إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من قمة العشرين إلى القمة الفرانكفونية.. جسور الأخوة والمصالح بين تونس واندونيسيا

 

بقلم: هشام الحاجي 

غالبا ما تختفي وراء الصدف رسائل موضوعية من المهم التقاطها وتوظيفها. ويحفل شهر نوفمبر لهذا العام بحدثين تفصل بينهما مسافات وأيضا سياقات. الحدثان هما قمة الدول العشرين الأكثر نموا في العالم والذي تحتضنه اندونيسيا والقمة الفرانكفونية التي تحتضنها جزيرة جربة.  للوهلة الأولى لا شيء يجمع بين الحدثين خاصة وأن مجموعة العشرين هي بالأساس مجموعة تقوم على اعتبارات اقتصادية في حين أن الفرانكفونية هي مجموعة تعتبر الثقافة أساس ارتباطها.  يضاف إلى ذلك أن اندونيسيا تفوق تونس في مستوى التطور الاقتصادي وأيضا في درجة الاستعداد لاحتضان التظاهرة إلى جانب أن اندونيسيا ستعرض جوانب من تجربتها التنموية الناجحة في حين أن تونس لا تملك حاليا إلا وضعا اقتصاديا صعبا يدفعها لأن تطلب دعم المانحين والمقرضين. ولا شك أن نجاح اندونيسيا وتحولها إلى قوة اقتصادية صاعدة في العالم لا يمكن إلا أن يكون مدعاة ارتياح لدى التونسيين الذين يدركون أن المسافات الطويلة التي تفصل بين تونس وجاكرتا لم تحل دون أن تتدعم جسور تواصل ومودة تحدت المسافات وهزمت الصعوبات.  دعمت اندونيسيا نضال الشعب التونسي من أجل الاستقلال واحتضنت رموز الحركة الوطنية في المنعرج الحاسم من الثورة التونسية . تحظى تونس وشعبها بمكانة متميزة في قلوب الاندونيسيين. وتبقى تونس رغم وضعها الحالي نقطة إشعاع حضاري وسياسي وهي التي تستند إلى دستور قرطاج وحيوية نخبها وأيضا ما عرفت به من انتصار للقضايا العادلة ومن سعي منذ سنوات للدعوة لنظام عالمي جديد يكون أكثر عدلا وإنصافا. وهذا التوجه يمثل عنصرا ثابتا في السياسة الإندونيسية التي تقوم أيديولوجيا الباجنسيلا التي تمثل أساس بناء وحدتها الوطنية على العمل من أجل السلام العالمي ويمنع دستورها الاعتراف بالكيانات والدول التي تستعمل شعوبا أخرى وتمارس سياسات تنتهك الكرامة الإنسانية.  هذا التقارب في التوجهات يمكن أن يجعل قمة بالي قمة جربة منطلقا للدعوة لتعديل توجهات مجموعة العشرين والمجموعة الفرانكفونية من خلال التركيز على القيم الإنسانية التي ترفض العنف والاستعمار والهيمنة وتعمل على أن تحل محلها قيم التعاون المتكافئ ونبذ العنف والإعلاء من شأن حقوق الإنسان.  ولا شك أنه لا يمكن أن تلتقي تونس واندونيسيا من أجل العمل على تغيير معادلات السياسات الدولية دون أن يطورا العلاقات الثنائية بينهما.  لا أرى المجال مناسبا هنا للحديث عن العوائق التي يضعها البعض أمام أن تنوع تونس علاقاتها الاقتصادية ولكن ما أريد أن أختم به هو أنه بإمكان تونس أن تستفيد من التجربة الإندونيسية خاصة وأن الأيادي الإندونيسية ممدودة لتونس. 

من قمة العشرين إلى القمة الفرانكفونية.. جسور الأخوة والمصالح بين تونس واندونيسيا

 

بقلم: هشام الحاجي 

غالبا ما تختفي وراء الصدف رسائل موضوعية من المهم التقاطها وتوظيفها. ويحفل شهر نوفمبر لهذا العام بحدثين تفصل بينهما مسافات وأيضا سياقات. الحدثان هما قمة الدول العشرين الأكثر نموا في العالم والذي تحتضنه اندونيسيا والقمة الفرانكفونية التي تحتضنها جزيرة جربة.  للوهلة الأولى لا شيء يجمع بين الحدثين خاصة وأن مجموعة العشرين هي بالأساس مجموعة تقوم على اعتبارات اقتصادية في حين أن الفرانكفونية هي مجموعة تعتبر الثقافة أساس ارتباطها.  يضاف إلى ذلك أن اندونيسيا تفوق تونس في مستوى التطور الاقتصادي وأيضا في درجة الاستعداد لاحتضان التظاهرة إلى جانب أن اندونيسيا ستعرض جوانب من تجربتها التنموية الناجحة في حين أن تونس لا تملك حاليا إلا وضعا اقتصاديا صعبا يدفعها لأن تطلب دعم المانحين والمقرضين. ولا شك أن نجاح اندونيسيا وتحولها إلى قوة اقتصادية صاعدة في العالم لا يمكن إلا أن يكون مدعاة ارتياح لدى التونسيين الذين يدركون أن المسافات الطويلة التي تفصل بين تونس وجاكرتا لم تحل دون أن تتدعم جسور تواصل ومودة تحدت المسافات وهزمت الصعوبات.  دعمت اندونيسيا نضال الشعب التونسي من أجل الاستقلال واحتضنت رموز الحركة الوطنية في المنعرج الحاسم من الثورة التونسية . تحظى تونس وشعبها بمكانة متميزة في قلوب الاندونيسيين. وتبقى تونس رغم وضعها الحالي نقطة إشعاع حضاري وسياسي وهي التي تستند إلى دستور قرطاج وحيوية نخبها وأيضا ما عرفت به من انتصار للقضايا العادلة ومن سعي منذ سنوات للدعوة لنظام عالمي جديد يكون أكثر عدلا وإنصافا. وهذا التوجه يمثل عنصرا ثابتا في السياسة الإندونيسية التي تقوم أيديولوجيا الباجنسيلا التي تمثل أساس بناء وحدتها الوطنية على العمل من أجل السلام العالمي ويمنع دستورها الاعتراف بالكيانات والدول التي تستعمل شعوبا أخرى وتمارس سياسات تنتهك الكرامة الإنسانية.  هذا التقارب في التوجهات يمكن أن يجعل قمة بالي قمة جربة منطلقا للدعوة لتعديل توجهات مجموعة العشرين والمجموعة الفرانكفونية من خلال التركيز على القيم الإنسانية التي ترفض العنف والاستعمار والهيمنة وتعمل على أن تحل محلها قيم التعاون المتكافئ ونبذ العنف والإعلاء من شأن حقوق الإنسان.  ولا شك أنه لا يمكن أن تلتقي تونس واندونيسيا من أجل العمل على تغيير معادلات السياسات الدولية دون أن يطورا العلاقات الثنائية بينهما.  لا أرى المجال مناسبا هنا للحديث عن العوائق التي يضعها البعض أمام أن تنوع تونس علاقاتها الاقتصادية ولكن ما أريد أن أختم به هو أنه بإمكان تونس أن تستفيد من التجربة الإندونيسية خاصة وأن الأيادي الإندونيسية ممدودة لتونس.