سجل سعر صرف الدينار التونسي أمس، تراجعا قياسيا أمام عملة الاتحاد الأوروبي ليبلغ 3.37 دينار، في سوق صرف العملات، متجاوزا سعر صرف الدولار، والذي بلغ بتاريخ أمس، 3.237 دينار تونسي، وسط توقعات باستمرار أزمة تراجع العديد من العملات أمام الاورو، بعد التغييرات التي شهدها العالم بسبب الحرب في أوكرانيا، علما وأن هذا التراجع المسجل في سوق صرف العملات، سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للتونسيين، وأيضا على واردات تونس من الخارج، بالإضافة إلى تآكل الاحتياطي النقدي لتونس من العملة الصعبة.
وحسب ما رصدته "الصباح" من عديد الخبراء في الآونة الأخيرة، فإن تدني سعر الدينار أمام الاورو من شأنه تهديد القدرة الشرائية للتونسيين، التي هوت فعلا بعد ارتفاع أسعار أغلب المواد الاستهلاكية، في ظل تدني الأجور، تزامنا مع ارتفاع معدلات التضخم إلى 9.2%، متبوعة بارتفاع في نسبة الفائدة المديونية.
ويعد تراجع سعر الدينار التونسي أمام عملة الاورو إلى حدود 3.352 دينار، وفق بيانات الصرف للبنك المركزي، سابقة جديدة خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2022، حيث تواجه تونس أزمة مالية خانقة اضطرتها للجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، وجزء من أموال صندوق سيقع اعتماده لخلاص ديون تونس الخارجية خلال سنة 2023.
ويهدد الارتفاع المسجل في أسواق سعر صرف العملات، تآكل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة لعديد الدول، وعلى رأسها تونس، التي سجلت منذ بداية شهر جوان الماضي، تراجعا لافتا في الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، كما سيؤثر ذلك على الميزان التجاري، وسيرفع في تكلفة التوريد، وبالتالي سترتفع أسعار المحروقات والحبوب.
تراجع قدرة تونس على تغطية وارداتها
وتراجعت قدرة تونس على تغطية وارداتها بالاعتماد على العملة الصعبة إلى 98 يوماً مقابل 119 يوماً خلال الفترة نفسها من 2021، على الرغم من ارتفاع قيمة الاحتياطي النقدي إلى 21.8 مليار دينار وذلك وفق أحدث بيانات البنك المركزي.
وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022 ، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 20 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، وكان في مستوى 2.8 دينار خلال الفترة نفسها من 2021. وفي المقابل تراجع سعر اليورو من 3.3 دينار في جويلية 2021 إلى 3.2 دينار.
المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، كان قد أعلن في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل العملات الأجنبية يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو، وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار والاورو بسبب ارتفاع أسعارها والإقبال عليها، خلال هذه الفترات التي تشهد ركودا اقتصاديا في عديد الدول.
تأثيرات متوقعة على الاستثمار
وكان الدينار التونسي قد سجل انخفاضاً في سعره يوم الثامن من مارس الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ 3 سنوات، وبلغ سعر الدولار الواحد آنذاك 3.0032 دينار، الأمر الذي أثر على العملة الوطنية التونسية التي تتسم بالركود نتيجة الجائحة الصحية التي ضربت البلاد موفى سنة 2020.
وسجل احتياطي تونس من النقد الأجنبي في فترة ما قبل الجائحة ارتفاعا إلى مستويات مطمئنة تجاوز 147 يوما توريد، وأدى ذلك إلى انخفاض التضخم وخلق الظروف الملائمة لانخفاض أسعار الفائدة ودعم نمو الائتمان في الاقتصاد، إلا أن الإجراءات المتخذة من السلطات للحد من تبعات الوباء من خلال اقتراح حزمة من تدابير الميزانية لدعم الشركات والأسر، كان لها الأثر الكبير في اختلال السياسة المالية، في ظل تسجيل خسائر في الإيرادات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي، والتي ساهمت إلى حد كبير في زيادة عجز الميزانية إلى 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2020.
تراجع بأكثر من 21 يوم توريد
وبلغت قيمة التراجع المسجلة نحو 1803 مليون دينار (ما يعادل 21 يوم توريد)، فيما أرجع البنك المركزي التراجع المسجل في احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى انخفاض العائدات السياحية، مقارنة بسنة 2019، والتراجع المسجل في العديد من القطاعات الحيوية، مثل إنتاج الفسفاط.
وسجل مخزون تونس من العملة الصعبة تراجعا لافتا، بعد تواصل استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، بسبب دفعات من القروض السيادية تم سدادها بين فترة 22 و23 جويلية الماضي، بالإضافة إلى قرض آخر بقيمية 500 مليون دولار تم سداده خلال الأسبوع الأول من شهر أوت الماضي، علما وأن سنة 2023 تتسم بحزمة واسعة من الديون الواجب تسديدها في آجالها.
انحدار الدينار أمام الأورو
وتراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة، خلال بضعة أشهر، حيث أكدت تقارير البنك، تراجع مخزون العملات الصعبة في تونس، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار التونسي، والذي يتزامن مع ارتفاع حاد في نسب التضخم، بالإضافة إلى ارتفاع واردات تونس من الخارج، وخاصة وارداتها من الحبوب والمحروقات.
وشهد سعر صرف الدينار التونسي أمام عملة الاورو خلال شهر جوان 2021، تحسنا، ليبلغ 307, 3 دينار، بعد أن كان في حدود 335, 3 دينار خلال نفس الفترة من 2020 ، علما وانه انحدر اليوم إلى نفس القيمة المسجلة خلال تلك الفترة.
وبحسب الخبراء والمراقبين، لعبت الحروب الروسية الأوكرانية وما أججته من ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والمحروقات، دورا رئيسيا في تأرجح الاورو مقابل الدولار، خاصة في ظل الانكماش الاقتصادي وارتفاع نسبة التضخم في منطقة الأورو إلى أكثر من 9.1% في أوت الماضي، وهي أعلى نسبة للقارة الأوروبية منذ 30 عاما، بحسب آخر الأرقام التي نشرها مكتب “يورو ستات” (Euro stat) للإحصائيات التابع للمفوضية الأوروبية.
وفي حين يرى مراقبون إمكانية أن يشكّل صعود اليورو فرصة جيدة للاستثمار في تونس، استبعد العديد من الخبراء، أن يكون هذا الارتفاع فرصة جيدة للاستثمار، لأن المناخ الاقتصادي يتجه إلى أجواء قاتمة وغامضة خاصة بعد أن قطعت روسيا الغاز عن أوروبا، وهذا برأيهم يبشر بحالة كبيرة من الركود الاقتصادي، لأن البيئة غير آمنة وغير مشجعة على الاستثمار، كما إن أغلب أسعار الطاقة في السوق العالمية مسعّرة بالدولار، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الطاقة يؤدي آليا إلى زيادة الطلب على الدولار، ونتيجة إلى كل ذلك أصبح الدولار ملاذا أمنا في السوق وزاد الطلب عليه.
ديون تونس سترتفع
ويكمن القلق في ارتفاع عملة الاورو أمام الدينار التونسي، في انعكاسه الخطير على تآكل الاحتياطي النقدي لتونس حيث أن 59% من ديون بلادنا، هي بعملة الاورو، ويتزامن ارتفاعه مع اقتراب تسديد تونس لحزمة من الديون مع بداية العام القادم أي سنة 2023، ما يضع تونس في دائرة الاستنزاف المالي، في الوقت الذي يمر به العالم بركود اقتصادي كبير أدى إلى خروج الأوضاع عن السيطرة في العديد من الدول.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
سجل سعر صرف الدينار التونسي أمس، تراجعا قياسيا أمام عملة الاتحاد الأوروبي ليبلغ 3.37 دينار، في سوق صرف العملات، متجاوزا سعر صرف الدولار، والذي بلغ بتاريخ أمس، 3.237 دينار تونسي، وسط توقعات باستمرار أزمة تراجع العديد من العملات أمام الاورو، بعد التغييرات التي شهدها العالم بسبب الحرب في أوكرانيا، علما وأن هذا التراجع المسجل في سوق صرف العملات، سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للتونسيين، وأيضا على واردات تونس من الخارج، بالإضافة إلى تآكل الاحتياطي النقدي لتونس من العملة الصعبة.
وحسب ما رصدته "الصباح" من عديد الخبراء في الآونة الأخيرة، فإن تدني سعر الدينار أمام الاورو من شأنه تهديد القدرة الشرائية للتونسيين، التي هوت فعلا بعد ارتفاع أسعار أغلب المواد الاستهلاكية، في ظل تدني الأجور، تزامنا مع ارتفاع معدلات التضخم إلى 9.2%، متبوعة بارتفاع في نسبة الفائدة المديونية.
ويعد تراجع سعر الدينار التونسي أمام عملة الاورو إلى حدود 3.352 دينار، وفق بيانات الصرف للبنك المركزي، سابقة جديدة خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2022، حيث تواجه تونس أزمة مالية خانقة اضطرتها للجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، وجزء من أموال صندوق سيقع اعتماده لخلاص ديون تونس الخارجية خلال سنة 2023.
ويهدد الارتفاع المسجل في أسواق سعر صرف العملات، تآكل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة لعديد الدول، وعلى رأسها تونس، التي سجلت منذ بداية شهر جوان الماضي، تراجعا لافتا في الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، كما سيؤثر ذلك على الميزان التجاري، وسيرفع في تكلفة التوريد، وبالتالي سترتفع أسعار المحروقات والحبوب.
تراجع قدرة تونس على تغطية وارداتها
وتراجعت قدرة تونس على تغطية وارداتها بالاعتماد على العملة الصعبة إلى 98 يوماً مقابل 119 يوماً خلال الفترة نفسها من 2021، على الرغم من ارتفاع قيمة الاحتياطي النقدي إلى 21.8 مليار دينار وذلك وفق أحدث بيانات البنك المركزي.
وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022 ، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 20 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، وكان في مستوى 2.8 دينار خلال الفترة نفسها من 2021. وفي المقابل تراجع سعر اليورو من 3.3 دينار في جويلية 2021 إلى 3.2 دينار.
المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، كان قد أعلن في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل العملات الأجنبية يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو، وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار والاورو بسبب ارتفاع أسعارها والإقبال عليها، خلال هذه الفترات التي تشهد ركودا اقتصاديا في عديد الدول.
تأثيرات متوقعة على الاستثمار
وكان الدينار التونسي قد سجل انخفاضاً في سعره يوم الثامن من مارس الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ 3 سنوات، وبلغ سعر الدولار الواحد آنذاك 3.0032 دينار، الأمر الذي أثر على العملة الوطنية التونسية التي تتسم بالركود نتيجة الجائحة الصحية التي ضربت البلاد موفى سنة 2020.
وسجل احتياطي تونس من النقد الأجنبي في فترة ما قبل الجائحة ارتفاعا إلى مستويات مطمئنة تجاوز 147 يوما توريد، وأدى ذلك إلى انخفاض التضخم وخلق الظروف الملائمة لانخفاض أسعار الفائدة ودعم نمو الائتمان في الاقتصاد، إلا أن الإجراءات المتخذة من السلطات للحد من تبعات الوباء من خلال اقتراح حزمة من تدابير الميزانية لدعم الشركات والأسر، كان لها الأثر الكبير في اختلال السياسة المالية، في ظل تسجيل خسائر في الإيرادات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي، والتي ساهمت إلى حد كبير في زيادة عجز الميزانية إلى 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2020.
تراجع بأكثر من 21 يوم توريد
وبلغت قيمة التراجع المسجلة نحو 1803 مليون دينار (ما يعادل 21 يوم توريد)، فيما أرجع البنك المركزي التراجع المسجل في احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى انخفاض العائدات السياحية، مقارنة بسنة 2019، والتراجع المسجل في العديد من القطاعات الحيوية، مثل إنتاج الفسفاط.
وسجل مخزون تونس من العملة الصعبة تراجعا لافتا، بعد تواصل استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، بسبب دفعات من القروض السيادية تم سدادها بين فترة 22 و23 جويلية الماضي، بالإضافة إلى قرض آخر بقيمية 500 مليون دولار تم سداده خلال الأسبوع الأول من شهر أوت الماضي، علما وأن سنة 2023 تتسم بحزمة واسعة من الديون الواجب تسديدها في آجالها.
انحدار الدينار أمام الأورو
وتراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة، خلال بضعة أشهر، حيث أكدت تقارير البنك، تراجع مخزون العملات الصعبة في تونس، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار التونسي، والذي يتزامن مع ارتفاع حاد في نسب التضخم، بالإضافة إلى ارتفاع واردات تونس من الخارج، وخاصة وارداتها من الحبوب والمحروقات.
وشهد سعر صرف الدينار التونسي أمام عملة الاورو خلال شهر جوان 2021، تحسنا، ليبلغ 307, 3 دينار، بعد أن كان في حدود 335, 3 دينار خلال نفس الفترة من 2020 ، علما وانه انحدر اليوم إلى نفس القيمة المسجلة خلال تلك الفترة.
وبحسب الخبراء والمراقبين، لعبت الحروب الروسية الأوكرانية وما أججته من ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والمحروقات، دورا رئيسيا في تأرجح الاورو مقابل الدولار، خاصة في ظل الانكماش الاقتصادي وارتفاع نسبة التضخم في منطقة الأورو إلى أكثر من 9.1% في أوت الماضي، وهي أعلى نسبة للقارة الأوروبية منذ 30 عاما، بحسب آخر الأرقام التي نشرها مكتب “يورو ستات” (Euro stat) للإحصائيات التابع للمفوضية الأوروبية.
وفي حين يرى مراقبون إمكانية أن يشكّل صعود اليورو فرصة جيدة للاستثمار في تونس، استبعد العديد من الخبراء، أن يكون هذا الارتفاع فرصة جيدة للاستثمار، لأن المناخ الاقتصادي يتجه إلى أجواء قاتمة وغامضة خاصة بعد أن قطعت روسيا الغاز عن أوروبا، وهذا برأيهم يبشر بحالة كبيرة من الركود الاقتصادي، لأن البيئة غير آمنة وغير مشجعة على الاستثمار، كما إن أغلب أسعار الطاقة في السوق العالمية مسعّرة بالدولار، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الطاقة يؤدي آليا إلى زيادة الطلب على الدولار، ونتيجة إلى كل ذلك أصبح الدولار ملاذا أمنا في السوق وزاد الطلب عليه.
ديون تونس سترتفع
ويكمن القلق في ارتفاع عملة الاورو أمام الدينار التونسي، في انعكاسه الخطير على تآكل الاحتياطي النقدي لتونس حيث أن 59% من ديون بلادنا، هي بعملة الاورو، ويتزامن ارتفاعه مع اقتراب تسديد تونس لحزمة من الديون مع بداية العام القادم أي سنة 2023، ما يضع تونس في دائرة الاستنزاف المالي، في الوقت الذي يمر به العالم بركود اقتصادي كبير أدى إلى خروج الأوضاع عن السيطرة في العديد من الدول.