إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: 10 آلاف مؤسسة انتفعت بالعفو الاجتماعي والمطلوب من بقية المدينين تسوية وضعياتهم

 

  • العفو الاجتماعي يمكن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الرفع في مستوى تحصيل المساهمات واشتراكات الضمان الاجتماعي

تونس: الصباح

قال عماد التركي الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إن عدد المؤسسات التي انتفعت إلى حد الآن بالعفو الاجتماعي لطرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي ناهز 10 آلاف مؤسسة وأضاف أمس خلال لقاء إعلامي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والمخصص للتعريف بإجراءات العفو الاجتماعي إن العفو مكن من القيام بحوالي 9 آلاف جدولة دين دون اعتبار المهن الحرة وعبر عن أمله في أن يسارع الدائنون إلى تسوية وضعياتهم قبل موفى ديسمبر المقبل آخر أجل للانتفاع بإجراءات العفو، وفي المقابل دعا العديد من الدائنين إلى مراعاة الوضعية الصعبة التي تمر بها مؤسساتهم جراء مخلفات جائحة كورونا من ناحية ومن ناحية أخرى لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وهناك منهم من طالب بإعلان هدنة لفائدة المؤسسات التي ليس بمستطاعها دفع مستحقات الصندوق..

وأشار التركي إلى أنه بتاريخ 26 جانفي 2022 كان قد تم إصدار المرسوم عدد 6 لسنة 2022 المتعلق بطرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات الضمان الاجتماعي وعرف هذا المرسوم بمرسوم العفو الاجتماعي، ويهدف العفو الاجتماعي حسب قوله إلى مساعدة المؤسسات المدينة على تسوية وضعيتها إزاء الصندوق وتمكينها من خلاص ديونها بصيغ ميسرة تمكنها من مجابهة الصعوبات المادية بهدف مواصلة نشاطها والمحافظة على ديمومتها ومواطن الشغل بها.

وذكر أن العفو الاجتماعي سيمكّن أجراء المؤسسات المنتفعة بهذا الإجراء والعاملين لحسابهم الخاص وأفراد عائلاتهم من مواصلة الانتفاع بالتغطية الصحية والمنافع الاجتماعية والجرايات، وفضلا عن ذلك فإن هذا الإجراء يمكن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الرفع في مستوى تحصيل المساهمات واشتراكات الضمان الاجتماعي بما يساعده على توفير سيولة إضافية تسمح له بمواصلة الاضطلاع بالالتزامات المتعهد بها خاصة على مستوى الجرايات والمنافع وتحويل المساهمات إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض" الكنام".

وأضاف الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أنه بالنظر إلى النتائج الإيجابية التي تحققت في مجال تسوية وضعيات مديني الصندوق، واستجابة إلى طلب التمديد في آجال العفو، تمّ بموجب المرسوم عدد 57 لسنة 2022 المؤرخ في 27 سبتمبر2022 المتعلق بطرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي التمديد بداية من 1 أكتوبر 2022 في آجال الانتفاع بأحكام العفو إلى حدود 31 ديسمبر 2022. ومكّن العفو الاجتماعي إلى حدّ الآن حسب قوله من القيام بما يقارب 9 آلاف جدولة دين دون اعتبار المهن الحرة وهو ما يعني أنه حوالي 10 آلاف مؤسسة انتفعت بامتيازاته.

وفسر أن الحديث عن العفو يحيل إلى مزايا عدّة وتسهيلات كثيرة وفرها هذا العفو للمؤسسات منها بالخصوص أنّ المؤسسة التي قامت بالجدولة وانخرطت في إجراءات هذا العفو تحصّلت على شهادة "تسوية وضعية" وتفتح هذه الشهادة المجال أمام المؤسسة للحصول على التمويلات البنكية والتعامل مع كافة مؤسسات التمويل وفضّ الصعوبات والإشكاليات المرتبطة بذلك، والانتفاع بالامتيازات الجبائية والمشاركة في الصفقات والمناقصات العمومية إضافة إلى الحصول على مستحقاتها من حرفائها بما في ذلك المتخلدة لدى الهياكل العمومية وفض إشكاليات تعاملها مع مزوديها وبالتالي ضمان ديموميتها ومواصلة نشاطها والمحافظة على مواطن الشغل بها.

وعبر التركي عن أمله في أن يحقق هذا العفو الاجتماعي في مرحلته الثانية والتّي تمتد إلى حدود موفى ديسمبر 2022 الأهداف التّي وضعت له خاصة وأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عمل على توضيح شروط وإجراءات العفو الاجتماعي منذ موفى جانفي 2022 بهدف توحيد تطبيقه بين مختلف الهياكل المركزية والجهوية للصندوق من خلال إصدار مذكرات عمل وإحداث لجنة متابعة على المستوى المركزي للتعريف بمزايا هذا العفو الاجتماعي إضافة إلى تنظيم أيام إعلامية بكامل الجهات، وتكليف رؤساء المكاتب الجهوية والمحلية بتنفيذ خطة اتصالية على المستوى الجهوي والمحلي تضمنت بالخصوص الاتصال المباشر خاصة بكبار المدينين لدعوتهم للانخراط في العفو الاجتماعي وتنظيم لقاءات وأيام إعلامية بالاشتراك مع السلط الجهوية والمحلية وعددا من المنظمات الوطنية التي تمثل نقاط تواصل بين الصندوق ومنخرطيه على غرار الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ومع الخبراء المحاسبين والهياكل النقابية المهنية والناشطين في المجال السياحي والصناعات التقليدية. وذكر أنه خلال الفترة الأخيرة تم توجيه مراسلات مضمونة الوصول إلى كبار مديني الصندوق لدعوتهم للانخراط في إجراءات العفو الاجتماعي.

عجز منظومة الضمان الاجتماع

وفي نفس السياق أشار نادر العجباني مدير عام الضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية إلى الصعوبات التي يعيشها قطاع الضمان الاجتماعي وأشار إلى ارتفاع حجم مديونية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي تجاوزت حسب قوله 6500 مليار منها 5 آلاف مليار لدى القطاع الخاص وهو ما فاقم من حدة عجز منظومة الضمان الاجتماعي والتي بلغت 1200 مليار في القطاع الخاص. وذكر أنه في إطار الوعي بالصعوبات التي تمر بها المؤسسات تم القيام بعفو اجتماعي وقد ساهم هذا العف في مرحلة أولى في تحقيق نتائج هامة وتم في مرحلة ثانية التمديد فيه إلى موفى شهر ديسمبر المقبل، وذكر انه يتعين اليوم على بقية المدينين العمل على تسوية وضعياتهم.

وفي مداخلتها قدمت نادية الهردوق بن عبد الله المديرة المساعدة بالصندوق معطيات ضافية حول أحكام العفو الاجتماعي على ضوء المرسوم عدد 6 المؤرخ في 26 جانفي 2022 كما تم تنقيحه وإتمامه بمقتضى المرسوم عدد 57 المؤرخ في 27 سبتمبر 2022 وأشارت بالخصوص إلى مزايا العفو المتمثلة في تعلق إجراءات التبليغ والتنفيذ لاستخلاص ديون الصندوق وذلك عند خلاص كامل أصل الدين أو بإبرام جدولة رونامة دفع، وأشارت إلى أنه في صورة عدم القيام بهذه الخطوة لا يمكن للصندوق تعليق إجراءات التتبع.

أما سامي السليني ممثل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية فأشار في الكلمة التي ألقاها نيابة عن سمير ماجول رئيس الاتحاد إلى أن المؤسسات الاقتصادية في أغلب القطاعات عرفت صعوبات مالية كبيرة وتراجعًا حادًّا في مداخيلها بفعل تأثير الأزمات الاقتصادية والصحية المتتالية مقابل سعيها قدر الإمكان للمحافظة على مواطن الشغل وتأمين دفع الأجور رغم التّوقّف عن النّشاط وتكبّد أعباء اجتماعية وفقدان السيولة المالية.

وذكر أن هذه الوضعية تعمقت في فترة جائحة الكوفيد 19 مما أدّى إلى ارتفاع عدد المؤسسات المدينة لصندوق الضمان الاجتماعي وارتفاع حجم المساهمات المُصرّح بها وغير المدفوعة ولهذا السبب كان من الضروري أن تشهد العودة للنشاط في أواخر سنة 2021 عملية تسوية عامة للوضعيات المتعثرة للمؤسسات وهو ما قد تمّ إقراره بالفعل في قانون المالية عبر العفو الجبائي وكذلك بالمرسوم عدد 6 لسنة 2022 المتعلق بالعفو الاجتماعي بما مكن عديد المؤسسات من تسوية وضعيّتها الجبائية والاجتماعية ووفّر مداخيل هامة للخزينة وللصندوق في وقت اشتدت فيه الحاجة لهذه السيولة.

وفسر ممثل منظمة الأعراف أن العفو الاجتماعي لا يعني التفريط في حقوق الدولة والصناديق الاجتماعية كما يدعيه البعض، بل هو تفاعل حكيم مع الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية وتأثيراتها على المؤسسات المنظمة التي لا تنشط في القطاع الموازي الذي ينافس الاقتصاد المنظم ويضُرّ به، والتي لا تعتمد التهرّب بل تعمل في إطار القانون والوُضُوح، ولكنها تشهد صعوبات مالية تجعلها في بعض الأحيان عاجزة عن الدفع وتوفير السيولة اللازمة وبالتالي فان معاقبتها وإثقالها بالخطايا والغرامات وحجز معداتها وأجهزتها لن يُسهم في ديمومتها وتأمين دورها في خلق النّمو والتشغيل، وأشار إلى أن العفو ليس غاية في حدّ ذاته، فعمليات العفو هي استدراك من أجل خلاص المستحقّات الأصليّة بتقسيط معقول وطرح الخطايا والغرامات الموظّفة على التّأخير في الدّفع.

تداعيات كورونا

وأشار سامي السليني إلى أن ما تعيشه تونس من صعوبات اقتصادية ليس في معزل عمّا يشهده الاقتصاد العالمي وحتى أكبر الدول المصنّعة، وذكر أن منظمته لم تكن تنظر أن يعقُب التّعافي من الجائحة الصحية اندلاع نزاع مسلح بين روسيا وأوكرانيا، وهو نزاع عصف بأسواق الطاقة والغذاء وكانت له انعكاسات سلبية على عدة قطاعات صناعية وتجارية وأدى إلى ارتفاع كبير للأسعار ولكلفة النقل وكذلك إلى نُدرة في العرض الدولي من المواد الأساسية.

وقال إن جل خبراء الاقتصاد في العالم والمنظمات الاقتصادية الدولية يرجحون أن سنة 2023 ستشهد انكماشا اقتصاديا وتواصل تعثّر نسق المبادلات التجارية وهو ما يدعو إلى ضرورة الاستعداد الجيّد والتّعويل على الذّات وتدعيم السّيادة الاقتصادية والإمكانيات الإنتاجية الوطنية في جميع المجالات الصناعية والزراعية وبناء جبهة اقتصادية صلبة تشمل كل مؤسسات الدولة والشركاء الاجتماعيين والقطاع البنكي والمالي لدعم ديمومة قطاع الإنتاج والمحافظة على التشغيل وتأمين تزويد السوق وتلبية الحاجيات الحياتيّة للمواطنين بالنّسق المطلوب.

كما أشار ممثل منظمة الأعراف إلى أن المؤسسة الاقتصادية تظل الشريك والمساهم الرئيسي في الضمان الاجتماعي وبالتالي فإن قدرتها على الصمود تعتبر ضمانا  لاستدامة الصناديق الاجتماعية، وذكر أن الاتحاد بكافة هياكله المركزية والجهوية سيواصل تدخُلهُ لدى إدارة الصندوق لمساعدة المؤسسات على تسوية وضعياتها فيما يطرأ من توظيف أو تأخير في الدفع أو احتراز في نتائج المراقبة وعلى تسوية هذه الوضعيات وفق مقتضيات القانون وعبر آليات مرنة وناجعة.

وفي نفس السياق بين السليني أن السنوات الأخيرة شهدت تزامن الصعوبات المالية للمؤسسات الاقتصادية مع التهديدات الحقيقية لتوازنات أنظمة التقاعد، ممّا جعل كل طرف يسعى لإنقاذ وضعه المالي وتحقيق أولوياته وهو ما يعيق التّوصّل إلى مفاهمات وتسويات، وذكر أن منظمته أكدت دائما أن الحلول التي تقوم على الضغط على المؤسسات المنظمة  والتي هي في حالة إنعاش لتحسين الإيرادات تبقى حلول غير ناجعة فهي لا تُنقذ وضع الصندوق ولا تضمن استمرارية المؤسسة، بل هي لا تخدم مصلحة الصندوق على المدى المتوسط والطويل.

وذكر أنه توجد ضرورة قصوى لتوسيع قاعدة المضمونين إلى القطاع غير المنظم الذي لا تصلُهُ كل أسلاك المراقبة ويبقى دائما خارج إطار الإجراءات والنُّظُم القانونية وأكد  أن كل إجراء يُتّخذ لتسهيل الانتقال من القطاع الموازي إلى القطاع المنظم يجب أن يعتمد مبادئ المساواة والتكافؤ والمنافسة الشريفة.

كما دعا ممثل الاتحاد إلى ضرورة مراجعة قائمة الامتيازات المستثناة من قاعدة احتساب الاشتراكات خاصة وأن هذه الامتيازات ليست من عناصر التأجير بقدر ما هي وسائل دعم للإنتاج وإسهامًا من المؤسسات لتعويض النّقص في المرافق العمومية وخاصة في مجال النقل.

وذكر السليني أن الاتحاد شارك على امتداد سنة كاملة في أعمال اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية التي نظرت في مُقتضيات إصلاح أنظمة التقاعد وتحسين التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية على المدى القريب والمتوسط، وقدّم طرحا يعتمد مقاربة متعدّدة الأبعاد تتناول محاور توسيع القاعدة وتحسين الحوكمة وتنويع مصادر التمويل إضافة إلى باقة من الإصلاحات المقياسيّة التي تهم عديد العناصر ولا تقتصر فقط على السّن والمساهمات حتى يكون الإصلاح فعليّا وشاملا ومستداما، وحتى لا يُختزل في إجراءات تُعطي أٌكلها الآن ويضيع مفعولها بمرور الزمن.

وعبر عن استعداد المنظمة إلى استئناف المشاورات في هذا المجال لإيجاد حلول تضمن توازنات الصناديق ولا تُثقل كاهل المؤسسات والعمال. وأشار إلى أنه يدرك جيدا وضعية المالية العمومية لكنه يؤكد على ضرورة تدارك التأخير الكبير في خلاص مستحقات المؤسسات التي تزوّد الدولة أو تقدّم لها خدمات أو تُقدّم تسبقات على اعتمادات الصندوق العام للتّعويض في إطار المواد الغذائية المدعومة وخاصة أصحاب المخابز مما أصبح يهدّد تواصل نشاط العديد من المؤسسات وقدرتها على الإيفاء بتعهداتها وضمان أجور العمال وذكر أن نفس الوضعية يمر بها قطاع نقل الأشخاص الذي يتحمّل زيادات متتالية في تكاليف المحروقات والصّيانة والمصاريف البنكية مقابل شبه تجميد للتعريفات لمدة طويلة.

وعبر السليني عن استغرابه من أن تكون المؤسسات الدائنة عرضة لإجراءات استخلاص وتتبّع بينما تفوق مستحقاتها غير المستخلصة لدى الدولة أحيانا أضعاف ما هي مدينةٌ به لإدارات الجباية وللضمان الاجتماعي وللبنوك بما فيها العمومية ولمزوّدي الكهرباء والغاز والماء وغيرهم وهو ما يحتّم الإسراع بتسديد مستحقات هذه المؤسسات حتى وان كان ذلك على دُفعات ويحتم النّظر في إحداث إجراءات إمهال ومُقاصة حتى تكون ديون الدولة ضامنة لخلاص مستحقات الدولة إذ لا يُعقل حسب قوله، توظيف خطايا على المؤسسات من جهة ومن جهة أخرى عدم تمكينها من فوائد تأخير على ما تنتظرُهُ من الدولة، وخلص ممثل الاتحاد إلى دعوة المؤسسات والمهنيين للإقبال على الانخراط في إجراءات العفو الاجتماعي في فترة تمديده إلى آخر سنة 2022.

سعيدة بوهلال

الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي:   10 آلاف مؤسسة انتفعت بالعفو الاجتماعي والمطلوب من بقية المدينين تسوية وضعياتهم

 

  • العفو الاجتماعي يمكن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الرفع في مستوى تحصيل المساهمات واشتراكات الضمان الاجتماعي

تونس: الصباح

قال عماد التركي الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إن عدد المؤسسات التي انتفعت إلى حد الآن بالعفو الاجتماعي لطرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي ناهز 10 آلاف مؤسسة وأضاف أمس خلال لقاء إعلامي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والمخصص للتعريف بإجراءات العفو الاجتماعي إن العفو مكن من القيام بحوالي 9 آلاف جدولة دين دون اعتبار المهن الحرة وعبر عن أمله في أن يسارع الدائنون إلى تسوية وضعياتهم قبل موفى ديسمبر المقبل آخر أجل للانتفاع بإجراءات العفو، وفي المقابل دعا العديد من الدائنين إلى مراعاة الوضعية الصعبة التي تمر بها مؤسساتهم جراء مخلفات جائحة كورونا من ناحية ومن ناحية أخرى لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وهناك منهم من طالب بإعلان هدنة لفائدة المؤسسات التي ليس بمستطاعها دفع مستحقات الصندوق..

وأشار التركي إلى أنه بتاريخ 26 جانفي 2022 كان قد تم إصدار المرسوم عدد 6 لسنة 2022 المتعلق بطرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات الضمان الاجتماعي وعرف هذا المرسوم بمرسوم العفو الاجتماعي، ويهدف العفو الاجتماعي حسب قوله إلى مساعدة المؤسسات المدينة على تسوية وضعيتها إزاء الصندوق وتمكينها من خلاص ديونها بصيغ ميسرة تمكنها من مجابهة الصعوبات المادية بهدف مواصلة نشاطها والمحافظة على ديمومتها ومواطن الشغل بها.

وذكر أن العفو الاجتماعي سيمكّن أجراء المؤسسات المنتفعة بهذا الإجراء والعاملين لحسابهم الخاص وأفراد عائلاتهم من مواصلة الانتفاع بالتغطية الصحية والمنافع الاجتماعية والجرايات، وفضلا عن ذلك فإن هذا الإجراء يمكن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الرفع في مستوى تحصيل المساهمات واشتراكات الضمان الاجتماعي بما يساعده على توفير سيولة إضافية تسمح له بمواصلة الاضطلاع بالالتزامات المتعهد بها خاصة على مستوى الجرايات والمنافع وتحويل المساهمات إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض" الكنام".

وأضاف الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أنه بالنظر إلى النتائج الإيجابية التي تحققت في مجال تسوية وضعيات مديني الصندوق، واستجابة إلى طلب التمديد في آجال العفو، تمّ بموجب المرسوم عدد 57 لسنة 2022 المؤرخ في 27 سبتمبر2022 المتعلق بطرح خطايا التأخير المستوجبة بعنوان اشتراكات أنظمة الضمان الاجتماعي التمديد بداية من 1 أكتوبر 2022 في آجال الانتفاع بأحكام العفو إلى حدود 31 ديسمبر 2022. ومكّن العفو الاجتماعي إلى حدّ الآن حسب قوله من القيام بما يقارب 9 آلاف جدولة دين دون اعتبار المهن الحرة وهو ما يعني أنه حوالي 10 آلاف مؤسسة انتفعت بامتيازاته.

وفسر أن الحديث عن العفو يحيل إلى مزايا عدّة وتسهيلات كثيرة وفرها هذا العفو للمؤسسات منها بالخصوص أنّ المؤسسة التي قامت بالجدولة وانخرطت في إجراءات هذا العفو تحصّلت على شهادة "تسوية وضعية" وتفتح هذه الشهادة المجال أمام المؤسسة للحصول على التمويلات البنكية والتعامل مع كافة مؤسسات التمويل وفضّ الصعوبات والإشكاليات المرتبطة بذلك، والانتفاع بالامتيازات الجبائية والمشاركة في الصفقات والمناقصات العمومية إضافة إلى الحصول على مستحقاتها من حرفائها بما في ذلك المتخلدة لدى الهياكل العمومية وفض إشكاليات تعاملها مع مزوديها وبالتالي ضمان ديموميتها ومواصلة نشاطها والمحافظة على مواطن الشغل بها.

وعبر التركي عن أمله في أن يحقق هذا العفو الاجتماعي في مرحلته الثانية والتّي تمتد إلى حدود موفى ديسمبر 2022 الأهداف التّي وضعت له خاصة وأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عمل على توضيح شروط وإجراءات العفو الاجتماعي منذ موفى جانفي 2022 بهدف توحيد تطبيقه بين مختلف الهياكل المركزية والجهوية للصندوق من خلال إصدار مذكرات عمل وإحداث لجنة متابعة على المستوى المركزي للتعريف بمزايا هذا العفو الاجتماعي إضافة إلى تنظيم أيام إعلامية بكامل الجهات، وتكليف رؤساء المكاتب الجهوية والمحلية بتنفيذ خطة اتصالية على المستوى الجهوي والمحلي تضمنت بالخصوص الاتصال المباشر خاصة بكبار المدينين لدعوتهم للانخراط في العفو الاجتماعي وتنظيم لقاءات وأيام إعلامية بالاشتراك مع السلط الجهوية والمحلية وعددا من المنظمات الوطنية التي تمثل نقاط تواصل بين الصندوق ومنخرطيه على غرار الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ومع الخبراء المحاسبين والهياكل النقابية المهنية والناشطين في المجال السياحي والصناعات التقليدية. وذكر أنه خلال الفترة الأخيرة تم توجيه مراسلات مضمونة الوصول إلى كبار مديني الصندوق لدعوتهم للانخراط في إجراءات العفو الاجتماعي.

عجز منظومة الضمان الاجتماع

وفي نفس السياق أشار نادر العجباني مدير عام الضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية إلى الصعوبات التي يعيشها قطاع الضمان الاجتماعي وأشار إلى ارتفاع حجم مديونية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي تجاوزت حسب قوله 6500 مليار منها 5 آلاف مليار لدى القطاع الخاص وهو ما فاقم من حدة عجز منظومة الضمان الاجتماعي والتي بلغت 1200 مليار في القطاع الخاص. وذكر أنه في إطار الوعي بالصعوبات التي تمر بها المؤسسات تم القيام بعفو اجتماعي وقد ساهم هذا العف في مرحلة أولى في تحقيق نتائج هامة وتم في مرحلة ثانية التمديد فيه إلى موفى شهر ديسمبر المقبل، وذكر انه يتعين اليوم على بقية المدينين العمل على تسوية وضعياتهم.

وفي مداخلتها قدمت نادية الهردوق بن عبد الله المديرة المساعدة بالصندوق معطيات ضافية حول أحكام العفو الاجتماعي على ضوء المرسوم عدد 6 المؤرخ في 26 جانفي 2022 كما تم تنقيحه وإتمامه بمقتضى المرسوم عدد 57 المؤرخ في 27 سبتمبر 2022 وأشارت بالخصوص إلى مزايا العفو المتمثلة في تعلق إجراءات التبليغ والتنفيذ لاستخلاص ديون الصندوق وذلك عند خلاص كامل أصل الدين أو بإبرام جدولة رونامة دفع، وأشارت إلى أنه في صورة عدم القيام بهذه الخطوة لا يمكن للصندوق تعليق إجراءات التتبع.

أما سامي السليني ممثل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية فأشار في الكلمة التي ألقاها نيابة عن سمير ماجول رئيس الاتحاد إلى أن المؤسسات الاقتصادية في أغلب القطاعات عرفت صعوبات مالية كبيرة وتراجعًا حادًّا في مداخيلها بفعل تأثير الأزمات الاقتصادية والصحية المتتالية مقابل سعيها قدر الإمكان للمحافظة على مواطن الشغل وتأمين دفع الأجور رغم التّوقّف عن النّشاط وتكبّد أعباء اجتماعية وفقدان السيولة المالية.

وذكر أن هذه الوضعية تعمقت في فترة جائحة الكوفيد 19 مما أدّى إلى ارتفاع عدد المؤسسات المدينة لصندوق الضمان الاجتماعي وارتفاع حجم المساهمات المُصرّح بها وغير المدفوعة ولهذا السبب كان من الضروري أن تشهد العودة للنشاط في أواخر سنة 2021 عملية تسوية عامة للوضعيات المتعثرة للمؤسسات وهو ما قد تمّ إقراره بالفعل في قانون المالية عبر العفو الجبائي وكذلك بالمرسوم عدد 6 لسنة 2022 المتعلق بالعفو الاجتماعي بما مكن عديد المؤسسات من تسوية وضعيّتها الجبائية والاجتماعية ووفّر مداخيل هامة للخزينة وللصندوق في وقت اشتدت فيه الحاجة لهذه السيولة.

وفسر ممثل منظمة الأعراف أن العفو الاجتماعي لا يعني التفريط في حقوق الدولة والصناديق الاجتماعية كما يدعيه البعض، بل هو تفاعل حكيم مع الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية وتأثيراتها على المؤسسات المنظمة التي لا تنشط في القطاع الموازي الذي ينافس الاقتصاد المنظم ويضُرّ به، والتي لا تعتمد التهرّب بل تعمل في إطار القانون والوُضُوح، ولكنها تشهد صعوبات مالية تجعلها في بعض الأحيان عاجزة عن الدفع وتوفير السيولة اللازمة وبالتالي فان معاقبتها وإثقالها بالخطايا والغرامات وحجز معداتها وأجهزتها لن يُسهم في ديمومتها وتأمين دورها في خلق النّمو والتشغيل، وأشار إلى أن العفو ليس غاية في حدّ ذاته، فعمليات العفو هي استدراك من أجل خلاص المستحقّات الأصليّة بتقسيط معقول وطرح الخطايا والغرامات الموظّفة على التّأخير في الدّفع.

تداعيات كورونا

وأشار سامي السليني إلى أن ما تعيشه تونس من صعوبات اقتصادية ليس في معزل عمّا يشهده الاقتصاد العالمي وحتى أكبر الدول المصنّعة، وذكر أن منظمته لم تكن تنظر أن يعقُب التّعافي من الجائحة الصحية اندلاع نزاع مسلح بين روسيا وأوكرانيا، وهو نزاع عصف بأسواق الطاقة والغذاء وكانت له انعكاسات سلبية على عدة قطاعات صناعية وتجارية وأدى إلى ارتفاع كبير للأسعار ولكلفة النقل وكذلك إلى نُدرة في العرض الدولي من المواد الأساسية.

وقال إن جل خبراء الاقتصاد في العالم والمنظمات الاقتصادية الدولية يرجحون أن سنة 2023 ستشهد انكماشا اقتصاديا وتواصل تعثّر نسق المبادلات التجارية وهو ما يدعو إلى ضرورة الاستعداد الجيّد والتّعويل على الذّات وتدعيم السّيادة الاقتصادية والإمكانيات الإنتاجية الوطنية في جميع المجالات الصناعية والزراعية وبناء جبهة اقتصادية صلبة تشمل كل مؤسسات الدولة والشركاء الاجتماعيين والقطاع البنكي والمالي لدعم ديمومة قطاع الإنتاج والمحافظة على التشغيل وتأمين تزويد السوق وتلبية الحاجيات الحياتيّة للمواطنين بالنّسق المطلوب.

كما أشار ممثل منظمة الأعراف إلى أن المؤسسة الاقتصادية تظل الشريك والمساهم الرئيسي في الضمان الاجتماعي وبالتالي فإن قدرتها على الصمود تعتبر ضمانا  لاستدامة الصناديق الاجتماعية، وذكر أن الاتحاد بكافة هياكله المركزية والجهوية سيواصل تدخُلهُ لدى إدارة الصندوق لمساعدة المؤسسات على تسوية وضعياتها فيما يطرأ من توظيف أو تأخير في الدفع أو احتراز في نتائج المراقبة وعلى تسوية هذه الوضعيات وفق مقتضيات القانون وعبر آليات مرنة وناجعة.

وفي نفس السياق بين السليني أن السنوات الأخيرة شهدت تزامن الصعوبات المالية للمؤسسات الاقتصادية مع التهديدات الحقيقية لتوازنات أنظمة التقاعد، ممّا جعل كل طرف يسعى لإنقاذ وضعه المالي وتحقيق أولوياته وهو ما يعيق التّوصّل إلى مفاهمات وتسويات، وذكر أن منظمته أكدت دائما أن الحلول التي تقوم على الضغط على المؤسسات المنظمة  والتي هي في حالة إنعاش لتحسين الإيرادات تبقى حلول غير ناجعة فهي لا تُنقذ وضع الصندوق ولا تضمن استمرارية المؤسسة، بل هي لا تخدم مصلحة الصندوق على المدى المتوسط والطويل.

وذكر أنه توجد ضرورة قصوى لتوسيع قاعدة المضمونين إلى القطاع غير المنظم الذي لا تصلُهُ كل أسلاك المراقبة ويبقى دائما خارج إطار الإجراءات والنُّظُم القانونية وأكد  أن كل إجراء يُتّخذ لتسهيل الانتقال من القطاع الموازي إلى القطاع المنظم يجب أن يعتمد مبادئ المساواة والتكافؤ والمنافسة الشريفة.

كما دعا ممثل الاتحاد إلى ضرورة مراجعة قائمة الامتيازات المستثناة من قاعدة احتساب الاشتراكات خاصة وأن هذه الامتيازات ليست من عناصر التأجير بقدر ما هي وسائل دعم للإنتاج وإسهامًا من المؤسسات لتعويض النّقص في المرافق العمومية وخاصة في مجال النقل.

وذكر السليني أن الاتحاد شارك على امتداد سنة كاملة في أعمال اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية التي نظرت في مُقتضيات إصلاح أنظمة التقاعد وتحسين التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية على المدى القريب والمتوسط، وقدّم طرحا يعتمد مقاربة متعدّدة الأبعاد تتناول محاور توسيع القاعدة وتحسين الحوكمة وتنويع مصادر التمويل إضافة إلى باقة من الإصلاحات المقياسيّة التي تهم عديد العناصر ولا تقتصر فقط على السّن والمساهمات حتى يكون الإصلاح فعليّا وشاملا ومستداما، وحتى لا يُختزل في إجراءات تُعطي أٌكلها الآن ويضيع مفعولها بمرور الزمن.

وعبر عن استعداد المنظمة إلى استئناف المشاورات في هذا المجال لإيجاد حلول تضمن توازنات الصناديق ولا تُثقل كاهل المؤسسات والعمال. وأشار إلى أنه يدرك جيدا وضعية المالية العمومية لكنه يؤكد على ضرورة تدارك التأخير الكبير في خلاص مستحقات المؤسسات التي تزوّد الدولة أو تقدّم لها خدمات أو تُقدّم تسبقات على اعتمادات الصندوق العام للتّعويض في إطار المواد الغذائية المدعومة وخاصة أصحاب المخابز مما أصبح يهدّد تواصل نشاط العديد من المؤسسات وقدرتها على الإيفاء بتعهداتها وضمان أجور العمال وذكر أن نفس الوضعية يمر بها قطاع نقل الأشخاص الذي يتحمّل زيادات متتالية في تكاليف المحروقات والصّيانة والمصاريف البنكية مقابل شبه تجميد للتعريفات لمدة طويلة.

وعبر السليني عن استغرابه من أن تكون المؤسسات الدائنة عرضة لإجراءات استخلاص وتتبّع بينما تفوق مستحقاتها غير المستخلصة لدى الدولة أحيانا أضعاف ما هي مدينةٌ به لإدارات الجباية وللضمان الاجتماعي وللبنوك بما فيها العمومية ولمزوّدي الكهرباء والغاز والماء وغيرهم وهو ما يحتّم الإسراع بتسديد مستحقات هذه المؤسسات حتى وان كان ذلك على دُفعات ويحتم النّظر في إحداث إجراءات إمهال ومُقاصة حتى تكون ديون الدولة ضامنة لخلاص مستحقات الدولة إذ لا يُعقل حسب قوله، توظيف خطايا على المؤسسات من جهة ومن جهة أخرى عدم تمكينها من فوائد تأخير على ما تنتظرُهُ من الدولة، وخلص ممثل الاتحاد إلى دعوة المؤسسات والمهنيين للإقبال على الانخراط في إجراءات العفو الاجتماعي في فترة تمديده إلى آخر سنة 2022.

سعيدة بوهلال