يتمتع التونسيون بحرية السفر خارج موانع وضوابط التأشيرات والتراخيص المسبقة المتشددة، نحو 67 دولة عبر العالم فقط. في حين تفرض عليهم البقية الحصول المسبق على تأشيرة دخول والمحدد عددها بـ133 دولة ليكون التونسيون والتونسيات أمام إجراءات موانع حرية التنقل والحركة لنحو أكثر من ثلثي دول العالم.
ويحتل جواز سفر تونس حاليًا المرتبة 75 وفقًا لمؤشر جايد Guide لترتيب جوازات السفر، مما يمنحه درجة تنقل إجمالية تتراوح بين المتوسطة والمنخفضة إجمالًا. بتصنيف متقارب مع ذلك الذي يحدده مؤشر "هانلي" لجوازات السفر الصادر في شهر جوان الماضي أين يضع تونس في المرتبة 77.
ووفقا لمعطيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي والبيانات الرسمية العالمية الخاصة بالتأشيرة، الفيزا، لا يحتاج حاملو جواز السفر التونسي الى تأشيرات خلال السفر الى 35 وجهة، منها دول المغرب العربي، الإكوادور، السينغال، البرازيل، الغابون، تركيا، جنوب إفريقيا، ساحل العاج ، وسوريا وصربيا، قررت فرضها الأسبوع الماضي، والفلبين والنيجر... في حين تعتمد 33 دولة أخرى التأشيرة عند الوصول بالنسبة للتونسيين ومنها إيران والأردن واندونيسيا والصومال والملديف وبركينافاسو وتيمور الشرقية والطوغو وسلطنة عمان والسيشال وغانا... وتطلب 3 دول أخرى من حامل جواز السفر التونسي تصريح سفر الكتروني في الوقت الذي تفرض 133 وجهة أخرى تأشيرة مسبقة قبل المغادرة، وتشمل القائمة دول الاتحاد الأوروبي وأرمينيا وأذربيجان وأستراليا وانغولا والأرجنتين والبوسنة والهرسك والدنمارك والسلفادور والسودان والسويد والصين والكويت والمكسيك والمملكة العربية السعودية واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وبنغلاداش وبنما...
وتخسر تونس بتوجه صربيا نحو فرض التأشيرة على التونسيين بداية من يوم 20 نوفمبر القادم نقطة أخرى في ترتيب جواز السفر الخاص بمواطنيها والوجهات التي يمكنهم الوصول إليها دون موانع أو حواجز. ويبدو أن فرض التأشيرة من قبل دولة صربيا يتنزل في سياق دولي عام في علاقة بالدولة التونسية، إذا ما تم التدقيق في نتائج مؤشر "هانلي" لجوازات السفر الصادر سنويا. فطبقا للمعطيات المنشورة على موقعه سجلت تونس تراجعا واضحا خلال الإثنتي عشر سنة الماضية. وطبقا لمؤشر "هانلي" لجوازات السفر الذي يقيم سنويا 199 بلدا حول العالم، كان جواز سفر الجمهورية التونسية يحتل المرتبة 59 عالميا سنة 2006 والمرتبة 67 عالميا سنة 2010، ليقفز الى المرتبة 74 سنة 2020 ويحتل المرتبة 77 عالميا سنة 2022 متقدما بمرتبة على السنة التي سبقته.
وتتنزل مسألة فرض التأشيرة على المستوى الدولي في إطار، القرارات السيادية للدول حسب ما أفاد "الصباح" وزير الشؤون الخارجية الأسبق احمد ونيس. ويقع وضعها طبقا لاتفاق ثنائي بين الدولتين. وعادة لا تفرض الدول البعيدة جغرافيا مثل هذا الإجراء وعدم اشتراط التأشيرة نظرا أن احتمالات الزيارة تكون مستبعدة. في المقابل تعطي الدول القريبة من بعضها قيمة لهذا الإجراء الحدودي "الفيزا".
ويعتبر أحمد ونيس أن الأمن والمصلحة هما المقياسان الأساسيان والركيزتان والضوابط التي يتم اعتمادهما في اتخاذ قرار فرض التأشيرة من عدمه على الدول. فدولة تصدر منها أخطار إرهابية أو أمنية أو صحية يكون مواطنيها معنيين بإجراء التأشيرة أكثر من غيرهم. كما يمكن لدول أن تلغي التأشيرة من جانب واحد في حال كان لها علاقة مصلحة مع الدول الأخرى على غرار مصالح اقتصادية على غرار سوق مصدرة للسياحة أو لليد العاملة. وهو ما يمثل واقع الحال بين تونس ودول الاتحاد الأوربي..
وفي علاقة بجواز السفر التونسي، يقول السفير السابق ان تونس منذ سنة 2012 أصبحت من الدول المصدرة للإرهاب على مستوى المشرق وعلى رأس قائمة الأخطار وأصبحت الدول تحتاط من كل حامل لجواز سفر تونسي. وينضاف الى ذلك كثافة الجالية التونسية المتواجدة بعدد من الدول والتي لا تكون دائما قانونية وعدد المساجين من حاملي الجنسية التونسية وما تستقبله تلك الدول من مهاجرين غير نظاميين ومستوى الانتهازية التي يسجلها من تحصل على التأشيرة ولم ينضبط بالمدة الزمنية المحددة فيها أو قام بتجاوز مدة الإقامة القصوى المحددة بـ3 أشهر.. كلها عوامل محدد لفرض التأشيرة والتشدد في إجراءات إسنادها.
ويشير أن هذه العوامل مجتمعة جعلت من الوجهات التي يمكن للتونسيين الدخول إليها دون تأشيرة أو بإجراءات غير متشددة تتضاءل وينخفض عددها منذ 2012 والتي تزامنت مع حكم الترويكا أين سجل ارتفاع في عدد الوجهات التي تفرض تأشيرة على التونسيين.
ويؤكد احمد ونيس أن إسناد التأشير على المستوى الدولي لا يخضع الى أي تمييز لا على أساس اللون أو الدين أو العرق، بل يخضع لعامل أساسي هو الأمن والمصلحة، وكلما كانت العلاقات الدبلوماسية جيدة ومتطور بين الدول تتجه نحو التخفيف من إجراءات الدخول والتبسيط فيها وكلما كانت متوترة أو فاترة يتم التوجه نحو التشدد.
أما بالنسبة لتكلفة، أو قيمة مصاريف الحصول على تأشيرة، وكيفية تحديدها فيكشف الدبلوماسي والسفير السابق، أن معلومها يتم تحدديه من قبل الدول المقابلة. ويتم فيها الأخذ بعين الاعتبار لمصاريف دراسة الملف فضلا عن كلفة إعادة التونسي في حال نضطر لإعادته بعد وصوله الى أراضيها.
ولم تتمكن بالمناسبة "الصباح" من معرفة عدد الدول التي فرضت على تونس اعتماد التأشيرة ما بعد 2012، وفي عهد الترويكا، أو الحصول على وجهة نظر وزارة الخارجية التونسية من مسالة اعتماد التأشيرة من قبل الجانب الصربي، فقد اعتبر المكلف بالإعلام في الوزارة محمد الطرابلسي أن المسالة غير مهمة، وان تقديم المعطيات لوسائل الإعلام يتطلب العودة بالاستشارة لوزير الخارجية واخذ موافقته في ما يهم تقديم المعطيات من عدمه.. وهذا الامر يتطلب على الأقل يومين أو ثلاثة أيام.
وفي الإطار أوضح الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي، ان ما وقع مؤخرا تم تلخيصه في احد المقالات الصحفية الصادرة عن دولة أجنبية أين عنونته بأن "تونس قد تحولت من بلد مثالي الى بلد فاشل". ونظرا الى أن الدول تعتمد عنصرين في ضمان مصالحها وهي درء الأضرار وجلب المنافع تواجه موجات من الهجرة غير النظامية وهو ما يفسر توجه العديد من الدول الى فرض التأشيرة أمام جواز السفر التونسي.
وأشار العبيدي أن فاجعة جرجيس والصورة الكاريكاتورية التي جاء في إطارها عجز الدولة من عدم التعرف على أبنائها ودفنهم دون تحاليل جينية قد يكون احد الأسباب، خاصة وأن هذه الدول لها تقارير أمنية وتتابع الأوضاع هذا دون ان ننسى عدد الواصلين عبر صربيا الى منطقة شنغن والبالغ عدد 15 ألفا أو أكثر الى حد الآن.
لكن هذا لا يمنع حسب الديبلوماسي السابق، أن قرار صربيا فرض التأشيرة على التونسيين، جاء مباغتة وكان يفترض على البعثة الديبلوماسية التونسية المتواجدة هناك ان يكون لها علم مسبق بذلك لتعلم الجانب التونسي به ويتم التفاوض والتحادث في شانه بين الطرفين. كما كان يفترض حسب رأيه أن وزير الخارجية ليعلمنا بعدد الجالية التونسية المتواجدة هناك وعدد الطلاب وحجم المعاملات الاقتصادية والتجارية التي بين الطرفين. لا أن يقول إن ليس له علما بالأمر.
وخلص عبد الله العبيدي الى أن عدم الاستقرار السياسي الذي نعيشه قد كان له الانعكاس الواضح على أداء الدول الخارجية وعلى الدبلوماسية التونسية، وعلى الأرجح لا وجود لمفاوض باسم الدولة التونسية اليوم. وقد يكون قرار الدولة الصربية فرض التأشيرة بداية لمسار طويل من القرارات والإجراءات التحفظية أمام حاملي الجوازات التونسية. يتم فيها التعامل الانتقائي مع المواطنين التونسيين، فيتم قبول الأطباء والكوادر والمتميزين في الدراسة بما تماشي مع مصلحة تلك الدول مقابل تشديد الإجراءات أمام بقية المواطنين.
ونبه العبيدي الى أن الدولة التونسية تعكس صورة لدولة ليس لها سياسة خارجية ولا ذخيرة لها للدفاع عن مثل هذه الملفات، وأعاد ذلك الى عدم جدية المشرفين على مثل هذه الملفات واصفا إياهم بـ"الهواة". وأقر عبد الله العبيدي أن الخارجية التونسية والسلك الديبلوماسي يزخران بالكفاءات لكن المشكل في القيادة.
ترتيب جوازات السفر حسب مؤشر "هينلي"
يقيّم مؤشر "هينلي" لجوازات السفر الخاص بالشركة، جوازات السفر الأكثر ملاءمة للسفر في العالم بشكل منتظم منذ عام 2006، وذلك استنادًا إلى البيانات الحصرية المقدمة من الاتحاد الدولي للنقل الجوي.
يحتل جواز السفر التونسي المركز الأول في شمال إفريقيا والسادس عربيا في تصنيف أقوى جوازات السفر لسنة 2022 حسب "مؤشر هانلي".
وتقدمت تونس في منطقة شمال إفريقيا على المغرب (82) والجزائر ومصر (94) وموريتانيا (87) وليبيا (104) وفق تصنيف مكتب "هانلي وشركاؤه" للاستشارة في الهجرة والاستثمار الذي يضعه استنادا الى بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي. وصنفت تونس السادسة عربيا بعد الإمارات العربية (15 عالميا) والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان (68) والبحرين (66) والكويت (59) وقطر (57) ويتيح جواز سفر دولة الإمارات العربية المتحدة، الأول عربيا بالنفاذ الى 176 بلدا دون تأشيرة.
ويأتي جواز السفر التونسي على المستوى الإفريقي في المركز 10 فيما يحتل جواز سفر السيشال المرتبة الأولى إفريقيا (28 عالميا) موفرا إمكانية زيارة 153 بلدا دون تأشيرة يليه جواز سفر موريشيوس (33 عالميا) وجنوب إفريقيا (55) وبوتسوانا (65) وناميبيا (70) وليسوتو (72) واسواتيني (74) ثم مالاوي (75) وتنزانيا وزمبيا (76) فتونس (77).
ويتصدر جواز سفر اليابان قائمة أقوى جوازات السفر عالميا، إذ انه يتيح لصاحبه النفاذ الى 193 بلدا دون تأشيرة متبوعا بسنغافورة وكوريا الجنوبية في المركز الثاني. وتحتل كل من ألمانيا واسبانيا المركز الثالث ضمن ترتيب أقوى جوازات السفر فيما جاء جواز سفر أفغانستان في آخر الترتيب متيحا لأصحابه زيارة 27 بلدا فحسب، يسبقه العراقي بتمكين صاحبه من النفاذ الى 29 بلدا دون التأشيرة وقبله السوري بزيارة 30 بلدا دون تأشيرة.
حرية التنقل مضمونة بالقانون الدولي؟
حرية الحركة أو حرية التنقل أو حرية السفر هي أحد حقوق الإنسان التي يحترمها الدستور في الكثير من الدول والتي تنص على أن مواطني الدولة لهم حرية السفر والإقامة والعمل في أي مكان يرغب من تلك الدولة دون التعدي على حريات وحقوق الآخرين، وأن يغادر تلك الدولة وأن يعود لها في أي وقت. فنصت القوانين والأعراف الدولية عليها،«لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة»، كما و«يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها»» – المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
"لكل فرد حرية التنقل واختيار مكان سكناه في أي مكان في نطاق الدولة التي يتواجد فيها بشكل شرعي»، كما «يحق لأي فرد أن يغادر أية دولة بحرية بما في ذلك دولته هو»» – المادة 12 منّ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وهي نصوص تعتمدها مختلف المنظمات المدافعة على حقوق الإنسان وخاصة منها حرية الحركة للدفاع عن حق كل إنسان في التنقل واختيار مكان إقامته دون أي مانع. وذلك في مواجه للحواجز والقوانين التي تفرضها الدول الغنية أمام الدول الفقيرة وتتسبب سنويا في كوارث ومصائب إنسانية عل طرق ومسارات الهجرة غير النظامية. ولا تعتمد هذه الحواجز والتأشيرات فيما يتصل بتنقل البضائع والسلع.
ريم سوودي
2012 بداية الأزمة.. وصربيا لن تكون الأخير..
جواز السفر التونسي يتراجع في الترتيب
تونس-الصباح
يتمتع التونسيون بحرية السفر خارج موانع وضوابط التأشيرات والتراخيص المسبقة المتشددة، نحو 67 دولة عبر العالم فقط. في حين تفرض عليهم البقية الحصول المسبق على تأشيرة دخول والمحدد عددها بـ133 دولة ليكون التونسيون والتونسيات أمام إجراءات موانع حرية التنقل والحركة لنحو أكثر من ثلثي دول العالم.
ويحتل جواز سفر تونس حاليًا المرتبة 75 وفقًا لمؤشر جايد Guide لترتيب جوازات السفر، مما يمنحه درجة تنقل إجمالية تتراوح بين المتوسطة والمنخفضة إجمالًا. بتصنيف متقارب مع ذلك الذي يحدده مؤشر "هانلي" لجوازات السفر الصادر في شهر جوان الماضي أين يضع تونس في المرتبة 77.
ووفقا لمعطيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي والبيانات الرسمية العالمية الخاصة بالتأشيرة، الفيزا، لا يحتاج حاملو جواز السفر التونسي الى تأشيرات خلال السفر الى 35 وجهة، منها دول المغرب العربي، الإكوادور، السينغال، البرازيل، الغابون، تركيا، جنوب إفريقيا، ساحل العاج ، وسوريا وصربيا، قررت فرضها الأسبوع الماضي، والفلبين والنيجر... في حين تعتمد 33 دولة أخرى التأشيرة عند الوصول بالنسبة للتونسيين ومنها إيران والأردن واندونيسيا والصومال والملديف وبركينافاسو وتيمور الشرقية والطوغو وسلطنة عمان والسيشال وغانا... وتطلب 3 دول أخرى من حامل جواز السفر التونسي تصريح سفر الكتروني في الوقت الذي تفرض 133 وجهة أخرى تأشيرة مسبقة قبل المغادرة، وتشمل القائمة دول الاتحاد الأوروبي وأرمينيا وأذربيجان وأستراليا وانغولا والأرجنتين والبوسنة والهرسك والدنمارك والسلفادور والسودان والسويد والصين والكويت والمكسيك والمملكة العربية السعودية واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وبنغلاداش وبنما...
وتخسر تونس بتوجه صربيا نحو فرض التأشيرة على التونسيين بداية من يوم 20 نوفمبر القادم نقطة أخرى في ترتيب جواز السفر الخاص بمواطنيها والوجهات التي يمكنهم الوصول إليها دون موانع أو حواجز. ويبدو أن فرض التأشيرة من قبل دولة صربيا يتنزل في سياق دولي عام في علاقة بالدولة التونسية، إذا ما تم التدقيق في نتائج مؤشر "هانلي" لجوازات السفر الصادر سنويا. فطبقا للمعطيات المنشورة على موقعه سجلت تونس تراجعا واضحا خلال الإثنتي عشر سنة الماضية. وطبقا لمؤشر "هانلي" لجوازات السفر الذي يقيم سنويا 199 بلدا حول العالم، كان جواز سفر الجمهورية التونسية يحتل المرتبة 59 عالميا سنة 2006 والمرتبة 67 عالميا سنة 2010، ليقفز الى المرتبة 74 سنة 2020 ويحتل المرتبة 77 عالميا سنة 2022 متقدما بمرتبة على السنة التي سبقته.
وتتنزل مسألة فرض التأشيرة على المستوى الدولي في إطار، القرارات السيادية للدول حسب ما أفاد "الصباح" وزير الشؤون الخارجية الأسبق احمد ونيس. ويقع وضعها طبقا لاتفاق ثنائي بين الدولتين. وعادة لا تفرض الدول البعيدة جغرافيا مثل هذا الإجراء وعدم اشتراط التأشيرة نظرا أن احتمالات الزيارة تكون مستبعدة. في المقابل تعطي الدول القريبة من بعضها قيمة لهذا الإجراء الحدودي "الفيزا".
ويعتبر أحمد ونيس أن الأمن والمصلحة هما المقياسان الأساسيان والركيزتان والضوابط التي يتم اعتمادهما في اتخاذ قرار فرض التأشيرة من عدمه على الدول. فدولة تصدر منها أخطار إرهابية أو أمنية أو صحية يكون مواطنيها معنيين بإجراء التأشيرة أكثر من غيرهم. كما يمكن لدول أن تلغي التأشيرة من جانب واحد في حال كان لها علاقة مصلحة مع الدول الأخرى على غرار مصالح اقتصادية على غرار سوق مصدرة للسياحة أو لليد العاملة. وهو ما يمثل واقع الحال بين تونس ودول الاتحاد الأوربي..
وفي علاقة بجواز السفر التونسي، يقول السفير السابق ان تونس منذ سنة 2012 أصبحت من الدول المصدرة للإرهاب على مستوى المشرق وعلى رأس قائمة الأخطار وأصبحت الدول تحتاط من كل حامل لجواز سفر تونسي. وينضاف الى ذلك كثافة الجالية التونسية المتواجدة بعدد من الدول والتي لا تكون دائما قانونية وعدد المساجين من حاملي الجنسية التونسية وما تستقبله تلك الدول من مهاجرين غير نظاميين ومستوى الانتهازية التي يسجلها من تحصل على التأشيرة ولم ينضبط بالمدة الزمنية المحددة فيها أو قام بتجاوز مدة الإقامة القصوى المحددة بـ3 أشهر.. كلها عوامل محدد لفرض التأشيرة والتشدد في إجراءات إسنادها.
ويشير أن هذه العوامل مجتمعة جعلت من الوجهات التي يمكن للتونسيين الدخول إليها دون تأشيرة أو بإجراءات غير متشددة تتضاءل وينخفض عددها منذ 2012 والتي تزامنت مع حكم الترويكا أين سجل ارتفاع في عدد الوجهات التي تفرض تأشيرة على التونسيين.
ويؤكد احمد ونيس أن إسناد التأشير على المستوى الدولي لا يخضع الى أي تمييز لا على أساس اللون أو الدين أو العرق، بل يخضع لعامل أساسي هو الأمن والمصلحة، وكلما كانت العلاقات الدبلوماسية جيدة ومتطور بين الدول تتجه نحو التخفيف من إجراءات الدخول والتبسيط فيها وكلما كانت متوترة أو فاترة يتم التوجه نحو التشدد.
أما بالنسبة لتكلفة، أو قيمة مصاريف الحصول على تأشيرة، وكيفية تحديدها فيكشف الدبلوماسي والسفير السابق، أن معلومها يتم تحدديه من قبل الدول المقابلة. ويتم فيها الأخذ بعين الاعتبار لمصاريف دراسة الملف فضلا عن كلفة إعادة التونسي في حال نضطر لإعادته بعد وصوله الى أراضيها.
ولم تتمكن بالمناسبة "الصباح" من معرفة عدد الدول التي فرضت على تونس اعتماد التأشيرة ما بعد 2012، وفي عهد الترويكا، أو الحصول على وجهة نظر وزارة الخارجية التونسية من مسالة اعتماد التأشيرة من قبل الجانب الصربي، فقد اعتبر المكلف بالإعلام في الوزارة محمد الطرابلسي أن المسالة غير مهمة، وان تقديم المعطيات لوسائل الإعلام يتطلب العودة بالاستشارة لوزير الخارجية واخذ موافقته في ما يهم تقديم المعطيات من عدمه.. وهذا الامر يتطلب على الأقل يومين أو ثلاثة أيام.
وفي الإطار أوضح الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي، ان ما وقع مؤخرا تم تلخيصه في احد المقالات الصحفية الصادرة عن دولة أجنبية أين عنونته بأن "تونس قد تحولت من بلد مثالي الى بلد فاشل". ونظرا الى أن الدول تعتمد عنصرين في ضمان مصالحها وهي درء الأضرار وجلب المنافع تواجه موجات من الهجرة غير النظامية وهو ما يفسر توجه العديد من الدول الى فرض التأشيرة أمام جواز السفر التونسي.
وأشار العبيدي أن فاجعة جرجيس والصورة الكاريكاتورية التي جاء في إطارها عجز الدولة من عدم التعرف على أبنائها ودفنهم دون تحاليل جينية قد يكون احد الأسباب، خاصة وأن هذه الدول لها تقارير أمنية وتتابع الأوضاع هذا دون ان ننسى عدد الواصلين عبر صربيا الى منطقة شنغن والبالغ عدد 15 ألفا أو أكثر الى حد الآن.
لكن هذا لا يمنع حسب الديبلوماسي السابق، أن قرار صربيا فرض التأشيرة على التونسيين، جاء مباغتة وكان يفترض على البعثة الديبلوماسية التونسية المتواجدة هناك ان يكون لها علم مسبق بذلك لتعلم الجانب التونسي به ويتم التفاوض والتحادث في شانه بين الطرفين. كما كان يفترض حسب رأيه أن وزير الخارجية ليعلمنا بعدد الجالية التونسية المتواجدة هناك وعدد الطلاب وحجم المعاملات الاقتصادية والتجارية التي بين الطرفين. لا أن يقول إن ليس له علما بالأمر.
وخلص عبد الله العبيدي الى أن عدم الاستقرار السياسي الذي نعيشه قد كان له الانعكاس الواضح على أداء الدول الخارجية وعلى الدبلوماسية التونسية، وعلى الأرجح لا وجود لمفاوض باسم الدولة التونسية اليوم. وقد يكون قرار الدولة الصربية فرض التأشيرة بداية لمسار طويل من القرارات والإجراءات التحفظية أمام حاملي الجوازات التونسية. يتم فيها التعامل الانتقائي مع المواطنين التونسيين، فيتم قبول الأطباء والكوادر والمتميزين في الدراسة بما تماشي مع مصلحة تلك الدول مقابل تشديد الإجراءات أمام بقية المواطنين.
ونبه العبيدي الى أن الدولة التونسية تعكس صورة لدولة ليس لها سياسة خارجية ولا ذخيرة لها للدفاع عن مثل هذه الملفات، وأعاد ذلك الى عدم جدية المشرفين على مثل هذه الملفات واصفا إياهم بـ"الهواة". وأقر عبد الله العبيدي أن الخارجية التونسية والسلك الديبلوماسي يزخران بالكفاءات لكن المشكل في القيادة.
ترتيب جوازات السفر حسب مؤشر "هينلي"
يقيّم مؤشر "هينلي" لجوازات السفر الخاص بالشركة، جوازات السفر الأكثر ملاءمة للسفر في العالم بشكل منتظم منذ عام 2006، وذلك استنادًا إلى البيانات الحصرية المقدمة من الاتحاد الدولي للنقل الجوي.
يحتل جواز السفر التونسي المركز الأول في شمال إفريقيا والسادس عربيا في تصنيف أقوى جوازات السفر لسنة 2022 حسب "مؤشر هانلي".
وتقدمت تونس في منطقة شمال إفريقيا على المغرب (82) والجزائر ومصر (94) وموريتانيا (87) وليبيا (104) وفق تصنيف مكتب "هانلي وشركاؤه" للاستشارة في الهجرة والاستثمار الذي يضعه استنادا الى بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي. وصنفت تونس السادسة عربيا بعد الإمارات العربية (15 عالميا) والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان (68) والبحرين (66) والكويت (59) وقطر (57) ويتيح جواز سفر دولة الإمارات العربية المتحدة، الأول عربيا بالنفاذ الى 176 بلدا دون تأشيرة.
ويأتي جواز السفر التونسي على المستوى الإفريقي في المركز 10 فيما يحتل جواز سفر السيشال المرتبة الأولى إفريقيا (28 عالميا) موفرا إمكانية زيارة 153 بلدا دون تأشيرة يليه جواز سفر موريشيوس (33 عالميا) وجنوب إفريقيا (55) وبوتسوانا (65) وناميبيا (70) وليسوتو (72) واسواتيني (74) ثم مالاوي (75) وتنزانيا وزمبيا (76) فتونس (77).
ويتصدر جواز سفر اليابان قائمة أقوى جوازات السفر عالميا، إذ انه يتيح لصاحبه النفاذ الى 193 بلدا دون تأشيرة متبوعا بسنغافورة وكوريا الجنوبية في المركز الثاني. وتحتل كل من ألمانيا واسبانيا المركز الثالث ضمن ترتيب أقوى جوازات السفر فيما جاء جواز سفر أفغانستان في آخر الترتيب متيحا لأصحابه زيارة 27 بلدا فحسب، يسبقه العراقي بتمكين صاحبه من النفاذ الى 29 بلدا دون التأشيرة وقبله السوري بزيارة 30 بلدا دون تأشيرة.
حرية التنقل مضمونة بالقانون الدولي؟
حرية الحركة أو حرية التنقل أو حرية السفر هي أحد حقوق الإنسان التي يحترمها الدستور في الكثير من الدول والتي تنص على أن مواطني الدولة لهم حرية السفر والإقامة والعمل في أي مكان يرغب من تلك الدولة دون التعدي على حريات وحقوق الآخرين، وأن يغادر تلك الدولة وأن يعود لها في أي وقت. فنصت القوانين والأعراف الدولية عليها،«لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة»، كما و«يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها»» – المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
"لكل فرد حرية التنقل واختيار مكان سكناه في أي مكان في نطاق الدولة التي يتواجد فيها بشكل شرعي»، كما «يحق لأي فرد أن يغادر أية دولة بحرية بما في ذلك دولته هو»» – المادة 12 منّ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وهي نصوص تعتمدها مختلف المنظمات المدافعة على حقوق الإنسان وخاصة منها حرية الحركة للدفاع عن حق كل إنسان في التنقل واختيار مكان إقامته دون أي مانع. وذلك في مواجه للحواجز والقوانين التي تفرضها الدول الغنية أمام الدول الفقيرة وتتسبب سنويا في كوارث ومصائب إنسانية عل طرق ومسارات الهجرة غير النظامية. ولا تعتمد هذه الحواجز والتأشيرات فيما يتصل بتنقل البضائع والسلع.