إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل شرعت الحكومة في مقاومة التهرب الضريبي عبر محاصرة النظام التقديري؟

تونس- الصباح

صدر مؤخرا بالرائد الرسمي أمر حكومي يتعلق بإضافة 27 مجالا جديدا متصلا بالأنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية الممارسة من طرف المؤسسات داخل المناطق البلدية والمستثناة من الانتفاع من النظام التقديري.

وستدخل القائمة الجديدة، وفق ما تضمنه الأمر عدد 802 لسنة 2022 الصادر عن وزارة المالية بالرائد الرسمي بتاريخ 11 نوفمبر 2022، حيز التنفيذ بداية من غرة جانفي 2023.

وأُضيفت إلى القائمة الأولى المتعلقة بالأنشطة الصناعية المستثناة من الانتفاع من النظام التقديري وفق ما نص عليه الأمر المذكور آنفا، ثمانية أنشطة تتمثل في صنع الإسمنت الجاهز للاستعمال وقص الرخام وصناعة المواد الحديدية وصناعة وتحويل البلاستيك وصناعة عجين الورق والورق المقوى والكاغظ وتعليب الخضر والغلال ونشاط معاصر وتعليب زيت الزيتون ونجارة الألمنيوم.

وتعتبر تقليص الخاضعين إلى النظام الحقيقي من أبرز توصيات خبراء الاقتصاد والمنظمات الوطنية للإصلاح الجبائي إلى جانب محاربة التهرب الضريبي ودمج الاقتصاد الموازي، على اعتبار أن جل الناشطين المنضوين في النظام التقديري ثبت أن مساهمتهم في الموارد الجبائية للدولة لا تتعدى 0.2 بالمائة سنويا.

ويعتبر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي في دراسة له حملت عنوان "النظام الجبائي التونسي ودوره في قيام العدالة الجبائية"، أن أهم خصائص التشريع الحالي في الميدان الجبائي في تونس، التباين بين النظام التقديري والنظام الحقيقي الذي ساعد على التهرب الجبائي، ذلك أن النظام التقديري المخصص لصغار المستغلين دون سواهم مكّن العديد من المطالبين بالضريبة من الاستفادة منه دون موجب.

ووفق نفس الدراسة فإن معدل الضريبة على المرابيح الصناعية والتجارية في النظام التقديري لا يتجاوز 80 دينارا للفرد سنويا.

ولاحظ البدوي، أنه وفي الوقت الذي كان فيه الأجراء ضحية ارتفاع مستمر للضغط الجبائي ولتهرئة مداخيلهم الصافية ولتدهور وضعياتهم المعيشية، فإن القطاع الخاص كان يتمتع بعديد الامتيازات والوضعيات التي مكنته من تخفيف العبء الجبائي على العديد من مكوناته ومن التهرب من أداء الواجب الجبائي بالنسبة للمكونات الأخرى..

ويقدر عدد المطالبين بالأداء حاليا حوالي 645 ألف منهم حوالي 400 ألف خاضعين للنظام التقديري أي ما يقارب أكثر من 60 بالمائة من المطالبين بالأداء

علما أن المنضوين تحت النظام التقديري موجودون بالأساس في قطاع الخدمات نصفهم تقريبا في تجارة التفصيل، ونصفهم الآخر في أنشطة مختلفة، ولم تتجاوز مساهمتهم سنة 2012 23.4 مليون دينار فقط أي بنسبة 0.2 بالمائة من مجموع المداخيل الجبائية مقابل 25 بالمائة للأجراء وحوالي 27 بالمائة للأشخاص المعويين و5 بالمائة تقريبا من المنضوين تحت النظام الجبائي الحقيقي..

ويقدر الخبير المالي والاقتصادي أنيس الوهابي حجم التهرب الضريبي سنوياً في تونس ما بين 7 مليارات و10 مليار دينار، مؤكداً أنّ الضريبة غير المستخلصة سببها الأنشطة غير المصرح بها (السوق الموازية) والنظام الجبائي التقديري الذي يضم المهنيين والحرفيين في القطاع الخاص الذين يصرحون بضرائب لا تتجاوز 0.5% من الدخل، فضلاً عن التصريح الضريبي المغلوط للعديد من المؤسسات التي تتعمد خفض الأرباح من أجل التهرب من الضرائب.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات نجيب القطاري، كان قد كشف أنه تم التفطن إلى وجود العديد من الإخلالات والنقائص التي خلفت انعكاسات مالية كبرى، منها تراكم الديون الجبائية غير المستخلصة لفائدة الدولة، والتي قُدرت بأكثر من عشرة آلاف مليار دينار، وذلك من خلال عدد من المهمات الرقابية التي قامت بها المحكمة في مؤسسات مختلفة.

وأضاف القطاري، خلال مؤتمر صحافي خصص لتقديم تقرير المحكمة السنوي، أن هذه الديون تعكس خللاً على مستوى حوكمة التصرف في المال العام، وأن الدولة في حاجة ملحة لهذه الموارد لتمويل ميزانيتها، داعياً السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى متابعة نتائج أعمال محكمة المحاسبات، ومحاسبة المتهربين من دفع الضرائب المستوجبة عليهم.

ويمثل تحسين استخلاص الضريبة من الفئات المتهربة جبائياً من بين العناوين الرئيسية لخطة الإصلاح الاقتصادي التي يقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يطالب بتخفيف الأعباء على الفئات الملتزمة جبائياً، ولا سيما طبقة الأجراء..

ووفق خبراء في الاقتصاد، يمثل التهرب الضريبي في تونس مبدئياً نحو 50 في المائة من قيمة الموارد الضريبية، علما أن وزارة المالية صرحت سابقاً بأن نحو 40 في المائة من المتمتعين بالنظام التقديري يتهربون جبائياً.

يذكر أن وزارة المالية استثنت سبع أنشطة جديدة من القائمة الثانية الخاصة بالمجالات التجارية المستفيدة من النظام التقديري وهي تجارة وسائل النقل المستعملة وتجارة الحشايا والموس وبيع الفواكه الجافة وبيع الخردة والقطع المستعملة وبيع اللحوم الحمراء ومشتقاتها وبيع المرطبات والمثلجات والمغازات الصغيرة مع اعتماد مبدأ الخدمة الذاتية.

وأصبح حاليا 12 نشاطا خدماتيا ضمن القائمة الثالثة الخاصة بأنشطة الخدمات الممارسة من طرف المؤسسات داخل المناطق البلدية المستثناة من الانتفاع من النظام التقديري وهي: مكاتب الصرف ونقل العملة ومحلات توزيع المحروقات والقامات العائلية والاستضافات العائلية ووكالات الإشهار وتنظيم الصالون والمعارض والمقاهي بمختلف أصنافها والمشارب والميكانيك العام والمطالة ودهن السيارات وكهرباء السيارات واكريه العقارات المؤثثة.

ويقنن النظام التقديري في تونس الفصل 44 مكرر من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات والتي تحدد تعريفة الضريبة وآليات سحبها علما وان النظام التقديري يمنح لمّدة 3 سنوات ابتداء من تاريخ إيداع التصريح في الوجود.

وكان مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس 22 سبتمبر 2022 صادق على مشروع الأمر المتعلق بإتمام الأمر عدد 2939 لسنة 2014 المؤرخ في 1 أوت 2014 المتعلق بتحديد قائمة الأنشطة الممارسة من قبل المؤسسات داخل المناطق البلدية والمستثناة من الانتفاع بالنظام التقديري المنصوص عليه بالفصل 44 مكرر من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

يذكر أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 صنف دافعي الضرائب الى أربعة أصناف، مع احتمال إقرار إجراءات لإدخال المنضوين في النظام التقديري ممن يحققون رقم معاملات يقل عن 75 ألف دينار في النظام الخاص بالمبادر الذاتي..

رفيق

 

هل شرعت الحكومة في مقاومة التهرب الضريبي عبر محاصرة النظام التقديري؟

تونس- الصباح

صدر مؤخرا بالرائد الرسمي أمر حكومي يتعلق بإضافة 27 مجالا جديدا متصلا بالأنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية الممارسة من طرف المؤسسات داخل المناطق البلدية والمستثناة من الانتفاع من النظام التقديري.

وستدخل القائمة الجديدة، وفق ما تضمنه الأمر عدد 802 لسنة 2022 الصادر عن وزارة المالية بالرائد الرسمي بتاريخ 11 نوفمبر 2022، حيز التنفيذ بداية من غرة جانفي 2023.

وأُضيفت إلى القائمة الأولى المتعلقة بالأنشطة الصناعية المستثناة من الانتفاع من النظام التقديري وفق ما نص عليه الأمر المذكور آنفا، ثمانية أنشطة تتمثل في صنع الإسمنت الجاهز للاستعمال وقص الرخام وصناعة المواد الحديدية وصناعة وتحويل البلاستيك وصناعة عجين الورق والورق المقوى والكاغظ وتعليب الخضر والغلال ونشاط معاصر وتعليب زيت الزيتون ونجارة الألمنيوم.

وتعتبر تقليص الخاضعين إلى النظام الحقيقي من أبرز توصيات خبراء الاقتصاد والمنظمات الوطنية للإصلاح الجبائي إلى جانب محاربة التهرب الضريبي ودمج الاقتصاد الموازي، على اعتبار أن جل الناشطين المنضوين في النظام التقديري ثبت أن مساهمتهم في الموارد الجبائية للدولة لا تتعدى 0.2 بالمائة سنويا.

ويعتبر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي في دراسة له حملت عنوان "النظام الجبائي التونسي ودوره في قيام العدالة الجبائية"، أن أهم خصائص التشريع الحالي في الميدان الجبائي في تونس، التباين بين النظام التقديري والنظام الحقيقي الذي ساعد على التهرب الجبائي، ذلك أن النظام التقديري المخصص لصغار المستغلين دون سواهم مكّن العديد من المطالبين بالضريبة من الاستفادة منه دون موجب.

ووفق نفس الدراسة فإن معدل الضريبة على المرابيح الصناعية والتجارية في النظام التقديري لا يتجاوز 80 دينارا للفرد سنويا.

ولاحظ البدوي، أنه وفي الوقت الذي كان فيه الأجراء ضحية ارتفاع مستمر للضغط الجبائي ولتهرئة مداخيلهم الصافية ولتدهور وضعياتهم المعيشية، فإن القطاع الخاص كان يتمتع بعديد الامتيازات والوضعيات التي مكنته من تخفيف العبء الجبائي على العديد من مكوناته ومن التهرب من أداء الواجب الجبائي بالنسبة للمكونات الأخرى..

ويقدر عدد المطالبين بالأداء حاليا حوالي 645 ألف منهم حوالي 400 ألف خاضعين للنظام التقديري أي ما يقارب أكثر من 60 بالمائة من المطالبين بالأداء

علما أن المنضوين تحت النظام التقديري موجودون بالأساس في قطاع الخدمات نصفهم تقريبا في تجارة التفصيل، ونصفهم الآخر في أنشطة مختلفة، ولم تتجاوز مساهمتهم سنة 2012 23.4 مليون دينار فقط أي بنسبة 0.2 بالمائة من مجموع المداخيل الجبائية مقابل 25 بالمائة للأجراء وحوالي 27 بالمائة للأشخاص المعويين و5 بالمائة تقريبا من المنضوين تحت النظام الجبائي الحقيقي..

ويقدر الخبير المالي والاقتصادي أنيس الوهابي حجم التهرب الضريبي سنوياً في تونس ما بين 7 مليارات و10 مليار دينار، مؤكداً أنّ الضريبة غير المستخلصة سببها الأنشطة غير المصرح بها (السوق الموازية) والنظام الجبائي التقديري الذي يضم المهنيين والحرفيين في القطاع الخاص الذين يصرحون بضرائب لا تتجاوز 0.5% من الدخل، فضلاً عن التصريح الضريبي المغلوط للعديد من المؤسسات التي تتعمد خفض الأرباح من أجل التهرب من الضرائب.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات نجيب القطاري، كان قد كشف أنه تم التفطن إلى وجود العديد من الإخلالات والنقائص التي خلفت انعكاسات مالية كبرى، منها تراكم الديون الجبائية غير المستخلصة لفائدة الدولة، والتي قُدرت بأكثر من عشرة آلاف مليار دينار، وذلك من خلال عدد من المهمات الرقابية التي قامت بها المحكمة في مؤسسات مختلفة.

وأضاف القطاري، خلال مؤتمر صحافي خصص لتقديم تقرير المحكمة السنوي، أن هذه الديون تعكس خللاً على مستوى حوكمة التصرف في المال العام، وأن الدولة في حاجة ملحة لهذه الموارد لتمويل ميزانيتها، داعياً السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى متابعة نتائج أعمال محكمة المحاسبات، ومحاسبة المتهربين من دفع الضرائب المستوجبة عليهم.

ويمثل تحسين استخلاص الضريبة من الفئات المتهربة جبائياً من بين العناوين الرئيسية لخطة الإصلاح الاقتصادي التي يقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يطالب بتخفيف الأعباء على الفئات الملتزمة جبائياً، ولا سيما طبقة الأجراء..

ووفق خبراء في الاقتصاد، يمثل التهرب الضريبي في تونس مبدئياً نحو 50 في المائة من قيمة الموارد الضريبية، علما أن وزارة المالية صرحت سابقاً بأن نحو 40 في المائة من المتمتعين بالنظام التقديري يتهربون جبائياً.

يذكر أن وزارة المالية استثنت سبع أنشطة جديدة من القائمة الثانية الخاصة بالمجالات التجارية المستفيدة من النظام التقديري وهي تجارة وسائل النقل المستعملة وتجارة الحشايا والموس وبيع الفواكه الجافة وبيع الخردة والقطع المستعملة وبيع اللحوم الحمراء ومشتقاتها وبيع المرطبات والمثلجات والمغازات الصغيرة مع اعتماد مبدأ الخدمة الذاتية.

وأصبح حاليا 12 نشاطا خدماتيا ضمن القائمة الثالثة الخاصة بأنشطة الخدمات الممارسة من طرف المؤسسات داخل المناطق البلدية المستثناة من الانتفاع من النظام التقديري وهي: مكاتب الصرف ونقل العملة ومحلات توزيع المحروقات والقامات العائلية والاستضافات العائلية ووكالات الإشهار وتنظيم الصالون والمعارض والمقاهي بمختلف أصنافها والمشارب والميكانيك العام والمطالة ودهن السيارات وكهرباء السيارات واكريه العقارات المؤثثة.

ويقنن النظام التقديري في تونس الفصل 44 مكرر من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات والتي تحدد تعريفة الضريبة وآليات سحبها علما وان النظام التقديري يمنح لمّدة 3 سنوات ابتداء من تاريخ إيداع التصريح في الوجود.

وكان مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس 22 سبتمبر 2022 صادق على مشروع الأمر المتعلق بإتمام الأمر عدد 2939 لسنة 2014 المؤرخ في 1 أوت 2014 المتعلق بتحديد قائمة الأنشطة الممارسة من قبل المؤسسات داخل المناطق البلدية والمستثناة من الانتفاع بالنظام التقديري المنصوص عليه بالفصل 44 مكرر من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

يذكر أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 صنف دافعي الضرائب الى أربعة أصناف، مع احتمال إقرار إجراءات لإدخال المنضوين في النظام التقديري ممن يحققون رقم معاملات يقل عن 75 ألف دينار في النظام الخاص بالمبادر الذاتي..

رفيق