إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اتحاد الشغل ينضم إلى أحزاب وجمعيات تنتقد المسار الانتخابي .. هل يستجيب الرئيس سعيد إلى دعوات تأجيل انتخابات 17 ديسمبر؟

تونس- الصباح

قبل أقل من خمسة أسابيع عن موعد الاقتراع لانتخابات 17 ديسمبر التي من المقرر أن تفرز برلمانا جديدا يستمد صلاحياته من دستور جويلية 2022، تجددت دعوات تأجيل الانتخابات في تونس على خلفية تعكّر المناخ الانتخابي من جهة وبروز نقائص وأخطاء وهنات عديدة شابت الإطار القانوني للانتخابات ومسار الإعداد للرزنامة الانتخابية وطريقة قبول الترشحات وشروطها المثيرة للجدل من جهة أخرى.

وجاءت دعوة التأجيل هذه المرة بشكل صريح على لسان أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، الذي انتقد بشدة المسار الانتخابي ودعا رئيس الجمهورية إلى القيام بمراجعات تشمل إعادة النظر في المرسوم الانتخابي.

ودعا الطبوبي خلال إشرافه قبل يومين على تجمع عمالي بشركة التبغ والوقيد بالعاصمة، رئيس الجمهورية إلى "التأني والتبصر ووقفة تأمل حقيقية ومراجعة القانون الانتخاب (..). كما انتقد غياب الترشحات ووجود ترشح وحيد أو ترشحين اثنين في بعض الدوائر الانتخابية".

وسبق أن صدرت دعوات التأجيل في مناسبات سابقة عن طيف كبير من أحزاب سياسية منها موالية لمسار 25 جويلية، ومنها المعارضة له، وأيضا من نشطاء بالمجتمع المدني وجمعيات متخصصة في مراقبة الشأن الانتخابي..

ومهما يكن من أمر، فقد تسارعت حدة الانتقادات الموجهة نحو المرسوم الانتخابي في الآونة الأخيرة، بسبب الشروط المجحفة التي جاء بها لتنظيم عملية قبول الترشحات ونظام الاقتراع القائم على التصويت على الأفراد على دورة واحدة.

وطالت الانتقادات هيئة الانتخابات بسبب القرارات الترتيبية التي اتخذتها في علاقة بتنظيم المسار الانتخابي وخاصة في علاقة بتأويل قانونية مشاركة الأحزاب في العملية الانتخابية من عدمها، وأيضا برزنامة الانتخابات حين تم تمديد آجال قبول الترشح لثلاثة أيام دون موجب قانوني، وفق مراقبي المجتمع المدني وعديد السياسيين والأحزاب..

الغريب في الأمر أن قائمة المرشحين المقبولين كشفت أن سبعة دوائر من أصل عشرة في الخارج لم تشهد ترشحات، وأن عشرة ترشحات شهدت ترشحا يتيما لكل دائرة ما يعني - وفقا للمرسوم الانتخابي- أن مرشحي هاته الدوائر فازوا بعضوية البرلمان القادم دون خوض لا حملة انتخابية ولا انتظار يوم الاقتراع، وهي سابقة تحصل في العالم ولم يشهد لها مثيل في أي تجربة انتخابية سابقا..

وعكست الترشحات للانتخابات التشريعية نقائص المرسوم الانتخابي الذي أقصى شرط التناصف لضمان مشاركة المرأة، فكانت الحصيلة هزيلة بالنسبة لقائمة المرشحين التي تعتبر أضعف مشاركة في تاريخ الانتخابات التونسية وأضعف مشاركة للمرأة التي انخفض حضورها إلى أقل من 130 امرأة بنسبة لا تتجاوز 12 بالمائة من مجموع المرشحين..

سياق سياسي واقتصادي واجتماعي متوتر ومضطرب

وتأتي دعوة تأجيل الانتخابات في سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية يغلب عليها التأزم والاضطراب والتشنج والحيرة، ولا يشجع على مشاركة واسعة للناخبين في الانتخابات وذلك في علاقة أوّلا، بتنامي حالة الاحتقان الاجتماعي على خلفية ارتفاع كلفة المعيشة وارتفاع الأسعار في عديد المواد الاستهلاكية أو فقدان مواد أخرى من السوق، فضلا عن اضطراب السير العادي للدروس منذ عدة أسابيع..

ثانيا، في ما علاقة بالوضع السياسي العام في البلاد الذي يشوبه التوتر خاصة بعد صدور القانون الانتخابي المثير للجدل وما أفرزه من قراءات قانونية وترتيبية قزّمت مشاركة الأحزاب في العملية الانتخابية وحدّت من تدخلها تأثيرها..

ثالثا، في علاقة بالأزمة الاقتصادية المتفاقمة وحالة الانتظار والقلق التي تسود الشارع التونسي منذ أشهر في ما يهم أساسا خفايا الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي والتوجّس من إصلاحات ما تزال مبهمة، يُقال أنها موجعة ومؤلمة عل غرار رفع الدعم (أو إعادة توجيه إلى مستحقيه) عن المواد الأساسية وخاصة عن المحروقات والكهرباء..، وقد تدفع ثمنها في النهاية الطبقات الفقيرة والمتوسطة ودافعي الضرائب من أصحاب الأجور والموظفين والمؤسسات ومهنيي القطاع الخاص..

وعلى غرار اتحاد الشغل، تبنت أحزاب سياسية مختلفة تأجيل الانتخابات أو مقاطعتها، وذلك عبر تحركات مختلفة، ومنها التنديد بما يُعرف بمسار 25 جويلية والعمل على إسقاطه، أو انتقاد المسار في محاولة لتصحيح أخطائه وتصويب خياراته التشريعية والقانونية والسياسية والاقتصادية، أو اقتراح بدائل سياسية واقتصادية وحلول مغايرة تماما لخيارات الحكومة الحالية..

قضية استعجالية لإيقاف مسار الانتخابات..

الملفت للانتباه، أن دعوة تأجيل الانتخابات تتزامن كذلك مع شروع القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بتونس في النظر في قضية رفعها الحزب الدستوري الحر ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، طالب فيها الحزب بإيقاف مسار الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر وتجميد كافة المبالغ المالية المرصودة لها.

وأشار الحزب وفق نص بيان أصدره في وقت سابق، الى عدم تحصيل ترشحات بكافة الدوائر الانتخابية وجملة من الاخلالات التي مسّت المسار الانتخابي، واتهم الهيئة بالاعتداء على حق التونسيين في انتخابات قانونية ومطابقة للمعايير الدولية وإهدار المال العام، وذلك بسبب مضيّها في انجاز الانتخابات دون استكمال الترشحات في كل الدوائر، بعد ثبوت عدم تلقيها أي ترشح في سبع دوائر من جملة 161 دائرة انتخابية.

واعتبر الدستوري الحر أن ذلك "يؤكد عدم انخراط المواطنين في مسار الانتخابات التي ستفرز برلمانا منقوصا ومختل التركيبة وغير مطابق لمرسوم القانون الانتخابي الذي تأسست عليه هذه الانتخابات، والذي وصفه بالمرسوم "غير الشرعي".

تجدر الإشارة إلى أن عضو مجلس هيئة الانتخابات وناطقها الرسمي محمد التليلي المنصري، كان قد أكد في تصريحات صحفية سابقة رداً على دعوات تأجيل الانتخابات، أنه لا مجال لتغيير موعدها، خاصة بعد أن قطعت الهيئة أشواطا كبيرة في تنفيذ روزنامة الانتخابات. وقال:"الحديث عن تعديل أو تغيير موعد الانتخابات ليس له أي قيمة قانونية خاصة وأننا وصلنا قبول الترشحات وبالتالي فإن فرضية تغيير الموعد بات من الماضي".

أحزاب مؤيدة لمسار 25 جويلية تطالب بالتأجيل

كما صدرت دعوات تأجيل الانتخابات عن أحزاب وكيانات سياسية مؤيدة لمسار 25 جويلية وداعمة له، على غرار حزب حراك 25 جويلية، الذي لوّح بمقاطعة الانتخابات في صورة عدم تأجيلها وتوقع قبل أسابيع قليلة إعلانا محتملا للرئيس سعيد بتأجيل الانتخابات.

وطالب الحراك خلال ندوة صحفية عقدها يوم 24 أكتوبر 2022 بتأجيل الانتخابات الى حدود تنقية المناخ السياسي "الملوث" وفق ما كشف عنه رئيس المكتب السياسي للحزب محمود بن مبروك، قبل أن يتراجع مؤخرا عن قراره ويعلن عن مشاركته في العملية الانتخابية.

كما حذرت حركة الشعب في بيان أصدرته أمس الجمعة من أن تؤدي الأوضاع الاجتماعية المتفجرة إلى العزوف عن الانتخابات، داعية إلى اتخاذ إجراءات سريعة تعيد لمسار 25 جويلية شعبيته، وتساعد على إنجاز انتخابات لا يمكن التشكيك في مصداقيتها.

وأبرزت الحركة أن المسار الانتخابي عرف تجاوزات خطيرة في مرحلة الترشيحات من مال فاسد وتدخل الإدارة مجسدة في المسؤولين المحليين والجهويين وغيرهم.

وفي نفس السياق دعت حركة شباب تونس الوطني، رئيس الجمهورية إلى تأجيل موعد الانتخابات التشريعية. وقال رئيس المكتب السياسي للحركة عبد الرزاق الخلولي، في تصريح إعلامي انه:"يجب أن تتم الانتخابات في ظروف طبيعية وعادية ويكون فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي أفضل.."

وأكد بن محمود على ضرورة تعديل القانون الانتخابي خاصة في ما يتعلق بالتزكيات وتغيير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي فشلت حسب تقديره في أن تكون محايدة في ظل تفاقم الجرائم الانتخابية وتدخل بعض الولاة والمعتمدين ورؤساء البلديات في جمع التزكيات.

وخلافا لبعض أحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية، شدد الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي، تعليقا على دعوات تأجيل الانتخابات، على ضرورة المضي في اجراء الانتخابات في موعدها ثم الشروع في عمليات الإصلاح. وأكد على أنه لا سبيل لإيقاف المسار الانتخابي الحالي.

بدوره دعا حزب الرّاية الوطنية (معارض) مؤخرا في بيان له، رئيس الجمهورية إلى تأجيل الانتخابات وتنظيم حوار جدّي وحقيقي حول دور البرلمان القادم وطريقة انتخابه ومن ثمّ الذّهاب إلى انتخابات حقيقيّة تعكس الإرادة المشتركة للتونسيين.

واعتبر الحزب انّ "البرلمان القادم سيكون مرّة أخرى صورة مشوّهة لتونس وانتكاسة غير مسبوقة في تاريخها لكونه سيجمع بين أعضائه الكثير من وصلوا بالمال الفاسدة العروشيّة المقيتة".

وتتقاطع دعوات تأجيل الانتخابات أو مقاطعتها مع دعوات سابقة لجل أحزاب المعارضة سواء منها المنخرطة ضمن جبهة "الخلاص الوطني"، أو ضمن تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية (التكتل، التيار، الجمهوري، العمال، القطب) أو أحزاب أخرى مثل المسار وآفاق تونس وغيرها..

رفيق بن عبد الله

 

 

 

 

اتحاد الشغل ينضم إلى أحزاب وجمعيات تنتقد المسار الانتخابي .. هل يستجيب الرئيس سعيد إلى دعوات تأجيل انتخابات 17 ديسمبر؟

تونس- الصباح

قبل أقل من خمسة أسابيع عن موعد الاقتراع لانتخابات 17 ديسمبر التي من المقرر أن تفرز برلمانا جديدا يستمد صلاحياته من دستور جويلية 2022، تجددت دعوات تأجيل الانتخابات في تونس على خلفية تعكّر المناخ الانتخابي من جهة وبروز نقائص وأخطاء وهنات عديدة شابت الإطار القانوني للانتخابات ومسار الإعداد للرزنامة الانتخابية وطريقة قبول الترشحات وشروطها المثيرة للجدل من جهة أخرى.

وجاءت دعوة التأجيل هذه المرة بشكل صريح على لسان أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، الذي انتقد بشدة المسار الانتخابي ودعا رئيس الجمهورية إلى القيام بمراجعات تشمل إعادة النظر في المرسوم الانتخابي.

ودعا الطبوبي خلال إشرافه قبل يومين على تجمع عمالي بشركة التبغ والوقيد بالعاصمة، رئيس الجمهورية إلى "التأني والتبصر ووقفة تأمل حقيقية ومراجعة القانون الانتخاب (..). كما انتقد غياب الترشحات ووجود ترشح وحيد أو ترشحين اثنين في بعض الدوائر الانتخابية".

وسبق أن صدرت دعوات التأجيل في مناسبات سابقة عن طيف كبير من أحزاب سياسية منها موالية لمسار 25 جويلية، ومنها المعارضة له، وأيضا من نشطاء بالمجتمع المدني وجمعيات متخصصة في مراقبة الشأن الانتخابي..

ومهما يكن من أمر، فقد تسارعت حدة الانتقادات الموجهة نحو المرسوم الانتخابي في الآونة الأخيرة، بسبب الشروط المجحفة التي جاء بها لتنظيم عملية قبول الترشحات ونظام الاقتراع القائم على التصويت على الأفراد على دورة واحدة.

وطالت الانتقادات هيئة الانتخابات بسبب القرارات الترتيبية التي اتخذتها في علاقة بتنظيم المسار الانتخابي وخاصة في علاقة بتأويل قانونية مشاركة الأحزاب في العملية الانتخابية من عدمها، وأيضا برزنامة الانتخابات حين تم تمديد آجال قبول الترشح لثلاثة أيام دون موجب قانوني، وفق مراقبي المجتمع المدني وعديد السياسيين والأحزاب..

الغريب في الأمر أن قائمة المرشحين المقبولين كشفت أن سبعة دوائر من أصل عشرة في الخارج لم تشهد ترشحات، وأن عشرة ترشحات شهدت ترشحا يتيما لكل دائرة ما يعني - وفقا للمرسوم الانتخابي- أن مرشحي هاته الدوائر فازوا بعضوية البرلمان القادم دون خوض لا حملة انتخابية ولا انتظار يوم الاقتراع، وهي سابقة تحصل في العالم ولم يشهد لها مثيل في أي تجربة انتخابية سابقا..

وعكست الترشحات للانتخابات التشريعية نقائص المرسوم الانتخابي الذي أقصى شرط التناصف لضمان مشاركة المرأة، فكانت الحصيلة هزيلة بالنسبة لقائمة المرشحين التي تعتبر أضعف مشاركة في تاريخ الانتخابات التونسية وأضعف مشاركة للمرأة التي انخفض حضورها إلى أقل من 130 امرأة بنسبة لا تتجاوز 12 بالمائة من مجموع المرشحين..

سياق سياسي واقتصادي واجتماعي متوتر ومضطرب

وتأتي دعوة تأجيل الانتخابات في سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية يغلب عليها التأزم والاضطراب والتشنج والحيرة، ولا يشجع على مشاركة واسعة للناخبين في الانتخابات وذلك في علاقة أوّلا، بتنامي حالة الاحتقان الاجتماعي على خلفية ارتفاع كلفة المعيشة وارتفاع الأسعار في عديد المواد الاستهلاكية أو فقدان مواد أخرى من السوق، فضلا عن اضطراب السير العادي للدروس منذ عدة أسابيع..

ثانيا، في ما علاقة بالوضع السياسي العام في البلاد الذي يشوبه التوتر خاصة بعد صدور القانون الانتخابي المثير للجدل وما أفرزه من قراءات قانونية وترتيبية قزّمت مشاركة الأحزاب في العملية الانتخابية وحدّت من تدخلها تأثيرها..

ثالثا، في علاقة بالأزمة الاقتصادية المتفاقمة وحالة الانتظار والقلق التي تسود الشارع التونسي منذ أشهر في ما يهم أساسا خفايا الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي والتوجّس من إصلاحات ما تزال مبهمة، يُقال أنها موجعة ومؤلمة عل غرار رفع الدعم (أو إعادة توجيه إلى مستحقيه) عن المواد الأساسية وخاصة عن المحروقات والكهرباء..، وقد تدفع ثمنها في النهاية الطبقات الفقيرة والمتوسطة ودافعي الضرائب من أصحاب الأجور والموظفين والمؤسسات ومهنيي القطاع الخاص..

وعلى غرار اتحاد الشغل، تبنت أحزاب سياسية مختلفة تأجيل الانتخابات أو مقاطعتها، وذلك عبر تحركات مختلفة، ومنها التنديد بما يُعرف بمسار 25 جويلية والعمل على إسقاطه، أو انتقاد المسار في محاولة لتصحيح أخطائه وتصويب خياراته التشريعية والقانونية والسياسية والاقتصادية، أو اقتراح بدائل سياسية واقتصادية وحلول مغايرة تماما لخيارات الحكومة الحالية..

قضية استعجالية لإيقاف مسار الانتخابات..

الملفت للانتباه، أن دعوة تأجيل الانتخابات تتزامن كذلك مع شروع القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بتونس في النظر في قضية رفعها الحزب الدستوري الحر ضد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، طالب فيها الحزب بإيقاف مسار الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر وتجميد كافة المبالغ المالية المرصودة لها.

وأشار الحزب وفق نص بيان أصدره في وقت سابق، الى عدم تحصيل ترشحات بكافة الدوائر الانتخابية وجملة من الاخلالات التي مسّت المسار الانتخابي، واتهم الهيئة بالاعتداء على حق التونسيين في انتخابات قانونية ومطابقة للمعايير الدولية وإهدار المال العام، وذلك بسبب مضيّها في انجاز الانتخابات دون استكمال الترشحات في كل الدوائر، بعد ثبوت عدم تلقيها أي ترشح في سبع دوائر من جملة 161 دائرة انتخابية.

واعتبر الدستوري الحر أن ذلك "يؤكد عدم انخراط المواطنين في مسار الانتخابات التي ستفرز برلمانا منقوصا ومختل التركيبة وغير مطابق لمرسوم القانون الانتخابي الذي تأسست عليه هذه الانتخابات، والذي وصفه بالمرسوم "غير الشرعي".

تجدر الإشارة إلى أن عضو مجلس هيئة الانتخابات وناطقها الرسمي محمد التليلي المنصري، كان قد أكد في تصريحات صحفية سابقة رداً على دعوات تأجيل الانتخابات، أنه لا مجال لتغيير موعدها، خاصة بعد أن قطعت الهيئة أشواطا كبيرة في تنفيذ روزنامة الانتخابات. وقال:"الحديث عن تعديل أو تغيير موعد الانتخابات ليس له أي قيمة قانونية خاصة وأننا وصلنا قبول الترشحات وبالتالي فإن فرضية تغيير الموعد بات من الماضي".

أحزاب مؤيدة لمسار 25 جويلية تطالب بالتأجيل

كما صدرت دعوات تأجيل الانتخابات عن أحزاب وكيانات سياسية مؤيدة لمسار 25 جويلية وداعمة له، على غرار حزب حراك 25 جويلية، الذي لوّح بمقاطعة الانتخابات في صورة عدم تأجيلها وتوقع قبل أسابيع قليلة إعلانا محتملا للرئيس سعيد بتأجيل الانتخابات.

وطالب الحراك خلال ندوة صحفية عقدها يوم 24 أكتوبر 2022 بتأجيل الانتخابات الى حدود تنقية المناخ السياسي "الملوث" وفق ما كشف عنه رئيس المكتب السياسي للحزب محمود بن مبروك، قبل أن يتراجع مؤخرا عن قراره ويعلن عن مشاركته في العملية الانتخابية.

كما حذرت حركة الشعب في بيان أصدرته أمس الجمعة من أن تؤدي الأوضاع الاجتماعية المتفجرة إلى العزوف عن الانتخابات، داعية إلى اتخاذ إجراءات سريعة تعيد لمسار 25 جويلية شعبيته، وتساعد على إنجاز انتخابات لا يمكن التشكيك في مصداقيتها.

وأبرزت الحركة أن المسار الانتخابي عرف تجاوزات خطيرة في مرحلة الترشيحات من مال فاسد وتدخل الإدارة مجسدة في المسؤولين المحليين والجهويين وغيرهم.

وفي نفس السياق دعت حركة شباب تونس الوطني، رئيس الجمهورية إلى تأجيل موعد الانتخابات التشريعية. وقال رئيس المكتب السياسي للحركة عبد الرزاق الخلولي، في تصريح إعلامي انه:"يجب أن تتم الانتخابات في ظروف طبيعية وعادية ويكون فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي أفضل.."

وأكد بن محمود على ضرورة تعديل القانون الانتخابي خاصة في ما يتعلق بالتزكيات وتغيير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي فشلت حسب تقديره في أن تكون محايدة في ظل تفاقم الجرائم الانتخابية وتدخل بعض الولاة والمعتمدين ورؤساء البلديات في جمع التزكيات.

وخلافا لبعض أحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية، شدد الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي، تعليقا على دعوات تأجيل الانتخابات، على ضرورة المضي في اجراء الانتخابات في موعدها ثم الشروع في عمليات الإصلاح. وأكد على أنه لا سبيل لإيقاف المسار الانتخابي الحالي.

بدوره دعا حزب الرّاية الوطنية (معارض) مؤخرا في بيان له، رئيس الجمهورية إلى تأجيل الانتخابات وتنظيم حوار جدّي وحقيقي حول دور البرلمان القادم وطريقة انتخابه ومن ثمّ الذّهاب إلى انتخابات حقيقيّة تعكس الإرادة المشتركة للتونسيين.

واعتبر الحزب انّ "البرلمان القادم سيكون مرّة أخرى صورة مشوّهة لتونس وانتكاسة غير مسبوقة في تاريخها لكونه سيجمع بين أعضائه الكثير من وصلوا بالمال الفاسدة العروشيّة المقيتة".

وتتقاطع دعوات تأجيل الانتخابات أو مقاطعتها مع دعوات سابقة لجل أحزاب المعارضة سواء منها المنخرطة ضمن جبهة "الخلاص الوطني"، أو ضمن تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية (التكتل، التيار، الجمهوري، العمال، القطب) أو أحزاب أخرى مثل المسار وآفاق تونس وغيرها..

رفيق بن عبد الله