاء المدرسي يجب أن يكون قادرا على حل هذه القضايا بأشكال أخرى غير مأساوية والتي تحفظ احترام المربي وفي نفس الوقت لا تؤدي إلى الطرد الذي يعتبر ضد مهمة التعليم أصلا".
هذه بعض الفصول من مشروع قانون أساسي أنتجه مسار الإصلاح التربوي الذي قادته وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل والمعهد العربي لحقوق الإنسان ممثل شبكة عهد.
الفصل 01:
التربية والتعليم حق أساسي من حقوق الإنسان وهو أولوية وطنية مطلقة يضمن بناء الذات ويسهم في التنمية الإنسانية الشاملة والمستدامة ويؤسس النظام الديمقراطي.
الفصل 08:
المتعلمات والمتعلمون غاية العملية التربوية ويدار الشأن التربوي من أجل مصلحتهم الفضلى. وعلى الدولة ضمان البيئة التعليمية الجاذبة والمحفزة للتعلم والإبداع وبناء المناهج و الاختيارات البيداغوجية التي تتيح لهم بناء ذواتهم وفرص اكتساب المهارات الحياتية وفرص المشاركة الفاعلة في بناء معارفهم وتطوير كفاياتهم والتعبير الحر والمسؤول عن الرأي بما يحقق لديهم بهجة التعلم.
الفصل 65:
للمتعلمات والمتعلمين دون تمييز الحق في :
-بيئة تربوية وتعلمية سليمة تتوفر فيها كل المرافق والتجهيزات الضرورية لمختلف الأنشطة البيداغوجية.
-خدمات المرافقة والرعاية الصحية والإحاطة النفسية والاجتماعية.
-تكوين متين وتقييم منصف يتكاملان لضمان تطورهم الذاتي وتنمية كفاياتهم طيلة مسارهم الدراسي
-مراعاة خصائصهم وحاجاتهم وتفاوت أنساق تعلمهم.
-تدابير خاصة بذوي الإعاقة وذوي اضطرابات التعلم والموهوبين تلائم حالتهم البدنية والنفسية والعقلية وتحميهم من أية معاملة ذات طبيعية تمييزية أو مهينة أو حاطة بالكرامة.
-الاستقلال المسؤول في الرأي وممارسة حرية التفكير والتعبير في مناخ النزاهة الفكرية وفي إطار احترام قواعد الحياة المدرسية وتحييد المؤسسة التربوية عن كل أشكال التوظيف.
-الحصول على المعلومات والمواد التي تستهدف تعزيز رفاهيتهم الاجتماعية والرّوحيّة والمعنوية وصحتهم الجسدية والعقلية.
- ثقافة في مجال التوجيه المدرسي والجامعي تربيهم على حسن الاختيار و تمكنهم من بناء مشروعهم الدراسي والمهني الشخصي.
-المساهمة في التسيير التشاركي للمؤسسة التربوية مع مراعاة خصوصية كل مرحلة تعليمية.
-المشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنّيّة ومزاولة الألعاب وأنشطة التسلية المناسبة لسنّهم و التمتع بفترات الراحة .
الفصل 66
على المتعلمات والمتعلمين واجب :
احترام المربي وكافة أعضاء الأسرة التربوية
احترام حريات أقرانهم وحقوقهم والقبول بالاختلاف والتنوع وبقواعد العيش معا
التقيد بما تستوجبه حرمة المؤسسة التربوية وحرمة جميع الموجودين بها
المواظبة وإنجاز الواجبات والمهام التي تستلزمها الدراسة - مراعاة شروط النظافة والصحة والمحافظة على البيئة والبنية
التحتية للمؤسسة وتجهيزاتها والامتناع عن إلحاق الضرر بها.
احترام القواعد المنظمة للحياة المدرسية وسائر التراتيب المتعلقة بها.
الفصل 67
تتولى المؤسسة التربوية في حدود اختصاصها إنفاذ الحقوق ومتابعة الإخلال بالواجبات المحمولة على المتعلمات والمتعلمين الواردة بالفصل من هذا القانون ورصدها وتحليل أسبابها واتخاذ التدابير الكفيلة بالوقاية منها ولا يقع اللجوء الى العقوبات التأديبية إلا استثنائيا. يضبط بقرار من الوزير المكلف بالتربية نظام التأديب المدرسي.
ضحى الجورشي رئيسة جمعية ADO+: للأسف مؤسساتنا التربوية لم تعد مؤسسات آمنة للجميع
أفادت رئيسة جمعية ( ADO+ جمعية تعنى باليافعين واليافعات) ضحى الجورشي في تصريح لـ"الصباح" "للأسف أنّ المنظومة العقابية قائمة على الاستماع إلى الأستاذ، ولا يوجد أحد ليقول لنا من يستمع إلى التلميذ وهذا هو الخلل في المنظومة التربوية فلا يوجد عدل في هذه الناحية. فالتلميذ في حالة يتعرض للانتهاك لا يجد من يستمع إليه أو لمن يقدم شكواه قد يلجأ لمندوب حماية الطفولة ولكن داخل المؤسسة ليس هناك فضاءات للاستماع للتلاميذ".
وأضافت "في مجالس التأديب مثلا يدخل التلميذ بمفرده ويتم تسليط العقاب، فالاستماع إليه يكون وجيزا وفي آخر المطاف يكون قرار العقاب جاهزا لانتهاكه حقا ما أو لارتكابه عنفا ما. وهذا يعني أن التلميذ من المفروض أن يكون في فضاء آمن له وللمربي وللاطار التربوي ككل ولكن للأسف مؤسساتنا التربوية لم تعد مؤسسات آمنة للجميع فكل يوم نستمع إلى قضايا عنف".
وبينت رئيسة جمعية ADO+ "هذا يعود إلى عدة أسباب أولها أننا لم نراجع ولم نقم بإصلاحات عميقة ليصبح دور هذه المؤسسات الأساسي دورا تربويا. ولم نقم بالدفع نحو إحداث خلايا إنصات وتأطير التلاميذ وإدماجهم وبأن يكون هناك مختصون نفسانيون أو على الأقل تكوين الأساتذة والمعلمين والقيمين أو بالسعي إلى التنسيق مع جمعيات محلية تلعب هذا الدور".
وقالت "الوضع في المؤسسات التربوية لا يمكن فصله عن الوضع العام في البلاد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فمن المفترض أن يكون المتنفس للتلاميذ لمنعه من البقاء في الشوارع والانحراف هي المدارس والمعاهد والاعداديات بتوفير الظروف الملائمة لذلك الإدماج والتأطير".
وأفادت "وهنا، وفي هذه الحادثة، نحن نتحدث عن معهد العمران للفنون الجميلة أي معهد يصقل المهارات الفنية للتلاميذ أي معهد له خصوصية ومختلف عن بقية المعاهد، ونتحدث أيضا عن أستاذ مسرح، ألم يوجد أي خطاب أو طريقة أخرى للتعامل مع التلميذة لأنها أخطأت؟ عوضا من الطرد".
وتساءلت ضحى الجورشي"كيف لمؤسسة تربوية أن تنشر معطيات خاصة للتلميذة وصورتها على مواقع التواصل الاجتماعي والتشهير بها، هذه الحادثة هي مناسبة لإعادة فتح هذا الملف فكل يوم يطرد التلاميذ من المدارس والمعاهد والاعداديات لأسباب لا نعلمها.
في وهي أيضا مناسبة لدعوة السلطات وجميع الأطراف المعنية للعمل على وضع مشروع للمؤسسة التربوية ونتساءل كيف يقع نبذ العنف داخلها من جميع الأطراف ووضع خلية إنصات للتلميذ وأيضا للأستاذ ودعوة للمختصين في علم الاجتماع وعلم النفس للتدخل لحماية الجميع".
وقالت "نحن كجمعية بصدد التجول في الفترة الأخيرة في الجهات، وما يجري داخلها، أكبر بكثير مما نتصوره، حيث أن الوضعية النفسية والفكرية أثرت فيها كثيرا جائحة كورونا ولعبت دورا كبيرا في تعميقها، فالدعوة موجهة للجميع كي يضعوا مشروع إصلاح يكون فيه الطفل محور المنظومة التربوية لإنصافه وإنقاذه من الانحرافات".
رضا الزهروني رئيس جمعية الأولياء والتلميذ:العقوبة يجب أن تكون تأديبية في إطار إدماج التلميذ لا إقصائه
اعتبر رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" أنّه "مهما كان السلوك، ربما المرفوض وغير المقبول من التلميذ، نتحمل جميعا جزءا من المسؤولية. فإذا التلميذ اليوم تجاوز حدود ضوابط السلوك والأخلاق، قبل أن نبحث عن العقاب والزجر والإقصاء والطرد يجب البحث عن الأسباب الأساسية والجوهرية للسلوك غير الطبيعي للتلاميذ. فنحن نتحمل المسؤولية الأولى، فالمنظومة التربوية بأدائها الحالي لا يتمّ دعمها في بعدها التربوي والأخلاقي والقيمي الذي يجب ترسيخه في عقليات بناتنا وأبنائنا".
وأضاف الزهروني "نحن عموما عندما نرى تنامي حالات العنف التي تتزايد أيضا في درجات خطورتها من سنة إلى سنة، نفهم ردود الأفعال التي تكون في عدد من الحالات مباشرة على الأستاذ بتعنيفه وفي بعض الأخرى تكون على التلميذ نفسه فهناك من يلتجئ إلى الانتحار، وهناك من يتفاعلون بطرق عنيفة داخل الأسرة. وفي حقيقة الأمر لا نعلم جيّدا حجم هذا العنف".
وقال رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ "يجب النظر في الواقع التربوي وأن نقف عنده بجدية وننظر في هذه الظواهر في بعدها الثقافي الوطني. والعمل على فهم اللغة والبرامج التي تستهوي التلاميذ فلا نعلم ماذا يتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك مسائل يجب أن نأخذها حقيقة بالجدية المطلوبة ولا يجب أن نتوقف في مستوى البارز من الظواهر الذي يتم قبولها".
وقال "نحن كجمعية، كأولياء، كمربين، كمواطنين السلوك الذي يتطلب عقابا يجب يعاقب، ولكن يجب أيضا البحث في الأسباب سواء التي تهم التلميذ أو المربي كما هو الحال في الدول المتقدمة. فالعقاب يجب أن يشمل الجميع في الأنظمة التي تحترم نفسها يُعاقب حتى الولي في حال ارتكب خطأ في حق أطفاله فما بالك المربي فهو ليس منزلا وليس رسولا ولا نبيا فكلنا نستجيب إلى شروط الاستقامة".
ولكن "العقوبات الموجهة للتلميذ والطفل خاصة في سن مبكرة لا يجب أن تكون عقوبات من شأنها أن تنمي شعور النقمة والإقصاء فنجد أنفسنا في وضعية أخطر. فتلميذ يُعاقب من أجل سلوك غير مقبول بالمدرسة قد ننتظر منه سلوكا منحرفا في الشارع. فالعقوبة يجب أن تكون تأديبية في إطار إدماجه لا إقصائه ولا نجعله مستهدفا، فنحن دائما مخطئون في حق أطفالنا كمنظومة سياسية وتربوية ومجتمعية وثقافية خاصة في ما يتعلق بالبعد التربوي والبعد التعليمي".