إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد أن أخطأ المترشحون العنوان .. انتخابات 17 ديسمبر تشريعية أم بلدية؟

تونس-الصباح

لا اختلاف حول فقدان الانتخابات التشريعية في نسختها السابقة لأوانها لمقومات العقلانية بعد أن كشف المترشحون لموعد 17 ديسمبر عن برامجهم الانتخابية وفشل اغلبهم في الفصل بين ماهو وطني جهوي وبين ماهو محلي في انتخابات شبيهة في تفاصيلها للانتخابات البلدية لا التشريعية.

تفاصيل أظهرت غياب معرفة المترشحين بطبيعة الحملة ومفهومها بعد أن انحصرت الوعود الانتخابية وغرقت في الإسفاف والتحيل أحيانا نتيجة غياب الكفاءات التي تأثرت بشكل مباشر بقانون الانتخابات وتغييب الأحزاب اثر إعلان جزء واسع منهم عن مقاطعة موعد 17 ديسمبر مشاركة وتصويت.

 وفي هذا السياق قال وزير العدل الأسبق الصادق شعبيان، الذي يعد من داعمي مسار25جويلية، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "كنت أعتقد أن البرلمان الجديد سوف ينتج كتلا برلمانية قوية تكون الانطلاقة لأحزاب جديدة لكن هذا لم يكن أو لن يكون كما تمنيناه والأحزاب الناشئة لن تكون بالصورة التي نريد."

وأضاف "لن يكون البرلمانيون الجدد في جهاتهم الشخصيات المحلية السياسية الأكثر أهمية ولا الأشد فاعلية ربما البعض فقط وهم قلة والأهم هو أننا لن نقدر بهذه التركيبة الجديدة على إرجاع الثقة في الدولة وفي العملية الديقراطية ككل فالتفاصيل أفسدت الأصل، وحالت دون استقطاب أفضل الكفاءات ".

وتبدو إحالة الصادق شعبان واضحة للقانون الانتخابي الذي اضر بالعملية الانتخابية بعد التقسيم الترابي للدوائر الانتخابية التقليدية حيث وقع الانطلاق من المعتمديات، مع دمج الأقلّ سكانا منها بعضها البعض، وتقسيم الكبريات منها إلى دائرتيْن.

وعلى عكس النظام النسبي المعتمد منذ 2011، والذي يسمح باعتماد الولايات كدوائر انتخابيّة مع إسناد عدد من المقاعد لكلّ منها حسب معيار ديمغرافيّ، يفرض الاقتراع على الأفراد اعتماد تقسيم جديد، بدوائر ترابيّة أصغر بما أنّها ذات مقعد وحيد مع التقليص الواضح في عدد المقاعد البرلمانية من 217 الى 161 مقعدا.

 ومع إصدار الرئيس قيس سعيد في 15 سبتمبر الماضي 2022 للمرسوم رقم 55 لسنة 2022 المتعلّق بتعديل القانون الانتخابي في تونس تعالت أصوات المعارضين من أحزاب وأساتذة قانون دستوري ونشطاء مستقلين مشككين في جدوى الانتخابات بهكذا قوانين بعد إدخال العديد من التغييرات على القانون الأساسي رقم 16 لسنة 2014.

واعتبر مراقبون أن هذه الانتخابات هي الخطوة الأخيرة لإرساء مشروع الرئيس من أجل جمهورية جديدة تقطع مع الماضي وتضع أولى أحجار البناء القاعدي الذي يسعى لإرسائه.

وفي هذا الإطار لاحظ الباحث مهدي العش أن مشروع البناء القاعدي بدأ يتشكل منذ سنة 2011 وهو البرنامج الوحيد لرئيس الجمهورية قيس سعيد لكنه لم يناقش حتى بعد وصول سعيد للسلطة ولم يناقش حتى بعد 25 جويلية، إذ جوبه في كل مرة بالسخرية ولم يكن هناك نقاش جدي حوله، ليس لأن المختصين لم يخوضوا فيه بل لأن أصحابه أنفسهم لم يعرضوه كوثيقة متكاملة على النقاش وإنما اقتصروا على تقديم تفاسير له.

وأضاف "أنه منذ 25 جويلية أصبحت هناك مؤشرات جدية على توجه نحو تنزيله على ارض الواقع، فبمقتضى الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية أعطى رئيس الجمهورية لنفسه سلطة تأسيسية، كما أن الاستشارة التي أطلقها قامت على فلسفة البناء القاعدي، وليس هذا فقط إذ هناك مؤشرات أخرى على توجه رئيس الجمهورية لتنزيل النظام القاعدي نجدها في المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية وفي مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء".

وأمام كل هذه العوامل ظهرت فئات من المترشحين، في محاولة منها لملء الفراغات التي تركها المترشحون ليتحول المشهد عموما الى "كاراكوز انتخابي" دفع بالبعض من أساتذة الجامعات والمحامين الى الانسحاب من الحملة الانتخابية فقد أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يوم الجمعة 4 نوفمبر 2022، أنّ ستّة مترشحين للانتخابات التشريعية المقرّرة في 17 ديسمبر المقبل سحبوا ترشحاتهم.

خليل الحناشي

 

بعد أن أخطأ المترشحون العنوان .. انتخابات 17 ديسمبر تشريعية أم بلدية؟

تونس-الصباح

لا اختلاف حول فقدان الانتخابات التشريعية في نسختها السابقة لأوانها لمقومات العقلانية بعد أن كشف المترشحون لموعد 17 ديسمبر عن برامجهم الانتخابية وفشل اغلبهم في الفصل بين ماهو وطني جهوي وبين ماهو محلي في انتخابات شبيهة في تفاصيلها للانتخابات البلدية لا التشريعية.

تفاصيل أظهرت غياب معرفة المترشحين بطبيعة الحملة ومفهومها بعد أن انحصرت الوعود الانتخابية وغرقت في الإسفاف والتحيل أحيانا نتيجة غياب الكفاءات التي تأثرت بشكل مباشر بقانون الانتخابات وتغييب الأحزاب اثر إعلان جزء واسع منهم عن مقاطعة موعد 17 ديسمبر مشاركة وتصويت.

 وفي هذا السياق قال وزير العدل الأسبق الصادق شعبيان، الذي يعد من داعمي مسار25جويلية، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "كنت أعتقد أن البرلمان الجديد سوف ينتج كتلا برلمانية قوية تكون الانطلاقة لأحزاب جديدة لكن هذا لم يكن أو لن يكون كما تمنيناه والأحزاب الناشئة لن تكون بالصورة التي نريد."

وأضاف "لن يكون البرلمانيون الجدد في جهاتهم الشخصيات المحلية السياسية الأكثر أهمية ولا الأشد فاعلية ربما البعض فقط وهم قلة والأهم هو أننا لن نقدر بهذه التركيبة الجديدة على إرجاع الثقة في الدولة وفي العملية الديقراطية ككل فالتفاصيل أفسدت الأصل، وحالت دون استقطاب أفضل الكفاءات ".

وتبدو إحالة الصادق شعبان واضحة للقانون الانتخابي الذي اضر بالعملية الانتخابية بعد التقسيم الترابي للدوائر الانتخابية التقليدية حيث وقع الانطلاق من المعتمديات، مع دمج الأقلّ سكانا منها بعضها البعض، وتقسيم الكبريات منها إلى دائرتيْن.

وعلى عكس النظام النسبي المعتمد منذ 2011، والذي يسمح باعتماد الولايات كدوائر انتخابيّة مع إسناد عدد من المقاعد لكلّ منها حسب معيار ديمغرافيّ، يفرض الاقتراع على الأفراد اعتماد تقسيم جديد، بدوائر ترابيّة أصغر بما أنّها ذات مقعد وحيد مع التقليص الواضح في عدد المقاعد البرلمانية من 217 الى 161 مقعدا.

 ومع إصدار الرئيس قيس سعيد في 15 سبتمبر الماضي 2022 للمرسوم رقم 55 لسنة 2022 المتعلّق بتعديل القانون الانتخابي في تونس تعالت أصوات المعارضين من أحزاب وأساتذة قانون دستوري ونشطاء مستقلين مشككين في جدوى الانتخابات بهكذا قوانين بعد إدخال العديد من التغييرات على القانون الأساسي رقم 16 لسنة 2014.

واعتبر مراقبون أن هذه الانتخابات هي الخطوة الأخيرة لإرساء مشروع الرئيس من أجل جمهورية جديدة تقطع مع الماضي وتضع أولى أحجار البناء القاعدي الذي يسعى لإرسائه.

وفي هذا الإطار لاحظ الباحث مهدي العش أن مشروع البناء القاعدي بدأ يتشكل منذ سنة 2011 وهو البرنامج الوحيد لرئيس الجمهورية قيس سعيد لكنه لم يناقش حتى بعد وصول سعيد للسلطة ولم يناقش حتى بعد 25 جويلية، إذ جوبه في كل مرة بالسخرية ولم يكن هناك نقاش جدي حوله، ليس لأن المختصين لم يخوضوا فيه بل لأن أصحابه أنفسهم لم يعرضوه كوثيقة متكاملة على النقاش وإنما اقتصروا على تقديم تفاسير له.

وأضاف "أنه منذ 25 جويلية أصبحت هناك مؤشرات جدية على توجه نحو تنزيله على ارض الواقع، فبمقتضى الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية أعطى رئيس الجمهورية لنفسه سلطة تأسيسية، كما أن الاستشارة التي أطلقها قامت على فلسفة البناء القاعدي، وليس هذا فقط إذ هناك مؤشرات أخرى على توجه رئيس الجمهورية لتنزيل النظام القاعدي نجدها في المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية وفي مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء".

وأمام كل هذه العوامل ظهرت فئات من المترشحين، في محاولة منها لملء الفراغات التي تركها المترشحون ليتحول المشهد عموما الى "كاراكوز انتخابي" دفع بالبعض من أساتذة الجامعات والمحامين الى الانسحاب من الحملة الانتخابية فقد أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يوم الجمعة 4 نوفمبر 2022، أنّ ستّة مترشحين للانتخابات التشريعية المقرّرة في 17 ديسمبر المقبل سحبوا ترشحاتهم.

خليل الحناشي