شكلت مسألة التجاوزات والسرقات المتعلقة أساسا بالتزكيات جانبا من الإشكاليات المسجلة في المرحلة المخصصة لإيداع مطالب الترشح للانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر القادم، رغم الترتيبات التي اتخذتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وضبط الإجراءات القانونية والردعية المتعلقة بالمسار الانتخابي وفق ما ينص على ذلك القانون الانتخابي الجديد.
وقد خلفت هذه التجاوزات جدلا وانتقادات وتنديدات في أوساط واسعة رغم تكتم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن ذلك. الأمر الذي فتح باب التأويل والقراءات المختلفة للمسألة، لاسيما أمام ما أثاره المسار ككل من جدل وتحفظ ونقد من قبل الداعمين والمساندين والمعارضين له على حد السواء. فبين من يعتبر ذلك محاولة من "المعارضة" لإفشال المسار والبعض الآخر ينزلها في إطار التجاوزات العرضية التي تحدث في مثل هذه العملية والبعض الآخر يحمل المسؤولية في ذلك للهيئة من ناحية والقانون الانتخابي من ناحية أخرى على اعتبار أنه مثل، من خلال بعض شروطه وأهمها التزكيات، أرضية للفساد والتجاوزات. وقد تم تداول أخبار حول تسجيل تجاوزات في الغرض في جهات عديدة خلال المدة الفارطة، لم تقتصر على "شراء التزكيات" فحسب بل تجاوزته لتشمل سرقة سجلات التزكيات في بعض المكاتب الفرعية للهيئة في تونس الكبرى، لعل من أبرزه ما تعلق بسجل دفاتر السجلات الانتخابية ببلدية المنيهلة التابعة لولاية أريانة مؤخرا، وفق ما أكده عضو المكتب السياسي لحزب حراك 25 جويلية حاتم اليحياوي تداولته عدة جهات أخرى وما طرحته من تجاذب لعدة اعتبارات. إضافة إلى إعلان سرقة مُعدات تابعة للهيئة الفرعية للانتخابات بولاية بنزرت مؤخرا. وقد تم رفع شكوى في الغرض لدى المصالح الأمنية عن طريق الممثل القانوني للهيئة، وفق ما نشر في "وات" على لسان رئيس الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات ببنزرت فضلا عن تسجيل أحداث وتجاوزات مشابهة في عدة جهات أخرى من الجمهورية. علما أن مستشارين بلديين ورؤساء بلديات هم بدورهم معنيون بالمشاركة في هذه الانتخابات الشريعية الأمر الذي يجعل فرضية "الصراع" على التزكيات والتسابق من أجلها مسألة مطروحة ضمن قانون اللعبة الانتخابية.
وهي تقريبا من بين التجاوزات التي نددت بها عدة جهات سياسية ومدنية على اعتبار أن جلها ثغرات فتحها القانون الانتخابي الجديد وكان بالإمكان تلافيها. ويذكر أنه سبق أن تناول رئيس الجمهورية قيس سعيد نفس المسألة مع كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن في مناسبة أولى في وصفه للأمر بـ"مسألة التلاعب بالتزكيات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب. " وشدد على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة ووضع حد لهذه الظاهرة المتعلقة بالمال الفاسد، وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات خاصة بعد أن تبين أن عددا من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانونا وصارت التزكيات سوقا تباع فيها الذمم وتُشترى" وفق تأكيده في نفس اللقاء في الأسبوع الأول من الشهر الجاري. مضيفا "إذا كان التشريع الحالي لم يحقق أهدافه فالواجب الوطني المقدس يقتضي تعديله للحد من هذه الظاهرة المشينة خاصة وأن الذين تم إيقافهم ووقعت إحالتهم على العدالة هدفهم، كما تبين ذلك من الأبحاث، هو إدخال الارتباك في صفوف المواطنين وبثّ الفوضى خوفا من الإرادة الشعبية الحقيقية التي ستفرزها صناديق الاقتراع". ليطرح نفس المسألة أثناء لقائه بوزير الداخلية توفيق شرف الدين بعد أيام قليلة من نف اللقاء.
في سياق متصل سبق أن تم الاتفاق بين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر وممثل وزيرة العدل بصفتها رئيسة النيابة العمومية على تأكيد التعاون بين الجانبين في التعاطي مع القضايا والملفات المتعلقة بالتجاوزات والجرائم الانتخابية والحسم في القضايا المرفوعة في ظرف وجيز على خلاف ما كان عليه الأمر في المحطات الانتخابية السابقة، وذلك في إطار التصدي للتجاوزات المسجلة سواء تعلق الأمر بظاهرة تجميع التزكيات بطرق غير قانونية وغيرها والعمل على التزام الأعوان العموميين بمبدأ حياد الإدارة وعدم استعمال الوسائل والموارد العموميـة لأغراض انتخابية. وتطبيق القانون على المخالفين والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب وإيلاء العناية اللازمة بالشكايات المقدمة من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سواء في مجال الجرائم الانتخابية أو غيرها.
على أن تتعامل النيابة العموميـة مع هذه الشكايات بكل جدية وبما من شأنه أن يمكن من البت فيها ضمن آجال معقولة، ويسمح بتطبيق القانون على المخالفين قبل انقضاء الآجال القانونية وسقوط الدعاوى بمرور الزمن، وفق بلاغ صادر عن الهيئة. ويذكر أنه تم في الفترة الأخيرة إيداع عدد من المخالفين السجن، وفق ما أعلنت عن ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ولئن تراهن الجهات الرسمية على إنجاح المسار الانتخابي بكامل محطاته دون تسجيل هنات ونقائص في مسار الروزنامة الانتخابية وبما يضمن الشفافية المطلوبة، فإن تكرار مثل هذه التجاوزات والتغاضي عنها تعد من العوامل التي من شانها التأثير سلبيا على شفافية العملية الانتخابية، خاصة أن قرار الهيئة العليا المستقلة التمديد في فترة إيداع مطالب الترشح للانتخابات التشريعية القادمة بإضافة ثلاثة أيام أخرى ليكون آخر موعد لإيداع المطالب يوم أمس 27 من الشهر الجاري، قد لاقى انتقادات. وذهبت بعض الهياكل والمنظمات المختصة في متابعة العمليات الانتخابية إلى كون هذا القرار غير دستوري ولا ينسجم مع المنظومة الانتخابية وذهبت جهات أخرى إلى كونه قرار جاء لإنقاذ المسار بعد تسجيل عدة دوائر انتخابية دون ترشحات فضلا عن عدم قدرة البعض على تجميع التزكيات المطلوبة.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
شكلت مسألة التجاوزات والسرقات المتعلقة أساسا بالتزكيات جانبا من الإشكاليات المسجلة في المرحلة المخصصة لإيداع مطالب الترشح للانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر القادم، رغم الترتيبات التي اتخذتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وضبط الإجراءات القانونية والردعية المتعلقة بالمسار الانتخابي وفق ما ينص على ذلك القانون الانتخابي الجديد.
وقد خلفت هذه التجاوزات جدلا وانتقادات وتنديدات في أوساط واسعة رغم تكتم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن ذلك. الأمر الذي فتح باب التأويل والقراءات المختلفة للمسألة، لاسيما أمام ما أثاره المسار ككل من جدل وتحفظ ونقد من قبل الداعمين والمساندين والمعارضين له على حد السواء. فبين من يعتبر ذلك محاولة من "المعارضة" لإفشال المسار والبعض الآخر ينزلها في إطار التجاوزات العرضية التي تحدث في مثل هذه العملية والبعض الآخر يحمل المسؤولية في ذلك للهيئة من ناحية والقانون الانتخابي من ناحية أخرى على اعتبار أنه مثل، من خلال بعض شروطه وأهمها التزكيات، أرضية للفساد والتجاوزات. وقد تم تداول أخبار حول تسجيل تجاوزات في الغرض في جهات عديدة خلال المدة الفارطة، لم تقتصر على "شراء التزكيات" فحسب بل تجاوزته لتشمل سرقة سجلات التزكيات في بعض المكاتب الفرعية للهيئة في تونس الكبرى، لعل من أبرزه ما تعلق بسجل دفاتر السجلات الانتخابية ببلدية المنيهلة التابعة لولاية أريانة مؤخرا، وفق ما أكده عضو المكتب السياسي لحزب حراك 25 جويلية حاتم اليحياوي تداولته عدة جهات أخرى وما طرحته من تجاذب لعدة اعتبارات. إضافة إلى إعلان سرقة مُعدات تابعة للهيئة الفرعية للانتخابات بولاية بنزرت مؤخرا. وقد تم رفع شكوى في الغرض لدى المصالح الأمنية عن طريق الممثل القانوني للهيئة، وفق ما نشر في "وات" على لسان رئيس الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات ببنزرت فضلا عن تسجيل أحداث وتجاوزات مشابهة في عدة جهات أخرى من الجمهورية. علما أن مستشارين بلديين ورؤساء بلديات هم بدورهم معنيون بالمشاركة في هذه الانتخابات الشريعية الأمر الذي يجعل فرضية "الصراع" على التزكيات والتسابق من أجلها مسألة مطروحة ضمن قانون اللعبة الانتخابية.
وهي تقريبا من بين التجاوزات التي نددت بها عدة جهات سياسية ومدنية على اعتبار أن جلها ثغرات فتحها القانون الانتخابي الجديد وكان بالإمكان تلافيها. ويذكر أنه سبق أن تناول رئيس الجمهورية قيس سعيد نفس المسألة مع كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن في مناسبة أولى في وصفه للأمر بـ"مسألة التلاعب بالتزكيات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب. " وشدد على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة ووضع حد لهذه الظاهرة المتعلقة بالمال الفاسد، وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات خاصة بعد أن تبين أن عددا من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانونا وصارت التزكيات سوقا تباع فيها الذمم وتُشترى" وفق تأكيده في نفس اللقاء في الأسبوع الأول من الشهر الجاري. مضيفا "إذا كان التشريع الحالي لم يحقق أهدافه فالواجب الوطني المقدس يقتضي تعديله للحد من هذه الظاهرة المشينة خاصة وأن الذين تم إيقافهم ووقعت إحالتهم على العدالة هدفهم، كما تبين ذلك من الأبحاث، هو إدخال الارتباك في صفوف المواطنين وبثّ الفوضى خوفا من الإرادة الشعبية الحقيقية التي ستفرزها صناديق الاقتراع". ليطرح نفس المسألة أثناء لقائه بوزير الداخلية توفيق شرف الدين بعد أيام قليلة من نف اللقاء.
في سياق متصل سبق أن تم الاتفاق بين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر وممثل وزيرة العدل بصفتها رئيسة النيابة العمومية على تأكيد التعاون بين الجانبين في التعاطي مع القضايا والملفات المتعلقة بالتجاوزات والجرائم الانتخابية والحسم في القضايا المرفوعة في ظرف وجيز على خلاف ما كان عليه الأمر في المحطات الانتخابية السابقة، وذلك في إطار التصدي للتجاوزات المسجلة سواء تعلق الأمر بظاهرة تجميع التزكيات بطرق غير قانونية وغيرها والعمل على التزام الأعوان العموميين بمبدأ حياد الإدارة وعدم استعمال الوسائل والموارد العموميـة لأغراض انتخابية. وتطبيق القانون على المخالفين والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب وإيلاء العناية اللازمة بالشكايات المقدمة من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سواء في مجال الجرائم الانتخابية أو غيرها.
على أن تتعامل النيابة العموميـة مع هذه الشكايات بكل جدية وبما من شأنه أن يمكن من البت فيها ضمن آجال معقولة، ويسمح بتطبيق القانون على المخالفين قبل انقضاء الآجال القانونية وسقوط الدعاوى بمرور الزمن، وفق بلاغ صادر عن الهيئة. ويذكر أنه تم في الفترة الأخيرة إيداع عدد من المخالفين السجن، وفق ما أعلنت عن ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ولئن تراهن الجهات الرسمية على إنجاح المسار الانتخابي بكامل محطاته دون تسجيل هنات ونقائص في مسار الروزنامة الانتخابية وبما يضمن الشفافية المطلوبة، فإن تكرار مثل هذه التجاوزات والتغاضي عنها تعد من العوامل التي من شانها التأثير سلبيا على شفافية العملية الانتخابية، خاصة أن قرار الهيئة العليا المستقلة التمديد في فترة إيداع مطالب الترشح للانتخابات التشريعية القادمة بإضافة ثلاثة أيام أخرى ليكون آخر موعد لإيداع المطالب يوم أمس 27 من الشهر الجاري، قد لاقى انتقادات. وذهبت بعض الهياكل والمنظمات المختصة في متابعة العمليات الانتخابية إلى كون هذا القرار غير دستوري ولا ينسجم مع المنظومة الانتخابية وذهبت جهات أخرى إلى كونه قرار جاء لإنقاذ المسار بعد تسجيل عدة دوائر انتخابية دون ترشحات فضلا عن عدم قدرة البعض على تجميع التزكيات المطلوبة.