إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وفق النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة .. نفقات الدولة ترتفع إلى 24 مليار دينار مقابل انخفاض في نفقات الاستثمار

تونس- الصباح

كشفت نتائج تنفيذ الميزانية العامة للدولة التونسية نهاية أوت الماضي، عن ارتفاع نفقات الدولة إلى 13٪، بقيمة مالية بلغت 24 مليار دينار، وبنسبة إنجاز بلغت 56٪ عن الأهداف المرصودة في الميزانية، وهذا الارتفاع في النفقات جزء منه موجه للإنفاق التشغيلي، على حساب الإنفاق الاستثماري والذي سجل انخفاضا بنسبة ناهزت 6٪.

ورغم الظرف الاقتصادي العالمي الصعب، نجحت تونس في إدارة نفقاتها المتنامية، وتمكنت خلال شهري جويلية وأوت الماضيين من إنفاق 2 مليار دينار لتوفير المنتجات الأساسية من مواد غذائية والمواد خام، منها 660 مليون دينار للوقود، و1.2 مليار دينار لفائدة المنتجات الغذائية الأساسية.

وتبعا لما ورد في نتائج تنفيذ الميزانية، فقد سجل الإنفاق الاستثماري انخفاضا بنسبة 6٪، ليبلغ 2.25 مليار دينار، في حين ارتفعت النفقات لرواتب الخدمة المدنية من 5٪ إلى 14 مليار دينار، بينها مصاريف إدارية، والتي ارتفعت 4٪ لتبلغ 831 مليون دينار، كما سجلت مصاريف التدخلات والتعويضات ارتفاعا بنسبة 10٪ لتبلغ 2.8 مليار دينار.

ارتفاع نفقات الدولة

وارتفعت مصاريف التعويضات بنسبة 107٪، لتبلغ 4.2 مليار دينار، وهي مقسمة بين 1.6 مليار دينار للمنتجات الأساسية (بنسبة 44٪ من ميزانية 2022)، و2 مليار دينار للوقود (72٪ من ميزانية 2022) و444 مليون دينار للنقل العام (74٪). ومقارنة بتنفيذ ميزانية شهر جوان 2022، أنفقت الدولة على مدى شهري جويلية وأوت، مبالغ إضافية بقيمة 2 مليار دينار للتعويض.

وسجل عجز ميزانية الدولة، مع موفي أوت 2022، انخفاضا ليبلغ 3.023 مليار دينار مقابل 3.387 مليار دينار في الفترة ذاتها من سنة 2021، وفق وثيقة النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة، والتي تحصلت "الصباح" على نسخة منها.

وكشفت الوزارة أن مداخيل ميزانية الدولة ارتفعت، مع موفي أوت 2022، بنسبة 22.1 بالمائة لتصل إلى 25.011 مليار دينار من بينها 22.8 مليار دينار في شكل مداخيل جبائية و1.2 مليار دينار مداخيل غير جبائية. وارتفعت نفقات الدولة مع موفي ماي 2022، إلى 27.098 مليار دينار مسجلة ارتفاعا بنسبة 14 بالمائة علما وان نفقات التأجير ارتفعت بنسبة 4.8 بالمائة لتصل إلى 14 مليار دينار.

وأنفقت الدولة زهاء 6.9 مليار دينار على شكل تدخلات و3.044 مليار دينار على شكل نفقات التمويل (فائدة الدين) من بينها 1.8 مليار دينار للدين الداخلي و1.2 مليار دينار للدين الخارجي و2.2 مليار دينار على شكل نفقات استثمار.

تسديد قروض خارجية

ونجحت تونس في تسديد أصل الدين، مع موفي أوت 2022، بمبلغ إجمالي بلغ 7.2 مليار دينار من بينها 4.5 مليار دينار للدين الداخلي و2.6 مليار دينار للدين الخارجي، بالإضافة إلى تمويل العجز من الهبات والمداخيل المصادرة بمبلغ ملياري دينار.

وكانت وزارة المالية، قد اعلنت مطلع العام الجاري عن تقلص عجز الميزانية إلى نحو 3.8 مليار دينار تونسي (حوالي 1.3 مليار دولار) في شهر سبتمبر الماضي، مقابل عجز بقيمة 4.9 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، أي ما يعادل نسبة تراجع في حدود 23 في المائة. وأشارت الوزارة إلى نمو موارد الميزانيّة بنسبة 10.3 في المائة في ظل تزايد العائدات الضريبية بنسبة 15 في المائة مقابل ارتفاع لأعباء الميزانيّة في حدود 5.9 في المائة. وشهدت نفقات التأجير تطوّرا بنسبة 6.8 في المائة لترتفع قيمتها من 14.1 مليار دينار إلى 15 مليار دينار تونسي، وهو أحد النقاط المثيرة للجدل مع صندوق النقد الدولي الذي يوصي بضرورة الحد من كتلة الأجور، في حين تقدّر ميزانية الدولة التونسية لسنة 2022 بـ57.291 مليون دينار.

ومن المتوقع أن يتقلص عجز الميزانية من 8.3% إلى 6.7%، علما وانه حسب الميزانية، نجحت تونس في تقليص عجز الميزانية إلى مليار و300 مليون دولار أمريكي حتى أواخر سبتمبر الماضي، بنسبة انخفاض بلغت 23% بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2020.

وبحسب بيانات حديثة نشرتها وزارة المالية، فإن تراجع العجز يأتي بالأساس بعد زيادة موارد الميزانية العامة، بنسبة تفوق 10% من إيرادات الضرائب، التي سجلت ارتفاعاً قدره 15%، فيما بلغت محصلات نفقات التأجير 6%، ويأتي ذلك تزامنا مع تراجع طلبات الاستثمار في تونس خلال نوفمبر الماضي، بمقدار 570 مليون دولار بالمقارنة على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية لعام 2022 ما يقارب 8,5 مليارات دينار (2,6 مليار يورو)، وهو ما يمثل 6,2% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما نصت ميزانية ستة 2022 على السعي لاقتراض نحو 20 مليار دينار (5,7 مليارات يورو) لتغطية النفقات والاحتياجات النقدية.

تراكمات خلفتها جائحة كورونا

وتعود هذه الوضعية إلى تأثير جائحة كوفيد-19 والإجراءات، التي تمّ اتخاذها في تونس، بغاية الحد من انعكاساتها وخاصّة انعكاسات الحجر الصحي الشامل، وفق ما أكده البنك المركزي التونسي، ولاحظ البنك أنّ تراجع العائدات الضريبية طال الضرائب المباشرة، التي تراجعت بنسبة 9 بالمائة، مقابل ارتفاع بنسبة 40،4 بالمائة سجلته خلال الفترة ذاتها من 2019 وتراجعت العائدات من الضرائب غير المباشرة، بدورها، بنسبة 13،4 بالمائة مع موفي جوان 2020 مقابل ارتفاع بنسبة 3،9 بالمائة في 2019.

كما تقلّصت إيرادات الضريبة المباشرة على الشركات بنسبة 18،7 بالمائة، موفى جوان 2020، مقابل زيادة بنسبة 40،3 بالمائة في 2019، وتراجعت العائدات من الضريبة على القيمة المضافة، نهاية جوان 2020، بنسبة 15،5 بالمائة في حين تراجعت ضرائب أخرى بنسبة 13 بالمائة.

ولحقت ميزانية الدولة جراء تراجع حجم الإيرادات الضريبية خسائر فاقت 8 مليار دينار منذ مارس 2020 تاريخ فرض الحجر الصحي الشامل بالبلاد، وبدأ عجز الميزانية الدولة منذ تلك الفترة في الارتفاع ليتجاوز 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، المنصوص عليها بميزانية الدولة لسنة 2020 ووصل إلى أكثر من 6 بالمائة مع نهاية العام 2020.

وبالعودة إلى نفس الفترة من سنة 2019، سجلت موارد الدولة ارتفاعا بنسبة 24 بالمائة، لتناهز 29.2 مليار دينار توزعت إلى موارد ذاتية بنحو 21 مليار دينار وموارد الاقتراض والخزينة بقيمة 8.1 مليار دينار، وفق بيانات وزارة المالية، وأشارت الوزارة في تلك الفترة، إلى تطور الموارد الذاتية بنسبة 17 بالمائة نتيجة تحسن المداخيل الجبائية بنسبة 15.8 بالمائة (18.6 مليار دينار) والمداخيل غير الجبائية بنحو 26.5 بالمائة (2.4 مليار دينار).

ضرورة البحث عن موارد جديدة

ودفعت أزمة جائحة كورونا التي ألحقت أضرارا فادحة منذ ظهورها في مارس 2020 والى غاية اليوم، محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العبّاسي، إلى المطالبة بضرورة تطوير الإيرادات، وذلك بعد تسجيل تراجع ملحوظ، داعيا إلى التسريع في تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي، وتغيير منوال التنمية من خلال المضي نحو إصلاحات اقتصادية واجتماعية، ودعا العباسي، إلى معالجة مواطن الخلل في الاقتصاد التونسي، معتبرا أنّ التمشّي، الذّي اعتمدته تونس لإدارة أزمة كوفيد -19 كان موفقا، إلاّ أنّ الآفاق الاقتصاديّة لسنة 2021 كانت صعبة، ولا مناص من اعتماد خطّة إنقاذ شاملة للإنعاش الاقتصادي خلال سنة 2022 .

وأكد العباسي أن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار خلال السنوات الأخيرة مكّنت من تجنّب المزيد من الاختلالات المالية والتي من شأنها تعميق الأزمة على مستوى الميزانيّة والقطاع المالي، مشيرا إلى أن الإصلاحات الحالية غير كافية بالنظر إلى التحديّات المرتقبة خلال الفترة المقبلة والتي تتسم بحزمة من الديون الواجب على تونس تسديدها.

ويحذر خبراء المحاسبة، من أزمة مالية حادة ستعيشها بلادنا في الفترة القادمة، خاصة إذا تزامنت هذه الأزمة مع حزمة من القروض التي حلت آجال تسديدها خلال الأشهر الأولى من السنة القادمة، داعين إلى البحث عن موارد مالية جديدة للدولة في ظل عجز المؤسسات والشركات على دفع التزاماتها الجبائية في الوقت الراهن بسبب الأزمة الحادة التي خلفتها جائحة كوفيد - 19 والإجراءات العاجلة المتخذة في شأن عدد من المؤسسات الصناعية الوطنية لإنقاذها من الإفلاس.

وتظل معضلة توفير موارد مالية للدولة خلال هذه الفترة الحالية صعبة ذاتيا، بالنظر إلى الأزمات الكبيرة التي تعيشها عدة قطاعات بفعل جائحة كورونا، الأمر الذي دفع بعدد من خبراء الاقتصاد إلى الدعوة إلى إعداد مخطط إنعاش اقتصادي طارئ ينطلق العمل به في أسرع الآجال.

وواجهت تونس ضائقة مالية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو أعلى مستوى تمّ تسجيله منذ حوالي 40 سنة، فيما تهدف ميزانية الدولة لعام 2022 إلى خفض العجز المالي في البلاد إلى 6.7%، وهو الأمر الذي استبعده مؤخرا، عديد خبراء الاقتصاد والمالية، والذين أكدوا أن العجز سيتضاعف إلى مستويات خطيرة موفى السنة الحالية ويتجاوز أكثر من 9٪، في ظل الأوضاع العالمية السيئة الناجمة عن الأزمات الصحية التي خلفتها متحورات كورونا، وأيضا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.

سفيان المهداوي

وفق النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة .. نفقات الدولة ترتفع إلى 24 مليار دينار مقابل انخفاض في نفقات الاستثمار

تونس- الصباح

كشفت نتائج تنفيذ الميزانية العامة للدولة التونسية نهاية أوت الماضي، عن ارتفاع نفقات الدولة إلى 13٪، بقيمة مالية بلغت 24 مليار دينار، وبنسبة إنجاز بلغت 56٪ عن الأهداف المرصودة في الميزانية، وهذا الارتفاع في النفقات جزء منه موجه للإنفاق التشغيلي، على حساب الإنفاق الاستثماري والذي سجل انخفاضا بنسبة ناهزت 6٪.

ورغم الظرف الاقتصادي العالمي الصعب، نجحت تونس في إدارة نفقاتها المتنامية، وتمكنت خلال شهري جويلية وأوت الماضيين من إنفاق 2 مليار دينار لتوفير المنتجات الأساسية من مواد غذائية والمواد خام، منها 660 مليون دينار للوقود، و1.2 مليار دينار لفائدة المنتجات الغذائية الأساسية.

وتبعا لما ورد في نتائج تنفيذ الميزانية، فقد سجل الإنفاق الاستثماري انخفاضا بنسبة 6٪، ليبلغ 2.25 مليار دينار، في حين ارتفعت النفقات لرواتب الخدمة المدنية من 5٪ إلى 14 مليار دينار، بينها مصاريف إدارية، والتي ارتفعت 4٪ لتبلغ 831 مليون دينار، كما سجلت مصاريف التدخلات والتعويضات ارتفاعا بنسبة 10٪ لتبلغ 2.8 مليار دينار.

ارتفاع نفقات الدولة

وارتفعت مصاريف التعويضات بنسبة 107٪، لتبلغ 4.2 مليار دينار، وهي مقسمة بين 1.6 مليار دينار للمنتجات الأساسية (بنسبة 44٪ من ميزانية 2022)، و2 مليار دينار للوقود (72٪ من ميزانية 2022) و444 مليون دينار للنقل العام (74٪). ومقارنة بتنفيذ ميزانية شهر جوان 2022، أنفقت الدولة على مدى شهري جويلية وأوت، مبالغ إضافية بقيمة 2 مليار دينار للتعويض.

وسجل عجز ميزانية الدولة، مع موفي أوت 2022، انخفاضا ليبلغ 3.023 مليار دينار مقابل 3.387 مليار دينار في الفترة ذاتها من سنة 2021، وفق وثيقة النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة، والتي تحصلت "الصباح" على نسخة منها.

وكشفت الوزارة أن مداخيل ميزانية الدولة ارتفعت، مع موفي أوت 2022، بنسبة 22.1 بالمائة لتصل إلى 25.011 مليار دينار من بينها 22.8 مليار دينار في شكل مداخيل جبائية و1.2 مليار دينار مداخيل غير جبائية. وارتفعت نفقات الدولة مع موفي ماي 2022، إلى 27.098 مليار دينار مسجلة ارتفاعا بنسبة 14 بالمائة علما وان نفقات التأجير ارتفعت بنسبة 4.8 بالمائة لتصل إلى 14 مليار دينار.

وأنفقت الدولة زهاء 6.9 مليار دينار على شكل تدخلات و3.044 مليار دينار على شكل نفقات التمويل (فائدة الدين) من بينها 1.8 مليار دينار للدين الداخلي و1.2 مليار دينار للدين الخارجي و2.2 مليار دينار على شكل نفقات استثمار.

تسديد قروض خارجية

ونجحت تونس في تسديد أصل الدين، مع موفي أوت 2022، بمبلغ إجمالي بلغ 7.2 مليار دينار من بينها 4.5 مليار دينار للدين الداخلي و2.6 مليار دينار للدين الخارجي، بالإضافة إلى تمويل العجز من الهبات والمداخيل المصادرة بمبلغ ملياري دينار.

وكانت وزارة المالية، قد اعلنت مطلع العام الجاري عن تقلص عجز الميزانية إلى نحو 3.8 مليار دينار تونسي (حوالي 1.3 مليار دولار) في شهر سبتمبر الماضي، مقابل عجز بقيمة 4.9 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، أي ما يعادل نسبة تراجع في حدود 23 في المائة. وأشارت الوزارة إلى نمو موارد الميزانيّة بنسبة 10.3 في المائة في ظل تزايد العائدات الضريبية بنسبة 15 في المائة مقابل ارتفاع لأعباء الميزانيّة في حدود 5.9 في المائة. وشهدت نفقات التأجير تطوّرا بنسبة 6.8 في المائة لترتفع قيمتها من 14.1 مليار دينار إلى 15 مليار دينار تونسي، وهو أحد النقاط المثيرة للجدل مع صندوق النقد الدولي الذي يوصي بضرورة الحد من كتلة الأجور، في حين تقدّر ميزانية الدولة التونسية لسنة 2022 بـ57.291 مليون دينار.

ومن المتوقع أن يتقلص عجز الميزانية من 8.3% إلى 6.7%، علما وانه حسب الميزانية، نجحت تونس في تقليص عجز الميزانية إلى مليار و300 مليون دولار أمريكي حتى أواخر سبتمبر الماضي، بنسبة انخفاض بلغت 23% بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2020.

وبحسب بيانات حديثة نشرتها وزارة المالية، فإن تراجع العجز يأتي بالأساس بعد زيادة موارد الميزانية العامة، بنسبة تفوق 10% من إيرادات الضرائب، التي سجلت ارتفاعاً قدره 15%، فيما بلغت محصلات نفقات التأجير 6%، ويأتي ذلك تزامنا مع تراجع طلبات الاستثمار في تونس خلال نوفمبر الماضي، بمقدار 570 مليون دولار بالمقارنة على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية لعام 2022 ما يقارب 8,5 مليارات دينار (2,6 مليار يورو)، وهو ما يمثل 6,2% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما نصت ميزانية ستة 2022 على السعي لاقتراض نحو 20 مليار دينار (5,7 مليارات يورو) لتغطية النفقات والاحتياجات النقدية.

تراكمات خلفتها جائحة كورونا

وتعود هذه الوضعية إلى تأثير جائحة كوفيد-19 والإجراءات، التي تمّ اتخاذها في تونس، بغاية الحد من انعكاساتها وخاصّة انعكاسات الحجر الصحي الشامل، وفق ما أكده البنك المركزي التونسي، ولاحظ البنك أنّ تراجع العائدات الضريبية طال الضرائب المباشرة، التي تراجعت بنسبة 9 بالمائة، مقابل ارتفاع بنسبة 40،4 بالمائة سجلته خلال الفترة ذاتها من 2019 وتراجعت العائدات من الضرائب غير المباشرة، بدورها، بنسبة 13،4 بالمائة مع موفي جوان 2020 مقابل ارتفاع بنسبة 3،9 بالمائة في 2019.

كما تقلّصت إيرادات الضريبة المباشرة على الشركات بنسبة 18،7 بالمائة، موفى جوان 2020، مقابل زيادة بنسبة 40،3 بالمائة في 2019، وتراجعت العائدات من الضريبة على القيمة المضافة، نهاية جوان 2020، بنسبة 15،5 بالمائة في حين تراجعت ضرائب أخرى بنسبة 13 بالمائة.

ولحقت ميزانية الدولة جراء تراجع حجم الإيرادات الضريبية خسائر فاقت 8 مليار دينار منذ مارس 2020 تاريخ فرض الحجر الصحي الشامل بالبلاد، وبدأ عجز الميزانية الدولة منذ تلك الفترة في الارتفاع ليتجاوز 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، المنصوص عليها بميزانية الدولة لسنة 2020 ووصل إلى أكثر من 6 بالمائة مع نهاية العام 2020.

وبالعودة إلى نفس الفترة من سنة 2019، سجلت موارد الدولة ارتفاعا بنسبة 24 بالمائة، لتناهز 29.2 مليار دينار توزعت إلى موارد ذاتية بنحو 21 مليار دينار وموارد الاقتراض والخزينة بقيمة 8.1 مليار دينار، وفق بيانات وزارة المالية، وأشارت الوزارة في تلك الفترة، إلى تطور الموارد الذاتية بنسبة 17 بالمائة نتيجة تحسن المداخيل الجبائية بنسبة 15.8 بالمائة (18.6 مليار دينار) والمداخيل غير الجبائية بنحو 26.5 بالمائة (2.4 مليار دينار).

ضرورة البحث عن موارد جديدة

ودفعت أزمة جائحة كورونا التي ألحقت أضرارا فادحة منذ ظهورها في مارس 2020 والى غاية اليوم، محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العبّاسي، إلى المطالبة بضرورة تطوير الإيرادات، وذلك بعد تسجيل تراجع ملحوظ، داعيا إلى التسريع في تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي، وتغيير منوال التنمية من خلال المضي نحو إصلاحات اقتصادية واجتماعية، ودعا العباسي، إلى معالجة مواطن الخلل في الاقتصاد التونسي، معتبرا أنّ التمشّي، الذّي اعتمدته تونس لإدارة أزمة كوفيد -19 كان موفقا، إلاّ أنّ الآفاق الاقتصاديّة لسنة 2021 كانت صعبة، ولا مناص من اعتماد خطّة إنقاذ شاملة للإنعاش الاقتصادي خلال سنة 2022 .

وأكد العباسي أن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار خلال السنوات الأخيرة مكّنت من تجنّب المزيد من الاختلالات المالية والتي من شأنها تعميق الأزمة على مستوى الميزانيّة والقطاع المالي، مشيرا إلى أن الإصلاحات الحالية غير كافية بالنظر إلى التحديّات المرتقبة خلال الفترة المقبلة والتي تتسم بحزمة من الديون الواجب على تونس تسديدها.

ويحذر خبراء المحاسبة، من أزمة مالية حادة ستعيشها بلادنا في الفترة القادمة، خاصة إذا تزامنت هذه الأزمة مع حزمة من القروض التي حلت آجال تسديدها خلال الأشهر الأولى من السنة القادمة، داعين إلى البحث عن موارد مالية جديدة للدولة في ظل عجز المؤسسات والشركات على دفع التزاماتها الجبائية في الوقت الراهن بسبب الأزمة الحادة التي خلفتها جائحة كوفيد - 19 والإجراءات العاجلة المتخذة في شأن عدد من المؤسسات الصناعية الوطنية لإنقاذها من الإفلاس.

وتظل معضلة توفير موارد مالية للدولة خلال هذه الفترة الحالية صعبة ذاتيا، بالنظر إلى الأزمات الكبيرة التي تعيشها عدة قطاعات بفعل جائحة كورونا، الأمر الذي دفع بعدد من خبراء الاقتصاد إلى الدعوة إلى إعداد مخطط إنعاش اقتصادي طارئ ينطلق العمل به في أسرع الآجال.

وواجهت تونس ضائقة مالية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو أعلى مستوى تمّ تسجيله منذ حوالي 40 سنة، فيما تهدف ميزانية الدولة لعام 2022 إلى خفض العجز المالي في البلاد إلى 6.7%، وهو الأمر الذي استبعده مؤخرا، عديد خبراء الاقتصاد والمالية، والذين أكدوا أن العجز سيتضاعف إلى مستويات خطيرة موفى السنة الحالية ويتجاوز أكثر من 9٪، في ظل الأوضاع العالمية السيئة الناجمة عن الأزمات الصحية التي خلفتها متحورات كورونا، وأيضا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.

سفيان المهداوي