إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عين على الحدث .. ونصيبنا من القمة الصينية العربية؟ !..

 

تونس- الصباح

ودعت الصين أمس الرئيس السابق جيانغ زيمينغ أحد الوجوه السياسية المؤثرة في إعادة رسم الخارطة السياسية والاقتصادية للصين خلال العقود الماضية وتحديدا منذ أحداث تيان ان من في ثمانينات القرن الماضي وهو الذي يحسب له أنه قاد مرحلة انفتاح الصين وأعاد التنين الصيني إلى المجتمع الدولي وأعاد دمج وتطوير أكبر اقتصاد في العالم واستعادة هونغ كونغ من بريطانيا ومعها استعادة ماكاو من البرتغال قبل أن ينسحب من الحياة السياسية في 2004 بعد أن عين هوجنتاو في منصب زعيم الحزب. وخلف جينتاو زيمين في رئاسة الدولة في مارس 2003 وعزز موقع الصين لاحتضان اولمبياد بيكين 2008...

-نظامان اقتصاديان ونظام سياسي واحد

الحديث عن الرئيس الصيني الأسبق جيانغ زيمينغ يفرض نفسه نظرا لتداخل الأحداث حيث تزامن رحيل زيمنيغ مع افتتاح القمة الصينية العربية الثلاثية اليوم بالعاصمة السعودية الرياض التي استعدت للحدث، وذلك لسبب مهم وهو أنه يحسب للرئيس الصيني الراحل أنه مهندس ما سيعرف بـ"المعجزة الصينية" واعتماد ما يعرف بنظامين اقتصاديين في ظل نظام سياسي واحد بحيث يتحقق الانفتاح الاقتصادي وتحلق الصين في مجال التنمية بمختلف مجالاتها مقابل تعزيز نظامها السياسي وضمان استمرار هيمنة الحزب الشيوعي الصيني وعدم انفراط وحدة الصين الترابية والتصدي لكل المحاولات الانفصالية في بلد يعد ست وخمسون أقلية تصنع النسيج الاجتماعي والثقافي للصين بلد المليار وأربعمائة مليون نسمة.. كان لا بد من استعادة دور الرئيس الصيني الأسبق جيانغ زيمينغ عشية قمة الرياض حتى نتدرج في فهم كيفية صعود العملاق الاقتصادي الصيني وتوجهه نحو التسلل اقتصاديا عبر كل الحدود والتمدد من آسيا إلى أمريكا وأوروبا وإفريقيا دون إطلاق رصاصة واحدة ليعيد بناء جسور الشراكات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والتكنولوجية والعلمية بين الصين وبين العالم ...

الملاحظة الثانية التي يستوجب التوقف عندها قبل هذه القمة العربية الصينية المتفرعة في الأصل إلى ثلاث قمم وهي قمة سعودية صينية وقمة خليجية صينية وقمة عربية صينية تحتضنها الرياض وهي نفسها المحطات التي رافقت القمة الأمريكية السعودية خلال حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في 2017 وهي قمة أمريكية سعودية وقمة أمريكية خليجية وثالثة أمريكية عربية انتهت بإعلان واشنطن عن اتفاقات ابراهام.. وبالعودة إلى القمة الراهنة فقد حرص وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن على استباق الموعد بالإعلان بأن التنافس الأمريكي الصيني حقيقي وقوي ولكن بلاده لا تريد لهذا التنافس أن ينحرف إلى صراع بمعنى أن يتحول إلى حرب تجارية واقتصادية مفتوحة قد تجد لها في المناخ الدولي الراهن ما يعقد تداعياتها على الجميع ..

قمة الرياض الصينية العربية التي تأتي بعد سنتين على الجائحة التي لا تزال الصين تتعاطى معها بجدية وتفرض بسببها قيودا مشددة على المدن الكبرى وبينها شانغهاي المدينة الاقتصادية، وهي تأتي مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا شهرها العاشر على التوالي بكل تداعياتها على قطاع الطاقة والمعارك المفتوحة بين روسيا والغرب بشأن أسعار النفط، وتأتي أيضا على نهاية عام وحلول آخر، وهي وتأتي أيضا قبل أيام على انعقاد القمة الأمريكية الإفريقية التي تحتضنها واشنطن الأسبوع القادم ينظر إليها في نظر المحللين والخبراء على أنها ستكون خطوة نحو إعادة تشكيل عالم مُتعدد الأقطاب والخروج من دائرة القطب الواحد أو القطب الأمريكي وهي مسألة لا يمكن اعتبارها بالمحسومة في ذلك استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وغياب العناوين الكبرى لما سيكون عليه المشهد بعد هذه الحرب المدمرة رغم التقارب المعروف بين الصين وروسيا ..

-طموحات الصين ..

الصين استبقت القمة بإصدار بيان للخارجية الصينية "تؤكد فيه الاستعداد للاستفادة من القمة الصينية العربية في الرياض لمواصلة إثراء وتعميق التعاون الشامل والعمل على بناء المجتمع العربي الصيني لمستقبل مشترك نحو عصر جديد".. الخارجية الصينية ذيلت البيان بتقرير طويل حول عمق العلاقات التاريخية بين الصين والدول العربية منذ ألف عام..، وكعادتها بقيت الصين وفية لتوجهاتها الديبلوماسية الكلاسيكية في التعاطي مع العلاقات مع الدول العربية بلغة حيادية ترفع شعار المنفعة المتبادلة وتتجنب التدخل في خيارات الدول المعنية لا سيما إذا تعلق الأمر بالحقوق والحريات أو بالمسار الديموقراطي حيث تعتبر الصين انه لا وجود لنموذج ديموقراطي يفرض على الشعوب وانه لكل بلد أن يختار ما يعتبره متماشيا مع ثقافته وتوجهاته وبذلك تجد الصين لها موقعا خاصا لدى الدول والحكومات العربية التي لا تنظر بعين الرضا للتقارير التي تنتقد سياساتها وخياراتها في هذا المجال.. ومنذ 2012 وضعت الصين خارطة الشراكة الصينية العربية مع إطلاق مبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ "الحزام والطريق". وليس سرا أن الصين تطمح إلى تعزيز موقعها كأكبر اقتصاد في العالم وتجاوز أمريكا.. وهي اليوم تواجه صعوبات عديدة في أعقاب تراجع النمو وتفاقم تداعيات الجائحة على الاقتصاد الصيني ..

بلغة الأرقام فقد تطور التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 36.7 مليار دولار في 2004 عند تدشين منتدى التعاون الصيني العربي إلى 330 مليار دولار في 2021، فعين الصين على الموارد الطبيعية العربية وهي كثيرة ومتنوعة وفي المقابل فان للدول العربية وبدرجات متباينة حاجة إلى التكنولوجيا والمعارف الصينية ...

-العالم يتغير.. هل يتغير العرب؟

قد تبدو الدول العربية الاثنين والعشرون التي تمثل أكثر من أربعمائة مليون نسمة سوقا مهمة للصين التي تكتسب بضائعها الرخيصة أسواقها والصين تبحث أيضا عن الفوز بصفقات البنى التحتية لهذه الدول التي تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات والإصلاحات لطرقاتها ومؤسساتها ومصحاتها وجامعاتها وملاعبها ومسارحها.. الصين تعرف إلى أين تتجه وتعرف كيف تضمن مصالحها وتعزز تحالفاتها ومواقعها وتنشط قنواتها وفق ما يشهده العالم من تحولات جيواستراتيجية متسارعة في إطار "البريكس" و"شنغهاي" و"اسيان" و"الاتحاد الإفريقي" و"الجامعة العربية" و"المؤتمر الإسلامي".. ومن لا يواكب التحولات لن يستطيع الالتحاق بركب التطور الذي لن ينتظر الجامدين".. لقد فرضت الحرب الروسية في أوكرانيا التي لا يمكن التنبؤ بالمدة التي يمكن أن تستمر عليها على مختلف القوى الإقليمية التي تسعى لاستباق الأحداث والتعمق في قراءة التداعيات والبحث عن البدائل إعادة رسم خارطة المصالح وربما التعاطي مع العملاق الصيني كسوق عربية مشتركة ...

يأتي الرئيس الصيني جين بينغ إلى قمة الرياض بعد إعادة انتخابه لولاية ثالثة وانتخاب الحزب الشيوعي الحاكم له رئيسا للسنوات الخمس القادمة وبعد لقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش مجموعة العشرين محملا بطموحات اقتصادية كبيرة لمرحلة ما بعد الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة..، والصين تبقى من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وبين يديها الفيتو الذي تعرف كيف ومتى تستخدمه والصين تدرك جيدا أنه ينتظرها اقحامات في مجلس الامن والجمعية العامة بسبب الأزمة في تايوان وأزمة الايغور في منطقة سينتيانغ وهي تعرف أن أصوات الدول العربية والإفريقية يمكن أن تكون لصالحها متى احتاجت ذلك ..

لقد انتهى عصر الصين التي كانت حكومتها تبحث عن تامين صحفة الأرز وقنينة الشاي لكل مواطنيها وانتهى زمن كان حلم المواطن الصيني الحصول على عجلتين وبدلة زرقاء.. عالم الصين اليوم ينافس عالم القوى الكبرى والمدن الصينية تنافس العواصم العالمية إن لم تتجاوزها في عدد ناطحات السحاب والجسور المتحركة والمطارات والمصانع. والصين اليوم قوة عسكرية ونووية لا يريد لها الغرب أن تكون من دون ضوابط وهي أيضا قوة فضائية باتت تزعج الغرب.. اكبر المشاريع الفضائية تحمل توقيع الصين التي تؤسس لبناء شمس اصطناعية للطاقة النظيفة والأكيد أن ما تحقق للصين اليوم من تنمية اقتصادية ليس نتيجة للصدفة ولكن نتيجة ثورة علمية وصناعية ومعرفية بعد أن باتت الجامعات الصينية تنافس اكبر الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية.. سبق أن حذر بونابارت من انه إذا استفاقت الصين فان العالم سيهتز ... quand la chine se veillera le monde tremblera الصين استفاقت وهي تحلق عاليا وسيظل من لا يريد التحليق عالقا في الحضيض ...

اسيا العتروس

عين على الحدث .. ونصيبنا من القمة الصينية العربية؟ !..

 

تونس- الصباح

ودعت الصين أمس الرئيس السابق جيانغ زيمينغ أحد الوجوه السياسية المؤثرة في إعادة رسم الخارطة السياسية والاقتصادية للصين خلال العقود الماضية وتحديدا منذ أحداث تيان ان من في ثمانينات القرن الماضي وهو الذي يحسب له أنه قاد مرحلة انفتاح الصين وأعاد التنين الصيني إلى المجتمع الدولي وأعاد دمج وتطوير أكبر اقتصاد في العالم واستعادة هونغ كونغ من بريطانيا ومعها استعادة ماكاو من البرتغال قبل أن ينسحب من الحياة السياسية في 2004 بعد أن عين هوجنتاو في منصب زعيم الحزب. وخلف جينتاو زيمين في رئاسة الدولة في مارس 2003 وعزز موقع الصين لاحتضان اولمبياد بيكين 2008...

-نظامان اقتصاديان ونظام سياسي واحد

الحديث عن الرئيس الصيني الأسبق جيانغ زيمينغ يفرض نفسه نظرا لتداخل الأحداث حيث تزامن رحيل زيمنيغ مع افتتاح القمة الصينية العربية الثلاثية اليوم بالعاصمة السعودية الرياض التي استعدت للحدث، وذلك لسبب مهم وهو أنه يحسب للرئيس الصيني الراحل أنه مهندس ما سيعرف بـ"المعجزة الصينية" واعتماد ما يعرف بنظامين اقتصاديين في ظل نظام سياسي واحد بحيث يتحقق الانفتاح الاقتصادي وتحلق الصين في مجال التنمية بمختلف مجالاتها مقابل تعزيز نظامها السياسي وضمان استمرار هيمنة الحزب الشيوعي الصيني وعدم انفراط وحدة الصين الترابية والتصدي لكل المحاولات الانفصالية في بلد يعد ست وخمسون أقلية تصنع النسيج الاجتماعي والثقافي للصين بلد المليار وأربعمائة مليون نسمة.. كان لا بد من استعادة دور الرئيس الصيني الأسبق جيانغ زيمينغ عشية قمة الرياض حتى نتدرج في فهم كيفية صعود العملاق الاقتصادي الصيني وتوجهه نحو التسلل اقتصاديا عبر كل الحدود والتمدد من آسيا إلى أمريكا وأوروبا وإفريقيا دون إطلاق رصاصة واحدة ليعيد بناء جسور الشراكات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والتكنولوجية والعلمية بين الصين وبين العالم ...

الملاحظة الثانية التي يستوجب التوقف عندها قبل هذه القمة العربية الصينية المتفرعة في الأصل إلى ثلاث قمم وهي قمة سعودية صينية وقمة خليجية صينية وقمة عربية صينية تحتضنها الرياض وهي نفسها المحطات التي رافقت القمة الأمريكية السعودية خلال حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في 2017 وهي قمة أمريكية سعودية وقمة أمريكية خليجية وثالثة أمريكية عربية انتهت بإعلان واشنطن عن اتفاقات ابراهام.. وبالعودة إلى القمة الراهنة فقد حرص وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن على استباق الموعد بالإعلان بأن التنافس الأمريكي الصيني حقيقي وقوي ولكن بلاده لا تريد لهذا التنافس أن ينحرف إلى صراع بمعنى أن يتحول إلى حرب تجارية واقتصادية مفتوحة قد تجد لها في المناخ الدولي الراهن ما يعقد تداعياتها على الجميع ..

قمة الرياض الصينية العربية التي تأتي بعد سنتين على الجائحة التي لا تزال الصين تتعاطى معها بجدية وتفرض بسببها قيودا مشددة على المدن الكبرى وبينها شانغهاي المدينة الاقتصادية، وهي تأتي مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا شهرها العاشر على التوالي بكل تداعياتها على قطاع الطاقة والمعارك المفتوحة بين روسيا والغرب بشأن أسعار النفط، وتأتي أيضا على نهاية عام وحلول آخر، وهي وتأتي أيضا قبل أيام على انعقاد القمة الأمريكية الإفريقية التي تحتضنها واشنطن الأسبوع القادم ينظر إليها في نظر المحللين والخبراء على أنها ستكون خطوة نحو إعادة تشكيل عالم مُتعدد الأقطاب والخروج من دائرة القطب الواحد أو القطب الأمريكي وهي مسألة لا يمكن اعتبارها بالمحسومة في ذلك استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وغياب العناوين الكبرى لما سيكون عليه المشهد بعد هذه الحرب المدمرة رغم التقارب المعروف بين الصين وروسيا ..

-طموحات الصين ..

الصين استبقت القمة بإصدار بيان للخارجية الصينية "تؤكد فيه الاستعداد للاستفادة من القمة الصينية العربية في الرياض لمواصلة إثراء وتعميق التعاون الشامل والعمل على بناء المجتمع العربي الصيني لمستقبل مشترك نحو عصر جديد".. الخارجية الصينية ذيلت البيان بتقرير طويل حول عمق العلاقات التاريخية بين الصين والدول العربية منذ ألف عام..، وكعادتها بقيت الصين وفية لتوجهاتها الديبلوماسية الكلاسيكية في التعاطي مع العلاقات مع الدول العربية بلغة حيادية ترفع شعار المنفعة المتبادلة وتتجنب التدخل في خيارات الدول المعنية لا سيما إذا تعلق الأمر بالحقوق والحريات أو بالمسار الديموقراطي حيث تعتبر الصين انه لا وجود لنموذج ديموقراطي يفرض على الشعوب وانه لكل بلد أن يختار ما يعتبره متماشيا مع ثقافته وتوجهاته وبذلك تجد الصين لها موقعا خاصا لدى الدول والحكومات العربية التي لا تنظر بعين الرضا للتقارير التي تنتقد سياساتها وخياراتها في هذا المجال.. ومنذ 2012 وضعت الصين خارطة الشراكة الصينية العربية مع إطلاق مبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ "الحزام والطريق". وليس سرا أن الصين تطمح إلى تعزيز موقعها كأكبر اقتصاد في العالم وتجاوز أمريكا.. وهي اليوم تواجه صعوبات عديدة في أعقاب تراجع النمو وتفاقم تداعيات الجائحة على الاقتصاد الصيني ..

بلغة الأرقام فقد تطور التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 36.7 مليار دولار في 2004 عند تدشين منتدى التعاون الصيني العربي إلى 330 مليار دولار في 2021، فعين الصين على الموارد الطبيعية العربية وهي كثيرة ومتنوعة وفي المقابل فان للدول العربية وبدرجات متباينة حاجة إلى التكنولوجيا والمعارف الصينية ...

-العالم يتغير.. هل يتغير العرب؟

قد تبدو الدول العربية الاثنين والعشرون التي تمثل أكثر من أربعمائة مليون نسمة سوقا مهمة للصين التي تكتسب بضائعها الرخيصة أسواقها والصين تبحث أيضا عن الفوز بصفقات البنى التحتية لهذه الدول التي تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات والإصلاحات لطرقاتها ومؤسساتها ومصحاتها وجامعاتها وملاعبها ومسارحها.. الصين تعرف إلى أين تتجه وتعرف كيف تضمن مصالحها وتعزز تحالفاتها ومواقعها وتنشط قنواتها وفق ما يشهده العالم من تحولات جيواستراتيجية متسارعة في إطار "البريكس" و"شنغهاي" و"اسيان" و"الاتحاد الإفريقي" و"الجامعة العربية" و"المؤتمر الإسلامي".. ومن لا يواكب التحولات لن يستطيع الالتحاق بركب التطور الذي لن ينتظر الجامدين".. لقد فرضت الحرب الروسية في أوكرانيا التي لا يمكن التنبؤ بالمدة التي يمكن أن تستمر عليها على مختلف القوى الإقليمية التي تسعى لاستباق الأحداث والتعمق في قراءة التداعيات والبحث عن البدائل إعادة رسم خارطة المصالح وربما التعاطي مع العملاق الصيني كسوق عربية مشتركة ...

يأتي الرئيس الصيني جين بينغ إلى قمة الرياض بعد إعادة انتخابه لولاية ثالثة وانتخاب الحزب الشيوعي الحاكم له رئيسا للسنوات الخمس القادمة وبعد لقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش مجموعة العشرين محملا بطموحات اقتصادية كبيرة لمرحلة ما بعد الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة..، والصين تبقى من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وبين يديها الفيتو الذي تعرف كيف ومتى تستخدمه والصين تدرك جيدا أنه ينتظرها اقحامات في مجلس الامن والجمعية العامة بسبب الأزمة في تايوان وأزمة الايغور في منطقة سينتيانغ وهي تعرف أن أصوات الدول العربية والإفريقية يمكن أن تكون لصالحها متى احتاجت ذلك ..

لقد انتهى عصر الصين التي كانت حكومتها تبحث عن تامين صحفة الأرز وقنينة الشاي لكل مواطنيها وانتهى زمن كان حلم المواطن الصيني الحصول على عجلتين وبدلة زرقاء.. عالم الصين اليوم ينافس عالم القوى الكبرى والمدن الصينية تنافس العواصم العالمية إن لم تتجاوزها في عدد ناطحات السحاب والجسور المتحركة والمطارات والمصانع. والصين اليوم قوة عسكرية ونووية لا يريد لها الغرب أن تكون من دون ضوابط وهي أيضا قوة فضائية باتت تزعج الغرب.. اكبر المشاريع الفضائية تحمل توقيع الصين التي تؤسس لبناء شمس اصطناعية للطاقة النظيفة والأكيد أن ما تحقق للصين اليوم من تنمية اقتصادية ليس نتيجة للصدفة ولكن نتيجة ثورة علمية وصناعية ومعرفية بعد أن باتت الجامعات الصينية تنافس اكبر الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية.. سبق أن حذر بونابارت من انه إذا استفاقت الصين فان العالم سيهتز ... quand la chine se veillera le monde tremblera الصين استفاقت وهي تحلق عاليا وسيظل من لا يريد التحليق عالقا في الحضيض ...

اسيا العتروس