لم يكتف رئيس الجمهورية قيس سعيد، أول أمس، بالإشراف على إحياء الذكرى 70 لاغتيال الزعيم النقابي الراحل، فرحات حشاد، بل قام بعد الموكب الرسمي، بزيارات ميدانية مختلفة شملت المعهد الصادقي ومقر رئاسة الحكومة بساحة القصبة، مع جولة بأسواق المدينة العتيقة وبشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة أين التقى بعدد من المواطنين، ثم زار بعد ذلك مقرّ وزارتي الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.. كما كانت ضمن تلك الجولة زيارته الى مصنع الحليب في المنطقة الصناعية بسليمان بولاية نابل. كما دشّن الرئيس أمس وفي زيارة ميدانية منفصلة الطريق السيارة تونس –جلمة .
ولئن دأب الرئيس منذ توليه الحكم على الزيارات الميدانية خاصة لشارع الحبيب بورقيبة وبعض الأحياء الأخرى، إلا أن الزيارات المُكثفة بشكل غير مسبوق ولأكثر من مكان ومن أجل أكثر من هدف، تأتي بعد انقطاع تواصل لأسابيع في علاقة بهذه الزيارات الميدانية، وقد رأى فيها البعض محاولة لإنعاش شعبيته التي بدأت تتهاوى بضغط الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها اليوم.. مع ارتفاع جنوني للأسعار وانهيار المقدرة الشرائية لأغلب التونسيين مقابل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة وانسداد الآفاق الاقتصادية واحتقان المناخ الاجتماعي واتساع جبهة المعارضين والرافضين لسياسات قيس سعيد ..
وكل ذلك جعل شعبية الرئيس تتآكل في غياب حلول مقنعة للإنقاذ وجعله مجبرا على محاولة ترميمها بالطريقة التي أتت أكلها في السابق وهو التواصل مع المواطنين بشكل مباشر وهو الذي لا يعترف بالوسائط ويلغي دور الإعلام.. ولم يختلف أسلوب الرئيس في هذه الزيارات حيث حاول أن يؤكد أنه منحازا للشعب في كل احتياجاته ولكن هذا الانحياز وعكس خطابات هذه الزيارات الميدانية لم يُترجم الى قرارات خاصة بوجود حكومة يتأكد عجزها يوميا عن مجاراة وضع اجتماعي محتقن وإيجاد حلول لوضع اقتصادي منهار، بعيدا عن الحلول المألوفة مثل الزيادة في معدلات الضرائب أو الاخلالات بالاتفاقات الاجتماعية التي التزمت بها مع الأطراف الاجتماعية .
فتور في ذكرى حشاد
حضر موكب إحياء ذكرى اغتيال حشاد كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي وأفراد من عائلة الشهيد ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة سمير ماجول ووالي تونس ورئيسة بلدية تونس، كما حضر الموكب الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي والذي كانت له مصافحة مع رئيس الجمهورية بدت فاترة مقاربة بالترحاب الحار الذي وجده البقية من رئيس الجمهورية .
وفتور علاقة الطبوبي بالرئيس تجد مبرراتها في مواقف الاتحاد الأخيرة والذي أعلن رفضه المطلق لسياسات الحكومة والتي وصفتها المركزية النقابية بأنها سياسة غير اجتماعية، كما أعلنت قيادة الاتحاد أنها ستتصدى بقوة الى كل إجراء غير اجتماعي وجددت رفضها قبول الحكومة للإجراءات التي فرضها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولعل هذه المواقف الحادة للاتحاد أخيرا هي ما أثارت غضب رئيس الجمهورية الذي ظلت علاقته بالاتحاد موصولة رغم الاختلاف الشديد في الرؤى الاجتماعية والاقتصادية ولكن مع ذلك مازالت المنظمة الشغيلة تدعم مسار 25 جويلية .
ولكن ذلك لمن يمنع الاتحاد من التلويح بالتصعيد وهي الخطوة التي ينتظرها أغلب الطيف السياسي المعارض لمسار 25 جويلية والذي يرى في تخلي الاتحاد عن مساندة مسار قيس سعيد سيضعفه كثيرا وسيجعل المسار برمته يواجه مطلبية اجتماعية قوية ويواجه غضبا شعبيا غير مسبوق ولكن الى الآن يبقي الاتحاد على هامش من التعقّل والرصانة في التعامل مع المستجدات السياسية التي ينقدها بشكل لاذع دون ان يحسم فيها .
الرئيس في كل مكان ! ..
عند تجواله بين المواطنين كان مطلب توفير الحليب، حاضرا بقوة هذه المادة الاستهلاكية الأساسية والتي فقدت تقريبا من الأسواق، ولعل ذلك ما جعل الرئيس يتوجّه الى مصنع الحليب بالمنطقة الصناعية بولاية سليمان، وهو المصنع الأكبر والذي يحتكر أغلب الإنتاج الصناعي من الحليب، ومرة أخرى يتهم رئيس الجمهورية المحتكرين وعبث مسالك التوزيع بتسببهم في الأزمة الراهنة وفي افتقاد الحليب وقد ذكر أكثر من مرة عند لقائه بعمال المصنع انه يوجّه أخر تحذير لمحتكري هذه المادة، رغم ان ازمة الحليب لا تشمل فقط التصنيع او التوزيع بل تعود أيضا الى الإنتاج .
وتواصلت الزيارات الميدانية للرئيس أمس كذلك حيث تنقّل إلى مدينة جلمة بولاية سيدي بوزيد أين أعطى إشارة انطلاق أشغال انجاز مشروع الطريق السيّارة تونس – جلمة، وهي من المشاريع المهمة والتي ستنهض بالجهة تنمويا وتقرّب الخدمات وتحفّز حتى على الاستثمار في تلك المناطق التي تفتقد الى كل تلك المرافق الضرورية للنهوض وفك عزلتها.. وطريق تونس -جلمة هو جزء من مشروع الطريق السيارة تونس -السبيخة وقد ساهم الصندوق العربي للإنماء والبنك الأوروبي للاستثمار في تمويل هذا المشروع .
وهذه الزيارات الميدانية المختلفة والتي جعلت رئيس الجمهورية حاضرا في كل مكان، تؤكد مرة أخرى أن قيس سعيد يسعى بكل قوته لترميم شعبيته قبل أن تنهار أكثر .
منية العرفاوي
تونس – الصباح
لم يكتف رئيس الجمهورية قيس سعيد، أول أمس، بالإشراف على إحياء الذكرى 70 لاغتيال الزعيم النقابي الراحل، فرحات حشاد، بل قام بعد الموكب الرسمي، بزيارات ميدانية مختلفة شملت المعهد الصادقي ومقر رئاسة الحكومة بساحة القصبة، مع جولة بأسواق المدينة العتيقة وبشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة أين التقى بعدد من المواطنين، ثم زار بعد ذلك مقرّ وزارتي الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.. كما كانت ضمن تلك الجولة زيارته الى مصنع الحليب في المنطقة الصناعية بسليمان بولاية نابل. كما دشّن الرئيس أمس وفي زيارة ميدانية منفصلة الطريق السيارة تونس –جلمة .
ولئن دأب الرئيس منذ توليه الحكم على الزيارات الميدانية خاصة لشارع الحبيب بورقيبة وبعض الأحياء الأخرى، إلا أن الزيارات المُكثفة بشكل غير مسبوق ولأكثر من مكان ومن أجل أكثر من هدف، تأتي بعد انقطاع تواصل لأسابيع في علاقة بهذه الزيارات الميدانية، وقد رأى فيها البعض محاولة لإنعاش شعبيته التي بدأت تتهاوى بضغط الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها اليوم.. مع ارتفاع جنوني للأسعار وانهيار المقدرة الشرائية لأغلب التونسيين مقابل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة وانسداد الآفاق الاقتصادية واحتقان المناخ الاجتماعي واتساع جبهة المعارضين والرافضين لسياسات قيس سعيد ..
وكل ذلك جعل شعبية الرئيس تتآكل في غياب حلول مقنعة للإنقاذ وجعله مجبرا على محاولة ترميمها بالطريقة التي أتت أكلها في السابق وهو التواصل مع المواطنين بشكل مباشر وهو الذي لا يعترف بالوسائط ويلغي دور الإعلام.. ولم يختلف أسلوب الرئيس في هذه الزيارات حيث حاول أن يؤكد أنه منحازا للشعب في كل احتياجاته ولكن هذا الانحياز وعكس خطابات هذه الزيارات الميدانية لم يُترجم الى قرارات خاصة بوجود حكومة يتأكد عجزها يوميا عن مجاراة وضع اجتماعي محتقن وإيجاد حلول لوضع اقتصادي منهار، بعيدا عن الحلول المألوفة مثل الزيادة في معدلات الضرائب أو الاخلالات بالاتفاقات الاجتماعية التي التزمت بها مع الأطراف الاجتماعية .
فتور في ذكرى حشاد
حضر موكب إحياء ذكرى اغتيال حشاد كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي وأفراد من عائلة الشهيد ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة سمير ماجول ووالي تونس ورئيسة بلدية تونس، كما حضر الموكب الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي والذي كانت له مصافحة مع رئيس الجمهورية بدت فاترة مقاربة بالترحاب الحار الذي وجده البقية من رئيس الجمهورية .
وفتور علاقة الطبوبي بالرئيس تجد مبرراتها في مواقف الاتحاد الأخيرة والذي أعلن رفضه المطلق لسياسات الحكومة والتي وصفتها المركزية النقابية بأنها سياسة غير اجتماعية، كما أعلنت قيادة الاتحاد أنها ستتصدى بقوة الى كل إجراء غير اجتماعي وجددت رفضها قبول الحكومة للإجراءات التي فرضها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولعل هذه المواقف الحادة للاتحاد أخيرا هي ما أثارت غضب رئيس الجمهورية الذي ظلت علاقته بالاتحاد موصولة رغم الاختلاف الشديد في الرؤى الاجتماعية والاقتصادية ولكن مع ذلك مازالت المنظمة الشغيلة تدعم مسار 25 جويلية .
ولكن ذلك لمن يمنع الاتحاد من التلويح بالتصعيد وهي الخطوة التي ينتظرها أغلب الطيف السياسي المعارض لمسار 25 جويلية والذي يرى في تخلي الاتحاد عن مساندة مسار قيس سعيد سيضعفه كثيرا وسيجعل المسار برمته يواجه مطلبية اجتماعية قوية ويواجه غضبا شعبيا غير مسبوق ولكن الى الآن يبقي الاتحاد على هامش من التعقّل والرصانة في التعامل مع المستجدات السياسية التي ينقدها بشكل لاذع دون ان يحسم فيها .
الرئيس في كل مكان ! ..
عند تجواله بين المواطنين كان مطلب توفير الحليب، حاضرا بقوة هذه المادة الاستهلاكية الأساسية والتي فقدت تقريبا من الأسواق، ولعل ذلك ما جعل الرئيس يتوجّه الى مصنع الحليب بالمنطقة الصناعية بولاية سليمان، وهو المصنع الأكبر والذي يحتكر أغلب الإنتاج الصناعي من الحليب، ومرة أخرى يتهم رئيس الجمهورية المحتكرين وعبث مسالك التوزيع بتسببهم في الأزمة الراهنة وفي افتقاد الحليب وقد ذكر أكثر من مرة عند لقائه بعمال المصنع انه يوجّه أخر تحذير لمحتكري هذه المادة، رغم ان ازمة الحليب لا تشمل فقط التصنيع او التوزيع بل تعود أيضا الى الإنتاج .
وتواصلت الزيارات الميدانية للرئيس أمس كذلك حيث تنقّل إلى مدينة جلمة بولاية سيدي بوزيد أين أعطى إشارة انطلاق أشغال انجاز مشروع الطريق السيّارة تونس – جلمة، وهي من المشاريع المهمة والتي ستنهض بالجهة تنمويا وتقرّب الخدمات وتحفّز حتى على الاستثمار في تلك المناطق التي تفتقد الى كل تلك المرافق الضرورية للنهوض وفك عزلتها.. وطريق تونس -جلمة هو جزء من مشروع الطريق السيارة تونس -السبيخة وقد ساهم الصندوق العربي للإنماء والبنك الأوروبي للاستثمار في تمويل هذا المشروع .
وهذه الزيارات الميدانية المختلفة والتي جعلت رئيس الجمهورية حاضرا في كل مكان، تؤكد مرة أخرى أن قيس سعيد يسعى بكل قوته لترميم شعبيته قبل أن تنهار أكثر .