يفرض التحول الحاصل في طريقة الاقتراع من القائمات إلى الاقتراع على الأفراد، تغييرا في منهجية عمل الصحفيين وآليات توزيع الوقت أو المساحات المخصصة للمترشحين للانتخابات التشريعية. وتوقع رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي في تصريح إعلامي سابق، أن التغيير سيخلق عديد الصعوبات في عمل وسائل الإعلام فيما يهم تغطية الحملة الانتخابية لكونه نظاما جديدا.
والى غاية اليوم يواجه الصحفيين والإعلاميون غموضا في علاقة بتغطية الانتخابات بمختلف مراحلها، ما قبل الحملة الانتخابية والحملة الانتخابية ويوم الصمت ويوم الانتخابات وما بعد إصدار النتائج.
وارتبط عدم الوضوح بالأساس بما تتسم به هذه المحطة الانتخابية من خصوصية، تعلقت بداية بالتغيير في النظام الانتخابي، ثم ما شاب المسار من اخلالات وهزات وخلافات شملت حتى أعضاء هيئة الانتخابات، يضاف له العنصر الجديد للاستحقاق الحالي وهو إعلان عدد كبير من القوى السياسية مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها.
جملة من العناصر أنتجت جملة من التساؤلات بقيت إلى غاية اليوم دون إجابة واضحة في ظل عدم صدور القرار المشترك بين هيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة الانتخابات، والذي تأخر كثيرا وكان يمكن أن يقدم التفسيرات اللازمة والتوضيحات فيما يهم حضور المترشحين والحيز الزمني أو المساحة المخصصة لكل منهم؟ وإمكانية إعلانهم عن لونهم الحزبي؟ وهل أن المقاطعين معنيون أيضا بالحضور في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وكيفية توزيع حصصهم؟ وما الفرق الذي يمكن أن يكون بين تغطيات وسائل الإعلام الجهوية وتلك التي تغطي كامل تراب الجمهورية؟ وما المحظورات التي يجب أن يتجنبها الصحفي خلال تغطياته وكيف سيتم تنظيم المناظرات بين المترشحين؟
وهو أمر عبر عنه عضو هيئة الاتصال السمعي البصري عدل البصيلي قائلا:"الإعلام الجهوي يختلف عن الإعلام الذي يغطي كافة جهات الجمهورية.. وكيف ستغطي وسائل الإعلام 1700 أو 1500 مترشح.. وكيف ستضمن التوازن خاصة وأن كل مترشح يمثل نفسه.. ولا يوجد حزب يمثل عددا من المترشحين مثل الانتخابات التشريعية الفارطة التي كانت على القائمات".
وأكد أن هيئة الاتصال السمعي البصري بصدد دراسة التجارب المقارنة لإيجاد حلّ يضمن تغطية إعلامية متوازنة، وعدم توريط الإعلام الخاص والعمومي، وشدد على أن التغطية الإعلامية ستكون صعبة. كاشفا عن تخوفاته من فرضيات سقوط التغطية الإعلامية للانتخابات في الترويج لخطابات التقسيم والعروشية والقبلية، وعبّر عن التخوّف من الدوائر الصغيرة، وتأثيرها على المضامين الإعلامية، وخطاب العنف والتقسيم.
وفي محاولة لرفع جزء من اللبس الحاصل في علاقة المترشحين بانتماءاتهم الحزبية كان للناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي منصري تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، تطرق فيه إلى علاقة الحزب بالمرشح خلال الحملة الانتخابية حيث اعتبرت الهيئة انه في صورة تبني حزب ما مرشح للانتخابات التشريعية، فعلى المرشح تقديم تفويض صادر عن هذا الحزب، ليتمكن من استعمال شعاره ورمزه وبرنامجه وحتى يكون الناخب على بينة من انتماء المرشح. وبين في هذا الصدد أن التمويل الخاص لحملة المترشح لا يقبل إلا من الأشخاص الطبيعيين وفق سقف معين، وهو ما يعني منع الذوات المعنوية من تمويل الحملة الانتخابية على غرار الجمعيات والشركات والأحزاب، موضحا بخصوص الأحزاب، أن المنتسبين فقط للحزب بإمكانهم تقديم تمويل خاص وليس الحزب.
وتأتي هذه التصريحات في سياق انطلقت فيه هيئة الانتخابات في مرحلة تسجيل التعبير الحر للمترشحين دون الرجوع إلى هيئة الاتصال السمعي البصري.
وعلمت "الصباح" أن اليوم سيكون الموعد الفصل فيما يهم إصدار القرار المشترك بين الهيئتين. علما وأن مستوى الخلاف بينهما قد وصل أشده في الآونة الأخيرة ووصل حد التقاضي في بعض الحالات.
ويبدو أن المشكل الأعمق المطروح اليوم هو مسألة تغيير القانون الانتخابي الذي أصبح على الأفراد والذي كان في مقابل الإبقاء على البنود المتعلقة بالحملة الانتخابية على القائمات، وهو أمر عقد المسألة، أكثر فحملة الانتخابات على القائمات تقوم في الانتخابات التشريعية على مبدإ الإنصاف وتمكين المترشحين في أكثر الدوائر من مدة أطول من غيرهم، في الوقت الذي تتطلب فيه الانتخابات على الأفراد مبدأ المساواة في الحضور الإعلامي بين كل المترشحين. وهنا لا يمكن اعتماد المناظرات كون عدد المترشحين لا يسمح بذلك ولا يمكن اعتماد أيضا التعبير الحر لان عدد المترشحين الذي يتجاوز الألف تنتفي معه مسألة المقبولية والتقبل لدى الجمهور ما يجعل الانطلاق في عمليات التسجيل يشوبها تشكيك.
سياق عبر أكثر من عضو من هيئة الاتصال السمعي البصري عن تخوفاتهم منه ومن إمكانية أن يكون إطارا لسقوط الإعلاميين في عدم المساواة بين المترشحين والخروج عن المهنية، خاصة أن هيئة الانتخابات لا تتجه إلى إيجاد مخرج وحل للمشكل المطروح إلى غاية اليوم مقابل رفض هيئة الاتصال السمعي البصري الإمضاء على قرار مشترك غير مهني ولا يضمن مسارا انتخابيا سليما.
ريم سوودي
تونس- الصباح
يفرض التحول الحاصل في طريقة الاقتراع من القائمات إلى الاقتراع على الأفراد، تغييرا في منهجية عمل الصحفيين وآليات توزيع الوقت أو المساحات المخصصة للمترشحين للانتخابات التشريعية. وتوقع رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي في تصريح إعلامي سابق، أن التغيير سيخلق عديد الصعوبات في عمل وسائل الإعلام فيما يهم تغطية الحملة الانتخابية لكونه نظاما جديدا.
والى غاية اليوم يواجه الصحفيين والإعلاميون غموضا في علاقة بتغطية الانتخابات بمختلف مراحلها، ما قبل الحملة الانتخابية والحملة الانتخابية ويوم الصمت ويوم الانتخابات وما بعد إصدار النتائج.
وارتبط عدم الوضوح بالأساس بما تتسم به هذه المحطة الانتخابية من خصوصية، تعلقت بداية بالتغيير في النظام الانتخابي، ثم ما شاب المسار من اخلالات وهزات وخلافات شملت حتى أعضاء هيئة الانتخابات، يضاف له العنصر الجديد للاستحقاق الحالي وهو إعلان عدد كبير من القوى السياسية مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها.
جملة من العناصر أنتجت جملة من التساؤلات بقيت إلى غاية اليوم دون إجابة واضحة في ظل عدم صدور القرار المشترك بين هيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة الانتخابات، والذي تأخر كثيرا وكان يمكن أن يقدم التفسيرات اللازمة والتوضيحات فيما يهم حضور المترشحين والحيز الزمني أو المساحة المخصصة لكل منهم؟ وإمكانية إعلانهم عن لونهم الحزبي؟ وهل أن المقاطعين معنيون أيضا بالحضور في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وكيفية توزيع حصصهم؟ وما الفرق الذي يمكن أن يكون بين تغطيات وسائل الإعلام الجهوية وتلك التي تغطي كامل تراب الجمهورية؟ وما المحظورات التي يجب أن يتجنبها الصحفي خلال تغطياته وكيف سيتم تنظيم المناظرات بين المترشحين؟
وهو أمر عبر عنه عضو هيئة الاتصال السمعي البصري عدل البصيلي قائلا:"الإعلام الجهوي يختلف عن الإعلام الذي يغطي كافة جهات الجمهورية.. وكيف ستغطي وسائل الإعلام 1700 أو 1500 مترشح.. وكيف ستضمن التوازن خاصة وأن كل مترشح يمثل نفسه.. ولا يوجد حزب يمثل عددا من المترشحين مثل الانتخابات التشريعية الفارطة التي كانت على القائمات".
وأكد أن هيئة الاتصال السمعي البصري بصدد دراسة التجارب المقارنة لإيجاد حلّ يضمن تغطية إعلامية متوازنة، وعدم توريط الإعلام الخاص والعمومي، وشدد على أن التغطية الإعلامية ستكون صعبة. كاشفا عن تخوفاته من فرضيات سقوط التغطية الإعلامية للانتخابات في الترويج لخطابات التقسيم والعروشية والقبلية، وعبّر عن التخوّف من الدوائر الصغيرة، وتأثيرها على المضامين الإعلامية، وخطاب العنف والتقسيم.
وفي محاولة لرفع جزء من اللبس الحاصل في علاقة المترشحين بانتماءاتهم الحزبية كان للناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي منصري تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، تطرق فيه إلى علاقة الحزب بالمرشح خلال الحملة الانتخابية حيث اعتبرت الهيئة انه في صورة تبني حزب ما مرشح للانتخابات التشريعية، فعلى المرشح تقديم تفويض صادر عن هذا الحزب، ليتمكن من استعمال شعاره ورمزه وبرنامجه وحتى يكون الناخب على بينة من انتماء المرشح. وبين في هذا الصدد أن التمويل الخاص لحملة المترشح لا يقبل إلا من الأشخاص الطبيعيين وفق سقف معين، وهو ما يعني منع الذوات المعنوية من تمويل الحملة الانتخابية على غرار الجمعيات والشركات والأحزاب، موضحا بخصوص الأحزاب، أن المنتسبين فقط للحزب بإمكانهم تقديم تمويل خاص وليس الحزب.
وتأتي هذه التصريحات في سياق انطلقت فيه هيئة الانتخابات في مرحلة تسجيل التعبير الحر للمترشحين دون الرجوع إلى هيئة الاتصال السمعي البصري.
وعلمت "الصباح" أن اليوم سيكون الموعد الفصل فيما يهم إصدار القرار المشترك بين الهيئتين. علما وأن مستوى الخلاف بينهما قد وصل أشده في الآونة الأخيرة ووصل حد التقاضي في بعض الحالات.
ويبدو أن المشكل الأعمق المطروح اليوم هو مسألة تغيير القانون الانتخابي الذي أصبح على الأفراد والذي كان في مقابل الإبقاء على البنود المتعلقة بالحملة الانتخابية على القائمات، وهو أمر عقد المسألة، أكثر فحملة الانتخابات على القائمات تقوم في الانتخابات التشريعية على مبدإ الإنصاف وتمكين المترشحين في أكثر الدوائر من مدة أطول من غيرهم، في الوقت الذي تتطلب فيه الانتخابات على الأفراد مبدأ المساواة في الحضور الإعلامي بين كل المترشحين. وهنا لا يمكن اعتماد المناظرات كون عدد المترشحين لا يسمح بذلك ولا يمكن اعتماد أيضا التعبير الحر لان عدد المترشحين الذي يتجاوز الألف تنتفي معه مسألة المقبولية والتقبل لدى الجمهور ما يجعل الانطلاق في عمليات التسجيل يشوبها تشكيك.
سياق عبر أكثر من عضو من هيئة الاتصال السمعي البصري عن تخوفاتهم منه ومن إمكانية أن يكون إطارا لسقوط الإعلاميين في عدم المساواة بين المترشحين والخروج عن المهنية، خاصة أن هيئة الانتخابات لا تتجه إلى إيجاد مخرج وحل للمشكل المطروح إلى غاية اليوم مقابل رفض هيئة الاتصال السمعي البصري الإمضاء على قرار مشترك غير مهني ولا يضمن مسارا انتخابيا سليما.